ماذا سيقول نتنياهو في خطاب "بار إيلان- 2" ؟
بقلم: ياعيل غفيرتس
عندما كان الصيف في أوجه، بُشرنا بان رئيس الوزراء سيلقي في 6 تشرين الاول خطابا في مركز بيغن – السادات في جامعة بار ايلان. بعد أربع سنوات من خطاب "بار ايلان"، في ضوء التطورات الدولية على المستوى الدبلوماسي والمفاوضات الجارية مع الفلسطينيين، كان الافتراض الطبيعي هو "استعدوا لخطاب بار ايلان 2". غير أن مكتب رئيس الوزراء سارع الى "تهدئة" شركائه الذين صرخوا من اليمين: "الخطاب لن يعنى بمواضيع سياسية". بماذا سيعنى خطابه، إذاً؟ اختار المكتب ألا يوضح.
في العالم تجري تحولات هائلة في مجالات السياسة الدبلوماسية، ولكن نتنياهو، مثلما ثبت في خطابه في الأمم المتحدة أيضا، غير متفرغ عاطفيا. فهو يمتنع عن التخلي عن وعي المسكنة والضحية. وهو منشغل بانتقاد الخطوات الدبلوماسية للآخرين، بحسابات الماضي وبالتهديدات العدوانية، وليس متفرغا للانشغال في "ساحته" بقيادة خطوة دبلوماسية ما. التاريخ من ناحيته هو مفهوم كله "ماضٍ"، أما الحاضر والمستقبل فهما غير ذي صلة. والدليل: المقطع الذي كرسه في خطابه في الامم المتحدة لموضوع الشرق الاوسط كان اقصر بكثير من اقوال الرئيس الأميركي في هذا الموضوع.
وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الانطباع الذي خلفه خطاب نتنياهو بكلمات "زعيم متحمس للقتال"، في عصر يتميز بالحماسة للحلول الدبلوماسية. لقد اتخذ نتنياهو صورة من "القى خطاب السنة الماضية"، وبإعادة صياغة لقصيدة راحيل: "عن الاخرين عرفت كيف أتحدث، ضيق عالمي كعالم النملة".
كخطيب ايضا، العالم يوجد في ذروة مسيرة تغيير وعي. "لغة الكارثة" تخلي مكانها لـ "لغة التأييد"، الخطابات تعنى بمواضيع متفجرة بلغة هدفها اثارة الالهام والامل. وكل من لا يتبناها يبقى خارج اللغة الدولية.
الخطاب المزمع القاؤه، الاحد القادم، والذي بُشرنا به كما أسلفنا، قبل شهرين، هو فرصة أخرى لنتنياهو: ان يبدل الخطابية البيانية وان يقول هذه المرة شيئا ذا صلة. دعكم من العالم، شيء ذو صلة بنا، كاسرائيليين، في الموضوع الذي لا يجري الحديث فيه والمسمى "مستقبلنا". شيء ما يتجاوز الكارثة والاعتباط، شيء عن كيف انتهينا بسلام وليس في الخندق. خطاب لا يعنى بالموضوع السياسي الحالي جدا، في هذه النقطة الزمنية، سيثبت سنوات اللا شيء لنتنياهو ويؤكده كزعيم غير ذي صلة.
مهاتما غاندي ترك لنا القول المأثور: "كن التغيير الذي كنت تريد أن تراه في العالم". لماذا؟ لان احتمال تغيير الاخرين – من زعيم الولايات المتحدة حتى زعيم ايران في هذه الحالة – يقترب من الصفر. السؤال الكبير الذي سيفحص هو هل نتنياهو قادر على ان يتسامى ويتغير، يصبح رائدا كالسادات وبيغن..
الشروط الاولية غير واعدة: مضيف نتنياهو في الخطاب هو الرئيس الجديد لجامعة بار ايلان، البروفيسور دانييل هيرشكوفتس، الذي شغل منصب وزير العلوم ورئيس "البيت اليهودي". مسؤولو الأحزاب اليمينية، كما يذكر، تلقوا صافرات تهدئة من مكتب رئيس الوزراء. وطرح نتنياهو نفسه كمن يحمل الان عبء قول الحقيقة. سننتظر لنرى اذا كان يدور الحديث مرة اخرى عن حقيقة المتطرفين أم عن لحظة حقيقة زعيم.
ظاهرا يمكن لنتنياهو أن يتحدث ايضا في المواضيع الداخلية المهمة بشكل لا مثيل له، مواضيع المجتمع والاقتصاد التي بسببها ايضا ضاعت قيمة "المستقبل" ويخيل ان الذخيرة هي الاخرى جاهزة. عندما لا تكون لدينا ايران سنجد لقادتنا موضوع "المهاجرين من البلاد"، تلك اللازمة البائسة لتعبير "تساقط البعوض" من ولاية اسحق رابين الاولى. غير أن قاعة مركز بيغن – السادات تلزمه بخطاب سياسي. فمن الصعب تصور أمر ذي صلة أقل بهذه المنصة من خطاب في مواضيع جبنة الكوتج.
حرره:
م.م
المصدر:
هآرتس
0 comments: