د. عدنان أبو
عامر
كان للثورات
السلمية في العالم العربي تأثيرات عديدة تتعلق بأنها ضربة العديد من المسلمات التي
سادت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأحدثت تغييرا سياسيا عميقا، ولها قدرة كامنة
على تغيير وجه المنطقة، ومن بينها علاقات "إسرائيل" مع جيرانها العرب،
والاتفاقات الرسمية بينهما، وبقيت صامدة سنوات عديدة.
وقد طرحت الثورات
في العالم العربي علامات استفهام حول فرص بقاء واستمرار هذه الاتفاقات، والقدرة
على الصمود في وجه ضغوط القوى السياسية التي عارضتها في الماضي، بل ورفضت الاعتراف
بـ"إسرائيل".
• مصير
"كامب ديفيد"
يرى الإسرائيليون
أن معاهدة السلام مع مصر كفيلة بأن تكون حالة اختبار أولي لتأثير الثورات في
العالم العربي، وتعمل كورقة فحص لباقي الاتفاقات، انطلاقا من الافتراض بأن هناك
حكومات عربية أخرى ستسير في أعقاب سلوك النظام الجديد في مصر على نفس النهج، خاصة
وأن الاتفاقية محاولة للتوازن بحذر بين مطالب ومصالح الطرفين.
ويتساءلون: هل
تحتاج مصر في ظل وجود نظام حكم إسلامي لأن تغير معاهدات السلام مع
"إسرائيل" لقطع علاقاتها معها؟ معتبرا أي خطوة مصرية أحادية الجانب
لإلغاء العلاقات الدبلوماسية معها خرقاً واضحاً للمعاهدة، وتوجد احتمالية عالية
بأن يتخذ الكونغرس الأمريكي عدة خطوات ضد مصر.
وقد أفرزت
الانتخابات الأخيرة في مصر التي انتهت بانتصار جارف للإسلاميين توترا بين الميل
الأيديولوجي للإسلاميين بتحرير مصر من التزامات المعاهدة، وبين الآثار السياسية
والاقتصادية لهذه الخطوة، وسيجدون أنفسهم وراء مقود الحكم، والمشاكل الاقتصادية
الهائلة لمصر تضاعفت وتفاقمت.
ومع ذلك، فإن
الاستنتاج المحتم أن على "إسرائيل" أن تُعد نفسها لطلب مصري لمفاوضات
معادة على الملحق العسكري للمعاهدة، وإذا كانت مطالبها معقولة، فستتصرف بحكمة إذا
ما وافقت عليها، قوات أخرى في سيناء يمكنها ان تخفض وضع الفوضى السائد اليوم.
كما أن الحصول
على مصادقة متجددة لمعاهدة السلام من حكومة الإخوان المسلمين سيحقق مكاسب سياسية
كثيرة تتجاوز علاقات مصر بـ"إسرائيل" في كل الأحوال.
وهنا تعتقد
إسرائيل أن واجب الولايات المتحدة أن تواصل جهودها للحفاظ على المعاهدة، ومنع المس
بها، والحيلولة دون تدهور العلاقات الصهيونية المصرية كنتيجة لمطالب مبالغ فيها
لتغييرها، فالمساعدات الأمنية السنوية من الولايات المتحدة لمصر بملياري دولار،
والدور العظيم لنفوذها في المؤسسات المالية الدولية ستؤثر بلا شك على موقف القاهرة
من "كامب ديفيد".
• العلاقات مع
الأردن
بالحديث عن
معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية، فقد أوجدت قيودا على نشر القوات، وتسويات
إقليمية في منطقة وادي عربة، وهي تواجه معارضة قوية في الأردن منذ أن وقع عليها،
بمشاركة أجزاء واسعة من الفلسطينيين، ومحافل دينية واتحادات مهنية.
لكن الاحتجاجات
الحالية ضد الحكومة منذ بداية 2011 لم تجعل المعاهدة مسألة مركزية في مطالبها، لأن
موقف الأردن من المعاهدة ستُمليه بقدر كبير مصالح إستراتيجية حيوية، نظرة أمنية
بعيدة المدى، ومسائل المياه، والعلاقات مع الولايات المتحدة، والدور الذي يراه
لنفسه في القدس، ما يُملي عليه الحفاظ على المعاهدة، وإن جرى تطبيقها بمستوى منخفض
فقط.
كما أن نجاح
الملك الأردني في صد الضغوط لإلغاء المعاهدة سيكون منوطاً ببعض التطورات المتعلقة
بالمسيرة السياسية الإسرائيلية – الفلسطينية، ومساهمة "إسرائيل" في
الاقتصاد الأردني، والتعاون الثنائي في مواضيع المياه، الطاقة والبنى التحتية،
ومشاريع اقتصادية مشتركة، مما سيشكل حاجزا يحمي المعاهدة في وجه الضغوط التي تمارس
عليها.
•مصير السلطة
الفلسطينية
كان للانتفاضات
في العالم العربي أن تعقد أكثر فأكثر الأمور في ساحة المفاوضات، فقد شرعت في فترة
طويلة من عدم الاستقرار وعدم اليقين، خاصة وأن محاولات حركتي فتح وحماس للوصول
لمصالحة تلقت زخما في أعقاب الثورات، وهو ما يشكل تهديدا جديا على اتفاقات أوسلو.
وهناك ثمة حاجة
للحفاظ على أساس قانوني وإطار لإدارة التعايش الإسرائيلي – الفلسطيني وشكله، من
خلال اتفاق انتقالي جديد بين الجانبين، كخطوة في خريطة طريق متفق عليها وصولا إلى
حل الدولتين.
مع العلم أن غياب
اتفاقات أوسلو سيخدم من يعارضونه في الجانبين، ويضيف انعداما آخر للاستقرار في
المنطقة التي تختبر على أي حال ظروفا جديدة وحساسة، محذرا من خيار حل السلطة
الفلسطينية الذي من شأنه أن يُدخل المنطقة بأسرها في وضع جديد من الفوضى.
فلسطين أون لاين،
30/7/2012
2.
المعنى
السياسي لزيارة رومني
داني دانون
الانتخابات
للرئاسة الامريكية على الابواب، ونحن ندخل حقا في المصاف الاخير، في المائة يوم ما
قبل الموعد، والمرشحان للرئاسة يتصارعان بكل القوة، بما في ذلك لنيل الصوت
اليهودي. الرئيس براك اوباما، الذي حرص على أن يدير ظهرا باردة لاسرائيل في عدد لا
حصر له من الفرص واتخذ موقفا مؤيدا للفلسطينيين، يتنافس امام المرشح الجمهوري، ميت
رومني، الذي حرص على أن يوضح مواقفه المؤيدة لاسرائيل في اكثر من مناسبة واحدة
وفعل ذلك ايضا أمس بوعده بمساندة اسرائيل امام ايران ودعمها في سياقات اخرى.
' ' '
زيارة رومني الى
القدس تجسد التزامه العميق تجاه دولة اسرائيل واعترافه باهمية الشعب اليهودي ولكن
التوقيت القريب من الانتخابات يشدد فقط معنى الزيارة لمن قد يجلس في البيت الابيض
ابتداء من كانون الثاني 2013.
هدف مدعي الرئاسة
مزدوج من جهة يسعى الى تعزيز مكانته في الساحة الدولية من خلال لقاءات سياسية مع
رؤساء الدولة في اسرائيل ومع رئيس حكومة السلطة الفلسطينية، ومن جهة اخرى، وهو أمر
هام بقدر لا يقل، اظهار التزامه لدولة اسرائيل.
هذا الالتزام هام
للجمهور الاسرائيلي، ولكن أيضا لجمهور المقترعين اليهود في الولايات المترددة في
الولايات المتحدة، فلوريدا واوهايو، وكذا للجمهور المسيحي الافنجيلي. يوجد الرئيس
براك اوباما أمام ميت رومني في موقع دون في كل ما يتعلق بموقفه من اسرائيل. خطاب
القاهرة الشهير، التصريحات الداعية الى تجميد البناء في القدس، وبالطبع الحقيقة
الرمزية ولكن الهامة التي اختار في رحلاته الى المنطقة الا يزور اسرائيل رغم أنه
زار الدول العربية كل هذا خلق الاحساس المهين بادارة الكتف الباردة لاسرائيل.
' ' '
ولكن، بعد أن فهم
الرئيس القائم بان المرشح الجمهوري يتوجه نحو الصوت اليهودي، وان ورقته السرية هي
زيارته الى البلاد، قرر اوباما التوقيع في نهاية الاسبوع الماضي على رزمة قوانين
توسع التعاون الامني بين اسرائيل والولايات المتحدة.
القوانين، التي
للحقيقة سبق أن اجيزت في الكونغرس قبل بضعة أسابيع وليست سابقة حقيقية، اصبحت،
بمشورة مستشاري الرئيس اوباما المخلصين، حدثا اعلاميا ذا مغزى في الصراع من أجل
الصوت اليهودي. وبالتالي، ابرز النبأ المصور في كل وسائل الاعلام. وبالطبع، لا ريب
أن القوانين هامة وستساهم كثيرا لاسرائيل، ولكن الى جانب ذلك، لا ريب أيضا أن هذه
'اقل مما ينبغي ومتأخرة أكثر مما ينبغي'.
' ' '
دولة اسرائيل
ستتعاون مع كل من يدعمها. لنا اعداء كثيرون في ارجاء العالم وعلينا ان نمسك بكلتي
يدينا بكل داعم، وبالتأكيد بالقوة الاعظم في العالم. ولكن إذ نفحص موقف رومني
الثابت من اسرائيل، يمكن أن نقرر بشكل واضح وقاطع بانه اذا ما انتخب رئيسا، فسيكون
لنا صديق حقيقي في البيت الابيض.
اسرائيل اليوم 30/7/2012
القدس العربي، لندن،
31/7/2012
0 comments: