روسيا تعطي الضوء الأخضر للجيش السوري لاستعادة الرقة ولو "أرضا محروقة"
الجمعة 08 آذار 2013، الحايك - مقالات النشرة
لا تستغرب الدبلوماسية الشرقية ما تتعرض له سوريا من ضغوط عسكرية وأمنية وميدانية، كما أنها لا تستهجن عمليات تدفق السلاح النوعي للمعارضة ومدها بالمزيد من الرجال والخبراء وعناصر مقاتلة محترفة وعالية التدريب، وتدرج التطورات الميدانية بما فيها عملية الرقة في خانة كباش الساعات الأخيرة، بحسب تعبير دبلوماسي مخضرم بين واشنطن والدول الكبرى المعنية بالملف النووي الايراني من جهة وموسكو وطهران من جهة ثانية.
الدبلوماسي الشرقي يعزز وجهة نظره بالكشف عن معلومات واتصالات غير معلنة بين الدبلوماسيتين الأميركية والروسية، وآخرها اتصال مباشر بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين جرى في أعقاب مؤتمر روما، حيث دار سجال بين وزيري الخارجية الأميركية جون كيري والروسية سيرغي لافروف، خرج على أثره الأخير ليؤكد على سياسات روسيا الداعمة لسوريا، ومتهماً الغرب بدعم المعارضة المسلحة ودفعها إلى رفض الحوار، فما كان من أوباما إلا أن اتصل ببوتين مؤكداً على التمسك بالتفاهم على الحل السياسي في سوريا.
ولم ينته الاتصال عند هذا الحد، انما تم الاتفاق على لقاء مشترك يعقد بعد ثلاثة أشهر على أن يعمل فريقان أميركي روسي على ترتيب جدول الأعمال والبحث في التفاصيل لانضاج الحل المتفاهم عليه، الأول برئاسة وليم بيرنز، والثاني برئاسة ميخائيل بوغدانوف، والجدير أن الدبلوماسي يؤكد بأن اتصال مباشر بين الاخيرين وتم التوافق على لقاء يجمعهما في غضون الأيام القليلة المقبلة.
ويبدو أن الامور تسارعت منذ ذلك الحين بحيث بدأ كل مفاوض بحشد أوراقه وتعزيز مواقعه التفاوضية، بحيث ضغط اكيري باتجاه نزع مقعد سوريا في جامعة الدول العربية وتسليمه للمعارضة وهذا ما حصل بالفعل، كما أوعز إلى تركيا بفتح كامل حدودها وحشد كل طاقاتها لمعركة عسكرية حاسمة في الرقة، باعتبار أن أي تغيير على مستوى الخريطة العسكرية من شأنه أن يعزز موقف الدول الخليجية التي أنفقت مليارات البترودولار لاسقاط النظام في سوريا، وتالياً فالتفاهم أو التسوية اذا ما جاز التعبير بين الشرق والغرب يحتاج إلى مثل هذا الانتصار العسكري والمعنوي.
من جهة ثانية، أوعز كيري إلى دبلوماسييه في لبنان وتركيا بتشديد الضغط على حلفاء سوريا من خلال الضغط باتجاه اجراء انتخابات نيابية في لبنان والعمل على انجاح خصوم الرئيس السوري بشار الأسد في حسمها لمصلحتهم، والدفع باتجاه المعارضة السورية لتشكيل حكومة في المنفى تحت عناوين مؤقتة وانتقالية، وكل ذلك تحضيراً لتوازنات جديدة تواكب المرحلة المقبلة.
غير أن لموسكو، والكلام للدبلوماسي، رأي آخر بحيث أنها لم تقف متفرجة على ما وصفه بـ" الطحشة" الأميركية، فعمدت إلى الرد المباشر من خلال دخول خبراتها العسكرية على خط المعركة الدائرة في الرقة القريبة من الحدود التركية، والسماح للجيش السوري باستخدام الأسلحة المتوفرة بالشكل المطلوب بما فيها الصواريخ البالستية وصواريخ أرض جو ذات تقنيات عالية في معركة استعادة هذه المحافظة الحيوية، وذلك لاعتبارها بأن استعادة الجيش السوري لها تشكل حرقاً لأوراق اميركية استراتيجية تلزم أوباما على تقديم المزيد من التنازلات ولو على حساب حلفائه العرب.
ويختم الدبلوماسي بالاعراب عن خشيته من موجة عنف جنونية قد لا توفر المحظورات، وذلك باعتبار أن اللعبة وصلت إلى خواتيمها بعد أن استنفذت الأوراق وتخطت الضغوط السقوف المرسومة، وباتت تهدد بالانفجار في ظل حقيقة راسخة وهي أن النظام السوري هو واحد من أخطر اللاعبين على حافة الهاوية، ولديه المزيد من الأوراق في حال وصلت الأمور إلى نقطة "علي وعلى اعدائي يا رب".
0 comments: