Tuesday, June 18, 2013



معاريف - مقال - 17/6/2013

العرب نسوا اسرائيل

بقلم: عمير ربابورت

تمسك التطورات في الشرق الاوسط قادة جهاز الامن الاسرائيلي وهم في باريس، في الصالون الجوي الذي يفتتح اليوم. وهذه ايام دراماتيكية من ناحية أصحاب القرار وقاسية على نحو خاص بالنسبة لمحافل التقدير المهنية: فلم يتوقع اي جسم استخباري في الغرب، ولا شعبة الاستخبارات العسكرية خاصتنا، الانتصار الجارف للرئيس الايراني التالي، حسن روحاني، الذي يعتبر "معتدلا"، من الجولة الاولى من الانتخابات. واذا لم يكن هذا بكاف، مشكوك أن يكون هناك اي عبقري بحث كان يمكنه أن يتوقع القنبلة التي القاها الرئيس المصري حين طرد من بلاده السفير السوري. كل يوم والانباء التي يأتي بها – ليست جميعها سيئة من ناحية اسرائيل.

كلما تبدد الدخان يتبين أن الامور تتدبر الى هذا الحد أو ذاك حسب المبنى التالي: الحرب الكبرى هي بين محور شيعي بدعم روسيا، وبين المحور السني الذي يفترض أن تقف خلفه الولايات المتحدة. امريكا الكبرى غارقة في غير قليل من المشاكل الداخلية، ولكنها توجد ايضا في ذروة تقويم عميق للوضع بالنسبة لما يجري في الشرق الاوسط، ولا سيما في سوريا. وزير الدفاع موشيه يعلون وصل الى باريس مباشرة من واشنطن، حيث نقل الى وزير الدفاع الامريكي الفهم الاسرائيلي لما يجري في المنطقة. ولكن حتى قبل زيارة يعلون أطلق الامريكيون تصريحا جاء فيه أن بشار الاسد استخدم سلاحا كيميائيا ضد الثوار على حكمه (نحو شهرين بعد أن فاجأ رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات، العميد ايتان برون حين قال بالضبط هذه الامور). 

ومثلما تبدو الامور الان، فان الامريكيين يوشكون على تغيير سياستهم والوقوف بشكل أكثر قطعا مما كان حتى الان خلف المحور السني، الذي يضم الثوار في سوريا، تركيا ومصر، السعودية ودول الخليج الاخرى، وكذا حماس في قطاع غزة (حين لا تكون نار من القطاع حماس تنسى، ولكن حاليا فقط). ولكن هذا الدعم هو مثابة اقل مما ينبغي ومتأخر اكثر مما ينبغي. الطامة الكبرى هي انه من ناحية معظم المحافل في المنطقة تعتبر الولايات المتحدة اليوم من تجر اقدامها وتفعل كل شيء كي لا تدخل من جديد الى المستنقع الشرق اوسطي، حتى في الفترة القريبة القادمة ايضا في أعقاب تقويم الوضع في واشنطن، سيصعد الامريكيون قليلا وتيرة نقل السلاح الى الثوار في سوريا. في السطر الاخير، الزخم اليوم يوجد في الطرف الشيعي الذي في مركزه ايران، الاسد وحزب الله، وبدعم قوي جدا من روسيا. 

الرئيس المصري محمد مرسي انحاز أمس الى طرف ما بشكل واضح، مع المعسكر السني. الحرب الشيعية – السنية لم تصل الى مصر ولكنها تجري ايضا على أرض لبنان وفي مناطق اخرى في الشرق الاوسط. ليس فقط في سوريا. 

مشكلة اخرى لامريكا هي أن الطرف السني ليس من مادة واحدة. يمكن أن نرى الحرب الاهلية المضرجة بالدماء في سوريا كحالة تمثل ما يجري في المنطقة بأسرها: من جهة الصراع بين الكتلتين الامريكية والاوروبية الغربية وبين روسيا، ومن الجهة الاخرى الحرب الدينية. مقابل الشيعة الموحدين جدا، 70 في المائة من الثوار السنة في سوريا يعتبرون علمانيين أو سلفيين، 20 في المائة منهم ينتمون الى الاخوان المسلمين و 10 في المائة مخلصون لايديولوجيا القاعدة. 

الحرب الكبرى في العالم الاسلامي تصرف الانتباه العالمي عن المشكلة الاسرائيلية – الفلسطينية التي تصبح هامشية. لمبادرة كيري لحل النزاع لا يوجد اي احتمال بالنجاح في مثل هذا الواقع. فهل هذا جيد أم سيء لاسرائيل؟ هذا منوط بعيني الناظر.



















هآرتس – افتتاحية - 17/6/2013

لنعطي فرصة لروحاني

بقلم: أسرة التحرير

محق رئيس الوزراء حين يقترح على الدول الغربية وعلى نفسه عدم الوقوع في الاماني بعد انتخاب الرئيس الايراني حسن روحاني. كما أن هذه هي النصيحة التي يعطيها الاصلاحيون في ايران ممن تسببوا لهذا الانتخاب الى أنفسهم. ليس فقط لان مبنى النظام في ايران والمرجعية العليا لعلي خمينئي يقرران أكثر بكثير من الرئيس خطى ايران في الموضوع النووي. فتطوير التكنولوجيا النووية هو عنصر من شخصية المكانة والفخار الوطني لايران وهو يتجاوز التيارات والحركات. 

ولكن انتخاب روحاني كفيل بان يغير طبيعة الخطاب الايراني مع الغرب، وهو يدل على قوة الجمهور الذي مل الازمة الاقتصادية، تطرف محمود احمدي نجاد والتيار الذي يمثله وقمع حقوق الانسان. هذه الانعطافة، التي سبق لايران أن رأت مثلها قبل 16 سنة حين انتخب الرئيس محمد خاتمي، تعتمد على الجيل الشاب الذي ولد معظمه داخل الثورة الاسلامية وهو آخذ في الابتعاد عن الدين وعن الحماسة الايديولوجية ويطلب لنفسه مستقبلا مزدهرا في بلاده. هذه التطلعات، الى جانب الازمة الشديدة التي فرضتها على ايران العقوبات الاقتصادية، أحدثت التحول السياسي، الذي لا يخفى ايضا عن ناظر الزعيم الاعلى.

ان وجود النظام، المنوط بقدرة الرئيس الجديد والحكومة التي سيعينها على ازالة العقوبات عن ايران، لا ينقطع عن البرنامج النووي. ولكن اذا كانت الدبلوماسية الغربية اصطدمت حتى الان بسور منيع وخطاب كفاحي ومهدد، جعل ايران خطرا ملموسا، يحتمل أن يكون الان للدبلوماسية امل أكبر. لروحاني، الذي وصف انتصاره بانه انتصار الاعتدال على التطرف، والذي كان أيد في الماضي وفي حملة الانتخابات الحالية قيام حوار مباشر مع الولايات المتحدة، وسيكون مطالبا من ناخبيه الكثيرين بتسديد تعهده باعادة بناء سريع للاقتصاد، نية جدية في تسوية الازمة. خصومه كثيرون وأقوياء وسيرغبون في افشاله. 

الاشتباه وعدم الثقة في نوايا ايران هما وليد تجربة طويلة ومريرة، ولكن لا يجب القول منذ الان بان وجه السياسة الايرانية لن يتغير. وفضلا عن ذلك، فان خلق الثقة يستوجب من الطرفين، ايران والدول الغربية، بذل جهد دبلوماسي والاظهار بالافعال لواجب الثقة، وفي هذا سيختبران.

الشعب الايراني ليس عدوا لاسرائيل او للغرب. وناخبو روحاني، الذين اظهروا قوتهم السياسية يستحقون الائتمان. اسرائيل غير مطالبة بالتراخي امام التهديد، ولكن محظور عليها أن تخرب على الفرصة للدبلوماسية.





















يديعوت – مقال افتتاحي – 17/6/2013

قوة ارادة الشعب

بقلم: افرايم هليفي

قبل أن يسارع المحللون على اختلاف آرائهم الى تبيان ما ينتظرنا بعقب الانتخابات في ايران، من المناسب أن نذكر ان الجميع على السواء اخطأوا في تقدير النتائج المتوقعة. وهم يستطيعون ان يعزوا أنفسهم بأنهم ليسوا هم وحدهم الذين اخطأوا. حتى لقد اخطأ زعيم ايران القادر على كل شيء خامنئي بجلالة قدره وبنفسه. فقد فضل بخلاف جميع المحللين مرشحا آخر هو سعيد جليلي ومن المؤكد انه عمل بجد كي يضمن فوزه. بيد أن خامنئي لم يخطيء التقدير فقط بل الفعل ايضا. وكان هذا فشله الأكبر في كل مدة حكمه الى الآن.

إن قول المحللين إنه لا معنى لانتخاب الرئيس الجديد فيما يتعلق بسياسة ايران الامنية والخارجية وأنها تخضع فقط للزعيم الأعلى، مشكوك فيه ومُحتاج الى برهان عليه لأنه لم يعد يوجد في ايران منذ الآن زعيم قادر على كل شيء تُسير الامور على هواه.

قدّم على ذلك شهادة تثير الاهتمام الرئيس السابق رفسنجاني في حديث الى طلاب جامعات نشر قبل الانتخابات. فقد قال إنه استقر رأيه على عرض ترشحه دون ان يشاور الزعيم الأعلى ويحصل على موافقته. وقال إن حيدر مصلحي رئيس وزارة الاستخبارات الايرانية مثَل أمام مجلس حراس الدستور وألح عليه ألا يوافق على الترشيح متعللا بوضع المرشح الصحي الضعيف. وحينما لم يُجب الى ذلك، كشف مصلحي عن مخاوفه أمام المجلس بقوله إن رفسنجاني قد يجمع 70 في المائة من الاصوات و"يهدم ما بنينا في السنوات الثماني الأخيرة". وأضاف أنهم اذا مكّنوا المرشح من المنافسة وخسر "لغير قوة صندوق الاقتراع" (أي بسبب تزوير النتائج) فسينشأ خطر أمني وربما أشار اشارة خفية الى أن تزوير الانتخابات هذه المرة ليس خيارا.

تمت معركة الانتخابات في ظل الوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءا في الدولة. وقد أكد الرئيس المنتخب حسن روحاني طموحه الى بدء حوار مع العالم لتسهيل حياة مواطني بلده. وتقول جميع الدلائل إن روحاني فاز بقدر كبير بسبب ارادة الشعب لزعيم يجعل التفضيل الأعلى لازالة العقوبات. فقد تبين اذا ان التصور الراسخ في اسرائيل الذي يرى أنه لا فائدة من العقوبات يحتاج الى فحص جديد.

لم يكد يُذكر اسم اسرائيل في المعركة الانتخابية. وقد أشار روحاني اشارة خفية الى الحاجة الى الفحص من جديد عن سياسة خارجية مغامرة – وهذه اشارة واضحة الى الورطة الايرانية في سوريا. من السابق لأوانه ان نقول ما هو المعنى العملي لانتخابه فيما يتعلق بسوريا. يبدو أن للرئيس الجديد ما يقوله في الشؤون الخارجية وعنده ما يقوله ايضا في الشأن الذري الذي كان مسؤولا في الماضي غير البعيد عن مفاوضة الغرب فيه. إن لهذا الجانب أهمية كبيرة لأنه في اللحظة التي تصدعت فيها صورة الزعيم الأعلى القادر على كل شيء في شأن مصيري جدا ومهم كانتخاب الرئيس فلا مكان لأن نقول بصورة قاطعة إنه بقي وحده من يقرر في كل شأن آخر.

سارع الرئيس اوباما الى ان يعرض على ايران حوارا مباشرا وفورا وكأنه استجاب لطموح روحاني. ويعلم الزعيم الايراني ما الذي تطلبه الولايات المتحدة في مقابل ازالة العقوبات. إن سبيل تصريفه للتناقض بين طموحه الى الحفاظ على القدرة الذرية وبين رغبته في تحسين كبير لعلاقاته بالدول الغربية سيشغله جدا في الفترة القريبة.

في الاسابيع القريبة ستصوغ جهات القوة في ايران دروسها واستنتاجاتها العملية في مواضيع شتى. وستفحص ايضا عن حدود قوتها في الساحة الداخلية وفي الصعيد الخارجي ايضا. إن حرس الثورة والجماعة الدينية الحاكمة والشباب والنساء – كلهم سيدرسون الوضع الجديد ويستنتجون استنتاجات. أفليس من الضروري ايضا أن نضبط نحن ايضا أنفسنا ونصرف جهودا للفحص عن الوضع الجديد فحصا عميقا ونكف أنفسنا عن اصدار ردود انعكاسية تبث الرعب؟ يُفضل في هذا الوضع وجود ورقة رسائل نظيفة توزع على المتحدثين والمحللين التابعين لجهات ما وقد يكون الامر الطاريء المُلح هو "مهلا، إننا نفكر".
























هآرتس - مقال - 17/6/2013

متأخر، قليل وخطير

بقلم: تسفي بارئيل

أي سلاح سيصل الى الثوار وبالاساس متى، هذا سؤال يقلق الان القيادة العسكرية للثوار في سوريا، بعد أن سمعوا عن نية الرئيس اوباما "توسيع المساعدة العسكرية من حيث الحجم والنوعية". ومع ان القرار الامريكي جاء بعد جلوس طويل جدا على الجدار واحتاج الى حملة اعداد في شكل التقارير عن "نحو 100 – 150 قتيلا بالسلاح الكيميائي" لتثبيت شرعيته، الا أن اهميته السياسية حاسمة. فلاول مرة تبدي الولايات المتحدة استعدادا للاصطدام بالموقف الروسي وتكون متدخلة مباشرة في المعركة في سوريا حتى دون موافقة دولية في اطار الامم المتحدة. كما أن هذا موقف اعلاني هام يفيد بان الادارة الامريكية حسمت باتجاه اسقاط نظام الاسد وعدم الانتظار حتى مؤتمر جنيف لاعادة النظر في فرص المفاوضات السياسية، وان كان الامر لم يعلن بعد صراحة.

ولكن من حيث الثوار فان المسألة العملية هي الملحة. فحسب التسريبات من البيت الابيض لا تنوي الادارة ارسال سلاح ثقيل او صواريخ مضادة للدبابات، حيوية جدا لضرب طائرات الاسد، وانه في هذه المرحلة سيرسل سلاح خفيف، ذخيرة وصواريخ مضادة للدبابات. هذا النوع من السلاح لن يكون فيه ما يحسم المعركة وفي اقصى الاحوال سيمنح الثوار امكانية أفضل للدفاع عن أنفسهم. وأمل الثوار في أن توسع الادارة قرارها بحيث تشق الطريق لتدخل سلاح الجو الامريكي وربما الاتحاد الاوروبي. غير أن مثل هذه الخطوة تستوجب اتفاقا دوليا في الامم المتحدة، حاليا لا احتمال له في ضوء مواقف روسيا والصين. وقد حذرت روسيا الولايات المتحدة منذ الان من ارتكاب الخطأ الذي فعلته في العراق، ولكن هذا تحذير زائد. فلا تزال الادارة الامريكية غير مستعدة لان تقاتل بنفسها كي تدافع عن المواطنين السوريين أو لاقامة نظام حظر طيران قد يجعلها تصطدم بالطائرات السورية وربما الروسية. 

قوات الاسد التي تستعد لاحتلال مدينة حلب، بعد الانتصار في مدينة القصير يمكنها في هذه الاثناء مواصلة الهجوم من الجو دون تهديد خارجي أو داخلي. وتركيز الجهد العسكري على حلب والمعركة على المدينة الثانية في حجمها في الدولة لا يشبه المعركة على القصير. هنا ستكون حاجة الى معركة مزدوجة وطويلة من القصف المكثف والقتال الطويل في المنطقة المبنية؛ ولكن اذا نجح الجيش السوري في أن يستعيد سيطرته على المدينة، فان هذه ستكون الهزيمة الاستراتيجية للثوار والتي بعدها قد تتفكك الثورة لتصبح سلسلة من حروب العصابات المحلية، التي ستجبي ثمنا دمويا هائلا يغطي على المعطى الباعث على الصدمة والتي يقول ان نحو مائة الف شخص قتلوا حتى الان في الحرب.

هذا السيناريو ليس غريبا على الدول الغربية، التي بعضها، ولا سيما بريطانيا وفرنسا، طالبت منذ بضعة اشهر بارسال سلاح للثوار ولكنها لاقت كتفا امريكية باردة. يبدو أن الان، بعد القرار الامريكي بارسال السلاح الى الثوار، ستكون واشنطن مطالبة بقررار ذي مغزى أكبر يقرر اذا كانت الجيوش الغربية ستنفذ مرة اخرى "مناورة ليبيا" والتي هاجمت فيها قوات الناتو الجيش الليبي وقصر القذافي أم أنها ستترك سوريا تنزف حتى الموت. مثل هذا القرار يستوجب الاخذ بالحسبان الاثار في المنطقة وليس فقط رد فعل روسيا. فالغرب، الذي ينتظر آثار الانتخابات في ايران ويأمل باستئناف المفاوضات مع النظام الجديد في أجواء اخرى، سيتعين عليه ربما ايضا أن يحسم اذا كان يفضل ايران غير نووية مع سوريا الاسد، على حكم الثوار ذي الطبيعة غير المعروفة الى جانب ايران كفاحية. 









معاريف - مقال - 17/6/2013

الحرب في سوريا والشرخ التاريخي في العالم العربي

بقلم: أساف جبور

في شباط الماضي وصل الرئيس الايراني المنصرف، محمود أحمدي نجاد، في زيارة تاريخية الى القاهرة. واقترح على مضيفه، محمد مرسي، التعاون في مواضيع عديدة – بما في ذلك في المجال النووي. في مقابلة تلفزيونية قال احمدي نجاد ان "العلاقات بين القاهرة وطهران توجد في اتجاه التحسن". ولكن وفي اثناء زيارته الى مصر طفى على السطح التوتر التاريخي بين السنة والشيعة، والرئيس الايراني غادر القاهرة باحساس من خيبة الامل. وفي الاشهر التي مرت منذئذ عمقت ايران تدخلها في الحرب الاهلية في سوريا، والتوتر الذي ظهر في مصر اصبح شرخا يقسم العالم العربي والاسلامي بين الشيعة الذين يؤيدون نظام بشار الاسد، وبين السنة، الذين يؤيدون الثوار. 

لاول مرة منذ حرب الخليج في 1990، تنقسم الدول العربية الان الى كتلتين. في دور صدام حسين يقف بشار الاسد، الذي لا يزال ينتظر نهاية افض من نهاية الطاغية العراقي. وفضلا عن الشرخ التاريخي في العالم العربي، أعاد الصراع الدامي في سوريا الى الحياة الحرب الباردة: الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يقف بتصميم خلف الاسد، ويجر رغما عنه نظيره الامريكي، براك اوباما للوقوف في رأس المعسكر المؤيد للثوار. 

فضلا عن الدافع الديني للاخوان المسلمين برئاسة مرسي، فان التعلق بالامريكيين دفع المصريين الى أن يقطعوا هذا الاسبوع العلاقات مع نظام الاسد والوقوف بشكل لا لبس فيه خلف الثوار. فمصر متعلقة بالمال الامريكي، بالمساعدة العسكرية الامريكية وبالسفن التي ترسو في الاسكندرية وتزود بالغذاء بعشرات الملايين المصريين الجوعى. وقطع العلاقات مع سوريا فاقم فقط، على اي حال، الصدع القائم بين القاهرة وطهران. 

تطلعات أردوغان

الاردن، الذي تتدفق الى أراضيه جموع اللاجئين السوريين، يستضيف هذه الايام مناورة كبرى للجيش الامريكي، الذي نصب في اراضيه بطاريات صواريخ باتريوت وطائرات اف 16، كفيلة بان تسهل على الولايات المتحدة اذا ما وعندما تقرر فرض حظر جوي في سماء سوريا. ولكن الملك عبدالله حرص على الاعلان بان المناورة غير موجهة ضد سوريا، وفي هذه الاثناء يمتنع عن الوقوف بشكل معلن ومطلق ضد الاسد، رغم ان في اراضي دولته يدرب الامريكيون الاف الثوار السوريين. ومقابل ذلك، يتوقع عبدالله رعاية امنية امريكية في وجه سوريا أو كل تهديد آخر على مملكته. 

ولكن المقاتلين، التموين والذخيرة للثوار يتدفقون الى داخل سوريا ليس فقط من الجنوب بل وايضا من الحدود الشمالية مع تركيا. اردوغان، الذي قبل أن يجد نفسه منشغلا بموجب الاضطرابات التي اجتاحت بلاده طور تطلعات لان يصبح زعيما اقليميا واسلاميا على نمط الامبراطورية العثمانية، يساعد الثوار. ومع أنه كانت توجد في الماضي علاقة وثيقة مع سوريا، سارع الى الوقوف الى جانب الثوار ودعوة الاسد الى الرحيل. ومن الحدود التركية تتدفق الى سوريا مساعدات تمويلها السعودي وقطر، وهما ايضا دولتان سنيتان، سارعتا الى الوقوف ضد النظام العلوي المقرب من ايران الشيعية. اردوغان نفسه، بالمناسبة، يستخلص منفعة اخرى من تأييده للثوار في شكل هدوء نسبي من واشنطن رغم القبضة الحديدية التي يتخذها ضد المتظاهرين في بلاده.

درس الاسد

المحور الشيعي – العلوي، الذي تجتذب اليه روسيا كسيدة عليا للاسد، تقوده ايران، التي توفر للنظام السوري الاف المقاتلين من الحرس الثوري ولا سيما من منظمة حزب ا لله الخاضعة لامرتها. العراق هو الاخر، الذي توجد فيه أغلبية شيعية، يدعم الاسد، ولكنه لا يزال يحاول الانتعاش من سنوات حكم صدام حسين وسنوات الفوضى التي جاءت بعده وليس بوسعه أن يمد الاسد بمساعدة على نطاق واسع. ولكن في الوقت الذي يتردد فيه الامريكيون والاوروبيون اذا ما وكيف يسلحون الثوار، يدفع المحور الشيعي نحو الاسد بمساعدات لا تتوقف، أدت في الاسابيع الاخيرة بكفة ميزان القتال الى أن تميل في صالحه.

ليس لان للاسد خيارات كثيرة، ولكن يمكن التقدير بان الشكل الذي يتصرف فيه الامريكيون مع الحكام العرب الآخرين ممن كانوا في الماضي حلفاءهم، دفعه اكثر فأكثر الى أذرع الروس والايرانيين. فقد شاهد الرئيس السوري ادارة اوباما وهي "تلقي الى الكلاب" بنظيره المصري حسني مبارك؛ زين العابدين بن علي التونسي، الذي في بلاده بدأ الربيع العربي؛ بل وحتى رئيس اليمن، علي عبدالله صالح، الذي كان حليف الامريكيين في الحرب ضد الارهاب. 

ولكن في نهاية المطاف، رغم التدخل الروسي العميق والانجرار البطيء للولايات المتحدة الى داخل الحرب الاهلية النازفة في سوريا، فان هذه المواجهة الاستثنائية أعادت العالم العربي الى أيام الانقسام الديني التاريخي بين السُنة والشيعة.

















اسرائيل اليوم - مقال - 17/6/2013

الشرق الاوسط: اوباما في امتحان

بقلم: ابراهام بن تسفي

تبين في نهاية الاسبوع الاخير في ظاهر الامر ان كابوس براك اوباما بدأ يتخلق. فالرئيس الذي رفع راية بشرى الانفصال من طرف واحد عن ميداني القتال في العراق وافغانستان، أعلن بصورة رسمية عن نيته إمداد المتمردين في سوريا بالسلاح. وبرغم ان الحديث عن سلاح خفيف فقط وبرغم ان الطريق ما زال بعيدا عن فرض حصار جوي على سوريا، يمكن ان نرى في هذا القرار نقطة تحول في سلوك الادارة في هذا الميدان الدامي.

وجد البيت الابيض نفسه برغم احجامه العميق عن تورط في مراكز صراع وبرغم طموحه الى فصل نفسه قدر المستطاع عن عهد الرئيس بوش القتالي الذي سبقه، وجد نفسه يُجر الى داخل الساحة السورية حتى لو كان ذلك في دور ثانوي ومشاركة ضئيلة في المرحلة الحالية. إن الانتقاد اللاذع في الداخل (ولا سيما من قبل الرئيس السابق بيل كلينتون) من جهة، والبرهان القاطع على استعمال قوات الرئيس الاسد للسلاح الكيميائي في اثناء القتال من جهة اخرى كانا تقديرين مركزيين في استقرار رأي اوباما على التراجع عن اسلوب عمله الأصلي الذي تميز بحذر زائد. وأُضيف الى ذلك في الاسابيع الاخيرة نجاحات الاسد في ميدان المعركة التي أسهم حزب الله فيها اسهاما مركزيا.

تحولت الجبهة من هذه الجهة الى امتحان زعامة لاوباما من الطراز الاول لأن الاستمرار في سياسة "التدخل الضئيل" بازاء تدخل حركة حزب الله التصعيدي والتي يستعملها أسيادها الايرانيون بتحكم من بعيد (والذين أعلنوا الآن نيتهم ارسال 4 آلاف مقاتل من حرس الثورة مددا لجيش الاسد) والتي تؤيدها موسكو كان يُضعف سمعة القوة العظمى وفخامة شأنها أكثر.

بسبب هذا الضغط الداخلي المتزايد (الذي أسهم فيه ايضا حقيقة زيادة قوة المعسكر المثالي بين "كل العاملين مع اوباما") والطموح الى اظهار صورة الحزم والتصميم آخر الامر بما يناسب سيد المنظومة كان استقرار الرأي على مساعدة المتمردين اذا (وعلى نصب بطاريات صواريخ باتريوت وطائرات اف16 على ارض الاردن في الوقت نفسه) أمرا يقتضيه الواقع وذلك برغم الأخطار الكامنة في حقيقة أن قوات المعارضة تشتمل على جناح اسلامي عسكري.

برغم أن الاجراء الامريكي يبدو للوهلة الاولى خطوة لا مناص منها فان حقيقة أنه قد يتحقق بعد انتخاب حسن روحاني رئيسا لايران تمنحه بُعدا جديدا بصورة متأخرة. ترى واشنطن وجود أهمية عليا للحاجة الى ان تصاحب جزرة الاستعداد الجديد لادارة تفاوض مباشر مع النظام في القضية الذرية استمرار سوط الضغط الاقتصادي والسياسي – وبخاصة بازاء انتخاب شخص ذي مواقف معتدلة نسبيا في طهران، وذلك الى ان تتضح نوايا الرئيس الجديد ومجال مداورته. إن حماسة الادارة الامريكية لتعظيم كل مظهر براغماتية في سلوك روحاني أمر مفهوم (ومشتق من طموحها الأساسي الى الامتناع عن لحظة الحسم والمواجهة العسكرية مع ايران)، لكن العودة في نفق الزمان الى السياسة الابتدائية والمصالِحة ستُضعف موقف الامريكيين المساوم أكثر.

في حين ما زال يوجد عدم يقين كثير يتعلق بمبلغ قدرة روحاني على تسيير ايران في مسار مرونة ذرية فان تسليم امريكا بخطوات ايران التصعيدية (والجهات التي ترعاها) في سوريا يوحي بضعف عام ويُفسر بأنه استعداد لمنحها ثقة سابقة دون مقابل حقيقي ما.



Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: