Friday, October 4, 2013

أضـــلاع "الــمــربــع الــمــلــعــون" فــي الــشــرق الأوســــط !

أضـــلاع "الــمــربــع الــمــلــعــون" فــي الــشــرق الأوســــط !


بقلم: غي بخور
كيف يمكن أن نفهم هذا الكلايدسكوب الضخم في الشرق الاوسط الجديد الذي يتغير في كل يوم أمام أعيننا؟ توجد بوصلة ضرورية يمكن أن نسميها "المربع الملعون" ولا يمكن من غيرها أن نفهم لغة الشرق الاوسط الجديدة. ويتألف هذا المربع من اربع زوايا: الشيعة والسنة والاسلام السياسي ونظم الحكم القومية. وجميع الفروع تتفرع عليها.
تعتبر نظم الحكم في ايران وسورية والعراق و"حزب الله" من الشيعة ، ويعتبر السعوديون ودول الخليج والمصريون والاتراك من السنة. والاسلام السياسي هو "الاخوان المسلمون" وسائر المنظمات المتطرفة، لكن من المعلوم أنه توجد ايضا منظمات اسلام سياسي شيعية. وتوجد آخر الامر نظم الحكم القومية كما في سورية ومصر والسلطة الفلسطينية. وتوجد تأليفات كثيرة داخل هذا المربع بين دول كثيرة وشعوب وطوائف وأديان.

وتدور بين عناصر المربع الاربعة حرب عالمية ومن لا يعرف هذه اللغة فسيضيع ببساطة. والذين ضاعوا هم الأميركيون الذين يتحدثون بلغة مختلفة تماما في الشرق الاوسط هي لغة الحقوق والديمقراطية. ولما كان الامر كذلك فانهم يتنقلون بين زوايا المربع المختلفة دون أن يدركوا مبلغ كارثة هذا التنقل أو ربما دون أن ينتبهوا الى ذلك.
بدأوا بالسنة وكان يبدو قبل شهر فقط أنهم يوشكون أن يسقطوا نظام الاسد. وها هم أولاء أعطوا الشيعة والاسد وروحاني خاصة استمارة أمن من الهجوم، وأصبح التهديد لنظم الحكم السنية بذلك عظيما. وقد بدأوا بنظم الحكم القومية كما في مصر ثم انتقلوا الى دعم "الاخوان المسلمين" مع مرسي، وعادوا الآن الى القوميين؛ وكانوا ذات مرة معادين للنظام في ايران وهم الآن في توق الى صلة به؛ وأيدوا صدام حسين السني في ثمانينيات القرن الماضي، ثم أسقطوه وأحلوا الشيعة مكانه. ويوجد الآن تفكير جديد في واشنطن ربما في إعادة دعم سنة العراق.
إن هذا القفز بين رؤوس المربع الاربعة يصيب الشرق الاوسط بالجنون، لأن أميركا غير حازمة ولهذا تُعرض الجميع للخطر. فكل دعم منها مؤقت، وكل تهديد منها ايضا. ويتعلق الامر بالجانب الذي استقر رأي اوباما وكيري على تأييده فجأة مع تجاهل مطلق للطوائف والأديان والشيع والقبائل وصلات محلية أخرى.
يدور الحديث في الحقيقة عن لغتين مختلفتين لا تلتقيان ولا يفهم طرف من الطرفين لغة الطرف الثاني. فالغرب بازاء الشرق. ويبرز الامر أكثر مع نظام تطهري كنظام اوباما هو على يقين من أن لغته هي الصحيحة وهي الوحيدة، ومعنى ذلك من جهته أن اللغة المتحدث بها في الشرق الاوسط مخطئة، وهكذا يفضل أوهاما حلوة مع تنكر للواقع الصلب والسطحية بازاء التعمق.

يمكن أن نفهم الآن كم أصبح الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين هامشيا إن كان موجودا أصلا، لأنه ليس جزءا من "المربع الملعون" الهائج في الشرق الاوسط لأننا في اسرائيل لسنا سنة ولا شيعة، ولا اسلاما سياسيا ولا قومية عربية أو مسلمة. لكن برغم أننا أبعد مما كنا من قبل من الثوابت في الشرق الاوسط فان النظام الأميركي يفكر فينا ايضا في مستوى نظري – تطهري يتعلق بـ "الحقوق"، مع تجاهل الارهاب والتطرف والأخطار الملموسة والواضحة جدا. وكأنه في اللحظة التي يوجد فيها بين اسرائيل وكيان فلسطيني مُتخيل ما خط يربطهما فان الوضع سيستقر الى الأبد في حين قد يحدث عكس ذلك خاصة.
من المؤكد أن التفاوض مع السلطة الفلسطينية هو في اللغة الأميركية نهاية الصراع، في حين قد يُصعد الصراع خاصة. إنهما لغتان مختلفتان يفضي عدم التلاقي بينهما الى كارثة.
المصدر:
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: