الإشتباك الأميركي - الروسي في سوريا يدخل حلبة الانتخابات في لبنان
الأربعاء 06 آذار 2013، حسين زلغوط - "اللواء"
أثار توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساس قانون الانتخاب النافذ، أي قانون الستين، عاصفة من المواقف المنتقدة لهذه الخطوة في ظل المناخ السياسي السائد وفي الوقت الذي تسعى القوى السياسية لإيجاد مساحة مشتركة تنطلق منها باتجاه إنتاج قانون انتخاب توافقي، بعد الإجماع السياسي على دفن قانون الدوحة.
من حيث الشكل فإن الرئيسين يتقيّدان بالقانون وبالمواد الدستورية التي تلحظ الاجراءات الممهّدة لإجراء الانتخابات النيابية، لكن ذلك يجرّ إلى أسئلة طويلة عريضة، عمّا إذا كانت هذه الخطوة محسوبة أم لا، ولماذا تزامنت مع إعلان الموقف الأميركي من الانتخابات على لسان السفيرة مورا كونيللي.
من الممكن وصف ما أقدم عليه رئيسي الجمهورية والحكومة كمن حمل العصا ولعب «بوكر» دبابير من دون أن يأخذ في حساباته النتائج التي ستفضي إليها هذه العملية، وفي تقدير مصادر سياسية متابعة أن الرئيسان سليمان وميقاتي متيقنان تماماً أن الانتخابات لن تجري على أساس قانون الستين فلماذا خوفهما على مخالفة القانون، فالحرص يكون على القانون المصلحي ذا المنفعة العامة، ومخالفة القانون بسبب قانون يقسم اللبنانيين تكون مخالفة مبرّرة ومن الممكن أن تجد لها مغفرة على المستوى السياسي.
وتسأل المصادر كيف يتم إصدار مرسوم على أساس قانون انتخابات ميت، ولماذا يحاول الرئيسان سليمان وميقاتي إحياء قانون الستين من بين الأموات؟
إن هناك ثمة قطبة مخفية حول هذه الخطوة، إذ كان بالإمكان إعطاء فسحة من الوقت ريثما تتضح صورة الاتصالات والمشاورات الجارية على أكثر من جبهة للاتفاق على قانون جامع تُجرى على أساسه الانتخابات، فإذا تعاطينا مع هذه الخطوة عن حسن نيّة فإنها من الممكن أن تكون قد رمت إلى تحريك المياه الراكدة بغية أن تتحرك القوى السياسية في اتجاه السعي لأجل إنتاج قانون توافقي، أما إذا نظرنا الى هذه الخطوة بسوء نيّة فنجدها تستبطن هروباً إلى الأمام، لكي يظهر من قام بها بأنه يسهر على احترام المواعيد الدستورية وكذلك لكي يتبرأ من أية تهمة يمكن أن تلصق به في حال تأجلت الانتخابات.
في رأي المصادر أن دعوة الهيئات الناخبة، قد أدت إلى اشتباك سياسي ظهرت ملامحه في البرلمان من خلال المواقف التي أعلنت بعد اجتماع نواب الأكثرية، كما شاهدنا عيّنة من هذا الاشتباك على الضفة الحكومية خلال انعقاد مجلس الوزراء، وهو ما يوحي بأن الساحة الداخلية مقبلة مع قابل الأيام على مزيد من الاحتقان والانقسام والشرخ السياسي الذي قد يكون له مفاعيل سلبية على الواقع اللبناني الذي أحوج ما يكون في الظرف الراهن إلى مناخات هادئة وسط هذا الحريق الذي يزنّر المنطقة.
وتؤكد المصادر أن أحداً لا يستفيد من الخطوة الملتبسة في دعوة الهيئات الناخبة، لا الحكومة ولا الرئيسين، لسبب بسيط أن الانتخابات المقبلة لن تُجرى على أساس قانون الستين في ظل الدفن الجماعي الذي حصل لهذا القانون.
وتوقفت المصادر عند الموقفين الأميركي والروسي من الانتخابات النيابية في لبنان، حيث دعت السفيرة كونيللي إلى إجراء الانتخابات في موعدها على أساس القانون النافذ، في حين دعا السفير زاسبيكين إلى إجراء الانتخابات على أساس قانون توافقي وليس بأوامر من الخارج، وهي رأت ضرورة أن ينأى لبنان بنفسه عن الموقف الأميركي الذي تزامن مع توقيع المرسوم، أو القول ما هي مرامي هذا التدخل.
وتلفت المصادر النظر إلى أن ما بين السفيرين الأميركي والروسي بشأن استحقاق تشريعي داخلي يؤكد أن المسؤولين اللبنانيين لم يبلغوا سن الرشد الذي يمكّنهم من إنتاج قانون انتخابي دون تدخل خارجي، مستعرضة كل الحقبات الماضية حيث أن لبنان في كل مرة يخوض فيها الانتخابات كان القانون الذي يُعمل به يُحاك خارجياً ويُسوّق داخلياً.
وتُعرب المصادر عن اعتقادها بأن الاشتباك الأميركي - الروسي على المستوى العسكري في سوريا قد دخل حلبة الانتخابات في لبنان، وأن الخشية موجودة من أن ينسحب الصراع الأمني على لبنان في حال بقي هذا الانشطار السياسي والاحتقان في الشارع على ما هو عليه راهناً.
وتؤكد المصادر أن من يعتقد أن لبنان مُقبل على انتخابات نيابية إما هو أبله أو أنه غائب عن الوعي السياسي، خصوصاً وأن كل الأطراف تسعى على طريقتها إلى تأجيل هذه الانتخابات إن لم يكن إلغاؤها.
وتختم المصادر بالقول: إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في لبنان عليك أن تعرف ماذا يجري في سوريا واللبيب من الإشارة يفهم.
0 comments: