ديفيد بولوك
نيويورك تايمز
16 نيسان/أبريل 2013
مع استمرار الحرب الأهلية في سوريا، ترتفع مخاطر انجرار إسرائيل إلى الأزمة.
في يوم الجمعة الماضي، ضربت قذائف أُطلقت مرة أخرى من سوريا، مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل، وردت عليها إسرائيل بالمثل. وهذه ليست المرة الأولى التي تتصاعد فيها وتيرة التوترات بين البلدين.
ففي 30 كانون الثاني/يناير، شنت إسرائيل هجوماً جوياً على قافلة أسلحة في سوريا، ذكرت التقارير أنها كانت متجهة إلى «حزب الله» في لبنان. وفي 6 آذار/مارس، خطف ثوار جهاديون 21 فيليبينياً من عناصر قوة حفظ السلام الدولية في مرتفعات الجولان. وهناك مخاطر حقيقية من أن يتحول الانتقام الإسرائيلي رداً على النيران العابرة للحدود إلى مصادمات كبرى، أو حتى تدخل إسرائيلي أكبر لإقامة منطقة عازلة في سوريا. وللحيلولة دون ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تتوسط في التوصل إلى اتفاق ضمني بين إسرائيل وعناصر معتدلة من المعارضة السورية.
ولا يوجد الكثير مما يجمع بين إسرائيل والمعارضة السورية، لكنهما يتشاركان في محاربة بعض الأعداء، وتحديداً «حزب الله» وإيران، اللذان يقاتلان بشراسة لإنقاذ حكومة بشار الأسد.
وهذا التلاقي في المصالح يوفر فرصة لأمريكا كي تبرم اتفاقاً بعيداً عن الأعين بين إسرائيل وقيادة المعارضة السورية: يجب على إسرائيل أن تتفق على الإحجام عن تسليح وكلائها داخل سوريا لحماية حدودها؛ ويجب على المعارضة السورية أن تعمل على إبعاد جماعات متطرفة مثل «حزب الله» و "جبهة النُصرة" وجماعات أخرى تدور في فلك تنظيم «القاعدة» عن الحدود الإسرائيلية. وهذا من شأنه أن يظهر النوايا الحسنة للمعارضة السورية تجاه أنصارها الغربيين المحتملين ويُثني إسرائيل عن التدخل أو تسليح حلفائها في سوريا.
إن جيش نظام الأسد، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة على الجبهات الأخرى، سحب مؤخراً العديد من قواته من على الحدود الإسرائيلية، تاركاً المجال مفتوحاً لجماعات متطرفة مثل"جبهة النُصرة".
وأدت الزيارة الأخيرة رفيعة المستوى التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون إلى خط الجبهة في مرتفعات الجولان إلى انتشار شائعات في سوريا بأن إسرائيل كانت تخطط لإنشاء جيش بالوكالة وتدعيمه بين السكان الدروز السوريين. وعلى الرغم من أن هذه الشائعات ربما يكون مبالغاً فيها، إلا أنه ليس هناك شك في أن إسرائيل تحاول زيادة اتصالاتها عبر هذه الحدود.
لكن إن حاولت إسرائيل إنشاء قوات بالوكالة في منطقة فاصلة على طول الحدود، فمن شبه المؤكد أن يترتب على ذلك نتائج عكسية. فتلك الخطوة سوف تحفز «حزب الله» وحلفائه وغيرهم من المتطرفين على الانضمام إلى الصراع. وهذا سيشبه إلى حد كبير ما حدث في لبنان، مع عواقب وخيمة على المدى الطويل، ابتداء من أواخر السبعينيات عندما غزت اسرائيل جنوب لبنان وأقامت "جيش لبنان الجنوبي" لحماية حدودها قبل أن تقوم بشن غزو ثاني أكبر في عام 1982. وكانت النتيجة إقامة «حزب الله»، بدعم إيراني، لـ "تحرير" جنوب لبنان -- وهو تهديد لا يزال قائماً حتى اليوم.
وعلى مدار الثمانية عشرة شهراً الماضية، سافرنا أنا وزملائي بشكل مكثف في المنطقة وأجرينا مقابلات مع مئات من قادة ونشطاء المعارضة السورية المسلحة وغير المسلحة. وقد أجرينا ثلاثة استطلاعات مثلنا فيها "مؤسسة پيختر لإستطلاعات الرأي" كشفت عن عداء شديد لكل من إيران و «حزب الله». وهذا الازدراء يعني أن المعارضة السورية يرجح أن ترغب في إبعاد قوات «حزب الله» عن أي أراضي خاضعة لسيطرة الثوار، وهو ما سيرضي إسرائيل.
وبالإضافة إلى اتفاق إسرائيل على عدم نشر وكلاء في سوريا، تستطيع المنظمات الخيرية اليهودية الأمريكية والدولية أن توافق على زيادة المساعدات الإنسانية التي تقدمها بالفعل لمدنيين سوريين على نطاق صغير. وهذه الجهود تجري في هدوء بشكل عام، وذلك خشية أن تؤدي الدعاية الزائدة إلى ردة فعل معاكسة في العلاقات العامة.
وإلى جانب الغذاء والمأوى، هناك تبرع طبي سيكون له تأثير رمزي كبير: الأتروبين، وهو ترياق ضد الأسلحة الكيميائية التي يؤمن كثيرون أن الأسد بدأ في استخدامها ضد شعبه. وهذا النوع من المساعدات سوف يدحض قطعاً نظرية المؤامرة الزائفة لكنها واسعة الانتشار في صفوف السوريين بأن إسرائيل، واللوبي الأسطوري الذي يعمل لصالحها، لا يزال يدعمان نظام الأسد سراً. وسوف يبدد ذلك حالة انعدام الثقة المتأصلة بين السوريين تجاه إسرائيل.
وأخيراً، تستطيع الولايات المتحدة أيضاً أن تحد من الاستخبارات الجوية التي لا تزال توفرها بشكل خاطئ للحكومة السورية بموجب اتفاقية من عام 1974 -- وهي معلومات يمكن أن يستخدمها الأسد لاستهداف جنود الثوار.
إن أي اتفاق يُبعد المعارضة عن الجهاديين ويحول دون التدخل الإسرائيلي على الأراضي السورية ويركز جميع الجهود كلية ضد الأسد ينبغي أن يحوز رضا قادة المعارضة السورية. كما أنه سيحقق أهدافاً عديدة دون أي تدخل أمريكي مباشر: إرساء الاستقرار على جبهة غير مستقرة بشكل متزايد والحيلولة دون اندلاع المزيد من الصراعات الإقليمية؛ المساعدة في تخفيف أزمة إنسانية؛ وتمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل بعد الأسد.
والمفتاح هو أن نفعل ذلك بسرعة قبل أن يشهد حد آخر من حدود سوريا مزيداً من التدهور بشكل خطير.
ديفيد بولوك هو زميل أقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
0 comments: