هل تحمي إجراءات "حزب الله" الإحترازية "بيئته الحاضنة"؟
الجمعة 07 حزيران 2013،
أجّجت معركة "القصير"، ونتائجها، التوتّر القائم في لبنان أكثر فأكثر، الأمر الذي دفع "حزب الله" إلى إتخاذ إجراءات وتدابير إحترازية في المناطق التي تُعتبر "بيئة حاضنة" له، في محاولة لقطع الطريق على أيّ فريق، خاصة على فصائل المعارضة السورية المسلّحة، لتنفيذ التهديدات التي أطلقتها ضد "الحزب". فما هي هذه الخطوات المتخذة، وهل ستؤمّن الأمان المستهدف؟
بالنسبة إلى التدابير والإجراءات الميدانية المتخذة، فهي شملت إقامة مجموعة من نقاط المراقبة على الطرق المؤدّية إلى أحياء الضاحية، وإلى مدن وبلدات كثيفة عدد السكان في كل من الجنوب والبقاع. وتولّت مجموعات أخرى تحديد أماكن تواجد اللاجئين السوريين وتفتيش بعضها، والدخول إلى تجمّعات يقيم فيها عمّال سوريّون. كما جرى تمشيط بعض التلال الميحطة بالضاحية التي يمكن إطلاق صواريخ منها، وإستحداث نقاط مراقبة في هضاب تطلّ على قرى وبلدات منطقتي الهرمل وبعلبك بشكل خاص، لكشف أيّ مجموعات قتالية تحاول التسلّل أو القيام بعمليّات أمنيّة إنطلاقاً من الجرود الوعرة والنائية في المنطقة. وليس سرّاً أنه فجر يوم الأحد الماضي دارت مواجهة عنيفة في وادي نحلة شرقي بعلبك بين مجموعة مسلّحة ووحدة قتالية من "الحزب" إعترضتها لإفشال ما قيل إنّه إستعداد لتوجيه صواريخ إلى بعلبك. إلى ذلك، عمل "الحزب" على ضبط تصرّفات بعض أنصاره العنصريّة والغرائزيّة، ضدّ اللاجئين والعمّال السوريّين، في المناطق التي يفرض نفوذه فيها، بعد ورود تقارير عن إشكالات بحجّة تأييد هؤلاء للمعارضة، على غرار تلك التي وقعت ضدّ السوريّين خارج مناطق تواجد "الحزب" في أولى مراحل "ثورة الأرز"، بحجّة تأييد المُستَهدفين آنذاك للنظام! واللافت أنّه في ظلّ الفلتان الأمني والإشتباكات المسلّحة في أكثر من مكان في لبنان، وخاصة في طرابلس وكذلك في صيدا أخيراً، صارت رؤية مظاهر مسلّحة من قبل مقاتلي "الحزب" أمراً غير مستغرب في مناطق نفوذه، في ظلّ تقارير عن إستدعاء وحدات الإحتياط فيه لتعويض النقص الناجم من إرسال مجموعات قتالية كاملة إلى سوريا.
وبالنسبة إلى ما إذا كانت كل هذه التدابير والإجراءات الميدانية المُتخذة، ستساهم في تخفيف حجم المخاطر الأمنيّة، فالجواب هو بالتأكيد نعم، لكن ليس بشكل كامل ومضمون! والخوف الأكبر هو من حصول عمليّات تفجير أكثر منه عمليّات إطلاق صواريخ. ولعلّ العراق هو من أبرز الأمثلة الحديثة التي تثير القدر الأكبر من المخاوف. فمن كانوا يُصنّفون في خانة "الجهاديّين" و"الإستشهاديّين" الأبطال عند تنفيذهم الهجمات التفجيريّة القاتلة ضد مراكز ومواكب الجيش الأميركي في العراق، سرعان ما تحوّلوا إلى "إنتحاريّين تكفيريّين" عندما بدأوا بتوجيه عمليّات التفجير هذه إلى الحسينيّات وإلى المواكب الكربلائية، من ضمن غيرها من الأهداف. واليوم، لا شيء يمنع أنّ يُنفّذ مقاتلو المعارضة السوريّة المسلّحة الذين وصفهم الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، بالتكفيريّين، ضربات مماثلة في لبنان، في حال تمكّنهم من تجاوز الإجراءات الأمنيّة المتخذة، إن من قبل القوى الرسميّة اللبنانية أو من قبل القوى المحلّية على الأرض. وفي ما خصّ إحتمال وقوع مواجهات مسلّحة بين مقاتلي "حزب الله" ومؤيّدي المعارضة السورية من بين اللاجئين، فإنّ هذا الأمر محصور في عدد من المناطق المحدودة جداً، باعتبار أنّ لا مجال لهذا النوع من المواجهات في أغلبيّة أماكن تواجد "الحزب" وأنصاره، بسبب إنعدام توازن القوى وميلها بشكل واضح في غير صالح المعارضين السوريّين. وعلى الرغم من وجود تقارير إستخباريّة تتحدّث عن توزّع "خلايا" لهؤلاء في أكثر من منطقة لبنانية، إلا أنّ تفكّكها بعضها عن بعض وعملها بشكل مستقل وغير منسّق، إضافة إلى عدم القدرة على تأمين الدعم اللوجستي لها من سلاح وعتاد، يجعلها عاجزة عن القيام بأيّ مواجهة عسكرية مباشرة، لكن من دون إسقاط قدرتها على تنفيذ ضربات أمنيّة موجعة على غرار زرع العبوات والمتفجّرات، في حال إتخاذ قرار بذلك من قبل الجهات التي تموّلها وتوجّهها.
وفي الختام، الأكيد أنّ الوضع الأمني في لبنان بات مهزوزاً بشكل خطير، على الرغم من الجهود الكبيرة والمضنية التي يبذلها الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة الرسميّة لضبط الوضع. وتبدو أكثر من منطقة، خاصة تلك التي تتضمّن مخيّمات فلسطينيّة، وخلايا للقوى السلفيّة والإسلاميّة المتشدّدة، وتجمّعات كبيرة للاجئين السوريّين أيضاً، عبارة عن "براميل بارود"، قد تنفجر في أيّ وقت، في ظلّ الإحتقان السياسي والمذهبي السائد، والذي تأجّج بعد تمكّن "حزب الله" من كسر توازنات كانت قائمة في سوريا، والإحتفال العلني بذلك بالرصاص والحلوى، بشكل يجعل إحتمال الإنتقام من قبل القوى المتضرّرة هدفاً أكيداً، عاجلاً أم آجلاً!
0 comments: