Wednesday, August 15, 2012


نحميا شطرسلر - محلل سياسي "هآرتس"، 14/8/2012

الثمن الاقتصادي للهجوم العسكري على المنشآت النووية لا يمكن احتماله

  • علمتنا حرب لبنان الثانية شيئاً جديداً، فقد كنا متأكدين من أن الاقتصاد الإسرائيلي سيمر في أزمة وسيعاني من الركود نتيجة تعرض شمال إسرائيل للصواريخ، والتخوف من وصولها إلى تل أبيب، لكن اتضح فيما بعد خطأ هذا الاعتقاد، إذ أظهر الاقتصاد  قوة واستقراراً استثنائيين. صحيح أن هذا الاقتصاد تراجع لمدة  ثلاثة أشهر، لكنه سرعان ما استرجع وتيرة نموه السابقة كأن شيئاً لم يكن. فهل سنتمكن من الخروج سالمين أيضاً بعد الهجوم على إيران؟
  • يتوقع بنك إسرائيل ووزارة المالية أن يترتب على الهجوم على إيران انعكاسات اقتصادية قاسية، كما يتخوفان من حدوث شلل اقتصادي وإفلاسات وعمليات صرف جماعي للعاملين في مجالات مختلفة. ويقوم بنك إسرائيل بإعداد خطط للدفاع عن المصارف وحمايتها من إمكان حدوث حالات هلع قد تدفع الجمهور إلى سحب أمواله ومدخراته منها، الأمر الذي قد يعرضها لخطر الإفلاس.
  • مما لا شك فيه أن الهجوم على إيران سيؤدي إلى بروز موجة شجب في كل أنحاء العالم. فمنذ اليوم نشهد، وبصورة يومية، دولاً وشركات ونقابات عمالية واتحادات للمستهلكين تعلن مقاطعتها لإسرائيل بسبب سياسة الاحتلال التي تمارسها في المناطق. ومن المتوقع أن يعمق الهجوم على إيران هذه المقاطعة ويجعلها أكثر اتساعاً، فثمة شركات اليوم في أوروبا تمتنع من المتاجرة معنا بسبب المخاطر التي تواجهها إسرائيل، وعندما تتحقق هذه المخاطر، أي عندما تبدأ الصواريخ بالتساقط على تل أبيب، فإن استثمارات دولية كثيرة ستغادر البلد. لذا ينبغي لنا أن نتوقع حدوث انخفاض كبير في أسعار البورصة، سواء في أسعار الأسهم أم في السندات الحكومية، كما من المتوقع ارتفاع العجز في الميزانية بسبب ارتفاع النفقات الأمنية وانخفاض المداخيل من الضرائب.
  • إن الهجوم على إيران سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، الأمر الذي سيعمق الركود العالمي ويجعلنا أقل شعبية في الولايات المتحدة وأوروبا، إذ إن ارتفاع أسعار النفط اليوم ليس في مصلحة العاطل عن العمل في إسبانيا، ولا في مصلحة المتظاهر في اليونان.
  • وعلى عكس الرد المتأخر والضئيل نسبياً للعراق على قصف المفاعل النووي في سنة 1981، من المتوقع أن يكون الرد الإيراني أشدّ بكثير، وأن تتساقط عشرات وربما مئات الصواريخ على إسرائيل في ردة الفعل الأولى، وأن يستمر تساقط الصواريخ بوتيرة أقل لفترة طويلة من الزمن. ويكفي أن تُقصف إسرائيل يومياً ببضعة صواريخ شهاب-4، من أجل إحداث ضرر معنوي واقتصادي هائل. إذ سيكون من الصعب مواصلة الحياة الطبيعية في ظل وضع من هذا النوع، وسيخاف الناس من الإقبال على الشراء، وستخلو المحلات، وسيتراجع الطلب، الأمر الذي سيؤدي إلى إفلاس عدد من المصانع، كذلك لن يأتي السياح، وسيفر المستثمرون، وسيتوقف العمل في المرافىء البحرية، وستلغي شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى إسرائيل. ونتيجة ذلك كله، ستتراجع قيمة الشيكل، وسيرتفع مستوى التضخم والضرائب والبطالة بشكل كبير. أمّا الشيء الوحيد الذي سينخفض سعره فهو الشقق.
  • في حال حدوث مثل هذا السيناريو لا يبقى أمامنا سوى خيار واحد هو أن نمد يدنا إلى صديقتنا الوحيدة، الولايات المتحدة. لكن في الوضع الحالي للعلاقات مع باراك أوباما، لا يوجد سبب يدفعه إلى الإسراع في تقديم المساعدة، فهو عامة ضد الهجوم على إيران، وبالتحديد ضد التوقيت، أي عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية.
  • إن زعزعة التحالف مع الولايات المتحدة هو من أخطر الخطوات التي يمكن حدوثها.... وعلى ما يبدو فإن الجمهور الإسرائيلي يدرك مدى اعتمادنا على الولايات المتحدة، الذي لا ينحصر فقط  في الثلاثة مليار دولار سنوياً ولا في الطائرات الحديثة، فمن دون الحصول على السلاح خلال الحرب، ومن دون مظلة سياسية بعدها، سيكون وضعنا خطراً بصورة مرعبة. ويكفي أن يلوح الرئيس الأميركي بأنه "يدرس" علاقاته مع إسرائيل، كي نتحول إلى دولة معزولة لا يرغب أحد في إقراضها دولاراً واحداً.
  • هل يمكن أن يكون هذا السيناريو مجرد خطأ كبير يشبه توقعاتنا الخاطئة قبل ستة أعوام بشأن حرب لبنان الثانية؟ لدى مقارنة الفوارق الكبيرة بين لبنان وبين إيران، نجد أن السيناريو المتشائم هو الأكثر منطقية.


Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: