حركة ترتيب أوراق اقليمية ودولية ناشطة تؤسس لانجاح المبادرة الروسية
الإثنين 21 كانون الثاني 2013، أنطوان الحايك - مقالات النشرة
تتحدث الدبلوماسية الشرقية عن تقدم ملحوظ في مسار المبادرة الروسية لحل الأزمة السورية، كما تكشف عن خروقات تتسع تدريجياً في جدار الأزمة بعد جولة جديدة من المفاوضات بين الدبلوماسيتين الروسية والأميركية في أحدى العواصم الأوروبية، أدت إلى كسر الجليد المتراكم حول الأزمة من جهة وإلى قرار برفع مستوى التفاوض وادخال العامل الاستراتيجي على بعض المفاصل التي تتحكم بدول الربيع العربي في ظل اتساع موجة التطرف السني، بحسب التعبير، مع ما يعنيه ذلك من أخطار محدقة بالدول الأوروبية عموماً، والعربية التي شكلت القاعدة الأساسية لإنطلاق الحركات الإسلامية التي كان من المفترض أن تؤسس إلى نموذج الاسلام المعتدل القادر على اعادة التوازن إلى المنطقة، وليس العكس بعدما اختلفت الصورة في ظل التقدم الذي حققه الإسلاميون وباتوا على قاب قوسين من جر المنطقة برمتها إلى أتون التطرف الذي يرعب الأقليات المنتشرة في الدول العربية والإسلامية على حد سواء.
وفي هذا السياق، يدرج دبلوماسي متابع الحراك الدولي والإقليمي في خانة ترتيب الأوراق قبل طرحها بصورة عامة على النقاش، وذلك في ظل مؤشرات كثيرة رافقت تطورات أحداث الأيام الأخيرة، أبرزها الإزدواجية التي بدأت تعيشها باريس، فهي تحارب الإرهاب في مالي والجزائر وتدعمه في سوريا والبلاد العربية، وهذا ما لا يمكن أن يستمر في اللغة الدبلوماسية والسياسية، بما أفقدها ورقة ثمينة في اطار الضغط على موسكو والصين وسائر دول البريكس، فضلاً عن الإرباك السائد في أروقة المملكة العربية السعودية التي راهنت بكل ما تملك من قدرات على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، بعدما كانت راهنت سابقاً على تطويعه وتقليم أظافره وابعاده عن الحضن الفارسي، وتالياً إعادته الى إلحضن السعودي والعربي. وهذا ما يفسر قبول المملكة بتجميد الأوضاع في لبنان والأردن وتركيا بالرغم من التغييرات الأمنية التي أجرتها على وحداتها الاستخبارية والمعلوماتية، والتي كانت تنذر بتسعير الموقف وتشديد الخناق على الأذرع الإيرانية وأبرزها سوريا وحزب الله في لبنان، ناهيك عن التراجع التركي الملحوظ وهو تراجع يسجله المراقبون منذ أن وافق حلف شمالي الاطلسي على نشر بطاريات صواريخ الباتريوت، في خطوة يصفها العالمون ببواطن الأمور بجائزة الترضية التي لا تقدم ولا تؤخر في المسار العام، لاسيما أن عدد البطاريات المنوي نشرها لا يتعدى عدد أصابع اليدين، وذلك في خطوة لتبريد القيادة التركية المتوجسة من شارعها الداخلي من جهة ومن الحراك الكردي من جهة ثانية.
ليس بعيداً عن ذلك، يؤكد الدبلوماسي أن المحادثات الروسية الأميركية تأخذ بالاعتبار الهواجس العربية المتفاقمة، وتالياً اتساع رقعتها لتشمل خريطة سياسية في الدول العربية والاسلامية والخليجية على سواء، وترتكز على تهيئة الاجواء المحيطة بسوريا للشروع بالحل السياسي القائم على الحوار بين مكوناتها، وقيام واشنطن بالضغط على تركيا لاقفال حدودها مع سوريا ومنع تهريب السلاح والمقاتلين، في مقابل قيام موسكو بالضغط على ايران لضمان أمن الدول الخليجية وعدم تحريك خلاياها النائمة في السعودية والبحرين والكويت، والضغط على الحوثيين لضمان حدود المملكة الجنوبية، فضلا عن عودة طهران لتصدير منتجاتها النفطية التي تحتاجها الدول الاوروبية والتعهد بعدم الضغط باتجاه مضيق هرمز وضمان أمن دول الأوبيك وذلك في مقابل تجميد ملفها النووي وعدم الضغط باتجاه أذرعها.
0 comments: