أوباما في إسرائيل قريباً لأربعة أهداف ثانوية وهدف واحد أساسي
الجمعة 08 شباط 2013، آخر تحديث 10:20ناجي س. البستاني - مقالات النشرة
في 28 كانون الثاني من العام الحالي، وفي إتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما بالزعيم الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لتهنئته بفوزه – ولو المحدود – بإنتخابات الكنيست، جرى التوافق على رحلة سيقوم بها الرئيس الأميركي إلى إسرائيل والشرق الأوسط في الربيع المقبل. وفي الساعات الماضية، تم الإعلان رسمياً عن هذه الزيارة، لتبدأ بعدها التحاليل بشأن أهداف هذه الزيارة في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة حال غليان في سوريا، وحال توتّر في الملف الإيراني، وحال عدم إستقرار في الكثير من الدول العربيّة. فهل هذه الزيارة هي مجرّد رحلة إعلامية لالتقاط الصور، أم أنّ للإدارة الأميركية أهدافاً محدّدة من ورائها؟
في الواقع، لهذه الزيارة أربعة أهداف ثانويّة، إضافة إلى هدف مركزي واحد. والأهداف الثانوية تشمل:
أولاً: تجديد الدعم الأميركي لإسرائيل، سياسياً وعسكرياً بوجه المخاطر التي تواجهها في ظلّ البيئة الجغرافية المعادية لها، ومحاولة فتح صفحة جديدة بالعلاقات بين القيادتين الأميركية والإسرائيلية، خاصة وأنّ العلاقات الثنائية في الولاية الأولى لكل من أوباما ونتانياهو لم تكن ممتازة. كما أنّ أوباما يريد إغلاق صفحة الإنتقادات التي تعرّض لها، عندما زار القاهرة في ولايته الأولى، من دون أن يمرّ بتل أبيب.
ثانياً: محاولة تحريك المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيليّة إلى الأمام، عبر بحث هذه القضية مع القادة في كل من إسرائيل والأردن وفلسطين، علماً أنّ فرص تحقيق أي تقدّم في هذا الملف في المستقبل القريب ضعيفة جداً. لكن من الناحية الإعلامية، ستظهر الإدارة الأميركية أنها تعمل من دون إنقطاع على إيجاد تسوية للصراع العربي-الإسرائيلي، خاصة وأنّ أوباما سيطالب نتانياهو بتجميد بناء المستعمرات وبإبداء بعض المرونة إزاء ملف النازحين.
ثالثاً: محاولة مدّ الملك الأردني عبد الله الثاني بالدعم اللازم عبر زيارة الأردن في الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن أنّ الأردن هي الدولة التي ستشهد "ثورة" شعبيّة على النظام بعد سوريا!
رابعاً: تأمين دفعة إلى الأمام للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس عبر زيارة الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية، في الوقت الذي نجحت فيه حركة "حماس" في الفوز عليه بالعديد من النقاط، عبر صد الهجمة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة عليها بشكل ناجح، وعبر توسيع شبكة علاقاتها العربيّة مستفيدة من المدّ الإسلامي في المنطقة.
وإضافة إلى هذه الأهداف الثانوية الأربعة، يبرز الهدف المركزي والأساسي، والذي يتمثّل في بحث سبل التعاطي المستقبلي مع الملف النووي الإيراني. فأوباما يرفض بشدّة أن تقوم إسرائيل بأي عمل عسكري فردي ضد إيران، باعتبار أنّ من شأن زجّ المنطقة ككل والعديد من دول العالم في صراع كبير، يمكن تقدير كيفيّة إنطلاقته لكن أحداً لا يجزم بكيفيّة إنتهائه. وسيحاول أوباما من جديد الضغط على إسرائيل لإبقاء مسألة معالجة الملف النووي الإيراني بأيدي واشنطن التي نجحت في الماضي القريب في حثّ الكثير من الدول الأوروبيّة على تشديد العقوبات ضد طهران أكثر فأكثر، مع الاشارة إلى أنّ نتانياهو كان قد أبلغ وفداً أميركياً رفيعاً زاره مطلع العام الحالي، أنّ العام 2013 حاسم بالنسبة إلى الملفّ النووي الإيراني، حيث سُتعرف في الأشهر المقبلة، ما إذا كانت الأمور ستتجه نحو التهدئة أو نحو الصدام المفتوح على كل الإحتمالات، خاصة وأنّ المخاطر التي تتهدّد اسرائيل إزدادت نتيجة تطوّر الأوضاع الأمنيّة في سوريا.
وبالتالي، صحيح أنّ زيارة الرئيس أوباما إلى إسرائيل مهمّة، ليس فقط لأنّ الثاني هو الرئيس الأميركي الخامس الذي يزور الأراضي المحتلّة، بعد كل من الرؤساء ريتشارد نيكسون وجيمي كارتر وبيل كلينتون وجورج بوش، بل لأنه سيزيل الكثير من الإلتباسات مع نتانياهو ومع الشعب الإسرائيلي، وصحيح أنّ زيارته إلى كل من الأردن والأراضي الفلسطينية تأتي في وقت دقيق بالنسبة إلى مجمل منطقة الشرق الأوسط، لكن الأصحّ أنّ النجاح غير متوقّع ولا منتظر في أي من الملفّات التي سيبحثها الرئيس الأميركي في المنطقة. وعدم النجاح عند قيام رئيس دولة عظمى بزيارة رسمية يعني حكماً الفشل!
والأسئلة التي تفرض نفسها: أي حكمة في قيام الرئيس الأميركي بزيارة إسرائيل في بداية ولايته الثانية، من دون أن يكون يملك أي مشروع فعلي للمنطقة، وحتى أي تطمين فعلي للإسرائيليّين من المخاطر التي يتحدّثون عنها، إن من إيران أو من "سوريا – الغد" أو حتى من لبنان؟!
وأي حكمة في الإضاءة على المفاوضات الفلسطينية والإسرائيلية في ظل عدم وجود بصيص أمل بتحقيق أي تقدّم في هذا الملف، وحتى بإجراء جولة جديدة من المفاوضات؟!
وأي حكمة في زيارة الأردن، من قبل رئيس أشاد بثورات التحرّر العربيّة، في الوقت الذي يعلم فيه أنّ الأردن محكوم بمملكة لا علاقة لها بالديمقراطية منذ أكثر من نصف قرن؟!
وأي حكمة في توجيه جرعة دعم للسلطة الفلسطينية في الوقت الذي أظهرت هذه السلطة رفضها للوصاية الأميركية، ومضت قدماً في إعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة ضد إرادة واشنطن، علماً أنه لن يكون قادراً على تقديم ما يُذكر للفلسطينيّين في ظلّ الشروط الإسرائيلية؟!
وأي حكمة في مقاربة الملف النووي الإيراني بأسلوب سياسي ومن منطقة الشرق الأوسط بالذات، في الوقت الذي أظهرت فيه كل الضغوط والعقوبات الأميركية والدولية عقمها، ما يعني فشل واشنطن في حل هذا الملفّ أيضاً؟!
ومما تقدّم، لا يبدو أنّ الرئيس أوباما سيحصد غير الفشل من زيارته، حيث من غير المنتظر أن تحقّق أياً من أهدافها!
0 comments: