فرضية الحرب على إيران: هكذا سيردّ حزب الله
تظاهرات صاخبة تجتاح الشوارع العربية. الغضب مستعر في بيروت. «حزب الله» يتوعد بالثأر لإيران.. وينفّذ: وابل من النيران يمطر إسرائيل. تصيب الصواريخ تل أبيب. يسقط المئات من الإسرائيليين. تردّ الدولة العبرية بقصف لبنان.. وسوريا، لدعمها «حزب الله». إيران لن تجازف، فتقصف إسرائيل بصواريخ «شهاب -3 « المتطورة، فتقتل المزيد من الإسرائيليين.
هذا فصل من سيناريو «الحرب على إيران»، فيما لو وقعت، وما ستؤول إليه، كما يتخيّلها الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب فيليب جيرالدي، الذي عمل مسؤولاً استخباراتياً عسكرياً في وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه».
كثيرة هي المؤشرات التي حدت بجيرالدي إلى وضع مثل هذا السيناريو القاتم. كتب الرجل في موقع «انتي وور» الأميركي المناهض للحروب الأميركية في العالم، في 12 كانون الثاني، أنه «برغم تأكيداته بالانفتاح على الإيرانيين، أخفق الرئيس باراك اوباما، ورفض المبادرات الإيرانية لبدء الحوار. هو يُحجم عن إظهار أي مؤشر للتفاوض، على كل المستويات. كما بادر الكونغرس إلى منع أي اتصال بين الدبلوماسيين الأميركيين والإيرانيين. وقد تعد العقوبات التي فرضت مؤخراً على النظام المصرفي الإيراني بأنها عمل حربي، وخاصة أنه لم يبدر عن طهران أي تحرك عدواني. العقوبات التي تلوح في الأفق للحد من إيرادات الطاقة، قد تعجّل في تجميد الاقتصاد الإيراني».
في كل ما سبق من «وقائع» قائمة أو تنتظر التطبيق، عوامل قد تجبر الحكومة الإيرانية على القيام بـ«شيء ما» لكي تثبت لمواطنيها أنها لا تقف مكتوفة الأيدي. هذا الـ«شيء ما» بالتحديد هو ما قد يتطوّر ليصبح «مواجهة مع البحرية الأميركية»، ستكون «عواقبها وخيمة».
الحرب كما يتخيّلها، جيرالدي، في حال لم «تركع» طهران أمام أول نفحة عدوانية، قد تبدأ بـ«حادثة ثانوية»، ربما يتورط فيها مركب إيراني صغير مسلّح تابع للحرس الثوري.
ففي ردّها على العقوبات المشددة، قد تعلن طهران فرض شروطها بشأن من بإمكانه العبور عبر مضيق هرمز، مهددة بكل الإجراءات اللازمة لمنع السفن الحربية الأميركية من عبوره. تواجه الفرقاطة «يو اس اس انغراهام»، المتوجهة إلى بوشهر مركباً صغيراً يرفض تنفيذ الأوامر بالتراجع. لدى مواجهته للبحرية الأميركية بشكل مباشر، يرفض القائد البحري الإيراني التعليمات بالتراجع ويفتح النيران. على الفور، تردّ الفرقاطة «فالانكس» بتفجير المركب الإيراني، مردية كامل طاقم «الحرس الثوري». في المواجهة، يقتل جنديان أميركيان ويصاب أربعة. وعلى الفور أيضاً، ينفّذ المقاتلون التابعون لحاملة الطائرات الأميركية «يو أي أي جون سي ستينيس» الأوامر ويدمّرون القاعدة البحرية التي أبحر منها المركب الإيراني.
في مؤتمر صحافي، يصف أوباما العمل الإيراني بأنه «حربي»، متوعداً بالقيام بكل ما يلزم لدعم القوات الأميركية في المنطقة، ولكنه يحجم عن شن هجوم شامل على إيران. على عجل، يُدعى مجلس الأمن إلى الاجتماع. 17 صوتاً مقابل صوت معارض، يدعو واشنطن إلى ضبط النفس. في الجمعية العمومية، وحدها الولايات المتحدة، التي كانت قد صوتت بـ«لا» في مجلس الأمن، وإسرائيل ومايكرونيزيا (مجموعة من الجزر القابعة في المحيط الهادي بين كل من إندونيسيا وهاواي) وكوستاريكا تؤيد عملاً عسكرياً محتملاً ضد إيران.
واشنطن وحدها عملياً. لكن إسرائيل تغتنم فرصة التوتر المتصاعد، وتشن هجوماً على المنشآت النووية الإيرانية. تدمّر مفاعل بوشهر النووي، الذي كان قد اكتمل بناؤه للتو، وتقتل 13 تقنياً روسياً يعملون في الموقع. كما تسوّي في الأرض المنشآت الظاهرة في مفاعل نتانز. الدفاعات الإيرانية، المزوّدة من قبل روسيا، تسقط ست مقاتلات إسرائيلية.
واشنطن لم تتلق أي تحذير مسبق بالهجوم الإسرائيلي، ولكنها كانت قد التقطت إشارات في الحركة الجوية، وعلمت أن شيئاً ما سيقع، من دون أن تقوم بأي تحرّك لمنع الإسرائيليين عند عبورهم الأجواء العراقية.
يقف الكونغرس الأميركي، ومعه الإعلام السائد، إلى جانب إسرائيل، ويطالب بشن حرب. يصادق مجلس النواب، بغالبية 431 صوتاً مقابل صوت معارض، على قانون يدعو البيت الأبيض إلى اتخاذ خطوات عسكرية لدعم إسرائيل. في مجلس الشيوخ، يمرّ القانون، بمعارضة صوتين فقط. يتردد أوباما، قبل أن يصادق على هجوم «محدود»، ضد الجيش الإيراني، والمواقع النووية، وخاصة تلك التابعة للحرس الثوري.
في الأيام القليلة الأولى، تدمّر القواعد الإيرانية الجوية والبحرية والعسكرية الأساسية في إيران، بسبب التفوق العسكري الأميركي الشامل. يتم سحق منشآت الحرس الثوري الإيراني، ومنشآت الأبحاث والتطوير النووية المعروفة.
ما بدأ كعملية «محدودة» ينزلق إلى حرب، عندما تُقصف إيران بقنابل «بيغ بي ال يو» التي تزن 30 الف باوند لتخرق التحصينات تحت الأرض، في مسعى لتدمير مراكز التخصيب والمختبرات المحصنة. يتم تجنّب المراكز السكانية، ولكن القنابل الذكية تمطر مراكز الاتصالات ومنشآت القيادة والتحكّم. ومع ذلك، يسقط عدد كبير من الضحايا المدنيين، لقرب المواقع المستهدفة من المدن أو القرى المأهولة. البنى التحتية لن تنجو، بما في ذلك الجسور والطرقات ومحطات توليد الكهرباء القريبة من المنشآت النووية والعسكرية المعروفة.
يتوقف الهجوم فترة. ترد طهران. طوال 10 سنوات من الاستعداد، تدبّرت إيران بنجاح أمر تحصين العديد من منشآتها العسكرية والنووية، التي نجت نسبة كبيرة منها بلا ضرر يذكر.
يصيب صاروخ «محظوظ» من طراز «سيلك وورم» الصيني، حاملة الطائرات «يو اس اس جون سي ستينيس» العاملة في خليج عُمان. تتراجع «ستينيس» إلى مرفأ البحرين. تصاب ثلاث سفن دعم بحرية أخرى بأضرار جسيمة، عندما تهاجمها سفن صغيرة على متنها انتحاريون تابعون للحرس الثوري. يقضي المهاجمون الإيرانيون، لكن البنتاغون ترفض الكشف عن عدد بحارتها القتلى.
تجتاح التظاهرات الموالية لإيران شوارع بيروت. في جنوب لبنان، يطلق «حزب الله» وابلاً من الصواريخ على إسرائيل، ويضرب تل أبيب. يسقط المئات من الإسرائيليين. تردّ الدولة العربية بقصف لبنان.. وسوريا. ترد إيران بقصف إسرائيل بصواريخ «شهاب -3» المتطورة، فتقتل المزيد من الإسرائيليين. تردّ الدولة العبرية بتعبئة كل قواتها، ويتوجه جنودها إلى الحدود الشمالية. يحشد لبنان وسوريا قواتهما، فيما يهاجم المتظاهرون في بغداد السفارة الأميركية. تطلب واشنطن من الحكومة العراقية «القيام بشيء ما» لحماية السفارة. يهزّ نوري المالكي كتفيه فالوضع خارج عن سيطرته. التظاهرات الشعبية العارمة تطالب العراق بدعم إيران في نزاعها مع الولايات المتحدة.
الشيعة المتعاطفون مع طهران يخرّبون حقول النفط الشرقية في السعودية، التي ترد بقتل المئات من «المخربين المزعومين». يصيب صاروخ «سيلك وورم» ناقلة نفط كويتية، فيما تصطدم اخرى بلغم. ترفض شركة «لويد» اللندنية للضمان تأمين أية ناقلات تعبر الخليج. تتوقف عمليات شحن النفط من المنطقة، التي تؤمن ربع إمدادات الطاقة في العالم، بالكامل. تحلّق أسعار الذهب الأسود ويتجاوز سعر البرميل الواحد 300 دولار. يخسر مؤشر دو جونز 900 نقطة. تمنى وول ستريت بأكبر خسارة لها خلال 20 عاماً.
تعرض الولايات المتحدة على إيران اتفاقاً لوقف إطلاق النار. ترفض طهران. بعد يومين، يقتل الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، على يد مرافقه الشيعي، بأوامر من طهران. تعلن باكستان وقوفها على «الحياد» وتأمر السفارة الأميركية بتقليص كادرها إلى النصف، بمن في ذلك قائد محطة «سي أي آيه» ونائبه. ينهار الأمن في كلتا الدولتين، ويعلن الجيش الأميركي فرض حالة الطوارئ، مغلقاً الحدود مع أفغانستان. تدعو قوات حلف شمال الأطلسي إلى اجتماع طارئ وتقرر إجلاء قواتها العالقين في أفغانستان، جواً، مخلّفة وراءها العديد من الأسلحة والمعدات الثقيلة.
في ظل الفراغ الناجم عن إخلاء الناتو لقواعده، تستولي الميليشيات المدعومة من حركة طالبان على كابول وقندهار، ويعلن إقليم مزار الشريف، ذو الغالبية الشيعية، أنه جزء من إيران. الحكومة في بيروت تستقيل، ويشكّل «حزب الله» حكومة جديدة. النيران تلتهم حقول المنطقة الشرقية في السعودية بعد قصفها بوابل من صواريخ «سيلك». ترسل المملكة ودولة الإمارات رسالة دبلوماسية عاجلة إلى طهران تبلغها «حيادها» في النزاع، وأنها لن تساند الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال. تحذو الكويت حذوهما، فيما يحتشد المتطوعون المصريون في سيناء على طول الحدود مع إسرائيل، مطالبين القاهرة بدعم أشقائهم العرب في لبنان.
ترفض الكويت السماح لواشنطن باستخدام كوادرها وذخائرها في معسكر الدوحة ضد إيران. في البحرين، يطيح الشيعة الغاضبون بالشيخ خليفة ويعلنون المملكة جمهورية إسلامية، مرغمين الأسطول الخامس على إخلاء القاعدة الوحيدة الآمنة في المنطقة. يخسر مؤشر دو جونز نقاطاً إضافية.
تحاول الولايات المتحدة حمل الصين وروسيا على التوسط لدى إيران لإنهاء القتال. ترفضان تقديم أي «خدمة» لواشنطن، مذكّرين إياها بأنهما عارضتا فكرة الهجوم منذ البداية، وبأن موسكو خسرت 12 تقنياً من مواطنيها بسبب هذا الهجوم.
انتحاريون يهاجمون لندن وواشنطن ونيويورك ولوس انجلس. الهجمات التي تفتقر إلى التخطيط لا توقع ضحايا كثراً. لكن الرعب يدفع الناس إلى مطالبة حكوماتها بـ«القيام بشيء ما». تهدد واشنطن الحكومة الإيرانية بوقف مقاومتها غير المجدية، وإلا فإنها ستستخدم أسلحتها النووية ضد أهداف منتقاة. التهديد الأميركي لا يحل بارداً في الهند وباكستان، وتضع الدولتان قواتهما النوويتين على أهبة الاستعداد، تماماً مثل إسرائيل وروسيا والصين.
ترفض طهران التنازل والهزيمة، مسلّحة بدعم شعبي. الأميركيون يتذمّرون. أسعار النفط تواصل ارتفاعها، وإمدادات الطاقة الحيوية باتت على المحك، فيما يتواصل إغلاق مضيق هرمز. انتحاريون يهاجمون سفينة أميركية في الخليج ويصيبونها بأضرار جسيمة. تتعرض السفارات الأميركية في المنطقة للهجمات، وتخرج التظاهرات المناوئة لأميركا في جاكرتا وكوالالمبور وميندناو وداكا. تُنهَب القنصلية الأميركية العامة في كراتشي في باكستان قبل أن تأكلها النيران. يقتل 40 أميركياً، وآخرون باكستانيون عندما يفتح حرس المارينز نيرانهم على المهاجمين.
يرتفع معدّل الأعمال الإرهابية في عدد من المدن الأميركية، التي رفعت درجة التأهب فيها إلى اللون الأحمر. يتراجع عدد الرحلات الداخلية إلى النصف. وكإجراء وقائي، يتم توقيف العديد من الشخصيات المسلمة الأميركية البارزة، كما يتم اعتقال بعض الناشطين المناهضين للحرب في السجون العسكرية، بما في ذلك في غوانتانامو.
إسرائيل في هذه الأثناء، لا تزال تتعرض لهجمات تُشن من داخل لبنان، وهجماتها الجوية تلحق أضراراً جسيمة في صفوف المدنيين، ولكنها لا توقف صواريخ «حزب الله». تسقط الحكومة هناك، ويحل مكانها نظام يميني متطرف يرأسه وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان. التظاهرات الصاخبة في الضفة الغربية وغزة تجبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الاستقالة والفرار إلى باريس. تشكل حركة حماس حكومة موقتة. تهدد الهند بمهاجمة باكستان إذا ما تعرّض أمن الترسانة النووية في إسلام أباد للخطر.
تستخدم الولايات المتحدة قنبلة من طراز نيوترون ضد مركز الأبحاث الرئيسي في مفاعل نتانز، الذي سبق لواشنطن وإسرائيل أن قصفته ودمرته بالأسلحة التقليدية. وتتوعد طهران بالمزيد إذا لم توقف الأخيرة مقاومتها. ترفض إيران وتقصف الصواريخ على السفن الأميركية، وتصيب واحدة.
تضع روسيا والصين ترسانتهما العسكرية على أعلى درجات الاستعداد. المقاتلون الباكستانيون يستولون على الحكومة، مدعومين بعناصر متطرفين من الجيش والاستخبارات. تشن الهند ضربة وقائية ضد المراكز الرئيسية في باكستان في واه ومولتان، حيث يعتقد أن هناك تركيزاً للترسانة النووية. إسلام أباد، التي كانت تنقل بعض قنابلها النووية في شاحنات لتفادي مثل هذا السيناريو، ترد بقصف نيودلهي.
حادثة ثانوية بين القوات الأميركية والإيرانية في الخليج كانت قد أشعلت للتو الحرب العالمية الثالثة!
ليست هي المرة الأولى التي يحذّر فيها الخبير الاستخباراتي السابق فيليب جيرالدي من سيناريو مماثل لـ«الحرب العالمية الثالثة». ففي أيلول 2007، خلص في تقرير نشره «انتي وور»، ونقلته صحف عدة بينها «واشنطن تايمز» اليمينية، إلى أن «حادثة» بسيطة، يتورط فيها الجنود الأميركيون على الحدود العراقية مع إيران، قد تنزلق «بسهولة» الى حرب عالمية.
0 comments: