شؤون دولية
التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الأميركية 2
المقدمة:
التطورات الاخيرة في كل من سورية وايران كانت في صدارة تغطية مراكز الفكر والابحاث الاميركية، لا سيما قيام سورية اجراء مناورات جريئة وغير مسبوقة بالذخيرة الحية شملت اسلحة صاروخية بعيدة المدى، والتي اعتبرت اميركيا بأنها رسالة موجهة الى كل من تركيا والعدو الصهيوني؛ كما ان نجاح ايران في اسقاط طائرة تجسس اميركية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية فوق اراضيها دون المساس بصلاحيتها وصيانة عمل اسرار تقنيتها العالية أتت لتعمق الصخب الاعلامي المحتدم بين الدولتين.
ملخص مراكز الابحاث
تناول مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS سلسلة التفجيرات والاغتيالات في ايران قائلا "في اثناء اصرار المسؤولين الايرانيين على ان سبب التفجيرات يعود الى حوادث مهنية، فان تلك الادعاءات لا تجد لها صدى خاصة مع الاخذ بعين الاعتبار عنصر التزامن المشترك بينها جميعا. وعلى الرغم من ان التفاصيل المتعلقة بتلك الحوادث غير واضحة، الا انها تشير الى جهود اطراف خارجية فاعلة ونشطة بغية عرقلة البرنامج النووي والصاروخي للبلاد."
ومن زاوية متقاربة، تناول مركز الدراسات الدفاعية Center for Defense Studies الموضوع لناحية احتواء وردع ايران النووية. وقال "نرى ان انتهاج سياسة الاحتواء والردع خيارا محتملا للولايات المتحدة لمواجهة ايران بعد دخولها النادي النووي، الا انه لا يسعنا مشاطرة حماس البعض وعلى نطاق واسع (لتبني الخيار) في عدد من دوائر صنع القرار. وفي الواقع، ان المضي في تبني الاحتواء والردع يبدو مرده انه يستند على فرضية رئيسة لعدم توفر ارادات تحليل المخاطر والتكلفة المذكورة. فالاحتواء والردع ربما هما الافضل من بين اسوأ الخيارات. ومع ذلك، لا ينبغي ان يعني انهما ينطويان على مغامرة ضئيلة او تكلفة متدنية. وفي الحقيقة فان الامر لم يعد خيارا لتبنيه بل اضحى نمطا حياتيا."
اما مجلس العلاقات الخارجية الرصين Council on Foreign Relations فقد اعرب عن شكوكه بأن تؤدي اجراءات العقوبات المفروضة على البنك المركزي الايراني الى سياسة ضاغطة على ايران لمعاقبتها على برنامج اسلحتها النووية. وقال "تلك الخطوة من شأنها تقليص الامدادات النفطية العالمية وارتفاع الاسعار. الحيلولة دون التعامل التجاري الدولي مع البنك المركزي الايراني، القناة الرئيسة للواردات النفطية، من شأنه خفض مستوى الصادرات النفطية الايرانية. وقد حذرت طهران بان اي جهد يمس صادراتها النفطية سيؤدي الى مضاعفة سعر النفط الخام ليصل الى نحو 250 $ للبرميل. علاوة على تصريحات المسؤولين الاميركيين الذين اعربوا عن شكوكهم في فعالية تلك العقوبات على الصادرات الايرانية للصين، الشريك الاكبر لنفطها.
اما مركز السياسة الدفاعية Center for Security Policy فقد تناول موضوع الانتخابات الاخيرة في مصر وما وصفه باخفاقات الادارة الاميركية هناك. وقال "العمى الارادي لادارة (الرئيس) اوباما لحقيقة توجهات الاسلاميين ونيتهم لفرض احكام الشريعة على حساب الحرية قد اسهم – كما كان متوقعا – في نجاح ذاك التوجه. اما وان استمر الوضع، فالمخالفات المشابهة ستؤدي ببساطة الى استبدال سوء الحكم الاستبدادي لرجال الدين بسوء حكم واستبداد العلمانيين، مما يأتي بالضرر على الشعب الذي سيتأثر على الفور، وفي سياق الامور، على اميركا كذلك."
بينما رأى معهد هدسون Hudson Institute ان الانتخابات تشكل ارضية للمضي قدما في الانتخابات المستقبلية، مع الاشارة الى ضعف مشاركة المرأة والاقباط بين المنتخبين، ومتسائلا عن نسب المشاركين للكتل الانتخابية المختلفة.
وجاءت سورية من نصيب اهتمامات معهد كارنيغي Carnegie Endowment، اذ استضاف مدير مكتبه في بيروت، بول سالم، عبر اتصال متلفز في جلسة نقاش. وقال سالم انه على الرغم من انتشار المظاهرات السورية واتخاذ العقوبات من قبل الجامعة العربية وتركيا واوروبا، فان نظام الاسد لا يبدي اية اشارة للتراجع. واوضح ان ما ستؤول اليه الاوضاع في سورية سينعكس بشكل كبير على باقي دول المنطقة، اما وان قدر للحكومة السقوط، حينها ستكون ضربة استراتيجية كبرى لايران منذ الحرب الايرانية – العراقية.
ومن الطبيعي ان يحشر معهد واشنطن الصهيوني Washington Institute أنفه في سورية، متناولا "جيش سورية الحر." وزعم انه بخلاف مليشيا المتمردين الليبيين فان تلك القوة مشكلة من الجنود السوريين الحرفيين الفارين من الجندية. وقال "لن يستطيع نظام الاسد الاستمرار دون المضي بالقتل، بينما غيّر جيش سورية الحر قواعد اللعبة من تلك التي كان بوسع النظام المضي بقتل المواطنين اينما شاء دون تكلفة، الى مرحلة يواجه فيها معارضة مسلحة ويتحمل فيها بعض الخسائر. الضغط المستمر على القوات الحكومية بالترافق مع مزيد من الضحايا المدنيين من شأنه تحفيز فرار عدد اكبر من صفوف الجيش، والتي ستؤدي بمجملها الى تصعيد القتال. وبما ان دور جيش سورية الحر في تزايد فمن شأنه ان يؤثر على ما ستؤول اليه الاوضاع في سورية، ويتعين على الولايات المتحدة وشركائها الاتصال بعناصره والتعرف قدر الامكان على ماهية المجموعة. اما التساؤلات بشأن طبيعته وقدرته على التحول الى قوة مسلحة ودور الاسلاميين فيه سيكون بالامكان التوصل الى حل بشأنها عبر مثل تلك الاتصالات والعمل الاستخباراتي. ان أتت النتائج بالايجاب، سيكون من الطبيعي دعم جيش سورية الحر اينما توفر الدعم الخارجي عُدّة وفعالية. تقديم السلاح والارشاد والتدريب والمال سيكون ممكنا من خلال القنوات السرية، ان لم تتوفر قنوات اخرى."
وتناول معهد كارنيغي Carnegie Endowment ايضا مسألة دور تركيا معربا عن تساؤله فيما اذا كان بالامكان تعميم نموذجها الديموقراطي في المنطقة التي تمور بالحكم الاستبدادي. وقال "الدور التركي كنموذج يقتدى به للديموقراطيات المتشكلة توفر لها فرصة لتنسيط شراكتها مع الغرب. وما هو افضل من الوضع المتبلور لتهدئة مخاوف (البعض) من تنامي احادية السياسة الخارجية التركية لحمل تركيا على استثمار القوائم متعددة الاطراف الراهنة في برنامج شامل للتغيير في عموم العالم العربي؟ اتساق الدور التركي مع الغرب لتعزيز الديموقراطية وسيادة القانون في العالم العربي من شانه ان يؤدي حتما الى تقديم الدليل بأن النموذج التركي ليس هاما لسياسة المنطقة فحسب، بل يشكل نموذجا ناجحا على المدى الابعد."
وعرج معهد بروكينغز على استشعار الرأي العام العربي وما يرغب في رؤيته من وظيفة الحكومات. وقال "في الحقيقة هناك دلائل جمة أتت عبر الاستطلاعات التي اجريت من قبلنا ومن قبل آخرين ايضا تشير بان الفجوة تتعمق بين العامة والحكومة. علاوة على تدني اواصر الألفة مع اركان الدولة، التي كانت احدى مقومات هوية الدولة مع الحكام الذين لا يزالون في اماكنهم طيلة فترة حياة عدد كبير من المواطنين، من ناحية، وكعنصر من عناصر الآلة الاعلامية العابرة للاوطان التي عززت الشعور بالهوية الاسلامية عبر الحدود من ناحية اخرى. عند بدء الثورات العربية في تونس ومصر، كان عنصر المفاجأة في مدى الحنق الشعبي واهدافه اقل وطأة من قدرة الجمهور لتحويل ذلك الغضب الكامن الى تعبئة جماهيرية فعالة بوسعها تشكيل تحدي للانظمة، خاصة في ظل غياب منظمات فاعلة او قيادات متمرسة. وفي ذات السياق، تدل التوقعات ان النظرة الى امكانية حدوث ثورات في العالم العربي وتصدر الاسلاميين لقيادتها الذين يعدون الافضل تنظيما، وليس من قبل الليبراليين الذين تصدروا مركز القيادة."
والى سورية مرة اخرى، تناول مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations الخيارات المتاحة امام الولايات المتحدة لاسقاط الرئيس السوري. وقال "حتى وان لم يكن بالامكان الاعتماد على صدور قرار من مجلس الامن الدولي، (فحلف) الناتو والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي باستطاعتهم جميعا توفير غطاء لتدخل متعدد الاطراف. ففي كوسوفو، على سبيل تنشيط الذاكرة، لم يتوفر تفويض من مجلس الامن الدولي – ومضى (الرئيس) بيل كلينتون بالتدخل. وعلى الرغم من ان العمل احادي الجانب من قبل اميركا غير مرحب به ضد سورية، هناك حاجة لزعامة اميركية لتحفيز وبلورة تحالف للعمل الفعال. وهذا يعني ان على الرئيس اوباما ان ينحى جانبا اية اوهام حول الرغبة في بقاء الاسد بالسلطة وبذل ما هو مطلوب من جهد للاطاحة به فورا، مما سيخفف حينها من الاثار الجسدية والنفسية على الشعب السوري وتهيئة الاجواء لاعادة بناء سورية حرة."
0 comments: