Saturday, August 4, 2012



1.             طبول الحرب الإسرائيلية
برهوم جرايسي
يُكثر قادة إسرائيل، في الأسابيع والأيام الأخيرة خاصة،من تهديداتهم بشن حروب على عدة جبهات. ويعكس المشهد تقسيم أدوار؛ فذاك يهدد سورية، وآخر يحذر منها ليهدد غزة، وآخرون يهددون إيران. وعلى الرغم من أنه لا يمكن تجاهل هذه التهديدات وإسقاطها من حسابات التطبيق، إلا أن بعض التجارب علّمت أن اسرائيل لا تقرع طبول الحرب في اتجاه الخارج فقط، بل أيضا في اتجاه شارعها، بهدف إسكاته لدى تطبيق مخططات حكومية، خاصة الاقتصادية منها.ولا يمر يوم على مدى أشهر طويلة، وبشكل خاص في الأيام الأخيرة، إلا نسمع أكثر من مسؤول إسرائيلي، إن كان سياسيا أو عسكريا، يطلق التهديدات في اتجاه ما. والانطباع الناشئ هو أن تقسيم الأدوار بات مفضوحا أكثر من ذي قبل؛ فصحيح أننا نشهد منذ سنوات "تضارب" تصريحات بشأن عدوان محتمل على إيران، احتدت في الأشهر الأخيرة، إلا أن هذا المشهد بات مؤخرا متعددا على جبهات أخرى.ففي هذا الأسبوع، سمعنا نتنياهو لا يستبعد شن عدوان على سورية، تحت ذريعة الأسلحة الكيماوية المزعومة. وفي المقابل، سارع رئيس أركان الحرب، بيني غانتس، في كلمة له أمام اللجنة البرلمانية للشؤون الأمنية والخارجية، إلى التحذير من أن حربا على سورية سيكون نطاقها أوسع مما ستخطط له إسرائيل.ولكن غانتس ذاته، وفي نفس الساعة والمكان، هدّد بشن حرب على قطاع غزة، لدرجة القول إنه لا يمكن أن يرى غير هذه الإمكانية، في الوقت الذي لا يتحدث فيه ساسة اسرائيل عن سيناريو حرب كهذه.وفي المقابل، سمعنا رئيس حزب "كديما" شاؤول موفاز، الذي عاد قبل أقل من أسبوعين إلى صفوف المعارضة، يزعم أنه غادر الحكومة لأنه رفض مغامرة في إيران. وقد يكون موفاز كعادته مزيفا للحقائق، وماضيه العسكري يثبت كم هو تواق للحروب وإراقة الدماء، ولكن هذا يكشف مدى التلاعب بسيناريوهات الحرب في أروقة الحكم الإسرائيلي.لنترك كل هذا جانبا، ونتجه إلى خبر لم يتعد بضع جُمَلٍ نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية هذا الأسبوع، ومفاده أن إقبال الجمهور في إسرائيل على طلب الحصول على كمامات واقية من الغازات السامة ارتفعت وتيرته في الأيام الأخيرة بنسبة 70 %. وهذه الكمامات تم توزيعها على السكان لأول مرّة في العام 1990 قبيل الحرب على العراق.ولكن منذ ذلك الزمن، باتت الكمامات الواقية مشهدا من مشاهد الرعب التي تختلقها سدة الحكم، تارة تجاه الخارج، في إطار الظهور في موقع "الضحية"، وتارة تجاه الشارع الإسرائيلي من أجل رفع مستوى الخوف لديه، وحجب النظر عن كافة القضايا التي تقلقه على مستوى الحياة اليومية، فلا ينشغل إلا بمسببات خوفه من "حرب إبادة قادمة لا محالة"، وما عليه إلا أن يبقى هادئا، ويتقبل سياسة الحكومة أيا كانت.فتصعيد الحديث عن الحروب والكمامات الواقية، تزامن مع إجراءات تقشفية حادة أعلنها نتنياهو هذا الأسبوع، وستقرها حكومته يوم الإثنين المقبل، في صلبها رفع ضرائب، المتضرر منها أساسا الشرائح الوسطى والفقيرة، إلى جانب تقليص عام في الموازنة العامة لهذا العام، باستثناء وزارة الحرب وجيشها، بزعم تغطية العجز الناشئ في الموازنة بسبب انعكاسات الأزمات الاقتصادية في أوروبا وأميركا على الاقتصاد الإسرائيلي.وفي أوضاع عادية، كان من المفترض أن نرى حملة احتجاجات شعبية واسعة ضد الإجراءات الاقتصادية، فحملة الاحتجاجات التي استؤنفت في الأسابيع الأخيرة، لم تنجح في استنهاض الشارع بالشكل الذي كان قبل عام، ومظاهرات مئات الآلاف التي شهدناها لأسابيع قليلة قبل عام تحولت الى مظاهرات بضعة آلاف، وحتى بضع مئات في هذه الأيام.وهذه نتيجة طبيعية، لشارع خاضع لآلة الترهيب الحكومية من العدو الخارجي؛ فمن يفكر "بحرب الإبادة" التي حذرته منها حكومته، لن يتفرغ للاحتجاج ضد الحكومة التي تسعى "لحمايته وإبقائه على قيد الحياة". وهذا نهج كل حكومات إسرائيل، وليس هذه الحكومة وحدها.على أي حال، وكما ذكر بداية، فإنه لا يمكن الاستخفاف بالتهديدات الإسرائيلية بشن حرب ما أو أكثر.
الغد، عمّان، 28/7/2012


واشنطن - حنان البدري:  لم يكن توقيع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على قانون تعزيز التعاون الأمني مع “إسرائيل” هو المفاجأة، فالكونغرس مرّره مؤخراً وبسرعة قياسية وكان فقط بانتظار أن يمهره الرئيس ليصبح نافذاً لساعته، وكذلك لم تكن الصيغة غير المسبوقة لقرار كهذا التي حوّلت “إسرائيل” عملياً إلى الولاية الأمريكية الواحدة والخمسين، ولكن كان وحده عامل التوقيت هو الأهم هنا، فأوباما المرشح الديمقراطي حرص على الاحتفاء بهذه المناسبة عشية وصول منافسه الجمهوري ميت رومني إلى “إسرائيل” لتقديم ما يثبت ولاءه لها، وقبل يوم من وصول وزير دفاعه ليون بانيتا إلى “إسرائيل”. عامل التوقيت هنا بالنسبة لانتخابات الرئاسة الأمريكية يظل ثانوياً في ضوء العامل الأساسي والأهم، فبعد ساعات من توقيع أوباما على قرار الكونغرس والذي يشمل تسليحاً أمريكياً غير مسبوق ل”اسرائيل”، دنا مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأمريكي، وهو مايكل دونلي، وزير القوات الجوية يؤكد جهوزية القنابل الخارقة للحصون الأرضية وما دونها للاستخدام فوراً إذ دعت الحاجة، فماذا يعني كل هذا؟ الإجابة واضحة جداً، في جملة واحدة حيث نستطيع القول إن المشهد يقودنا إلى حالة استعداد قصوى لحرب في المنطقة تستعد لها كل من أمريكا و”إسرائيل”.
هذه النتيجة تقود إليها صياغة مقدمة قانون التعاون الأمني مع “إسرائيل” التي حملت عبارات أكثر تحديداً من النص الذي نشرته “الخليج” في الرابع من الشهر الحالي. ونتوقف هنا عند هذه المقدمة التي حوت أسباب هذا التشريع الذي جاء فيه أن “التغيرات التي يمر بها الشرق الاوسط على الرغم من آمال التوسع الديمقراطي، إلا أنها تشكل تحديات للأمن القومي الأمريكي وأمن حلفائنا في المنطقة لاسيما حليفنا الأهم “إسرائيل”، وخلال العام الماضي الذي شهد سقوط بعض الأنظمة التي ظلت لسنوات طويلة بمثابة عوامل استقرار فإنه شهد أيضاً صعوداً لنفوذ الإسلاميين الراديكاليين”.
ثم عرج المشرع الأمريكي مباشرة بعدها إلى إيران بالتركيز على عامل استغلال إيران للتغيرات الدراماتيكية بالمنطقة لإسقاط حكومات حليفة ومحاولات طهران لزعزعة الاستقرار بالمنطقة باعتبارها الراعية الأولى للارهاب في العالم ودورها في تزويد “حماس” بالصواريخ بمساعدة كل من سوريا وحزب الله، اللافت ان المشرع الأمريكي عرج بعد ذلك إلى ملف إيران النووي.
على أية حال فإن المراقب للتطورات المتلاحقة علي الساحة الأمريكية بالنسبة للشرق الأوسط لا يسعه سوى التأكد من أن احتمالات توجيه ضربات لبرنامج إيران النووي بات وشيكاً وفي غضون الأشهر الثلاثة المقبلة، وأن الأمر قد يتم توسعته ليشمل حزب الله وربما آخرين . الناظر إلى قائمة العطايا التي منحها المشرع الأمريكي ووقعها أوباما، التي شملت أيضاً الاعتراف ب”إسرائيل” كدولة يهودية “دينية” وتقنين استخدام الفيتو بالأمم المتحدة لمنع صدور أي قرار أممي ضد “إسرائيل” مهما حدث، مع تشجيع العالم العربي للاعتراف بيهودية “إسرائيل”، بسهولة التيقن من استعدادات الحرب هذه، لذا قد يكون من المهم هنا إعادة نشر بعض من نص هذا القانون، وفيه:
إن الشرق الأوسط يشهد تغيراً سريعاً، حاملاً معه الأمل لتوسيع الديمقراطية، ولكن أيضاً تحديات كبرى للأمن القومي للولايات المتحدة وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، ولا سيما “لحليفتنا الأكثر أهمية في المنطقة “إسرائيل”. وبسبب استمرار حكومة جمهورية إيران الإسلامية ومن عقود طويلة في نمط السعي لإثارة عدم الاستقرار وتعزيز التطرف في الشرق الأوسط، ولا سيما في هذا الوقت الذي تشهد المنطقة تحولاً سياسياً كبيراً، وفي الوقت نفسه، فإن حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران تواصل تخصيب اليورانيوم في تحد للأمم المتحدة، وعدة قرارات مجلس الأمن، وسيكون لإيران القدرات النووية التي ستهدد في الأساس مصالح الولايات المتحدة الحيوية، وتشجيع انتشار الأسلحة النووية على الصعيد الإقليمي، وستمكن إيران “رائدة رعاية الإرهاب العالمي”، وبالتالي ستشكل تهديداً خطراً ومزعزعة للاستقرار في “إسرائيل”.
إنه على مدى السنوات العديدة الماضية، وبمساعدة من حكومات كل من جمهورية إيران الإسلامية وسوريا زاد كل من حزب الله وحماس مخزونهما من الصواريخ، مع أكثر من ستين ألفاً الآن جاهزة للإطلاق على “إسرائيل”، فإن حكومة جمهورية إيران الإسلامية لا تزال تضيف إلى ترسانتها من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، التي تهدد الدول المجاورة لإيران و”إسرائيل” وقوات الولايات المتحدة في المنطقة. وإنه نتيجة لذلك، فإن “إسرائيل” تواجه تغييراً جوهرياً في البيئة الاستراتيجية.
أما نص القرار نفسه فقد جاء صارخاً في العطايا وأولها مد ضمانات القروض المتاحة ل”إسرائيل” التي تنتهي في 30 سبتمبر/أيلول ،2012 كما حفل النص بالعديد من المساعدات:
 (1) تأكيد التزامنا الذي لا يتزعزع بأمن “إسرائيل” كدولة يهودية.
(2) مساعدة حكومة “إسرائيل” للحفاظ على تفوقها العسكري النوعي في ظل التحول السريع وغير المؤكد للسياسية الإقليمية.
 (3) استخدام حق النقض ضد أي من جانب واحد ضد “إسرائيل”، قرارات في مجلس الأمن للأمم المتحدة.
 (4) لدعم حق “إسرائيل” الطبيعي في الدفاع عن النفس.
 (5) توسيع التعاون مع حكومة “إسرائيل” على حد سواء في الدفاع، ومختلف ألوان الطيف من القطاعات المدنية، بما في ذلك التكنولوجيا المتقدمة والزراعة والطب والصحة والأدوية والطاقة.
(6)  مساعدة حكومة “اسرائيل” مع جهودها المستمرة للتوصل إلى تسوية سلمية عن طريق التفاوض للصراع، أن النتائج في دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام، وتشجيع الدول المجاورة أن تعترف ب”حقها” في الوجود كدولة يهودية.
(7) لتشجيع مزيد من تطوير برامج التكنولوجيا بين أمريكا و”إسرائيل” في ضوء الظروف الراهنة وعدم الاستقرار في المنطقة.
يقر الكونجرس بأنه على حكومة الولايات المتحدة اتخاذ الإجراءات التالية للمساعدة في الدفاع عن “إسرائيل”:                             
(1) السعي إلى تعزيز قدرات حكومه واشنطن و”إسرائيل” لمواجهة التهديدات الناشئة، وزيادة التعاون الأمني، وتوسيع التدريبات المشتركة.
(2) تقديم الدعم لحكومة “إسرائيل” لزيادة تطوير وإنتاج مشترك لأنظمة الدفاع الصاروخي، وخصوصاً الأنظمة الدفاعية ضد التهديد الذي تواجهه “إسرائيل” وقوات الولايات المتحدة في المنطقة.    
 (3) مساعدة “إسرائيل” على وجه التحديد لإنتاج ومشتريات أغراض نظام القبة الحديدي ب”إسرائيل”. 
 (4) تزويد حكومة “إسرائيل” بالمواد الدفاعية والخدمات الدفاعية من خلال هذه الآليات، حسب الاقتضاء، لتشمل الناقلات الجوية التزود بالوقود، وقدرات الدفاع الصاروخي، والذخائر .    
 (5) منح “إسرائيل” المواد الزائدة،- أي فائض والمخزون الأمريكي بالعراق- في أعقاب انسحاب قوات الولايات المتحدة من العراق.
 (6) ينظر في سبل تعزيز الجهود القائمة والمستمرة، بما في ذلك مبادرة مكافحة تهريب الأسلحة في غزة، بهدف منع تهريب الأسلحة الى غزة وفقاً لاتفاق عام 2009 في أعقاب الانسحاب “الإسرائيلي” من غزة، فضلاً عن اتخاذ تدابير للحماية ضد تهريب الأسلحة والإرهاب وتهديدات من شبه جزيرة سيناء.            
 (7) عرض لتدريب سلاح الجو “الإسرائيلي” في الولايات المتحدة للتعويض عن مساحة “إسرائيل” الجوية المحدودة.
(8) العمل على تشجيع توسيع دور “إسرائيل” مع منظمة حلف “الناتو”، بما في ذلك تعزيز وجودها في مقر الحلف والتدريب.                    
(9) توسيع التعاون في مجال الاستخبارات، بما في ذلك الاستخبارات الفضائية، مع “إسرائيل” .
أيضاً اشتمل قرار الكونغرس على خطوات إضافية لحماية “اسرائيل” وحماية المصالح الأمريكية ومطالبة ادارة أوباما الأخذ في الاعتبار متطلبات حكومة “إسرائيل” الملحة لطائرات 35-ئ ، وخاصة في ما يتعلق بفاعلية التكاليف والتسليم في الوقت المناسب . وبذل الجهود لتوسيع التعاون بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” في الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب والأمن البحري، والطاقة، والأمن السيبراني، والمجالات الأخرى ذات الصلة وإتمام الإجراءات الرامية إلى إدماج “إسرائيل” في منظومة الدفاع عن شرق المتوسط.
الخليج، الشارقة، 29/7/2012
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: