Saturday, February 4, 2012


من الصحافة الامريكية

ما زالت الأحداث المتصاعدة على الساحة السورية تكتسح العناوين العريضة في الصحافة الأميركية. حيث أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى دعم الأمم المتحدة مبدئيا للخطة على سوريا في حين نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن سفير توغو قوله بان  مجلس الأمن يقترب من الاتفاق على قرار بشأن سوريا.
كما وكانت للأحداث المتأزمة على الساحة المصرية أهمية خاصة في عناوين الصحف الأميركية حيث تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" عن غضب الشارع المصري الذي دفع بالشرطة إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع في المقابل ما زالت الولايات المتحدة الأميركية  تقلل من أهمية التحذير بضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران.
نيويورك تايمز
- مجلس الشيوخ يوافق على قرار فرض أقصى العقوبات على إيران.
- غضب الشارع المصري يدفع الشرطة إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع .
- الأمم المتحدة تدعم مبدئيا الخطة على سوريا.
- ردا على مخاوف حلفاء الناتو، وزير الدفاع ليون بانيتا يوضح أن القوات الأميركية لن تتراجع تماما عن القتال في العام المقبل.
- الولايات المتحدة تقلل من أهمية التحذير بضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران.
- كوريا الشمالية تجدد طلب تحسين العلاقات مع الجنوب.


واشنطن بوست
- إيران تطلق بنجاح قمراً صناعياً.  
- واشنطن تندد بغارات الجيش ضد المدنيين في السودان.  
- تظاهرة أمام فندق في نيويورك قد يكون صالح نزيلا فيه.
- باكستان ستساعد حكومة كابل في عملية سلام بأفغانستان.
- سفير توغو: مجلس الأمن يقترب من الاتفاق على قرار بشأن سوريا.
نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز تقريرا تحت عنوان "ما هو مضيق هرمز؟ وهل تستطيع إيران عرقلة مرور النفط من خلاله؟"، أوردت فيه أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تهدد بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية.
ومضيق هرمز هو نقطة الاختناق بين الخليج العربي وبحر العرب، ويحده من الشمال إيران. ومع إغلاقه سيتم عرقلة مرور نحو 20 % من إجمالي صادرات النفط إلى الغرب، وسيرفع ذلك أسعار الوقود إلى مستويات قياسية.

فلماذا تهدد إيران بإغلاقه؟ وأشار التقرير إلى أن إيران تقع تحت ضغوط متزايدة لوقف برنامجها النووي المثير للريبة. الأسبوع الماضي وافق الاتحاد الأوروبي على مشروع قانون يحظر استيراد النفط من إيران؛ لمعاقبة ذلك البلد. ففي حين تصر إيران على أن برنامجها النووي حصراً على توليد الطاقة والاستخدامات الطبية، لكن الغرب يصر على أن لهذا البرنامج أبعادًا عسكرية أخرى.
وكوسيلة لمجابهة تلك الضغوط التي تتعرض لها، تهدد إيران بإغلاق المضيق. ونقل التقرير عن أحد قادة الحرس الثوري الإيراني قوله: «إذا منع أعداؤنا تصدير النفط، فلن نسمح لقطرة من النفط أن تمر عبر المضيق».
فكيف يمكن لإيران إغلاق المضيق؟ وأشار التقرير إلى أن إيران لن تضع حواجز أمام حركة الملاحة في المضيق ولكن معظم الناس يساورهم قلق مما قد تفعله إيران. فإيران لن تغلق المضيق ولكنها ستجعل من الملاحة فيه أمرًا صعبًا للغاية ومحفوفًا بالمخاطر لدرجة أن الناس هم من سيحجمون عن المرور، وفق ما قاله محلل منظمة (CNA) غير الربحية أفشون أوستوفر. فيمكن لإيران أن تفعل ذلك مع استخدام الألغام البحرية والغواصات والقوارب الصغيرة.
فهل ستقدم إيران على إغلاق المضيق حقاً؟ ويشير التقرير إلى أن عددًا من الخبراء يشككون في أن إيران سوف تنفذ تهديدها؛ لأن ذلك من الممكن أن يدمر إيران من خلال حرب شاملة مع الولايات المتحدة الأميركية ستشتعل حال إغلاقها للمضيق. فضلاً عن أن إغلاق المضيق سيعرقل أيضاً معظم الصادرات والواردات الإيرانية التي تأتي وتذهب عن طريق البحر.



سورية و روسيا في مجابهة الغرب الاستعماري
  السلوك الغربي الذي أظهرته جلسة مجلس الأمن حول الوضع السوري يكشف مجموعة من الحقائق التي تنعكس واقعيا على العلاقات الدولية وتجسد مضمون العقلية الاستعمارية ومنطق الهيمنة الذي يحكم سياسات الغرب في المنطقة العربية وفي العالم.

أولا: بدا واضحا أن التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة يعتبر أن الحرب على سورية هي معركته الإستراتيجية الفاصلة لتكريس هيمنته في البلاد العربية وفي العالم وهذا هو سر تركيز الجهود وحشد جميع الإمكانات والقدرات المتاحة دوليا وإقليميا لإزاحة الرئيس بشار الأسد الذي يعتبر في الواقع العربي الراهن الرمز الوحيد للفكرة العربية التحررية وللتمسك بقضية فلسطين ولرفض الانصياع للمشيئة الاستعمارية الغربية وللمخطط الصهيوني الهادف إلى فرض الاعتراف بالدولة اليهودية.

الرئيس بشار الأسد هو الهدف المباشر للمخطط الاستعماري الغربي في المنطقة التي يطمح الأميركيون وشركاؤهم في الغرب إلى إعادة ترتيب أوضاعها على النحو الذي يضمن حماية إسرائيل وتثبيت الهيمنة الاستعمارية.

ولا شك أن موقع سورية الاستراتيجي ودورها التاريخي على الصعيد العربي ، يجعلان المعركة لتدمير قوتها أمرا مصيريا ، تتقرر على ضوئه ، نتائج كثيرة ، فانكسار الحرب العالمية التي تستهدف سورية ، وانتصار هذا البلد ، سيكون إيذانا بحركة نهوض جديدة للفكرة القومية العربية ولنهج المقاومة والتحرر الذي يمثله الرئيس الأسد في الواقع العربي.

 هذا الواقع تجسده أحوال جامعة المستعربين بقيادة قطر وحكومات الخليج التابعة للغرب ، يعبر عن نفسه بتحول الدور العربي الرسمي إلى استهداف سورية ، كأولوية حاسمة ، بما يرسم المفارقة الخطيرة التي أشار إليها المندوب السوري في مجلس الأمن الدكتور بشار الجعفري ، عندما ذكر الحضور في كلمته بالقرارات المتعلقة بالشعب الفلسطيني وبالأراضي العربية المحتلة والتي لم تستحق من جامعة النظام العربي إرسال وفد رفيع وطلب جلسة خاصة لمجلس الأمن كما فعلوا في حملتهم لتدمير القوة السورية.

ثانيا: أظهرت الوقائع أن التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة يجتاز مأزقا خطيرا في حربه على سورية ، فهو عاجز عن شن تدخل عسكري مباشر بجيوش الحلف الأطلسي بينما الدولة التركية العضو في الناتو تبدو وقد استنفذت أقصى ما لديها من قدرة على استهداف سورية.

التدخل الغربي و الخليجي و التركي في سورية يجري حاليا بحده الأقصى ، من خلال تمويل وتسليح الميليشيات العاملة على الأرض والتابعة لمجلس اسطنبول ، وقد بينت الأحداث والوقائع وتقارير المخابرات الغربية إلى أي حد يبدو مجلس اسطنبول وجيشه الذي يضم خليطا من المرتزقة والإرهابيين ومن جماعات التكفير ، في حالة رثة تعصف بها الصراعات والفوضى ، بينما تعترف التقارير الغربية بأن الرئيس بشار الأسد يحظى بتأييد شعبي واسع يتلاعب الغربيون في تقديره ، ولكنهم لم يستطيعوا أن ينزلوا به إلى ما دون الخمسين بالمئة من السوريين ، في أسوأ الأحوال ، وفي أعلى درجات التزوير التي تقوم بها المؤسسات الغربية العاملة في استطلاعات الرأي ، والتي تراوحت نتائج دراساتها بين 65% والـ 50 % وهذا ما يعني أن الرئيس بشار الأسد هو بكل جدارة الزعيم الأكثر شعبية والأوسع تمثيلا في نظر الشعب السوري بينما الرموز والقوى والأطراف المتناحرة المحشودة لخدمة الحرب على سورية تحت يافطات متعددة ، لا تحظى حتى بولاء غالبية محازبي التشكيلات المعبر عنها بالمعارضات السورية.

ثالثا: ركزت الحملة الغربية على الموقف الروسي المساند للدولة الوطنية السورية ولخيار الحوار والإصلاح في سورية، وقد ظهرت الجلافة الاستعمارية الغربية في التعامل مع روسيا الدولة العظمى عبر أسلوب التذاكي الذي اتبع في مناقشة الموقف الروسي.

بين الولايات المتحدة وشركائها الغربيين وبين روسيا نزاع نفوذ و مصالح ومنافسات يصل بها المحللون الأميركيون إلى حد الحديث عن حرب عالمية قادمة والإستراتيجية العسكرية التي أصدرها اوباما مؤخرا بنيت على اعتبار روسيا والصين العدو المصيري للمصالح الأميركية في العالم ، بينما تعترض كل من روسيا و الصين لتدخلات أميركية و غربية في شؤونهما الداخلية تستهدف استنزافهما و إخضاعهما للمشيئة الأميركية ..

تدرك موسكو و واشنطن معا ، حقيقة أن الحرب على سورية هي ميدان اختبار ونزاع يتصل بمستقبل التوازنات العالمية ما بعد سقوط المغامرات العسكرية الاستعمارية للإمبراطورية الأميركية على امتداد السنوات الماضية وبالذات منذ احتلال العراق.

فروسيا تدافع عن أمنها القومي في تصديها للمخطط الغربي الاستعماري ، الذي يستهدف سورية ، وهي تدافع عن مبدأ تأسيس شراكة دولية ضد الهيمنة الأحادية ، تنسجم مع المصالح الروسية القريبة والبعيدة ، في مجالات الطاقة والغاز وخطوط النقل العملاقة وفي سوق السلاح والتكنولوجيا المتقدمة ، وبالتالي فان المنطق الغربي الأرعن في الملف السوري لا يملك قوة الإقناع وهو يعكس السعي إلى إطالة أمد استنزاف الدولة السورية وقدراتها الوطنية وليست مزاعم العمل لإنهاء الأزمة و ذرف دموع التماسيح على الضحايا كالعادة ، التي تبديها حكومات الغرب و جامعة المستعربين إلا ذريعة واهية صنعتها غرف التخطيط الأميركية والفرنسية والبريطانية وجندت لتنفيذها عملاءها العرب. غالب قنديل


تقرير هام نشرته لوس أنجلس تايمز حول الحرب على سورية أخطاء الغرب في سوريا: ايسلنغ بيرن
 
"الحرب على إيران تلوح في الأفق"، هكذا قال أحد كبار المعلقين الإسرائيليين في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى "المزيج بين الحرب السرية والضغوط الدولية" التي يجري تطبيقها على إيران.

على الرغم من عدم ذكر ذلك فإن الجائزة "الإستراتيجية" للمرحلة الأولى من الحرب على إيران هي سورية، ولاحقا يأتي انهيار الجمهورية الإسلامية نفسها، كما قال العاهل السعودي الملك عبد الله في الصيف الماضي، "لا شيء يضعف إيران أكثر من خسارة سوريا".

بحلول ديسمبر، تحدث كبار مسؤولي الإدارة الأميركية عن جدول أعمال تغيير النظام في سوريا: حيث أوضح توم دونيلون، مستشار الأمن القومي الأميركي، أن نهاية الرئيس السوري بشار ستشكل نكسة كبيرة لإيران في المنطقة، وضربة إستراتيجية من شأنها أن تحول ميزان القوى في المنطقة ضد إيران".

وقبل فترة وجيزة، ذكر مسؤول بارز يعمل تحت سلطة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق

الأدنى، جيفري فيلتمان، في جلسة استماع الكونغرس أن الولايات المتحدة سوف "تتبع إستراتيجية ذات مسارين تتمثل بدعم المعارضة دبلوماسيا وماليا لخنق النظام السوري حتى تحقق ما تبتغيه.

لذا فإن ما نشهده في سوريا هو حملة متعمدة ومحسوبة لإسقاط حكومة الأسد لاستبداله بنظام متعاون مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

مخطط هذا المشروع هو أساسا التقرير الذي أعده معهد بروكينغز للمحافظين الجدد لتغيير النظام في إيران العام 2009، والذي كان بعنوان "الطريق إلى بلاد فارس"، ولا يزال النهج الاستراتيجي العام لهذا التقرير يستخدم من قبل الولايات المتحدة لتغيير النظام في المنطقة.

إعادة قراءة التقرير، توضح اعتماد نفس اللغة والمنظور، والتركيز على سورية، جاء من قبل المحافظين الجدد الذين شكلوا خطوة بخطوة مسار الوصول إلى بلاد فارس مع هدف رئيسي واحد هو تغيير النظام.

واضعو هذه التقارير جون هانا ومارتن انديك، كلاهما من كبار المحافظين الجدد في إدارة الرئيس جورج بوش/وديك تشيني، وكلاهما يدعوان لتغيير النظام في سوريا. وهذه ليست المرة الأولى التي نشهد تحالفا وثيقا بين الولايات المتحدة وبريطانية والمحافظين الجدد مع الإسلاميين من أجل تغيير النظام في الدولة العدو.

ويمكن القول، إن أهم عنصر في هذا النضال هو الاعتماد على الرواية الكاذبة كالحديث عن "مقتل المتظاهرين العزل الذين يتظاهرون سلميا ضد النظام القمعي"، وعن آلة القتل التي بحسبهم يقودها الرئيس لأسد.

وكما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز فقد ادعت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) انه ليس لديها تقارير مؤكدة حول عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا في ليبيا وبسبب رفض التحقيق في الادعاءات، فان "حصيلة الضحايا لا يمكن أن تتزحزح عن الصفر".

في سوريا، نحن نرى العكس تماما: حيث تتعاون وسائل الإعلام الغربية، جنبا إلى جنب مع وسائل الإعلام العربية ولا سيما قناة الجزيرة وقناة العربية، بشكل فعال لنشر أخبار تخدم جدول الأعمال الأميركي مع غياب شبه كامل للاستجواب أو التحقيق في الإحصاءات والمعلومات التي قدمتها المنظمات ووسائل الإعلام التي يتم تمويلها أو تمتلك من قبل الولايات المتحدة/أوروبا/ تحالف الخليج/ والدول نفسها التي تحرض على تغيير النظام.

كما تحدثت الصحافة الدولية عن الادعاءات بوجود "مجازر" وحملات اغتصاب تستهدف النساء والفتيات في المدن ذات الأغلبية السنية استنادا على اثنين من المصادر: المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، ولجان التنسيق من دون التأكد من مصداقية تلك المعلومات ولو بالحد الأدنى.

الاختباء وراء كواليس الأخبار.."لم نتمكن من التحقق من هذه الإحصاءات" ومن مدى نزاهة التقارير التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية منذ بداية الأحداث في سوريا. فبعد عقد من الحرب على العراق، يبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يستفيدوا من دروس العام 2003 والصورة المشوهة التي نشروها عن صدام حسين وأسلحة الدمار الشامل المزعومة.

المصادر الثلاث الرئيسية لجميع البيانات حول أعداد المتظاهرين الذين قتلوا، وأعداد الأشخاص الذين يشاركون في التظاهرات – هي ركيزة السارد- "لتغيير النظام" ويتم تمويل المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي مقره دبي من الغرب وأموال الخليج.

أولا المرصد لعب الدور المحوري في الحفاظ على سياق الأخبار التي تتناول عمليات القتل الجماعي للآلاف من المتظاهرين السلميين قد استخدمت أرقاما مبالغ فيها، ومؤخرا بدا الحديث عن "الإبادة الجماعية" غير مقنع.

على الرغم من إدعائه أن المعلومات تستند إلى مصدر رئيسي إلا أن المرصد وصف بأنه "المكتب الأمامي" للدعاية الإعلامية الكبيرة التي تديرها المعارضة السورية وأنصارها.

وقالت وزارة الخارجية الروسية:

جدول أعمال المجلس الانتقالي السوري... يتألف في لندن من المرصد السوري لحقوق الإنسان.. وان الصور المرعبة تفبرك لإثارة الكراهية ضد نظام الأسد.

فالمرصد ليس مسجلا قانونيا كشركة أو مؤسسة خيرية في المملكة المتحدة، ولكن يعمل بصورة غير رسمية، فلا يوجد لديه مكتب وموظفين ومديره غارق في التمويل وكما يقول فانه يتلقى معلوماته، من شبكة من "الناشطين" داخل سوريا ويتم نشر المعلومات بالتواصل مع قناة الجزيرة.



ثانيا، شبكات المعلومات هي جزء من البنية التحتية لوسائل الإعلام المعارضة، و من خلال تحليل تقاريرهم اليومية نجد انه ليس هناك ذكر إلا لحالات وفاة تتناول "المدنيين" و"الجنود المنشقين" أو المتظاهرين في اعتصامات سلمية.



ثالثا، قناة الجزيرة التي تبث تقارير عن الصحوة الشعبية هي منحازة بشكل كبير، وكما وصفها احد المحللين المخضرمين إنها وسائل إعلام "ناطقة بلسان دولة قطر وأميرها الطموح" ، فالجزيرة جزءا لا يتجزأ من "طموحات السياسة الخارجية القطرية".



كانت قناة الجزيرة ولا زالت تقدم الدعم التقني، والمعنوي لنشطاء ومنظمات المعارضة السورية. وتبين التقارير أنه منذ مارس 2011، كانت قناة الجزيرة تقدم الدعم الفوري والتقني لنشطاء المعارضة السورية في المنفى من خلال رسائل تتم صياغتها في الدوحة.

في ما يقرب من 10 أشهر، وبالرغم من الهجمة اليومية من وسائل الإعلام الدولية، المشروع لم يحقق هدفه تماما: فاستطلاع "يوجوف" بتكليف من قطر فاونديشين في الأسبوع الماضي أظهر أن 55 ٪ من السوريين لا يريدون استقالة الأسد و68 ٪ من السوريين غير راضين عن العقوبات التي فرضت من جامعة الدول العربية على بلدهم.



ووفقا للاستطلاع، زادت نسبة التأييد للرئيس الأسد منذ بداية الأحداث الحالية – فرأى 46 ٪ من السوريين أن الأسد كان رئيسا "جيدا" لسوريا قبل الأحداث الجارية في البلاد، وهو أمر بالتأكيد لا يتناسب مع الأخبار التي تروجها وسائل الإعلام العالمية.

وكأنهم يعلنون نجاح حملتهم الدعائية الخاصة، فلخصوا الاستطلاع بالقول : غالبية العرب يعتقدون أنه يجب على الرئيس السوري بشار الأسد أن يستقيل في أعقاب المعاملة التي يمارسها نظامه ضد المتظاهرين... 81 ٪ من المستطلعين العرب يريدون تنحية الرئيس الأسد. فهم يعتقدون أن سوريا ستكون أفضل حالا لو أجريت انتخابات ديمقراطية حرة تحت إشراف حكومة انتقالية.

والسؤال الذي يطرح نفسه من يحق له أن يسأل الرئيس الأسد الشعب السوري أم الشعب العربي؟. عدم وضوح الخطوط يبرز في قول جماعات المعارضة السورية أنهم ضد التدخل العسكري الأجنبي، بينما لا يعتبرون "التدخل العربي" أجنبيا.

وليس من المدهش، أن الصحف ووسائل الإعلام الغربية تجاهلت نتائج الاستطلاع الذي نشر لأنها لا تناسب روايتهم.

فقبل أسبوعين وفي أعقاب التفجيرات الانتحارية في دمشق ، نشرت الغارديان، ووسائل أخرى، خلال الساعات الأولى للانفجار تقارير مثيرة وغير موثقة حول الحادث وشككت التقارير الأخيرة بدقة المعلومات التي تروج لها  يوميا الصحافة الدولية، ولا سيما المعلومات التي وضعت من قبل المرصد السوري لحقوق الإنسان.

في ديسمبر ، حذرت مجموعة ستراتفور الاستخبارات الأميركية  :

مطالبات المعارضة [السورية] هي أكثر خطورة ومبالغ فيها على نحو صارخ أو ببساطة غير صحيحة... الكشف عن المزيد من نقاط الضعف في المعارضة على مستوى عدم الاستقرار داخل النظام السوري.

ونصح معهد ستراتفور على طول فترة الانتفاضة لمدة تسعة أشهر، بالحذر من دقة المعلومات المنشورة في سورية.

وقال ستراتفور إن تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان هي مثل تلك التي يصدرها النظام، ينبغي أن يشكك فيها، فالمعارضة تدرك أنها بحاجة إلى دعم خارجي، والدعم المالي على وجه التحديد، إذا أريد لها أن تكون أكثر قوة مما هي عليه الآن. وتحقيقا لهذه الغاية، فلديها فرصة لتقديم الحقائق على أرض الواقع بطريقة تستدعي الدعم الخارجي إليها.

وكما لاحظ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "انه من الواضح أن الغرض من ذلك هو وقوع كارثة إنسانية، للحصول على ذريعة لطلب التدخل خارجي".

ويبدو أن هناك افتراءا واضحا عندما يتم الحديث عن انشقاقات جماعية في الجيش السوري ومعارك ضارية بين الجنود الموالين والفارين، مع تأكيد انشقاق عدد قليل جدا وبشكل مستقل. ويبدو أن المعلومات التي تبثها الحكومة اقرب إلى الواقع والحقيقة.

ففي الفترة الأخيرة لفت الجيش السوري الحر إلى أن أعداده ستكون اكبر في شهر نوفمبر ولكن ذلك لم يحصل، فادعوا إنهم يطلبون من المنشقين التريث إلى أن تتحسن الظروف الإقليمية.

دليل لتغيير النظام

وبالنظر إلى أن سوريا تشكل الفرع الثلاث "لمسار التوجه إلى بلاد فارس" يتصف هذا الدليل بأهمية خاصة ففي جوهره نجد خطوة بخطوة وبالتفاصيل الخيارات المطروحة للتحريض ودعم الانتفاضة الشعبية، والتمرد أو التحريض على الانقلاب.

ويأتي التقرير مع مجموعة "إيجابيات وسلبيات":

التمرد في كثير من الأحيان أسهل من التحريض والحصول على الدعم من الخارج... المتمردون يرفضون الدعم السري لحركتهم، ويرفضون منح الولايات المتحدة صفة "الإنكار المعقول"...

ويقول التقرير إن العمل العسكري، لا يمكن أن يقدر مرة واحدة، بل يجب أن تختبر كل  الخيارات الأخرى ويتم التأكد من عدم فعاليته، لكي يبدأ "المجتمع الدولي بالتخطيط لمرحلة الهجوم.

الجوانب الرئيسية للتحريض على الانتفاضة الشعبية والتحضير للتمرد واضحة في ما يتعلق بالتطورات في سوريا.



وتشمل :

-       دعم وتمويل التنظيمات المعارضة للنظام بما في ذلك استخدام الجماعات العرقية "التعيسة".

-       "بناء قدرات" المعارضة الفعالة التي ستعمل معهم" من اجل "خلق قيادة بديلة للاستيلاء على السلطة".

-       توفير المعدات والدعم السري للجماعات، ومدها بالأسلحة -إما بشكل مباشر أو غير مباشر، فضلا عن توفير أجهزة الفاكس، والإنترنت.

-       تدريب نشطاء المعارضة لتسهيل عملية المراسلة.

-       سرد الأخبار بالطريقة التي تتبعها وسائل الإعلام والتي تدعمها الولايات المتحدة من خلال تسليط الضوء على أوجه قصور النظام، ودفع الانتقادات نحو العلن.

-       فقدان النظام لمصداقيته أمام الرأي العام العالمي تفقده شرعيته ويكون مفتاح انهياره.



إلى جانب ذلك، مولت وساعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها، لا سيما بريطانيا، وفرنسا، المعارضة السورية منذ البداية، بناءا على المحاولات التي بدأتها الولايات المتحدة في العام 2006 لتشكيل جبهة موحدة ضد حكومة الأسد.

وعلى الرغم من محاولات الأشهر -في الغالب من قبل الغرب-  في جمع مختلف توجهات المعارضة في عراك موحد، إلا أنها ظلت "مجموعة متنوعة، تمثل الإيديولوجيات الطائفية والانقسامات بين الأجيال" وخلص أحد المحللين بالقول: "ليس هناك أي ميل نحو الوحدة بين هذه الجماعات، لأنها تنتمي إلى خلفيات أيديولوجية مختلفة تماما ولها وجهات نظر سياسية معادية".

وفي اجتماع عقد مؤخرا مع وزير الخارجية البريطاني، رفضت تلك الجماعات لقاء هيغ معا، واجتمعت به بشكل منفصل مع ذلك، وعلى الرغم من عدم المصداقية، وضعف التماسك الداخلي للمعارضة إلا إنها في معظمها تحت مظلة المجلس الوطني السوري (SNC) الذي يتحضر لاستلام السلطة  وبناء قدراته، كما أكد السفير السوري السابق في الولايات المتحدة، رفيق جوجاتي، وهو الآن في المعارضة.

وفي جلسة مغلقة في العاصمة واشنطن في منتصف ديسمبر 2011، أكد أن وزارة الخارجية الأميركية والمعهد  الألماني للشؤون الدولية والأمن  SWP يمولان المشروع الذي يديره المعهد الأميركي للسلام و SWP، بالشراكة مع المجلس الانتقالي السوري للسيطرة على سورية.

 وفي مقابلة أجريت معه مؤخرا، كشف برهان غليون رئيس المجلس الانتقالي السوري (وذلك "لتسريع عملية" سقوط الأسد) وثائق تفويض تؤكد انه: "لن يكون هناك علاقات خاصة مع إيران"، وقال إن "كسر العلاقة الاستثنائية يعني كسر العلاقة الإستراتيجية، والتحالف العسكري"، مضيفا انه "بعد سقوط النظام السوري، حزب الله لن يكون هو نفسه".

ووفقا لتقارير مختلفة فانه يتم استيراد الأسلحة والمعدات والقوى البشرية (في الغالب من ليبيا)، وقد بدأ التدريب من قبل الحكومات والجماعات الأخرى المرتبطة بعلاقة وثيقة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وحلفائهم الإقليميين، ويتم التنسيق من القوات الأميركية في قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا.

ويستمر الدعم من المحافظين الأميركيين الذين أعلنوا في منتصف ديسمبر :

إن طائرات حلف شمال الأطلسي قادمة إلى القواعد العسكرية التركية بالقرب من الاسكندرون على الحدود السورية، وستقدم الأسلحة... فضلا عن المتطوعين من المجلس الوطني الانتقالي الليبي...

وتعتبر الاسكندرون هي أيضا مقر الجيش السوري الحر، الجناح المسلح للمجلس الانتقالي السوري، وتقوم القوات الفرنسية والبريطانية الخاصة بتدريب المتمردين السوريين في حين توفر وكالة المخابرات المركزية الأميركية ومكتب خدمات المشاريع لتوفير معدات الاتصال والاستخبارات.

وكشفت صحيفة واشنطن بوست في ابريل 2011 وثائق ويكيليكس التي تؤكد أن وزارة الخارجية الأميركية منحت الملايين من الدولارات لمختلف الجماعات السورية الموجودة في المنفى بما في ذلك حركة الإخوان المسلمين في لندن منذ العام 2006.

وأكدت هذه الوثائق التي تسربت بمعظمها في العام 2010، إن التمويل استمر حتى الآن، ولكن الخيار اليوم يهدف إلى تغيير النظام في سوريا.

وهذا النداء من المحافظين الجدد لتغيير النظام في سورية لاقى ترحيبا داخل الإدارة الأميركية، وفي المملكة المتحدة، التي "تؤيد وجود جيش قوي، للولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والقوى الديمقراطية الأخرى، يكون قادرا على التدخل بشكل سريع في دول العالم".

وقد كشفت وثائق ويكيليكس دور المعارض السوري أسامة منجد والذي تموله وزارة الخارجية الأميركية من العام 2006. المنجد، هو عضو في المجلس الانتقالي السوري، يدير حاليا شركة للعلاقات العامة أنشئت مؤخرا في لندن، وكان هو أول من استخدم مصطلح "الإبادة الجماعية" فيما يتعلق بالأحداث في سوريا.

كل هذا لا يعني أنه ليس هناك مطالب شعبية حقيقية للتغيير في سوريا ضد البنية التحتية الأمنية، ولا أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لم ترتكب، سواء من جانب قوات الأمن السورية والمتمردين المعارضين المسلحين، فضلا عن وجود قوة ثالثة تعمل منذ بداية الأزمة في سوريا.

مثل هذه الانتهاكات لا مفر منها في الصراعات، وكما كتب إبراهيم الأمين فان البعض في النظام اعترف "أن العلاج الأمني لبعض الحالات كان مخطئا... فقد كان من الممكن احتواء الموقف من خلال اخذ تدابير حازمة وعملية -مثل القبض على المسؤولين عن تعذيب الأطفال في محافظة درعا- فطلب التعددية السياسية ووضع حد للقمع هو أمر بالغ وملح.

الاحتجاجات الشعبية بادئ الأمر ركزت على القضايا والحوادث المحلية (بما في ذلك قضية تعذيب الصبية الصغار في درعا من قبل قوات الأمن) ولكن سرعان ما استثمرت بسرعة في المشروع الاستراتيجي الأوسع لتغيير النظام.



70 بالمئة من مصادر البيانات التي ترد في التقارير هي من المرصد السوري لحقوق الإنسان  و"النشطاء" و38 ٪ هي من التقارير الصحفية التي تنشرها الجزيرة، و 3 ٪ من منظمة العفو الدولية، و 1.5 ٪ من مصادر سورية رسمية.

وردا على تقرير مفوض الأمم المتحدة، علق السفير السوري لدى الأمم المتحدة: "كيف يمكن الأخذ بشهادات لمنشقين عن الحكومة السورية، فبالطبع هم سيعطون شهادات سلبية ضد الحكومة السورية، لأنهم هاربون؟".



ترجمة الشرق الجديد



وباما يرفع مستوى الرهانات العسكرية.. والمواجهة على الحدود مع الصين وروسيا
 

 جيمس بيتراس

فشلت إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما في استخلاص العبر من مجموعة الهزائم العسكرية والسياسية التي تعرضت لها في أفغانستان والعراق، وفي دعم عملائها في اليمن ومصر وتونس، ومن تفكك الأنظمة العميلة في الصومال وجنوب السودان، وبدلا من ذلك تلقي بنفسها نحو مواجهة عسكرية جديدة مع أكبر القوى العالمية، روسيا والصين. وقد اعتمدت إستراتيجية أوباما على السياسة الهجومية الاستفزازية على الحدود مع الصين وروسيا.



بعد الانتقال من هزيمة لأخرى وعجزها في بناء إمبراطوريتها ضد البلدان الضعيفة اقتصاديا، احتضنت إدارة أوباما سياسة الحصار والاستفزازات ضد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وروسيا أهم مزود للغاز في العالم وثاني أقوى دولة في امتلاك الأسلحة النووية.


تناولت هذه الدراسة الحركة التصعيدية لنظام أوباما غير العقلاني والتي تهدد العالم من النزعة العسكرية الإمبريالية، وقد تمت دراسة الوضع العسكري العالمي، والسياق السياسي والاقتصادي والمحلي الذي يؤدي إلى هذه السياسات. ودراسة نقاط الصراع من مختلف نقاطه، وتدخل واشنطن في باكستان وإيران وليبيا وفنزويلا وكوبا وخارجها. كما تم تحليل مبررات التصعيد العسكري ضد روسيا والصين في إطار الهجوم الجديد الذي تجاوز العالم العربي (سورية، ليبيا)، وفي مواجهة الوضع الاقتصادي للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الذي تراجع في الاقتصاد العالمي.


التوجه من التسلط العسكري في المحيط إلى المواجهة العسكرية العالمية

نوفمبر 2011 اللحظة التاريخية: أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما من استراليا السياسات الرئيسية لإدارته، والتي تؤثر على الإستراتيجية الهائلة للقوى العالمية المتنافسة.

كما أعلن أوباما سياسة التطويق العسكري للصين بناءا على الترابط بين الأسطول البحري والجوي الذي يواجه الساحل الصيني – وهدف من خلال إعلان سياسته المستقبلية إضعاف وتعطيل حركة الصين في الحصول على المواد الخام والعلاقات التجارية والمالية في آسيا.

إعلان اوباما بان آسيا هي المنطقة ذات الأولوية للتوسع العسكري الأميركي، ولبناء قاعدة تحالفات اقتصادية صعبة كان هدفه الآذان الصينية.


"مصالحنا الدائمة في المنطقة [آسيا والمحيط الهادئ] تتطلب وجودنا الدائم فيها...الولايات المتحدة هي قوة المحيط الهادئ، ونحن سنبقى هنا... لقد وجهت فريقي للأمن القومي لتفعيل وجودنا في آسيا والمحيط الهادئ... ونتيجة لذلك، خفض الإنفاق في وزارة الدفاع الأميركية لن يأتي على حساب آسيا والمحيط الهادئ" "(CNN.com, Nov. 16, 2011).



دعوة الرئيس اوباما تتمحور حول الاتفاق العسكري الجديد مع استراليا لإرسال سفن وطائرات حربية و2500 من قوات المشاة البحرية إلى شمال أستراليا (داروين).

وقد أمضت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون معظم العام 2011 تتقرب من الدول الآسيوية التي لديها نزاعات على الحدود البحرية مع الصين. وقد دفعت كلينتون الولايات المتحدة قسرا في هذه النزاعات، كما شجعت مطالب فيتنام والفلبين وبروناي في بحر الصين الجنوبي. والأخطر من هذا، فإن واشنطن عززت علاقاتها العسكرية والتجارية مع اليابان، وتايوان وسنغافورة وكوريا الجنوبية، فضلا عن زيادة وجود السفن الحربية والغواصات النووية وحاملات الطائرات، تماشيا مع سياسة الحصار العسكري والاستفزازي، هذا وقد عززت الإدارة الأميركية اتفاقات التجارة متعددة الأطراف التي تستبعد الصين، ومنحت الشركات الأميركية متعددة الجنسيات، والمصرفيين، والمصدرين بعض الامتيازات، ويطلق عليها اسم "الشراكة عبر المحيط الهادئ". وهي تشمل حاليا معظم البلدان الصغيرة، ولكن أوباما لديه آمل بان تنضم اليابان وكندا إلى المجموعة...

وتمحور وجود أوباما في اجتماع الابيك لزعماء شرق آسيا وزيارته لاندونيسيا في نوفمبر 2011 ضمن الجهود الرامية إلى ضمان هيمنة الولايات المتحدة. فأوباما يأمل بمواجهة الانخفاض النسبي للاقتصاد الأميركي عبر النمو الهندسي للعلاقات التجارية والاستثمارية بين شرق آسيا والصين.



وأحدث مثال على جهود أوباما وكلينتون الوهمية، ولكن المدمرة، تعطيل متعمد للعلاقات الاقتصادية للصين في آسيا، ويجري ذلك في ميانمار (بورما). فسبق زيارة كلينتون إلى ميانمار ديسمبر 2011 قرار من النظام "الثين سين" على تعليق تمويل مشروع السد في شمال الصين. ووفقا لوثائق سرية رسمية صادرة عن WilkiLeaks عن "المنظمات غير الحكومية البورمية، التي نظمت وقادت الحملة ضد تمويل السد، انه تم تمويلها بشكل كبير من قبل حكومة الولايات المتحدة" (فاينانشال تايمز ، 2 ديسمبر 2011). هذا النشاط وغيره من الأنشطة الاستفزازية التي قامت بها كلينتون والمعونة المشروطة "تتضاءل بالمقارنة مع المصالح الطويلة الأجل والواسعة النطاق، التي تربط بين ميانمار والصين. الصين هي اكبر شريك تجارى ومستثمر لميانمار.

من ناحية أخرى، نقد كلينتون لقيام الصين باستثمار مليار دولار في البنية التحتية في ميانمار هي واحدة من اغرب الأمور في تاريخ العالم، حيث يأتي ذلك في أعقاب وجود واشنطن لمدة ثماني سنوات في العراق دمرت خلالها 500 مليار دولار من البنية التحتية العراقية، وذلك وفقا لتقديرات بغداد الرسمية.

في حين أن السياسات التي يتبناها أوباما لا النظام، في حد ذاتها، تشكل تهديدا مباشرا للسلام، إلا أن الأثر التراكمي لجميع هذه التصريحات السياسية وإسقاطات القوة العسكرية إضافة إلى محاولات العزل والترهيب أدت إلى صعود الصين كقوة إقليمية وعالمية. وتهدف التحالفات العسكرية، لاستبعاد الصين من الجمعيات الاقتصادية الإقليمية، والتدخل في النزاعات الإقليمية البحرية واستخدام الطائرات المتطورة لتحديد المواقع، لتقويض الصين وللتعويض عن النقص الاقتصادي الأميركي عبر الشبكات المغلقة السياسية والاقتصادية.



وتهدف تحركات البيت الأبيض الاقتصادية والعسكرية وتحركات الكونغرس الديماغوجية المعادية إلى إضعاف موقف الصين التجاري وإجبار القائمين بأعمالها للتفكير في تفضيل قادة الولايات المتحدة والأعمال المصرفية فوق مصالح المؤسسات الخاصة. أولويات اوباما تتمثل بشن حملة عسكرية كبيرة ولكنها في حد ذاتها قد تؤدي إلى تمزق كارثي في علاقات الولايات المتحدة والصين. وهذا من شأنه أيضا أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، لا سيما على اقتصاد الولايات المتحدة وبخاصة نظامها المالي. فلدى الصين أكثر من 1.5 تريليون دولار من ديون الولايات المتحدة، لذا تعتبر مصدرا حيويا في تمويل العجز في الولايات المتحدة. وإذا أثار أوباما التهديد الجدي للمصالح الأمنية الصينية، ستضطر بكين للرد، ولكن لن يكون الرد عسكري ولكن اقتصاديا.



تزداد مساعي أوباما عبر المحيط الهادي في توجيه التهديدات العسكرية للصين، ويحاول جاهدا عزل الصين اقتصاديا عن بقية دول آسيا، ذلك في ظل تلاشي الوجود الاقتصادي الأميركي.

تزداد تجارة الصين مع الهند واندونيسيا واليابان وباكستان وفيتنام بمعدل أسرع بكثير من الولايات المتحدة. وتستند جهود الولايات المتحدة على بناء التحالف الامبريالي على الأمن في آسيا على أسس اقتصادية هشة. حتى أستراليا، محور التوجه العسكري الأميركي في آسيا، تعتمد اعتمادا كبيرا على صادرات المعادن إلى الصين. أي حملة عسكرية قد تؤدي إلى انتشار حالة الفوضى في الاقتصاد الاسترالي.



اقتصاد الولايات المتحدة ليس جاهزا ليحل محل الصين في أسواق السلع الآسيوية أو الاسترالية وكمصدر الصناعات التحويلية. ويجب أن تدرك البلدان الآسيوية تماما أنه لا يوجد ميزة في المستقبل لربط أنفسهم بالانخفاض العسكري الإمبراطوري.. أوباما وكلينتون يخدعون أنفسهم إذا كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون جذب آسيا لتحالف طويل الأمد. الآسيويين يستخدمون ببساطة ودية نظام أوباما ك "جهاز تكتيكي"، وكحيلة تفاوضية، للاستفادة من شروط أفضل في تأمين الحدود البحرية والإقليمية مع الصين.



"إعادة التوجيه" في آسيا، من النفوذ الصيني إلى النفوذ الأميركي، يتطلب أكثر من وجود البحرية الأميركية في الصين. بل يتطلب إعادة هيكلة مجموع اقتصادات الدول الآسيوية، البنية الطبقية والنخبة السياسية والعسكرية. فأقوى جماعات المشاريع الاقتصادية في آسيا لديها علاقات عميقة ومتنامية مع الصين/هونغ كونغ. ومن شأن اللجوء إلى الولايات المتحدة من النخبة الديكتاتورية قطع الروابط التجارية الإستراتيجية والاستثمارية، وتشريد الملايين من العمال والمهنيين.



كان "الرأسماليون الكومبرادور" في الماضي، على استعداد لبيع "الصناعة الوطنية"، و"السيادة" في مقابل الحصول على امتياز الوصول إلى أسواق الولايات المتحدة، أما الآن فمهما كانت الحماسة فلا حدود استهلاكية واضحة، فبالرغم من وجود عدم مساواة واستغلال رأسمالي وحشي، هناك اعتراف بأن تاريخ الهيمنة الأميركية والأوروبية حال دون نمو وتخصيب البرجوازية الأصلية والطبقة المتوسطة. أما خطب وتصريحات أوباما وكلينتون تنضح من الحنين للماضي الاستعماري الجديد للمشرفين وللمتعاونين الكومبرادوريين.

الاعتراف بآسيا كمحور اقتصادية في النظام العالمي الراهن، يأخذ منحى غريب في التخيل أن المواقف العسكرية وإسقاطات القوة المسلحة ستخفض الصين إلى لاعب هامشي في المنطقة.



أوباما يصعد المواجهة مع روسيا

قامت إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما بدفع منظوماتها العسكرية نحو الحدود الروسية، وقد دفعت بقواتها نحو الأمام كذلك مواقع الصواريخ والقواعد الجوية في بولندا ورومانيا وتركيا واسبانيا والجمهورية التشيكية وبلغاريا: باتريوتPAC - 3 المضاد للطائرات في بولندا، الرادار المتقدم AN/TPY-2 في تركيا، وصواريخ (SM - 3 IA) المتواجدة على السفن الحربية المحملة في اسبانيا، وهي من بين أبرز الأسلحة التي تستطيع تطويق روسيا.



ثانيا، شنت الولايات المتحدة حملة شاملة لتأمين وتوسيع القواعد العسكرية الأميركية في آسيا الوسطى وفي الجمهوريات السوفياتية السابقة. ثالثا، بدأت واشنطن، عبر حلف شمال الأطلسي عمليات كبرى اقتصادية وعسكرية ضد شركاء روسيا التجاريين الرئيسيين في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وشلت الحرب التي شنها حلف شمال الأطلسي ضد ليبيا، حركة النفط الروسية واستثمارات الغاز ومبيعات الأسلحة.



كما قوضت عقوبات الأمم المتحدة والناتو وأنشطة إسرائيل الإرهابية السرية التي تستهدف إيران أرباح روسيا من التجارة النووية والمشاريع النفطية المشتركة. وقد فرضت منظمة حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك تركيا، مدعومة من ديكتاتوريات الخليج الملكي، عقوبات قاسية على سوريا ومولت الإرهابيين فيها، وروسيا الحليف المتبقي لها في المنطقة، )لديها الكثير التسهيلات البحرية في ميناء طرطوس) على البحر الأبيض المتوسط.

الرئيس الروسي ميدفيديف ووزير خارجيته سيرغي لافروف اعتقدا عن طريق الخطأ (مثل غورباتشوف ويلتسين من قبلهم) أن دعم سياسات الولايات المتحدة والناتو ضد الشركاء التجاريين لروسيا من شأنه أن ينتج نوع من أنواع "المعاملة بالمثل": حيث تقوم الولايات المتحدة بتفكيك  "الدرع الصاروخي" على الحدود وتقديم الدعم لانضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية. إلا أن ميدفيديف سقط في أوهام الخط الليبرالي الموالي للغرب، من خلال دعمه للولايات المتحدة وإسرائيل في فرض عقوبات على إيران.

وسقط لافروف مجددا في مآزق حلف شمال الأطلسي عبر قرار "فرض منطقة حظر جوي لحماية أرواح المدنيين الليبيين" إلا أن التصويت جاء متأخرا فحلف شمال الأطلسي "تجاوز مهمته" فقصف ليبيا وركب نظام موالي للحلف من المحتالين والأصوليين. وأخيرا عندما هدفت الولايات المتحدة إدخال الساطور في قلب روسيا عبر المضي قدما في محاولة تثبيت مواقع إطلاق الصواريخ عن طريق الجو من موسكو على سوريا، هدد ميدفيديف بالتخلي عن معاهدة الحد من الصواريخ النووية (ستارت) ووضع صواريخ متوسطة المدى في برلين وباريس ولندن.


سياسة ميدفيديف- لافروف لتوطيد التعاون على أساس بلاغة أوباما "في إعادة العلاقات" دعت إلى بناء إمبراطورية هجومية: الاستسلام أدى إلى مزيد من العدوان. ونتيجة لذلك، تنشر روسيا الصواريخ على طول حدودها الغربية، وقد تكبدت بعض الخسائر بين شركائها التجاريين الرئيسيين في الشرق الأوسط وتواجه قواعد الولايات المتحدة في جنوب غرب ووسط آسيا.


تحرك المسؤولين الروس مؤخرا لتبديل موقع الرئاسة بين ميدفيديف وبوتين الواقعي. قد أثار موجة من العداء تجاه بوتين في جميع وسائل الإعلام الغربية.

سياسة أوباما العدوانية لعزل روسيا عن طريق تقويض الأنظمة المستقلة قد لا تأثر في روسيا كقوة نووية، بل قد تزيد التوتر في أوروبا وربما تقضي على أي فرصة محتملة في المستقبل للحد من الأسلحة النووية السلمية أو جهود الأمم المتحدة لتأمين إجماع في مجلس الأمن بشأن قضايا حل النزاعات بالوسائل السلمية. واشنطن، في عهد أوباما وكلينتون، قد حولت روسيا من عميل مطواع لخصم رئيسي.



إلى ذلك، يتطلع بوتين إلى تعميق وتوسيع العلاقات مع الشرق، وخاصة الصين، في مواجهة تهديدات الغرب. والجمع بين تكنولوجيا الأسلحة المتطورة الروسية وموارد الطاقة، ونمو الصناعة التحويلية الصينية والصناعية الحيوية في وجه اقتصاديات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية التي تتمرغ في الركود.



والمواجهة العسكرية الأميركية تجاه روسيا تمس بشكل كبير بالحصول على المواد الخام الروسية وتمنع نهائيا على المدى الطويل إبرام اتفاقات أمنية إستراتيجية، من شأنها أن تكون مفيدة في خفض العجز وإنعاش الاقتصاد في الولايات المتحدة.



بين الواقعية والوهم: إعادة تنسيق إستراتيجية أوباما

كان اعتراف أوباما بأن المركز الحالي والمستقبلي للسلطة السياسية والاقتصادية يسير لا محالة نحو آسيا، لمعة في الواقعية السياسية. فبعد عقد من الزمن أنفقت خلالها الولايات المتحدة مئات المليارات من الدولارات على مغامراتها العسكرية على هامش السياسة العالمية، اكتشفت أخيرا أنه لا يمكن البت في مصير الشعوب، وخصوصا من القوى العظمى، إلا بالمعنى السلبي. وتتركز واقعية أوباما وأولوياته الجديدة على ما يبدو على شرق وشمال شرق آسيا، حيث تزدهر الاقتصاديات الدينامية، وتنمو الأسواق بمعدل رقمين، ويضخ المستثمرين عشرات المليارات من الدولارات في النشاط الإنتاجي، والتجارة آخذ في التوسع ثلاثة أضعاف عن المعدل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.



ولكن "واقعية اوباما" تتأثر بالافتراضات الوهمية، الأمر الذي يقوض أي جهد جاد لإعادة تنظيم السياسة الأميركية.

وفي المقام الأول جهود أوباما لدخول آسيا هي لبناء القوة العسكرية، وليس لشحذ ورفع القدرة التنافسية لاقتصاد الولايات المتحدة. فماذا ستنتج الولايات المتحدة للبلدان الآسيوية لتعزز حصتها في السوق؟ وبصرف النظر عن الطائرات والأسلحة والزراعة، الولايات المتحدة لديها صناعات تنافسية ضئيلة. فالولايات المتحدة ستضطر إلى إعادة توجيه شامل لاقتصادها، ورفع مستوى العمالة الماهرة، ونقل المليارات من "الأمن" والنزعة العسكرية إلى الابتكارات التطبيقية. لكن أوباما يعمل داخل المجمع العسكري الصهيوني المالي الحالي وهو لا يعرف غيره، ويعجز عن كسره.



ثانيا، أوباما وكلينتون يعملان تحت وهم أن الولايات المتحدة يمكنها استبعاد الصين أو التقليل من دورها في آسيا، وهذه السياسة تقوض الاستثمارات الضخمة والمتنامية، وبحضور جميع الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات الأميركية في الصين، باعتبارها قاعدة للتصدير إلى آسيا وبقية العالم.



"الواقعية الجديدة" هي عبارة عن إعادة تدوير للأوهام القديمة: فكرة أن الولايات المتحدة يمكنها أن تعود إلى كونها السلطة العليا للمحيط الهادئ كانت بعد الحرب العالمية الثانية. فالآن تعاني من اقتصاد مشلول، وإفراط في عسكرة الاقتصاد، وعاهات إستراتيجية رئيسية، فعلى مدى العقد الماضي انحنت سياسة الولايات المتحدة الخارجية ودعت إسرائيل بالطابور الخامس ("اللوبي" الإسرائيلي). الطبقة السياسية برمتها في الولايات المتحدة تخلو من الأغراض المشتركة، والمعنى العملي الوطني.



لماذا أوباما تخلى عن الحروب المكلفة في المحيط ومن ثم عزز الميتافيزيقيا العسكرية نفسها في مركز اقتصادي حيوي؟ هل يعتقد باراك أوباما ومستشاريه انه هو الأميرال الكومودور بيري الذي وقفت سفنه الحربية وحصاره على القسري على أسيا أمام التجارة الغربية؟ هل يعتقد أن التحالفات العسكرية سوف تكون المرحلة الأولى لفترة لاحقة من الدخول الاقتصادي المتميز ؟

لا نعتقد أن نظام أوباما يمكنه محاصرة الصين، كما فعلت واشنطن في اليابان في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية، فقد فوات الأوان، الصين هي محور الاقتصاد العالمي، وهي حيوية للغاية حتى لتمويل ديون الولايات المتحدة.



الاستنتاج

واقعية أوباما غريبة الأطوار، تتمثل في انتقاله من الحروب مع العالم الإسلامي إلى المواجهة العسكرية في آسيا. الأساليب العسكرية والأهداف الاقتصادية تتناقض تماما وتتجاوز قدرة الولايات المتحدة، في الوقت الراهن.  سياسات واشنطن لن تضعف روسيا أو الصين، ولا حتى إثارة الرعب فيهم. بدلا من ذلك سوف تشجع تلك السياسة فرص اتخاذ مواقف أكثر عدائية تجاه واشنطن، وقد سبق وأرسلت روسيا سفنها الحربية إلى الموانئ السورية، ورفضت دعم حظر الأسلحة المفروض على سوريا وإيران و(في الماضي) انتقدت الحملة العسكرية التي شنها حلف شمال الأطلسي ضد ليبيا. الصين وروسيا تربطهما علاقات إستراتيجية مع عدد كبير جدا من الاقتصاديات العالمية التي تعاني من خسائر كبيرة منن المواقع العسكرية الأميركية والتحالفات "الحصرية".


وبعبارة أخرى، التصعيد العسكري لن يغير توازن القوى النووية، ولكن سوف يجلب روسيا والصين إلى تحالف أوثق وأعمق. لقد ولت أيام إستراتيجية نيكسون كيسنجر، "التقسيم والاحتلال". واشنطن لها دور مبالغ فيه تماما في المشاحنات البحرية الحالية بين الصين وجيرانها. وما يوحدهم من الناحية الاقتصادية هو أكثر أهمية بكثير على المدى المتوسط ​​والمدى الطويل. العلاقات الاقتصادية الآسيوية الصينية نحت أية روابط ضعيفة عسكرية للولايات المتحدة.


واقعية أوباما غريبة الأطوار تظهر السوق العالمية من خلال العدسات العسكرية. وقد أدت الغطرسة العسكرية نحو آسيا إلى قطيعة مع باكستان ونظامها العامل في جنوب آسيا.

في النهاية، فإن محاولة إبعاد الصين عن السوق العالمية فشلت، واشنطن ستحاول تخويف شركاءها الآسيويين السابقين، الذين يريدون فقط لعب المباراة الفاصلة للوجود العسكري الأميركي للحصول على الميزة الاقتصادية التكتيكية. من المؤكد أن الولايات المتحدة لا تريد التحريض "للحرب الباردة" وتقسيم وإضعاف الحيوية التجارية والاستثمارية داخل آسيا. وسيكون على أوباما وأتباعه التعلم بسرعة أن القيادات الحالية في آسيا لا تملك حلفاء دائمين بل المصالح تتغلب دائما. في التحليل النهائي، الصين تلعب دورا بارزا في تكوين الاقتصاد العالمي الجديد المرتكز على آسيا.

حان الوقت للتفكير في الأمر، فأوباما يستطيع خفض العجز التجاري الأميركي مع آسيا عن طريق تأجير الأسطول السابع للقيام بدوريات في المضيق، بدلا من إهدار أموال دافعي الضرائب الأميركية ببلطجة نجاح القوى الاقتصادية الآسيوية.

ترجمة :ناديا حمدان      

خاص بالشرق الجديد






التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية
 

المقدمة:
          سورية وخطوات الجامعة العربية لتدويل ازمتها والعقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران الى جانب النقاش الواسع حول تسديد ضربة عسكرية لمنشآتها النووية، شكلت محور اهتمامات مراكز الفكر والابحاث الاميركية الاسبوع الحالي؛ كما تطرق احدها الى المخاوف من الهجمات الالكترونية على مواقع اسرائيلية على الشبكة العالمية. ايضا، كان الاهتمام بنتائج الانتخابات البرلمانية المصرية وتداعياتها المستقبلية على المشهد السياسي برمته.


ملخص مراكز الابحاث

         في الشأن المصري، بذل معهد واشنطن Washington Institute جهودا ملموسة لمعالجة حيثيات الانتخابات المصرية وانعكاساتها على المستقبل السياسي في المنطقة، اذ تناول ما اسماه التحديات الاساسية التي سيواجهها البرلمان بتركيبته الجديدة، وهي: "التدهور الاقتصادي ... والصراع الداخلي بين الاخوان والسلفيين."  وفي بُعد اتفاقية كامب ديفيد والتصريحات المتكررة للاخوان المسلمين عن عزمهم الالتزام بنصوصها وما ترتب عليها من تدابير وتحالفات في الاقليم، حذر المعهد من اتخاذ التحسن الاقتصادي الطفيف في مصر كنقطة انطلاق للهجوم على المعاهدة وربما دفع الاخوان المسلمين انتهاج "موقف يحاكي المطالب الشعبية" بتجميد العمل بالاتفاقية والغائها. وقال "ان استمرار ادارة الرئيس اوباما المضي في حوار الاخوان المسلمين، وتنبيههم الى خطورة هذا المسعى – بالنسبة لمصر والعلاقات الثنائية معها ولاستقرار المنطقة – ينبغي ان يشكل اولوية" في سلم السياسات الاميركية نحو مصر.



         كما تناول معهد بروكينغز Brookings Institution العلاقات المستقبلية مع مصر في ظل صعود الاخوان المسلمين الى مراكز السلطة، قائلا "خلاصة الامر، ما يحدث في مصر حاليا يربك التوقعات ويهوي بفرضيات تأثرها بالاجواء الديموقراطية على انها كانت سابقة لاوانها في افضل الاحوال، وفي اسوأها بانها كانت خاطئة ومضللة كأداة قياس للسياسة الاميركية (والاسرائيلية) المعتمدة. الانتخابات الحرة التي اجريت ادت الى توليد نزعات واقعية (براغماتية) مدهشة في المشهد السياسي المصري. القوى الرئيسة ادركت انها بحاجة لكسب التأييد الاميركي لمساعيها. ففي زمن يشهد تراجعا للنفوذ الاميركي المفترض في الشرق الاوسط، سرعان ما نجد انفسنا امام آفاق اخرى في الديموقراطية المصرية – الاكبر عددا والاقوى عسكريا ونفوذا ثقافيا وأهم حليف جيو-اسراتيجي في العالم العربي."



         وقد اثنى مركز التقدم الاميركي Center for American Progress على الرئيس اوباما لسرعة تجاوبه مع التطورات المتبلورة في مصر العام المنصرم، وقال "بعد انقضاء عام على المرحلة الانتقالية في مصر، افلحت ادارة اوباما في احداث توازن في سياستها للتعامل مع الاوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية المعقدة الناتجة عن مسار التحول الانتقالي." وحثت الادارة على "المحافظة اليقظة لموازنة الاهتمام بمصالحها الامنية الرئيسة مع الاستمرار في بسط نفوذها خلال المرحلة السياسية الانتقالية المستمرة في مصر ... آن الاوان للولايات المتحدة البدء في عملية مراجعة لاستراتيجيتها الشاملة نحو مصر، على غرار ما قامت به ادارة اوباما سابقا في افغانستان في نهاية عام 2009."



         بينما ابدى معهد واشنطن Washington Institute تحفظا واعتراضا على سياسة الرئيس اوباما للتعامل مع مصر، وعبر عن تشاؤمه بالقول "الحقيقة الماثلة بعد انقضاء اثني عشر شهرا تفضي بتقويض الامال والتوقعات الايجابية المعوّل عليها. اذ تتجه مصر نحو نظام ديني متشدد، بدلا من نظام ديموقراطي ليبرالي. فادارة اوباما المربكة عجزت عن اتخاذ اجراءات تحد من الكارثة المرتقبة ... بعد انقضاء عام على الثورة المصرية البطولية، لم تستطع واشنطن تحديد عناصر مرموقة مؤيدة لها في القاهرة، بل حصدت اوجاعا بالمقابل. وعوضا عن التصدي مباشرة لتلك الاوجاع، آثرت ادارة اوباما ولوج المسارات التي تحظى بأقل قدر من المعارضة."



         وفي سياق متصل، حث المعهد المذكور الولايات المتحدة انتهاج سياسة اكثر تشددا نحو الحكومة المصرية الوليدة، قائلا "رسالة واشنطن للزعامة المصرية الجديدة ينبغي ان توضح بأن استمرار الدعم الاميركي – المباشر وغير المباشر – مشروط بالمحافظة على (معاهدة) السلام مع اسرائيل والحفاظ ايضا على صيغة التعددية السياسية وحقوق الاقليات. العلاقة الاميركية مع مصر ينبغي تحديدها وفق ما سيقوم به حكام مصر الجدد نحو القضايا المذكورة، وليس عبر هديل اصوات الناطقين الرسميين الذين يجيدون الانكليزية للصحافيين الاميركيين والديبلوماسيين والسياسيين الزوار."



         وفي الشأن المصري ايضا، حذر مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations التيارات الليبرالية المصرية بأن فشلها القيام بالمهام المنوطة بها، خاصة "طرح بديل ذات مصداقية" للتيارات الاسلامية والمحافظة، سيدفع الولايات المتحدة حينها تحضير نفسها للتعامل مع عدة انماط من الحكم الاسلامي يمتد لعقود قادمة."



         في الشأن السوري، اعربت مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation عن امتعاضها من سياسة الرئيس اوباما نحو سورية متهمة اياها "بالتخلف عن متطلبات الزمن الراهن." واوضحت المؤسسة ان لدى الولايات المتحدة "مصالح حيوية تتمثل في الحد من التهديدات الارهابية التي تستهدف الاميركيين وحلفائهم، واحتواء ايران، وتدعيم الاستقرار الاقليمي ... وينبغي عليها المساعدة في الاطاحة بنظام الاسد الذي رفض بعناد ملحوظ الدعوات للاصلاح والحلول الوسطية السياسية مع المعارضة. يتعين على واشنطن العمل مع الاطراف الاخرى من الحلفاء الاوروبيين وتركيا والدول العربية الصديقة لتصعيد وتيرة العقوبات على نظام دمشق، وتقديم العون ذات الطبيعة الانسانية للمعارضة السورية. لكن ينبغي على واشنطن التحفظ عن القيام بتدخل عسكري مباشر، الذي من شأنه ن يخلق صعوبات اكثر بكثير مما يقدم حلولا." واوضحت المؤسسة انه "يتعين على ادارة اوباما تركيز الجهود لتسريع سقوط نظام الاسد عبر انتهاج وسائل غير عسكرية، لكن دون ان تؤدي الى كبح جهود المعارضة للدفاع عن نفسها ضد نظام مفترس."



          بينما اصدر معهد ابحاث السياسة الخارجية Foreign Policy Research Institute دراسة اوضح فيها طبيعة اللاعبين في الخريطة السياسية السورية وتفنيد الادعاءات والمزاعم الرائجة بشأن مكوناتها وامكانياتها. وجاء في الدراسة انه من الضروري النظر الى المعارضة ليس كجسم موحد متناسق بل كونها تحتوي على عدة توجهات واقطاب ايديولوجية، يتصدرها الاسلاميون والعلمانيون. وطالبت الدراسة النظر الى احتمالات تبلور حركة معارضة تحظى بالقبول والتي ينبغي عليها التوجه لتنظيم قطاعات اخرى من الشعب السوري بالانضواء تحت لوائها، وانتهاج خطاب سياسي جامع واعتماد آلية تنسيق بين مختلف القوى المعارضة في ظل غياب نية التوحيد بينها جميعا.



         وفي ذات السياق، اصدر معهد الشرق الاوسط Middle East Institute دراسة اوضح فيها الخطوات التي يتعين القيام بها واعتمادها كحلول للازمة السورية، منوها الى ان دور الجامعة العربية قد تعرض للنقد الشديد جراء فشلها التوصل الى حل هناك. وقال المعهد "مهمة المراقبين التابعين للجامعة العربية ... قد فشلت فشلا ذريعا وينبغي عدم تمديدها ... يتحتم على الجامعة العربية الاعلان الرسمي بانهاء مهمتها ورفع الأمر (تلقائيا) لمجلس الأمن الدولي ... فمسودة مشروع اي قرار تتبناه الجامعة العربية وترفعة لمجلس الأمن ينبغي، بالطبع، ان يحظى بدعم الصين، والاهم بكثير، من روسيا ايضا ... عدا عن ذلك، فان الامور تنحدر باضطراد نحو هاوية حرب اهلية واسعة النطاق، الامر الذي لا ترغب رؤيته اي من الاطراف المعنية."



         في بُعد جدل المواجهة العسكرية مع ايران، اوضح مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations ابعاد النقاش الدائر في الاوساط الاميركية المتعددة، قائلا "الانقسام يسود اوساط المحللين حيال المسائل الاساسية بحقيقة اقتراب ايران من صنع قنبلة نووية او مجرد اتخاذها قرار للقيام بذلك ... ينبغي على ايران الموافقة مسبقا التعهد وعدم القيام بتخزين اليورانيوم المخصب بنسب 3.5% او 20% بعد الآن، كذلك الاقلاع عن زيادة اجهزة الطرد المركزية القائمة حاليا من اجل عدم المضي بتصعيد العقوبات ضدها او الاستمرار باغتيال الكفاءات العلمية (مع العلم ان واشنطن تنصلت من اي دور في المشاركة بعمليات القتل)، وعدم المضي ايضا بتخصيب اليورانيوم الى نسبة 20% بعد الآن مقابل الحصول على وقود نووي لمفاعلها بغرض الابحاث العلمية."



         في الشأن الفلسطيني، اعرب معهد بروكينغز Brookings Institute عن اعتقاده بفشل جولة المحادثات الفلسطينية مع الاسرائيليين حول مسائل الأمن والحدود المشتركة. وحث المعهد الادارة الاميركية "تجنب مواجهة ديبلوماسية جديدة ... وان المزيد من مساعي التدخل الاميركي لن توقف سعي الفلسطينيين للحصول على دولة. على العكس، فمن شأنها ارهاق القدرات الديبلوماسية الاميركية، واستنفاذ واشنطن لنفوذها السياسي والاسراع في هبوط وتدني الهيبة الاميركية في مجمل الشرق الاوسط." ونبه المعهد صناع القرار الاميركي الى "ادراك حقيقة ان مزايا (حق النقض) في مجلس الامن تنطوي على مسؤوليات عدة ايضا ... فالافراط باستخدام حق النقض ينطوي عليه تكلفة عالية فيما يخص مصداقية الولايات المتحدة وقدرة هيئة الامم المتحدة التعامل" مع القضايا الساخنة.



         وانفرد المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي JINSA في التطرق للحرب الالكترونية الدائرة " التي تحمل في طياتها احداث اضرار حقيقية في المستقبل" لعمل الاجهزة الأمنية بصورة خاصة، وذلك في اعقاب تعرض عدد من المواقع الاسرائيلية الى هجمات الكترونية شلت فعاليتها لفترة زمنية قصيرة. وحذر بالقول "الزمن الراهن هو الامثل بالنسبة لاسرائيل لتعزيز دفاعاتها الالكترونية ... اذ من شأن هجوم الكتروني مدعوم من اجهزة مركزية في دولة مثل ايران ان يشكل تهديدا حقيقيا لأمن اسرائيل الوطني.


لتقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الأميركية
 
                                   


 


المقدمة:

تصدرت توترات الوضع الميداني في الخليج العربي، ومضيق هرمز تحديدا، اهتمامات مراكز الفكر والابحاث الاميركية، بالرغم من العطلة الرسمية احتفالا بعيد ميلاد زعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ.

وتنوعت الاهتمامات على افاق الخيارات المتعددة المتاحة للولايات المتحدة، وتصاعد لغة التهديد في الخطاب السياسي الاسرائيلي وما يفسره البعض جنح الصين للابتعاد عن المواقف السياسية الايرانية على الرغم من العلاقة الاقتصادية الوثيقة التي تربط بينهما.

ومن ضمن المواضيع الاخرى ذات الاهتمام كان الجدل المرافق لمشروع قانون حماية القرصنة الذي يقوّض في الواقع الحريات الفردية المنصوص عليها دستوريا، والاجراءات التي اتخذتها كبريات شركات الشبكة العالمية لوقف خدماتها الالكترونية ليوم واحد احتجاجا على نص المشروع الذي رأوا فيه اجراء خفيا لتركيز النفوذ الاحتكاري في مجالات الاعلام والمعرفة المتعددة، في قبضة شركات صناعة السينما والفنون. وادى اجراء الاغلاق الالكتروني الى تجديد النقاش حول صلاحية الكونغرس المضي بتشريع يقوّض حرية الفكر والابداع لصالح مجموعة قليلة من اصحاب رؤوس الاموال الكبرى.

وفيما يخص المسائل الهامة للوطن العربي، تنوعت الاهتمامات بين تحذير الولايات المتحدة السعي لفرض نظام قاس على الحكومة المصرية في مرحلة ما بعد مبارك؛ الى اتهام الجامعة العربية لبؤس ادائها وعدم فعالية اجراءاتها حيال سورية ومطالبتها احالة الملف السوري الى المنظمة الاممية. اما زيارة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني لواشنطن فلم تحظى باهتمام اعلامي ذات شأن، واقتصرت التغطية على الايحاء بانه يتعين على الولايات المتحدة ان تقدم مزيدا من الدعم المالي للاردن في ظل مناخ الازمة المالية الاميركية بغية الحفاظ على الاستقرار في المنطقة.



ملخص مراكز الابحاث

                تصدر المعهد اليهودي لشؤون الامن القومي، JINSA، حملة التحريض ضد ايران بالقول "ينبغي على الولايات المتحدة ممارسة ضغوطا على ايران لحثها الامتثال لضوابط القانون الدولي والابقاء على تواجدها ودورها المحوري في منطقة الخليج لحماية حرية الملاحقة التجارية في هذه المنطقة الحيوية من العالم."

                كما تناول المعهد اليهودي قدرة ايران لاغلاق مضيق هرمز بالقول "هل تمتلك ايران القوة النارية المطلوبة لاغلاق مضيق هرمز؟ الجواب المباشر هو بالايجاب، لكن ليس لفترة زمنية قد تطول. على الصعيد العسكري، سلاح البحرية الايراني التقليدي، المخول بالدفاع عن الموانيء والسواحل البحرية، لديه طاقة محدودة لاطلاق  النيران باسلحته الحالية المكونة من قطع بحرية قديمة. بالمقابل، سلاح البحرية التابع للحرس الثوري، مسلح بعدة مئات من الزوارق سريعة الحركة وصواريخ مضادة للسفن مزروعة على طول الشواطيء الساحلية ولديه ترسانة من الالغام البحرية المختلفة، تقدر بنحو 2,000 لغم. من اجل توفير السلامة لعمليات كسح الالغام، ينبغي على القوات الاميركية وحلفائها العمل على تحييد عمل منصات اطلاق الصواريخ المضادة للسفن المنتشرة على طول السواحل البحرية، وعلى الجزر الواقعة تحت السيطرة الايرانية في المضيق، الى جانب تلك القائمة على منصات التنقيب عن النفط. ومن ثم التصدي للزوارق المحملة بالصواريخ وتلك سريعة الحركة والمجهزة لعمليات انتحارية والقضاء عليها عبر شن غارات ارضية وجوية مشتركة بدعم من قوات العمليات الخاصة."

                وشاطره الرأي، بالطبع، معهد واشنطن Washington Institute، في التحذير من مسألة الملف النووي الايراني قائلا "لا يزال يتوفر لدينا الوقت، في البعد التكتيكي والاستراتيجي، للحد من تفاقم الازمة. فمن خلال ممارسة الضغط على النواحي الرخوة المتعددة للجمهورية الاسلامية، باستطاعة الولايات المتحدة وحلفائها اقناع النظام بان كلفة انتاج الاسلحة النووية تفوق مميزات امتلاكها."

                ونظر مركز السياسة الامنية Center for Security Policy الى التحذير الاميركي لاسرائيل بالاقلاع عن نية الهجوم على البنية النووية التحتية لايران، قائلا "في نهاية المطاف، الفارق الاساسي بين الولايات المتحدة واسرائيل يكمن في ان الاسرائيليين قد حددوا "خطوطهم الحمراء" فيما يتعلق بالمشروع النووي الايراني. وتم تخطي احدهم قبل نحو اسبوعين متمثلا باعلان ايران عن بدء جهودها لتخصيب اليورانيوم في مواقع محصنة تحت الارض معززة بدفاعات قوية قرب مدينة قم. حتى منظمة الطاقة الدولية – تحت اشراف ادارتها السابقة، سعت باستمرار لحجب الهدف الحقيقي للاسلحة (النووية) والتطور المستمر لبرنامج ايران النووي – اعتبرت تلك الخطوة نذير شؤم."

                تناول معهد ويلسون Wilson Center مسألة اغتيال العالم الايراني الاسبوع الماضي بالقول "ملخص الأمر ان الامور تتجه نحو التصعيد – ممارسة ضغوط عالية النبرة والتأثير على ايران توازي مرحلة الاعلان عن الحرب ... وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا، بلور الموقف الاميركي بعد طول تردد، بالقول ان ايران لم تتخذ قرارا لتطوير الاسلحة النووية لكنها تراكم القدرة لصنعها حين اتخاذها قرار بذلك ... السياسة الاميركية الحالية تعني ان توجه ايران لمرحلة اعلى لتخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو النووية قد يشكل تخفيفا ولجما للاندفاعة العسكرية الاسرائيلية لشن هجماتها عما كان متوقع قبل ذلك."

                وجاءت ابعاد العلاقة الايرانية السورية من صلب اهتمام مؤسسة ستراتفور، Stratfor، المعنية بالشؤون الاستخبارية والاستراتيجية متناولة الخيارات السياسية المتاحة امام الادارة الاميركية في المنطقة. وقالت " تكمن التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة بان معطيات الوضع الراهن تعمل بتضاد مع المصلحة الاميركية في نهاية المطاف. ان استطاع (الرئيس) الاسد النجاة واستمر الوضع في العراق على ذات المنوال القائم حاليا، حينها سيكون بوسع ايران خلق حقائق جديدة من شأنها تحديد وجهة المنطقة برمتها. فالولايات المتحدة لا تتمتع بقاعدة تحالفية عريضة وفاعلة، وبالتأكيد ليست من النمط الذي يتيح لها حشد الاطراف المتعددة سريعا في حالة نشوب حرب. فاسرائيل هي الحليف الوحيد المعول عليه، التي يعتريها القلق وعدم الاستقرار من مغبة نشوب حرب مباشرة بالتوازي مع قلق الولايات المتحدة التي لا ترغب في رؤية تداعيات هجوم فاشل يؤدي لمزيد من عدم الاستقرار في العالم العربي. وعلى الرغم من تصعيد لهجة خطابها السياسي، فاسرائيل تبدو في موقف ضعيف. والميزة الوحيدة للدور الاميركي هو قوته الاعظم – في المفهوم النسبي للامور ... بالنسبة للولايات المتحدة، مهمتها الرئيسة تكمن في كبح التمدد والنفوذ الايراني."

                بينما ابدى المجلس الاميركي للسياسة الخارجية American Foreign Policy Council ترحيبا لولوج الصين نمطا جديدا في العلاقات الاقتصادية يخفف من اعتمادها الدائم على النفط الايراني. وقال "شهدت الواردات النفطية للصين من ايران انخفاضا بنحو 285,000 برميل للشهر الجاري، الذي يمثل زهاء اكثر من النصف بقليل من مجموع الاستيرادات النفطية الصينية من ايران ... اذ اعرب المسؤولون الصينيون عن قناعتهم بان وتيرة التخفيض ستستمر لشهر شباط / فبراير المقبل وربما لما بعد ذلك التاريخ." وحث المجلس الولايات المتحدة واوروبا تقديم كل ما يلزم من دعم "لسعي الصين الثابت في تنويع مصادر الواردات النفطية ..."

                اما معهد بروكينغز Brookings Institution فقد تناول مسألة التوتر مع ايران بالتساؤل عما اذ كان باستطاعة اسرائيل تقديم الدعم لجهود وقف ايران عن امتلاك التقنية النووية بالوسائل السلمية. وقال "نظرا للاعتقاد الشائع عند الاسرائيليين بان ايران عازمة المضي لاقتناء الاسلحة النووية وبروز عدد من الخبراء الامنيين في شن حملة تبغي مراجعة السياسة الحالية، تبرز الآن فرصة لبدء حوار جاد حول الخيارات الحقيقية: استمرار الاعتماد على نمط الحرب الباردة سيؤدي الى "تدمير شامل مؤكد" للطرفين في اللحظة التي تصل فيها ايران الى تطوير الاسلحة النووية، او الدفع باتجاه التوصل الى منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط، بما ينطوي عليه من امكانية عدم المضي في تطوير القتبلة النووية من الجانب الايراني – والعربي ايضا."

                وادى تصاعد الاعمال العسكرية في افغانستان الى لفت انتباه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية  CSIS لمشاعر القلق المتنامية لعدم الاستقرار هناك. وقال "ان اكثر الاحتمالات ترجيحا لفترة ما بعد عام 2014 (موعد انسحاب قوات الاطلسي) هي نشوء وضع تصبح بموجبه السيطرة الميدانية بايدي قوات المتمردين والذين ينشطون في بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة الباشتون، بينما تقع المناطق الاخرى تحت سيطرة فئات منضوية في التحالف الشمالي للباشتون. ومن المرجح ايضا ان تلجأ الاقليات الاثنية الافغانية الاخرى الى اعلان صيغة تحالف شبيهة بصيغة تحالف الشمال، بينما يسمح للحكومة المركزية في كابول بممارسة سلطات محدودة او التحول الى طرف اساسي يلعب دورا محددا في الصراع الاهلي. اما في حالة الباكستان فمن المرجح ان تنزلق نحو نموذج لنظام فاشل لحين التلويح بانقلاب او الدخول في ازمة سياسية ينشأ عنها بروز قيادة جديدة تستجيب للتحديات الراهنة في البلاد بدل تركيز جهودها على تعزيز قوتها الذاتية، واستمرارها بحالة انكار الازمة حينما تجد سبيلا لذلك، وتصدير اللوم للآخرين حينما يصب في مصلحتها ... فالازمات التي تواجهها الباكستان تتجاوز نطاق الحرب الدائرة في افغانستان ولم يبرز بعد اي طرف او تيار استطاع طرح برنامج واعد لاصلاحات لن تأتي الا من الداخل."

                كما تناول مركز الدراسات المذكور الاسباب التي دعت الى التفاوض مع طالبان، بالقول "كُتب على الشعب الافغاني التعايش مع حالة حرب دامت نحو 30 عاما ونيف وهو بحاجة ماسة الى احلال السلام. هناك بعض القيود المفروضة على بقاء التواجد الاميركي والحلفاء، اذ تواجه الحكومتين الباكستانية والافغانية تحديا مشتركا لمرحلة انتقالية ناجحة، كما ان هناك مؤشرات تدل على ضيق ذرع طالبان وبعض القوى الاخرى من المتمردين كبدتهم خسائر عالية، لديها النية لعقد مساومات لانهاء الوضع الحالي. لن يكون بوسع اي طرف على انفراد تحقيق كل ما يبغيه من هذه الحرب، بل هناك فرصة حقيقية للتوصل الى السلام ... فهذه الحرب لا يمكن تحقيق اهدافها بالوسائل العسكرية حصرا، لكن بالامكان خسارتها كليا نتيجة نهج تفاوضي او التوصل لاتفاق خاطيء ."

                العلاقات الاميركية مع مصر جاءت في صلب اهتمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS لناحية الخيارات المتاحة لاميركا هناك. ونظم المركز حلقة نقاش مغلقة لنحو 15 شخصا من كبار الخبراء الاميركيين في السياسة المصرية عقدت في نهاية العام المنصرم. اذ اجمع الخبراء في تقريرهم على ان السياسة الاميركية حيال مصر ينبغي ان تراعي نسق "الرمزية بالترافق مع الفعالية" في سعيها لتحفيز مزيد من التغييرات. حث التقرير الساسة الاميركيين انتهاج نظرة الشمولية للتغييرات التي تموج بها مصر، وحذر من نزعة الانزلاق نحو تصرف يفرض على مصر المفاضلة في سياسات الحكومة، مطالبا الاستثمار في المساعي الديموقراطية، سياسيا، والابقاء على العلاقة الراهنة مع المؤسسة العسكرية المصرية، وتنمية مجالات التبادل التجاري والتدريب المهني وقطاع التربية والتعليم.

                في الشأن الفلسطيني، تناول معهد كارنيغي Carnegie Endowment تداعيات نجاح التيارات الاسلامية ووصولها الى السلطة لمناقشة امكانية "تخفيف حدة الخطاب السياسي لحركة حماس." وقال "النجاحات الملموسة للحظة في مسألة المصالحة الفلسطينية تبدو هزيلة حقا، الا ان لهجة الخطاب السياسي الفلسطيني قد تطورت بصورة ملحوظة – على الرغم من تأرجحها اليومي بين صيغة التهدئة وولوج الوحدة الى تبادل الاتهامات الغاضبة لازدواجية المعايير. ومهما كانت نتيجة هذ الحملة جراء التوجهات للوحدة الوطنية، فان اجواء المصالحة الناتجة عنها لن تغلق ابوابها في القريب العاجل نظرا لان الخيارات الاخرى (استمرارية مسار حل الدولتين بالنسبة لحركة فتح ونهج "المقاومة" والتخندق في قطاع غزة بالنسبة لحماس) قد استنفذت زخمها في الوقت الراهن."

                                وفي سياق متصل، تناول معهد كارنيغي الازمة في سورية من زاوية رد الجامعة العربية على اساليب الحكومة السورية لمعالجة الازمة. وقال على لسان نائب رئيس المعهد لقسم الدراسات، مروان المعشر، "منذ زمن طويل اعتبر دور الجامعة العربية قليل الفعالية، مما ادى لتهميش دورها على المسرح الدولي ... الذي لم يكن بوسعه التحرك نحو ليبيا دون الاستناد الى (غطاء) الجامعة العربية، والذي لن يكون بوسعه ايضا التحرك (التدخل) في سورية دون استخدام الغطاء عينه ... (وحذر المعشر) ان لم تستطع الجامعة العربية التحرك بقوة، ستضطر حينها لمواجهة حقائق غير مريحة نتيجة فشلها ومن ثم تحويل الامر برمته الى المجتمع الدولي مرة اخرى ... اذ اثبتت التجربة في كل من ليبيا وسورية ان هناك حدودا لما يمكن للمجتمع الدولي المضي به منفردا دون الحصول على اجماع عربي لذلك. لقد حان الاوان لبناء جامعة عربية ذات نفوذ، باستطاعتها انتهاز الفرصة المتاحة في ظل اجواء الصحوة العربية."

                في المقابل، انتهج معهد بروكينغز Brookings Institute منحى مغايرا تماما لنظيره كارنيغي ومتشائما لمسألة دور الجامعة العربية المعول عليه كاداة حافزة للتغيير في سورية، مطالبا المجتمع الدولي بتوازناته الراهنة اهمال الجامعة والتحرك سريعا لتحقيق اهدافه. وقال "على الرغم من اهمية فتح كوّة في سورية تتيح فرصة لمساعي التدقيق الدولية التي طالبت بها مختلف الهيئات الدولية لحقوق الانسان واجهزة الاعلام، اضحى من الواضح ان تلك المهمة لن يكون بوسعها تحقيق ذلك بالمطلق. بالمقابل، نجحت المهمة الملقاة في شلّ حركة الجامعة العربية. ينبغي على الجامعة الان الاقرار بفشل مهمتها، وتصدير الأمر لمجلس الأمن الدولي."

                وحول نتائج زيارة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الرسمية لواشنطن، التي تجاهلتها مختلف وسائل الاعلام الاميركية، اعرب معهد واشنطن Washington Institute عن اعتقاده بان الاردن سيسعى للحصول على مساعدات مالية اضافية من الولايات المتحدة، "تفوق المستويات الراهنة للمساعدة الاقتصادية المقررة بمبلغ 360 مليون دولار ونحو 300 مليون دولار للمساعدات العسكرية التي يتسلمها الاردن سنويا. وبالنظر الى المناخات السياسية الاميركية السائدة، فمثل هكذا طلب سيكون غير مستساغ ولن يلقى استحسانا." وحث المعهد الادارة الاميركية على بذل جهودها لتعزيز الدعم للعاهل الاردني من مصادر مالية اخرى في المنطقة، منوها الى تداعيات قاسية "حين تتأمل الادارة الاميركية رؤية شرق اوسط خالٍ من عاهل الاردن الملك عبد الله – وربما يستبدل بفرع مؤيد لحماس من الاخوان المسلمين المتنفذين راهنا في عمان – ستجد ان البحث عن مصادر مالية جديدة جدير بالاهتمام."

                بينما حث المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي JINSA  الادارة الاميركية توخي الحذر والمفاضلة بين المجموعات التي تراها جديرة بالتمويل والدعم في منطقة الشرق الاوسط، استنادا الى التجارب السابقة التي اثبتت قصر نظر سياسي اميركي مدمر على المدى الطويل. وقال "ينبغي على واشنطن ان تختار بين سعي الانظمة الراهنة التي تدعمها ماليا وعسكريا ان كانت ماضية في توفير الحماية للمصالح الاميركية في المنطقة ام مناهضتها ... في العام الجاري 2012، ينبغي على الولايات المتحدة الاستثمار في الانظمة الموالية لها ووقف مساعداتها العسكرية للانظمة التي لا تخدم المصالح الاميركية على المدى الطويل."

                وفي ذات السياق، لفت معهد كارنيغي الانظار الى تناقضات ونفاق السياسة الخارجية للادارة الاميركية، لا سيما لناحية "تخفيف الاهتمام ورعاية مسائل الديموقراطية وحقوق الانسان في عدد من الدول الغير ديموقراطية حفاظا على مصالح اخرى. النهج الغير متناسق عينه يشكل نموذجا مألوفا وليس تغييرا في السياسة الاميركية" الخارجية.

                وفي المسائل الاميركية الداخلية، تجدر الاشارة الى الجدل الصاخب والاستقطابات الحادة التي رافقت مشروع قرار تدعمه بقوة الادارة الاميركي عنوانه "الحد من القرصنة،" لكن حقيقته التأسيس لتقويض حرية الرأي في الفضاء الالكتروني وتركيز المعرفة في المجالات الفكرية والابداعية والفنية في حفنة من احتكارات شركات قطاع السينما والترفيه. وتجلت تداعياته شروع كبرى شركات الفضاء الالكتروني باغلاق مواقعها ليوم واحد احتجاجا على مشروع القانون، مما دفع المشرّعين والادارة الاميركية معا الى التلويح بخطوة تراجعية، ولو مؤقتا، امتثالا لرغبة قطاعات واسعة ومؤثرة في المجتمع الاميركي خاصة في ظل اجواء الانتخابات الرئاسية الراهنة.

مركز الدراسات الأميركية والعربية


التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الأميركية

المقدمة:
تزامن انطلاق حملة الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري مع تصاعد حدة التوتر باضطراد وامكانية المواجهة العسكرية في منطقة الخليج العربي، وطغت على غيرها من القضايا الهامة لمراكز الفكر والابحاث الاميركية والتي كان في صدارتها اعلان الرئيس اوباما عن الاستراتيجية العسكرية الاميركية الجديدة في اعقاب الاعلان عن تخفيض مستويات الانفاق العسكري، لا سيما وان لهجة التصعيد المشتركة التي وصلت الى مستويات قياسية بين ايران والولايات المتحدة تنبيء بالصدام المسلح في منطقة الخليج ومضيق هرمز. وفي ظل هذه الاجواء المشحونة فإن بعض الساسة الاميركيين ومن لهم دور في صنع القرار السياسي ايضا اعرب عن امتعاضه وقلقه من سياسة اوباما الحالية نحو ايران واتهامه بالتراخي وعدم الحسم، مؤكدين ان ادارته تفتقر الى استراتيجية محددة وواضحة، مما يعزز الاعتقاد بأن توجهات اوباما اصبحت جزء من التحديات المطروحة بحد ذاتها.

وجاء في الاستراتيجية الدفاعية المعلنة ان وزارة الدفاع الاميركية عقدت العزم على تعزيز رقعة انتشارها العسكرية في المياه الاسيوية للمحيط الهاديء وتخصيص الموارد اللازمة لتطبيق ذلك، فقد حث البعض المطالبة بضرورة النظر بالاثار والانعكاسات المستقبلية التي ستتركها الاستراتيجية على مجمل السياسة الخارجية.

وساهمت مراكز الفكر والابحاث في رصد وتغطية شاملة للنجاحات الانتخابية التي حققتها الاحزاب الاسلامية المختلفة في مصر، لا سيما لناحية تأثير سياساتها المستقبلية المنظورة على وضع الاقليات والتيارات القومية العلمانية التي يعود لها الدور الاساسي في اطلاق الثورة وصاحبة الحشد الجماهيري، لكن تمثيلها في التشكيلة الحكومية المقبلة يبدو امر بعيد المنال.

            تصدر مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations النقاش بالتركيز على الخيارات السياسية المتاحة امام الادارة في ظل اجواء التصعيد الاعلامي وتجاسر ايران على تحريك قواتها العسكرية. وقال  "على الرغم من التأثير الكبير للعقوبات على الاقتصاد الايراني فقد اخفقت في حمل ايران على تغيير استراتيجيتها النووية. واوضحت (خبيرة المعهد بالشوون الايرانية) سوزان مالوني ان للعقوبات الاميركية تأثير عكسي، اذ "كلما صعدت واشنطن اجراءاتها لحشر طهران تتزايد (قناعتها) بأهمية الحصول على قوة ردع نووية لدى القيادة هناك." ونقل المجلس على لسان (استاذ السياسة الدولية في كلية الحقوق لجامعة طافتس) دانيال دريزنر قوله ان "الباعث الحقيقي لسياسة العقوبات هو خلق الاجواء المناسبة لعملية تغيير النظام، لكنه اعرب عن شكوكه في امكانية تحقيق ذلك." وعلقت (مدير قسم الشرق الاوسط) في معهد ويلسون هاليه اسفاندياري على نتائج المقاطعة المزدوجة على الاقتصاد والشعب الايراني بالقول "ان اتيحت الفرصة لآية الله خامنئي غض الطرف لبرهة فذلك يعود لعوامل ضغط داخلية تولدت نتيجة للضغوط الخارجية واجراءات المقاطعة."

            بما ان اسفندياري تعلق آمالا كبيرة على سياسة المقاطعة، يلج معهد المشروع الاميركي  American Enterprise Institute  منحىً مغايرا. فالدراسات الصادرة باسم المعهد مبنية على فرضية تفيد بان المسألة هي مسألة وقت للتهديد الايراني ان يؤتي أكله، مناشدا التوصل السريع لاتخاذ قرار بالعمل لكبح بروز ايران المسلحة نوويا. وقال "التهديد الايراني سيء بما فيه الكفاية. عندما تستطيع ايران تعزيزه بخطوات عملية، فان المصالح الاميركية ستكون معرضة للخطر حقا. والسؤال (للرئيس) اوباما و(الزعماء) الجمهوريين الساعين للحلول مكانه هو مدى قدرة الولايات المتحدة على استيعاب التحدي الايراني الذي سينمو بصورة هندسية عندما تنجز ايران برنامجها النووي."

            اما مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية CSIS فقد تناول تهديد ايران باغلاق مضيق هرمز. وقال "مفعول الاغلاق سيعرض الاقتصاد الايراني لضرر اكبر من مردود الاغلاق. صدرت مؤخرا جملة تصريحات ايرانية متناقضة تشير الى تصدع في طور التكوين ربما في مواقف القيادة، جنبا الى جنب مع فقدان السلطة القدرة على اتخاذ قرارات مركزية. وفي الجانب المضيء من المسألة، قد يؤدي هذا الخلاف الى فتح قناة للمفاوضات، مع العلم ان الامر غير وارد لاقدام اي مسؤول في موقع القرار للموافقة على "مبادلة" خيار بلده بتطوير صناعة الطاقة النووية للاغراض المدنية.  وعليه، فالدول المدفوعة نحو الهاوية قد تقدم على سلوك متهور لا يمكن التنبؤ به، حتى لو كان لبعض الوقت، فتعطيل الملاحة في الخليج سيؤدي الى اضطراب في اسواق النفط دون ادنى شك."

            وفي سياق متصل، شن معهد المشروع الاميركي AEI حملة انتقد فيها "افتقار الرئيس المستمر لتزعم اجراءات الرد على قرع ايران طبول الحرب ... اذ كشفت المهارة الايرانية في الرد على سذاجة الغرب خلال عقد من الزمن عن مكمن الخلل في مجمل التوجه نحو فرض العقوبات، خاصة (سذاجة الرئيس) اوباما. اذ كان من المفترض ان تؤدي العقوبات الاقتصادية  ارغام ايران للتخلي عن برنامجها لتطوير الاسلحة النووية، لكن الهدف الراهن للرئيس من تثبيت العقوبات هو ببساطة حمل ايران للعودة الى طاولة المفاوضات." ويعلل المعهد رؤيته المختلفة بالعودة الى الفكرة القائلة بان "هناك بعض التقدم الملموس في االاجراءات الداعية لتسوية طموحات ايران النووية." ووصف المعهد الاساليب الايرانية المتبعة بانها مصدر قلق وتوصية الرئيس القادم "في حال رغب اوباما – او من سيخلفه – في حماية ارواح الاميركيين والحفاظ على السلام، فالسياسة المفضل اتباعها قد تقتضي توجيه خطاب واضح يحدد الخطوط الحمراء ومن ثم اللجوء الى استخدام القوة لفرض الامر. فسلاح البحرية الاميركي، على سبيل المثال، قد يعلن عن انشاء منطقة محظورة لدائرة يصل قطرها الى ميل واحد للاحاطة بكل سفينة اميركية" وحمايتها اثناء رحلتها البحرية.

            وانضمت مؤسسة راند RAND Corporation  بالغة التأثير على صناع القرار السياسي الى حملة مطالبة ادارة الرئيس اوباما اتخاذ اجراءات نشطة ومتينة ضد ايران. وقالت "النظام الايراني بحاجة الى من يقنعه بأنه قد يجد نفسه معزول اكثر مما هو عليه الآن، وسيتعرض لتشديد العقوبات عليه ومواجهتة اضطرابات داخلية ان قرر المضي باختبار ونشر الاسلحة النووية. لكن اجراء احادي الجانب من قبل الولايات المتحدة او اسرائيل لن يؤدي الى هذه النتيجة. بل في العمل على تشكيل جبهة عالمية موحده، مدعومة باجراءات مقاطعة اشد وطأة، والايحاء باتخاذ مزيد من الاجراءات في المستقبل ان قررت ايران تخطي هذه النقلة، وتبني العمل بها كحزمة قرارات مجتمعة هو الاسلوب الوحيد لحث النظام اعادة النظر في حساباته قبل الاقدام على اية خطوات."

            في سياق الاهتمام بتصاعد حدة التوتر مع ايران، جنحت بعض مراكز الفكر والابحاث الاميركية الاخرى الى مناقشة التحول في اولويات وزارة الدفاع (البنتاغون) بالاتجاه شرقا نحو منطقة آسيا المطلة على المحيط الهاديء. اذ قال موقع السياسة الخارجية على شبكة الانترنت ForeignPolicy.com ان "الصين تستغل الوجود الضئيل للولايات المتحدة في المنطقة لصالحها. وان اي قصور للمعالجة المباشرة للاختلال في ميزان القوى، مصحوب بتخفيض عديد القوة العسكرية الاميركية والتي تفوق مستوياتها عن ما تراه البنتاغون ضروري "سيعجل في البروز النسبي للصين" ."

            قد يبدو اجراء تعزيز التواجد الاميركي في آسيا أمر منطقي، واستنادا الى فريق المتشككين في مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations فهم يرون "الخطوة الاميركية نحو آسيا بانها قد تعزز مخاوف الصين وشعورها بالمحاصرة وتدفعها باتجاه المزيد من التصعيد العسكري في منطقة غير مستقرة أصلا." وبالتوازي مع ذلك، اعرب مشروع الأمن الاميركي American Security Project عن اعتقاده "استبعاد احتمال المواجهة المباشرة مع الصين، استنادا الى فرضية ان احد الاطراف يشكل تهديدا لا مفر منه ومخاطر تحقيق نبوءاته الذاتية."

            كما تناولت مؤسسة هاريتاج  Heritage Foundationمحور الاستراتيجية العسكرية الاميركية الجديدة نحو منطقة شرقي آسيا. واعربت عن شكوكها بجدية هذا المحور، قائلة "تعهد الرئيس اوباما خلال زيارته لاستراليا ان الولايات المتحدة "ستقدم على اتخاذ اجراءات لتعزيز تواجدنا في آسيا المطلة على المحيط الهاديء، وان تحقيق تخفيض الانفاق المقرر في الميزانية لن يأتي على حساب (مصالحنا) في تلك المنطقة الحيوية." كما تعهد وزير الدفاع ليون بانيتا بان الولايات المتحدة عازمة على "تنمية وزيادة ثقلها المؤسساتي وتركيز الجهود لتعزيز تواجدها، وابراز القوة (العسكرية)، والقدرة على الردع في آسيا المطلة على المحيط الهاديء." ولكن، عدى عن اطلاق الوعد بزيادة التدريبات التناوبية لقوات المارينز الاميركية وسلاح الجو في استراليا، لم تقدم الادارة على توضيح نواياها لتبني زيادات دائمة للقوات العسكرية الاميركية في آسيا. وبعيدا عن الانظار، يعرب المسؤولون الاميركيون عن نيتهم لتلك القوات كي تصبح "مدعومة على المستوى العالمي" وليس بصيغة اعادة انتشار القوات المتواجدة في (جزر) اوكيناوا، كما يشاع.

            كما حذر مركز السياسة الأمنية Center for Security Policy من التخفيضات المقررة في ميزانية الدفاع، وقال "هذا البعد الكارثي المحتمل من برنامج اوباما لنزع السلاح من طرف واحد يفاقم ظاهرة اخرى: ما يساور الرئيس من تزايد مدى خصومته باتجاه برامج الدفاع الصاروخي التي من شأنها تخفيف حدة التهديد الآتي من الصواريخ الباليستية المنتشرة في بعض الدول – بل تتوفر لدى مجموعات ارهابية مثل حزب الله – المعادية بشدة لهذا البلد ولاصدقائنا ايضا. والاسوأ من ذلك ما يجري تداوله حول عزم الادارة الضرب بعرض الحائط لنصوص القوانين التي تحدد آليات المشاركة في المعلومات المتعلقة بالدفاع الصاروخي وتقنيتها مع الجانب الروسي. وفي هذا الحال، فان الفريق المحيط باوباما سيقدم بصورة شبه مؤكدة المساومة على ما تبقى لنا من توفير قدرات دفاعية ضد الصواريخ الحاملة للطيف الكهرو-مغناطيسي واسلحة دمار شامل اخرى."

            وحظيت سياسات اوباما في مجال خفض التسلح على دعم مركز للابحاث تابع للمحافظين المتشددين، اميركيون من اجل الازدهار Americans for Prosperity، الذي نعت الخطوة بأنها "تنهي عصر عقد من الحرب،" اضافة الى اعلان دعمه التام للاستراتيجية الدفاعية المعلن عنها. واشاد المركز بنية اوباما تركيز الجهود على نطاق الفضاء الالكتروني، "وهو مجال بذلت ادارة اوباما فيه جهود ضئيلة نسبيا، على الرغم من ادعاءاتها بعكس ذلك ... ان استراتيجية التعهد باستثمار جديد في جهود الدفاع ضد التسللات المعادية والهجمات الالكترونية جيدة وخالية من اي التباس."

            واشاد معهد واشنطن Washington Institute بالخطوط العامة لاستراتيجية الدفاع الجديدة بالقول انها أتت "مدروسة ومحاولة ضرورية للتأقلم مع حقائق الجغرافيا السياسية والمالية الجديدة." فالخطة ترمي الى نزع محور الاهتمام من الشرق الاوسط ونقله لآسيا. وعلى الرغم من الاشادة بالخطة المعلنة، اعرب المعهد عن قلقه بأن الشرق الاوسط يسوده مستوى من عدم الاستقرار اعلى من المستويات السابقة وبأن الولايات المتحدة تواجه حزمة من التحديات التي ستدفع بها للابقاء على تواجد كثيف في العالم العربي. وقال مدير الدراسات العسكرية والامنية في المعهد، مايكل ايزنستات، انه عبر فصول التاريخ الحديث دفعت الازمات السياسية التي عصفت بالشرق الاوسط الرؤساء الاميركيين المولعين ببسط النفوذ على مناطق اخرى من العالم، دفعت بهم الى البقاء في الشرق الاوسط لحماية المصالح الاستراتيجية الحيوية. وتطرق ايزنستات الى بعض السيناريوات المستقبلية المحتملة والتي قد تبطيء درجة اهتمام الولايات المتحدة لتحريك قواتها ومواردها وتوجيهها شرقا نحو آسيا. وقال ان الولايات المتحدة تمضي قدما وهي "تعاني من تضاؤل مصداقيتها في المنطقة، مما سيمنعها من المضي قدما لتحقيق سياساتها الجديدة. واضاف "في منطقة آسيا المطلة على المحيط الهاديء، تدنو فرصة بناء منطقة مزدهرة. لكن في الشرق الاوسط، بكل أسف، تلقي جملة من المهام الغير مكتملة بثقلها على الولايات المتحدة وقواتها العسكرية."

            وفي السياق عينه، تناول مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS مسألة افول عصر التفوق الاميركي، وقال "الكيفية التي ستتعامل بها الولايات المتحدة مع هذه القوة سترسم ملامح مستقبل آيل للتدهور او لكي تستعيد بريقها. هناك مسار سيؤدي بالولايات المتحدة الى التماثل مع وضع الامبراطورية العثمانية او الروسية في نهاية القرن التاسع عشر، اذ تميزت مجتمعاتها بادراك حجم الصعاب التي تواجهها، وعلى علم بالحلول المطلوب اتخاذها، لكنها فقدت عزمها السياسي لتطبيق كل ذلك. والمسار الآخر هو تكرار تجربة ما بعد (الحرب) الفيتنامية، حيث شارف الركود الاقتصادي والصراع السياسي على نهايته في اللحظة التي استطاعت اميركا "اعادة ترتيب اولويات" مناخها السياسي وسياساتها المتبعة. فالتحديات الكبرى التي تواجه القوة الاميركية لها عوامل داخلية، ومحور التساؤل هو هل ان تلك التحديات مؤقتة ام هي اعراض لاوضاع كبرى ودائمة للشعور بالضعف. (تجربة) العراق سارعت في تبلور تيارات غير مؤاتية، والنهج السياسي القديم لن يفلح في التعامل معها بفعالية. هل سيكون باستطاعتنا التحول الى نمط جديد؟"

            وفي مسألة نشر الديموقراطية في الشرق الاوسط، اصدر معهد هدسون Hudson Institute دراسة حدد فيها المجالات المركزية ذات الاهتمام وتمتلك قدرة على ترطيب "الشعور بالتفاؤل الذي هيمن على خطاب الربيع العربي." وحذرت الدراسة من صعود المجموعات الاسلامية للسلطة معربة عن اعتقاد المعهد بان بروزها سيؤدي الى نتائج مدمرة للاقليات الدينية في المنطقة ويسهم في تصاعد موجة نزوح التجمعات المسيحية القديمة الى خارج المنطقة. "التجربة الديموقراطية" للربيع العربي تثبت بانها ستفشل فشلا ذريعا ومطلقا ان اسثنت الاقليات الدينية في المنطقة او مجرد التخلي عن تقديم الحماية لها: مسيحيو الشرق الاوسط بحاجة الى وطنهم في الشرق الاوسط، والشرق الاوسط بحاجة الى مسيحيي الشرق."

            بينما تناول المجلس الاميركي للسياسة الخارجية American Foreign Policy Council قدرة واشنطن وحاجتها للدفع بمفاهيم الحرية والديموقراطية في الشرق الاوسط في ظل سياق الانتصارات الاخيرة للحركات الاسلامية في مصر واليمن وليبيا والتي ينظر اليها كبؤرة تهدد المصالح الاميركية "في المديين القريب والبعيد." ومع قرب الانتهاء من جولة الانتخابات النهائية فان حزب الحرية والعدالة التابع للاخوان المسلمين سيحظى باغلبية المقاعد في البرلمان. وعبّر المجلس عن مخاوفه بالقول "بما ان حزب الحرية والعدالة  عزز قوته البرلمانية عبر الانتخابات، لا ينبغي خداع صناع القرار السياسي واطمئنانهم الى ان المجموعة ملتزمة بالمباديء الديموقراطية او بالتوجه نحو الاعتدال في مواقفها. ولهذا السبب، يتعين على واشنطن تسخير حركة انفتاحها الاخيرة على زعماء الاخوان لايصال رسالة مفادها ان مستقبل العلاقات الاميركية-المصرية يعتمد على طبيعة النهج الذي ستسلكه المجموعة حيال ثلاث قضايا تجسد المصالح الاساسية الاميركية... معاملة الاقليات الدينية، معاهدة السلام المصرية مع اسرائيل، ومكافحة الارهاب."

            تدهورت العلاقات الاميركية الباكستانية الى مستويات متدنية اثر غارة شنتها حديثا قوات حلف الناتو اسفرت عن مقتل 24 جنديا باكستانيا، الامر الذي اجج مشاعر الرفض الشعبي المتنامي اصلا ضد نشاطات القوات الغربية على الاراضي الباكستانية مما كبدها خسائر متزايدة في ارواح مواطنيها وقواتها العسكرية. وحذرت دراسة صادرة عن مركز ويلسون الفكري Wilson Center المحافظ من نزعة تجاهل دور حليف مثل الباكستان لا سيما وان استقرار الاوضاع فيه تصب في صلب المصالح الحيوية الاميركية على المدى البعيد. ومما جاء في الدراسة ان التقدم "بمشروع دعم اميركي لباكستان ذو طبيعة انسانية سيخدم المصالح الاميركية الحيوية ... ينبغي حث الكونغرس بمجلسيه بعدم خلط المساعدات المقدمة للجيش الباكستاني ذات الطبيعة الأمنية بالمساعدات الاقتصادية الهادفة لتدعيم الحكومة المدنية في جهودها للتغلب على النقص في المجالات الغذائية والصحية والطاقة هناك؛ وتهيئة الارضية لنجاح النموذج الباكستاني عبر طريق الشراكة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة."

مركز الدراسات الاميركية والعربية


التقرير الأسبوعي امراكز الدراسات الأميركية
 
المقدمة:

التصريحات الايرانية والخطوات التي اقدمت عليها طهران موضحة نيتها باغلاق مضيق هرمز ان تعرضت مصالحها للخطر تصدرت اهتمامات مراكز الفكر والابحاث الاميركية، رغم انشغالها باعياد السنة الجديدة، مع تصاعد نبرة الخطاب الاميركي في وسائل الاعلام كافة تحضيرا لاحتمالات مواجهة عسكرية. يسود اجماع بينها مفاده ان باستطاعة ايران مضايقة حركة الملاحة والتجارة الدولية في الخليج العربي، لكن من المتعذر عليها اغلاق المضيق نظرا للتواجد الضخم لاسلحة البحرية الغربية المختلفة هناك.

ملخص مراكز الابحاث

ابرز مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS ما اسماه التهديد الايراني باغلاق الخليج، منوها بأن ايران لن يكون بوسعها يقينا اغلاق المضيق، "فسوق الطاقة العالمي مرهون بحركة نقل ثابتة. انسداد عنق الزجاجة، ولو بصورة مؤقتة، قد يؤدي الى ارتفاع ملحوظ في تكلفة موارد الطاقة، بالاضافة الى ان اغلاق عنق الزجاجة المتمثل بمضيق هرمز سيعرض ناقلات النفط الى السرقة من قبل القراصنة، وللهجمات الارهابية والقلاقل السياسية متمثلة بشن حروب او اعمال عدائية الى جانب حوادث تجري في عرض المياه والتي ستؤدي الى تسرب خطير للنفط المحمول."

وتناول معهد المشروع الاميركي American Enterprise Institute الجانب السياسي لمسألة اغلاق المضيق، وقال "لا يتوفر خيار امام اي رئيس اميركي الا باعادة فتح مضيق هرمز وتدمير قدرة ايران على تشكيل تهديد في المستقبل. ومع تصاعد نبرة التوترات السياسية بين الولايات المتحدة وايران، ستتصاعد ايضا الاخطار المرافقة جراء حسابات غير دقيقة. نحن الان نمر في تلك اللحظة التي تعني ان ضمان الاستقرار ربما يأتي عبر تصريحات استفزازية. فالزعامة الايرانية وعلى كافة مستوياتها ينبغي ان تدرك بأن اية محاولة لاغلاق مضيق هرمز سيصيبها الفشل وستؤدي الى كارثة على ايران. اذ ان تصميم الولايات المتحدة وشركائها لتعزيز هذا المفهوم لدى طهران يرافقه تراجع في رغبة الزعماء الايرانيين المضي قدما."

وانضم المجلس الاميركي للسياسة الخارجية American Foreign Policy Council الى الجدل حول ايران ونيتها باغلاق المضيق، وقال "توقعات الزعامة الايرانية بان تؤدي التهديدات الاخيرة الى حالة ردع المجموعة الدولية عن المضي قدما في تطبيق اجراءات الضغط الاقتصادية المتخذة بناء على اصرارها المضي بالشق النووي. فالخطاب السياسي المولع بالقتال قد يشكل اوضح اشارة لحد الآن بان العقوبات القائمة بدأت تؤتي أُكلها على النظام الايراني – وبان قيادته تخشى تطبيق المزيد منها. يتعين على واشنطن وحلفاءها الاستفادة من مركز القوة والاستمرار بفرض عقوبات اقتصادية ضد طهران. كما ويتعين عليهم اعتماد استراتيجية من شأنها تقييد حركة ايران في المضيق."

تناول مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relationsالخيارات السياسية المطروحة اميركيا، بالقول "تبدو ادارة (الرئيس) اوباما، جراء الضغوط المستمرة من جزع يسود مجلسي الكونغرس، بانها مصممة على تشديد خناق العقوبات على ايران. لكن الخيار العسكري لا زال يولّد نقاشا مكثفا. ويطالب مات كرونيغ (احد كتاب فصلية "العلاقات الخارجية") النظر الى ما ستولده ضربة عسكرية موجهة بعناية الى البرنامج النووي الايراني "والتي من شأنها تخليص المنطقة والعالم من تهديد حقيقي ماثل." اما عضو جامعة هارفارد ستيفن والت فيزعم بان ذاك التوجه سيؤدي الى تضخيم حجم التهديد الايراني نظرا لان الوجود العسكري الاميركي في المنطقة "سيوفر العناصر الضرورية لفرض سياسة احتواء ناجعة على المدى القريب." اما الكاتب مايكل سينغ فقد علق على موقع الفصلية الالكتروني قائلا "الخيار الاكثر حصافة لا يكمن في لغة الخطاب الحربي او في سلبيته، بل اعتماد موقف صلب يدفع ايران الى اعادة حساباتها مرة اخرى."

بينما تناول معهد دراسة الحرب Institute for the Study of War استمرارية الازمة السياسية في العراق. وقال "مع تصاعد الازمة السياسية، اتجه بعض الساسة العراقيون نحو التوسط لاستنباط حل. جرى لقاء للمرة الثانية في السليمانية يوم 27 ديسمبر بين الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس البرلمان اسامة النجيفي اسفر عن اتفاق بينهما لتشكيل لجنة قيادية معنية بترتيب الاوضاع لعقد مؤتمر وطني يشمل كافة الكتل السياسية لحل الازمة. وترافق هذا الاتفاق مع دعوة رئيس كردستان مسعود البرزاني لعقد انتخابات مبكرة يراها الخيار الاوحد لدرء فشل الكتل المختلفة التوصل الى اتفاق."

معهد كارنيجي Carnegie Endowment بالمقابل تناول البرنامج النووي الايراني والصعوبات المرافقة لاجراءات الحظر على بعض المعدات المستخدمة لتصنيع الاسلحة. وحذر قائلا "في السنوات المقبلة، ستواجه مجموعة الموردين للمواد النووية تحديا هائلا في ارتفاع حجم التجارة العالمية في البضائع غير المرخصة. الامر الذي يعني ان تطبيق نظام متكامل بضوابط واضحة سيغدو امرا في غاية الاهمية بغية وقف نشاطات المرتبطين بعملية الانتشار – لتأخذ المجموعة علما وتفكر برويّة اثناء مراجعتها لقوائم الضوابط المعمول بها حاليا وعلى امتداد السنوات الثلاث القادمة."


ملفات ساخنة من واشنطن د.منذر سليمان

· مزاعم تخفيض ميزانية البنتاغون في خطاب اوباما
· آفاق الانتخابات الاولية للحزب الجمهوري
· التوتر في مضيق هرمز
· امكانيات دول مجلس التعاون الخليجي للتدخل
· تأهب اسلحة البحرية الغربية للتدخل
وهم التخفيضات العسكرية في ميزانية البنتاغون:

انتهز البيت الابيض فرصة الاعياد السنوية وما يرافقها عادة من تضاؤل الاهتمام الاعلامي والشعبي في الشان السياسي للترويج لخطاب مفصلي يؤشر فيه على تبني سياسة خفض النفقات العسكرية، كما اشيع؛ وسبق ذلك مصادقته على قرار مثير للجدل يعطي اجهزة الدولة الامنية بموجبه الحق في احتجاز اي فرد كان لمجرد الاشتباه به ولاجل غير مسمى، سواء كان يتمتع بالجنسية الاميركية او غير ذلك؛ الامر الذي يعد انتهاكا صارخا للحريات الفردية المصانة دستوريا.

وفي الخطاب المعلن يوم 5 كانون2 / يناير، تعهد اوباما بتحقيق تخفيض في النفقات العسكرية وميزانية وزارة الدفاع بنسبة تصل الى 4% تمتد على مدى السنوات الخمس المقبلة. وبعيدا عن اسلوب الاثارة والتلاعب بالالفاظ، فحقيقة الأمر ان وزارة الدفاع ستحافظ على استمرار التدفق المالي لميزانيتها دون اي تغيير يذكر والتي تبلغ حاليا اعلى مستوياتها على الاطلاق منذ نحو عقد من الزمن – اي منذ تدشين القرن الجديد بشن سلسلة من الحروب الاميركية. لعل الفارق الاساسي في تفسير الميزانية الاجمالية المخصصة لوزارة الدفاع هو استثناء الاموال المخصصة دوريا لشن والاستمرار بالحروب الجارية من الاستقطاعات المعلنة، والتي وصلت ارقاما خيالية تعد بمليارات الدولارات.

الخطاب جاء ارضاء لرغبة المؤسسة العسكرية الاميركية المضي بشن الحروب اينما تراها ضرورية لضمان المصالح الاميركية عبر العالم، ومضاعفة مستويات اعتمادها على "التقنيات الحديثة" كالطائرات الموجهة الكترونيا (بدون طيار) مثلا، والمضي في تطوير الصواريخ الموجهة الاستراتيجية والتخفيف من الاعتماد على العامل البشري في شن الحروب – بل "الاعتماد على القدرات العسكرية القتالية" لحلفاء اميركا.

كما وان التخفيض المقترح ينطبق حصريا على الزيادات السنوية المقررة تلقائيا في ميزانية وزارة الدفاع، ويستثني احداث تخفيض حقيقي في الميزانية العسكرية العامة. والملفت في الامر، ان التخفيض المروج اعلاميا ينال من المخصصات المقررة لتأهيل وعلاج القوات العسكرية العائدة من ساحات القتال بعد انتهاء فترة خدمتها العسكرية.

وفي هذا الصدد، ودعما لتخيف الاعتماد الاميركي على العامل البشري في شن الحروب، اشارت دراسة حديثة اجرتها "مؤسسة اميركا الجديدة" البحثية الى ان هجمات الطائرات بدون طيار على باكستان وحدها في الفترة من عام 2004 الى 2011، اسفرت عم مقتل نحو "1680 الى 2634" مدنيا هناك دون ضجيج او مواجهة التهم بانتهاك السيادة الوطنية. هذا علاوة على ما تحصده تلك الاسلحة بصمت من ضحايا في دول وساحات اخرى – كاليمن والسودان والصومال وليبيا.

من الملاحظ ايضا ان ما جاء في خطاب اوباما المعد جيدا انه اتى على نقيض اقتراح من وزير دفاعه، ليون بانيتا، الذي طالب بضرورة خفض عدد القطع البحرية الاميركية المرابطة في المحيط الهاديء، وترجمة عملية لتصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون عالية النبرة المرتكزة الى مصالح المجمع الصناعي العسكري، اذ قالت ما مفاده ان السياسة الاميركية في المحيط الهاديء (الشواطيء المحاذية للصين وكوريا وروسيا) ينبغي ان تعتمد على التلويح بالقدرة العسكرية اولا. كما جاء خطاب اوباما تثبيتا لتصريحاته اثناء جولته الاسيوية في نهاية العام المنصرم، اذ قال في زيارته لاستراليا انه ينوي زيادة عدد وعتاد القوات الاميركية المرابطة هناك الى نحو 2500 عنصر وضمان تخصيص الموارد اللازمة لاستمرارية التواجد العسكري النوعي هناك. يبقى ان احد المؤشرات البارزة على استمرار النزعة العسكرية في توجهات ومقاربات الادارة الاميركية هو الاصرار على الاحتفاظ بفكرة التفوق العسكري الاميركي في العالم.



آفاق الانتخابات الاولية للحزب الجمهوري:

دشنت ولاية ايوا السنة الجديدة وحملة السباق الرئاسي بعقد اولى التجمعات الانتخابية لاستشعار وتصفية جموع المرشحين عن الحزب الجمهوري. وتعد نتائج الحملة مؤشرا وان غير ملزما للنتائج المتوقعة في الولايات الاخرى لاحقا. وتجدر الاشارة الى ان الولاية وبحكم طبيعتها الريفية وجمهورها المحافظ تقليديا لا تشكل نموذجا حقيقيا لرغبة الناخبين في مجموع الولايات، لا سيما تلك المكتظة سكانيا وتتمتع بتوجهات اكثر ليبرالية في الساحل الشرقي لاميركا خصوصا.

وجاءت النتائج صادمة للبعض وفائقة التفاؤل للبعض الآخر، اذ تعادل المرشحين ميت رومني ومنافسه السيناتور السابق ريك سانتورم على المرتبة الاولى، راهنا، وثبات المرشح رون بول وبرنامجه المناهض لسلطات الدولة بشكل مطلق على النسب المتوقعة له.

لكن ما افضت اليه الانتخابات الاولية يعد اكثر خطورة للحزب الجمهوري برمته. اذ عرّت الانتخابات صلابة ووحدة الحزب المزعومة وبينت انه يشهد انقساما واضحا في صفوفه يصعب احتواءه ويتوزع على ثلاث فئات او تيارات متساوية القوة والنفوذ تقريبا.

الاولى، تمثل الجناح الصاعد والمناهض المطلق لسطلة الدولة المركزية ويتزعمه رون بول الذي حقق تقدما ملحوظا بين الفئة الفتية من الناخبين (من سن 18 الى 29). الثانية، هي الجناح المسيحي/ اللاهوتي المحافظ تقليديا تزعمه "مؤقتا" السيناتور السابق ريك سانتورم. وما يميز هذا التيار ان تأثيره في الولايات الاخرى غير متكافيء مع ما ظهر منه من حضور قوي في ايوا، خاصة في ولاية نيو هامبشير التي ستعقد انتخاباتها مطلع الاسبوع المقبل. الفئة الثالثة هي التيار المحافظ التقليدي والذي ينضوي تحت عباءة المؤسسة الرسمية الحاكمة ويتزعمه ميت رومني – الذي فاز بفارق 8 أصوات فقط على منافسه سانتورم. والنتيجة العامة لهذا الانقسام الحاد تؤدي الى القول ان الرابح الاساسي لتلك الجولة هو الرئيس اوباما ذاته وذلك في ظل غياب مرشح منافس يحظى بدعم اغلبية واضحة من الناخبين الجمهوريين؛ خاصة اذا اخذ بعين الاعتبار رغبة رومني الجامحة بالفوز الكاسح للمرتبة الاولى دون منافس.

استنادا الى ما افضت اليه نتائج السباق الرئاسي الاولية، وبروز انشقاقات في قاعدة الحزب الجمهوري بشكل خاص، يمكننا القول ان هناك طرف/تيار ثالث في طريقه الى التبلور ويضع نفسه بديلا عن الحزبين التقليديين، وان كان برنامجه المعلن هلاميا ولا يستند الى قواعد علمية. على الرغم من ان المؤشرات الاولية لا تدل على تمثيله لقاعدة شعبية واسعة، بزعامة رون بول، الا انه يتجه نحو ابراز شخصية كفؤة تتزعمه وتحظى بقبول جماهيري معقول مثل حاكم ولاية نيومكسيكو السابق غاري جونسون.

وفيما يخص الصعود المفاجيء للسيناتور ريك سانتورم، فان زهوه بكأس الانتصار مرحليا قد يترجم الى دعم مالي اوسع لحملته الانتخابية مما قد يؤهله الاستمرار في السباق والمنافسة في الولايات الاخرى تباعا الى حين، لا سيما وان ولاية نيو هامبشير، المحطة التالية للانتخابات، تدعم توجهات سياسية ليبرالية تاريخيا اكثر من نظيراتها الاخريات. لكن بروزه السريع يعني ايضا انه فتح الباب على مصراعيه لوسائل الاعلام لتقفيه واجراء تحقيقات معمقة لسجله الشخصي والسياسي معا، وهو المعروف في واشنطن بمحاباته انشطة اللوبيات المختلفة ابان خدمته في مجلس الشيوخ مما اغدق عليه اموالا هائلة وثروة شخصية تعد بملايين الدولارات. علاوة على تصريحاته الهجومية والمناهضة "للزواج بين المثليين" والذين يمثلون قطاعا لا بأس به من الناخبين الجمهوريين والمستقلين على السواء.

وتشير النتائج ايضا الى ان رون بول، رغم ادائه المقبول وفرط حماس مؤيديه لم يتمكن من احتلال الصدارة اذ لم يتجاوز الدعم له ذات النسبة التي حققها في السباق الرئاسي قبل اربعة سنوات. اما الاخرين من المرشحين انعكس بؤس ادائهم في هبوط الدعم الشعبي: نيوت غينغريتش (بالرغم من شهرته الواسعة)، ريك بيري وميشيل باكمان التي "علقت" حملتها في الفترة الحالية وهي وصف ملطف لنية الانسحاب من السباق الرئاسي.

والى ولاية نيو هامبشير، اذ تشير استطلاعات الراي الحديثة الى توقع احتفاظ ميت رومني بالمرتبة الاولى محققا نسبة 38%، يليه رون بول بنسبة 24%، ثم ريك سانتورم في مرتبة ثالثة بعيدة بنحو 11% من الاصوات، وبقاء غينغريتش في السباق بدعم نحو 9% من الناخبين، وجون هانتسمان بنسبة 7%، واخيرا ريك بيري بنسبة 1% - اي نسبة شديدة التدني ولا تحسب عمليا.

ويبقى الفيصل بالنسبة للناخبين: اي من هؤلاء المرشحين باستطاعته اقناع الجمهور بصلاحية برنامجه الانتخابي وقدرته على منافسة الرئيس اوباما والفوز عليه. وهي المعادلة التي فشل فيها كل من غينغريتش وبيري وهيرمان كين (قبل انسحابه اثر فضائح جنسية) وميشيل باكمان. والصافي في المعادلة الانتخابية يؤشر على بروز التيارات السياسية الثلاث الواردة سابقا، مصحوبا بالتشكك والريبة من قدرة ريك سانتورم التغلب على العقبات التي تنتظره، سيما وان حضوره على المستوى القومي يعد الاضعف بين زملائه الاخرين.






التوتر في مضيق هرمز

لجأت ايران الى التهديد باغلاق مضيق هرمز امام الملاحة البحرية الدولية وذلك ردا على اجراءات العقوبات الاقتصادية ضدها من قبل الدول الغربية. ويبقى السؤال الاساسي هل تشكل تهديداتها خدعة سياسية ام ترجمة لقدرتها العسكرية على اغلاق المضيق.

الاجابة الاولية تقتضي الاعتراف بقدرة ايران على اثارة عقبات حقيقية امام الملاحة التجارية – مبنية على الافتراض بانها لن تواجه تحديات من قبل الاساطيل البحرية المنتشرة هناك. ومع ذلك، لا يعتقد ان ايران تمتلك القدرة المطلوبة لاغلاق المضيق بشكل تام ولفترة ممتدة في ظل معارضة دول مجلس التعاون الخليجي والدول الغربية معا. وفي هذا الصدد، يعرب معظم المحللين العسكريين الاميركيين، في ظل موازين القوى الراهنة، عن قناعتهم بان اقدام ايران على اغلاق المضيق سيترجم الى خطوة تسفر عن تعرض معظم قواتها البحرية للتدمير.

وبعيدا عن توفر الارادة السياسية لايران بلاغلاق من عدمها، لديها سلاحي بحرية متوازيين. سلاح البحرية التقليدي، الممتد الى ايام الشاه المخلوع، ويضم سفنا كبيرة وان كانت قديمة بعض الشيء ونطاق مهمته هو التجول في مياه خليج عمان والشواطيء المطلة على المحيط الهندي، اضافة الى شراكته نظيره الآخر في حماية مضيق هرمز من اعمال عدوانية. والثاني، سلاح البحرية التابع لإمرة الحرس الثوري المخول بحماية النظام وقياداته. ومهامه تقتصر على حماية مياه الخليج العربي ومضيق هرمز، ومحور اهتمامه الدخول في مهام الحرب غير المتوازية باستخدام اسراب من الاسلحة الصغيرة والزوارق سريعة الحركة.

ويمتلك سلاح البحرية الايراني نحو 177 قطعة نظريا، تتراوح مهامها من قتالية مائية الى خفر السواحل وزوارق حربية محملة بالصواريخ والقيام باعمال خدمات لوجستية. وهي تقريبا متساوية العدد مع ما تملكة اسلحة البحرية لدول التعاون الخليجي مجتمعة – نحو 184 قطعة. الا ان الارقام المجردة لا تعكس حقيقة مدى الفعالية، فبعض الزوارق يعود انضمامها للخدمة الى ايام الشاه المخلوع، اما ميزة البعض الآخر مثل الغواصات الروسية الثلاث من طراز "كيلو" فهي ذات مجال محدود الفعالية وبحاجة الى صيانة خارجية، كما ورد في المصادر الغربية.

واشترت ايران بعض القطع البحرية المسلحة بالصواريخ حديثة العهد نسبيا. ورغم ما تتمتع به من قوة وسرعة في الحركة واطلاق الصواريخ المضادة للسفن، الا انها لن تصمد طويلا ان تعرضت للقصف الجوي، كما ولديها قدرة محدودة للدخول في اشتباك مضاد للطيران وليس بوسعها ايضا البقاء طويلا في عرض البحر؛ لكنها الانسب بين الموارد المتوفرة لمراقبة وحماية السواحل.

الاهتمام بقوة بحرية صغيرة وزوارق سريعة الحركة يعد ترجمة واقعية لمباديء ايران في شن حرب غير متوازية ضد الاسلحة البحرية المعادية. واستثمرت ايران مواردها في الزوارق الصغيرة سريعة الحركة، التي تصل سرعتها الى 80-85 عقدة، ولديها قدرة على المناورة. فالهدف بالنسبة لايران هو الانقضاض على اهداف حيوية من جهات متعددة لارهاق انظمتها الدفاعية، والاعتماد ايضا على زرع الالغام البحرية.

تجدر الاشارة الى الميزة التي تتمتع بها ايران في اغلاق المضيق. اذ علاوة على موقعها المطل على الشواطيء الشمالية للمضيق، تتواجد قواتها في عدة جزر تطل على مداخله احتلتها سابقا (جزر سيري وابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) انشات فيها قواعد بطاريات صواريخ مضادة للسفن.

في حال اقدام ايران على غلق المضيق، فالامر يتطلب زرع الالغام البحرية واستخدام زوارقها الصغيرة لاعتراض الاهداف الحيوية الكبرى مثل ناقلات النفط. اما اذا اتخذت قرارا بالاشتباك مع القوات البحرية الاخرى، فمن المرجح ان تعتمد على ترسانتها من صواريخ مضادة للسفن واسراب من الزوارق الصغيرة (اما للقيام بمهام اطلاق الصواريخ او للهجمات الانتحارية).

وبعيدا عن عامل التدخل العسكري، فان عملية الاغلاق قد تستمر الى نحو اسبوعين من الزمن قبل تطور سير العمليات العسكرية لارغام ايران على تخفيض رقعة تواجد زوارقها البحرية. اما في حالة التدخل العسكري، فان عملية الاغلاق بحد ذاتها تنطوي على صعوبة كبيرة.

وفي هذا المضمار، راينا من المناسب التدقيق في احد احتمالين: تدخل عسكري لدول الخليج وتدخل عسكري خليجي غربي مشترك.

امكانيات تدخل دول مجلس التعاون الخليجي عسكريا

تعاني دول الخليج مجتمعة من تخلفها النوعي عن ما تملكه ايران، على افتراض قيام الدول بعمل مشترك ومنسق. ولو تم الامر، فلا يعني ذلك بالضرورة ان بوسعهم القيام باجراءات مضادة لايران في الخليج.

فالقوة الاكبر عدديا بين الاسلحة البحرية لدول الخليج هي سلاح البحرية الملكي السعودي، الذي يضم نحو 11 فرقاطة قتالية وتتمتع بقدرات اكبر وفترة بقاء اطول مما يتوفر لدى ايران. كما ولديه سبع قطع كاسحة للالغام، مما قد يحد من قدرات ايران على زرعها. ويأتي سلاح البحرية الاماراتي في المرتبة الثانية من ناحية القوة العددية، الا ان جزءا كبيرا من مهامه منصب على القتال والانزال البرمائي وسفينتين حربيتين من طراز كورفيت و لديه زورق اوحد للكشف عن الالغام.

بالنظر الى تلك القوة العددية، تستطيع دول الخليج فتح المضيق بالقوة امام الملاحة البحرية شرط عدم توفر الرغبة لدى ايران للقيام بمغامرة عسكرية وابقاء حركة السفن التجارية بمحاذاة الشواطيء الجنوبية للمضيق، مما يضعها تحت مظلة الحماية الجوية المتوفرة لدول الخليج. ومع ذلك، ليس باستطاعة الدول الخليجية المحافظة على وتيرة نشاطاتها لحماية الناقلات النفطية لفترة طويلة من الزمن.

اما وان قررت ايران اغلاق المضيق امام اي قوة بحرية تتبع الدول الخليجية، فالنتيجة غير مضمونة لا سيما وان الامر يعتمد الى حد كبير على تطور الاحداث والاشتباكات المرتقبة في المنطقة. القطع البحرية العائدة لدول الخليج اكثر حداثة من نظيراتها الايرانية، لكن قدرتها على مواجهة اسراب من الزوارق الحربية الايرانية الصغيرة وزوارق الانتحاريين سريعة الحركة تبقى موضع شك. اما العامل الحاسم فقد يكون باستخدام اساطيل اسلحتها الجوية لنشر مظلة حماية جيدة بغية فرض منطقة مرور آمنة في محيط قوافل النقل.

خلاصة الأمر لن يستطيع الطرفان الاستمرار في ذات الزخم العملياتي، اذ يستوجب تركيز ايران لجهودها في مهام زرع الالغام البحرية في المضيق ومقارعة واشغال ناقلات النفط كما فعلت ابان حربها مع العراق. اما دول الخليج فيتعين عليها تركيز جهودها الجمعية لحماية الملاحة البحرية الحيوية.



تأهب البحريات الغربية للتدخل العسكري

بناء على الاهمية الفائقة التي يحتلها استمرار تدفق النفط من المنطقة نحو الاسواق الغربية، من المحتمل اقدام الدول الغربية (خاصة اميركا وبريطانيا وفرنسا) اتخاذ اجراءات ميدانية لبقاء المضيق مفتوحا امام الملاحة الدولية.

ومن الطبيعي التسليم بتفوق عملياتي تتمتع به حاملة الطائرات الاميركية والقطع البحرية الاخرى المرابطة في القواعد العسكرية المنتشرة في دول الخليج على سلاح البحرية الايراني المتواضع. فحاملات الطائرات الاميركية الاخرى لن تقدم على دخول الخليج بل سترابط خارج مياهه الاقليمية بغية شن عملياتها الهجومية من هناك، واقامة منطقة آمنة للملاحة. وستنضم الفرقاطات والمدمرات الاميركية الى القطع البحرية لدول الخليج لحماية الملاحة البحرية، مصحوبة بحماية جوية، بينما تقوم كاسحات الالغام بتمشيط المضيق وضمان سلامة الملاحة البحرية. كما وستقدم طائرات الاواكس على مراقبة حركة الملاحة واشعار سلاح الجو بأي حركة للسفن الايرانية بغية زرع الالغام او التوثب لشن هجوم على احدى القوافل البحرية. وستسخدم فرق من القوات الخاصة لتفتيش السفن.

ويشكل هذا السيناريو نقيضا للاستراتيجية الايرانية المفضلة للاشتباك، اذ ان الزوارق الصغيرة تبقى هدفا سهلا لاصطيادها من الجو علاوة على ان انشاء منطقة ملاحة آمنة في الخليج سيحرمها من حرية حركتها واستهدافها للناقلات. وغير ذلك، لا يبقى متاحا لايران الا مغامرة عالية المخاطر لدخول المنطقة الآمنة بقوة واطلاق زخات من صواريخها المضادة للسفن بغية رؤية تمكن بعض الصواريخ والزوارق الاقتراب من القوافل. وتكلفة ذلك السيناريو عالية في العتاد والمجندين، علاوة على اتاحته الفرصة للدول الغربية شن هجمات انتقامية ضد ايران كما فعلت الولايات المتحدة في عقد الثمانينيات من القرن المنصرم في "عملية سجود مانتيس."

وفي المحصلة، فان التهديد الايراني باغلاق مضيق هرمز مجرد تلويح وتهديد استعراضي. باستطاعة ايران مضايقة حركة الملاحة مؤقتا، بينما ينصب اهتمام سلاحها البحري للقيام بدوريات للزوارق السريعة ، والتي قد لا تصل مستوى استعراض وانخراط القوة اللازمة لاغلاق المضيق. وتجدر الاشارة هنا الى ان بعض مما ورد من تقديرات اعلاه يجري الترويج له من قبل مصادر مقربة من البنتاغون تعكس بعضا من رغباتها في التقليل من قدرات ايران الفعلية او في ممارسة الدعاية الاعلامية المضادة .


التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الأميركية
 

تداعيات الانسحاب الاميركي من العراق  كانت الشغل الشاغل لمراكز الفكر والابحاث الاميركية، على الرغم من شح الاهتمامات الاخرى بسبب الاعياد السنوية بالعام الجديد.

         تصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS تغطية الشأن العراقي بعد الانسحاب الاميركي واستمرارية تفاقم الاوضاع الامنية هناك. وقال "بشكل عام، بالكاد يقوم مجلس رئاسة الجمهورية باداء مهامه ولم يستطع سن مشروع قانون اساسي يتيح للعراق القدرة على ضمان تدفق الاستثمارات (الاجنبية) وتنمية اقتصاده. فعالية اداء الحكومات المحلية وفي المقاطعات تتراوح بين مستويي الضعيف وغير الفاعل، اما الديموقراطية العراقية فهي حبيسة القوى المتنفذة وقل ما تجد لها حضور في النشاطات اليومية العادية. فالعراق اقدم على استخدام القوة لقمع تحرك الربيع العربي على طبعته الخاصة وضاعف من اجراءاته الرقابية. وجاء في دراسة اجرتها السفارة الاميركية (ببغداد) في منتصف عام 2011 عن تقديرات خطيرة لمستويات عدم الرضى بين افراد الشعب عن الاداء الحكومي. ولم يتم اتخاذ اي اجراء منذ ذلك الزمن من شأنه تطوير الصورة النمطية للاداء الحكومي، بل ازداد منسوب الغضب من استشراء الفساد وعدم كفاءة المسؤولين – وهذا الغضب يجد تجلياته في التوترات الطائفية والاثنية بسبب سلوك سياسة مفاضلة طرف على آخر."



         وتناول معهد دراسة الحرب Institute for the Study of War الشأن العراقي ايضا بعد انسحاب القوات الاميركية. وقال "وارد جدا ان يحدث تراجع في حدة الازمة الراهنة عبر فرض ضغوط دولية او اجراء مفاوضات سياسية محلية. ومع ذلك، فالامر يتطلب توفر قدرا معينا من الثقة المفقود بين الاحزاب السياسية، خاصة في ظل جهود (رئيس الوزراء نوري) المالكي لازاحة زعامة (الكتلة) العراقية من امامه. استعادة التفاهم السياسي بين المالكي وزعامة (الكتلة) العراقية يتطلب الاقدام على اتخاذ عدد من الاجراءات الصعبة التي من شأنها الحد من نفوذ الجهاز التنفيذي والتخلي عن السياسات التي سمحت للمالكي تركيز اكبر للسلطات بين يديه. من بينها تسريح لواء بغداد ووحدات عسكرية اخرى التي تتبع مكتب رئيس الوزراء مباشرة، اعادة الضباط السنة والاكراد الى القوات الامنية والاستخباراتية، اطلاق سراح ممن تم اعتقالهم في حملة الاعتقالات المكثفة كاجراء لبناء الثقة، وصدور ضمان من رئيس الوزراء المالكي بعدم اصداره امرا او تثبيت اوامر الاعتقال ضد منافسيه. لا يوجد ما يقود الى الاقرار بأن المالكي سيقبل تلك الاجراءات الا في حالة ممارسة معارضيه حقهم في التصويت لسحب الثقة عنه."



         معهد بروكينغز Brookings Institution انضم ايضا الى ساحة الجدل على العراق. وقال "انه امر مثير للقلق حقا الاقرار بان ما آلت اليه الاحداث لحد الآن بان انسحاب القوات الاميركية وفشل الادارة في مراكمة اساليب ضغط مختلفة قد اودت بالولايات المتحدة الى وضع يتيح لها  ممارسة قدر محدود من التأثير على مسار مستقبل العراق. فالمسؤولين الاميركيين رفيعي المستوى، ومن ضمنهم نائب الرئيس (جوزيف) بايدن المخول بادارة الملف العراقي، يواصلون مساعيهم في التوسل لدى رئيس الوزراء المالكي لوقف تصاعد (حدة التوتر)، وايقاف الهجمات المتجددة على الزعامات السنية، وكبح جماح (تشنج) خطابه السياسي. ولم يقم المالكي بتنفيذ اي من الاقتراحات السابقة. بل على العكس، يستمر في القاء تهم جديدة، والطلب من الحكومة المحلية في كردستان تسليمه (نائب الرئيس طارق) الهاشمي، ويهدد حاليا باقصاء السنة من الحكومة كليا، وقام بتوسيع نطاق هجومه ليشمل وزير المالية عيساوي. من المؤكد انه لا تتوفر لديه النية للاصغاء لمطالب واشنطن ومناشداتها او اقتراحاتها."



         بينما سعى معهد المشروع الاميركي American Enterprise Institute الى استنطاق علاقة تربط القاعدة بايران. وقال "هذه هي المرة الثانية خلال الستة أشهر الماضية التي تقدم ادارة (الرئيس) اوباما على اتخاذ اجراء لتسليط الضوء على العلاقات بين القاعدة وايران. ويأتي ذلك في اعقاب قرار صدر عن المحكمة الفيدرالية في بداية الشهر الجاري اقرت فيه بمسؤولية ايران عن الانفجارات ضد السفارات الاميركية في كينيا وتانزانيا في عام 1998. واقرت المحكمة الفيدرالية لمقاطعة واشنطن العاصمة كذلك ان الانفجارات المذكورة ما كان لها ان تحصل دون تلقي "مساعدة مباشرة" محتملة من طهران. وجاء في نص القرار الصادر عن تعليل القاضي جون دي بيتس، ومكون من 45 صفحة، ان "الحكومة الايرانية ساعدت وحرضت وتآمرت مع حزب الله واسامة بن لادن و(تنظيم) القاعدة لشن هجمات تفجيرية على نطاق واسع ضد الولايات المتحدة عبر استخدام آلية تنفيذية معقدة متمثلة بالهجوم الانتحاري المميت لسائق الشاحنة ... وقبيل لقاء المسؤولين الايرانيين واعضاء الاستخبارات لم تتوفر لبن لادن والقاعدة الخبرة التقنية المطلوبة للقيام بالتفجيرات في نيروبي ودار السلام." وبالنظر الى ان النظام الشيعي في طهران وشبكة الارهاب السنية قد ابديا رغبتهما بالتعاون المشترك لشن هجوم على الولايات المتحدة، فان تعاونهما المستمر يشكل علامة شؤم. ان كانت ايران في طبعتها الراهنة على استعداد لرفد القاعدة بالموارد لتدمير سفارتي اميركا، ما هي طبيعة المساعدة التي قد تقدمها ايران النووية لهم."



         اما معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى Washington Institute، فقد تناول مسائل الاراضي المتنازع عليها بين اسرائيل والفلسطينيين. وافرد حيزا هاما لتقرير قدمه المسؤول العسكري الاسرائيلي السابق والعضو المفاوض مايكل هيرتزوغ يحلل فيه المواقف المختلفة للاطراف بالنسبة لهذه المسائل الناتجة عن محادثات ثنائية بينهما استمرت لعدة سنوات. وزعم المعهد ان التحليل والخرائط المفصلة المقدمة تشير الى متطلبات تجسير الهوة مما يستوجب ادراكا واضحا وواقعيا لآفاق التقدم في المستوى المنظور، وكذلك توفر زعامة للطرفين تتحلى بالصلابة.



         اما افغانستان، فقد جاءت من ضمن اهتمامات مركز السياسة الأمنية Center for Security Policy، متناولا التصريحات المثيرة للجدل الواردة على لسان نائب الرئيس بايدن والذي قال "ان طالبان بحد ذاتها ليست عدو لنا." وقال المركز "منذ خمسة آلاف سنة، حذر المفكر الاستراتيجي الصيني صن تشو قائلا "ان كنت على المام بنفسك وليس بعدوك، فلكل انتصار يحرز ستتكبد هزيمة بالمقابل. ان لم تعرف ذاتك او عدوك، ستهزم في كل معركة." في الوقت الراهن يبدو اننا اصبحنا قريبين جدا لخسارة كل معركة بدلا من كسب اية حروب. حينئذ نكون قد سددنا ضربة مميتة للرجال والنساء الممتازين الذين يخوضون المعارك – وتعريض الدولة للخطر التي من اجلها قدموا تضحيات جمة – ان استمرت ادارة اوباما في الحاحها للظهور بمظهر المنتصر عبر نبذها للعدو، وفي ذات السياق، ضمان اعلان استسلامنا للهزيمة."



         اما معهد ابحاث السياسة الخارجية Foreign Policy Rsearch Institute فقد تناول الحريق الذي شب في المجمع العلمي في القاهرة يوم 17 كانون1 وانعكاساته على الآمال المعقودة على اجراء الاصلاحات في مصر. واعرب عن تشاؤمه بصيحة تحذيرية "مصر العلمانية بعض الشيء بدت مترنحة تحت حكم مبارك – وهي نفسها التي تشكل صدىً واهناً للحقبة الليبرالية القصيرة التي نشأت في ظل (الاحتلال) البريطاني قبل انقلاب الضباط الاحرار عام 1952 – تتلاشى من امامنا، وربما للأبد. وبعد تعثر ما كان يعد للكثيرين بربيع يزهر بالحرية والتجديد، فان البلد بأكمله يبدو سائر بحزم على طريق التحول الى "بيت واسع من الرماد."



         وانصب اهتمام مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation على التحذير من مخاطر خفض مستويات الانفاق العسكرية الاميركية في ظل العجز المالي الراهن. وقال "الحفاظ على قوة عسكرية اميركية تمتلك اسلحة ومعدات حديثة وتحتفظ بافضليتها التقنية هو ضرورة حيوية لضمان زعامة الوطن على مستوى الكون. وبناء على ذلك، يتعين على وزارة الدفاع الاقلاع عن مسار الميزانية المستقبلية التي تم التوصل اليها وفق قانون ضبط الموازنة. هذه هي الحالة الراهنة حتى تحت التهديد بالحجز (على الاموال المقررة) وفق بنود القانون الذي لا ينطبق على الميزانية الدفاعية."

مركز الدراسات الأميركية والعربية


التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية

هلّ موسم اعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة مما يعني تقلص المادة ذات الزخم والاهتمام، على الرغم من تعدد القضايا الساخنة على الصعيد الدولي.
ملخص مراكز الابحاث
         استضاف مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations المرموق كبير مستشاري الرئيس اوباما لشؤون الشرق الاوسط سابقا، دينيس روس، للتحدث بالشأن السوري على خلفية تصاعد موجات القتل والارهاب مؤخرا، معربا عن اعتقاده بان "انهيار النظام السوري امر لا مفر منه تقريبا." ولخص روس وجهة نظره قائلا "حين يعتمد نظام على اسلوب الاكراه بشكل تام ولا يحقق النجاح، يدرك المرء ان هكذا نظام لن يستمر طويلا." ولم يخف روس تبجحه المعهود مطالبا ان "الحل الامثل" يقتضي الاقرار بوجود حركة معارضة يقودها المجلس الوطني السوري، مؤكدا انه تجمُّع شامل للقوى وغير طائفي.

         اما معهد بروكينغز Brookings Institution فقد جاء اهتمامه بالحصيلة الاجمالية في الذكرى السنوية الاولى للثورات والمتمردين على السواء في الساحات العربية. وزعم ان احد الدروس المستفادة من التحرك هو "ان حالة عدم الاستقرار تنطوي في حد ذاتها على انعكاسات بناءة. ففي المدى المنظور على الاقل، نجد مقايضة بين التحول الى الديموقراطية واستتباب "الاستقرار." فالمصالح والمُثُل ليسا صنوين ولا يلتقيان دوما. وينبغي على الولايات المتحدة والقوى الغربية الاخرى، التوجه نحو التوصل الى قدر اكبر من التسامح لتحقيق الاستقرار، خاصة وان الربيع العربي على اعتاب الدخول بمرحلة وسطية طويلة وغير مستقرة. فبدل اطلاق مشاعر الهواجس والتخوف او تجنبها بالكامل، ينبغي على الولايات المتحدة التسليم بعدم الاستقرار كامر لا محالة وصياغة سياسات ابداعية تأخذ بعين الاعتبار توقعات حدوث تطورات مشابهة وادارتها وسبل تطويقها."

         اما العراق، فجاء من ضمن اهتمامات مركز دراسة الحرب Institute for the Study of War معربا عن اعتقاده بأن انسحاب القوات الاميركية من هناك لم يؤدي الى تحقيق السلام السياسي المنشود، بالنظر الى التوترات التي برزت للعلن بين رئيس وزراء العراق ونائب رئيس الجمهورية. وقال "يتضح يوما بعد يوم ان الانسحاب الاميركي الشامل كان سابق لاوانه. فالسياسة والجدل العراقيين لم يشهدا نضجا باتجاه تحقيق قدر من الاستقرار من شانه تعزيز الثقة في النظام السياسي. فالانسحاب الاميركي ازاح عنصرا ردعيا حاسما من المعادلة السياسية العراقية والذي اسهم في ارساء الاستقرار للخطاب السياسي والتوقعات المختلفة بين الفئات المتناحرة. وما نراه اليوم، من مستوى وطبيعة الخطاب السياسي وتبادل الاتهامات الطويلة ولجوء حكومة المالكي الى اتخاذ اجراءات لتقويض خصومها السياسيين، تدل على تبلور عصر غير مسبوق من العداء السياسي لم يشهده العراق منذ اندلاع الحرب الطائفية."

         واستهل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS وفاة الرئيس الكوري للنظر بالخيارات المتاحة والتصورات المستقبلية لكورية الشمالية. وقال "على المدى الطويل، يبدو ان هناك بعض الامل المعقود، صادر بشكل رئيسي عن بيجينغ مفاده ان كيم يونغ اون، ان احسن الاصغاء لولي العرش سونغ تيك، سيأخذ كوريا الشمالية في مسار الاصلاحات على الطراز الصيني. وكما كان متوقعا، انهالت بيجينغ بمديح ذكرى كيم يونغ ايل واعربت عن دعمها غير المشروط لزعامة نجله كيم يونغ اون، انطلاقا من دوافع قلق داخلية بعض الشيء على استقرار شبه الجزيرة الكورية، ولكن يبدو ايضا انها بدافع الاعتقاد بأن جانغ (وصي العرش) سيكون او قد يمثل نمطا "اصلاحيا." ومن يدري، قد يكون ذلك  قابل للتحقيق. وقد ينظر اليه كعامل يخفف معاناة الشعب الكوري على المدى المنظور، بيد انه سيلعب دورا هامشيا لترويج نظرية التخلص من الاسلحة النووية. الامر الذي سيبقى يشكل تحديا على المدى الابعد وسيتخذ مرتبة متدنية من الاولويات لكل من بيجينغ وبيونغ يانغ، حتى مع استمرار (الصين) التأثير على رسم سياسات الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية."

         اما التحولات الاستراتيجية في كل من افغانستان والباكستان فجاءت من ضمن اهتمامات مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation ، اذ قالت "مع الاخذ بعين الاعتبار ان المصلحة الاميركية تقتضي دعم سبل الاستقرار في باكستان، وهي الدولة النووية ويقطنها نحو 170 مليون شخص، فالامر حيوي ايضا للأمن القومي الاميركي بان يتم استئصال الارهابيين الدوليين من كل من افغانستان وباكستان. وينبغي على الولايات المتحدة التوضيح بأن مسار المصالحة السياسية في افغانستان هو امر مرغوب لديها – شريطة مساهمته في التوصل الى الهدف النهائي لضمان عدم عودة افغانستان لتكون يوما ما ملاذا للارهابيين الدوليين. ودون تلمس تحولات في سياسات الباكستان لدعم حقيقي  لمسار المصالحة داخل افغانستان، ينبغي على الولايات المتحدة التحضير لتطبيق استراتيجية من شأنها العمل الوثيق مع جيران افغانستان الاخرين."

        ولفت معهد كارنيغي Carnegie Endowment الانتباه الى ان النظم الملكية العربية بقيت خارج دائرة تأثير أحداث الربيع العربي، والزعم بأن تلك النظم تحظى بشرعية اكبر من مثيلاتها الاخرى لدى مواطنيها. وحث المعهد على ضرورة اقدام النظم الملكية ادخال اصلاحات في سياساتها تؤدي بتوسيع هامش الحريات لدى مواطنيها، وقال "اقدم الملوك على اتخاذ بعض الخطوات لاسترضاء رعاياهم، بيد انهم اما وفروا لهم مكاسب مادية لتهدئة حدة مطالبهم المعلنة او الاقدام على ادخال اصلاحات ضئيلة تؤدي الى مشاركة محدودة للشعوب في نظم الحكم. وتراوحت التدابير السياسية المتخذة بين اجراء اصلاحات بينة لكنها محدودة في واقع الامر كما جرى في المغرب، وبين خطوات مترددة وغير حاسمة في الاردن، الى تدابير ليس لها وجود في دول الخليج. وفي بعض الحالات الاستثنائية، لا يسير الملوك العرب نحو تطبيق نظام حكم افضل تمثيلا الذي يطالب به المحتجون. وباستثناء البحرين، البلد الوحيد الذي يطالب المحتجون بارساء نظام ملكي دستوري له، لا تزال الفرصة سانحة امام الملوك العرب لتغيير المسار. فالتحرك في الوقت الراهن ينطوي على مخاطر اقل حدة مما لو راوحت الانظمة مكانها وانتظرت تعاظم المطالبة بالاصلاحات مما قد يدفع بها الى مسار للتغيير يصعب التحكم به. فمشروعيتهم على المحك، ومن المرجح مواجهتهم لتحديات اكثر خطورة ان لم يقدموا على اتخاذ المبادرة قريبا."
         تناول موضوع التحليل الدوري للمركز الاسبوع الماضي مخاطر الهجمات الالكترونية في الفضاء الافتراضي. وقام هذا الاسبوع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS بنشر بيانات مفصلة للهجمات المؤثرة منذ عام 2006 والتي استهدفت حكومات بعينها او شركات للتقنية المتطورة او ارتكاب جرائم قتصادية نجم عنها خسارة اقتصادية تقدر بملايين الدولارات.

         وتناول معهد ابحاث السياسة الخارجية Foreign Policy Research Institute مسألتي القيم والاخلاق من ناحية في شن الحروب غير النظامية، ملفتا النظر الى ان الجندي في الميدان ليس باستطاعته ضمان عدم تعرض السكان المدنيين للخطر في مسارح الحرب. وقال "الجنود في مواجهة اعدائهم ملزمون باتخاذ بعض المغامرة بغية التقليل من الضرر على الافراد غير المحاربين، مع العلم ان تلك المغامرات تخضع لمتطلبات المحافظة على النفس وانجاز المهمة على اتم وجه. وهذا الالتزام بقبول المغامرة ينطبق ايضا على النزاعات غير التقليدية. ومع ذلك، فقواعد الاشتباك مع خصوم غير نظامية، تبقي خيارات الجنود محدودة لناحية تقليص حجم المخاطر الناجمة عن المغامرة ونقلها الى طرف الغير محاربين استنادا الى متطلبات الحفاظ على الأمن. ولا يجوز تفسير هذا الكلام بان الجنود ملزمون للقيام بعمليات انتحارية، بل يعني انه في حالة الاضطرار للخيار بين الاقلاع عن الحاق الضرر بالمدنيين او القيام بعمل ما، ينبغي على الجنود التنازل عن القيام بذلك العمل. وهذا لا يعني ان عليهم التنازل عن تحقيق الهدف؛ بل البحث عن وسائل اخرى لتحقيقه. فجهاز الشرطة، على سبيل المثال، يسمح لمجرم بل مجرم خطير للفرار قبل البدء في اطلاق النار على تجمهر المدنيين. ومع ذلك، لن يوقف مطاردته لذلك المجرم او وقف جهوده لدرء حدوث اعمال اجرامية مستقبلية."

مركز الدراسات الأميركية والعربية

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: