الناصرة ـ زهير أندراوس: قال
الباحث في معهد دراسات الأمن القومي، بروفيسور زاكي شالوم، في دراسة نشرها على
موقع المعهد إن هناك مصلحة جوهرية لخصوم سورية في المنطقة، مثل إسرائيل ولبنان
وتركيا والأردن، في إضعاف سورية، فالحرب الأهلية من شأنها أن تلحق ضرراً كبيراً
بالاقتصاد السوري، وأن تضعف الجيش، زاعما أن الولايات المتحدة ترى أنه في ظل
الأوضاع الراهنة ليس هناك خطر حقيقي ومباشر من انتقال الحرب الأهلية إلى الدول
المجاورة لها، من هنا فهي لا ترى أن هناك حاجة في المرحلة الحالية إلى التصعيد عبر
تدخلها هناك، على حد تعبيره.
وتحت عنوان: كيف تواجه
إدارة أوباما الحرب الأهلية في سورية؟ قال البروفيسور شالوم في دراسة، بدأت
الانتفاضة ضد النظام السوري في آذار (مارس) 2011، واقتصرت في البداية على مناطق
معينة، فاستمرت وتيرة الحياة طبيعية في المدن السورية الكبرى.
وفي الأشهر الأولى
للأحداث السورية، ظهر تردد كبير لدى الإدارة الأمريكية في واشنطن إزاء كيفية
التعامل مع هذه الأزمة، ووجدت سبيلاً للتهرب من اتخاذ موقف حاسم، وذلك عبر دعواتها
المتكررة للرئيس الأسد إلى القيام بإصلاحات ديمقراطية في بلده. وعندما تبين لها أن
الأسد لا يستجيب إلى هذه الدعوات، رفعت سقف مطالبها الشفهية، فأعلن الرئيس أوباما
في 18آب (أغسطس) 2011 أن على الرئيس الأسد التنازل عن منصبه من أجل مصلحة الشعب
السوري.
في المقابل نشطت الإدارة
بصورة مكثفة دولياً، وخصوصاً وسط المؤسسات الدولية، في محاولة لوضع خطة عمل دولية
ضد نظام الأسد، كما اتخذت سلسلة من الخطوات الاقتصادية ضد سورية.
وبالاستناد إلى مصادر
متعددة، فقد جاء تحرك الإدارة الأمريكية، بالتنسيق مع السعودية وتركيا، من أجل
مساعدة الثوار في سورية ضد الرئيس الأسد، وتشير بعض المعلومات إلى تواجد رجال
الاستخبارات الأمريكية على الحدود السورية ـ التركية، وتقديمهم المساعدة للثوار من
خلال مدهم بالمعلومات والسلاح وتدريبهم. ولاحظ الباحث إن ثمة أصوات في الإدارة
الأمريكية تطالب بتدخل أكثر فعالية للولايات المتحدة في سورية، بما في ذلك القيام
بخطوات ذات طابع عسكري.
ومن بين الاقتراحات
المطروحة، القيام بعملية تقيد تحرك الطيران السوري، أو من خلال إقامة ممرات آمنة.
وزاد قائلاً: يمكننا الافتراض أنه إلى حين موعد الانتخابات الرئاسية ستمتنع إدارة
أوباما من القيام بعملية عسكرية في سورية. والانطباع السائد اليوم داخل هذه
الإدارة هو أن الحرب الأهلية الدائرة حالياً في سورية لا تشكل تهديداً جدياً
لمصالح الولايات المتحدة الحيوية في المنطقة، فسورية دولة معادية للولايات
المتحدة، وإذا كانت الحرب الأهلية الدائرة فيها ستجعلها دولة ضعيفة فإن هذا يصب في
المصلحة الأمريكية. فضلاً عن ذلك، فإن سورية هي أهم حليف لإيران، وفي حال أصبحت
دولة ضعيفة فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف محور الشر الإيراني السوري، وهذا
تطور ملائم للغاية بالنسبة إلى الولايات المتحدة. كذلك فإن سورية حليف مقرب من
خصمي الولايات المتحدة على الساحة الدولية، روسيا والصين، والوضع السوري الحالي
محرج جداً ومقلق بالنسبة إلى هاتين الدولتين، وهذا ما ترغب فيه الولايات المتحدة،
على حد قوله.
كما قال إن التدخل
العسكري ولو في حده الأدنى، من شأنه أن يجر الولايات المتحدة إلى صراع دموي من
الصعب توقع نتائجه، وعلى الأرجح أنه ستكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد
الأمريكي وعلى نتائج الانتخابات. وخلص الباحث إلى القول إن الإدارة الأمريكية أن
الحرب الأهلية الدموية الدائرة في سورية ليست معركة بين الأخيار والأشرار،
فالطرفان يتصرفان بوحشية مطلقة، وتتخوف الإدارة من ارتكاب الثوار مذابح ستُتهم
القوات الأمريكية بالمسؤولية عنها، حتى لو لم تكن متورطة بها مباشرة. ويجب ألا
ننسى أن الثوار لا يشكلون كتلة موحدة، ومن الصعب السيطرة عليهم، لذا ففي حال
انتصروا، فهم على الأرجح سينتقمون من العلويين انتقاماً قاسياً، وليس في استطاعة
الولايات المتحدة التهرب من تحمل المسؤولية في حال قبلت بما يقوم به الثوار،
وبالتالي فإن جميع هذه الاعتبارات هي التي تردع أمريكا عن التدخل في سورية، على حد
قوله.
القدس العربي، لندن، 8/9/2012
عصام نعمان
أخيراً
اقتنع بنيامين نتنياهو أن لا سبيل إلى ضرب إيران قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية .
لاقتناعه بأسباب عدّة ليس أقلها أن إدارة أوباما أفهمته بالفم الملآن أن الولايات
المتحدة لن تشترك في أي هجوم عسكري تشنه “إسرائيل” من جانبٍ واحد على منشآت إيران
النووية . أكثر من ذلك، تأكد نتنياهو أن
إدارة أوباما وجّهت، قبل أسبوع، رسالة سرية إلى إيران بواسطة دولتين
أوروبيتين تستخدمهما واشنطن قناة اتصال مع طهران في إبان الأزمات، بأنها لا تنوي
الدخول في حرب إذا ما قررت “إسرائيل” شن هجوم على إيران من جانب واحد ومن دون
تنسيق معها، وأن واشنطن تتوقع في مثل هذه الحالة ألاّ تهاجم إيران أهدافاً
استراتيجية أمريكية في الخليج، بما في ذلك القواعد العسكرية وقِطَع الأسطول
الأمريكي وحاملات الطائرات . هذه الرسالة جاءت عقب تصريحات أدلى بها رئيس هيئة
الأركان المشتركة للجيش الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي، وشدّد في سياقها على ان
الجيش “الإسرائيلي” لن يتمكّن من القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وعلى أن الولايات
المتحدة لا تنوي الاشتراك في أي حرب “إسرائيلية” ضد ايران . الرسالة الأمريكية
صَدَمت نتنياهو، لكنها لم تحبطه . . بعد .
فقد ثابر على الإيحاء بأن “إسرائيل” مازالت تستعد لتوجيه ضربة إلى إيران قبل أن
تستكمل مناعتها العسكرية ضد الضربة المحتملة
. لم يحدد نتنياهو تاريخاً لبلوغ إيران عتبة المناعة أو تاريخاً، ولو
تقريبياً، لضربته الموعودة . تقصّد، بذلك،
أن يحقق، في سياق تهديداته المستمرة،
ابتزاز الولايات المتحدة في أمرين:
*الأول، استدراجها لإعطائه “تطمينات” بأنها مازالت جادة في الحؤول دون
امتلاك إيران سلاحاً نووياً . في هذا المجال، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن
الرئيس باراك أوباما يدرس إمكان اتخاذ خطوات علنية وسرية ضد إيران تهدف إلى تهدئة
روع “إسرائيل”، وإقناع رئيس حكومتها بعدم شن هجوم عسكري من جانب واحد على المنشآت
النووية الإيرانية . نتنياهو أوحى بالتجاوب مع ما ذكرته الصحيفة الأمريكية بقوله:
“كلما كان الخط الأحمر الذي تضعه الأسرة الدولية أمام إيران أكثر وضوحاً، فإن
احتمال اندلاع مواجهة عسكرية معها يصبح ضئيلاً أكثر” .
*الثاني، الحصول من إدارة أوباما على تعهدٍ، قبل انتخابات الرئاسة، بمنح
“إسرائيل” طائرات خاصة لتزويد الوقود في الجو، وقنابل متطورة قادرة على اختراق
تحصينات تحت الأرض بعمق 60 متراً، كما التعهد بتنفيذ المزيد من العمليات السرية ضد
البرنامج النووي الإيراني، والتضييق على صناعة النفط الإيرانية . صحيفة “هآرتس”
(4/9/2012) التي أوردت كل هذه التفصيلات، فسرت سبب تصريحات نتنياهو عن وضع خط أحمر
أمام إيران، بأنه يعود إلى “وجود خشية في “إسرائيل” من إقدام الولايات المتحدة على
توجيه إنذار علني إليها يحذرها من مغبة شن هجوم عسكري من جانب واحد على إيران،
الأمر الذي من شأنه إلحاق أضرارٍ فادحة بقوة الردع الإسرائيلية” . كل ذلك لم يردع
نتنياهو . . بعد . صحف “إسرائيلية” وفرنسية ومصادر معلومات أمريكية أشارت إلى أنه
موغل في تحدي أوباما على خط آخر هو انتخابات الرئاسة، بل ضالع في حملة منظمة
للحؤول دون فوزه تضم اليهود الأمريكيين و”المحافظين الجدد” والأمريكيين الصهاينة
بالتعاون مع اللوبي اليهودي النافذ “إيباك”، إضافة الى الحزب الجمهوري الذي تسيطر
على قيادته شخصيات يمينية متطرفة، وقد نجحت في اعتماد ميت رومني مرشحاً للرئاسة عن
الحزب، واليميني المتطرف بول ريان نائباً له .
أوباما
محيط بمناورات نتنياهو وألاعيبه ودعمه العلني لرومني . صحيفة “معاريف” (4/9/2012) كشفت بقلم محللها
السياسي عوفر شيلح أن الثري اليهودي الأمريكي شلدون أدلسن، المقرّب من نتنياهو، هو
من كبار المتبرعين للمرشحين الجمهوريين، وفي مقدمهم رومني، وأن أوباما اعتبر ذلك
تدخلاً “إسرائيلياً” فجّاً ضد إعادة انتخابه .
أوباما
لم يتأخر في الرد، مزايداً على جميع سابقيه من المرشحين للرئاسة ديمقراطيينَ وجمهوريين، إذ أعلن بنفسه وبلسانه
في أثناء تقبّل تسميته مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة، أن “القدس كانت وستبقى
عاصمة إسرائيل” . المحللون السياسيون
اعتبروا هذا الإعلان بمثابة طمأنة وترضية لليهود الأمريكيين ول “إسرائيل”
مع
العلم، أن برنامج الحزب الديمقراطي يتضمن شعاراً تقليدياً يرضي اليهود: “ الرئيس
أوباما والحزب الديمقراطي يحافظان على التزام لا يتزعزع بأمن إسرائيل” . إلى ذلك،
يحرص أوباما على دحض اتهام رومني له بأنه “رمى ب “إسرائيل” تحت عجلات الحافلة”،
بإقرار مزيد من العقوبات الشديدة لمنع ايران من امتلاك سلاح نووي . وقد يعلن
لاحقاً أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة خطوطاً حمراً لكبح البرنامج النووي
الإيراني .
رغم
ذلك كله يبقى أن نتنياهو أعاد النظر في جدول أولوياته، إذ لم تعد الأولوية لضرب
إيران قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية . فقد أرجأ الضربة، على ما يبدو، إلى ما بعد
الانتخابات . الأولوية أصبحت لإسقاط أوباما وحرمانه ولاية ثانية . لماذا؟ “لأنه
إذا ما أعيد انتخابه فإن ذلك من شأنه تقييد يديّ “إسرائيل”، إذ لا يعود بحاجة إلى
أصوات مؤيديها”، كما جاء في صحيفة “معاريف” . هل يعقل أن يتمكّن رئيس “حكومة “إسرائيل” من إلحاق الهزيمة
برئيس الولايات المتحدة الأمريكية؟
الخليج،
الشارقة 8/9/2012
0 comments: