Saturday, July 7, 2012

بدأ فيلتمان: عزل حزب الله بتفكيك تحالفاته
يوليو 07, 2012   admin   No comments



هل تلقُّف مسيحيي «14 آذار» لخلاف ميشال عون مع «حزب الله»، وفتح أبوابهم له، ترجمة لمبدأ جيفري فيلتمان الهادف إلى عزل
 الحزب؟ الديبلوماسي الأميركي كان قد خصص ثلاث زيارات إلى لبنان لشرح آليات تطبيق مبدئه لثوار الأرز، وأبرزها تفكيك تحالفات الحزب
ناصر شرارة
خلال الزيارات الثلاث الأخيرة للمساعد السابق لوزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان الى لبنان، كان يشدد خلال لقائه حلفاءه في «قوى 14 آذار» على رسالة واحدة مفادها «ليس هناك في هذه المرحلة سوى أجندة واحدة تريدها إدارته في بلد الأرز، وهي عزل حزب الله سياسياً». لا يزال كلام فيلتمان خلال زيارته الأولى بعد تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بينه وبين شخصيات من «14 آذار» في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل، ماثلاً في ذاكرة الذين حضروه.
فخلال اللقاء استفاض فيلتمان في شرح هذه النظرية، وضرب الأمثلة التفصيلية عن كيفية تطبيقها. هذا الهدف كان جديداً على الحاضرين. لذلك حظيت الجلسة بهذا التوسع منه في الشرح. ثم عاد فيلتمان وأكد عليه في زياراته التالية، بوصفه أجندة العمل القادمة.
 في هذه الجلسة طرح بعض الحضور، بحسب أحدهم، ضرورة مساندة واشنطن فكرة إسقاط ما سموها «حكومة حزب الله في لبنان، والإتيان بحكومة منهم، لمنع سيطرة الحزب على مفاصل الدولة». كان رد فيلتمان «إذا عادت 14 آذار الى الحكم، فإنها لن تضيف جديداً الى الواقع القائم. والمطلوب السير في خطة عزل حزب الله». ولفت محدثيه إلى أنه لمس خلال زياراته لدول عربية عدة حليفة لهم، عدم وجود رغبة في عودة «14 آذار» إلى الحكم.
 شرح فيلتمان رؤية واشنطن، ومعها حلفاؤها الإقليميون العرب وغير العرب، لتنفيذ سياسة عزل «حزب الله» لبنانياً، قائلاً: « يجب جعل الحزب في لبنان من دون حلفاء. يجب إحراج أهدافه ومحاصرتها داخلياً، إن هذا يغنينا عن قتالهم وتعريض استقرار البلد للاهتزاز، ودور 14 آذار الوحيد في هذه المرحلة، هو تسهيل هذه العملية، والانخراط في تكتيكات سياسية تخدم الوصول إليها».
 وتابع فيلتمان ليصل الى ما وصفه حاضرو الاجتماع آنذاك بـ«مفاجأة اقتراحه»، ومفاده «أن حزب الله من وجهة نظري محاط بتحالفات انتهازية وهشة. وبناءً عليه فإنّ من السهل تفكيكها». وأشار إلى أن واشنطن ستنفتح في هذه المرحلة على كل القوى السياسية اللبنانية ضمن تكتيك عزل «حزب الله»، وهي ستترك في إيحاءات واضحة، لحلفاء الحزب أن الباب الأميركي غير موصد بوجهها فيما لو قررت القفز من مركبه المعرض للغرق، نتيجة حتمية سقوط حليفه الاستراتيجي في سوريا.
 وتحت عيون الحضور الزائغة، خاطبهم فيلتمان: «حتى الجنرال ميشال عون سنوجه إليه هذا الإيحاء، وعليكم في 14 آذار أن تكونوا مستعدين لتلقفه فيما لو قرر فك تحالفه السياسي مع حزب الله، والانتقال الى صفوفكم تحت عنوان انتخابي أو غيره، أو الى تموضع معاكس لورقة تفاهمه مع الحزب».
 خرج أقطاب «14 آذار»، ولا سيما المسيحيون منهم، من الاجتماع محبطين. كانوا يتوقعون من فيلتمان أن يبشرهم بقرب عودتهم إلى الحكم، فإذا به يطلب منهم أن يكافئوا عون ويبذلوا جهودهم لاستمالته. علق أحدهم آنذاك «أيعقل أننا نحن الذين ضحينا من أجل أهداف اميركا في لبنان، ويأتي الآن فيلتمان ليحدثنا عن استعداده لمكافأة عون من حصتنا في السلطة، فيما لو قرر الابتعاد سياسياً عن الحزب؟».
 مرجع مسيحي كبير، على كيدية شخصية كبيرة مع عون، قال حينها تعليقاً على كلام فيلتمان: «لو جاء الجنرال الى مواقعنا، فإننا لا نستطيع الامتناع عن فتح أبوابنا له». لقد أطلق البعض حينها على نظرية فيلتمان لعزل حزب الله لبنانياً، مصطلح «مبدأ فيلتمان». ونقلوا عنه أن مبدأه يتضمن عنصرين: العمل على انتاج ظروف العزل. الثاني تفكيك تحالفاته وحصاره سياسياً على المستوى الداخلي.
 الشق المتعلق بإنتاج ظروف عزله، يتمثل في جذب عون بدرجة أولى، لا النائب وليد جنبلاط. والمطلوب ليس صداماً بين عون والسيد حسن نصر الله. فيلتمان يعرف عمق العلاقة بين الرجلين، وأيضاً ليس الطلب من عون أن يصبح سمير جعجع تجاه قضية المقاومة وسلاح الحزب، فهذه القضية مكان حلها ليس داخلياً. في المقابل، المطلوب نقل عون إلى حالة سياسية مغايرة تتوافر مصالحه في بيئتها عوضاً عن بيئة «حزب الله». وهنا يجب إخضاع هذا التحول الى تطبيقات عملية، أهمها إنضاج ظروف سياسية في البلد تجعل عون يرى أن مصلحته السياسية تكمن في بيئة أخرى، وأن بقاءه حيث هو سيعرضه للاختناق السياسي.
 اليوم تتذكر شخصية مطلعة على ما يعرف بمبدأ فيلتمان، أن عون كان قد نبّه من أن حكومة ميقاتي تعمل ضد مصالح 8 آذار، لكنّ حلفاءه ساروا في طريق صبر طويل عليه نظراً إلى ظروف على صلة بحساباتهم الإقليمية. اليوم، أصبح عون يدرك، وذلك نتيجة تراكم أخطاء أسهم فيها حلفاؤه في الحكومة، وكذلك عن قصد من جانب قوى داخلها تريد إفشال تجربة حكم 8 آذار، أنه لو خاض الانتخابات النيابية عام 2013 بشعاراته الحالية، فإنه لن يحصد الأغلبية النيابية المسيحية، بل حتى قد يسجل تراجعاً ملحوظاً. وهذه الظروف التي وصل اليها عون لم تحصل من تلقاء ذاتها، بل خضعت لتطبيقات نظرية «إنتاج الظروف» المساعدة على عزل حزب الله.
 وفي هذا اليساق، فإن أبرز تطبيقات انتاج الظروف لمحاصرة عون لإجباره على تغيير تموضعه السياسي خارج 8 آذار، هو إبقاء تدفق المال السياسي الخليجي على القوات اللبنانية، رغم توقفه عن كل قوى 14 آذار. والهدف من ذلك تعزيز قوة جعجع انتخابياً في الوسط الشعبي المسيحي، وإشعار عون بأنه يواجه مشكلة انتخابية، ليس من سبيل للفكاك منها الا من خلال توجهه إلى إعادة تكرار إنتاج ظروف مناخ انتخابات عام 2005، التي تميزت برفعه شعار التحدي المسيحي للحلف الرباعي الإسلامي، بوصفه اصطفافاً لتهميش المسيحيين سياسياً. وقد كان لهذا الشعار الفضل في إحرازه فوزاً ساحقاً على الساحة المسيحية.
 وتلاحظ الشخصية عينها أنه بالنظر إلى تطبيقات مبدأ فيلتمان، فإنه لا يعود مستغرباً لماذا كل القوى المسيحية التي بينها وبين عون ما صنعه الحداد، تغاضت عن كيديتها له، وأحاطته بتحالف مسيحي شامل، مع رؤيته لقضية المياومين، للإيحاء له بأن عودته إلى دوره في مناخ انتخابات عام 2005 مقبولة، ضد الآخر الذي يوجد بداخله الثنائي الشيعي، وخصوصاً «حزب الله»، وهو هدف مبدأ فيلتمان لعزل الحزب.
 مرجع أمني مطلع على الخلفيات الدولية للأحداث اللبنانية، أبلغ قبل نحو أسبوعين مرجعاً سياسياً أن ما يشهده لبنان «يشبه ثورة صغيرة، وليس واضحاً بعد ضد من، لكن هذا ليس بريئاً».
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: