الخلاف بين اشكنازي وباراك حول المسألة الايرانية
بقلم: أدام راز
قبل زمن ما، عندما دخل المواطن غابي اشكنازي الى القاعة قبل بدء العرض، هتف الجمهور. اشكنازي هو كالمقلاة التي لا يلتصق فيها الطعام، أفعاله لا تلتصق به. وهو يحظى بعناق هائل من وسائل الاعلام، والرئيس شمعون بيرس حرص على أن يتوجه كأحد افضل رؤساء الاركان الذين شهدتهم الدولة، بل ان بيرس سار بعيدا وقضى بانه يجب التنازل لاشكنازي عن قانون التبريد، كي لا تفوته السياسة الاسرائيلية. بكلمات اخرى، بيرس يريد اشكنازي في حزب العمل، ينبغي التساؤل في ذلك.
القرار بالشروع الان في تحقيق جنائي ضد اشكنازي كان يمكن أن يتخذ قبل سنتين. فحسب المنشورات، هذه ليست شهادات جديدة اكتشفت، وخلف جر الارجل في الساحة القضائية كانت محافل سياسية لم ترغب في اجراء التحقيق ضد الفارس اشكنازي، الذي قاتل ضد ايهود باراك. سبب ذلك لا ينبغي البحث عنه في محاولات الحفاظ على طهارة مؤسسة رئاسة الاركان، كما طرح البعض الامر. ينبغي الافتراض بان الضغط الذي مارسه النائب العسكري العام داني عفروني لفتح تحقيق جنائي هو مجرد طرف الجبل الجليدي الذي عرض للجمهور. فقرار المستشار القانوني يهودا فينشتاين يدل على أنه رغم أن باراك ليس في الحكومة، توجد ضغوط سياسية للكشف عن الحقيقة، او عن بعضها على الاقل.
سيعنى التحقيق الجنائي بعلاقات اشكنازي مع القيادة السياسية المسؤولة عنه. وفضلا عن الصياغات القانونية، يمكن القول منذ الان ان ‘وثيقة غالنت’، التي أصبحت ‘وثيقة هيرباز′ هي عمليا ‘وثيقة اشكنازي’. قلة من الصحافيين كانوا مستعدين للسباحة ضد التيار وكشف الحقيقة، كان يكفي مشاهدة تقارير آييلا حسون قبل نحو سنتين لمعرفة أن القصة ليست سائغة.
غير أنه ليست جودة العلاقات الشخصية بين رئيس الاركان اشكنازي والوزير باراك هي الموضوع المركزي هنا، بل الخلاف الاستراتيجي بين الاثنين. عمليا، قبل اشهر عديدة علم أن مراقب الدولة تلقى مادة كثيرة عن علاقة القضية بالموضوع الايراني، ولكنه قرر عدم التطرق الى ذلك في التقرير السميك الذي نشره. لماذا اتخذ هذا القرار الذي يخفي عن الجمهور الجوانب العسكرية والسياسية للقضية؟
فضلا عن سلوك اشكنازي، الذي قد يؤدي الى رفع لائحة اتهام ضده، ينبغي التساؤل: لماذا عمل ضد باراك؟ لماذا عارض تعيين يوآف غالنت؟ هل توجد صلة بين معارضته للشخصين الاخيرين وحقيقة انه عندما غادر منصبه قال لرئيس الاركان الامريكي ان ‘الاقوال عن الخيار العسكري عديمة المعنى وتشكل مجرد تبجحات’؟ وهل توجد صلة بين القضية ومواقف اشكنازي في مواضيع استراتيجية؟
لعلنا يمكن أن نتعلم قليلا من التاريخ، فبعد وقت قصير من استقالة موشيه دايان من منصبه كوزير في حكومة ليفي اشكول قال ان له خلافا مع رئيس الوزراء، رجل حزبه، حول الشكل الذي ينبغي لدولة اسرائيل أن تنخرط فيه في الشرق الاوسط، ولكن يوجد بينهما توافق على عدم كشف الخلاف في ساحة السوق. الانشغال القانوني (او الصحافي) في علاقات الامرة بين رئيس الاركان والوزير المسؤول عنه تستخدم كورقة تين تخفي الخلافات الحقيقية بين الرجلين في كل ما يتعلق باستخدام القوة العسكرية ضد ايران والمحيط.
لقد عملت دوائر اشكنازي من دون هوادة كي تشرح للجمهور ان باراك هو رجل عديم المسؤولية، وهي معنية بغالنت كرئيس للاركان ينفذ أوامره.
وكان في ذلك اكثر من تلميح على ان تلك الدوائر تعارض غالنت لاسباب ملموسة مثل موقفه في المسألة الايرانية. مثال واحد على الخلاف يمكن أن نجده في أن باراك قال ان المسدس ضد ايران يجب أن يبقى مشحونا، بينما اقوال اشكنازي عن ‘تبجحات’ الاخير استقبلت كما ينبغي التقدير- بتنفس للصعداء في طهران.
ينبغي الامل في أن يكشف مراقب الدولة المواد التي منعها عن الجمهور، ذلك ان تحقيقات الشرطة لن تفعل ذلك. سيكون في هذا درس مفيد ‘خلف الكواليس′ السياسية.
المصدر:
معاريف
0 comments: