قطع السبل عن الأسد
فورين پوليسي
30 أيار/مايو 2012
مذبحة قرية الحولة السورية الأسبوع الماضي التي راح ضحيتها أكثر من 100 قتيل من المدنيين أثارت الشكوك حول الحكمة التقليدية في واشنطن التي مفادها أن التدخل من شأنه أن يجعل الأوضاع أكثر سوءاً على أرض الواقع. فتجاهل الرئيس السوري بشار الأسد للموعد النهائي الذي حددته الأمم المتحدة في مطلع نيسان/أبريل لسحب القوات من الأحياء السكنية والالتزام بوقف إطلاق النار قد قوض أي مصداقية ظن البعض أنه يتحلى بها.
ورغم ذلك، فبدون قيادة من الولايات المتحدة يضعف الأمل في أن تدعم العديد من الدول ذات المصلحة في الصراع السوري أي حل تفاوضي. كما أن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تجعل روسيا مستعدة للمساعدة في الضغط على نظام الأسد لكي "يتنحى" - وهو ما طالب به البيض الأبيض من قبل - هي أن ترى موسكو بحسب تقديراتها أن النظام في طريقه إلى السقوط المؤكد وأن مصالح روسيا في الشرق الأوسط على المحك. وسيساهم التدخل العاجل لا الآجل تحت قيادة الولايات المتحدة في التعجيل بهذا الأمر. ولكن السؤال الآن هو كيف ومتى يتم ذلك. ويمكن اتخاذ عدد من التدابير على المدى القصير من شأنها إضعاف قبضة نظام الأسد على الحكم، هذا بالإضافة إلى العزلة الدبلوماسية القائمة ونظام العقوبات المفروضة على صادرات النفط السورية وتصنيفات أخرى على أفراد وكيانات تابعة لنظام الأسد. وفيما يلي سرد لتلك التدابير بالترتيب من الأقل مباشرة إلى الأكثر مباشرة:
1. تقديم المزيد من الدعم للمعارضة داخل سوريا: تقوم إدارة أوباما حالياً بتقديم المساعدات غير العسكرية للمعارضة غير العنيفة في سوريا. ويمكن تمديد نطاق هذه المساعدات علناً ليشمل كذلك جميع قوى المعارضة، بما في ذلك تزويدهم بمعلومات استخباراتية هامة حول تشكيلات النظام الأمنية والعسكرية المتجهة نحو المدن والقرى. كما يمكن أن يساعد العمل مع تلك المجموعات على فهم الولايات المتحدة لها بشكل أفضل مع تقدير مدى مصداقيتها فضلاً عن توطيد أواصر ثقة يمكن أن تقود إلى تقديم الدعم التسليحي لها مع استمرار الصراع.
2. حث الأكراد والقبائل العربية في شرق سوريا على دعم الانتفاضة بشكل كامل: قام نظام الأسد بتقسيم فرقه الأكثر موثوقية إلى ألوية في الوقت الذي يستمر في ممارساته الدامية بما يشبه "لعبة ضرب الجرذان حالما تظهر" ضد المعارضة السورية. ومن بين الطرق التي يمكن من خلالها تشتيت قوات الأسد والتعجيل بالقضاء عليها هي توسيع نطاق الثورة السورية لتصل إلى شرق سوريا حيث يسيطر الأكراد والقبائل العربية. هذا بالإضافة إلى وقوع مناطق إنتاج النفط والغاز السوري في أماكن سكنهم. فيمكن لبعض العمليات التخريبية على خطوط الأنابيب وبعض المرافق الأخرى أن تحد بشدة من قدرة النظام على المناورة. وقد أعربت بعض الشخصيات البارزة الممثلة لتلك المجتمعات خلال المناقشات الأولية عن اهتمامها بتوسيع نطاق علاقاتها مع "الجيش السوري الحر" النشط في شرق سوريا. والآن هو الوقت المناسب لاتخاذ الخطوة التالية.
3. مساعدة جيران سوريا على إنشاء مناطق آمنة على أراضيهم: تظهر الأرقام الرسمية أن المناطق الحدودية السورية مع تركيا ولبنان والأردن تأوي حوالي 70000 نازح، وبالطبع أن الأرقام غير الرسمية تزيد عن ذلك بكثير. بإمكان واشنطن أن تساعد جميع هذه البلدان الثلاثة على إنشاء مناطق آمنة حقيقية يمكن أن تكون بمثابة مناطق تجهيزية لاستخدامها لتدريب وتجهيز المعارضة السورية بكل ما تحتاجه بما في ذلك الجانب العسكري. ويعد هذا احتمالاً شرعياً في تركيا والأردن (بمساندة الولايات المتحدة) إلا أن تحقيق ذلك في لبنان هو موضع شك كبير من الناحية العملية نظراً لنفوذ «حزب الله». كما أن المناطق السنية والكردية في العراق يمكن أن تكون أيضاً بمثابة مناطق عازلة في المستقبل.
4. المساعدة على إقامة مناطق عازلة داخل سوريا: بمجرد الانتهاء من إنشاء المناطق الآمنة ومناطق التجهيز في تركيا والأردن، يمكن عندئذ توسيعها لتمتد إلى داخل الأراضي السورية لحماية المدنيين وإتاحة الفرصة للمعارضة السورية لكي تعمل بحرية داخل الأراضي السورية. وكما يتردد بالفعل فإن تركيا قد وضعت خطط طوارئ مفصلة لإنشاء مثل تلك المناطق كوسيلة للتعامل مع تدفق اللاجئين ومنع المليشيات الكردية - التي يدعمها نظام الأسد - من الدخول إلى تركيا وتنفيذ هجماتها. كما ينطوي إنشاء تلك المناطق على التزام عسكري طويل الأمد من جانب تركيا وحلفائها، والتي لن يتسنى لها الاستمرار والاستدامة إلا بمساعدة الولايات المتحدة.
5. حظر وصول الأسلحة عبر السواحل السورية: ترسل إيران وروسيا الأسلحة علانية إلى النظام السوري وهو ما يجب أن يتوقف. بإمكان الولايات المتحدة وحلفائها فرض حظر بحري على طول السواحل السورية على غرار الدوريات الدولية التي تعترض شحنات الأسلحة المتجهة إلى لبنان لصالح «حزب الله». بيد قد يستلزم ذلك اتخاذ قرار من قبل مجلس الأمن الدولي - والذي من المرجح أن تستخدم فيه روسيا حق النقض لإسقاطه. وهناك طريقة أخرى يمكن من خلالها إنشاء حظر بحري أو جوي أو كليهما على سوريا عن طريق تقديم جامعة الدول العربية الدعم القانوني لهذا الحظر، على غرار ما قدمته "منظمة الدول الأمريكية" من شرعية لإجراء مشابه أثناء "أزمة الصواريخ الكوبية". ولكن السؤال هو ما الذي سيحدث في حالة رفض روسيا وإيران لذلك.
في الوقت الذي يتزايد فيه الصراع السوري بشكل مأساوي، قد تضطر واشنطن إلى شن غارات جوية قوية أو اتخاذ إجراءات مماثلة لمنع قوات النظام من مهاجمة المدنيين. ومع ذلك، فلكي تنجح تلك الهجمات في الإطاحة بالنظام السوري سيتعين على واشنطن وحلفائها تشكيل قيادة بديلة من المعارضة السورية المشتتة. وسيكون الصراع في سوريا هو المسيطر على الوضع في المستقبل المنظور. إلا أن الصراع لا يستلزم بالضرورة اندلاع حرب أهلية شاملة - فالمعارضة على الأرض قد توحدت على هدف واحد وهو: ضرورة رحيل الأسد مهما كان الثمن. ولكن السؤال هو كيفية الوصول إلى تلك الغاية.
أندرو جيه. تابلر هو زميل أقدم في معهد واشنطن ومؤلف كتاب "في عرين الأسد: رواية شاهد عيان لمعركة واشنطن مع سوريا."
إقرأ بقية هذه المناقشة التي شارك فيها عدة كتاب على موقع فورين پوليسي على الشبكة العنكبوتية.
0 comments: