Tuesday, February 26, 2013



معارك بالجملة حول «الأرثوذكسي» وبوادر تفجير في الجنوب


الجمهورية- جوني منيّر: العاصفة السياسية التي أثارها توافق الاقطاب الموارنة على تبني المشروع الانتخابي للّقاء الارثوذكسي، ما تزال في حالة تصاعدية مع الرفض القاطع لتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي له.





وما زاد من قلق الفريق المعارض، غموض المواقف الدولية مع غياب التعليقات إزاء هذا المشروع، وهو ما لا يتوافق مع محطات مشابهة سابقاً. فالبعض من المعارضين بات يفسر هذا السكوت بأنه “رضى ضمني” وسط التطورات والمستجدات الاقليمية الكبيرة لا سيما في سوريا، فيما البعض الآخر اختار المكابرة من خلال التفسير القائل بأن انشغالات العواصم الكبرى كثيرة، بدءاً من الوضع في الشرق الاوسط مروراً بأفريقيا وبالأزمات الاقتصادية الحادة التي تعاني منها، ما يجعلها غير قادرة لمتابعة اليوميات اللبنانية، ولو أن هذا البعض يدرك ضمناً أن قانون الانتخابات لا يمكن وضعه في اطار التفاصيل السياسية خصوصاً وأن النظام اللبناني برلماني، ما يعني أن البنية التحتية له مجلس النواب.



ولأن الغموض يكتنف الموقف الدولي، ازداد التوتر في معسكر المعارضين، ما ادّى الى تصدّعات جدية في العلاقة بين المستقبل من جهة والقوات والكتائب من جهة اخرى. في الكواليس الضيقة، كلام كبير بحق سمير جعجع من قبل المستقبل، وفي المقابل انتقادات قاسية في الكواليس القوّاتية بحق سعد الحريري ووليد جنبلاط.



جعجع لا يتردد من المجاهرة في مجالسه الضيقة، بأنه غطى من دون حساب تيار المستقبل منذ “غزوة” الاشرفية مروراً بكيفية مواجهة احداث 7 أيار، ثم الذهاب الى الدوحة وبعدها الى دمشق.



وفي المقابل اتهام من المستقبل لجعجع بأنه ينفّذ انعطافة سياسية على ضوء المستجدات الاقليمية، حيث بدأت مرحلة المفاوضات الاميركية – الايرانية اضافة الى نتائج الوضع في سوريا وإمكانية بقاء الاسد، ما يحتّم تعديل الخارطة التحالفية وفتح الخطوط مع الفريق الثاني من خلال الأرثوذكسي.



القريبون من جعجع لا يترددون في القول فوراً بأن جعجع سيكمل معركته حول قانون الانتخابات الى النهاية. فهو يريد انتزاع حجمه السياسي أيّاً تكن الحسابات الاخرى. وان اكثر ما اثاره هي المعاملة المميزة التي يحظى بها وليد جنبلاط على رغم انه كان السبب الوحيد والمباشر لطرد سعد الحريري من رئاسة الحكومة ونقل الأغلبية من ضفة الى اخرى، فيما الحريري يستمر بتمييز “صديقه” جنبلاط على حساب القوات، فيُحجِم عن السير بمشروع القوات الانتخابي غير آبه بحشر جعجع امام الشارع المسيحي.



ويُدرك هؤلاء أن مجموعة الشخصيات المسيحية المنضوية في 14 آذار، عملت كثيراً على خط تحريض الحريري على جعجع خشية خسارة دورهم.



ولذلك رفض جعجع تحديد موعد للنائب بطرس حرب الذي ارسل مع النائب انطوان زهرا طالباً لقاءه في معراب، لا بل تردد ان جواب جعجع لحرب جاء قاسياً جداً.




وفي مقابل الحضور القواتي “الرمزي” في احتفال 14 شباط في البيال، جاء حضور المستقبل في احتفال معراب مختصراً بالنائب الجراح، مع اضافة غياب وجوه بارزة في 14 آذار. فعلى سبيل المثال، سُجِّل اعتذار فارس سعيد قبل ساعات من بدء المهرجان.




وجعجع الذي يعتبر معركة الارثوذكسي فرصة تاريخية لاستعادة التمثيل الصحيح، ويعمل على “فرز ألوان” الاشخاص المحسوبين عليه. فهو لم يتردد في إغلاق ابواب معراب امام وزير سابق كان محسوباً عليه، لانه شارك في احد اجتماعات النائب حرب.



في المقابل، نُقل عن لسان النائب السابق فارس سعيد خلال قيامه بواجب اجتماعي وأمام جمع من الناس انتقادات قاسية بحق جعجع والتي وصلت الى حد اتهامه بالخيانة. ووسط ذهول المشاركين في واجب العزاء تابع سعيد “مضبطة” اتهامه لتلامس نقاطاً حساسة.



لكن بعيداً عن هذا النزاع والذي يؤسس ربما الى واقع سياسي جديد، خصوصاً في حال اعتماد قانون جديد للإنتخابات، لكن ألا يجب من باب النقاش الواقعي، إلقاء مسؤولية اعتماد مشروع اللقاء الارثوذكسي على الحريري وخصوصاً جنبلاط؟



فمنذ العام 1992 والدوائر الانتخابية يجري تقسيمها على حساب المسيحيين ولكن مع تمييز كامل لجنبلاط. صحيح أن قرار إنتاج قوانين الانتخابات كان يصدر من عنجر، لكن لتمييز جنبلاط او حماية حجمه النيابي “المنفوخ” ثمنه، وكان ذلك على حساب المسيحيين بالتأكيد. أفلا يتطلّب إعادة تعديل للحالة الشاذة التي كانت قائمة.



ثم ما يزال تهديد جنبلاط عشية فرز اصوات انتخابات العام 2005 يتردد في اذان المسيحيين “اذا خسرت لوائحي فإن الحرب الاهلية ستندلع”. هذا عدا استخدام موازنات وزارة المهجرين في اللعبة الإنتخابية.



كما أن الرئيس سعد الحريري كان صادماً للشارع المسيحي مع التحالف الرباعي في العام 2005 ومع استمرار حكومة السنيورة في اختزال صلاحيات رئاسة الجمهورية بعد رحيل العماد إميل لحود. لدرجة أن السفراء الاجانب يرددون بأنه لولا احداث 7 ايار وبالتالي اتفاق الدوحة لعمّرت حكومة السنيورة لفترة طويلة، ولكانت الانتخابات النيابية لتحصل ايضاً على اساس قانون غازي كنعان.



أوليست تلك الممارسات هي التي دفعت المسيحيين دفعاً لاحتضان المشروع الارثوذكسي في وقت لا يصل الى رئاسة الجمهورية إلّا “حمائم” الموارنة في مقابل صقور الشيعة في رئاسة مجلس النواب وصقور السنة في رئاسة الحكومة.



صحيح ان المستقبل والاشتراكي سيقدمان الى رئيس الجمهورية يوم غد الثلثاء مشروعهما المشترك، الّا ان الصحيح ايضاً أنّ حال القطيعة ما تزال قوية بين الرئيسين بري والسنيورة. وإذا اضفنا ذلك على الوضع الاقليمي وعلى المخاطر الأمنية التي تدق ابواب صيدا ومخيم عين الحلوة بقوة، فإن الاستنتاج الواضح الذي يمكن الخروج به، ان الانتخابات ستُؤجَّل جدياً وليس تقنياً ولفترة لا تقل عن السنتين.


Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: