هآرتس – افتتاحية - 17/12/2012
دولة بدون وسائل اعلام
بقلم: أسرة التحرير
قرار مجلس ادارة القناة 10 وأخبار 10 اقالة نحو خمسمائة عامل في القناة والشروع في اجراءات اغلاقها يجب أن يقلق كل محب للديمقراطية في اسرائيل. واذا أضفنا الى خطر تحطم القناة 10 المصاعب التي تعيشها القناة 2، الضائقة الخطيرة لمعظم الصحف اليومية وخطر الاقالة الفورية التي تحوم فوق رؤوس عاملي الاخبار المحلية، ترتسم صورة مفزعة لضرر شديد يلحق بالاعلام الحر في اسرائيل. اسرائيل مع حفنة وسائل الاعلام التي نجت من الازمة، بعضها غير مستقل، ستكون دولة اخرى، ليست ديمقراطية على نحو ظاهر.
الانطباع هو أن هذا هو ما يسعى اليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي لم يستطب في السنوات الاخيرة بضعة تحقيقات بثتها القناة 10. ومع ان مدير عام ديوانه، هرئيل لوكر، وقع على صيغة انقاذ القناة، ووزير المالية تبناها، فان الحكومة تمتنع عن طرح التسوية على التشريع السريع، قبل نهاية هذه السنة، بداية في اللجنة الوزارية وبعد ذلك في الكنيست بكامل هيئتها. ومساء السبت طلب لوكر تأجيلا لـ 48 ساعة في اصدار كتب الاقالة. واذا لم يبذل جهد اللحظة الاخيرة، فواحدة من القنوات التلفزيونية الرائدة الثلاثة في اسرائيل قد تغلق. هذا وضع لا يطاق.
ان مجتمعا بلا وسائل اعلام غير منحاز، متنوع ويعج بالحياة هو من نصيب انظمة الظلام. فهزال الاعلام الحر في اسرائيل سيجعل مجالات عديدة لا تحظى بالتغطية على الاطلاق، واخرى لن تحظى الا بتغطية متحيزة. وسيتعطل انتقاد السلطات بل ربما سيختفي تماما، واسرائيل لن تستمع الا الى صوت واحد – صوت الحكومة. وبالتالي فالحديث لا يدور فقط عن مصير مئات بل وربما الاف الصحفيين الذين سيجدون أنفسهم عاطلين عن العمل – وهو أمر خطير بحد ذاته. بل ان الحديث يدور عن نفي المعلومات والتعتيم على القيم الاساس. مع قناتين تلفزيونيتين وعدد مثله من الصحف اليومية لا يمكن ان يكون اعلام حر، نقدي، تنافسي وذو أسنان؛ لا يمكن التبليغ بشكل حر وسيكون متعذرا اجراء تحقيقات شجاعة، هي روح الصحافة. وبالتالي فان هذه هي الدعوة الاخيرة للحكومة: يجب منع اغلاق القناة 10.
يديعوت – مقال افتتاحي – 17/12/2012
أخطاء من اليمين وأخطاء من اليسار
بقلم: أمنون شاموش
أصبح يمكن بعد تقديم القوائم الحزبية النهائية تمهيدا للانتخابات القريبة ان نقول بيقين كبير ان بنيامين نتنياهو سيكون ايضا رئيس الحكومة القادم. غير انه اخطأ خطأين مصيريين أحدهما سيضر به وبمقربيه والثاني سيضر بشعب اسرائيل في الأمد البعيد. وقد اخطأهما عن خوف شعوري غير عقلاني.
خطأ نتنياهو الاول هو اختياره افيغدور ليبرمان ليكون يده اليمنى واعداده ليكون الزعيم العقائدي الذي تقبله قيادة القائمة المكونة من حزبين. ان ليبرمان يؤيد أكثر من نتنياهو الايديولوجية التي سيطرت على الليكود من حوطوبلي ودنون الى فايغلين وعدم وجود حواجز يميز ما كان ذات مرة حركة تصحيحية فخورة. يُبين النظر في القائمة المشتركة من سيقود من والى أين. وفي ضوء ذلك فان تصريحات نتنياهو عن انه ينوي ان يقود الدولة سنين كثيرة اخرى مع بيغن ومريدور الى جانبه صيحة يائسة أخيرة عن خوف – خوف من ان احتمال ان يحدث ذلك قد أخذ يتلاشى حتى قبل الانتخابات.
والخطأ الثاني الذي يفخر به نتنياهو ايضا باعتباره انجازا ضخما هو رحلة محاضراته الفصيحة في العالم كله ولا سيما الولايات المتحدة والتي يثير بها الخطر الايراني وحماسته الشمشونية لمهاجمة ايران حتى لو بقي وحده. وقد نجح نتنياهو في ان يقنع عالما كاملا بأن القنابل الذرية الايرانية أمر غير جيد وفي ان يقنعه ايضا بأن حكومة اسرائيل برئاسته هي خطر ملموس على سلام العالم. فاسرائيل الصغيرة والشجاعة والمجنونة تُصور على أنها ستُنشب وحدها الحرب العالمية الثالثة اذا لم تنجح في ان تجر معها "الشيطان الأكبر" الامريكي الذي فقد في حروبه الأخيرة في منطقتنا استقراره الاقتصادي في الداخل وزعامته وحده في الخارج.
ان اسرائيل التي تهدد بـ "هجوم" – وهذه كلمة تغطية على بدء حرب – ستسقط الحواجز الانسانية الأخيرة وتُغرق عالما كاملا بمعاداة سامية من نوع جديد، تتعلق بأفعال اسرائيل في القرن العشرين وتهديداتها لسلام العالم في القرن الواحد والعشرين. وهي معاداة سامية لا تُفرق بين اليهود والاسرائيليين وسياسة حكومتنا. وهي معاداة سامية وعدت الصهيونية بأن تمحوها عن وجه البسيطة على افتراض أنها نبعت عن تشتت اليهود في العالم لكن هذا خطأ.
بيد ان الحزب الثاني في كبره قام بأخطاء لا تقل عن ذلك. كان حزب العمل منذ كان حزبا اشتراكيا كانت جذوره الأعمق في الكيبوتسات. ان حزب العمل من غير أي كيبوتسي هو جسم شاب رائع بلا روح وبلا قدرة على الصمود. وقد ابتعدت يحيموفيتش عن هذه الاشتراكية على علم وربما بنصيحة من مستشاري انتخابات متخصصين متنكرين تماما للقيم بل انها أهملت اتفاق الاصوات الفائضة التقليدي مع ميرتس وفضلت ان تعلن قربها من الحزب البرجوازي الخالص للبيد.
ان يحيموفيتش بنفس الذراع الممدودة التي أبعدت بها ناس الكيبوتس احتضنت المستوطنين. وقد "نسيت" في برنامجها الاقتصادي المفصل الهاويتين العميقتين اللتين تبتلعان أموال الجمهور وهما المستوطنون والحريديون. أما هؤلاء فباسم توراة اسرائيل وأما اولئك فباسم ارض اسرائيل. وفي الاثناء يدفع شعب اسرائيل وتسوء حاله – من ماله ومن قيمه. والى ذلك نسيت يحيموفيتش ايضا العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والسلام فخطتها جيدة لكن يعوزها الأصل والمبدأ الذي كان يقود حزب العمل وورثته عن ماضيه المجيد.
ينبغي ان أقول في كشف جميل إنني سُجلت في سنة 1946 عضوا في حزب العمل الذي كان يُسمى آنذاك مباي في نفس الشهر الذي جُندت فيه للبلماح واتجهت الى الجليل بنفس الروح ولنفس الاسباب. وقد تركت الحزب حينما تخلى عن مبادئه وأهان نفسه اهانة شديدة من اجل مقاعد في حكومة شارون الآثمة التي استخفت بكل قانون وأفسدت على علم الحلم الصهيوني الوحيد الممكن، أعني دولتين للشعبين. إنني واحد من كثيرين من أبناء جيلي الذين سيصوتون لكن عن غير رضى كامل، وقد لا تكون هذه حال جيلي وحده.
معاريف - مقال - 17/12/2012
اختبار ابو مازن
بقلم: عاموس جلبوع
اشتكى أكاديمي كبير، من مؤيدي أبو مازن، في وسائل الاعلام مؤخرا بان أحد معاذير نتنياهو في عدم الدخول الى مفاوضات مع ابو مازن هو شرطه المسبق بان تعترف السلطة الفلسطينية بدولة اسرائيل يهودية. حجة شكواه، التي قيلت بانفعال وبمثابة الغضب، كانت أن دولة اسرائيل تطلب من الفلسطينيين أمرا ليس معروفا في العالم؛ فهي تطلب أن يعترفوا بطبيعتها اليهودية. هذا طلب غريب، لم يطلب من السادات، لم يطلب من الملك حسين، لم يطلب على الاطلاق من الفلسطينيين من قبل رابين وباراك.
وتعكس أقواله نهجا يعود مصدره الى اليسار الاسرائيلي، وبرأيي هذا نهج مغلوط من اساسه، الضرر فيه كثير. أوجهه عديدة، ولن اذكر هنا سوى واحد منها: هذا ليس أمرا يتعلق بالطبيعة، بل أمر هو الاكثر جوهرية لوجود دولة اسرائيل وهو السبب الذي جعل الشعب اليهودي يقيم دولته السيادية في بلاد اسرائيل؛ يوجد فارق هائل بين المفاوضات التي اديرت مع الاردن ومصر وبين المفاوضات مع الفلسطينيين. فمع الاردن ومصر كانت المشكلة اقليمية، ومسألة الاعتراف بمصر والاردن دولتين سياديتين لم تكن على الاطلاق على جدول الاعمال، مثلما لم يكن لهما اي مطلب في اراضي دولة اسرائيل.
اما مع الفلسطينيين فالمشكلة هي النزاع على ذات قطعة البلاد، على مطلبهم اعادة اللاجئين الفلسطينيين الى اسرائيل، على مواثيق حماس وفتح والادعاءات بالملكية على كل دولة اسرائيل وغيرها. وهنا تقف عند الاختبار المسألة الاكثر اساسية: هل "الفلسطينيون المعتدلون" مستعدين لان يعترفوا بحق تقرير المصير للشعب اليهودي؟
في قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة الاخير جاء في المادة العملية الاولى: "تؤكد الجمعية من جديد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وفي الاستقلال في دولته فلسطين على الاراضي الفلسطينية التي احتلت منذ 1967". هذه المادة هي المنطلق في القرار لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل لحل المشاكل الجوهرية مثل الحدود، الامن، القدس، اللاجئين، المستوطنات والمياه.
إذن لماذا لا تستغل هذه الامور بالذات لوضع ابو مازن تحت الاختبار العملي، هو ومؤيديه وبعض الدول الاوروبية؟ يمكن علم ذلك اذا ما خرجنا بدعوة دراماتيكية جوهرية لابو مازن تقول على النحو التالي: استئناف المفاوضات في انابوليس في غضون ستين يوما، برعاية الرئيس اوباما، بهدف انهائها حتى نهاية العام 2013 وانهاء النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين والدول العربية؛ ويكون الاساس للمفاوضات دولتان للشعبين: للشعب الفلسطيني، حسب حقه في تقرير المصير، وللشعب اليهودي على اساس حقه في تقرير المصير. الاتفاقات المكتوبة التي توصل اليها الطرفان في اعقاب مؤتمر انابوليس في تشرين الثاني 2007 تستخدم كنقطة الانطلاق العملية للمحادثات المتجددة.
ينبغي لهذه أن تكون "صرخة المعركة" المتواصلة للدبلوماسية الاسرائيلية بهذا الاسلوب او ذاك. ليس تكرارا للاقوال "الممجوجة" في أننا مستعدون لاستئناف المفاوضات، وان ابو مازن هو الرافض. مطلوب خطوة ملموسة، ذكي، تعطي تعبيرا عن النهج الذي قررته مدرسة القيادة والاركان في الجيش الاسرائيلي وحدد في العام 1954 كشعار له: "إذ بالاحابيل تصنع لك حربا".
نحن نعيش اليوم في حرب سياسية ومقاومة شعبية أعلنتها علينا السلطة الفلسطينية. وأنا مستعد لان اراهن بان ابو مازن سيرفض المبادرة آنفة الذكر بجملة من المعاذير. وهو سيرفضها لانه وهو، "المعتدل"، غير مستعد، برأيي، لان يعترف بانه يوجد شعب يهودي، بانه لليهود حق في تقرير المصير، وفي اطاره الحق في الدولة؛ وهو لا يريد ان ينهي النزاع التاريخي مع اليهود. إذن تعالوا نتركه يرفض، واذا ما بفعل عجب قبل – فماذا نريد افضل! مفهوم أنه توجد انتخابات، وكل رجال اليمين المتطرف سيصرخون وسيقلبون العوالم. ومع ذلك، فان احساسي الاساس هو أن معظم الجمهور بحكمته السليمة سيدعم مثل هذه الخطوة وسيرغب في فحص نتائجها. وماذا عن المؤيدين الشاذين لابو مازن في اسرائيل؟ يبدو أن هم ايضا سيخضعون للاختبار!
هآرتس - مقال - 17/12/2012
نتنياهو في القبة
بقلم: ألوف بن
وعد بنيامين نتنياهو في معركة الانتخابات السابقة بـ "تغيير"، لكنه جاء آنذاك من المعارضة وأراد ان يعود الى الحكم. والآن وهو يطلب من الناخبين أربع سنوات اخرى في رئاسة الوزراء يجب ان يكون شعار حملته الانتخابية "لا تغيير"، أو "لا أريد تغييرا"، أو مجرد "نتنياهو. وضع راهن".
امتنع رئيس الوزراء عن رفع توقعات الناخبين في المرحلة الحالية من المنافسة نحو الكنيست التاسعة عشرة. لا يوجد في الموقع الرسمي لليكود على الشبكة العنكبوتية ذِكر لبرنامج حزبي أو لوعود أو لمواقف من شأن ما. وتوجد ثمة توجيهات للمرشحين، واستمارات تسجيل للمنتسبين وتفصيل لنتائج الانتخابات التمهيدية. ويوجهك البحث عن البرنامج الحزبي في الانتخابات السابقة الى موقع نتنياهو الشخصي وينتظر المتصفحين هناك اعلان ان "الموقع في انشاء" فهم غير متعجلين.
لا يجب على نتنياهو ان يُضائل وعوده من 2009؛ فالفحص عن برنامج الليكود الحزبي من الانتخابات السابقة يُبين أنه أوفى بغير قليل منها. فقد قال انه سيُجند الرأي العام الدولي لتشديد العقوبات على ايران ويُعد الجيش الاسرائيلي للهجوم وأوفى بذلك. وقال انه سيعمل في رفع مستوى عيش الفلسطينيين وقد ارتفع. وتحدث يعارض الانسحابات من طرف واحد ولم ينسحب. ووعد بأن يرتفع طلاب اسرائيل الى العشرية الاولى في الامتحانات الدولية وتحسنت الدرجة. وكتب أنه سيعالج عائلات الجريمة وقد أُسقطت عن جدول العمل العام.
سُجلت التقصيرات في المواد الاقتصادية. فقد وعد نتنياهو بخفض ضريبة القيمة المضافة ورفعها. ووعد باصلاح في مديرية اراضي اسرائيل وحاول ان يُجيزه حقا لكن المبادرة علقت في الطريق. وتحدث عن اصلاحات اخرى وعن ثورة في البنى التحتية ولم يحدث ذلك. وقد رُفع في رأس البرنامج الحزبي السابق شعار "اقتصاد حر مع حساسية اجتماعية"، لكن الحساسية نشأت فقط حينما سار عشرات الآلاف في مسيرات في الشوارع. وهو يُنهي ولايته مع عجز كبير في الميزانية ومع ارتفاع كبير في نفقات الأمن.
يُلقي منتقدو نتنياهو عليه المسؤولية عن عزلة اسرائيل الدولية بسبب إصراره على البناء في المستوطنات وعدم وجود مسيرة سياسية. لكن الاشياء تبدو بصورة مختلفة من مكتبه. انه يستمتع دائما بأن يُرى انه يُصر على ما له في مواجهة صارمين وأقوياء. وهو يرى ان التنديدات في العالم باعلانه تقديم البناء قدما في المنطقة E1 تُقويه فقط: فهو يسمع الصراخ ويستمر في طريقه. يا له من رجل. ولا يضايقه ايضا الكلام على تضعضع الديمقراطية الاسرائيلية وسد الأفواه تحت سلطته. بالعكس، نتنياهو يتجه الى الناخبين الذين يريدون دولة قوية ولا يُطيقون اليساريين الذين ينتقدون الجيش الاسرائيلي.
مع عدم وجود برنامج حزبي أو لافتات ضخمة في الشوارع كما يوجد عند الاحزاب الاخرى فان حملة نتنياهو الانتخابية تُدبر الآن في صفحة الفيس بوك التي يُحمل فيها الشبكة كل يوم صورته وهو يعتمر قبعة دينية ويشعل شموع "الحانوكا" (عيد الأنوار) عند حائط المبكى أو مع جنود الجيش الاسرائيلي أو وهو يجلس الى جانب سارة في مسابقة التناخ (الكتاب المقدس). "سمعت في الايام الأخيرة ان الفلسطينيين يقولون ان حائط المبكى منطقة محتلة"، قال نتنياهو لأصدقائه في الفيس بوك الى جانب صورته مع شمعدان عند الحائط الغربي، "أريد ان أقول لهم ان الحائط لنا منذ ثلاثة آلاف سنة، وسيبقى هو ودولة اسرائيل لنا الى الأبد". وحظي هذا الوعد بنحو من 13 ألف "لايك" في أقل من يوم واحد.
من المثير للاهتمام ان نتنياهو سمع في الايام الأخيرة فقط عن ان حائط المبكى موجود وراء الخط الاخضر. وربما قالوا له ايضا ان قادة الفلسطينيين في محادثات السلام في العقد الماضي قد وافقوا على ان يبقى حائط المبكى والحي اليهودي في يد اسرائيل. لكن ما أهمية ذلك. فالآن حملة انتخابية ويجب في الحملة الانتخابية ان يعد بأننا "سنحافظ على القدس" ونُربي أولادنا على تراث اسرائيل. فهذا هو الرد على نفتالي بينيت الذي يقول ما يفكر فيه نتنياهو دون احراج ودون ان يأخذ في حسابه ما سيقولونه في العالم ويهدد بأن يسلبه ناخبين. يُخرجون إذ ذاك من الدرج القبعة السوداء ويُبينون للمقترعين أن نتنياهو ايضا يسكن "البيت اليهودي". فالأصل ان يجتاز الانتخابات مع أقل قدر من المخاطرة نحو اربع سنوات اخرى للمراوحة في نفس المكان.
هآرتس- مقال - 17/12/2012
لا تستخفوا بشيلي
بقلم: اسحق ليئور
كان يمكن لكائن من عالم آخر ان يستنتج من العداء اليساري لشيلي يحيموفيتش أنها كأنما سرقت حزب سلام. لكن الحديث عن حركة ورطتنا في نهاية العصر الاستعماري بسبب حماقة قادتها في "مشروع الاستيطان"، ولم تحبطه حتى حينما عادت للحكم في لحظة تاريخية في 1992، بل انها وسعته مع اتفاقات اوسلو حتى بلغ ذلك الى قسمة الضفة. ويطلبون الآن من يحيموفيتش ومن حزبها ان تُخرجنا من الوحل مخالفة بذلك شهوتها ان تقود حركة اجتماعية بروح نفس حركة العمل الصهيونية التي تقول انه لا يوجد شعب فلسطيني. تستمد العداوة بالطبع من حقيقة ان الحديث عن نفس جمهور المصوتين لكنها تستعين بما يعانيه اليسار وهو الكثير من النفاق الذي يغطي على قليل من الوعي السياسي.
للتدقيق نقول ان يحيموفيتش هي وارثة "العمل" المنتقض من ايام الانتفاضة الثانية. وهي الحادثة التأسيسية التي جعلت اليسار كله – لا اليسار غير الصهيوني فقط – هامشا لا تأثير له. وقد أفضت سنوات الهدوء بعد "السور الواقي" في 2002 ودخول الامريكيين الى الضفة الى إحياء "اليسار الراديكالي"، الذي لم ينجح قط في ان يُنشيء لنفسه حتى منظمة سقف مركزية للنشاط في داخل اسرائيل. ان بضع مئات من نشطائه ينشقون بين الفينة والاخرى في تطهرية نرجسية. انه يسار شاب لم يعمل أكثره زمن الانتفاضة الثانية ولا تشتمل ذاكرته على صدمة خريف 2000 وما بعدها. وستضطر كل معارضة يسارية الى مجابهة تلك الصدمة الشعورية من اجل إنهاء الاحتلال مع الفلسطينيين.
ليس هذا ما يشغل حزب العمل. فتسيبي لفني هي التي تقود الخطاب النقدي المؤسَّس المقاوم لسياسة الحرب عند بنيامين نتنياهو. أما خطاب حزب العمل فهو نسخ للاحتجاج. ولم يتحدث زعماؤهم ونشطاؤهم ومنهم اولئك الذين يُشهرون بيحيموفيتش الآن من قبل حداش أو ميرتس في صيف 2011 حتى عن تحويل اموال المستوطنات الى السكن في اسرائيل. فاستراتيجية العمل هي الاستمرار في ذلك الصمت. هل ينتقض حزب العمل كالاحتجاج أم ينشأ عنه يسار؟ يصعب ان نقول ذلك.
ان رئيسة حزب العمل تغرق في التكتيك حتى انه لا يمكن ان نعلم ما هو التكتيكي عندها وما هو المبدئي. ويشتمل برنامج حزبها على اقوال صريحة في السلام وحقوق الأقلية العربية في البلاد تشبه ما قاله هذا الحزب في الماضي. لكن دعاية الانتخابات حوله قد بدأت وحشرنا الليكود في قاطرات الى اوشفيتس ولا يوجد رد سياسي من اليسار على سماسرة المحرقة هؤلاء. وقد اختارت يحيموفيتش بخلاف كامل للفني ألا تكون هناك.
حتى لو لم تنشب الهبة الشعبية الفلسطينية حتى الانتخابات فان الليكود سيصور الدولة الفلسطينية بدعايته بمساعدة خرائط ورسوم توضيحية أساسية تُطلق منها القذائف الصاروخية على برج عزرائيلي. وتؤمن يحيموفيتش بأنها ليست عنوان سمسرة الخوف هذه. فهي لا تعترف بنقاش ليست هي التي تُمليه. وتكون نتيجة ذلك ان صورتها باعتبارها زعيمة تشحب في الوعي العام. أهذا تكتيك؟ ليس هذا واضحا. فهي مثلا لا تهاجم الحريديين برغم أنها كانت ستكسب من ذلك. وفي المقابل فانها لم تصوت في 1996 كما قالت مع حداش، أي مع اعضاء الكنيست العرب فيها بل "مع تمار جوجنسكي فقط". فهل هذه قومية أم "تكتيك"؟.
لكن الاختيارات الآن على الأقل واضحة والسؤال الذي يجب ان يشغل اليساريين كما كانت الحال دائما هو كيف يوسعون القوة من الطاقة البشرية الكامنة العتيدة. على هذا النحو يجب الحكم على يحيموفيتش ايضا. ماذا سيفعل مثلا كتلتها الكبيرة في المعارضة حينما تعمل الى جانب منظمات العمال زمن ازمة الميزانية التالية؟ ان حقيقة انه يمكن ان نسأل سؤالا كهذا اليوم عن نضالات العمال وكتلة العمل تُفسر شيئا ما مما فعلته يحيموفيتش مع افتراض ان الحرب أو الهبة الشعبية الفلسطينية التالية لن تنقض عليها خطتها.
يمكن بالطبع ألا نصوت لحزب العمل بسبب عماه، لكن لا يجوز لأي يساري حقيقي ان يستخف به.
هآرتس - مقال - 17/12/2012
أختار ألا أنتخب
بقلم: رحيل نئمان
تتنبأ استطلاعات الرأي بانتصار لكتلة اليمين، ومعنى ذلك ان الناخب العادي راضٍ تقريبا عن الوضع وهو غير مستعد للمخاطرة بتغيير. في دولة ضربتها الصدمات الشعورية فانه حتى الشباب الذين يكون التمرد على المؤسسة في دمهم يتكيفون مع هذا المخطط. على حسب نتائج استطلاع للرأي قام به مؤخرا معهد البحث "بنيلز بوليتيكس"، ينوي نصف اولئك الذين سيقترعون في كانون الثاني لأول مرة في حياتهم ان يصوتوا لليمين، و20 في المائة آخرون للمركز الذي يميل الى اليمين. وقد وُلدوا في الاحتلال، وخطة التقسيم هي شيء خيالي في نظرهم، وقد استدخلوا في أنفسهم تهديدات اليمين باعتبارها وعدا بالهدوء. وقد تم استدخال شعار السلام والأمن حتى النهاية، في نهاية الامر. فالسلام هو الأمن.
في انتخابات في ثانوية بليخ في تل ابيب كان الفائز الأكبر يئير لبيد. ان كثيرا من الناخبين تأسرهم الشعارات وقد يحسم تسويق ناجع احيانا لحزب بمساعدة شعارات قابلة للاستيعاب وفظة، مصير الانتخابات. تُعد الانتخابات الحرة من المباديء الأساسية للنظام الديمقراطي لكن هل الحديث حقا عن فعل حر؟ واذا لم يكن فعلا حراً بل فعلا تُمليه استراتيجيات بيع وهو مشحون بشحنات شخصية مختلفة الأنواع ليست لها صلة بالحسم السياسي فاننا نسأل ما هو معنى الديمقراطية التمثيلية.
ليس الحديث عن مُتع أو عن تزوير نتائج انتخابات – بل الحديث عن تحقيق فعل الانتخاب على نحو غير عقلاني وعاطفي باعتباره جزءا من اللعبة الكبرى التي من الطيب المشاركة فيها. ان عدم السياسية الذي يعبر عنه تصويت انفعالي لعشرات آلاف الناخبين يمهد الطريق لتعريف نظام حكمنا بأنه نظام يشبه الديمقراطي. ان الديمقراطية الزائفة مصطلح يصف نظم حكم توجد فيها انتخابات لكن لا توجد فيها حريات. وقد أخذت اسرائيل تقترب من هذا التعريف بسبب القوانين التي سُنت في الكنيست السابقة، لكن الديمقراطية الزائفة يمكن ان تُرى ايضا ديمقراطية يكون فيها جزء كبير من الناخبين غير مُسيسين.
من الخطأ ان نعتقد ان اختيار هذا الحزب أو ذاك هو فعل سياسي خالص. فهو فعل سياسي بمفهوم النتيجة فقط، لكن الفعل نفسه أشبه باختيار أي موضوع: فنحن نختار بصورة حدسية ما يلائمنا وما هو مفصل بحسب قياسنا وما نشعر معه بشعور جيد. ونحن نبحث عن شخص ما أو امرأة ما يمثلان نوعا من هوى خفي يجذبنا الى المستقبل.
يتأثر الاختيار بما لا يحصى من الاشياء التي ليست لها أدنى صلة بالقرارات السياسية الحاسمة. فمزاج رئيس الحزب والانتماء الحزبي لآبائنا (إما تأييدا وإما تمردا)، والانتماء الحزبي لأبناء جيلنا وأبناء حلقتنا الاجتماعية هي التي تؤثر، أو الشعور بأنهم لا يحسبون لنا حسابا وأنه لا تأثير لنا. ان جزءا كبيرا ممن يشعرون هذا الشعور هم من سكان الأحياء وممن يؤجرون الحد الأدنى من الأجور وممن لا بيوت لهم من جيل الفقر الثاني والثالث. لكن يوجد من يأتون من مكان آخر ممن يلتزمون بطريقة رافضي التجنيد ويرفضون العمل في حقل لا احتمال فيه لعدل أو مساواة.
إنني أختار ألا أنتخب بل إنني فعلت ذلك في الانتخابات السابقة لأنني لا أومن بالطريقة. وحتى لو بدلت القوة يدها فان المنتخبين سيظلون مقطوعين عن الناخبين ولا يمكن الوصول اليهم، وسيقدمون أنفسهم ومجموعات المصالح التي يستمدون منها وتُغذيهم. وستظل السلطة حتى بعد الانتخابات مقرونة بالمال وسيظل المال يُحول الى أهداف غير مناسبة. في الولاية التالية للشرطة سينظرون الى المواطن باعتباره مجرما، وسيُذلونه في التأمين الوطني ويطردونه من بيته اذا لم يفِ بدفعات قرض السكن، في حين ستتخلى المصارف لأرباب المال الكبار عن ملايين الشواقل، ان شيئا ما فاسد هنا حتى النهاية. هذه اشياء أساسية لا يهتم بها النظام في طريقتنا أو ليست عنده وسائل لتغييرها. ان الدعوة المنافقة التي تقول انه يجب علينا ان نقترع وان نشارك في "اللعبة الديمقراطية" هي نوع من الانكار.
نظرة عليا - مقال - 17/12/2012
الاردن – التحديات المركزية وميزان الردع الداخلي
بقلم: اودي ديكل واوريت برلوف
إن تحليل السياقات الداخلية التي تجري في الاردن على أساس الخطاب في الشبكات الاجتماعية هو تحليل محدود وذلك بسبب رقابة النظام (في ايلول 2012 اقر قانون الرقابة على مقالات الرأي في الانترنت وفي الشبكات الاجتماعية) ولانه يصعب العثور على تحليل عميق ممن يتصدرون الرأي العام في الاردن. وبتأثير سياقات التغيير في العالم العربي، تطرح في الشبكات في الاردن مطالبات بالاصلاح وبنظام جديد. وتبدو واضحة مشاركة الشباب في الاردن، من اردنيين وفلسطينيين، ممن يفهمون قوة الوسيط الاعلامي الجديد. ويمكن أن نجد في الشبكات الاجتماعية ايضا محافل من القطاع الحزبي – السياسي ومن رجال الاعمال ايضا، ولكن معدل مشاركتهم لا تشبه باقي الدول العربية. وقد تعاظم الخطاب بشكل كبير بعد احداث المظاهرات الاخيرة، مع التشديد على مظاهرات تشرين الثاني 2012، والتي اندلعت في أعقاب ارتفاع أسعار الوقود في الاردن.
ويتميز الاحتجاج في الشبكات الاجتماعية بموجات الانتقاد، التي تتأثر بالسياقات التي تجتازها المنطقة باسرها، ولكن بالاساس في ضوء سياقات اجتماعية وسياسية اردنية داخلية. باضطرابات تشرين الثاني، التي برزت في حدتها وشدتها، اتسعت لتغطي المملكة وحظيت بلقب "عصيان تشرين الثاني". فقد أخرجت مظاهرات الاحتجاج الى الشارع كل المحافل والتيارات التي تنتقد ما يجري في الاردن. وبالتوازي، وجدت في الشبكات تعبيرها ايضا احاسيس القلق واعرب عن التقديرات بنقص الثقة في قدرة المملكة على مواجهة عموم التحديات من الداخل ومن الخارج.
في ضوء عدم الاستقرار السياسي وقبيل الانتخابات التالية للبرلمان، في 23 كانون الثاني 2013، تطفو على السطح في الشبكات التوترات ومواضيع الخلاف حول عملية الانتخابات، المطالبة بمزيد من التغييرات على الدستور، مكانة المعارضة في الاردن، اهمال الحكومة، انتقاد الفساد، مشاكل اجتماعية – اقتصادية عسيرة، صراع النخبة الاردنية مع الاخوان المسلمين، مشكلة اللاجئين السوريين وكذا آثار الوضع في الضفة الغربية. وجملة كل هذه العوامل كفيلة بان تؤدي الى ضعضعة الاستقرار في الاردن ومزيد من الضرر بمكانة الملك. وتنشأ عن الخطاب في الشبكات الاجتماعية ثلاثة ميول اساسية:1. ميزان الرعب بين الاخوان المسلمين وبين الاردنيين. 2. ضعف الملك. 3. تأثير السياقات الاقليمية.
الاردنيون مقابل الاخوان المسلمين
يحلل رواد الرأي العام في الشبكات حركتي المعارضة، المختلفتين بطبيعتهما وبطبيعة معارضتهما للنظام في الاردن. المعارضة الاردنية – ولا سيما القديمة والشابة. فقد كان هؤلاء أول من أعربوا عن عدم رضاهم وكشفوا عن الشقوق الاولى في المجتمع الاردني مع اندلاع الهزة الاقليمية. ووصل الانتقاد العلني الذي اطلق ضد الملك ونظامه بالذات من اتجاه غير متوقع، من قاعدة الدعم المركزية للاسرة المالكة الهاشمية – وجهاء القبائل والعشائر. وقد مارس هؤلاء ضغطا على الملك وبلاطه كي ينفذ اصلاحات اجتماعية – اقتصادية ويحول مزيدا من الاموال والميزانيات لقطاع القرى والمدن. ويتركز سوق العمل للسكان الفلسطينيين في الخدمة العامة، ولا سيما موظفي الدولة ورجال الجيش. ويصطدم الجيل الشاب، الذي يرغب في الانخراط في سوق المهن الحرة، بالحواجز ولا ينجح في الانخراط في مجال التجارية، الاقتصاد والصناعة، الذي تحتفظ به بشكل تقليدي العائلات الفلسطينية. وأدى الانتقاد الشديد الذي وجه الى الملك الى تحويل اموال مثابة "بدل صمت" لرؤساء القبائل. وكان الشرك هو أن دعوة رؤساء القبائل الملك لاجراء اصلاحات في الاردن أدت عمليا الى استيقاظ مجموعة المعارضة الثانية – الاخوان المسلمين. و "ركبت" حركة الاخوان المسلمين موجة المجموعة الاولى وموجات الاحتجاج في ارجاء العالم العربي، مع التشديد على مكافحة الفساد ومطلب اجراء اصلاحات ذات طابع ديمقراطي جوهرها – تغيير الدستور، تقليص صلاحيات الملك واعطاء تعبير لقوتهم السياسية.
ونشأ نوع من ميزان الرعب حيث أنه لم تكن أي من المجموعتين معنية بالمساهمة في تعزيز المجموعة الاخرى. فالاردنيون غير معنيين بان تؤدي الاصلاحات الديمقراطية ومطلب الحكومة البرلمانية الى تعزيز بل وسيطرة نفوذ الاسلام السياسي والفلسطينيين في الاردن. كما أنهم يخشون من سحب البساط من تحت أقدام الاردنيين، الذين يحتفظون بمعظم المواقع الاساسية. ومقابلهم، فان الاخوان المسلمين معنيون باصلاحات سياسية، وبجعل الشعب صاحب السيادة وبتوسيع نفوذهم في الاردن. ومع ذلك، فانهم يخشون من خطوة ذات مغزى تثير عليهم الاردنيين.
دعوات علنية للاطاحة بالملك واسقاط النظام
في الاشهر الاخيرة، يظهر بوضوح في الشبكات الاجتماعية انتقاد متعاظم ضد الملك والحكومة في الاردن. وفي ضوء موجة الاحتجاج حل الملك على مدى السنتين الاخيرتين خمس حكومات. وكل المحاولات لاجراء نوع من الاصلاحات السياسية لم تنجح. وشددت القوانين التي سنت من موجات الاحتجاج وجمدت على الفور. فاحتجاجات تشرين الثاني 2012 أخرجت الى السطح انتقادا شديدا على الملك ولاول مرة احرقت صور الملك على نطاق واسع، في ظل الدعوات للاطاحة به واسقاط النظام. ونجد أنه في الخطاب في الشبكات الاجتماعية كان الموقف من مطلب الاطاحة بالملك اكثر اعتدالا. وحسب رواية متباحثين في الشبكات، فان هذه خطوة تتناقض مع القانون ويتعاظم في اوساطهم الخوف من فقدان السيطرة، من تغيير قواعد اللعب ومن نشوء فوضى لا تكون في صالح عموم كل الاطراف. ومن جهة اخرى، فان ضعف الملك مدوٍ ويضغط رؤساء القبائل الاردنيين، الذين يعربون علنا عن عدم رضاهم من أدائه، بل ويدعون الى تعيين عم الملك، حسن بن طلال، رئيسا للوزراء، في هذه الفترة من الهزة ويطالبون باعادة لقب ولي العهد للامير حمزة بن الحسين، الذي يحظى بعطف شديد في اوساط الجيل الاردني الشاب.
تأثير الاحداث الاقليمية
ويتناول الخطاب في الشبكات تأثيرات الساحة الفلسطينية على المزاج في المجتمع الفلسطيني في الاردن، والتي تمنح ريح اسناد للاحتجاج السياسي من الاخوان المسلمين. وبالنسبة لسوريا، فان التقدير السائد في الشبكات هو أنه في كل السيناريوهات المحتملة ستكون الاثار على الاردن سلبية، سواء في جوانب الهدوء والاستقرار ام في المجال الاقتصادي. ويتعاظم هذا التقدير مع تعزز موجات اللاجئين السوريين، الذين يصلون الى الاردن (نحو 250 ألف لاجيء سوري)، والتي تفاقم المشاكل الاجتماعية – الاقتصادية، تدخل قوة عمل رخيصة الى الاردن، الى جانب احتدام المشاكل الامنية (التجارة بالسلاح، تسلل محافل الجهاد، الاغتصاب والقتل).
وبتأثير دعاية الحكومة تبدو في الشبكات الاجتماعية بوضوح أحاسيس المرارة تجاه دول الخليج ولا سيما تجاه السعودية، التي لا تهرع لمساعدة الاردن، دون أن تفهم الاثار المتوقعة عليها في سيناريو تنهار فيه المملكة – "الحاجز الاخير لدول الخليج في وجه طوفان فوضى الموجة الاسلامية".
اتجاهات لاحقة
1. هذه هي المرة الاولى التي تطرح فيها أحاسيس عسيرة في الشبكات بان المملكة لن تنجح في مواجهة سلسلة التحديات المعقدة ويبدو واضحا الخوف الشديد من موجة فوضى تستغلها محافل متطرفة من الداخل ومن الخارج. ومع ذلك، فالتقدير في الشبكات هو أن التصعيد في الاحداث لن يؤدي بعد الى تحطيم قواعد اللعب، بسبب ميزان القوى الداخلي. فحركة الاحتجاج الاردنية غير معنية بسرقة الاوراق من جديد، خشية أن يؤدي الامر الى سيطرة الاسلام السياسي والتأثير الفلسطيني المتعاظم في الاردن. ومقابلها، فان حركة الاخوان المسلمين ترفع علم العدالة الاجتماعية وتطالب باصلاحات ديمقراطية ودستورية. والتقدير في الشبكات هو أن حركة الاخوان المسلمين لم تراكم بعد الكتلة الحرجة للتأييد بين الجمهور الفلسطيني في الاردن.
2. توجد تقديرات متضاربة حول التطورات المحتملة. فمن ناحية، يعرض التخوف من صراع دموي وحشي في الاردن، لان الاردنيين لن يسلموا بسيطرة الاخوان المسلمين. ومن جهة اخرى توجد اصوات في الشبكة تعتقد بان "ايلول 1970 لن يعود".
3. تعرب المحافل المختلفة في الشبكات عن انتقاد غير مسبوق على الملك وقدراته على قيادة الاردن في فترة كثيرة التقلبات من عدم الاستقرار الاقليمي والداخلي. وبقدر ما يحاول الملك تعزيز السيطرة من خلال تشريع قوانين مقيدة، فانه يفقد تأييد الجماهير. ويحظى الملك في الشبكات بالقاب "الضعيف، القابل للضغط، وعديم العمود الفقري".
4. الشارع في الاردن يحتل مكان اللاعب المركزي في الساحة السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والسؤال هو هل اللاعبين الرئيسيين – الاخوان، جبهة الاصلاح الوطني والمعارضة الاردنية – سيتحكمون في ميول الشارع ويجندون الجماهير للمضي قدما في تحقيق اهدافهم، بل سيقعون اسرى الميول المتطرفة في الشارع، الامر الذي سيؤدي الى فوضى لا يمكن التحكم بها والى التهديد لبقاء المملكة.
5. الاختبار التالي للملك هو الانتخابات. والسؤال هو هل سيؤيد تغيير قانون الانتخابات بحيث تأتي نتائجها تمثيلية، والحكومة القادمة تكون برلمانية وأكثر شرعية، أم سيتمسك بقراره الاخير الامر الذي من شأنه ان يؤدي الى مقاطعة الانتخابات من حركات المعارضة. الايام ستروي لنا.
معاريف - مقال - 17/12/2012
حبل نجاة
بقلم: أرئيل كهانا
النبأ العسير الذي جاء أمس من مقر القناة 2 عن تقليص نشرة الاخبار بالنصف كشف النقاب على الملأ عما كان معروفا داخل الفرع منذ فترة طويلة. ليست الصحافة المكتوبة وحدها غارقة في أزمة وجودية، بل ان جسر القيادة لسفينة العلم الاعلامية التي هي شركة الاخبار بدأت تغرق بالمياه. فبعد القنوات 1، 10 والاخبار المحلية، فان أخبار 2 تبث اشارات الضائقة.
الصحافة المكتوبة تنازع الحياة. التلفزيون يغرق. الانترنت لا تزال في المهد من ناحية اقتصادية، معنى أن هناك حاجة الى استثمار هائل وهي لا تزال تدر الربح. الاذاعة وحدها تبقي الرأس فوق الماء. وبالمقابل، تزدهر الشبكات الاجتماعية، ولهذا فانها تجعل مسارات نشر الاخبار غابة عديمة المصداقية ومعدومة التحكم.
هذه الازمة الحادة ليست فقط نذرا سيئا لالاف العاملين في وسائل الاعلام وليست فقط ضائقة اقتصادية لاصحاب الامتياز. فغرق الاعلام هو أولا وقبل كل شيء مس بالمجتمع وبالشعب. اذا كان الجمهور، بغياب اعلام مؤطر ومصداق، على علم أقل فاقل بما يجري حوله او يتلقى صورة مغلوطة عن الواقع، فانه سيكون أول من يتضرر من ذلك. وليس مبالغا فيه القول ان اعلاما سليما هو ضروري لمواصلة ازدهار اسرائيل. فغياب مثل هذا الاعلام يشكل خطرا حقيقيا على الشعب وعلى المجتمع.
ان دولة اسرائيل تقف أمام وفرة من التهديدات والتحديات من الداخل ومن الخارج. وللاعلام دور حاسم في الوساطة بين الشعب وزعمائه في مواجهة هذه التحديات. اما الاعلام الضعيف، الهزيل، او غير المصداق فسيمس بالقدرة على هذه المواجهة، والتاريخي الاسرائيلي مليء بنماذج تبين ذلك. المشكلة بالتالي هي مشكلة الجمهور، وان كان الصحفيون هم الذين يشعرون بها على جلدتهم.
ان القلق على مستقبل الاعلام مشترك بين الصحفيين من كل أطياف المجتمع ومن كل الوان القوس الفكري. وكمن يجسون النبض الاسرائيلي كل يوم، واضح لنا، نحن الصحفيين كم هو الاعلام، رغم امراضه ونقاط خلله، حيوي للحياة الاسرائيلية. لا ريب أنه وقعت في عمل الاعلام عيوب ينبغي اصلاحها. ولكن الهدف الاسمى الذي يتجلى في طرح معلومات حرة عن أصحاب الفخامة للجمهور الغفير تضرر منذ الان جراء الازمة العرضية في الاعلام الاسرائيلي.
في هذه اللحظة من الازمة مطلوب تفكير جديد، تفكير طوارىء لكل ذوي الشأن؛ مواطنون، صحفيون، اصحاب امتياز، معلنون، حكومة. ان الاعلام في اسرائيل يتميز بمنافسة منفلتة العقال ومناهضة للتأطير يعاني من انقسام طبيعي. ولكن في هذا الوقت يبدو أنه مطلوب تنظيم طاريء داخل الفروع، ربما بالتعاون مع الحكومة لفحص كيف يمكن ايقاف الاعلام على قدميه. ليس قرارات اعتباطية مطلوبة هنا، بل فحص عميق للمشاكل واتخاذ خطوات من الفرع، من الجمهور ومن الحكومة لاعادة ترميم نشط لهذا الفرع الحيوي.
اسرائيل اليوم - مقال - 17/12/2012
حجارة حماس أخطر مما كانت دائما
بقلم: د. رؤوبين باركو
يعمل قادة حركات الارهاب الاسلامية بحسب شيفرة تشغيلية مؤلفة من تفسيرهم لسيرة محمد. ويتم تحقيق الشيفرة على مراحل طريقا الى اقامة خلافة اسلامية عالمية. أما تحقيق حلم عودة اليهود الذي ورد في القرآن ايضا فيعبر عندهم عن تناقض في رؤيتهم للاسلام دينا حديثا وحيدا يفترض ان يسيطر على العالم.
نجم ناس حماس من عالم المضمون هذا وأسموا عملية "عمود السحاب" في غزة باسم "حجارة السجيل". ويظهر هذا التعبير في ثلاث آيات مختلفة في القرآن في سياق الابادة الجماعية لكفار وأشرار. وتصف حادثتان من هذه الثلاث الهلاك الذي قضى به الله على مدينة سدوم حينما أمطر سكانها بحجارة من سجيل من السماء.
لا يجب ان تكون خريج "الأزهر" كي تفهم ان كبار قادة حماس شبهوا اطلاق الصواريخ وصواريخ القسام على مواطني اسرائيل بتلك الحجارة التي أرسلها الله لاهلاك كفار الماضي في عملية "حجارة السجيل". وكان التحقيق جزئيا، فبدل مطر الحجارة السماوي أطلقت المنظمات الارهابية من غزة بمباركة "الله" صواريخ على مواطني اسرائيل، لكن بعكس قصة "الفيل" في القرآن استعمل مخربو حماس استعمالا جبانا السكان الذين جاءوا بهم الى الحكم في الانتخابات استعملوهم درعا بشرية في وجه قوة الجيش الاسرائيلي.
الى الآن دعا قادة الارهاب الى القضاء على "اليهود" كما قتلهم محمد في "خيبر". لكن خالد مشعل في خطبته الاخيرة في غزة تبنى التلاعب المعادي للسامية السائد في الغرب الذي يُظهر "تسامحا" مع اليهود، لكنه يعيب الصهاينة. وقد زعم مشعل في صيغته الجديدة انه ليس عند الاسلام شيء على اليهود لكن "الصهاينة" الذين ليس لهم أي حق في البلاد (نحو من 6 ملايين يهودي يعيشون في اسرائيل)، سيُقضى عليهم.
وتوجه مشعل بسخائه الى الدول الغربية كي تُجلي اليهود وتنقذهم من الفناء. وغمز اوروبا متملقا باعلانه انه سيسكن في الدولة الاسلامية التي ستنشأ في فلسطين المسلمون والمسيحيون الى جانبهم. ونسي مشعل ان يذكر اضطهاد المسيحيين ("الكفار والصليبيين" الذين سيُسلمون في المستقبل بالتهديد بالسيف)، وحالات الاغتصاب والسطو وحرق الكنائس التي أفضت الى هجرة المسيحيين من المنطقة. ولم يذكر وضع "الذميين" المخصص للمسيحيين في الاسلام باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية.
ان اعتراف الغرب بفلسطين مراقبة في الامم المتحدة بخلاف ارادة اسرائيل كان عملا متسرعا. فقد منح هذا الاعتراف الارهابيين الاسلاميين من العالم كله قاعدة على هيئة القاعدة في غزة والضفة، لأن شروط مشعل للوحدة مع فتح تقوم على العودة الى الكفاح المسلح. ان مظاهرات الصواريخ وأعلام حماس في الضفة تنذر بمجيء انتفاضة ثالثة تشتمل بالطبع على انهيار أبو مازن واطلاق حماس الصواريخ على مركز البلاد كما كانت الحال في "حجارة السجيل".
تقوم دروس حماس على ان اسرائيل ستظل موجودة مع خنق غربي قضائي يقيدها في "رد متناسب" على أيدي دول أبادت هي نفسها مدنا كاملة مع سكانها في الحرب العالمية الثانية. وهذه الدروس تقيد اسرائيل في تصور دفاعي هو تمهيد للهزيمة المعروفة منذ ايام قلاع الصليبيين.
تقوم دروس العملية على الشرك الاخلاقي الذي أوقعت اسرائيل نفسها فيه والذي يُعرض مواطنيها لصواريخ من فوق رأس جيشها ويمنعها من ان تؤلم العدو وتردعه. ولما كان عقاب يردع قادة حماس وناخبيها ضرورة وجودية، فلا نوصي حماس بأن تعتمد على دروسها هذه زمنا طويلا.
اسرائيل اليوم - مقال - 17/12/2012
دعوة استيقاظ ليهود اوروبا
بقلم: ايزي لبلار
ان الانحياز الشاذ والمعايير المزدوجة التي تستعملها على دولة اسرائيل أكثر الدول الاوروبية في الاسبوعين الاخيرين يجب ان توقظ اليهود الاوروبيين لمجابهة الواقع غير اللذيذ الذي يواجههم. ليست دولة اسرائيل وحدها هي التي تجري عليها النسبة الى الشيطان والتنديد بل الشعب اليهودي كله. وحان وقت ان يسأل يهود اوروبا أنفسهم بصدق هل يستطيع أبناؤهم الاستمرار في ان يظلوا يهودا مفتخرين في جماعاتهم.
قبل أقل من 70 سنة شربت ارض اوروبا الدم اليهودي. وتعاون أكثر الالمان ومواطنو الدول التي احتلها النازيون أو احتفظوا بالصمت. وبعد هذه الفترة المظلمة ارتفعت صيحة "لن يكون ذلك أبدا". لكن بعد ذلك بعقود قليلة عادت رياح معاداة السامية القاسية تهب في أرجاء اوروبا.
ان مصدر القلق الرئيس اليوم هو مقدار إحياء الاوروبيين الأبناء العداوة والآراء المسبقة التي ضربت جذورها عميقا في ديانتهم وثقافتهم. وكذلك ايضا العدد الذي أخذ يزداد للمهاجرين المسلمين الذين يتولون دورا أخذ يكبر في المجتمع الاوروبي وفي السياسة حيث يدفعون الى الأمام باتجاهات معادية للسامية.
تُصور استطلاعات الرأي العام في اوروبا صيغة مُحدّثة لهذا التوجه، فهؤلاء ينظرون الى اسرائيل باعتبارها "أكبر تهديد" للسلام والاستقرار في العالم – أكثر من كوريا الشمالية أو ايران أو سوريا. ماذا يكون هذا التوجه إن لم يكن ترجمة القرن الواحد والعشرين لكراهية اليهود من العصور الوسطى حينما كان اليهود يعتبرون غيلانا شيطانية اتُهمت بكل كارثة طبيعية؟.
ان الصيغة الأكثر احكاما التي يتمسك بها الاوروبيون قد جعلت هدفها دولة الشعب اليهودي وهي تسيء سمعة جيش اسرائيل – وهو القوة العسكرية الأشد انسانية في العالم – وتتهمه بجرائم حرب بل بسلوك نازي. وقد تغلغل استعمال المحرقة اليوم الى التيار الرئيس وأصبح وسيلة مركزية للدفع قدما بكراهية اليهود وصرف الذنب الاوروبي المتعلق بها.
ان الجانب الأشد اثارة للقشعريرة في صعود معاداة السامية في اوروبا هو حقيقة انها لا تنبع من الحكومات أو من القادة بل تنشأ في المستوى الشعبي ولذلك يتوقع ان تعظم أكثر. وان النظر في وسائل الاعلام الاوروبية والمتصفحين القُساة الذين يتبنون الهجمات المعادية لليهود يُثبت ذلك بوضوح.
عند اليهود ضعف في التنكر للواقع وتسميم معادي السامية الى ان يبلغ ذلك مستويات لا تُطاق. وحان الوقت الآن لتفحص الجماعات اليهودية وضعها وتزن الهجرة الى اسرائيل ردا على الكراهية المتزايدة التي تهدد باغراقها.
ان اسرائيل اليوم بخلاف ما كان الحال عليه في ثلاثينيات القرن الماضي حينما مُنع اليهود في اوروبا من تأشيرات دخول الى دول لجوء، ان اسرائيل مع حق العودة فيها تُهيء ملجأ وتستقبل المهاجرين اليهود من الشباب والشيوخ معا بالمباركة. يمكن ان نتفهم من يعتبرون الهجرة الى اسرائيل غير ممكنة من جهة اقتصادية، لكن الصعوبات الاقتصادية أفضل من احتجاز خطير في مجتمع اجنبي يحتقر أصلك.
لن يجد اليهود الذين سيهاجرون الى الدولة اليهودية فيها ملجأ فقط بل انهم سيُمكّنون الأجيال التي تليهم من ان يكونوا يهودا فخورين في محيط يتقبل تراثهم الديني والحضاري باعتباره مفهوما ضمنا وباعتباره أغلى من الذهب الابريز.
0 comments: