Friday, December 7, 2012



العمليات النفسية..البُعد الرابع للحرب




علي شهاب

"خاطب عقولهم..وستتبعك ارواحهم وقلوبهم".

ترفع العديد من دوائر الحرب النفسية في وكالات الاستخبارات الدولية هذا الشعار كمبدأ رئيسي في عملها.

في العصر الحديث، شكلت هذه الحرب الأدوات الأمضى باعتبارها سلاحا متعدد الاستخدامات والميادين، فكانت ما يُصطلح على تسميتها بـ"العمليات النفسية" التي تهدف الى "ايضال معلومات ومؤشرات محددة الى الجمهور للتأثير على عواطفهم ودوافعهم وتفكيرهم، فضلا عن التأثير على سلوك المنظمات المستهدفة بالحرب النفسية.

إحدى الأمثلة على العمليات النفسية في الحروب "النصيحة" التي أوصى بها عقيد في وحدة "العمليات النفسية" بإسقاط تمثال صدام حسين في ساحة "الفردوس".

يومها، كان جنود مشاة البحرية الاميركية يتدفقون على ساحة "الفردوس" وسط بغداد حيث ينتصب تمثال ضخم للرئيس المخلوع. وكان عقيد في البحرية حينذاك، وليس جموع من العراقيين، هو الذي قرر اسقاط التمثال.

أظهر حسن التفكير السريع الأمر وكأنه عملية عراقية عفوية. وبعد ان اختار العقيد، الذي لم يذكر تقرير البنتاغون اسمه، التمثال بوصفه «هدفا وفرصة»، استخدم الفريق سماعات لتوجيه نداءات لتشجيع العراقيين على مساعدة الجنود. الا ان الجنود غطوا وجه التمثال بالعلم الاميركي، ونقل التقرير عن احد العاملين في الفريق قوله «ان ذلك كان خبرا سيئا.. لم نرغب في ان نظهر كقوة محتلة، وكان بعض العراقيين يقولون: نريد علما عراقيا». وفي النهاية جاء احدهم بعلم عراقي، وقام عريف في فريق العمليات النفسية بوضعه على وجه التمثال. ثم جرّت سيارة انقاذ تابعة للبحرية التمثال بواسطة سلسلة، الا ان الأمر بدا كما لو أن العراقيين هم الذين جاءوا بكل فكرة اسقاط التمثال.

بالنسبة لإسرائيل، تشكل الحرب النفسية البعد الرابع في المعارك التي تخوضها الدولة العبرية، فتلامس أهداف "العمليات النفسية" عكس صورة اسرائيل "الديموقراطية الاولى في الشرق الاوسط" وتعزيز صورة القوة الاسرائيلية عبر:

· مخاطبة وعي الجمهور المعادي.

· استغلال الاختلافات العرقية، الثقافية، الدينية والاقتصادية.

· دعم عمليات التضليل.

ولئن كان مصطلح "العمليات النفسية" هو الأكثر تداولا، فإن مصطلحات حديثة أخرى تدل على نفس المعنى؛ منها: حرب الأفكار، حرب العقول، الحرب الباردة، حرب الأعصاب، الحرب النفسية، الحرب الإعلامية، الحرب الناعمة، الحرب السياسية والحرب الدعائية.

وعادة ما تصل هذه العمليات الى ذروتها في مواجهة المنظمات، نظرا للفارق الكبير في عوامل القوة بين "دولة" (اسرائيل) و"تنظيم" (مجموعة).

أما وسائل هذه العمليات فتتنوع وتتكيف تبعا للتطور التقني، إذ يمكن الإشارة الى الصحف، المنشورات، البث الإذاعي، الشائعة (اتصال مباشر)، التلفزيون، الانترنت، وكل ما يندرج تحت توصيف وسائل الإعلام.

هنا أيضا يمكن الحديث عن ثلاثة أنواع من العمليات النفسية:

· العمليات القريبة (في المواجهات العسكرية). تهدف هذه العمليات الى ابلاغ العدو (المقاومة) بـ"تعليمات الاستسلام"، إحباط قوات المقاومة، السيطرة على المدنيين والتضليل. وقد شهدت حروب اسرائيل المستمرة على لبنان والفلسطينيين نماذج عديدة لهذا النوع من العمليات.

· العمليات العميقة (عادة ما تحصل في بيئة يكون فيها الاحتلال قد سيطر على بقعة جغرافية محددة). هذه العمليات تهدف الى تعزيز روح الاستسلام لدى المقاتلين، تشكيل بيئة معادية للمقاومة، تعزيز صورة اسرائيل في صفوف المدنيين، مواجهة البروباغندا التي ينشرها المقاومون ودعم عمليات التضليل.

· العمليات الخلفية (تجري عادة في حالات السلم). تهدف في كثير من الأحيان الى "جس نبض" شريحة معينة ازاء عملية معينة، فضلا عن تشويه صورة العدو (المقاومة).
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: