Friday, November 16, 2012

عمود الغيم": عملية محض عسكرية أو ضربة سياسية؟

السبت 17 تشرين الثاني 2012،     أنطوان الحايك - مقالات النشرة

طرحت عملية "عمود الغيم" التي أطلقتها إسرائيل ضد قطاع غزة أكثر من علامة استفهام حول مضمونها والأهداف الحقيقية منها، خصوصا أنّ الأنظار الاسرائيلية  كانت مسلطة إعلاميا وسياسيا على إيران و"حزب الله"، كما أنّ الانشغالات كانت منصبة على التحضير لهدنة طويلة مع حركة "حماس" بوساطة مصرية كان الرئيس محمد مرسي قد استهلها عبر الرسالة الشهيرة التي وجّهها لتل أبيب، وتلقفها رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو لتوجيه حملته الانتخابية على أساسها.
غير أنّ السؤال الأبرز يبقى حول ما اذا كانت العملية بحد ذاتها محض عسكرية أم أنّها مجرد ضربة سياسية يمكن توظيفها في الاستحقاقات المتتالية المقبلة على المنطقة باسرها، بحيث تراوح التقديرات  بين حدي الاعتقاد بأنها رسالة موجهة إلى دول الربيع العربي بعد سيطرة الاخوان المسلمين على معظمها انطلاقا من تونس مرورا بمصر وليس بعيدا عن هواجس مماثلة تطاول سوريا والاردن لاسيما بعد ان التحقت حركة "حماس" بركب الاسلاميين بعد خروجها من سوريا ومن تحت الجناح الايراني، أو محاولة اسرائيلية للخروج من المأزق الايراني بعد سلسلة التهديدات التي وجهتها لطهران، وبنت على نجاح ضغطها على واشنطن للمشاركة بعملية عسكرية ضد المفاعلات النووية الايرانية.
مهما تكن الاسباب الحقيقية، تبقى العبرة بالنتائج بحسب ما يشير دبلوماسي عربي عايش الصراع العربي الاسرائيلي على مر عقود سابقة، خصوصا أنّ الأمور لا تعدو كونها حربا معنوية أكثر مما هي عسكرية، ويوضح أنّ الجيش الاسرائيلي لا يبدو راغبا في خوض معركة مشاة غير محسوبة النتائج، كما أنه يخشى بصورة جازمة الدخول في رمال غزة المتحركة لاسيما بعد أن أظهرت الأخيرة كفاءة عالية في حرب الشوارع وحروب العصابات التي غالبا ما تعتمدها المقاومات الاقل تسليحا، فضلا عن ان الوضع الانتخابي لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وحزبه لا يبدو مشجعا في ظل سلسلة من الاخفاقات يخشى ان تتكرر، ناهيك عن حقيقة تبدو واضحة وهي أنّ فتح جبهة غزة جاء ليغطي على جبهة الجولان التي تحركت بدورها للمرة الاولى منذ أربعين عاما.
في هذا الوقت، تشكك مصادر مواكبة لسير العمليات العسكرية بقدرة اسرائيل على حسم المعركة نهائيا لمصلحتها بدليل أنها لم تعلن أهداف حملتها على غزة لعلمها أن صمود حركة "حماس" وعدم كسرها بصورة نهائية يعني نصرها المعنوي الممكن توظيفه في ساحات عربية حساسة لاسيما في مصر العائدة إلى الحضن الاسلامي بعد عقود من توقيعها على اتفاقية  السلام مع اسرائيل.
غير أنّ السؤال الابرز في هذا المجال يتمحور حول ما اذا كانت اسرائيل تعلم سلفا بوجود هذا الكم النوعي من الصواريخ الايرانية لدى "حماس"، وهل فعلا ان معلوماتها لم تكن دقيقة في هذا السياق. ففي حال كانت تعلم بذلك فان علامة الاستفهام تكبر إلى حدود الاعتبار بان حكومة نتانياهو تهرب إلى الامام في سباق مع الملفين السوري والايراني. واذا كان العكس فان الامور قد تتطور إلى الاسوأ لعدة اعتبارات أولها ان إسرائيل لا تبدو راغبة بفقدان قدرتها المعنوية على الردع اقله في عاصمتيها السياسية والمعنوية اي تل ابيب والقدس، فضلا عن ان تسارع الاحداث سيعيد التفكير بموقف مصر في ظل الحكم الاخواني.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: