Tuesday, November 27, 2012


كشفت مجلة "ذي ماركر" الاقتصادية أن الحرب على غزة كلفت الاقتصاد الإسرائيلي نحو 3 مليار شيكل على الأقل منها 2 مليار شيكل مخصصة للنفقات العسكرية وهو ما يشكل نحو 5% من ميزانية الدفاع لعام 2012, ونحو 1 مليار شيكل من التكلفة المدنية, علما أن هذه المبالغ لا تشمل خسارة الانتاج التي لحقت بالاقتصاد جراء الحرب، والكفيلة بان تبلغ مئات ملايين الشواكل.
وقال "موتي باسوك" الكاتب المختص بالشئون الاقتصادية "إنه كان ينبغي على رئيس الحكومة التقدير بأنه عندما أعطى الضوء الأخضر باغتيال رئيس أركان جيش حماس، احمد الجعبري، الأخذ بالحسبان أيضا الكلفة الاقتصادية الباهظة لمواجهة عسكرية واسعة النطاق في الجنوب".
وأضاف "إن وجع الرأس الحقيقي سيتدحرج إلى الحكومة الجديدة، التي ستقوم بعد الانتخابات في كانون الثاني, وسيتعين على هذه الحكومة أن تحدد مصادر التمويل لـ "عمود السحاب" في وضع من الضائقة المالية غير المسبوقة تقريبا".
وسيتعين على الحكومة الجديدة ان تقر ميزانية الدولة للعام 2013 فور قيامها، بينما ستتضمن تقليصا بمقدار 13 - 15 مليار شيكل في النفقات، وزيادة عبء الضريبة بـ 3 مليار شيكل.
وأشار الكاتب إلى أن وزير الجيش الجديد سيطلب زيادة ميزانية الدفاع للعام 2013 بـ 5 مليار شيكل آخر كي يستوفي مهام الجهاز, وتساءل باسوط قائلا "من أين ستأتي 3 مليار شيكل لتمويل "عمود السحاب"؟, أغلب الظن من رفع آخر لعبء الضرائب. مثلا إحدى الإمكانيات هي رفع ضريبة القيمة المضافة 1 في المائة آخر من 17% الى 18%، حيث أن كل 1 في المائة ضريبة قيمة مضافة يساوي للمالية 4 مليار شيكل.
لكل معركة عسكرية خصائصها, وفي "عمود السحاب" تلعب "القبة الحديدية" دور النجم، وثمن كل صاروخ فيها يصل الى 35 - 50 الف دولار. وتضاف الى ذلك نفقات اعتيادية مثل كلفة ساعة الطائرة الصغيرة بدون طيار في الجو والتي تقدر بـ 1,500دولار، كلفة ساعة المروحية في الجو والتي هي نحو 5 الاف دولار وكلفة ساعة الطائرة القتالية في الجو والتي تقدر بالمتوسط بـ 11 الف دولار. وبالطبع تضاف الى كل هذا كلفة كل قذيفة، ساعة محرك دبابة أو الوقود للسيارة.
كلفة اقتصادية باهظة أخرى هي رجال الاحتياط. فالكلفة المتوسطة ليوم احتياط للجندي، حسب التأمين الوطني، هي 450 شيكل، ولكن لكل جندي احتياط توجد أيضا كلفة عسكرية، كالغذاء مثلا. كلفة تجنيد 10 الاف جندي احتياط لليوم هي 4.5 مليون شيكل. كلفة تجنيد 50 ألف جندي احتياط في اليوم هي 22.5 مليون شيكل، ولعشرة أيام - 225 مليون شيكل. هذا المبلغ لا يتضمن كلفة رجل الاحتياط على مكان عمله وعلى الاقتصاد (خسارة انتاج)، بحيث ان المبالغ كبيرة ومتراكمة.
اضافة الى الكلفة المباشرة للحملة العسكرية، فلكل معركة عسكرية توجد أيضا كلفة غير مباشرة، مدنية. الضرر الاشد بالاقتصاد هو الانخفاض في الانتاج. في سياق "عمود السحاب" لم تجرى بعد الحسابات في هذا الشأن. وتثبت التجربة بانه بعد كل حملة عسكرية كبيرة، مثل حرب لبنان الثانية و "رصاص مصبوب"، تتضرر السياحة لاسرائيل بشكل شديد، لمدة سنة على الاقل. فالسياح لا يتحمسون لزيارة مناطق المعارك - والجنوب اصبح في الاسبوع الماضي منطقة قتال.
مصانع كبيرة، متوسطة وصغيرة قلصت حجم عملها، وكانت هناك مصانع أغلقت ابوابها. في المنطقة موضع الحديث نحو الف مصنع، وعدد مشابه آخر من المحلات التجارية الاخرى. وقدر اتحاد ارباب الصناعة الضرر للمصانع حتى يوم امس بـ 150 مليون شيكل، ويتعين على الدولة أن تعوضها.
كما أن اغلاق المدارس وتغيب العمال يضيف الى خسارة الانتاج في الاقتصاد، والتي قد تبلغ مئات ملايين الشواكل - الامر الذي يتعلق بمدة القتال وبدفعات التأمين الوطني للعمال المتغيبين. اضافة الى ذلك سجلت حتى ظهر أمس 1.240 اصابة صواريخ للمنازل، الى جانب اصابة سيارات واملاك اخرى للسكان في الجنوب.
سلطة الضرائب، التي تعلمت دروس الانتقاد الجماهيري الشديد لسياستها في حرب لبنان الثانية تبدي اليوم مراعاة أكبر في اعطاء التعويضات. وفي "رصاص مصبوب" بلغت هذه الاضرار 100 مليون شيكل، ولكن التقدير في سلطة الضرائب هو أن حجم الضرر اشتد في "عمود السحاب" اكثر بكثير. وأقام وزير المالية يوفال شتاينتس أمس فريقا خاصا برئاسة مدير عام وزارته دورون كوهن، لفحص حجم الاضرار في الجنوب وبلورة التوصيات لتعويض بلدات وسكان الجنوب ممن تضرروا بالصواريخ.
عكا اون لاين، 24/11/2012

2.          كشف حساب عن قتلى غزة
جدعون ليفي
ان قائمة احصاء القتلى من الفلسطينيين والاسرائيليين منذ ان سقط أول صاروخ قسام على اسرائيل في نيسان 2001 تُبين انه لا يوجد تناسب ألبتة بين عدد القتلى الضخم من الفلسطينيين وعدد القتلى الضئيل من الاسرائيليين
تكون المعطيات احيانا واقعا ايضا ولا يمكن تجاهل هذا الواقع: منذ ان سقط أول صاروخ قسام على اسرائيل في نيسان 2001 الى أول أمس قُتل 59 اسرائيليا و4717 فلسطينيا. والقائمة لا تكذب كما يقولون في فرع أقل قتلاً، وهذه النسبة مخيفة، كان يجب ان تقلق كل اسرائيلي.
نشرت صحيفة 'هآرتس' هذه القائمة أول أمس، لكن يبدو أنها لا تقلق في هذه الاثناء سوى العالم، فقد نشرت صحيفة 'الايكونوميست' البريطانية المحافظة والمنضبطة والتي لا تعادي اسرائيل بصورة سافرة، نشرت في الاسبوع الماضي قائمة مشابهة في موقعها على الانترنت تحت عنوان: ورقة حساب غزة. وتُبلغ الصحيفة الاسبوعية قُراءها أنه قُتل منذ مطلع السنة الى نشوب عملية 'عمود السحاب' اسرائيلي واحد فقط باطلاق صواريخ من غزة (ثلاثة بحسب معطيات صحيفة 'هآرتس')؛ وفي تلك المدة قتلت اسرائيل 78 فلسطينيا في غزة على الأقل في فترة تهدئة نقضها الفلسطينيون كما زعمت اسرائيل. ويجب ان نضيف الى هذه الأرقام معطيات 'عمود السحاب' وهي 156 قتيلا فلسطينيا و6 اسرائيليين. وتذكر لنا صحيفة 'الايكونوميست' ان 19 من القتلى اولاد.
في احصاء الموت هذا توجد منذ سنين نسبة 'الرصاص المصبوب' وهي 1 الى 100 على نحو عام. وهناك قتيل اسرائيلي واحد لكل 100 فلسطيني في 'الرصاص المصبوب'، وعدد من القتلى الفلسطينيين يزيد بـ 26 ضعفا عن الاسرائيليين في 'عمود السحاب' ومتوسط سنوي يبلغ 1 الى 100 تقريبا منذ 2001. وفي هذه الفترة أطلق الفلسطينيون 7361 قذيفة صاروخية على اسرائيل؛ ويصعب ان نجد معطيات تُبين كم صاروخا وقذيفة وقنبلة أطلقت اسرائيل لكن المعطيات كانت ستكون أعلى بما لا يقبل التناسب.
بقي السؤال الأبدي وهو من بدأ بلا جواب، والجواب عنه بعيد من ان يكون قاطعا: ففي سنة 2001 وهي سنة ولادة صاروخ القسام أُطلقت 4 قذائف صاروخية من غزة وكان ذلك اطلاقا قُتل به اسرائيلي واحد. فكم فلسطينيا قُتل في ذلك العام؟ 179. وفي 2002 أُطلقت 34 قذيفة صاروخية لم يُقتل بها أي اسرائيلي وقُتل 373 فلسطينيا. وفي السنتين بعد ذلك أصبحت الصورة أكثر حدّة: 155 قذيفة صاروخية في 2003 و370 قتيلا فلسطينيا ولم يوجد أي قتيل اسرائيلي، وفي 2004 281 قذيفة صاروخية و625 قتيلا فلسطينيا و7 اسرائيليين. لم يبدأ اطلاق صواريخ القسام مع الانفصال كزعم اليمين الكاذب، ولم يقف قط قتل اسرائيل للفلسطينيين بالجملة. ان عملية 'الرصاص المصبوب' مع معطياتها القاسية عن قتل الفلسطينيين جاءت خصوصا بعد فترة كان أكثرها هادئا في أعقاب هدنة كان يفترض ان تستمر ستة اشهر (ونقضتها اسرائيل فورا): ومن تموز 2008 الى الغزو لم يُقتل اسرائيليون بل قُتل 16 فلسطينيا فقط اذا استثنينا تشرين الثاني حينما لم تُطلق صواريخ قسام تقريبا ايضا.
ان الأجوبة عن سؤالي من الضحية ومن المعتدي واللذين لا يقلان أهمية، مركبة وبعيدة عن الأجوبة القاطعة التي تبذلها وسائل الاعلام الاسرائيلية، فاسرائيل قتلت أكثر دائما. صحيح ان معطيات القتل لا تُصور الصورة الكاملة، وصحيح ان كل قتيل هو عالم كامل، وان اطلاق صواريخ القسام على الجنوب الذي يجعل السكان هناك يعيشون في رعب دائم أمر لا يُطاق، لكن لا يمكن ان نتجاهل النتائج القاتلة في الطرف الثاني فهي بلا أي تناسب انساني ومنطقي.
وما الذي تحاول الدعاية الاسرائيلية ان تفعله؟ ان تعرض الجنوب على انه الضحية الوحيدة التي لا يوجد سواها. وكعادة الدعاية الرخيصة فان هذا الامر يشوه الواقع شيئا ما. ان كل مراسل اجنبي يصف أبعاد القتل والدمار في غزة يُحدد فورا على انه معادٍ للسامية وكاره لاسرائيل، فلا تريد اسرائيل سوى صور من عسقلان. لكن الضحية الاولى الأشد نزفا هي غزة وتأتي اسرائيل بعدها فقط، ولا يمكن ان نتجاهل هذا. فالقتل في غزة ضخم والنضال هناك هو في مواجهة استمرار الاحتلال وهو احتلال جزئي منذ وقع الانفصال لكنه ما يزال احتلالا. واقتصاد القطاع متعلق باسرائيل، والشيكل هو العملة الوحيدة، والحصار البحري كامل وصعب وما يزال الحصار البري نافذ الفعل جزئيا. وقد قتلت اسرائيل أول أمس في غد احراز وقف اطلاق النار متظاهرا فلسطينيا آخر قرب الجدار في غزة لكن من ذا يعد، فالفلسطينيون هم المعتدون والاسرائيليون هم الضحايا.
هارتس، 25/11/2012
القدس العربي، لندن، 26/11/2012
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: