السعودية تشاطرنا القلق من ايران
معاريف ـ ايلي أفيدار
أحد العناوين المفاجئة التي وفرتها وثائق ويكيليكس كان حقيقة أن العديد من الدول العربية تتقاسم مع اسرائيل تخوفها من البرنامج النووي الايراني.
عمليا، بعضها كانت أكثر قلقا من القدس. في احدى البرقيات التي سربت طلب ملك السعودية بنفسه من الولايات المتحدة "قطع رأس الافعى"؛ زعماء قطر، الاردن واتحاد الامارات قالوا امورا مشابهة. ايران شكلت بالنسبة لهم تهديدا وجوديا، والادارة الأميركية التي حظيت على مدى السنين بولائهم، طولبت بمعالجة الامر.
غير أن الولايات المتحدة لم توفر البضاعة. الأميركيون، بتأييد حماسة من دول غربي اوروبا، أوضحوا بانهم يرون في العقوبات الاقتصادية افق العمل المركزي ضد طهران. الازمة الاقتصادية والتعقيدات الاخذة في التعمق في افغانستان قللت أكثر فأكثر تصميم واشنطن، التي لم تعد تكلف نفسها عناء التظاهر بأن كل الخيارات على الطاولة.
ايران فهمت جيدا الوضع، وهي تتصدى لنظام العقوبات بوسائل التأخير. طهران تدعو الى الحوار، تأتي الى اللقاءات، تبادر الى أزمات وحلول، وكله في الوقت الذي تعمل فيه اجهزة الطرد المركزي. العقوبات، على نهجها، لا تضعف في هذه المرحلة الحكم، بل بالذات الشعب الايراني، تخلق تعلقا اقتصاديا لمعظم السكان بالحكم وتقلل الفرص للتغيير من الداخل. واذا لم يكن يكفي هذا الوضع المعقد، فهذا الاسبوع انكشف تطوير مفاعل نووي ثالث، أُخفي عن الغرب.
حتى لو كانت هناك منفعة بعيدة المدى في العقوبات، فان النهج الرقيق والمتسامح من الغرب تجاه ايران يأخذ في الشرق الاوسط صورة الضعف. الملك السعودي يفهم بأنه لا يمكنه أن يعتمد على واشنطن في الحفاظ على مصالحه الفورية رغم العلاقات الوثيقة بين الدولتين. السعودية تقف امام تحدٍّ مزدوج. ليس فقط البرنامج النووي يقلقها، بل وايضا النشاط التآمري الذي تبادر اليه ايران ـ من خلال السكان الشيعة ـ في كل دول الخليج. وتوجد بين الامور علاقة وثيقة، وبقدر ما يتقدم البرنامج النووي الايراني، هكذا تزداد جسارة رعايا طهران.
في نظر السعوديين، الحل المنطقي الوحيد هو الانضمام الى سباق التسلح. منذ سنين والسعودية تحافظ على علاقات طيبة مع الباكستان انطلاقا من الافتراض بأن القوة العظمى النووية الاسلامية الوحيدة في العالم يمكنها أن تساعد حلفاءها عند الحاجة أو على الاقل تساعدها على "تقصير الاجراءات" في تطوير برنامج نووي، اذا ما وعندما تتخذ القرار باخراجه الى حيز التنفيذ. في شهر كانون الثاني كشفت مجلة "فورين أفيرز" النقاب عن مؤشرات على وجود اتصالات بين السعوديين والباكستان تضمنت "انشغالا في مواضيع تتعلق بالسلاح النووي، التكنولوجيا النووية والضمانات الامنية". في ضوء الواقع الجيوسياسي، معقول الافتراض بأننا سنواصل رؤية أنباء من هذا النوع في الزمن القريب القادم.
هذا هو المعنى الحقيقي للبرنامج النووي الايراني: ليس فقط التهديد المباشر على دول المنطقة، بل وايضا صعود قوة وجسارة مجموعات ارهابية ومنظمات شيعية، انتشار السباق النووي نحو أنظمة أخرى معتدلة ومعتدلة أقل، وفي نهاية الطريق ـ سيناريو الرعب لانتقال السلاح الذري الى منظمة إرهابية، نظام منهار أو دولة عاقة. في ضوء هذه التهديدات مطلوب مراجعة تامة للمفهوم الأميركي وممارسة روافع تهديد اخرى على الايرانيين. وإلا سنقف قريبا أمام فوضى مطلقة على المستوى الاقليمي والدولي على حد سواء
أحد العناوين المفاجئة التي وفرتها وثائق ويكيليكس كان حقيقة أن العديد من الدول العربية تتقاسم مع اسرائيل تخوفها من البرنامج النووي الايراني.
عمليا، بعضها كانت أكثر قلقا من القدس. في احدى البرقيات التي سربت طلب ملك السعودية بنفسه من الولايات المتحدة "قطع رأس الافعى"؛ زعماء قطر، الاردن واتحاد الامارات قالوا امورا مشابهة. ايران شكلت بالنسبة لهم تهديدا وجوديا، والادارة الأميركية التي حظيت على مدى السنين بولائهم، طولبت بمعالجة الامر.
غير أن الولايات المتحدة لم توفر البضاعة. الأميركيون، بتأييد حماسة من دول غربي اوروبا، أوضحوا بانهم يرون في العقوبات الاقتصادية افق العمل المركزي ضد طهران. الازمة الاقتصادية والتعقيدات الاخذة في التعمق في افغانستان قللت أكثر فأكثر تصميم واشنطن، التي لم تعد تكلف نفسها عناء التظاهر بأن كل الخيارات على الطاولة.
ايران فهمت جيدا الوضع، وهي تتصدى لنظام العقوبات بوسائل التأخير. طهران تدعو الى الحوار، تأتي الى اللقاءات، تبادر الى أزمات وحلول، وكله في الوقت الذي تعمل فيه اجهزة الطرد المركزي. العقوبات، على نهجها، لا تضعف في هذه المرحلة الحكم، بل بالذات الشعب الايراني، تخلق تعلقا اقتصاديا لمعظم السكان بالحكم وتقلل الفرص للتغيير من الداخل. واذا لم يكن يكفي هذا الوضع المعقد، فهذا الاسبوع انكشف تطوير مفاعل نووي ثالث، أُخفي عن الغرب.
حتى لو كانت هناك منفعة بعيدة المدى في العقوبات، فان النهج الرقيق والمتسامح من الغرب تجاه ايران يأخذ في الشرق الاوسط صورة الضعف. الملك السعودي يفهم بأنه لا يمكنه أن يعتمد على واشنطن في الحفاظ على مصالحه الفورية رغم العلاقات الوثيقة بين الدولتين. السعودية تقف امام تحدٍّ مزدوج. ليس فقط البرنامج النووي يقلقها، بل وايضا النشاط التآمري الذي تبادر اليه ايران ـ من خلال السكان الشيعة ـ في كل دول الخليج. وتوجد بين الامور علاقة وثيقة، وبقدر ما يتقدم البرنامج النووي الايراني، هكذا تزداد جسارة رعايا طهران.
في نظر السعوديين، الحل المنطقي الوحيد هو الانضمام الى سباق التسلح. منذ سنين والسعودية تحافظ على علاقات طيبة مع الباكستان انطلاقا من الافتراض بأن القوة العظمى النووية الاسلامية الوحيدة في العالم يمكنها أن تساعد حلفاءها عند الحاجة أو على الاقل تساعدها على "تقصير الاجراءات" في تطوير برنامج نووي، اذا ما وعندما تتخذ القرار باخراجه الى حيز التنفيذ. في شهر كانون الثاني كشفت مجلة "فورين أفيرز" النقاب عن مؤشرات على وجود اتصالات بين السعوديين والباكستان تضمنت "انشغالا في مواضيع تتعلق بالسلاح النووي، التكنولوجيا النووية والضمانات الامنية". في ضوء الواقع الجيوسياسي، معقول الافتراض بأننا سنواصل رؤية أنباء من هذا النوع في الزمن القريب القادم.
هذا هو المعنى الحقيقي للبرنامج النووي الايراني: ليس فقط التهديد المباشر على دول المنطقة، بل وايضا صعود قوة وجسارة مجموعات ارهابية ومنظمات شيعية، انتشار السباق النووي نحو أنظمة أخرى معتدلة ومعتدلة أقل، وفي نهاية الطريق ـ سيناريو الرعب لانتقال السلاح الذري الى منظمة إرهابية، نظام منهار أو دولة عاقة. في ضوء هذه التهديدات مطلوب مراجعة تامة للمفهوم الأميركي وممارسة روافع تهديد اخرى على الايرانيين. وإلا سنقف قريبا أمام فوضى مطلقة على المستوى الاقليمي والدولي على حد سواء
0 comments: