الاتحاد الأوروبي: حان الوقت لتسمية «حزب الله» منظمة إرهابية
تايمز أوف إيزرائيل
22 شباط/فبراير 2013
لقد بات الأمر رسمياً: فبعد سبعة أشهر من التحقيقات، أعلنت الحكومة البلغارية أن «حزب الله» هو المسؤول عن حادث تفجير حافلة في مدينة بورغاس الساحلية في تموز/يوليو 2012، الذي خلف ستة قتلى -- خمسة سياح إسرائيليين وسائق الحافلة البلغارية. ويدلل هذا الهجوم مرة أخرى على مدى استعداد «حزب الله» لتنفيذ عملياته الإرهابية في أوروبا. كما أنه أظهر مرة أخرى بوضوح بأن الجماعة لا تتردد في تهديد حياة المواطنين الأوروبيين سعياً وراء تحقيق أهدافها.
والأكثر من ذلك، أن التحقيقات أظهرت حجم أنشطة «حزب الله» على الأراضي الأوروبية في إطار تخطيطه لشن المزيد من الهجمات. ففي شهر تموز/يوليو الماضي تم القبض على مواطن لبناني المولد وسويدي الجنسية في قبرص قيل إنه كان يقوم بأعمال مراقبة لصالح «حزب الله». وقد اعترف منذ ذلك الحين بأنه عضو في المنظمة ويجري حالياً محاكمته في مدينة ليماسول. وفي السابق -- في بداية تسعينيات القرن الماضي -- تم ربط «حزب الله» ورعاته الإيرانيين بالهجمات التي استهدفت الجالية اليهودية في الأرجنتين، ومؤخراً كانت هناك محاولة لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة في واشنطن العاصمة عام 2011، فضلاً عن الهجوم الفاشل في تايلاند.
وقبل أسبوعين مضيا، استدعيتُ كشاهد خبير إلى المحاكمة في ليماسول، واستناداً الى الأدلة لا يخالجني أدنى شك في أن عملية قبرص كانت مثالاً آخر على إعداد «حزب الله» لشن هجوم إرهابي آخر على الأراضي الأوروبية.
ومع ذلك، فبعد التفجير الذي وقع في بورغاس والمحاكمة في قبرص، لا يزال الاتحاد الأوروبي يرفض تسمية «حزب الله» منظمة إرهابية رغم أن "وكالة تطبيق القانون الأوروبية"، «يوروبول»، تدرج «حزب الله» في قواعد البيانات الخاصة بها على أنه "كيان إرهابي" وأن الجماعة تستخدم الأراضي الأوروبية لأنشطتها المالية وجمع التبرعات. وفي عام 2004، كانت هولندا قد وضعت كلاً من الجناحين العسكري والسياسي لـ «حزب الله» على قائمتها للمنظمات الإرهابية، في الوقت الذي اكتفت فيه المملكة المتحدة بتسمية فرعه العسكري -- "منظمة الجهاد الإسلامي" -- على أنه حركة إرهابية. ويبدو من المرجح أن تحذو بلغاريا حذو بريطانيا. أما أكثر الدول ثقلاً في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا وفرنسا على وجه الخصوص، فهي تعارض هذا التحرك بحجة أن ذلك سيخلق حالة من عدم الاستقرار داخل لبنان المعروف عنها بأنها منطقة متقلبة. إلا أن الشيء الذي يثير المزيد من المخاوف هو أن تلك الدول تعتقد أن المنظمة قد "خففت" نهجها وذلك من خلال المشاركة السياسية.
إن القول بأن أنشطة «حزب الله» الاجتماعية والسياسية تفند التبرير المقدم لتسمية الحزب كمنظمة إرهابية لا يزال ببساطة محل شك. وغني عن القول بأن أي حزب سياسي أو حركة اجتماعية ليست بحاجة إلى جناح مسلح، فلماذا إذن لديهم ذلك الجناح؟ ففي حالة «حزب الله» إن هذه الأنشطة "الخيرية" تعزز في المقام الأول من دوره كمنظمة تحارب أعداءها في الخطوط الأمامية في الداخل والخارج. وفي لبنان اتهمت المحكمة -- المدعومة من قبل الأمم المتحدة -- أربعة أعضاء من «حزب الله» باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في عام 2005. وخلافاً لبعض الحجج التي تشير إلى أن تسمية «حزب الله» كمنظمة إرهابية قد تشكل خطراً على الاستقرار السياسي للبنان، فإن القيام بذلك، حسب اعتقادي، من شأنه أن يسهل على القوى الديمقراطية الحقيقية في بلاد الأرز، البدء في التعامل بقوة مع هذه الحركة فضلاً عن قطع شوط [كبير] في طريق إنشاء نظام سياسي "طبيعي" هناك.
لقد ظهر «حزب الله» في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان عام1982 ، وكان هدفه وقف الهجمات التي كانت تنظمها "منظمة التحرير الفلسطينية" وحلفائها اللبنانيين. وفي بيان أصدره عام 1985 أعلن «حزب الله» أن أحد أهدافه الرئيسية هو تدمير دولة إسرائيل. ولم يتغير هذا الهدف قط بل أكده مراراً عدد من قادة «حزب الله» على مر السنين، (بما في ذلك في محادثات أجراها كاتب هذه السطور مع ممثلي «حزب الله»). ومنذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في أيار/مايو 2000، واصل «حزب الله» تعزيزاته العسكرية على نطاق غير مسبوق. فبعد حربه مع إسرائيل في تموز/يوليو 2006، قام بتزويد ترسانته بصواريخ وآليات عسكرية يمكن أن تمثل عتاد أي دولة أوروبية متوسطة الحجم. وتشمل هذه مخزونات من الصواريخ المحمولة والصواريخ المضادة للطائرات. ولدى مخابئ الأسلحة هذه، القدرة على زعزعة استقرار المنطقة بأسرها. وعلى الرغم من صدور عدد من القرارات من جانب مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك القرارين 1559 و 1701، اللذين دعا إلى نزع سلاح المنظمات، إلا أن «حزب الله» يستمر في تخزين الأسلحة إيرانية المصدر. ووفقاً لراي تاكيه، زميل أقدم لدراسات الشرق الأوسط في "مجلس العلاقات الخارجية" الأمريكي، تقدم إيران نحو 100 مليون دولار سنوياً في شكل مساعدات مالية لـ «حزب الله».
ولعلنا في الأسابيع والشهور الأخيرة شهدنا أدلة على التعاون الوثيق بين «حزب الله» ونظام الأسد في دمشق، بالإضافة إلى عدد من التقارير التي تبيّن بأن مقاتلي «حزب الله» يشاركون في المذابح التي يرتكبها النظام السوري في حق شعبه. وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ذكرت صحيفة "التايمز" اللندنية أن ما لا يقل عن 1500 مقاتل ينتمون إلى «حزب الله» يدعمون نظام الأسد حسب ما يقال، وذلك من خلال تشكيل مليشيا محاربة. ويعتبر سقوط الأسد بالنسبة لـ «حزب الله» بمثابة ضربة قاصمة له من حيث الحفاظ على وجوده المسيطر داخل لبنان وحكومته إضافة إلى تحجيم حريته في نقل الأسلحة والمواد من إيران التي تعتبر اللاعب الرئيسي في هذا الصراع.
وقد تورط «حزب الله» منذ البداية في أنشطة إرهابية. ولكن ما تغير في العقود الأخيرة هو أن المنظمة سارعت في نقل أنشطتها الإجرامية والإرهابية إلى الخارج. ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً باللغة الانكليزية من قبل الدكتور ماثيو ليفيت -- مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن -- حاولت عناصر من «حزب الله» وبتعاون وثيق مع "قوة القدس"، الذراع الدولية لـ "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني، تنفيذ أكثر من 20 عملية إرهابية خارجية، وذلك في الفترة بين أيار/مايو وتموز/يوليو 2012.
ولا يزال «حزب الله» واثقاً في أن الاتحاد الأوروبي بدعم من ألمانيا وفرنسا، لن يُقدم على تسمية الجماعة كمنظمة إرهابية. والأخطر من ذلك، هو هذا الشعور بالرضا الذي من شأنه أن يسمح للحزب بالتخطيط لهجمات مستقبلية. لقد حان الوقت الآن لاتخاذ إجراءات في هذا الشأن وعلى القيادة السياسية في الاتحاد الأوروبي أن تأخذ زمام المبادرة وتصنف «حزب الله» كمنظمة إرهابية.
ماغنوس نوريل هو باحث مشارك في معهد واشنطن.
0 comments: