Wednesday, April 11, 2012

**رؤوبين فدهتسور -  محلل سياسي
"هآرتس"، 4/4/2012
[اعتماد إسرائيل الكبير على المساعدات العسكرية الأميركية يجب أن يردعها عن مهاجمة إيران من دون الحصول على موافقة واشنطن]
  • على كل من يتمسك بفكرة مهاجمة إيران من دون الحصول على موافقة الإدارة الأميركية قراءة التقرير الذي نشرته قبل ثلاثة أسابيع لجنة الأبحاث التابعة للكونغرس الأميركي، والذي تضمن تفصيلات المساعدة الأميركية المقدمة إلى إسرائيل طوال أعوام. وقد أظهر التقرير اعتماد إسرائيل بشكل كبير على الولايات المتحدة، بحيث أن أي قرار إسرائيلي بالهجوم على إيران من دون موافقة الولايات المتحدة سيشكل خطراً على استمرار المساعدة الأميركية.
  • وتدل الأرقام الواردة في هذا التقرير على أن إسرائيل حصلت خلال أعوام طويلة على مساعدة من الولايات المتحدة تتجاوز 431 مليار شيكل (أكثر من 115 مليار دولار)، أي أكثر مما حصلت عليه مجتمعة 15 دولة في أوروبا في إطار مشروع مارشال لإعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية.
  • وتجدر الإشارة إلى أن الجزء الأكبر من هذه المساعدة الأميركية، أي ما لا يقل عن 253 مليار شيكل (أكثر من 67 مليار دولار)، أخذ شكل هبات عسكرية. وعلى سبيل المثال، بلغت المساعدة العسكرية المباشرة هذا العام نحو 3,1 مليار دولار (أي 12 مليار شيكل)، أي ما يعادل خمس الميزانية الأمنية. وكان قد تقرر في سنة 2007 تحويل ما يوازي هذا المبلغ سنوياً إلى الجيش الإسرائيلي حتى سنة 2018. لذا ليس مستغرباً بروز أصوات في الكونغرس الأميركي وفي واشنطن تطالب بتقليص المساعدة العسكرية لإسرائيل في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها الولايات المتحدة. ومن شبه المؤكد أن مهاجمة إيران من دون الحصول على الموافقة الأميركية ستقوي هذه المواقف.
  • بيد أن التبعية الإسرائيلية للولايات المتحدة ليست محصورة فقط في المساعدة العسكرية السنوية. فمنذ سنة 2006 حولت الولايات المتحدة أكثر من 1,5 مليار دولار (نحو 6 مليار شيكل) لتمويل منظومات دفاعية مضادة للصواريخ بما فيها منظومة القبة الحديدية، وصاروخ حيتس-2، والعصا السحرية. كما يسمح الأميركيون للجيش الإسرائيلي باستخدام مخازن السلاح الخاصة بهم للطوارىء والموجودة على الأراضي الإسرائيلية، والتي تقدر قيمتها بنحو 12 مليار دولار.
  • ومن بين أهم المساعدات العسكرية الأميركية نصب أجهزة إنذار مبكر متطورة أميركية الصنع في النقب قادرة على تحديد الصواريخ من على بعد نحو 900 كيلومتر (وذلك مقارنة بأجهزة الإنذار الإسرائيلية  الأكثر تطوراً والتي لا تتعدى قدرتها مسافة 160 كيلومتراً). وبدءاً من سنة 2001 تقوم إسرائيل والولايات المتحدة بمناورات عسكرية مشتركة يجري خلالها اختبار المنظومات الإسرائيلية والأميركية المضادة للصواريخ. كما وافقت الإدارة الأميركية على بيع إسرائيل 75 طائرة أف - 35 يبلغ ثمنها 11 مليار دولار، يجري تمويلها من المساعدة العسكرية.
  • بالإضافة إلى هذا كله،  قدمت الولايات المتحدة مساعدة اقتصادية لإسرائيل قدرها 31 مليار دولار (حتى سنة 2007)، إلى جانب مساعدات أخرى من أجل استيعاب المهاجرين تقدر بـ 1,66 مليار دولار. ويمكن أن نضيف إلى ذلك الضمانات التي قدمتها الإدارة الأميركية من أجل حصول إسرائيل على قروض بفائدة منخفضة. ففي سنة  2003 قدمت لها ضمانات تقدر بـ 9 مليار دولار لمدة ثلاثة اعوام، ومليار دولار أخرى كمساعدة عسكرية. وفي أعقاب حرب لبنان الثانية جرى تمديد الضمانات حتى سنة 2011، وتجري الآن مباحثات من أجل فترة تمديد إضافية.
  • كما تقوم الولايات المتحدة من وقت إلى آخر بتقديم "مساعدة طارئة" لإسرائيل. وهذا ما حدث سنة 1991، عندما حوّل الكونغرس الأميركي مبلغ 650 مليون دولار من أجل تغطية الخسائر الإسرائيلية التي تسببت بها حرب الخليج الأولى. وفي أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي وافقت الولايات المتحدة على تقديم ضمانات قروض قيمتها 10 مليار دولار كمساعدة في استيعاب المهاجرين الروس في إسرائيل. وفي سنة 2001 حصلت إسرائيل على نحو 1,2 مليار دولار من أجل إعادة تأهيل قوات الجيش الإسرائيلي التي خرجت من الضفة الغربية.
  • بناء على هذا كله، يتعين على بنيامين نتنياهو وإيهود باراك قبل اتخاذ القرار بمهاجمة إيران الإنصات جيداً إلى المعارضة الأميركية لهذا الهجوم. وعليهما قراءة هذا التقرير للوقوف على عمق اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة، وعلى الانعكاسات الخطيرة لأي خلل قد يطرأ على المساعدة الأميركية لإسرائيل. 

**[نتنياهو: الحكومة بحاجة إلى الضرائب لتنفيذ سياستها في مجالي الأمن والاقتصاد]
"يديعوت أحرونوت"، 2/4/2012
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن حكومته هي الأكثر استقراراً منذ 20 عاماً، وإن سبب ذلك يعود إلى كونها تبذل كل ما في وسعها من أجل تحقيق الإنجازات في الكثير من المجالات، وخصوصاً في مجالي الأمن والاقتصاد.
وجاءت أقواله هذه في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد)، وقد أشار نتنياهو خلاله أيضاً إلى أن جلسة الحكومة هذه تشكل بداية العام الرابع من ولاية الحكومة [التي بدأت في 31 آذار/ مارس 2009].
ورأى رئيس الحكومة أن المواطنين في إسرائيل يشعرون بأمن أكبر بفضل السياسة الأمنية الحازمة للحكومة، وبفضل الميزانيات الكبيرة التي توظفها في تحصين الجبهة الداخلية ولا سيما اقتناء منظومات "القبة الحديدية" [المضادة للصواريخ قصيرة المدى]، فضلاً عن إنشاء الجدار الأمني على طول منطقة الحدود مع مصر في سيناء، وإجراءات أخرى تهدف إلى زيادة الأمن.
وأضاف نتنياهو أن المواطنين في إسرائيل يشعرون أيضاً بأن الاقتصاد الإسرائيلي بات أكثر استقراراً وأماناً بصورة أكبر مما هي عليه الحال في جميع اقتصادات العالم المتطور تقريباً، وقال: "لقد تعاملنا بشكل جيد مع الأزمة الاقتصادية العالمية، وبذا حقق اقتصادنا نمواً على الرغم من الأزمة العالمية، بينما تراجعت البطالة إلى أدنى نسبة لها منذ سنة 1983. ولا يوجد شيء أكثر تحقيقاً للغايات الاجتماعية من انتهاج سياسة اقتصادية توفر فرص العمل."
وشدد نتنياهو على أن النمو الاقتصادي يتيح للحكومة إمكان الاستثمار في جميع المجالات، سواء أكان الأمر يتعلق بشق الطرقات، أو مد خطوط السكك الحديدية، أو توسيع الطرق.
وقال: "إننا نستثمر مبالغ ضخمة من أجل تقريب منطقتي الجليل والنقب من وسط البلد، من خلال تحسين خطوط المواصلات، كما أننا نطبق ثورات غير مسبوقة في مجال التربية والتعليم، بدءاً بمشروع التعليم المجاني للأطفال من سن 3 أعوام، وانتهاء بتوظيف مبلغ  7 مليارات شيكل لإعادة تأهيل جهاز التعليم العالي والقفز به إلى الأمام. ونحن نقوم بجميع هذه الإجراءات من أجل الاستثمار في مستقبلنا."
وتطرق رئيس الحكومة إلى ارتفاع أسعار الوقود، فقال أنه قرر الليلة قبل الماضية بالتنسيق مع وزير المال خفض سعر الوقود المحدد تبعاً للأسعار في الأسواق العالمية، وإنه للمرة الرابعة خلال عام واحد يتم خفض ضريبة الوقود بمبلغ متراكم يزيد عن 80 أغورة [لكل لتر من الوقود]. ولفت إلى أن ضريبة الوقود في إسرائيل أقل عما هي عليه في دول أوروبية كثيرة. وأضاف: "أرجو التوضيح بأننا لا نتحكم بأسعار الوقود في العالم، وأسعارها ترتفع حالياً في جميع دول العالم، أمّا ما يمكننا القيام به فهو السعي لتخفيف ضائقات المواطنين بصورة مدروسة ومسؤولة وهذا ما نفعله، غير أننا في الوقت نفسه نحافظ باستمرار على إطار الميزانية العامة. وسأطرح على الحكومة في وقت لاحق من الأسبوع الحالي مشروع القرار الذي بلوره وزير المال لضمان الحفاظ على إطار الميزانية."
وأكد نتنياهو أن مَن يقول بجواز خفض الضرائب وزيادة النفقات من دون أي حساب "إنما يفتقر إلى المعلومات الاقتصادية والمسؤولية الوطنية"، مؤكداً "إننا بحاجة إلى الضرائب من أجل شراء مزيد من منظومات القبة الحديدية، واستكمال مشروع إنشاء الجدار الأمني على طول منطقة الحدود المصرية، وتمويل التعليم المجاني للأطفال، وشق الطرقات وخطوط السكك الحديدية، ومعاونة المسنين والمحتاجين، وكل هذه الخطوات أدت إلى بدء تراجع معدلات الفقر خلال العامين الفائتين لأول مرة منذ أعوام طوال، ويأتي ذلك بفضل ما وظفناه من أجل المسنين، وما فعلناه لتشجيع الحريديم [اليهود المتشددين دينياً] والمواطنين العرب على الخروج إلى سوق العمل."


مقالات:
حلمي موسى: من المؤكد أن أحداث الربيع العربي أخذت إسرائيل على حين غرة وأخرجتها فجأة من حالة «النوم في العسل» إلى حالة المجهول. ورغم التخبطات الأولية التي رافقت المواقف الإسرائيلية في الأشهر الأولى للانتفاضات العربية ضد الأنظمة القائمة، فإن المواقف بعد عام تبلورت في اتجاهين بقي القاسم المشترك بينهما هو غموض المستقبل ومجهوليته. واندفع التيار الحاكم في إسرائيل إلى اعتبار أن هذا الغموض يبرر التشدد الذي كان قد أبدي في مواجهة السلطة الفلسطينية والمفاوضات معها وأنه يقود إلى تشدد آخر. وبالمقابل رأى كثيرون في إسرائيل من خارج الحكم أن على الحكومة الإسرائيلية استغلال الأوضاع القائمة والسعي لإيجاد حلول تسمح بوضع إسرائيل في مكانة أوثق والمساهمة في دعم حركة الواقع ضد غموض يقود إلى ظلامية ومجهول.
ومن الجائز أن بين أبرز الندوات التي جرت في إسرائيل حول هذا الأمر تلك التي عقدها مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب في نهاية كانون الثاني الفائت بمناسبة مرور عام على انطلاقة الثورة المصرية. وقد عرضت الكلمات في كراس نشر في آذار في تل أبيب بعنوان «سنة على الربيع العربي: الآثار الإقليمية والدولية». وقد شارك في الندوة عدد كبير من الدارسين والمختصين الذين تناولوا الموضوع من جوانبه الدولية في كل ما يتعلق بالمواقف الأميركية والأوروبية والروسية ومن جوانبه الإقليمية، خصوصاً على كل دولة من دول المحيط.
وقد لخص رئيس مركز دراسات الأمن القومي وهو الجنرال عاموس يادلين، الذي كان إلى فترة قريبة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، أثر الانتفاضات العربية على إسرائيل بأنه ينطوي على «مخاطر وفرص». ورغم ذلك اعتبر أن إسرائيل، مثل الولايات المتحدة والحكام الذين سقطوا، تقع في دائرة الخاسرين لفقدانها حلفاء استراتيجيين من ناحية ولاحتمال تمدد الانتفاضات لتشمل حلفاء آخرين.
وقد لاحظ بعض الباحثين أن إسرائيل، ونظرا لعدم اشتعال الأرض تحت قدميها في المناطق المحتلة لاعتبارات مختلفة، تعتقد أن الانتفاضات العربية لم تمنح إلهاما للفلسطينيين للانتفاض لا ضد إسرائيل ولا ضد السلطتين الفلسطينيتين في الضفة والقطاع. بل أن محاولات جرت هنا وهناك في الضفة والقطاع لبلورة تحركات كهذه جوبهت بعنف شديد نظراً لخوف السلطتين من انتشار تحركات كهذه. والواقع أن التحركات التي حاولت استغلال شيوع روح الانتفاضات العربية ودعت إلى إنهاء الانقسام لم تلق الصدى المطلوب لدى صناع القرار في السلطتين، رغم التجاوب الشكلي هنا وهناك. وبدا واضحاً من تعدد الاتفاقات التي تم التوصل إليها للمصالحة بين حماس وفتح في القاهرة والدوحة أن التجاوب الشكلي يقود إلى إعلان اتفاقات وأن الهوة الفعلية بين الطرفين، وربما عدم صدق النوايا، يقود إلى تفجير الاتفاقات.
وأياً يكن الحال، ورغم الهدوء النسبي الذي يسود المناطق الفلسطينية المحتلة، فإن إسرائيل تعلم أن هذا الهدوء مضلل. فالقضايا القائمة بين الطرفين ساخنة سواء على صعيد المفاوضات أو على صعيد الصدام العسكري. واستمرار الهدوء الراهن أمر مستحيل في نظر كل المراقبين، خصوصاً أن اليمين الإسرائيلي لا يهدأ ولو لدقيقة عن محاولته فرض وقائع على الأرض في حين أن المفاوض الفلسطيني، والمقصود سلطة رام الله، ستضطر إن عاجلاً أو آجلاً لتحطيم الأواني وعدم القبول باستمرار الأمر الواقع. كما أن واقع الحكم في قطاع غزة باسم المقاومة وانعدام أفق أي تسوية هناك كفيل هو الآخر بتجديد الصراع العسكري في وقت لن يكون بعيداً. وبديهي أن التطورات الإسرائيلية الفلسطينية معزولة نوعاً ما عن تطورات الربيع العربي وحتى عن تجلياته المحددة.
ولكن إسرائيل مضطرة لأن تأخذ كل هذه الأوضاع في سلة واحدة من الاعتبارات السياسية والعسكرية على حد سواء. فمن الناحية العسكرية لا تفصل إسرائيل هذه الأيام بين ما يجري في قطاع غزة من تركيم للسلاح واستعداد للمواجهة وبين ما يجري في شبه جزيرة سيناء وحتى بين ما يجري في القاهرة. ففوز الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية وتنامي قوة الجهاديين في سيناء يلغي لدى إسرائيل مبدأ الجبهة الهادئة في الجنوب. والأدهى أن إسرائيل باتت تشعر أنه في كل ما يتعلق بالتصدي للمقاومة في قطاع غزة إنما تستفز المشاعر المصرية وتطلق شرارات الصدام معها. وهذا يعاكس ما كان قائماً في عهد النظام المصري السابق.
وينظر الجيش الإسرائيلي بارتياح تقريبا إلى نجاح الحكم الأردني، حتى الآن، في استيعاب التحركات الشبابية والمعارضة. فالأردن يملك أطول حدود مع إسرائيل كما أنه يطل على العمق العربي الأسخن مزاجاً في سوريا والعراق. وثمة توقعات بأن الحدود الهادئة مع الأردن ستعود في وقت قريب للسخونة عن طريق قيام البعض بتنفيذ عمليات بوتيرة أكبر من السابق ضد أهداف إسرائيلية انطلاقاً من الجانب الأردني كما هو الحال مع سيناء حالياً.
وتعتبر الجبهة السورية لغزاً محيراً للجيش الإسرائيلي الذي لا يعلم حق العلم أين تتجه الأمور في سوريا. وهناك من يعتقد أنه حتى إذا كانت الأحداث في سوريا ستقود إلى تغيير إيجابي لمصلحة إسرائيل على المدى البعيد فإن الأمور مزعجة على المدى القريب. إذ ثمة من يفكر بأن النظام السوري نفسه قد يلجأ إلى تفجير الأوضاع على الحدود مع إسرائيل، أو أن انشغال الجيش السوري بالأوضاع الداخلية سيسمح لقوى معادية لإسرائيل بالعمل انطلاقاً من هضبة الجولان.
وفي الأيام الأخيرة وبعد أن تم استيعاب التظاهرات التي جرت نحو الحدود بمناسبة يوم الأرض يوجد من يقول بأنه لا ينبغي الإطمئنان إلى محدودية المشاركة هذا العام. ويقول هؤلاء بأن المناسبات للتجمهر وإظهار العداء لإسرائيل لا تنقطع طوال العام وأن التظاهرات الأخيرة ليست أكثر من بروفة للتظاهرة الكبرى التي قد تنجح في إظهار العداء العربي لإسرائيل وتحرج إسرائيل دولياً بمسيرات مليونية.
في كل الأحوال خلق الربيع العربي لدى إسرائيل نوعاً من الحيرة تجاه ما يمكن أن تقود إليه الأمور. صحيح أن هناك في إسرائيل من يؤمن بأن العرب سيوفرون لإسرائيل الفرصة لأن تكسب من خلافاتهم، ولكن هناك أيضاً من يرون أن الأخطار في الانتفاضات العربية على إسرائيل أكبر مما يتصورون.
السفير، بيروت، 2/4/2012



منذ نشوب التظاهرات في ميدان التحرير بقيادة الشبان، الليبراليين، العلمانيين، الذين قادوا إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، تدفقت مياه كثيرة في نهر النيل. فمبارك المريض يخضع للمحاكمة، ومن الجائز أن يتم إعدامه. وتبين أن قوله بأن نظامه هو الحاجز أمام الإسلاميين واضح ودقيق. فالأحزاب الإسلامية الإخوان المسلمون والسلفيون- نالوا 75 في المئة من الأصوات في انتخابات حرة ونزيهة، فيما تم إبعاد الشبان الليبراليين والعلمانيين عن النفوذ السياسي في مصر. والجيش، الذي لم يترك الحكم للحظة، ارتبط بالأحزاب الإسلامية، وهو يتنازل في كل مواجهة مع «الشارع» ويتراجع عن نيته بلورة «دستور أولاً» دستور يضمن حقوقاً أساسية وديموقراطية مستقرة.
لقد غيرت «رياح التحرير» وجهتها. وما بدأ كـ«ربيع عربي» ينتهي كعام إسلامي، وهذه فقط البداية. ونحن اليوم نفهم أن كلمتي «الربيع العربي» لا تصفان بشكل صائب الظاهرة التي عصفت بالشرق الأوسط في العام 2011. والحديث لا يدور عن نمو لثورة تقود إلى نموذج ديموقراطية ليبرالي، علماني، أنجلوأميركي. والحديث لا يدور عن تغيير غير عنيف، كما لا يدور عن «أثر دومينو» سريع كذلك الذي حدث في أوروبا الشرقية، ولكن الحديث فعلاً يدور عن ظاهرة تغير وجه الشرق الأوسط بأسره. وبعد عام من بدء العملية والتطلع إلى السنوات المقبلة، يمكن عرض عشرة تفاهمات حول «الانتفاضات العربية»، حيث أن تعبير الانتفاضة هو التعبير الأصوب لوصف سلسلة الثورات في العالم العربي.
1. إلى أي حد هذه ظاهرة جوهرية؟
في العام 2011 دخل الشرق الأوسط سيرورة تبشر بتغيير على نطاق تاريخي واسع، يساوي في أهميته اليقظة العربية في أواخر القرن التاسع عشر، ونشوء الدول القومية العربية (وليست الإسلامية) في أعقاب الحرب العالمية الأولى وتحديد حدودها في اتفاق أبرم بين فرنسا وبريطانيا، والتغيير في منتصف القرن العشرين، حينما طرد العرب فيه الإمبريالية نهائياً من أوطانهم، واستبدلوا القسم الأكبر من الأنظمة الملكية وحاولوا تجسيد الحلم القومي العربي الممزوج باشتراكية على نمط عبد الناصر وحزب البعث.

2. لماذا وقعت الانتفاضات الآن وليس في العقود السابقة؟
إن كل شروط الثورة كانت متوفرة منذ سنوات طويلة. في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين استبدلت أنظمة استبدادية في مناطق كثيرة من العالم: في أوروبا الشرقية، في أميركا الجنوبية، وفي شرق آسيا. وشهد العالم تغييرات في دول شمولية كثيرة، وانتقال إلى أنظمة حكم أكثر ديموقراطية، إلى نمو اقتصادي وإلى تقدم تكنولوجي. ومراراً كثيرة طرح السؤال لماذا لم يمر العرب بسيرورة مشابهة؟ في العام 2002 أشار تقرير التنمية البشرية العربية إلى ثلاثة نواقص تشكل عوائق هامة أمام التطور والتغيير في العالم العربي: حرية، معرفة ومكانة النساء. وفي إشارته إلى المعرفة أسهب التقرير في تبيان مظاهر التخلف التكنولوجي في العالم العربي في ذلك الحين كان شيوع الانترنت بنسبة تقل عن واحد في المئة. ومر عقد من الزمان وحدث تغيير دراماتيكي على الصعيد التكنولوجي. شيوع الانترنت، نشوء المحطات الفضائية والشبكات الاجتماعية، الأمر الذي جلب لجمهور واسع من أبناء الطبقات الوسطى المعرفة بأن بالوسع أن تكون الأمور مغايرة. وأنهم يستحقون أكثر مما لديهم، حرية وديموقراطية، حقوق إنسان وتطوير مكانة المرأة، العمل والتحرر من الحكام المستبدين. وبغير قليل من الحق أسميت الثورة العربية العام 2011 بـ«ثورة الفسيبوك». ولاحقاً سيتم التوضيح أن لقوة شبكة قنوات «الجزيرة» الفضائية وللشبكات الاجتماعية حدوداً. وكلما يمر العالم العربي بسيرورة تبديل الهوية العربية (التي يمكن أن تحوي بداخلها أبناء أديان مختلفة) بهوية إسلامية كهوية قائدة، تثار الأسئلة التي لا تتوفر لها إجابات حتى الآن. كيف ستتعامل النزعة الإسلامية مع التقدم ومع الطموح للحرية المحمولين على أمواج الانترنت؟ وهل ستفلح النزعة الإسلامية في قمع فكرة أن «الشعب هو السيد» وأن له صوتاً حاسماً في بلورة الدولة؟ وهل الانتخابات المقبلة في مصر ستكون حرة ونزيهة كالانتخابات التي جرت فور نشوب الثورة؟ هذه أسئلة مركزية بالنسبة لمستقبل اليقظة العربية.
3. ثورة من دون قيادة ومن دون أيديولوجيا؟
إن اليقظة العربية ثورة من دون قيادة. ويتعذر علينا تعداد أسماء قادة الثورة. فليست هناك شخصية كاريزمية مثل لينين أو الخميني تقود الثورة. فالثورات في تونس، ليبيا، سوريا، اليمن وفي مصر نشبت من دون أيديولوجيا منظمة. ومنذ جاء الإخوان المسلمون والسلفيون و«اختطفوا» الثورة، شرعت في اكتساب طابع أيديولوجي، هو طابع الإسلام السياسي. وفي كل الدول التي اكتملت فيها الثورة، كما في تلك التي لا تزال تصارع، يتجنبون توصيف مصدر الصلاحيات السياسية: الشعب الذي استعاد صوته، أم الله ورسوله؟ وما هي الأيديولوجيا التي ستقود التغيير الاجتماعي والاقتصادي؟ في الخمسينيات بدا أن الاشتراكية هي النموذج الأصوب الذي ينبغي للعرب تبنيه لأنفسهم. في التسعينيات، صار يفترض بالرأسمالية، التي في مركزها المبادرة الحرة، والخصخصة والانفتاح على العالم، أن تكون قاطرة التنمية. فما هي الرؤية الاقتصادية المفترض أن تنقذ مصر من الأزمة الاقتصادية المزمنة فيها: الاشتراكية المخططة في دولة لا تعمل، أم الرأسمالية التي تزيد من انعدام المساواة، الفقر وغضب الجماهير؟
4. ليس أثر دومينو
صحيح أن رائحة «ثورة الياسمين» انطلقت من تونس وانتشرت عبر وسائل الإعلام الجماهيري إلى كل أرجاء العالم العربي. ومع ذلك فإن كل دولة بحد ذاتها هي فسيفساء طائفي، ديني واقتصادي مختلف مع تراث سياسي وتاريخي خاص بها. وتعمل في كل دولة سيرورتا تأثير. الأولى هي سيرورة الشارع أوضاع متشابهة للاستبداد والتوق إلى الحرية ينتشر عبر تكنولوجيا حديثة بسرعة كبيرة وفي أوساط واسعة. وبالمقابل تعمل سيرورات عمق مميزة لكل دولة، مع عناصر مثل: الطوائف، الأديان، الأغنياء والفقراء، التاريخ، المشروعية وما شابه. وسوف تملي موازين القوى في سيرورات الشارع العربي مع السمات المحلية الوجهات التي ستتطور فيها الثورات. وفي نهاية العام الأول من التقلبات، فإن الثورة وقعت فقط في ست دول من بين 22 دولة عربية، وهي لم تحقق النجاح في كل هذه الدول. ففي تونس وليبيا تم استبدال أنظمة الحكم، وفي مصر واليمن تم استبدال الحكام، لكن النظام لا يزال هو نفسه النظام القديم، وفي سوريا والبحرين لا يزال الحكام على حالهم رغم القلاقل والتظاهرات وسمات الحرب الأهلية.
5. ما الذي يمنع اليقظة من التحول إلى أثر دومينو؟
من المهم أن نفهم، أنه مقابل التفاؤل والسذاجة اللتين افترضتا أن قوة الشبكات الاجتماعية والجماهير المحركة عبرها لا يمكن إيقافهما، فإن في الشرق الأوسط وفي الدول العربية شبكات اجتماعية أقوى من شبكة «فيسبوك» ومن «الجزيرة». فالشبكة الاجتماعية في المساجد التي يزورها الجمهور العربي خمس مرات في اليوم، شبكة الخدمات الاجتماعية والتعليمية، «الدعوة» لدى الإخوان المسلمين، الداعمة لاحتياجات السكان الفقراء، هي ما حسم الانتخابات في مصر وتونس. فهناك «مواد» قديمة لكنها أقوى من البرامج الحديثة. والمملكة السعودية التي قادت «الثورة المضادة»، استخدمت الموارد المالية التي راكمتها في سنوات ارتفاع أسعار النفط. التعليم مجاني، الطبابة مجانية، السكن الرخيص ورواتب لشهرين إضافيين تم منحها للشعب بتكلفة إجمالية بلغت 135 مليار دولار، كان فيها ما يهدئ الغليان. وقوة السلاح بيد النظام في سوريا هو ما يمنع المنتفضين من إسقاط الحكم. وفي البحرين مزيج من المال مع استعداد لاستخدام القوة هو ما أوقف «أثر الدومينو».
ومن المهم التمييز بين مجموعتين من الدول التي لم تنضم لموجة التغيير والثورات، وهي تشكل، كما سلف الأغلبية الساحقة من الدول العربية. وتضم المجموعة الأولى الدول الملكية والأميرية. والعديد من هذه الدول تملك الكثير من النفط والموارد المالية لإيقاف الثورات، ولكن أيضاً الدول التي لا تملك وفرة في الموارد الطبيعية، مثل المغرب والأردن، عرفت كيف تتعامل بشكل أفضل مع اليقظة العربية. ويبدو أن الجمع بين مشروعية أعلى لدى الجمهور، والإدارة الأصوب للتطلعات، والحوار الأفضل مع الجمهور وإجراء إصلاحات في الوقت المناسب، أوقفت الربيع العربي خارج نطاق هذه المجموعة التي بدت تاريخياً بوصفها الأكثر عرضة للتغيير. والمجموعة الثانية هي مجموعة الدول التي «كانت هناك»، أي الدول التي عرفت في العشرين عاماً الأخيرة حروبا أهلية، ثورات سلطوية وعدم استقرار سياسي. والثمن معروف جيداً لدى مواطني تلك الدول: قتل متبادل، تدمير البنى التحتية السياسية والمؤسسية، إرهاب وحشي وإضرار بالاقتصاد والنسيج الاجتماعي. العراقيون، الجزائريون، اللبنانيون بل وحتى الفلسطينيون لا يهرعون للعودة إلى حالة انعدام اليقين وانعدام الأمن اللذين يميزان دوما فترات التغيير والثورات.
6. من هم الرابحون والخاسرون الأساسيون؟
يبدو أن من السابق لأوانه تحديد الرابحين والخاسرين لأن الوضع لا يزال متحركاً ويتطور في اتجاهات مختلفة ومتناقضة، وفي الأساس لأن معظم السيرورة لا يزال أمامنا. وفضلاً عن ذلك، فإن أغلب اللاعبين الإقليميين يرون ميزاناً مختلطاً. ورغم ذلك يمكن الإشارة إلى نتائج أولية عدة.
الرابح الأكبر للعام الأخير هو الإسلام السياسي في تونس، ليبيا، مصر، وفي المستقبل في سوريا. ويبدو أن عصر صعود الشيعة في الشرق الأوسط تم كبحه في هذه المرحلة، وأن السنة هم الرابحون الأكبر من اليقظة العربية. وينظر إلى تركيا أيضا كرابح، رغم أنها دفعت ثمناً باهظاً جراء ترددها في اتخاذ موقف واضح بشأن الأزمة في ليبيا وخسرت استثمارات اقتصادية بمليارات الدولارات في ليبيا وسوريا، وهي تواجه اليوم تحديات غير بسيطة في ضوء استمرار القمع في سوريا والتمرد الكردي الداخلي.
أما الخاسرون فهم بالتأكيد الحكام الذين أطيح بهم، وعشرات الآلاف ممن لقوا مصرعهم في ليبيا، والآلاف الذين قتلوا في سوريا، والمنظومات الاقتصادية والاجتماعية في كل واحدة من الدول الست التي وقعت فيها الأحداث، النساء اللواتي تطلعن للمساواة في المكانة ونلن مكانة أدنى في الأنظمة الإسلامية، والأقليات المسيحية التي وجدت نفسها مهددة أو في مكانة أدنى من الشراكة والمساواة في دولة إسلامية وليس في دولة قومية عربية. كما أن الولايات المتحدة تبدو خاسرة. فقد فقدت حلفاء هامين في مصر وتونس، ويتعذر على حلفائها في السعودية وإسرائيل أن يغفرا لها تخليها عن حسني مبارك كما أن انعدام الاستقرار في ليبيا واليمن قد يعزز من نفوذ تنظيم القاعدة. ومع ذلك، وبشكل مفارقة، فإن رؤية الرئيس الأميركي جورج بوش عن تغيير الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط وتحويلها إلى أنظمة أكثر ديموقراطية، تبدو اليوم أقرب مما كانت في أي وقت مضى، حتى وإن كان ذلك يحدث نتيجة تطورات داخلية وليست خارجية. كما تبدو إسرائيل أيضا في الجانب الخاسر، رغم أن الأسوأ لا يزال بانتظارها: نظام حكم جديد في مصر وربما حدوث تغيير في الأردن، استمرار العصيان المدني في سوريا ومحاولات تصدير الأزمات، والخيبات وشلال التوقعات على الحدود مع إسرائيل.
وتبدو إيران راضية من بداية العملية عن سقوط أنظمة متعاطفة مع الغرب ومتحالفة مع إسرائيل، وعن تعزيز قوة العناصر الإسلامية في المغرب وفي مصر، وعن اليقظة الشيعية في البحرين وعن ارتفاع أسعار النفط. وما أن مر الربيع العربي وتبين أن سوريا، الحليف المركزي لإيران في العالم العربي، هي أيضا بين المتضررين من الأحداث وأن السعودية والمعسكر السني يعززان قوتهما، وأن الهزة قد تصل أيضا إلى طهران حتى بدا الميزان الاستراتيجي بشكل مغاير.
7. سوريا الدولة الوحيدة التي لم تحسم فيها الجولة الأولى من اليقظة العربية
في الانتقال من العام 2011 إلى العام 2012: تبدو سوريا الدولة العربية التي لم تنته فيها الجولة الأولى من اليقظة، فالجمع بين نظام حكم قوي ووحشي مع معارضة ضعيفة وعديمة الأساس التنظيمي، يضع الحكم في سوريا أمام حرب أهلية غير متماثلة، لا يمكن لأي طرف فيها أن ينتصر. ويتمتع النظام السوري بميزتين لم تتوفرا للرئيس المصري حسني مبارك ولا للرئيس الليبي معمر القذافي: جيش مخلص على استعداد لإطلاق النار على مواطنيه، وحماية روسية ضد التدخل الأجنبي. كما أن المعارضة، خلافا لما كان في مصر، مركزها الريف، وهي تستند إلى عدم رضى واسع لدى من تضرروا من الجفاف ومن ارتفاع الأسعار، ومن الفساد والضغينة السنية الإسلامية الكامنة ضد حكم الأقلية العلوية.
وعلى خلفية ضعف الجماهير، فإن من المثير للانطباع استعدادها على مواصلة التظاهر رغم الثمن الباهظ الذي تدفعه. فخسارة الخوف من النظام لدى الجمهور في مصر، حيث أعلن الجيش أنه لن يتصادم مع المتظاهرين، كانت عنصرا مركزيا في إسقاط مبارك. وخسارة الخوف في سوريا، حيث الجيش هناك يطلق النار على المتظاهرين، يستحق التقدير بشكل أعلى بكثير، ويميز بين سوريا وكل من إيران أو البحرين، حيث أفلح النظامان هناك في إعادة الخوف وأوقفا التظاهرات.
إن سوريا دولة سنية مركزية في العالم العربي، وجدت نفسها لأسباب جيوسياسية كثيرة في المعسكر الإيراني الشيعي، في تحالف مع إيران وحزب الله. ومن المثير للاهتمام ذلك التردد الأولي من جانب الجزيرة والسعودية في ما إذا كان ينبغي تأييد النظام في دولة رئيسية عربية سنية، أقام نظامها علاقات مع إيران، مع تركيا ومع حزب الله، ام تأييد المعارضة. وقد انتهى هذا التردد، والجامعة العربية، بقيادة السعودية ودول الخليج، انضمت لتركيا في الجهود لاستبدال النظام في سوريا.
إن ما يجري في سوريا ينطوي بالضرورة على مخاطر وفرص لإسرائيل. فإذا أخرجت سوريا المستقبل نفسها من المحور الراديكالي، فإن في ذلك تغييرا بالغ الإيجابية بالنسبة لإسرائيل. فطوال سنوات كانت المؤسسة الأمنية في إسرائيل توصي بالتوصل إلى اتفاق مع سوريا مقابل ثمن إقليمي باهظ من أجل إبعاد إيران ووقف دعمها لحزب الله وحماس. والآن، إذا سقط النظام السوري، فإن هذه السيرورة الإيجابية يمكن أن تحدث من دون تدخل إسرائيلي ومن دون الحاجة لتقديم تنازلات إقليمية قاسية.



8. ماذا يخبئ المستقبل، وإلى أين تتجه اليقظة العربية؟
إن توقع مستقبل اليقظة العربية يتطلب حذرا شديدا. فالتغييرات تطرأ في مساكن الطلبة، في غرف الطعام في المصانع، في الأسواق وفي المساجد. فأثر التكنولوجيا الحديثة صعب القياس والميزان. ومع ذلك وعلى خلفية ما حدث في العام الفائت يمكن الإشارة إلى أربعة معايير مركزية ستؤثر على التطورات في المستقبل:
أ. إخلاص الجيش للنظام واستعداده للعمل بالقوة ضد التغيير.
ب. دعم المؤسسات الدينية للنظام أو وقوفها ضده.
ج. استــعداد الأسرة الدولية للوقوف في وجه الأنظمة القائمة.
د. الاقتصاد.
والموضوع الاقتصادي بالغ الأهمية كما أن تأثيره على المدى البعيد حيوي. وتقريباً ينبغي لكل دولة عربية أن تحقق نمواً اقتصادياً فعلياً كافياً، من أجل ضمان فرص عمل للشبان الذين ينضمون لدائرة العمل. وقد أوقفت اليقظة العربية التنمية. وتعاني كل من مصر وسوريا من تراجع اقتصادي: فالسياحة توقفت، وتدفقات الاستثمارات الخارجية توقفت، كما أن الإنفاق العام ازداد سوية بالترافق مع زيادة الدعم، وعاد رصيد الدولة من العملات الأجنبية إلى التضاؤل. وقد ساء الوضع الاقتصادي في مصر بشكل كبير مقارنة بوضعها قبل عام، وبالمقابل هناك مليون فم جديد يحتاجون إلى إطعام.
9. تحديات المرحلة الانتقالية مقابل إتمام التغيير البنيوي
حتى بعد طرد الحكام فيها، تقف كل من مصر، ليبيا وتونس وفي المستقبل سوريا، أمام نوعين من التحديات فترة انتقالية (transition) وتغيير بنيوي (transformation). وفي العملية «الانتقالية» ينبغي صياغة الدستور، إقامة مؤسسات والتأكد من التوازنات في الديموقراطيات الشابة. وينبغي إنهاء سيرورة ليست بسيطة لانتقال الحكم في مصر وتقرير مكانة الجيش. وهناك حاجة في ليبيا إلى إعادة بناء المؤسسات الديموقراطية وجيش مهني. وينبغي ضمان القانون والنظام، اللذان اهتزا في زمن الاضطرابات والتظاهرات. وتقريبا يكاد جهاز الأمن الداخلي والشرطة لا يعملان. والأهم يتطلب الأمر استقرار الاقتصاد وإعادته إلى مسار التنمية. وعلى المدى الأبعد، وبسبب مشاكل بنيوية، ثقافية واقتصادية، سيكون مطلوباً من العالم العربي أن يثبت أنه لا يختلف عن دول أخرى في العالم، وأن المجتمع الحر والديموقراطي، الذي يحترم حقوق الإنسان، أمر ممكن أن يقوم فيه. إن تغييراً كهذا لا يحدث في تاريخ البشرية خلال سنوات قليلة، ونحن لا نزال في بداية سيرورة ستستمر سنوات كثيرة، حتى إذا حث الإعلام والتكنولوجيا الحديثة من تقدّمها كثيراً.
10. 2012: تصاعد آخر في اليقظة؟
وإلى أن تصل اليقظة العربية إلى القوتين الأعظم الرائدتين في الشرق الأوسط مملكة السعودية السنية وجمهورية إيران الشيعية - فإن تأثيرها هام، لكنه سيظل محدوداً. فالسعودية تبقى نوعاً من اللغز الذي يصعب التكهن بحله. وفي هذه المرحلة فإنها تتعامل جيداً مع رياح التغيير في العالم العربي. ولكن إذا طرأ تغيير في السعودية، فإنه سيكون بحجم يختلف تماماً عن التغيير في ليبيا أو حتى في مصر. فالأماكن المقدسة للمسلمين وآبار النفط في شرقي المملكة هي مكامن لأزمة تزعزع العالم بأسره.
وفي شتاء العام 2012 نحن نتساءل: هل السياسة وتحمل المسؤولية سيغيران الإسلاميين، أم أن الإسلاميين سيغيرون الطريقة التي تجري بها السيرورات السياسية في العالم العربي؟ وهل تحمل المسؤولية (accountability) سيقود إلى الاعتدال والبراغماتية، أم أن الإسلام السياسي المتطرف سيجر العالم العربي إلى مسارات أشد خطراً من تلك التي سارت بها الأنظمة التي حل هو مكانها.وفي الختام ورغم المخاطر من تحول «الربيع العربي» إلى «خريف إسلامي»، لو أن بالإمكان ضمان أن رياح التغيير في العالم العربي، والتي بدأت في الهبوب ربما للمرة الأولى في العام 2009 في طهران، ستتواصل في الاندفاع شرقاً، وأن «ثورة الياسمين» و«ثورة اللوتس» ستصل إلى طهران فإن هذا سيشكل التغيير الاستراتيجي الأشد إيجابية في الشرق الأوسط."هذه المقالة تستند إلى محاضرة ألقاها الكاتب في مؤتمر «مرور عام على الهزة في الشرق الأوسط» الذي عقد في 26 كانون الثاني 2012 في معهد دراسات الأمن القومي، جامعة تل أبيب.
مركز دراسات الأمن القومي ـ جامعة تل أبيب ـ آذار"
السفير، بيروت، 2/4/2012
جميل مطر
< تنشط جماعات الضغط الصهيونية في مواسم الانتخابات الرئاسية، لأنه في هذه المواسم تجدد إسرائيل التزامات دعمها من جانب الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة وتحصل على مزيد. وبالفعل استطاعت إسرائيل أن تحصل في هذا الموسم الأخير على تجديد لتعهدات باراك أوباما ومرشحي الحزب الجمهوري بدعم إسرائيل والالتزام بأمنها وسلامتها وتوفير احتياجاتها من المال والسلاح.
سمعنا ميت رومني مرشح الحزب الجمهوري يعلن أن أول زيارة له كرئيس للولايات المتحدة ستكون لإسرائيل، وسمعنا نوت غينغرتش أحد المرشحين عن الحزب نفسه ينكر وجود الفلسطينيين، ورأينا أوباما يكيل المديح لإسرائيل ويكاد يتوسل إليها أن تخفف ضغوطها لشنِّ حرب على إيران. أدرك أوباما أن إسرائيل، ومن أمامها جماعات الضغط تحاول أن تجعل قضية الطاقة النووية الإيرانية القضية الأساسية في حملة الرئاسة الأميركية، وأنه إذا ترك العنان لنتانياهو وعملائه في أميركا ستكون الغلبة لهم، لأن المرشحين الجمهوريين سعياً وراء أموال اليهود وأصواتهم سوف يتسابقون على جعل إيران قضية الانتخابات الأولى، وتنجر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، وهي التي لم تكد تنسحب من واحدة خسرتها باعتبار الحال التي آلت إليها العراق نتيجة الحرب، وتستعد للانسحاب من الثانية وسط احتمالات خسارة مؤكدة جرَّتها على نفسها وعلى الحلف الغربي بأسره.
أسمع عن تعقيدات صنع السياسة الخارجية في أميركا، وأعتقد أنني مثل غيري من المتأملين في مسائل الدفاع والسياسة الخارجية الأميركية نستطيع أن نؤكد أن أوباما الذي قد يسعده في هذه اللحظات الانتخابية الاستماع إلى عبارة أنه خدم إسرائيل ومصالحها أكثر من أي رئيس سابق، هو نفسه يدرك حقيقة الدور الذي لعبته جماعات الضغط الصهيونية ومن ورائها إسرائيل ومن أمامها الجماعة المتوحشة التي أطلقوا عليها عبارة «المحافظون الجدد»، هؤلاء جميعاً دفعوا أميركا إلى حرب كارثية في العراق، كان السيناتور الديموقراطي باراك أوباما رافضاً لها.
يعرف أوباما، كما نعرف ويعرف الكثيرون من صانعي الرأي في أميركا أن منظمة «إيباك»، وفروعها ومشتقاتها، قادت أميركا الدولة الأعظم في العالم إلى الحرب. نجحت «إيباك» في تدمير العراق وزيادة أمن إسرائيل، ولكنها في الوقت نفسه أساءت إساءة بالغة إلى سمعة الولايات المتحدة ومكانتها الدولية، وأصابت ثقتها بنفسها، وعجَّلت بانحدارها لحساب دول صاعدة اختارت النأي بنفسها عن الدخول في حروب وصراعات دولية تعطل مسيرة نهوضها.
لا شك في أن «إيباك» تستحق صفة العملاق بين جماعات الضغط الأميركية، ولا شك في أنها نموذج تحاول أن تحتذيه جماعات مصالح أخرى في الولايات المتحدة وغيرها وتسعى للتقرب منها ديبلوماسيات أجنبية كثيرة، فهي القدوة في النفوذ والتأثير على صانعي القرار. لا يخفى أن دولاً كثيرة حاولت إقامة جماعة أميركية تخدم مصالحها في الولايات المتحدة، بعضها وهو قليل أفلح بعض الشيء، وأكثرها فشل. إلا أن الانتصارات التي حققتها «إيباك» لم تكن من دون ثمن، وهو الذي تدفعه الآن الجماعة اليهودية الأميركية، التي تميزت دوماً بتعددية الاتجاهات السياسية والأيديولوجية، فإذا بها مضطرة أن تساق كالقطيع لتأييد تيار بعينه في إسرائيل.
كان السؤال الملح دوماً هو كيف ولماذا يتحمل صانعو السياسة والقرار في دولة كبرى مثل الولايات المتحدة اختراق جماعة ضغط محلية لأدق وأخطر الشؤون المتعلقة بالسيادة والدفاع والأمن؟ لم تأت إجابة واحدة مقنعة. قيل إن الأيديولوجية المسيرة لعملية صنع السياسة في الولايات المتحدة لا تختلف جذرياً عن الأيديولوجية المحركة لجماعات الضغط الصهيونية. بمعنى آخر، تبقى الحكومات دائماً حريصة على أن توجد في الساحة جماعات مصالح تساعدها في التأثير على أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وفي الضغط غير المباشر على حكومات دول أخرى.
ليس خافياً أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في الانتقادات الموجهة لهيمنة «إيباك» على حياة اليهود في أميركا ولتدخلها في السياسة الخارجية الأميركية ولنفوذها المتفاقم في دوائر الكونغرس والحكومة وفي الجامعات والمدارس. ليس خافياً كذلك الأثر الذي خلفه نشر كتب ومقالات تثير النقاش حول الطريقة التي تدير بها قيادات معينة منظومة الضغط الصهيونية وتجاوزاتها القانونية والمالية. من الكتب المهمة كتاب بعنوان أزمة الصهيونية كتبه بينهارت Beinhart الأستاذ بجامعة المدينة في نيويورك ورئيس تحرير مجلة «نيو ريبابليك» المعروفة بولائها الشديد لإسرائيل.
يتحدث الكتاب بين أشياء كثيرة عن ميول باراك أوباما الحقيقية تجاه الصهيونية، فيؤكد أن أوباما يميل بحكم نشأته في شيكاغو وتعليمه في هارفارد إلى تيار معتدل في الحركة الصهيونية. جاء أيضاً في الكتاب أن المنظمات الصهيونية في أميركا لا تعتمد على جموع اليهود وبخاصة الشباب، إنما تعتمد بصفة غالبة على عدد من كبار الأغنياء. ثم أنها لا تخضع، أو تقبل أن تخضع، لرقابة أو محاسبة من جانب الشعب اليهودي الذي يفترض أنها تمثله. يدعو بينهارت اليهود الأميركيين للضغط على إسرائيل لإخلاء الضفة الغربية ويطلق على الضفة الغربية اسم «إسرائيل غير الديموقراطية». ويناشد المواطن الأميركي اليهودي أن يواصل تأييده لإسرائيل ولكن يرفض تأييد احتلال إسرائيل لأراض فلسطينية. وفي موقع آخر يرفض المؤلف زعم أنصار «إيباك» أن المنظمات الصهيونية الأميركية تعود بأصولها إلى مبادئ الليبرالية الأميركية، ويقول إن هذه المنظمات في الحقيقة هي رد فعل ضد الليبرالية اليهودية الأميركية، ويدلل على ذلك بأن الشباب اليهودي الجديد في أميركا لا يقبل ما تطرحه المنظمات الصهيونية من أفكار ويتحول إلى منظمات حقوقية وجمعيات أهلية أخرى.
إلا أن أهم ما طرحه بينهارت جاء في عرضه لخطورة مسألة تعميق الشعور لدى اليهود بأنهم ضحايا. يقول إنه بعد حرب 1967 بدأت إسرائيل تحتل صورة «البلطجي» في الشرق الأوسط. ففي ذلك الحين لجأ تيار في الصهيونية الأميركية إلى تضخيم فكرة أن اليهود ضحايا، وتصدرت مسألة الهولوكوست جدول انشغالات الحركة الصهيونية، حتى إنه جاءت مرحلة اعترف فيها عدد من مثقفي اليهود بأن الهولوكوست حلَّت محل الليبرالية كأيدولوجية التنظيمات اليهودية في أميركا.
خرج كاتب آخر من قادة الفكر اليهودي في أميركا يقول إنه كان من أشد مؤيدي إسرائيل ولكن بعد الزيادة الهائلة في نفوذ المتشددين الدينيين وسوء معاملة الفلسطينيين والاستمرار في بناء المستوطنات وسكوت الحكومة على تصرفات المستوطنين وتطرف السياسة الخارجية الإسرائيلية قرر أن ينتقل إلى موقف المعارضة والانتقاد وانضم إلى موكب الدعوة بضرورة إنقاذ إسرائيل من نفسها. يقول Alan Wolfe إنه سجل اعتراضاته الشديدة في كتابه بعنوان « الشر السياسي»، وأن آخرين سلكوا الطريق نفسه وعلى رأسهم المفكر الكبير Gresham Gorenberg وأستاذ الإنسانيات بجامعة كولومبيا Bruce Robbins، هؤلاء وغيرهم يعتقدون أن ضرراً كبيراً وقع على المواطن اليهودي في أميركا الذي أجبرته المنظمات الصهيونية على ترديد القول إن إسرائيل دائماً على حق، الأمر الذي «أفقد اليهودية روحها» ودفع بالكثيرين إلى الانفضاض عنها احتراماً لحريتهم في التعبير وحفاظاً على الليبرالية.
في هذه الأجواء المشحونة بالغضب وخيبة الأمل من السياسات الإسرائيلية وهيمنة المنظمات الصهيونية المرتبطة بها خرج أيضاً من يدعو إلى إنشاء منظمة صهيونية بديلة أو موازية لـ «إيباك» ترفع شعار تأييد إسرائيل والسلام معاً. وبالفعل قامت جماعة أطلقت على نفسها اسم جي ستريت J Street، يقودها مفكرون ورجال أعمال من اليهود الحريصين على «إنقاذ إسرائيل من نفسها» وعلى وضع أسس لعلاقة صحية بين إسرائيل والولايات المتحدة. تعترف قيادة هذه الجماعة بحق الرئيس الأميركي في الاختلاف مع إسرائيل، ويجب أن يعترف جميع يهود أميركا بذلك. وقد رد المتحدث باسم «إيباك» في مؤتمر عام 2010 قائلاً: «إن الحوار بين أميركا وإسرائيل يجب أن يجري خلف أبواب مغلقة»، وطالب قادة المنظمة المنافسة إذا أرادوا فتح نقاش مع «إيباك» فليكن وراء أبواب مغلقة، مثل حوارات إسرائيل مع أميركا.
عقدت «جي ستريت» مؤتمرها الأول في آذار (مارس) 2009 ولفت النظر آنذاك أن البيت الأبيض بعث بالجنرال جيمي جونز مستشار الأمن القومي ممثلاً للبيت الأبيض في المؤتمر، ولم تعجب هذه اللفتة قيادات «إيباك» وإسرائيل، إذ قيل وقتها أن أوباما وحكومته يشجعان الانقسام داخل الحركة الصهيونية الأميركية وتردد في الوقت نفسه الاقتناع بأن دعم الإدارة لجماعة ضغط معينة لا يأتي من فراغ، فهو إجراء معتاد تلجأ إليه السلطة التنفيذية لتنشئ ضغطاً عليها يحيد ضغطاً من جماعة أخرى. ولم يستبعد بعض المحللين أن يكون الدعم لجماعة «جي ستريت» متعمداً بهدف تخفيف نفوذ «إيباك» على عملية صنع القرار، بهدف خلق قناة ضغط للتأثير على القيادة الحاكمة في إسرائيل.
كان رد فعل «إيباك» وأنصار إسرائيل المتشددين قوياً إلى الدرجة التي دفعت البيت الأبيض إلى إرسال دينيس روس مبعوثا للمؤتمر الثاني لمنظمة «جي ستريت» في آذار (مارس) 2011. وبالفعل قوبل روس ببرود شديد من أعضاء المؤتمر وبخاصة حين كرر موقفه المعادي للسلام واتهم المنظمة الجديدة بأن أجندتها غير واقعية وأنها تخطئ حين توحي في خطابها بأن المشكلة الوحيدة في الشرق الأوسط هي المستوطنات بينما المشكلة الوحيدة هي حكومات الشرق الأوسط المستبدة، وأكد مرة أخرى على موقفه وموقف «إيباك» من أن الأمم المتحدة ليست المحفل المناسب لإجراء مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي 24 آذار (مارس) الجاري عقدت «جي ستريت» مؤتمرها الثالث، فكان الانعقاد في حد ذاته دليلاً على قوة صمود المنظمة أمام حملة الابتزاز والتشهير التي شنتها ضدها الأجهزة الصهيونية والإسرائيلية. آلان ديرفوفيتش أستاذ القانون الدولي في هارفارد وأشد الأكاديميين الصهاينة تطرفاً وكراهية للعرب والمسلمين قال في هجومه على انعقاد المؤتمر الثالث «عار أن تقدم جي ستريت نفسها كجماعة ضغط مستقلة، والدليل على أن أعضاءها ليسوا من أنصار إسرائيل أنهم وجهوا الدعوة لزبغنيو برجينسكي مستشار الأمن القومي في عهد كارتر وأحد مستشاري أوباما لحضور المؤتمر. يرد هادار ساسكين أحد قادة «جي ستريت» أنه لا توجد في أميركا جماعة تتحدث بصوت واحد. هناك دائماً اختلافات في الرأي وليس من حق «إيباك» أن تسكت منظمات يهودية أخرى لمجرد أنها تختلف معها.
تتغير خريطة أميركا الأيديولوجية كغيرها من الخرائط الأميركية، ولا يمكن أن تفلت الحركة الصهيونية الأميركية، باعتبارها جزءاً أصيلاً في خريطة أو أكثر من هذه الخرائط من التغيير. ولا شك في أن ظهور «جي ستريت» وصمودها من أهم علامات هذا التغيير. أتفق مع جاك برلينو الأستاذ بجامعة جورج تاون ومدير برنامج الحضارة اليهودية الذي علق على ظاهرة «جي ستريت» بالقول إن بعض اليهود خافوا حين كشفت بعض المؤشرات عن علاقة بين هذه الجماعة من ناحية والبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية من ناحية أخرى، وأن المنظمة الوليدة صارت تجد آذاناً صاغية داخل كل منهما.الحياة، لندن، 2/4/2012
**نتنياهو يعرض إنجازاته قبل الانتخابات
علي حيدر: في خطوة يصعب فصلها عن التنافس الحزبي تمهيداً للانتخابات المقبلة، وبهدف احتواء أي حركة احتجاج جديدة في الشارع الإسرائيلي، مرتقبة، عرض رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، «إنجازات» حكومته خلال السنوات الثلاث الماضية، في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، مشدداً على الخطوات التي قامت بها إزاء التهديدات الأربعة التي تواجهها الدولة العبرية، بدءاً من الخطر النووي الإيراني والخطر الصاروخي، وصولاً إلى شبكة الحواسيب العالمية وأمن الحدود.
وفي ما يتعلق بالتهديد الإيراني، رأى نتنياهو أنه استطاع أن يثبت أنه يملك القدرة على العمل في الساحة الدولية، وفي ضوء ذلك «يمكنه قيادة إسرائيل»، مؤكداً أن حكومته تعمل على دفع المجتمع الدولي باتجاه ممارسة الضغوط الآخذة في التزايد على إيران. ورأى أيضاً أنه تمكن من تحقيق انتصار في الموضوع الإيراني، لكنه أضاف أن «المشكلة لم تعالج، ونواصل استخدام قوى كبيرة في مواجهة هذه المشكلة».
في مواجهة خطر الصواريخ، تحدث نتنياهو عن قرار الحكومة زيادة منظومات الاعتراض الصاروخي للدفاع عن الجبهة الداخلية، وعن «السياسة الحازمة» التي تتبعها حكومته رداً على «كل من يسعى للاعتداء» على إسرائيل. ولفت نتنياهو إلى قراره تأليف هيئة وطنية للتعامل مع شبكة الحواسيب العالمية، وإلى عملية إقامة السياج الأمني على الحدود المصرية، الذي سينتهي نهاية هذا العام، لتأمين أمن الحدود.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد نتنياهو ضرورة الاستمرار بالجهود لزيادة دمج المواطنين العرب الحريديم في سوق العمل، وخفض مستوى الفقر في إسرائيل، معتبراً أن حكومته حققت نجاحات عبر اتباع سياسة مسؤولة بعيدة عن الشعبوية.
أما بخصوص التسوية على المسار الفلسطيني، فقد كرر نتنياهو موقفه بخصوص الدعوة إلى استئناف المفاوضات ورغبته «في حل النزاع» مع الفلسطينيين، انطلاقاً من أنه لا يريد «دولة ثنائية القومية».
الاخبار، بيروت، 4/4/2012


**رون بن يشاي - محلل عسكري "يديعوت أحرونوت"، 5/4/2012
[يجب الرد على إطلاق الصواريخ من داخل سيناء حتى لو كان الثمن توتر العلاقات مع مصر]
  • فاجأ الصاروخ الذي انفجر هذه الليلة وسط مبان في إيلات سكان هذه المدينة، لكنه لم يفاجىء القوى الأمنية ولا الاستخبارات. فقد كانت تقديرات الجيش الإسرائيلي وقوى الأمن الداخلي والشرطة تشير إلى أن إطلاق الصواريخ من سيناء على إسرائيل هو مسألة وقت فقط. وحتى القيادة السياسية في إسرائيل المتمثلة في وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كانت على علم باحتمال وقوع مثل هذا القصف. وهنا يُطرح السؤال التالي: كيف يمكن إحباط عمليات إطلاق الصواريخ من سيناء على إيلات أو الرد عليها من دون التسبب بتدهور خطير في العلاقات مع مصر، ومن دون تعريض اتفاق السلام معها، الذي لا يزال صامداً حتى الآن، إلى الخطر؟
  • من الواضح أن المصريين لن يوقفوا إطلاق الصواريخ من سيناء، ليس لأنهم لا يريدون ذلك، وإنما لأنهم عاجزون عن فعل ذلك، ولا سيما بعد ضعف سيطرتهم على وسط سيناء وجنوبها، فهم يركزون جهودهم على المنطقة الساحلية شمالي سيناء، والتي هي أيضاً لا تخضع بشكل تام لسيطرتهم. ولذا، على الجيش الإسرائيلي وقوى الأمن الداخلي القيام بهذه المهمة.
  • ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يجب وضع خطة عمل تتضمن العناصر التالية: جدار حدودي فعال (تم بناء نصفه حتى الآن)؛ جمع المعلومات الاستخباراتية الدقيقة من الجو ومن البر من داخل منطقة سيناء؛ استخدام القوات الجوية والبرية وحتى البحرية في الرد على الخلايا التي تطلق الصواريخ على إسرائيل من سيناء وتحضر لهجمات ضدها. ويعني هذا خطة عمل مشابهة لتلك التي تستخدمها إسرائيل على الحدود مع غزة.
  • لقد تحولت شبه جزيرة سيناء خلال العام المنصرم إلى الساحة المفضلة للمنظمات الفلسطينية الغزاوية للقيام بهجماتها من هناك أو لإطلاق الصواريخ، وذلك للأسباب التالية: غياب السلطة المصرية؛ الحوافز المالية والإسلامية التي تدفع البدو في سيناء، الذي يعرفون المنطقة معرفة جيدة، إلى تقديم خدماتهم لكل من يدفع لهم؛ الأهم من هذا كله، معرفة البدو بأن إسرائيل لن تقدم على عمل داخل سيناء لوقف عملياتهم خوفاً من التورط العسكري والسياسي مع المجلس العسكري الأعلى في مصر، وكي تتجنب إثارة غضب الشارع المصري الذي يفرض رغبته على الأحزاب الإسلامية المسيطرة حالياً على الحياة السياسية.
  • بناء على ذلك، إذا لم ترد إسرائيل بسرعة وقوة على إطلاق الصواريخ من سيناء، فإنها ستجد نفسها عاجلاً أم آجلاً في مواجهة الوضع الذي كان قائماً على الحدود مع قطاع غزة في إثر الانسحاب الإسرائيلي من هناك سنة 2005.
  • تملك حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"لجان المقاومة الشعبية" صواريخ ثقيلة بعيدة المدى من طراز غراد و"فجر-5" الإيرانية الصنع. ومن السهل نقل هذه الصواريخ سراً إلى سيناء عبر الأنفاق، الأمر الذي يعني أن المنطقة التي ستكون معرضة لخطر القصف لن تقتصر على إيلات وقسم من البلدات الواقعة في منطقة العربة، بل ستتعداها إلى منطقتي متسبيه رامون ونيتسنا بالإضافة إلى مناطق أخرى.
  • من المنتظر أن تمارس إسرائيل في البداية ضبط النفس، وتجري اتصالات مع المصريين، وتطلب من واشنطن ممارسة الضغط على القاهرة وعلى الإخوان المسلمين. لكن، في المقابل، عليها أن تتحرك عسكرياً أيضاً وفق المبدأ الذي وضعه الجيش الإسرائيلي في الصيف الماضي، أي الرد على أي إطلاق للصواريخ من سيناء بقصف أهداف في غزة، سواء أكان وراء القصف تنظيمات من غزة أم البدو من سكان سيناء الذين يعملون بتوجيهات فلسطينية. لكن ماذا سيجري لو كان إطلاق الصواريخ من سيناء على إسرائيل هو من عمل مجموعة جهادية تنتمي إلى القاعدة؟
مما لا شك فيه أن من واجب متخذي القرارات في إسرائيل فعل كل ما في وسعهم للدفاع عن أمن وحياة مواطنيهم، وحتى لو كان الثمن إلحاق الضرر باتفاق السلام مع مصر.


رؤوبين بدهتسور
إذا كان لا يزال يوجد من يتسلى بفكرة الهجوم على إيران دون موافقة الإدارة الأميركية، فيجدر به أن يقرأ التقرير الذي نشره قبل ثلاثة أسابيع "سي.آر.اس"، وهو جسم البحث التابع لمجلس النواب الأميركي، وفُصلت فيه المساعدة الأميركية التي أُعطيت لإسرائيل على مدى السنين. ان تعلق إسرائيل بالولايات المتحدة كبير جدا، كما تُبين معطيات التقرير، حتى أن كل قرار للهجوم قد يُعرض استمرار المساعدة للخطر، ويبلغ حد عدم المسؤولية الآثم.
إن تجميع المعطيات، التي تظهر في التقرير، لا يقل عن كونه مدهشاً. فعلى مر السنين حولت الولايات المتحدة إلى إسرائيل مساعدة تزيد على 431 مليار شيقل (أكثر من 115 مليار دولار). ومن أجل وضع هذه الأشياء في تناسب نقول إن إسرائيل حصلت من الولايات المتحدة على مساعدة أكبر من التي حصلت عليها 15 دولة في أوروبا معاً في إطار خطة مارشال لعلاج القارة المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية.
نُقل جزء كبير من المساعدة الأميركية إلى إسرائيل بصفة هبات عسكرية لا تقل عن 253 مليار شيقل (أكثر من 67 مليار دولار). وهذا العام مثلا تبلغ الهبة العسكرية مباشرة 3.1 مليار دولار (نحو 12 مليار شيقل) هي خُمس ميزانية الدفاع. واستقر الرأي في العام 2007 على ان يُمنح الجيش الإسرائيلي هذا المبلغ كل سنة حتى العام 2018. وتدعو أصوات غير قليلة في مجلس النواب في واشنطن إلى تقليص المساعدة العسكرية لإسرائيل أخذا في الحساب وضع الولايات المتحدة الاقتصادي الصعب. والهجوم على إيران دون موافقة أميركية سيعزز موقفهم بما يشبه اليقين.
لكن التعلق في المجال الأمني لا يتلخص بمقدار الهبة العسكرية السنوية. فمنذ العام 2006 حولت الولايات المتحدة إلى إسرائيل أكثر من 1.5 مليار دولار (نحوا 6 مليارات شيقل) من اجل خططها المختلفة للحماية من الصواريخ ومنها القبة الحديدية و"حيتس 2" و"حيتس 3" و"الصولجان السحري". ويُمكّن الأميركيون الجيش الإسرائيلي أيضا من استخدام مجموع سلاحهم للطوارئ المخزن في إسرائيل. وقيمة السلاح الموجود في مخازن الطوارئ الأميركية في إسرائيل 1.2 مليار دولار.
ومن المساعدات الأهم في المجال العسكري نصب رادار بذبذبة إكس في النقب قادر على تحديد مواقع صواريخ مهاجمة في مدى يزيد على 900 كم (قياسا بقدرة الرادار الإسرائيلي الأكثر تقدماً على الكشف والتي تبلغ مدى 160كم). ومنذ 2001 تجري إسرائيل والولايات المتحدة تدريبات كل سنتين هي "جوبيتر كوبرا"، يتم فيها التأليف والفحص عن نظم إسرائيلية وأميركية للحماية من الصواريخ. وقد أجازت الإدارة أن تُباع إسرائيل 75 طائرة أف 35 بكلفة تبلغ 11 مليار دولار يُنفق عليها كلها من المساعدة العسكرية.
وإذا لم يكن كل ذلك كافيا، فإن الولايات المتحدة منحت إسرائيل مساعدة اقتصادية بلغت 31 مليار دولار (حتى سنة 2007)، وهبات لاستيعاب الهجرة بلغت 1.66 مليار دولار. وفوق كل ذلك توجد الضمانات التي منحتها الإدارة الأميركية لإسرائيل للحصول على قروض بفائدة منخفضة. وفي 2003 تمت الموافقة لإسرائيل على ضمانات تبلغ 9 مليارات دولار لثلاث سنين و1 مليار دولار آخر كهبة عسكرية. وبعد حرب لبنان الثانية أُطيل أمد الضمانات إلى 2011 وتجري الآن مباحثات في إطالة أخرى.
وبين الفينة والأخرى أيضا تمنح الولايات المتحدة إسرائيل "مساعدة طوارئ". هذا ما كان في العام 1991 حينما وافق مجلس النواب الأميركي على تحويل 650 مليون دولار لتغطية الأضرار والنفقات الإسرائيلية في حرب الخليج الأولى. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي أُجيز لإسرائيل ضمانات لقروض تبلغ 10 مليارات دولار مساعدة على استيعاب المهاجرين. وفي التسعينيات حصلت إسرائيل على 1.2 مليار دولار لإعداد قوات الجيش الإسرائيلي التي خرجت من الضفة الغربية من جديد. ويفصل التقرير مساعدات ودعماً آخر أيضاً.
يجدر ببنيامين نتنياهو وايهود باراك قبل ان يُجمعا على مهاجمة إيران ان يستمعا للمعارضة الأميركية للهجوم الإسرائيلي وان يقرآ هذه الوثيقة الآسرة وان يفهما عمق تعلق إسرائيل بالولايات المتحدة والمعنى المدمر لإضرار محتمل بالمساعدة الأميركية.
عن "هآرتس"، 4/4/20121-الأيام، رام الله، 5/4/2012

ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية: قال المراسل العسكري الصهيوني "يوآف زيتون" إنّ لواء "ناحال"، العامل ضمن فرقة غزة في قيادة المنطقة الجنوبية، يلخّص مرحلة حسّاسة في القطاع المحفوف بالمخاطر، ناقلاً عن قائد كتيبة الاستطلاع في اللواء، الممسك بالقطاع المركزي في غلاف غزة، أنّ الجيش كان في الفترة الأخيرة على مسافة قصيرة من إجراء حربي يتمثل بعمليّة برية في قطاع غزة، ولذلك فإن اللواء في الآونة الأخيرة يركز عمله على أساليب الهجوم، والتأسيس للأحداث الكبرى. وأضاف: جنود وحدات النّخبة في اللواء، استعدّوا في الأسابيع الأخيرة ليكونوا الأوائل في دخول القطاع، ومن وقت لآخر يمكنهم ملاحظة على مدى مئات الأمتار المواقع والمسلّحين من حماس، التي لم تطلق هذه المرّة صواريخ، لكنها إن شاركت في المرحلة القادمة، سيبدو كل شيء مختلف تماماً، لأنّ لديها قدرات جيدة، وقد تعلمت من الجولة الأخيرة، ونحن تعلمنا أيضاً ألا نستعدّ للحرب السّابقة، بل للقادمة".
وكشف "زيتون" أن قوّات اللواء المذكور نفذت مهام تحت تهديد الصّواريخ المضادة للدّروع من نوع متقدّم، قذائف الهاون الموجّهة للمواقع العسكرية وأنفاق الهجوم، وحاول الجنود العمل ضمن تضليل توقّعات حماس وكسر الرّوتين، واليوم المقاتلون يعرفون أنّه من الممنوع عليهم الوقوع في الفخّ، وبات قائد السرية يستطيع التفكير كيف يمكن دخول غزة، والقتال فيها، وفي ذات الوقت كيف يمكن إخراجهم من هناك، وإن اضطررنا لاحتلال أراضي في القطاع، حينها سنفعل، ولو مقابل مصابين في صفوفنا. وأشار إلى أن تدريبات الجنود تقوم على أساس التبادل والتعمية لأقصى حدّ حتى لا يتم كشفهم، ومنع الاختطاف حتّى عند الخطر، وإصابة الجندي المختطف.
القوات العملياتية
من جهتها، ألمحت محافل عسكرية صهيونية إلى أنّ المواجهات الأخيرة على حدود قطاع غزة شهدت تحولاً في طابع القوات العاملة فيها، حيث استهدفت الحملات العسكرية عدة أهداف في أكثر من اتجاه، تعيد للأذهان عناصر العقيدة العسكرية الصهيونية المرتكزة في أساسها على نقل المعركة دائماً إلى "ساحة العدو"، وهو ما كان سائداً في مختلف الحروب التقليدية، سواء في الجولان أم سيناء، خلال حروب 1956، 1967، 1973، وفي جنوب لبنان سنة 1982، واليوم في قطاع غزة.
وأضافت: التوجه الجديد يقضي بالتخطيط لتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة، دون أن يثقل على الجيش وأجهزته الأمنية، بحيث يصبح التنسيق العسكري الميداني أعلى صور التعاون التي ميزت العلاقات المتبادلة بين الجانبين، وإلا ستصبح "إسرائيل" عرضة لمخاطر وتهديدات لم تشهدها من قبل، في ضوء أن الفصائل الفلسطينية في غزة، خاصة حماس، تعمل على بناء خطط تنفيذية، وإذا ما استمر هذا الوضع، فينبغي التفكير كيف ستظهر المنطقة بعد نحو سنة، نشطاء الحركة يقيمون أنفاقاً، ويبنون تحصينات، ويعملون على خطط قتالية مستوردة.
كما أن البنية التحتية للتربة في قطاع غزة تسمح لهم بالقنص، واستمرار النار، وزرع عبوات وغيرها، وبعد سنة سيكون التهديد كبيراً أكثر مما هو عليه اليوم، إذ أن حماس تستغل زمن التهدئة لتعاظم قوتها، وغدا لديها هواء للتنفس، وهي تتعاظم حالياً.
الجهاز العسكري
وهو ما دفع برئيس دائرة العمليات السابق في هيئة الأركان، "سامي ترجمان" للتحذير من أنه بعد عدة أشهر سنتصدى لقدرات عسكرية لم نشهدها من قبل في قطاع غزة، لاسيّما الصواريخ المضادة للدبابات، بعد أن اجتاز رجال حماس تدريبات وتأهيلات في طيف واسع من المجالات؛ كالقنص، والتفجير، ومضادات الدبابات، والتحصين، والاستحكامات، ونشوء منظومة قتالية حقيقية، وتبلور مفهوم شامل مع قدرات شبه عسكرية لم نعرفها من قبل". كما أن ملخصات التقارير التي تصدرها الأجهزة الأمنية حول تعاظم بنية حماس، تقترب من وصفها بالتهديد الاستراتيجي والوجودي لـ"إسرائيل"، وهو ما يعاظم النقد داخل الحكومة على "سياسة التجلد" في ضوء تنامي قوة حماس العسكرية، كونها باتت تمتلك شبكة اتصال مستقلة، ومعسكرات تدريب ومدربين خبراء، وتتباهى بأن "جيشها" يُبنى بناءً على المعايير المتعارف عليها دولياً، وأصبحت فعليا تتحول إلى "جيش" ناجع بكل ما تعنيه الكلمة، وتستخدم شبكة اتصال خاصة، سواء لتجاوز عمليات التنصت، أو توفير مئات آلاف الدولارات التي يتمّ إنفاقها على إجراءات الاتصال التي يستخدمونها. ويمكن رؤية بوادر جيشها القادم، فالحركة تعزز معسكرات تدريب في كل مدينة في قطاع غزة، تصل مساحة بعضها 20 دونماً، والنشطاء الجدد كما المخضرمون، يتوجهون عدة أيام لمعسكرات التدريب العملي على عمليات إطلاق النار، والقذائف الصاروخية، وإعداد العبوات الناسفة. ويقدر الجيش الصهيوني ذراع حماس العسكري في غزة بأنه جهاز مؤهل حسب المعايير العامة لكل جيش مهني في العالم، وبالتالي هناك قلق غير بسيط منها، ويرى بأنه في حالة اجتياح بري للقطاع، سيكون لديها جيش مكون من 12–13 ألف مقاتل ينتظرونهم، موزعين في عدة ألوية، لكل لواء قائد يرأس قادة كتائب، وداخل الكتائب توجد قوات خاصة، كل شيء واضح لهم، نظام الحركة والاتصال مثلما في الجيش، يبعثون بـ20 رجل للتدريب في الخارج، وهؤلاء يدربون 400 مقاتلاً في غزة".
موقع ويللا الإخباري
الترجمات العبرية 2509، مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية، 4/4/2012




**دروس عسكرية في ذكرى "السور الواقي"
د. عدنان أبو عامر
قبل أيام قليلة حلت الذكرى السنوية العاشرة للعملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية "السور الواقي"، وأعيد خلالها احتلال كامل الضفة، بعد شهر دام من العمليات الاستشهادية، واليوم يعاد الحديث الإسرائيلي بصورة غير بريئة عن إمكانية تكرارها في قطاع غزة.
وربما ما يدفع الساسة والعسكر في تل أبيب لطرح هذه الفرضية الخطيرة والمكلفة للجانبين، عدم قدرة الجيش حتى كتابة هذه السطور على معالجة التوتر الأمني في مناطق الجنوب، والامتناع عن إسقاط سلطة حماس، وما أسفر عن ذلك هو الإثقال على عملية عسكرية موجهة إلى غزة، لأنها قد تفضي إلى تورط مسلح مع مصر، وتصرف الانتباه عما يجري في سوريا، ومكافحة إيران مما سيضطر "إسرائيل" في الظروف الراهنة لاستيعاب عمليات مسلحة، ويكون ردها معتدلاً، دون أن يحقق ردعاً عن استمرار العمليات.
وهو ما قد يشير إلى أن الثنائي "نتنياهو وباراك" قد سلما بهذا الوضع، وعلى الأكثر يرد سلاح الجو بين الفينة والأخرى بقصف لا معنى له، ولا يؤثر في أحد لهدف ذي أهمية ثانوية، ما يعني أن "إسرائيل" لم تخرج من الجولة الأخيرة، ويدها العليا، لأنها بدأت بعملية اغتيال مركز نفذتها لمنع "عملية تفجيرية مخطط لها"، وهذه المرة كان نظام القبة الحديدية مستعداً لرد من أطلقوا مئات القذائف الصاروخية، لكنها أثبتت محدوديتها، وعجزها المتواصل.
ولئن استطاعت القبة الحديدية أن تمنح الجبهة الداخلية حماية خلال عملية عسكرية يجب أن تكون قصيرة لإسقاط نظام حماس في غزة، وهي عملية يجعلها الوضع الدولي الحالي إشكالية جداً، لكنها لا تستطيع أن تمنع حرب استنزاف، أو تشويشاً مطلقاً على الحياة في المنطقة المعرضة للقصف، كما لا تستطيع القبة الحديدية وقف طوفان الصواريخ، ولا يجدر التخمين ما الذي سينفد قبل: مجموع الصواريخ الرخيصة التي يملكها المسلحون في غزة، أم الصواريخ باهظة الثمن جداً المخصصة لاعتراضها؟
كما أن الخسائر التي أصابت المسلحين في الجولة الأخيرة لم تردعهم، ويمكن أن يكونوا مستعدين بحسب حساباتهم لدفع هذا الثمن بإصابة الحياة في مناطق واسعة من الدولة العبرية بالشلل، وقد برهنوا أنه رغم القبة الحديدية سيكون من الواجب عليها أن تدفع ثمناً باهظاً عن كل عملية اغتيال مركز، مما جعل "إسرائيل" تبدو في حالة "انكماش" وفي نقطة حرجة.
ورغم أنها أعلنت غير مرة أنه يجب على حماس، لأنها تسيطر على غزة، أن تضمن الهدوء، فإذا لم تفعل، ستصاب هي وسلطتها، لكنها لا تزال تتحدث بهذه اللغة، وتخلت عن موقفها بالفعل، فيما حماس التي تتمكن من إطلاق الصواريخ على (إسرائيل) فضلاً عن أنها لا تصاب، أخذت تصبح بالتدريج "الجهة المعتدلة".
يتزامن ذلك، مع تصريحات وتلميحات عسكرية تصدر عن جهات وازنة في هيئة الأركان مفادها أن الفلسطينيين يحاولون جر الجيش للدخول إلى قطاع غزة، لأنهم يعلمون عدم امتلاكه قدرات عسكرية تميزه عنهم في القتال البري، ما يعني تكبده خسائر غالية جداً على الأرض، لأنه عندما يقتحم جندي يحمل سلاحاً من نوع "إم16" مبنى ما، ويجد أمامه أحد المسلحين يحمل سلاحاً من نوع كلاشينكوف، فهم بالتأكيد متساويان في قدراتهما، وبالتالي فإن الميزة المتوفرة لجنود الجيش في الأجواء غير متوفرة على الأرض.
وفي حين تزعم محافل أخرى أن الحرب ضد المنظمات الفلسطينية شكلت نجاحاً عسكرياً، إذا ما تعاطينا معها بالتوازن السليم، وتدل على قدرة الجيش على التغير والتنظيم والتعلم، وتصديه لمسائل تكنوقراطية تكتيكية للعملية العسكرية في المناطق المدنية المكتظة لمخيمات اللاجئين، ووحداته الميدانية تجيد عملها بشكل عام على الفور، وابتكار أساليب كاقتحام الحيطان من بيت إلى بيت، مما أتاح عبوراً آمناً نسبياً ضد نار القناصة والعمليات التفجيرية، أو استخدام فريق المفاوضات لدى هيئة الأركان المخصص بالأصل للمساومة على الرهائن، لتفكيك أوضاع تمترس دون حاجة لنار كثيفة.
وبعد عقد كامل من الزمن من عملية السور الواقي فإن تحولاً جرى على طبيعة الأعمال المسلحة الفلسطينية، فبدلاً من الاستشهاديين الذين شكلوا أساساً للعمليات انطلاقاً من الضفة الغربية، أصبحت اليوم موجات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه الأهداف الإسرائيلية، وفي مواجهتها، لا مناص من تنفيذ عملية عسكرية واسعة على غرار عملية "السور الواقي"، لأن العمليات التي جرى تنفيذها مثل "الرصاص المصبوب" لم تستطع القضاء على قواعد المنظمات في غزة.
فلسطين أون لاين، 1/4/2012

اعتبر المساعد السابق للرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دنيس روس، في مقالة نشرها في صحيفة «واشنطن تايمز» بالاشتراك مع الباحث في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» دايفيد ماكوفسكي، أن الاجتماعات الأخيرة بين الرئيس الأميركي باراك اوباما ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو طرحت عددا من النقاط المشتركة بين الدولتين حيث انهما يتفقان على أن الهدف هو منع إيران من حصولها على السلاح النووي وليس احتواءها، بالإضافة إلى أن من شأن تسلح إيران أن ينتج سباق تسلح في المنطقة.
أما الاختلاف بين الدولتين فهو ناتج عن حقيقة أن الولايات المتحدة نتيجة لقدرتها العسكرية الفائقة قادرة على إعطاء الحل الدبلوماسي فرصة أكبر من إسرائيل، لأن الأخيرة كما قال وزير الدفاع إيهود باراك، في حال حصول إيران على القدرة النووية، لن تعود قادرة على استخدام الحل العسكري.
لذلك يعتبر الكاتبان أنه من أجل الحفاظ على الحل الدبلوماسي يجب على المحادثات التي ستجري بين إيران ومجموعة «5 + 1» في 13 نيسان الحالي أن تطمئن إسرائيل الى أنها ستؤدي إلى نتائج تجعلها تتخلى عن خيارها العسكري، «وبالتالي يجب على واشنطن تحديداً أن تؤكد لإسرائيل أنها ستبحث عن مؤشرات ملموسة وقابلة للتحقيق بأن إيران ستستجيب لكافة التزاماتها في ما يتعلق ببرنامجها النووي. ثانياً، على المسؤولين الأميركيين أن يناقشوا تلك المؤشرات مع الإسرائيليين واستشارتهم حول المفاوضات الجارية. ثالثاً، على واشنطن أن تناقش مع الإسرائيليين والإيرانيين ومجموعة الخمس وألمانيا الإطار الزمني لتقدم المفاوضات بما يبرر استمرارها. ورابعاً، يجب على الولايات المتحدة أن تؤكد أن فرصة الحل الدبلوماسي بدأت بالنفاد وأن خيار استعمال القوة مطروح».
ويعتبر الكاتبان أن على إسرائيل أن تفهم جيداً أنه في حال فشل الحل الدبلوماسي، فإن نجاح الحل العسكري سيكون محدوداً إن لم يترافق مع عقوبات دولية لمنع وصول مواد أساسية لإيران لإعادة بناء مشروعها النووي.
السفير، بيروت، 3/4/2012

**أمريكيا والقدس جمال أبو ريدة
لم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية طوال السنوات الخمس والستين الماضية، هي عمر دولة الاحتلال (الإسرائيلي)- من تقديم الدعم السياسي والعسكري "اللامحدود" "لدولة (إسرائيل)، وإنما تبنت وجهة النظر (الإسرائيلية) السياسية والدينية كاملة من القضية الفلسطينية بشكل عام، ومدينة القدس بشكل خاص، وقد جاء هذا الدعم بفعل أسباب عدة كان أهمها -حسب وجهة نظري- قوة "اللوبي" اليهودي المتنفذ في المؤسسات الأمريكية الفاعلة، وواحد من عناصر القوة للوبي اليهودي التي برزت في السنوات الأخيرة، هي لجنة العلاقات الأمريكية– الإسرائيلية "إيباك"، التي لها التأثير الواضح على الكثير من المؤسسات الأمريكية، وتحديدًا مؤسسة الكونغرس، وهو أهم المؤسسات التشريعية الأمريكية، حيث استطاع مثلاً تمرير مشروع قرار يطالب فيه الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس كعاصمة لـ(إسرائيل) لا تقبل التقسيم، وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد وقع قراراً للكونغرس الأمريكي يعتبر القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، على الرغم من مناقضته لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن القدس، ومخالفته نهج السياسة الأمريكية القائمة على تحديد وضع القدس خلال محادثات الوضع النهائي بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين).
ولعل الوقوف على بعض المواد التي جاء عليها مشروع القرار يوضح المقدرة العالية للوبي اليهودي على تزييف الحقائق التاريخية من جانب، والسذاجة السياسية التي عليها أعضاء الكونغرس الأمريكي من جانب آخر، فمثلا توصل الكونغرس إلى أن القدس هي عاصمة للشعب اليهودي لأكثر من 3 آلاف عام، وأنها لم تذكر بالاسم في القرآن الكريم، إلى غير ذلك من الأكاذيب والأباطيل، التي هي في حقيقة الأمر وجهة نظر اليمين (الإسرائيلي) المتطرف، الذي لا يزال يسعى إلى تحقيق مقولة رئيس وزراء (إسرائيل) "دافيد بن غوريون" الكاذبة وهي: "لا قيمة لـ(إسرائيل) بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون الهيكل"، ووجه الكذب أن كتب التاريخ قد وضحت أنه لا علاقة لليهود بأرض فلسطين من قريب أومن بعيد، وأن وجودهم على هذه الأرض قد جاء بفعل الدعم الغربي اللامحدود، في لحظة ضعف أصابت الأمة لعربية، وأن هذا الوجود سينتهي بانتهاء هذه الأسباب.
إن هذا التزييف "المتعمد" للحقائق التاريخية حول مدينة القدس، قد جاء بسبب فشل كل الجهود غير العادية التي قامت بها (إسرائيل) منذ العام 1967م إلى يومنا هذا، والتي تتمثل اليوم في الحفريات والأنفاق تحت أساسات المسجد الأقصى بحثًا عن هيكل سليمان المزعوم، للحصول على أي إثبات تاريخي للحق اليهودي في المدينة، ولعل ما خلص إليه عالم الآثار اليهودي "إسرائيل فلنكشتاين"، والذي يعرف بأبي الآثار (الإسرائيلية)، بعدم وجود أي شواهد تاريخية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة، حول الحق اليهودي في المسجد الأقصى تحديدًا، تكفي وحدها لتكذيب ليس مطالبة (إسرائيل) بجعل مدينة القدس عاصمة لـ(إسرائيل) فحسب، وإنما تكذب أي حق تاريخي أو ديني لليهود في فلسطين عامة بشهادة المؤرخين اليهود أنفسهم.
ولعل من الأهمية بمكان القول إن هذه الحقائق المهمة وغيرها التي تكذب أي حق لليهود على أرض فلسطين، لم توظف بالشكل المطلوب من الفلسطينيين والعرب على حد سواء، لفضح الأكاذيب اليهودية حول الحق المزعوم لهم في أرض فلسطين، الأمر الذي أعطى (إسرائيل) الفرصة الكاملة "للتغول" أكثر، على الحق العربي والإسلامي في المدينة، والعمل الجاد على تهجير بل وطرد سكان المدينة، لجعل هذه المدينة في السنوات القليلة القادمة، ليس عاصمة لـ(إسرائيل) فحسب وإنما عاصمة للشعب اليهودي، ولعل ما شجع (إسرائيل) أكثر على ذلك هو قبول منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضاتها مع (إسرائيل)، بجعل مصير هذه المدينة يتحدد في ضوء المفاوضات النهائية.
إن مطالبة (إسرائيل) بالقدس كعاصمة موحدة للشعب اليهودي هو تنكر واضح لأي حق فلسطيني وعربي وإسلامي في المدينة، الأمر الذي يستدعي توحد كل الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية، للتأكيد على أن القدس وفلسطين معًا لم تكونا في يوم من الأيام إلا أرضًا عربية وإسلامية خالصة، وأن الدعم الأمريكي اللامحدود لـ(إسرائيل) لا يستطيع أن يغير الحقائق التاريخية، وأن الواجب الأمريكي يقتضي من بعد اليوم التوقف الفوري عن الدعم اللامحدود لـ(إسرائيل)، وذلك بالاعتراف بالحقوق السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني، خصوصا بعد الربيع العربي الذي نجح إلى اليوم في الإطاحة بأربعة من النظم العربية الحليفة لأمريكا، وعلى رأسها نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ولا يزال الربيع العربي يحقق المزيد من النجاحات السياسية، وواحد من هذه النجاحات هي نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكثر من دولة عربية، وفاز فيها الإسلاميون بغالبية الأصوات، الأمر الذي من شأنه أن يعيد التوازن السياسي في المنطقة العربية، الذي ظل إلى يومنا هذا مختلا لمصلحة (إسرائيل).
فهل تعي الولايات المتحدة حقيقة التغيير الحاصل في العالم العربي، وتبدأ في تغيير موقفها الداعم لـ(إسرائيل)، أم تبقى على موقفها المؤيد مع تحمل تبعات هذا الموقف؟.
فلسطين أون لاين، 31/3/2012
**ليست ضربة واحدة وانتهينا دنيس روس ودافيد مكوفسكي
كتب الكثير حتى الآن عن الفوارق في الرأي بين اسرائيل والولايات المتحدة في مسألة النووي الايراني، ولكن اللقاء الاخير بين الرئيس اوباما ورئيس الوزراء نتنياهو أضاء أيضا نقاطا أساس من التقارب: فكلاهما يتفقان على أن الهدف هو المنع، ليس الاحتواء، وأن ايران نووية من شأنها أن تشعل سباق تسلح في منطقة خطيرة. خطر الحرب النووية في الشرق الاوسط هو عمليا السبب الذي جعل اوباما يشير الى أن الموضوع هو «مصلحة اميركية قومية».
لهذا السبب فإن المسألة الايرانية تحمل مسؤولية عالمية. من المهم ان تستقبل كل عملية عسكرية في الاسرة الدولية كنتيجة مباشرة للعناد الايراني. اذا كان استخدام للقوة، فيجب لهذا أن يكون لان ايران هي التي جلبته على نفسها. في ظروف من هذا القبيل منطقي أكثر بكثير أن بعد الهجوم سيكون العالم قادرا على أن يواصل العقوبات والعزلة الدولية لايران، وكلاهما حيويان لمنع ايران من اعادة بناء برنامجها النووي.
مع المحادثات بين ايران والدول الاعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الامن في الامم المتحدة وألمانيا، والتي يفترض ان تبدأ في 13 نيسان، ثمة حاجة لتبديد الخوف الاسرائيلي من أن تستمر المحادثات الى ما بعد النقطة التي يكون لا يزال ممكنا فيها استغلال الخيار العسكري. عدد من الخطوات يمكن ان توفق بين الجداول الزمنية لاسرائيل وللولايات المتحدة مع النشاط الدبلوماسي المستمر.
أولا، على واشنطن أن تضمن لاسرائيل ان الولايات المتحدة ستبحث عن أدلة ملموسة على أن ايران تعتزم الايفاء بتعهداتها بالنسبة للبرنامج النووي. ثانيا، محافل رسمية اميركية يتعين عليها أن تبحث مع الاسرائيليين في هذه المؤشرات والتشاور معهم بشأن المحادثات. ثالثا، على واشنطن ان تبحث مع اسرائيل في الجدول الزمني الذي في إطاره ينبغي للمحادثات أن تتقدم بما فيه الكفاية كي تبرر استمرارها. رابعا، الولايات المتحدة ملزمة بأن توضح بشكل علني بانه طالما كانت جدية في نيتها اعطاء فرصة للدبلوماسية، فان لن تكون مشاركة في عملية مزيفة يكون فيها الزمن للدبلوماسية نفد والبديل هو الخيار العسكري. ولما كانت اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي عادت ايران لتهدد «بمحوها من الخريطة»، فإنه منطقي فقط ان يكون لها ما تقوله بالنسبة لاهداف الدبلوماسية والجدول الزمني لتقدم المحادثات. كلما شعر الاسرائيليون بأن الاخرين يراعون آراءهم فإنهم سيميلون الى اعطاء الفرصة للدبلوماسية للعمل قبل التوجه الى استخدام القوة. على اسرائيل أن تفهم بانه اذا ما فشلت الدبلوماسية واستخدام القوة يتبين كضروري، فإن السياق الذي سيستخدم فيه هذا الخيار هو سياق حرج. هجوم على ايران كفيل بأن يكون محدودا في جدواه اذا لم تأت بعده عقوبات دولية تمنع طهران من اعادة بناء قدرتها النووية.
ممكن التوافق بين ساعتي الولايات المتحدة واسرائيل ومنح الدبلوماسية فرصة للعمل. بشكل مفعم بالمفارقة، كلما كانت هذه الجداول الزمنية منسقة وكلما فهمت طهران هذا الواقع، يكون معقولا أكثر ان يرى الايرانيون بانهم اذا ارادوا الامتناع عن القوة التي ستستخدم ضدهم فانهم ملزمون بان يستخدموا السلم الدبلوماسي الذي تعرضه الولايات المتحدة.
معاريف، 3/4/2012
الحياة الجديدة، رام الله، 4/4/2012



**يهود العراق محمود عباس "أبو مازن"
ذات يوم من أيام صيف عام 1979 كانت الاذاعة الاسرائيلية تبث برنامجا للمذيع الاسرائيلي زكي المختار اسمه " علي ذوقي " ويقوم هذا البرنامج على استضافة المذيع لأحد الشخصيات الاجتماعية او الادبية أو الثقافية العربية واليهودية، وفي ذلك اليوم كان اللقاء مع شاعر يهودي من اصل عراقي اسمه " ابراهام عوبديا " واسمه الاصلي ابراهيم عوض، بدأ الحديث عن الشعر العربي القديم والحديث عن ابرز الشعراء المعاصرين والقدامى، ثم انتقل المذيع ليسأل الشاعر ابراهيم عن بداياته الشعرية وكيف تمكن من تقوية ملكته الشعرية فقال: كنت طالباً في الإعدادية في البصرة ، ولاحظ استاذي انني اتمتع بملكة شعرية ، وكان هذا الاستاذ مسيحيا من فلسطين وهو احد اعضاء البعثة التعليمية التي كانت ترسلها الهيئة العربية العليا الى بعض البلاد العربية مثل العراق والكويت والبحرين وعمان للتدريس مجانا وعلى حساب الهيئة ، لقد نصحني استاذي المسيحي " حنا " حتى أتمكن من اللغة العربية ان احفظ القرآن ، وحفظته فعلا وبدأت الشعر الى أن اصدرت في بغداد اول ديوان في عام 1948 وارسلت نسخة اهداء الى استاذي في القدس اعترافا مني بفضله علي ، ولسوء الحظ فان النسخة لم تصله لأن الحرب كانت قد اندلعت وهاجر استاذي الى الاردن في نفس الوقت الذي هاجرت انا فيه من العراق الى فلسطين بحجة جمع شمل العائلات اليهودية. وانتهى البرنامج.
ان ما يلفت النظر في هذا الحديث هو الاشارة الى جملة قضايا خاصة اولها ان الهيئة العربية العليا على الرغم من كل الظروف الصعبة التي كانت تمر بها البلاد الفلسطينية ، وخاصة مقارعة الاستعمار البريطاني والاستيطان الصهيوني ، كانت ترسل البعثات التعليمية المجانية الى البلاد العربية ، وثانيها ان الوفاق والوئام الذي كان يعيش الناس في ظلاله في البلاد العربية على اختلاف اديانهم وطوائفهم وصل الى حد ان استاذا مسيحيا ينصح طالبا يهوديا ان يحفظ القرآن الكريم ، دون ان يشعر أي منهما بأي حرج ، وثالثها نبرة المرارة التي تحدث فيها الشاعر الاسرائيلي عن الوضع الذي وصل إليه استاذه عندما رحل من القدس بسبب الحرب وما وصل إليه هو نفسه عندما اجبر على الرحيل من العراق موطنه وموطن ابائه واجداده الى فلسطين تحت حجة جمع العائلات .
ان تعبيره هذا ينفي بشكل قاطع أي دافع صهيوني او عقائدي وراء هجرته الى فلسطين بل أن هجرته إليها كانت قهرية وقسرية استهدفت اقتلاعه من جذوره رغم انفه ، ذلك هو حال كل اليهود الذين نقلوا من العراق الى فلسطين نتيجة تواطؤ ثلاثي صهيوني بريطاني ، عراقي ولم يعد خافيا الدور الذي لعبه ديفيد بن غوريون عندما ارسل مبعوثيه الى هناك لالقاء الرعب في قلوب اليهود فامعنوا بهم قتلا وارهابا وتنكيلا ، ثم ترك للاعلام دور اشاعة ان العرب المتطرفين كانوا وراء هذه الافعال البشعة .
ولا زالت بعض جماهير اليهود تذكر دور الوزير في وزارة الليكود مردخاي بن فورات وشلومو هليل وزير الشرطة في حكومة المعراخ اللذين قادا التنظيم السري الصهيوني ونظما بنفسيهما سلسلة عمليات القاء القنابل على البيوت والمقاهي والمتاجر والكنس اليهودية ، ولا زالت جماهير اليهود تذكر الدعوى التي اقامها احد افراد هذه العصابات الذي فقد ساقه في احدى هذه العمليات ضد ديفيد بن غوريون ، يطالبه بالعطل والضرر بسبب تكليفه شخصيا بهذه العملية وقد اصبح مصابا بعاهة مستديمة .
في البداية لم تكن الحركة الصهيونية تريد هجرة يهود البلاد العربية الى فلسطين لأنها كانت تطمح ان تبني دولة يهودية اشكنازية ذات طابع غربي او اوروبي . الا أنها كانت تطالبهم فقط بالدعم السياسي المالي والاعلامي ، ومن هنا كان شعار الحركة الصهيونية " لا نريد ذهب امريكا فقط وانما نريد ذهب المغرب والعراق لنبني دولة " صهيون" الا ان الأمر اختلف بعد قيام " الدولة " واحتلال قوات الجيش الاسرائيلي لمساحات شاسعة ، اكثر مما اقره قرار التقسيم والخيبة التي اصابت الصهيونية في عدم وصول اعداد كبيرة من يهود اوروبا الى اسرائيل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وكان املهم ان هؤلاء اليهود لابد ان يرحلوا اليها نتيجة لما لاقوه من عذاب واضطهاد وقمع على ايدي النازيين والفاشيين .
ولذلك كان لابد مما ليس منه بد ، فاتجهت الحركة الصهيونية الى الجاليات اليهودية في العراق واليمن وشمال افريقيا ومصر وسورية تحثها على الهجرة . وبما أن هذه الجاليات لم يكن لديها الدافع لذلك ، ولم يكن هناك سبب يحثها على ذلك ، اذ كانت جميع هذه الجاليات تنعم بمستوى معيشة لائق وبحقوق مدنية وسياسية لم يحلم بها اليهود في اوروبا على مدى قرون طويلة. ففي العراق مثلا وبعد اعلان دستور عام 1908 انتخب اليهودي العراقي ساسون حزقيال عضوا في " مجلس المبعوثان " وتجدد انتخابه في دورات المجلس جميعها حتى قيام الحرب العالمية الأولى ، كما عين اول وزير للمالية سنة 1921 واستمر يشغل هذا المنصب عدة دورات متتالية ، بل أن قانون المجلس التاسيسي العراقي الصادر عام 1922 قد نص في الفقرة الثانية من مادته الثالثة على أن يكون من بين اعضائه يهوديان من يهود بغداد وواحد من كل من الموصل والبصرة وكركوك ، ونصت المادة التاسعة من قانون انتخاب النواب رقم احد عشر لعام 1946 على أن يمثل اليهود ثلاث نواب في قضاء مركز بغداد ونائبان في قضاء مركز لواء البصرة ونائب في لواء الموصل الى جانب من يمثلهم في مجلس الأعيان .
لذلك كان من الصعب بل من المستحيل اقناع هذه الجالية بضرورة الرحيل ، فالتجأت الحركة الصهيونية الى العنف والتآمر مع بعض السلطات المحلية والقوى الأجنبية التي كانت في ذلك الوقت تتحكم بمقاليد البلاد ، وكانت صاحبة مصلحة سياسية في تهجير هذه الجاليات لبناء الدولة اليهودية بامدادها بالقوى البشرية اللازمة ، يضاف الى ذلك كله ان تهجير عرب فلسطين من بلادهم ، ادى الى فراغ هائل وحاجة ماسة الى قوى بشرية تقوم بالأعمال التي يأنف يهود اوروبا ذوو الياقات البيضاء ان يقوموا بها .
كل هذه الأسباب دعت الى العمل على تهجير يهود البلاد العربية ، ومنهم يهود العراق ، وهنا يعترف ديفيد بن غوريون لصحيفة " كمفر " الناطقة باليديشية والصادرة في نيويورك بتاريخ 11 /7/1952 بقوله " انني لا أخجل من الاعتراف بأنني لو كنت املك ليس فقط الارادة ، بل القوة ايضا ، لانتقيت مجموعة من الشباب الأقوياء والأذكياء والمتفانين والمخلصين لافكارنا والمشتعلين بالرغبة ، للمساهمة في عودة اليهود الى اسرائيل ، ولارسلتهم الى البلدان التي بالغ فيها اليهود بالقناعة الاثمة ، وستكون مهمة هؤلاء الشباب ان يتنكروا بصفة اناس غير يهود ويرفعوا شعارات معاداة للسامية فانني استطيع ان اضمن انه من ناحية تدفق المهاجرين الى اسرائيل من هذه البلدان سوف تكون النتائج اكبر بعشرات آلاف المرات من النتائج التي يحققها الاف المبعوثين الذين يبشرون بمواعظ عديمة الجدوى " لقد حاول بن غوريون ان يعبر عن التمنيات ولكنه اخفى الأفعال . وهو في الواقع قد نفذ ما تمنى عندما ارسل مبعوثيه للعراق والمغرب ليقتلع اليهود من هناك بالقوة والقتل ، حتى تمكن من جلب مئات الألوف من اليهود الذين عاشوا في هذه البلاد قرونا طويلة .
في كتاب صدر عن دار النشر السفاردية عام 1972 في القدس تحت عنوان " الخروج من العراق " لمؤلفه اسحاق بار موشيه مدير الإذاعة الاسرائيلية ، وصف فيه حالة اليهود العراقيين عند وصولهم الى اسرائيل والمعاناة التى لا قوها ، والتمزق النفسي والعائلي الذين عانوا منه واللامبالاة التي جوبهوا بها والإحتقار الذي كان سمة كل من استقبلهم هناك ، فيقول كنت اتجول بين القادمين كلما سنحت لي الفرصة وابحث عن معارفي وأهلي واصدقائي ، لقد تحول الجميع الى أعزاء قوم ذلوا واستبيحوا مرتين مرة بيد حكومة العراق ومرة بيد حكومة اسرائيل التي لم تدرك خطورة ما قامت به تجاه طائفة يهودية من اعرق وأعظم الطوائف بالعالم .
" لقد تعرضنا في اسرائيل لحرب حضارية سافرة ، كان الجهل يخيم على عقل كل من قابلناه ، كان الجهل بنا وبماهيتنا هو الاهانة الكبرى التي شعرنا بها ونحن نتجول كأشباح فنرصد الأعمال ونبحث عن أمكنة سكن ملائمة او نقضي اوقاتنا في معسكرات الاستقبال او فيما يسمى بالمعابر التي اخذنا نسميها " المقابر " وظهرت للجميع مخاطر من نوع لم يحلموا به ولم يفكروا بامكانية وجوده اصلا .
كان أعظم وأشنع هذه الأخطار هو خطر انهدام وحدة العائلة ، فقد اضطر الأباء الى الاعتماد على الأبناء البالغين وخرجت النساء الى العمل القاسي وأصبح للمسافات قيمتها . تفرقت العائلات ايدي سبأ ، الشباب مجندون ، البنات والأولاد يعملون كل على مسافة من البيت او التخشيبة واما الأب . فإنه اما هبط الى الأرض يعمل فيها بالفأس بعد ان خسر تجارته ونسي مهنته القديمة واما اقعده الهول والمرض عن ذلك فاكتفى من الغنيمة بمساعدات الأبناء" .
" لقد اصبح القادمون مهاجرين مشتتين حقا وقد قدموا خاليي الوفاض من كل شيء وظهر لنا في تلك الأيام ان أحدا في اسرائيل لم يكن ينتظر ان نأتي الا هكذا ، واننا بالنسبة للجميع يجب ان نأتي هكذا ، كنا نتذكر مؤسساتنا العظيمة وآثارنا المجيدة في العراق ونحن نتبادل نظرات خرساء ، وعندما كنا نتقدم نحو الوسط الاسرائيلي الثابت الاركان بحكم كونه قد وصل قبلنا وضرب جناحيه قبلنا فقد كنا نتبادل نظرات نكراء لم يكن أحد طرفيها يفهم الطرف الآخر ".
"ان اعجب ما صعب علينا هضمه هو ان البلاد التي قدمنا اليها لم تكن تعرفنا مثلما كنا نحن نعرف انفسنا وتاريخنا ، وقد تعزز لدينا الاعتقاد وبمرور الزمن بأن الجهل لم يكن جهلاً وانما تجاهلاً مقصوداً ، وفي كل دراسة طالعناها عن يهود اوروبا الشرقية ، كنا نحمل على الاعتقاد ان هؤلاء فقط هم يهود العالم ولا مكان بينهم لليهود والمعروفي الأصل والفروع والقادمين من الشرق ، كان مؤلما ومهيبا معا ان تخلو الكتب المدرسية من تاريخنا ومن ثقافتنا ومن اسماء كتبانا ومثقفينا وحاخامينا وعلمائنا وشعرائنا ووجهائنا ، نحن الذين انتجنا في القرن الأخير فقط طائفة من أحسن كتاب العراق وقضاتها ومفكريها ، كنا نستجدي هنا اعتراف البلاد بنا فشعرنا اننا كالأيتام على مأدبة اللئام " .
" نتذكر بحزن ان حكام العراق انذاك كانوا يصفوننا بأننا يهود ، وقد تركنا العراق كيهود ووصلنا اسرائيل كعراقيين ، المنظر مأسوي ومضحك في الوقت نفسه ، فقد ساعدنا حكام العراق على تثبيت هويتنا ، وها هم اليوم أبناء ديننا وجلدتنا يساعدوننا مرة اخرى على تأكيد وتثبيت عراقيتنا ، كان الشعور مؤلما ومثيراً للحزن في آن معاً. انتهى حديث اسحاق بار موشيه .
بعد نصف قرن هل تغير شعور اليهود العراقيين وهل تغيرت اوضاعهم وهل تغيرت النظرة اليهم ؟ لا نعتقد .
وكالة سما الإخبارية، 6/4/2012


 **كتاب الضباط/بقلم: عوفر شيلح/معاريف 6/4/2012

الاسبوع الماضي بدأت المرحلة الاخيرة في احدى المحاكمات الاكثر إثارة للاهتمام الان في المحكمة العسكرية. هذه قضية لم تصعد الى العناوين الرئيسة، ومن شبه المؤكد انه حتى بعد أن تنتهي لن تتلقى أكثر من بضعة سطور في الصحيفة. ولكن تصطدم فيها مواضيع وقيم لها أهمية كبيرة في الجيش الاسرائيلي وربما أيضا خارجه.
 القصة نفسها قاسية: الوكيل الراحل أساف فاكسمان، المقاتل في وحدة الاستخبارات الميدانية اللوائية في الاحتياط، قتل في تشرين الثاني 2007 بانقلاب مجنزرة كان يقودها في محور في هضبة الجولان. وكان فاكسمان مهندس تكنولوجيا عليا ابن 28 وخدم في وحدة تقوم بغير قليل من الخدمة الاحتياط. هذه هي احدى مآسي هذه القصة: لا يشارك فيها سوى أناس طيبين، يفعلون أكثر من الآخرين.
 الكتيبة التي خدم فيها فاكسمان بقيادة المقدم أساف، استدعيت للاستعداد لامكانية مواجهة. المقدم أساف هو ضابط مظليين قديم، يقود الكتيبة منذ 2003. وبأمر من قائد الكتيبة، نفذ ضابط آخر في الكتيبة انعاشا لسائقي المجنزرات. وكان الانعاش متشددا جدا وجرى في "ساحة أمان" مبسطة على ظهر مسار اعد على عجل. وكان الهدف اساسا التأكد من أن السواقين يتذكرون كيف يقودون المجنزرات. في السنوات التي سبقت حرب لبنان الثانية قلل من التدريب وكانت مهارات أساسية كهذه موضع شك. ولمن يؤمن بانه منذئذ "اعيد بناء الجيش الاسرائيلي"  جد ربه أن يقرأ ما قاله اللواء يشاي بار – حتى وقت اخير مضى كان قائد فيلق لبنان – في فتواه الى المحكمة: "بمفاهيم عديدة، يعيش الجيش الاسرائيلي وهما من ناحية الاهلية".
 من شهادات جمعتها عائلة فاكسمان بعد الحادثة يتبين أنه حذر قائده بانه لم يقد مجنزرة منذ تسع سنوات وطرح التخوف من الا يكون مؤهلا للقيادة. هذا التخوف لم يصل الى علم المقدم أساف. هو وضباط أكبر منه، لم يعرفوا بانه صدر أمر لسواقي المجنزرات بالتحزم بأحزمة الأمان. ولم يطرح هذا الامر في التدريب الذي اجرته الكتيبة قبل سنة من ذلك في تساليم، ولم يظهر في تشديدات الامان التي تلقاها أساف من المسؤولين عنه. بكلمات اللواء قائد المنطقة الشمالية في حينه غادي آيزنكوت، في التصريح الذي رفع الى المحكمة، فان "هذا واجب لم يزرع كما ينبغي في عقول القادة والجنود".
 تلقى آيزنكوت نتائج التحقيق في الحادث وقرر تنحية قائد في الكتيبة من منصب، توبيخ قائد الكتيبة، ابداء ملاحظة ادارية لرئيس أركان الوحدة العقيد شلومي كوهن، ومنع أي منصب قيادي عن قائد المجنزرة، الذي كان واحدا من خمسة الجرحى في الحادث. ولم يجد سببا لعلاج قانوني. ولكن في حالة الموت يفتح تحقيق تلقائي من الشرطة العسكرية. في نهاية الامر قرر النائب العسكري الرئيس السابق، اللواء آفي مندلبليت رفع لائحة اتهام ضد الاربعة على التسبب بالموت بالاهمال. قائد المجنزرة وافق على صفقة قضائية وادين قبل وقت غير بعيد. اما الثلاثة الاخرون فيوجدون على ما يبدو في المراحل الاخيرة من المحاكمة.
 نعيش بالوهم
 قضايا من هذا النوع تصدرت العناوين في التسعينيات. أساس الانشغال العملياتي للجيش الاسرائيلي في تلك السنوات كان في الحزام الامني في لبنان، القتال الذي تصدر العناوين أساسا في حالات الخلل العملياتي. والى هذا اضيفت حوادث التدريب التي حظيت بصدى واسع. وفي الجيش أسموا هذه النتيجة "محامي لكل ضابط".
 محافل كمنتدى قادة الكتائب والالوية في الاحتياط، ممن انشغلت من جهة بحقوق الفرد لجندي الاحتياط، حاولت الادعاء بانه لا يمكن مواصلة العمل بالاجواء التي تكون فيه التحقيقات العملياتية والصلاحيات القيادية هي مقدمة لاجراء قضائي. الانتفاضة الثانية واستئناف القتال في جبهات مختلفة أدت الى خبو الخطاب الجماهيري في هذا الشأن. ومثلما في مواضيع اخرى، في مواضيع الامن ايضا لا يكون تدخل الجهاز القضائي تمليه فقط اعتبارات تفسير القانون بل والاجواء العامة والتنظيمية أيضا.
 النيابة العامة العسكرية لا تعمل في فراغ. من جهة يوجد عليها ضغط، مشروع بحد ذاته، من العائلات التي تشعر بانه لا يمكنها أن تقبل ضياع أعزائها هباء، والا تستخلص الدروس ويعاقب المذنبون؛ من جهة اخرى، يوجد لها حوار مع القيادة، التي ظاهرا لا يمكنها أن تتدخل ولكنها عمليا تعرف كيف تجتاز السور الصيني بينها وبين الجهاز القضائي عندما يكون هذا هاما حقا لها. وفي الحقيقة، لم يلمح في هذه القضية ايضا للنيابة العامة بانه من الافضل لها ألا تصل الى المحكمة.
 يدورون الزوايا
 لقد عرف قادة الجيش دوما انه ينبغي تدوير الزوايا كل يوم والا فانهم لن ينفذوا ما يتوجب عليهم أن ينفذوه. وبالمقابل، فانهم يعرفون بانه اذا ما حصل شيء سيء، فانهم سيدفعون الثمن. قد لا تكون هذه هي الطريقة لادارة جيش مرتب، ولكن الايمان كان بأن هكذا ايضا يصل الجيش الاسرائيلي، وبالتأكيد جيش الاحتياط الى الانجازات التي حسمت الحروب بوسائل قليلة بالنسبة لجيوش اخرى. ولكن عندما يكون رجل الاحتياط هو وحيد تقريبا في الحي، وعندما يبث له الجيش نفسه بان مساهمته هامشية، فان التفكير بانه حتى لو استثمر  جهدا في نظر قادته هو يتجاوز كل حدود، الا ان نهايته ان يقدم الى المحاكمة لانه لم يطلع على بند ما في تعليمات الامان، يصبح متعذرا.
 أكثر من خمسين ضابط كبير في الاحتياط وقعوا مؤخرا على كتاب في هذه الشأن الى رئيس الاركان، بادر اليه العقيد موشيه فيشر، ويعمل فيشر منذ زمن بعيد على اقامة هيئة قضائية مهنية تحقق بالحوادث، ومشكوك أن ينجح في ذلك. عنوان الكتاب هو "عدم فهم الميدان العملياتي"، ولكن يخيل لي أنه كان ينبغي أن يكون "ليس لديكم أي فكرة عن الاحتياط وبعد قليل لن تكون لكم لا فكرة ولا احتياط". الموقعون هم هيكل منظومة الاحتياط المقاتل في الجيش، والرسالة الحقيقية خاصتهم هي: اذا واصلتم الفرض علينا لقواعد متعذرة، فاننا – القلائل الذين نقوم بالعمل – سيصعب علينا التواجد هناك.
 في ذات الموضوع قال مؤخرا ضابط الاحتياط الرئيس، العميد شوكي بن عنات، انه يعجب من أين سيأتي قادة الاحتياط بعد خمس سنوات. اذا ما حاكمنا الامور حسب قصة المقدم أساف، ليس واضحا ان يكون أحد ما في الجيش يعطي الرأي في ذلك. أسهل على المرء ان يعيش في وهم.
                         8 / 04 / 2012 – 13:39      



لعبة دورية عسكرية/بقلم: أودي عتسيون/يديعوت 6/4/2012
  بدأت المركبة تتحرك فجأة وهي تزداد سرعة. ومن الغريب عندي كثيرا ان أجلس مكتوف اليدين وأن أراها تحول مسارها بنفسها وأنا أرى إبرة مقياس السرعة ما تزال ترتفع وقدماي بعيدتان عن الدواسات. أستطيع ان أقول في الدفاع عن نفسي أنه كانت لي عدة اسباب جيدة. فأنا أركب الآن سيارة التحكم من بعيد الكبرى في البلاد التي تعدّت الآن حد الثلاثين كيلومترا في الساعة وما زالت تسرع في طريق الكُركار المُغبرة.
 تقود هذه المركبة الآن شاحف وهي جندية في التاسعة عشرة من عمرها. ولا يعني أنني أحاول أن أدخل حقل الألغام الجناسي – فأنا في الطريق الى حقل ألغام حي أكثر خطرا – غير ان شاحف تجلس في مكان ما في الخلف أمام حاسوبها تراقب الطريق بكاميرات رُكبت في المركبة وتبث الصور اليها فتوجه المركبة وأنا في داخلها كما في لعبة اولاد صغار.
 غير أن هذه اللعبة فيها شيء واحد من العيب يفضي الآن الى تصبب العرق كثيرا لأنه لا أحد أجهد نفسه في ان يركب مكيف هواء في المركبة التي يفترض ان تكون بلا شخص يركبها في 99 في المائة من وقته.
 هذا هو البدء فقط. توجد عن جانبي الطريق قنوات كان يجب علي لو كنت أنا الذي أقود بنفسي ان أُركز ذهني كي لا أقع فيها وأنقلب. وربما يكون الانقلاب خاصة أفضل من خيارات اخرى ستعرض لي فورا حينما تتعدى المركبة الاربعين كيلومترا في الساعة وتتابع التقدم من قاعدة كيسوفيم نحو منطقة عيشها الطبيعية وهي محور هوبرس الذي يفصل اسرائيل عن غزة والذي يبدو انه أخطر طريق في الشرق الاوسط. منذ زمن وهم لا يُسيرون فيه مركبات غير مدرعة، مثل ما أركبه الآن في الحقيقة، أي أنه يوجد تدريع لكن لحاسوب التحكم فقط. فالانسان في هذه السيارة هو الذي يوجد عنه بديل.
 وآنذاك بعد لحظة من ازالة المكعب الذي يوضع على نحو عام على دواسة البلاستيك من اجل التزويد بالوقود بشكل دائم – رأيت بأم عيني هذا الارتجال المطلوب لجندية يجب عليها ان تجلس في نوبة حراسة 12 ساعة وراء مقود سيارة لا يحل فيها بشر، ولا أحد ظن انه يحتاج الى تحكم بحري – توقفنا شاحف من بعيد. تُجري السيارة انعطافة مدهشة وتبدأ الانطلاق نحو القاعدة واستطيع ان أُذكر نفسي بأنهم اذا كانوا يسمون هذا سيارة بلا بشر فليس لي ما أبحث عنه داخلها.
 وتدوم هذه الفكرة دقيقة بالضبط الى ان يقترحوا علي جولة اخرى أكون فيها هذه المرة متحكما تحكما كاملا بهذه الأداة.
 شكرا لوالد توم
 ان حرب الاستنزاف التي تجري منذ سبع سنين تقريبا على الحدود بين اسرائيل وغزة يُنظر اليها باعتبارها ميدان قتال ساذجا للامن الجاري لا على أنه فخر حروب مدرعات مع الجيش السوري أو هجوم على ايران. لكن اذا تجاوزنا الأنباء العادية في نشرات الأخبار عن خلية مخربين تم تحديد موقعها قرب الجدار أو عن اغتيال آخر لخلية أوشكت ان تطلق صاروخ غراد على بئر السبع، فان الجيش الاسرائيلي يُتم هنا حرب الرجال الآليين الاولى.
 يزداد استعمال سلاح الجو لطائرات بلا طيارين في مهمات استخبارية، وبحسب مزاعم الفلسطينيين ايضا في اطلاق صواريخ في مهمات هجومية واغتيالية. وان طائرات هارون ("شوفال") وهارون – تي.بي ("ايتان") من انتاج الصناعة الجوية و"هيرمس" 450 من انتاج "إلبت" وكلها طائرات بلا طيار، تطير في سماء غزة على الدوام تقريبا.
 والآن بعد ان جمعت هاتان الشركتان تجربة كبيرة للوسائل الجوية أصبحتا تزودان الجيش الاسرائيلي ايضا بأول وسيلة برية لا يشغلها انسان في الطريق الى دخول أكبر لوسائل لا يُشغلها بشر الى ميدان القتال.
 تسبق اسرائيل، كما حدث مع الطائرات بلا طيارين قبل ثلاثين سنة، سائر العالم بسنين كثيرة في هذا المجال، لأنه لا يوجد لأي جيش آخر مركبات لا يشغلها بشر للمراقبة العملياتية، ولا توجد لأية دولة وسيلة مسلحة كتلك التي ستُسلم الى الجيش الاسرائيلي قريبا. ويستعمل الامريكيون في افغانستان في اطار فحص عملياتي مركبات بغير بشر لمهمات إمداد، وبنى البريطانيون مركبة اولى كهذه لتحديد مواقع الشحنات الناسفة. ويحلمون بمركبة قتالية من غير بشر في لغات كثيرة، لكن لا يتحدثون سوى بالعبرية.
 ان "غارديوم" (من الأصل اللغوي غارد) هو الاسم الرسمي للمركبة التي تنتجها شركة "جينيوس" المشتركة بين الصناعة الجوية و"إلبت". وهي في طور التطوير منذ عشر سنين تقريبا واختيرت الحدود مع غزة لتكون أول ساحة نشاط لها في الوقت الذي قدروا فيه زمن الانفصال أنه لن ينشأ هنا طراز جديد من الجدار الطيب.
 ان أساس الـ "غارديوم" هو "توم كار"، وهي المركبة الميدانية الاسرائيلية الأصلية. وقد بدأ "توم كار" حياته على هيئة باغي خطط لها صاحب مصنع الانابيب يورام زرحي من اجل ابنه الصغير توم، ثم تطور ليصبح مصنعا ينتج مركبة مميزة اشترتها بنات 16 سنة من بلدات غنية في الشارون وصيادون ومتنزهون في الولايات المتحدة وقوات امن في أنحاء العالم. بعد ذلك بعشرين سنة تقريبا أصبح توم ضابطا في الجيش الاسرائيلي وجُندت ايضا المركبة المسماة باسمه. وتسيطر محركات كهربائية على المقود وعلى الدواسات للتمكين من استعمالها من بعيد ورُكبت فيها كاميرات كثيرة لتحريك هذه الوسيلة ولجمع المعلومات. خُطط في الأصل لأن تحمل هذه المركبة فوقها رشاشا ايضا ولتكون قادرة على الحركة بصورة مستقلة بواسطة برنامج حاسوب محكم يحلل بيئتها، لكن لم تنضج جميع التقنيات حتى الآن الى مستوى عملياتي. ففي هذه المرحلة تستطيع هذه المركبة ان تصدر اصوات اطلاق نار وهي قادرة في الضباب المنتشر كثيرا على حدود القطاع ان تتنكر في هيئة دبابة. ان قدرتها على التحرك بصورة مستقلة محدودة اليوم في عدد من المحاور خُططت سلفا وهي قادرة على ان تحرك نفسها بين نقاط محددة يحددها لها من يستعملها. ولا يشتمل استعمالها حتى الآن على الجبهة كلها كما خطط لذلك. "نريد في النهاية مركبة برية تملك جميع القدرات التي لمركبة بلا بشر"، يقول المقدم الون روتبرغ، نائب قائد اللواء الجنوبي على حدود غزة. "ما يزال الجهاز في طور التطوير والاستعمال كله بمثابة تجربة بازاء امور نواجهها كل يوم. وهو يعمل في منطقة محددة في مهمات رقابة فقط، وما يزال يخدمنا باخلاص. هذه الوسيلة تُمكّننا من الاقتصاد في وصول ناس الى مناطق نظن وجود شحنات ناسفة فيها، ويمكن ان نضعه ايضا في نقاط ما بدل قوى بشرية".
 لا تنقض الحراسة ولا يطرف لها جفن
 كانت الاسابيع الاخيرة مشحونة بالنشاط بالنسبة لهذه المركبة. وفي احدى المرات مكثت مدة 106 ساعات، أي أكثر من اربعة ايام، ملاصقة للجدار بعد ان عُثر فيه على ثغرة، وكانت كاميراتها تنقل الى الخلف ما يحدث حولها في الليل والنهار. ومع التحذيرات التي لا تتوقف من اختطافات وخلايا مخربين مسلحة تُشهد على الحدود، ما كان أي قائد ليُمكّن مراقبين من البشر من المكوث هناك هذه الفترة الطويلة. وقد جرى تبديل المستعملات في القاعدة مرة بعد اخرى لكن هذه المركبة ظلت تراقب لا تنقض الحراسة ولا يطرف لها جفن. وفي الاستعدادات ليوم الارض في الاسبوع الماضي جاءت مستعملاتها ايضا لنوبات حراسة لمدة 17 ساعة متواصلة.
 كانت نوبة حراستي أقصر. وبعد تبديل مايا بشاحف جلست من وراء المقود. "رجلَك على دواسة الفرامل" أمرتني في اللحظة التي حررت فيها الكابح اليدوي للمركبة التي انتظرتني على الشارع. ضغط دواسة الوقود والصورة على الشاشة يُبينان أننا نتقدم. ومن غير سماع المحرك تصبح القيادة في الحقيقة لعبة حاسوب لكنها أكثر تحديا. والكاميرات – ويوجد عدد منها ايضا يحيط بالمركبة من اجل تحديد الموقع – هي أداة الاتصال الوحيدة لي بالمركبة التي تتحرك الآن بسرعة عشرين كيلومترا في الساعة. وأنا لا أشعر بأمن لأضغط أكثر من هذا.
 تقترب مركبة فأتحول جانبا في حذر وأقف وأدعها تمر. ولن أعلم هل سقطت على جانب طريق منخفض جدا حتى أرى متأخرا الصورة تنقلب قبل ثانية من ضرب الكاميرات الباهظة الكلفة بالارض. وسيكون عدم الشعور هذا ذا شأن أكبر حينما تصبح هذه المركبة مع سلاح ايضا. فحينما تطلق النار وتقتل شخصا ما فانك اذا كنت عاملا في دبابة أو في مركبة مدرعة تراه بعينيك على نحو عام. وأنت تشعر بالرصاص ينطلق وتشم رائحة الدخان. وترى الجثة من قريب احيانا. أما بالنسبة لمن يستعمل هذه المركبة المسلحة فسيكون الامر كأنه لعبة حاسوب. فهل سيؤثر هذا في سهولة اطلاق النار؟ وفي المشاعر التي يجب ان تكون لانسان قبل ان يسلب آخر حياته؟. من حسن الحظ أنه استقر الرأي على حفظ قدرات القيادة الأصلية لهذه المركبة لحالات ينقلونها فيها لتزويدها بالوقود أو للاصلاح. واستطيع ان اشعر بأنني لم اشعر بشيء حينما قُدتها بواسطة كاميرا. تتسارع هذه المركبة الثقيلة ببطء مع وزن يبلغ نحوا من 1.4 طن وهو ضعف وزن الـ "توم كار" الخفيف ومع نفس محرك البنزين. وليس لي أي حقل رؤية أمامي تقريبا، وأنا أقود الى الخلف بواسطة التنبؤ. أتوجه الى واحدة من السبل والاحظ فريق مدفعيين ينزلون طائرة بلا طيار أنهت مهمة في سماء غزة وهو أمر أوجب علي وقوفا طارئا. ويستمر ذلك وقتا طويلا شيئا ما بسبب وزن الأداة ومع أداء كهذا من العجيب انه قد سجل حتى الآن حادثة طرق واحدة بين هذه المركبة و "دود" (لاند روفر ديفندر مدرعة)، جعلت سيارة الجيب تتوجه الى المرأب ولم تضر بالمركبة هذه. ولم يسجل جرح أي انسان.
 ان المخربين بالمناسبة الذين يطلقون النار على كل ما يتحرك في المحور تقريبا يتجاهلونه. فلم تصب أية مركبة من هذا النوع حتى الآن باطلاق نار. "نحن نُقدر أنهم يعلمون ان الحديث عن وسيلة من غير بشر، فمن التضييع اهدار الذخيرة عليها، لكنهم يفضلون في الأساس ألا يعرضوا أنفسهم للخطر بالكشف عن أنفسهم. للخلايا التي تطلق النار على قواتنا اليوم احتمالات بقاء منخفضة كثيرا"، يقول الملازم الاول افيداف غولدشتاين، قائد وحدة المركبات من غير بشر.
 جاء غولدشتاين، وهو في الرابعة والعشرين، وكان يعمل قبل ذلك في غولاني، لتولي قيادة مستعملات المركبة والجندي غير البشري في السنة الماضية. "تعرفت هذه المركبة من قبل على خلايا بل اعتقلت فلسطينيا اقترب من الجدار ذات مرة. بدل ان نرسل فورا محاربين الى من يمكن ان يكون مخربا منتحرا، أرسلنا هذه المركبة مع نداء أمره بأن يخلع ملابسه للتحقق من انه لا توجد عليه شحنة ناسفة. وحينما رأينا على الشاشة ان هذا الشخص نظيف استُدعي محاربون لاعتقاله".
 تتلقى النيران من كمين
 يعرف غولدشتاين هذه الجبهة جيدا منذ الايام التي نشأ فيها وراء الجدار في نفيه دكاليم. وقد نفذ مهماته الاولى في المنطقة إذ كان فتى وقت الانفصال حينما حاول مع رفاقه ان يعيق الجنود الذين جاءوا لابعاد عائلته عن بيتها. "اليوم حينما أنظر الى ذلك من جهة البزة العسكرية تبدو تلك المحاولات بصورة مختلفة شيئا ما"، يقول. "كان يفترض ان أُجند لوحدة بحرية لكن بعد الاخلاء تخليت عن ذلك وجئت الى غولاني. وفي اللحظة التي عرضوا فيها علي هذا المنصب في هذه المنطقة لم أفكر مرتين. وهذه المركبة تسير الآن في المحاور التي نشأت فيها، فأنا أحرس البيت".
 وغولدشتاين بصفته يتولى قيادة فريق مستعملات المركبة هو الذي يُستدعى لتخليص المركبة في حالة عطل.
 أصبحوا في الجيش الاسرائيلي يعملون مع "جينيوس" على الجيل التالي الذي سيعتمد على مركبة أكبر وهو سيارة شحن صغيرة من طراز فورد 350 اشتريت بكميات كبيرة.
                         8 / 04 / 2012 - 13:39 
Previous Post
Next Post

About Author

Related Posts

  • **رؤوبين فدهتسور -  محلل سياسي"هآرتس"، 4/4/2012 [اعتماد إسرائيل ا… Read More
  • تطرق كتاب نشرته وزارة الجيش الصهيوني مؤخرًا بعنوان "الأمن والإعلام في… Read More
  • Normal 0 false false false EN-US X-NON… Read More

0 comments: