شؤون دولية
التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية 1
المقدمة:
الاضطرابات التي تعصف بالشرق الاوسط راهنا توفر مادة دسمة لاهتمامات مراكز الفكر والابحاث الاميركية، خاصة في سورية وايران والعراق ومصر.
وقد ارتأى مركز الدراسات تناول موضوعة الحرب الالكترونية المتصاعدة في الشرق الاوسط في تحليله الدوري المتضمن، لا سيما في اعقاب حصول ايران على احدث الطائرات التجسسية الاميركية واسقاطها في كمين الكتروني وفر لها السيطرة التامة عليها دون اضرار بارزة. ويستعرض التحليل مقولة ان افضل الوسائل لشن هجمات الكترونية فعالة لا تستوجب توفر ما هو ابعد من ثمة اجهزة كمبيوتر متطورة فحسب، بل توفر بنية متقدمة ايضا للحصول على معلومات استخبارية متكاملة وقدرة بشرية فائقة الذكاء لتحليلها وتوظيفها بشكل سليم، اضافة الى توفر علاقات وثيقة مع اجهزة دول حليفة للتعاون المشترك تتيح لها اختراق شبكة كمبيوتر الخصم ورفدها بالبرامج الضارة – الفيروس. كما يستعرض التحليل المحطات والمنشآت التقنية الاكثر عرضة للاختراق الالكتروني.
اما بالنسبة للاوضاع المتبلورة في سورية فهي تبقى على رأس سلم اهتمامات مراكز الابحاث، الرصينة بشكل خاص. وبالرغم من توفر اجماع بين الدول الغربية على ضرورة التوصل لمرحلة التدخل العسكري المباشر هناك، حذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بشكل لافت، من المضي في ذاك المسار قائلا "بالنظر الى نطاق المخاطر المحتملة، ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها النظر بعناية لحجم الكلفة المحتملة والعواقب الغير مقصودة من وراء خيار المطالبة بمزيد من التدخل في سورية."
ملخص مراكز الابحاث
اعرب معهد بروكينغز Brookings Institution عن موقفه الناقد لما اسماه سياسة الادارة "البارعة في التقاعس عن العمل" حيال سورية. وقال "ما الفائدة والجدوى من وراء ارسال رسائل تضامنية للمتظاهرين غير المسلحين في مواجهتهم لفرق الموت حسنة التسليح؟ يضاف الى ذلك المحادثات الجارية على الارض هل تشكل ما نراه تلبية للحاجة بغية الاستدلال على وسائط لوقف العنف؟ لا بالطبع. ندرك مسبقا انه لا خيار آخر من شأنه ان يضع حدا لانهاء هذا الصراع سوى الاطاحة بالرئيس الاسد."
واستعرض معهد دراسة الحرب Institute for the Study of War الفعالية المستمرة، الديناميات، للحرب الاهلية التي تهدد سورية. وقال "بعد انقضاء تسعة اشهر على الصراع وعلى الرغم من تصاعد معدلات الضغط الاقليمي، فان نظام الاسد اخفق في اظهار نيته للتنحي، ناهيك عن التخلي عن استراتيجيته الأمنية الهجومية. فاعمال العنف التي يقوم بها النظام تحد الى قدر كبير من امكانية التوصل الى حل تفاوضي. ومع اقتراب نهاية العام الجاري 2011، وتصلب الفريقين خلف مواقفهما المسبقة وضمان الدعم الاقليمي، فان انزلاق سورية نحو حرب أهلية قد يعدو امرا لا يمكن تجنبه."
واعرب معهد هاريتاج Heritage Foundation عن امتعاضه مما اسماه محاولات ادارة الرئيس اوباما لتمييع اجراءات الكونغرس المتداولة بانزال عقوبات على ايران. وقال "ادارة الرئيس اوباما، والتي ادت خدمات لفظية فقط لضرورة فرض "عقوبات تشل" ايران، ينبغي عليها اعادة النظر بمعارضتها المضللة لانزال عقوبات بالمصرف المركزي الايراني. ان افترضنا توفر فرصة لوقف ايران من المضي في برنامجها للاسلحة النووية دون مرحلة الحرب، حينها يصبح لزاما علينا الاسراع بفرض اقصى العقوبات الممكنة على طهران. اما الخطوات الفاترة لفرض العقوبات سيكون لها صدى ضعيف على الديكتاتورية الدينية، التي من غير المرشح ان تنحني امام العاصفة الا اذا توصلت لقناعة مفادها ان عواقب الاستمرار قدما في برنامجها النووي يشكل تهديدا لاستمرارية تشبثها بالسلطة."
كما تناول المعهد المذكور انتهاكات حقوق الانسان في ايران، قائلا "ستبقى ايران تشكل قوة معادية تهدد جيرانها والولايات المتحدة وشعبها (الايراني) على السواء طالما استمر النظام الحالي في الحكم. العقوبات الدولية ادت الى اضعاف اداء الاقتصاد الايراني، الا ان فرض عقوبات بشكل منفرد لن تفضي الى ثني ايران عن المضي ببرنامج اسلحتها النووية او الاطاحة بالنظام. وينبغي على ادارة الرئيس اوباما الاقلاع عن اية محاولات تملق مرتقبة للنظام في طهران والاستعاضة عنها بالانخراط المباشر مع الشعب الايراني. وتحديدا، ينبغي على الولايات المتحدة اللجوء المستمر والواضح في ادانة النظام لانتهاكاته حقوق الانسان، وتقديم الدعم لاجراء انتخابات حرة ونزيهة، وممارسة الضغط على دول اخرى من اجل فرض عقوبات احادية ومتعددة الجوانب متزامنة ضد النظام لانتهاكاته حقوق الانسان ودعم الارهاب والاخلال بالتزاماته في عدم انتشار الاسلحة النووية."
الاهتمام الاميركي العلني بانسحاب القوات الاميركية من العراق كان اقل من فاتر، وعلق معهد كاتو CATO Institute بالقول ان الخطوة تعد انتصارا لسجل الرئيس اوباما قبيل بدء المنافسة الانتخابية لمنصب الرئيس. وقال "من المرجح ان الرئيس يحقق انتصارا كلما اتى ذكر الموضوع العراقي. وباستثناء المرشحيْن عن الحزب الجمهوري، رون بول وغاري جونسون، فان مرشحي الرئاسة الاخرين عن الحزب الجمهوري يحجمون او لايرغبون في التحدث الى نسبة ثلثي الشعب الاميركي الذين يعربون عن قناعاتهم بان شن الحرب كان خطأً فادحا. ويتردد معظم المنافسين الجمهوريين للرئيس (اوباما) للقفز عن صخب قطاع المحافظين الجدد في حماستهم للحرب (على العراق)، والذين ولسبب غير مفهوم لا زالوا يمارسون قدرا من التأثير الملموس على المتنافسين لمنصب الرئاسة. وفيما يتعلق بالسؤال المصيري "هل هناك جدوى من الحرب؟" فان الشريحة المتحمسة للحرب تتوقع الجواب ان يكون سهلا وواضحا: نعم. ولن يتركوا مجالا للتسامح مع اية نوازع عند الآخرين بارتدادهم عن معتقداتهم تلك، حتى وان بدى جواب معظم الاميركيين يشير الى النفي القاطع."
وجاءت مسألة الانسحاب الاميركي العسكري من العراق من ضمن اوليات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS معربا عن تشاؤم توقعاته بالقول ان "انسحاب القوات الاميركية من العراق لا يعتبر "انتصارا" لحرب صنفت على انها فشل استراتيجي مدوي. العراق خالٍ من مكونات الدولة، حتى في مستوى متدني كضمان استقراره الداخلي. ويغيب عن التداول اية خطة تعبر عن نية الولايات المتحدة كيفية فرض هيكلية استراتيجية جديدة في المنطقة. تشكل هذه المكونات الامتحان الحقيقي لقدرة الولايات المتحدة للانتقال من مناخ الحرب الى هيكلية ملموسة لنجاحات مستقبلية، ولم يحدث انجاز اي من هذه التحديات."
اما تصاعد وتيرة الهجمات الاخيرة في افغانستان فقد جاءت من ضمن اهتمامات مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations. الذي اورد اعلان مجموعة باكستانية مرتبطة بالارهاب مسؤوليتها عن الهجمات على اهداف شيعية في افغانستان، التي تعد من اكبر الهجمات الطائفية منذ سقوط طالبان عام 2001. وقال خبير المجلس في شؤون مكافحة الارهاب، برايان فيشمان، ان تم الثبت من مسؤولية جماعة (لاشكاري جانغفي العالمي) في شن الهجمات، وهي جماعة منشقة عن لاشكاري جانغفي، فمن المحتمل انها قد تلقت دعما من منظمة متطرفة اخرى، يعتقد انها شبكة حقاني. واردف ان الهجمات الاخيرة ستؤدي بالافغانيين الى الاشتباه في دور الباكستان لتقويض اية جهود للتوصل الى اتفاق سلمي مع المتمردين؛ كما وان التطورات الافغانية تشير الى نشوب حرب أهلية بعد انسحاب القوات الدولية من هناك في العام 2014. وخلص فيشمان بالقول انه ينبغي على الولايات المتحدة ان تضع في راس سلم اولوياتها تطوير "قدرة الحكومة الافغانية لتحصيل الايرادات وتوظيفها بفعالية، قبل حلول عام 2014."
العلاقات الثنائية المستقبلية بين مصر والولايات المتحدة كانت محط اهتمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، الذي اعرب عن اعتقاده بضرورة اعلان الدعم الاميركي للمصريين في هذه المرحلة الانتقالية المصيرية. واوضح انه في عقد السبعينيات من القرن المنصرم، حين اقلعت مصر عن المعسكر السوفياتي وخطت باتجاه ابرام اتفاقية سلام مع جيرانها (كما في الاصل)، اعربت الولايات المتحدة عن تعهدها الالتزام بتقديم مئات الملايين من الدولارات كمساعدة اقتصادية سنويا استكمالا لمساعدات عسكرية سنوية بلغت قيمتها نحو مليار دولار. في المرحلة الجديدة الراهنة، فان طبيعة الميزانية الاميركية المخصصة لتقديم المساعدات تشير الى انحسار مستوياتها. بيد ان القدرة على التأثير في عوامل المرحلة الانتقالية في مصر للمضي قدما لا يبدو اقل أهمية مما كان عليه قبل اربعة عقود خلت. وفي مسالة الحرب الالكترونية الجارية، وكما اوضحنا في التحليل الدوري الاسبوع المنصرم، بغية اعاقة برنامج ايران للاسلحة النووية فنجاح الامر يعتمد على قدرة الاطراف المصدرة للمعدات النووية لمنع ايران من شراء معدات جديدة. وفي هذا الصدد، قال معهد كارنيغي Carnegie Endowmnet ، في ظل مناخ العولمة الذي يشهد انتاجا للمكونات النووبة او التبادل التجاري لها في اي بقعة من العالم, ينبغي على مجموعة المورّدين النووية الحفاظ على دورها كآلية ضرورية للمراقبة ومنع وصول المواد والمعدات والتقنية النووية من الوقوع في ايدي اطراف تسعى لتطوير اسلحة نووية. بيد انه من الضروري بمكان عليها التواصل مع القطاعات الصناعية والحكومية ولاعبين آخرين في مجال الحد من انتشار الاسلحة النووية والتأقلم مع المتطلبات المستجدة."
مركز الدراسات الأميركية والعربية
المرصد الفكري / البحثي
0 comments: