Wednesday, May 15, 2013


 الإعلام في إسرائيل 
 
الإعلام في إسرائيل                                        
الفلسطينيون العرب في إسرائيل هم أقلية أصلانية تشكل 18% من المجموع   الكلي للسكان. تدل الأبحاث ورصد وسائل الإعلام العبرية على أن تمثيل المواطنين العرب في التقارير الصحفية العبرية يصل الى 1% فقط، و80-90% من هذه التقارير تغطي العرب بصورة سلبية. تصل نسبة العرب الفلسطينيين في طواقم العمل في المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية بالكاد الى 0.03-1%. من ضمن ذلك، العرب الفلسطينيين مستثنين كليًا من الإشتراك في عملية وضع السياسيات الإعلامية، ويعتبر تمثيلهم في إدارة مؤسسات التنظيم الإعلامي الرسمية منقوص.
في هذا السياق، لا يمكن الفصل بين الإعلام الإسرائيلي الرسمي وغير الرسمي. ترسخت هذه الحالة ليس فقط عطفًا على الرقابة الحكومية فقط، وإنما بسبب قوة الأيديولوجية الإسرائيلية المهيمنة في وسائل الإعلام التي تسعى الى تعزيز البعد اليهودي للمجتمع الإسرائيلي ودعم الثقافة اليهودية وتوثيق العلاقات مع اليهود في الشتات، على حساب إستثناء، بل وفي بعض الأحيان إلغاء صوت المواطنين العرب تمامًا. بالإضافة الى ذلك، تتحكم الدولة بمفهوم وصورة "المجتمع المدني" لتفرض صورة "المجتمع المدني اليهودي".
عندما يظهر العرب في التقارير الإعلامية الإسرائيلية يظهرون كـ"خطر أمني" أو كـ"خطر ديموغرافي". تتجاهل هذه المفاهيم كليًا الرؤيا والخطاب السياسي والثقافي العربي، وتعيد تفسير هذه المصطلحات كـ"أعداء الدولة" من المنظور الأمني للمؤسسة الإسرائيلية. في الحالات النادرة التي يتداول فيها الخطاب الإعلامي موضوع العنصرية في منح الحقوق للمواطنين العرب في إسرائيل، يقتصر الحديث حول موضوع رفع الميزانيات هنا أو هناك، ولا يتوسع حول موضوع الإنخراط الجدي للعرب في الحيز المدني والسياسي كمواطنين متساوين، أو كمجموعة قومية شرعية ذات حقوق ديموقراطية والقوة لإقرار مصير المجتمع.
في واقع يكون فيه فصل وجودي تام بين المواطنين العرب واليهود، يلعب الإعلام دورا حاسما ومهما في صقل الرأي العام الإسرائيلي، خصوصا أنه في الكثير من الأحيان يكون الإعلام الإسرائيلي المصدر الوحيد بالنسبة لليهود لمعلومات عن المواطنين العرب. حتى في "المدن المختلطة"، هناك في معظم الأحيان فصل بين الأحياء العربية واليهودية، ويظهر التباين في توزيع الميزانيات بشكل ملحوظ. 
تكاد العلاقات اليومية المبنية على التساوي بين الطرفين أن تكون نادرة، خصوصا أنه يندر وجود العرب في أماكن العمل التي تناشد العمل التعاوني وغير الإستغلالي، مثالاً على ذلك الجامعات أو مناصب اتخاذ القرارات في المؤسسات الحكومية أو مؤسسات أخرى.
يعجز الإعلام العبري بشكل دائم أن يغتنم الفرصة للنهوض بمسؤوليته في نشر معلومات متوازنة ودقيقة ودعم قيم الديموقراطية والمجتمع الأهلي التعددي. يرتكز عمل مشروع "الحقوق الإعلامية" الذي تنفذه مؤسسة "إعلام" على تصحيح هذه الإختلالات في التوازن عن طريق المرافعة والتوعية والتحشيد أمام المؤسسات الحكومية والخاصة.

الإعلام العربي المحلي
فيما يتعلق بالإعلام العربي المحلي، لا تختلف طريقة تعامل النظام السياسي والإقتصادي الإسرائيلي في نزع الشرعية عن المواطنين العرب، وتستمر الدولة في التمييز ضد العرب حتى في المشهد المحلي. تبين الدلالات التالية التحديات التي نواجهها بالتفصيل:
أسس إقتصادية ضعيفة وضغوطات إقتصادية: نصف العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر، حيث يصل معدل متوسط الدخل بين الفقراء الى 33.3% تحت خط الفقر، وتعتبر نسبة الأطفال الفقراء في إسرائيل الأعلى من بين ما يسمى بـ"الدول المتقدمة"، وفي نفس الوقت يعيش 60% من الأطفال العرب في إسرائيل تحت خط الفقر. لا توجد شركات كبيرة بملكية عربية والتي بإمكانها الاستثمار في الإعلام العربي، وهناك فقط صحيفتين يوميتين في الصحافة العربية، وإثنتاهما مثقلات بالأعباء المالية والتمويلية، إلى جانب عشرات الصحف الأسبوعية المحلية والقطرية، ومواقع إنترنت إخبارية قليلة.
تميل الشركات الإسرائيلية الى تخصيص 1-1.5% فقط من ميزانية الحملات الدعائية لجمهور الهدف العربي. بخلاف الإعلام العبري، يعتمد الإعلام العربي بشكل كبير على إعلانات "اللابام"؛ وهو جهاز الإعلانات الحكومي. تؤدي هذه التبعية إلى فرض القيود على سياسات التحرير وتضعضع الاستقلالية الإعلامية، كما تؤثر سلبيا على حرية التعبيرعن الرأي والتعبير الحقيقي عن الطموحات السياسية والإجتماعية للمجتمع العربي.
قيود قانونية وسياسية: بعكس الإعلام المكتوب، تحتاج جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة إلى تصريح قانوني للعمل يكون على شكل "رخصة عمل". أُعلنت السلطات الإسرائيلية منذ عام 2003 عن مناقصة واحدة فقط لقناة راديو تجارية تبث برامج باللغة العربية وموجهة للمجتمع العربي. نجح "راديو الشمس" في الحصول على رخصة البث في هذه المناقصة في شهر تموز 2003، ويعتبر "راديو الشمس" قناة الراديو الوحيدة في البلاد بملكية عربية، وتبث في نطاق محلي وليس قطري.
من جهة أخرى، هناك خمس قنوات راديو بملكية يهودية تبث في نطاق قطري والعشرات من القنوات التي تبث في نطاق محلي. من هذه القنوات، فقط قناة واحدة- الإذاعة العامة "د" أو "صوت إسرائيل"- تبث برامج باللغة العربية، وهدفها المعلن هو ترويج إسرائيل بأعين العرب، محليا وإقليميا، مما يتناقض في أغلب الأحيان مع احتياجات المواطنين العرب المحليين.
أما بالنسبة للقنوات التلفزيونية العربية، فلا توجد في إسرائيل أي قناة تلفزيونية تبث باللغة العربية أو ذات ملكية عربية.
الرقابة، الضغوط السياسية والعنصرية: عادة ما يكون الصحافيين العرب والإعلام العربي هدفا لقيود توضع عليهم للحد من حقهم في التعبير عن الرأي. كشف ووثّق مركز "إعلام" العشرات من الحالات التي تم فيها انتهاك حقوق الصحافيين العرب والإعلام العربي، يشمل هذا: تقديم لوائح اتهام، إغلاق صحف، تحقيقات طويلة، اعتقالات ومماطلة، الحد من حرية الحركة، الإهانات والتفتيش غير الضروري، الاعتداء الجسدي، إلغاء وعدم تجديد التصريحات على أشكالها، الرقابة، والتحريض الذي يصل حتى منصة الكنيست (البرلمان).
مثالا واضحا على ذلك هو الإجراءات القانونية التي مورست ضد محرر وصحفي في صحيفة "صوت الحق والحرية" والذي قُدمت ضده لائحة اتهام بشبهة "التحريض على العنف أو الإرهاب"، حسب التصحيح 144د2 للجزء 1977-5737 من قانون العقوبات. صار هذا التصحيح قانونا أياما قليلة فقط قبل تطبيقه ضد هذا المحرر وتقديم لائحة الاتهام ضده، والتي تتعلق بتفسير لآية قرآنية في مقال نشر في تاريخ 07.06.2002، بالرغم من أنه خضع هذا المقال إلى معاينة الرقيب الإسرائيلي قبل نشره في الصحيفة في التاريخ المذكور وتمت الصادقة عليه.
نقص في الفرص التعليمية وفي التدريب العملي: غالبية الصحفيين العرب لا يكملون تعليمهم الأكاديمي، وفقط نسبة ضئيلة جدًا من الطلاب الجامعيين العرب يختارون إكمال تعليمهم العالي في مجال الإعلام والصحافة. لا توجد أي مؤسسات تدريبية إعلامية تقدم خدماتها في اللغة العربية، ولا تتوفر تقريبا أي مواد تعليمية في هذه اللغة أيضًا. تهدف البرامج التدريبية والمواد المرجعية التي تقدمها الجامعات الإسرائيلية والمؤسسات الأكاديمية الأخرى إلى تطوير المشهد الإعلامي العبري ومصمَّمة لخدمة المجتمع اليهودي حيث تأخذ بعين الاعتبار ثقافتهم المميزة وهويتهم واحتياجاتهم، بينما تهمل المشهد الإعلامي العربي والمجتمع العربي واحتياجاته ككل. هذا يعني أنه تتوفر لدى الطالب الأكاديمي العربي فرصا محدودة جدًا لكسب الخبرة العملية والمهارات في الصحافة العربية المرئية والمسموعة والمكتوبة.
مهنية بمستوى منخفض: يتميز الإعلام العربي بسبب الحالة الاقتصادية- بشكل جزئي- إلى أن يكون 1) ذا طواقم صغيرة تفتقر إلى التخصص، حيث يجد الصحفيين أنفسهم في أغلب الأحيان يحررون مواد سياسية تارة، ويكتبون مواد للقسم الترفيهي من الصحيفة تارة أخرى، مما يترك لهم القليل من الوقت لتحضير وكتابة تقارير استقصائية. 2) عدم اكتراث أصحاب وسائل الإعلام بتنمية قدرات الطواقم الصحفية، وميولهم غالبا لتشغيل الصحفيين ذوي الأجور المنخفضة بدلاً من الصحفيين المهنيين.
نقصان في التنظيم والتمثيل والوعي: لا يوجد أي اتحاد مهني يمثل ويدافع عن حقوق الصحفيين العرب. بناء على ذلك، لا يملك الصحفيون العرب معرفة حقيقية ولا يعون حقوقهم في الاتصال وفي مزاولة المهنة. يمتنع الصحفيون وأحيانا المحررون عن طلب الاستشارة والمساعدة القانونية عندما يواجهون ضغوطا اقتصادية أو سياسية أو خطر الإغلاق أو عندما يُمنعون عن مزاولة عملهم. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب شح فرص العمل للصحفيين العرب، يقبل هؤلاء الصحفيون العمل تحت ظروف ومرتبات سيئة وأقل من المطلوب، وأحيانا يُضعفون فرص زملائهم خلال المنافسة على العمل.
بالرغم من المعيقات هذه والتقصير،لا تزال المؤسسات الإعلامية الصحفية العربية، لا سيما الصحف، وسيلة مهمة للحصول على المعلومات بالنسبة للعرب في إسرائيل لأنها تمثل إحدى الآليات المعلوماتية الوحيدة التي تبحث الواقع الفريد من نوعه للمجتمع العربي في إسرائيل بشكل مباشر.
نادرا ما تغطي القنوات التلفزيونية الفضائية العربية أو الصحف العبرية أو قنوات التلفزيون والراديو الإسرائيلية مواضيع تتعلق بالعرب في إسرائيل، كما أنها لا تعتبرهم مجموعة هدف أو جمهور، بينما يقدم الإعلام العربي تحليلات لمواضيع سياسية محلية، وغالبا ما تكون شريكة في تصميم الرأي العام العربي في إسرائيل، وفي وضع الأجندة الشعبية والسياسية لهذه الأقلية الأصلانية. لهذه الأسباب وغيرها، من المهم تمكين الصحفيين العرب والمؤسسات الإعلامية المحلية وتقديم المساعدة وتوفير الاستشارة القانونية لهم، وتوفير برامج بناء القدرات والدورات التدريبية وورش العمل التي تعلم أسس الحقوق الصحفية، وتقديم مبادرات أخرى من هذا القبيل.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: