Friday, February 22, 2013


مشكلة أوروبا مع «حزب الله» (الجزء الثاني)

13 شباط/فبراير 2013

"في 8 شباط/فبراير 2013، خاطب ماثيو ليفيت، دانييل بنجامين، وكيرين بيتس منتدى سياسي في معهد واشنطن. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظات الدكتور ليفيت؛ أما ملخص كلمات السيد بنجامين والسيدة بيتس فقد نشرت في المرصد السياسي 2037."

رغم أن اغتيال قائد العمليات العسكرية لـ «حزب الله» عماد مغنية في شباط/فبراير 2008 أدى إلى ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية للجماعة ضد المصالح الإسرائيلية، إلا أن قرار إيران باستهداف المصالح الغربية بشكل أكثر عدوانية ابتداء من أوائل عام 2010 كان له وقع أكبر أثراً. وأدت حرب الظل التي تخوضها طهران ضد الغرب إلى سلسلة من المؤامرات والهجمات ضد المصالح الأمريكية والبريطانية والسعودية والإسرائيلية عبر أنحاء العالم، نفذها عملاء من «حزب الله» وفرع "قوة القدس" التابع لـ "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني. وقد انكشف عدد من هذه المؤامرات على التراب الأوروبي، غير أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي ظلوا مترددين في تسمية «حزب الله» رسمياً كمنظمة إرهابية. ومع ذلك، ففي الأسبوع الماضي خلص تحقيق بلغاري واسع النطاق إلى أن الجماعة كانت مسؤولة عن تفجير حافلة بورغاس في تموز/يوليو 2012.
وتُمثل هذه النتيجة خطوة أولى هامة تجاه قيام الاتحاد الأوروبي بإدراج «حزب الله» على قائمة المنظمات الإرهابية، كما توفر أدلة إضافية على أن نشاط الجماعة في أوروبا لا يزال آخذاً في التطور. وقبل أسبوع فقط من هجوم بورغاس، اعتقلت السلطات في قبرص عميلاً لـ «حزب الله» -- وكان هذه المرة مواطن أوروبي -- مشتبه به بإجراء أعمال مراقبة للقيام بعملية مماثلة ضد السياح الإسرائيليين الذين يستقلون حافلات المطارات. ومن المقرر أن تنتهي المحاكمة خلال الأسابيع القليلة القادمة ويرجح أن تكشف الكثير من المعلومات الإضافية عن الجماعة. وقد اعتبر المحققون بالفعل إن المتهم كان رسولاً لـ «حزب الله» قام بتوصيل طرود إلى عملاء حول العالم قبل إرساله إلى قبرص لإجراء أعمال المراقبة. وقد ورد أن بعضاً من هذه الطرود على الأقل كان معد إلى عملاء أوروبيين، من بينهم نشطاء في فرنسا وهولندا.
وبغض النظر عن نتيجة تلك القضية، فإن هناك أسباب سائغة تدفع أوروبا إلى تسمية «حزب الله» كمنظمة إرهابية:
1- الإرهاب في الداخل. لقد أعاد «حزب الله» توطيد نفسه بقوة في عمليات الإرهاب الأوروبية بطريقة لم نشهدها منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما شن هجمات من كوبنهاجن إلى باريس. فبالإضافة إلى مؤامرتي بورغاس وقبرص، قام «حزب الله» بأعمال مراقبة وإعداد خطط للقيام بعمليات في اليونان وبلدان أوروبية أخرى. إن ظهور ذلك النشاط مجدداً يعد سبباً للقلق المباشر بين وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات الأوروبية.
2- النشاط الإجرامي. «حزب الله» متورط بقوة أيضاً في مجموعة واسعة من الأنشطة الإجرامية في القارة الأوروبية. كما أن دوره في تجارة المخدرات وغسل الأموال آخذ في الارتفاع، بحسب ما هو موثق في القضايا الأخيرة ضد "البنك اللبناني الكندي"، وإمبراطور تجارة المخدرات اللبناني أيمن جمعة، وغير ذلك من [الأعمال المحظورة]. وبحسب ما أورده الإنتربول، قامت السلطات "بتفكيك عصابات تجارة الكوكايين التي استخدمت عوائدها لتمويل أنشطة [«حزب الله»]...بينما يتم بشكل متزايد تحويل المخدرات التي من المقدر لها أن تذهب إلى الأسواق الأوروبية عبر دول غرب أفريقيا".
كما تستخدم الجماعة أوروبا كقاعدة لجمع الأموال وشراء الأسلحة، حيث تحصل بسهولة على كميات كبيرة من الأموال من خلال وسائل شبه خيرية مع استخدام الشركات الواجهة لتأمين الأسلحة لمقاتليها. وفي إحدى الحالات، حاول داني طراف الذي يحمل الجنسيتين الألمانية واللبنانية شراء بنادق "إم 4"، وصواريخ مضادة للطائرات/مضادة للدبابات، وأسلحة أخرى لـ «حزب الله»، بهدف شحنها عبر شركته في سلوفاكيا، إلى اللاذقية في سوريا. وقد كان واضحاً في سبب رغبته في الحصول على قذائف موجهة وقذائف تُطلق من على الكتف وذلك: "لإسقاط طائرات إف 16". ووفقاً لـ "مكتب التحقيقات الفيدرالي" الأمريكي، كانت شركة طراف، «پاور إكسبريس»، "تعمل بصفة أساسية كتابع لجناح المشتريات الفنية لـ «حزب الله»".
وبالإضافة إلى ذلك، كشفت قضايا أمريكية مؤخراً مدى تورط «حزب الله» في تزوير العملات الأوروبية وغيرها، بما في ذلك اليورو. على سبيل المثال، أوضح أحد عملاء «حزب الله» لمصدر في "مكتب التحقيقات الفيدرالي" أن الجماعة تدير مطابع عالية الجودة من ثمانية عشرة إلى عشرين ساعة يومياً لإنتاج دولارات أمريكية ونقود كويتية وسعودية وأوروبية مزيفة. كما تفاخر العميل بأنه ينتمي إلى ما أطلق عليه "إرهاب «حزب الله»"، والذي قال إنه نشط "في جميع أنحاء العالم." كما أخبر عملاء آخرون "مكتب التحقيقات الفيدرالي" بأن الجماعة تدير حملة سطو على مستوى العالم منذ فترة طويلة لتمويل العمليات الإرهابية؛ ويُذكر أن أنصار «حزب الله» نجحوا في إحدى عمليات السطو في سرقة 2 مليون دولار من بنك في السويد.
3- تقويض الأمن الإقليمي. للاتحاد الأوروبي مصالح مباشرة في استقرار الشرق الأوسط، وهناك بعض الفاعلين مثل «حزب الله» متورطون بفاعلية في تقويض الأمن الإقليمي بكل ما أوتوا من قوة. وفي آب/أغسطس 2012، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية «حزب الله» مرة أخرى في قائمتها السوداء بسبب تقديمه "التدريب، والمشورة، والدعم اللوجستي الواسع" إلى الأعمال المتحجرة بشكل متزايد التي يقوم بها النظام السوري ضد المعارضة. وبعد شهر من ذلك، فرضت الوزارة عقوبات على زعيم «حزب الله» حسن نصر الله واثنين من القادة الرئيسيين، مصطفى بدر الدين وطلال حمية، للسبب نفسه. وكما أخبر مسؤولون أمريكيون مجلس الأمن الدولي في تشرين الأول/أكتوبر "الحقيقة واضحة للعيان: مقاتلي نصر الله هم الآن جزء من آلة القتل [الدموية] للأسد."
4- زعزعة استقرار لبنان. على الرغم من أن القلق ينتاب العديد من البلدان الأوروبية من أن تؤدي تسمية «حزب الله» كمنظمة إرهابية إلى زعزعة الاستقرار في لبنان، إلا أن الحقيقة هي أن الجماعة نفسها فعلت ما يزعزع استقرار البلاد أكثر مما فعله أي شخص آخر. ففي تموز/يوليو 2006، استدرجت المنظمة كل من إسرائيل ولبنان إلى حرب لم يكن يريدها أي منهما. وفي عام 2008، استولى نشطاء الجماعة على أجزاء من بيروت بالقوة، مما أدى إلى وفاة العديد من أبناء وطنهم. وقد أدت أنشطة الحركة في سوريا إلى انتشار ذلك الصراع الطائفي عبر الحدود إلى لبنان. كما تورط أعضاؤها في اغتيال رئيس  فرع المعلومات في "قوى الأمن الداخلي" اللبناني وسام الحسن ورئيس الوزراء رفيق الحريري، وقد أسفرت التحقيقات التي جرت حول مقتل هذا الأخير عن توجيه لوائح اتهام من قبل »المحكمة الدولية الخاصة بلبنان« التابعة للأمم المتحدة.
وحقيقة أن نصر الله يشرف شخصياً على توجيه أنشطة «حزب الله» في سوريا تؤكد الحاجة أيضاً إلى تجنب التمييزات الخاطئة بين "الجناحين" السياسي والعسكري لـ «حزب الله». ورغم أنه قد يكون من العملي بالنسبة للاتحاد الأوروبي أن يُسمي الأذرع العسكرية والإرهابية للجماعة كفصائل [تُدرج على القائمة السوداء] مع استبعاد الجناح السياسي، إلا أن ذلك النهج سوف يُحد بشكل كبير من قدرة أوروبا على منع العملاء من السفر وجمع الأموال في جميع أنحاء القارة. إن الإدراج الانتقائي قد تكون له نتائج غير مقصودة تتمثل بمنح شرعية لا تستحقها الجماعة. بل إن بعض الدول الأوروبية ذهب إلى حد اقتراح تسمية عملاء محددين فقط تابعين لـ «حزب الله»، لكن هذا النهج سيفتقر إلى مزيد من الفاعلية.
وباختصار، فإن تسمية الاتحاد الأوروبي لـ «حزب الله» كمنظمة إرهابية تعد أمراً حيوياً، ليس فقط من أجل بعث رسالة واضحة للحزب بأنه لم يعد بوسعه خلط الأوراق بين السياسة والإرهاب، لكن أيضاً لأن تلك التسمية سوف تمكِّن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من فتح تحقيقات خاصة حول العمليات الإرهابية التي تنطوي عليها أنشطة الجماعة -- وهو أمر لا تستطيع أو لن تفعله العديد من الدول اليوم رغم استئناف الهجمات في أوروبا. إن إعلان بلغاريا يعد بمثابة الرصاصة الأولى؛ أما الرصاصة التالية فسوف تكون الحكم الذي ستصدره قبرص. يجب على الاتحاد الأوروبي أن يثبت لـ «حزب الله» أن هناك تبعات وعواقب تترتب على تنفيذ عمليات إرهابية، وجمع الأموال، وشراء الأسلحة، وتجنيد عملاء على التراب الأوروبي. إن التقاعس عن العمل أو أنصاف الحلول سوف تزيد الجماعة جرأة على مواصلة عملها هناك وتضفي عليه طابع العمل التجاري كالمعتاد.

أعد هذا الملخص المقرر غويف روزن.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: