دراسة اسرائيلية: الحرب على لبنان في 1982 كانت مخططة منذ عام 1979
Tuesday, September 18, 2012 -
كشفت دراسة للجيش الاسرائيلي، أن خطة احتلال بيروت التي عُرفت بحرب لبنان الاولى سنة 1982، أُعدت منذ 1979، وأن وزير الحرب الاسرائيلي آنذاك، أرييل شارون، كان يعتبرها هدفا رغم انه لم يبلغ الحكومة بذلك.
وقالت الدراسة ان قيادة الجيش كانت تعتبر تصرفات شارون في حينه، غير مهنية وتنطوي على الغش والخداع للحكومة وللاسرائيليين، كما كانت مليئة بالتناقضات التي أربكت الجيش وجعلته يتصرف من دون تخطيط واضح، ما نتج عنه إخفاقات كبيرة وخطيرة، وارتكاب مذابح صبرا وشاتيلا في ضد اللاجئين الفلسطينيين. وقالت الدراسة، إنه بعد 30 سنة من حرب لبنان الأولى، يجب الاستفادة من هذا الدرس واستخلاص النتائج المطلوبة.
محرر الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس العبرية، أمير أورن، اعتبر ان صدور الدراسة في هذا التوقيت يشكل اشارة واضحة للتناقضات القائمة اليوم داخل قيادة الجيش الإسرائيلي، التي تعارض توجيه ضربة عسكرية لإيران دون التنسيق والشراكة مع الولايات المتحدة، وبين وزير الحرب إيهود باراك، الذي يبدي حماسه للقيام بعمل عسكري ضد ايران ويسانده في موقف هذا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
واوضحت الوثيقة، التي صدرت الأسبوع الماضي، أن شارون التقى قادة الجيش في شهر أيار، أي قبل شهر من محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن، شلومو أرغوف، في 3 حزيران 1982K وأطلعهم على أهداف الحرب التي يخطط لها.
واضافت الدراسة انه الجيش الاسرائيلي لم يجر أي تحقيق حول مجزرة صبرا وشاتيلا، سوى التحقيق الذي أصدرته دائرة التأريخ في الجيش، والذي لم يسمح بنشره على الملأ. لكن مقاطع منه تم تسريبها إلى وسائل الإعلام في اليومين الأخيرين، تتحدث عن الطريقة التي عمل شارون من خلالها على تضليل الحكومة ورئيسها واصطدامه مع قادة الجيش.
وبحسب محرر الشؤون العسكرية في هآرتس، فان الهدف من هذا التسريب، قد يكون التحذير من مخاطر الخلافات القائمة حاليا بين باراك ونتنياهو من جهة، وقيادة الجيش حول الموقف من إيران.
واوضح اورن، ان المقاطع التي تم تسريبها من التقرير تلفت النظر الى جملة من الوقائع، أبرزها ان قيادة الجيش الإسرائيلي، تحت مسؤولية رئيس الأركان آنذك، رفائيل ايتان، خططت لاحتلال بيروت منذ سنة 1979، وكانت تعلم علم اليقين أن احتلال عاصمة عربية سيكون تطورا خطيرا من شأنه أن يقود إلى حرب إقليمية شاملة. اما الهدف من ذلك فكان تصفية المقاومة الفلسطينية وحلفائها اللبنانيين، وإخراج القوات السورية من لبنان. وقد أضاف شارون إلى هذا الهدف، هدفا آخر هو إقامة نظام حكم لبناني جديد يكون جزءا من العالم الحر، ويوقع على معاهدة سلام مع إسرائيل، ويمنع أي عمليات عسكرية ضدها انطلافا من لبنان.
كذلك، فقد سلكت اسرائيل في تلك الحرب تقليدا معروفا في إسرائيل، وهو وجود خلافات بين الجيش ووزير الحرب والحكومة. وهذه الظاهرة بدأت سنة 1954، وما زالت مستمرة حتى اليوم. وقد انطوت في حرب لبنان الاولى على خدعة كبيرة، حيث أبلغ وزير الحرب، شارون، الحكومة بأن الحرب لن تستغرق اكثر من 48 ساعة، سيتمكن الجيش فيها من الوصول إلى عمق 40 كيلومترا في الأراضي اللبنانية، لكن الجيش الاسرائيلي لم يلتزم بوقت محدد، واحتل نصف لبنان وغالبية أحياء بيروت، واستمرت الحرب 18 عاما وليس 48 ساعة فقط.
يضاف الى ما تقدم، ان حرب لبنان الأولى، لم تكن مدروسة من الناحية الاستراتيجية، مثلها مثل حرب لبنان الثانية، التي كان هدفها ايضا تصفية المقاومة واخراج السوريين من لبنان وتغيير نظام الحكم فيه. ومثل هذه الأهداف الكبيرة، تحتاج لدراسة معمقة لكل جوانب الموضوع وتبعاته، وهذا لم يحصل. ولذلك، اعتبرت اللجنة التي شُكلت للتحقيق فيها، انها كانت حربا فاشلة.
وتكشف الدراسة أن إسرائيل خسرت في حرب لبنان الاولى 1216 قتيلا ، مقابل 18 ألف قتيل في الجانب الآخر، معظمهم من الجيش السوري، وبينهم نحو ألفي فلسطيني ومثلهم من اللبنانيين.يضاف الى ذلك ان الحرب أنهكت الجيش الإسرائيلي، وليس فقط لبنان وسورية والفلسطينيين، وأدت ايضا الى تفسخ المجتمع الإسرائيلي وزعزعت مكانة الجيش وأساءت لسمعة إسرائيل وجيشها في الخارج.
ومن جملة النتائج التي يشير اليها التقرير، الاشارة الى ان نمط التفكير الإسرائيلي كان لافتا للنظر. فعشية الانتخابات الإسرائيلية التي كانت مقررة في حزيران 1981، وعلى خلفية زيادة التدخل الإسرائيلي في لبنان لدعم المسيحيين في مواجهة سورية، تعزز الشعور داخل اسرائيل بان هناك تصعيدا عسكريا قادما، وان الحرب أصبحت مسألة حتمية، ولا ينقصها سوى عنصر صغير، هو تحديد العدو. وهنا، استنتجت قيادة الجيش الاسرائيلي أنه لا مفر من القيام بعمل عسكري في لبنان، رغم ان السؤال المطروخ كان: ضد من..؟ حيث كانت الآراء تتأرجح بين ان يكون الهدف منظمة التحرير، او السوريين، او الطرفين معا.
هاآرتس
0 comments: