كيف نتكيف مع ايران الذرية؟
بقلم: رؤوبين بدهتسور
حينما فصّل بنيامين نتنياهو في الامم المتحدة قائمة الخطوات التي يجب على ايران أن تخطوها لارضاء اسرائيل في الشأن الذري، قال جازما في واقع الامر إن عملية عسكرية اسرائيلية هي غير مستبعدة وذلك لأنه لا أمل البتة في أن تفي ايران بالمطالب الاربعة التي وضعها أمامها. والى ذلك فان احتمالات أن تطلب الولايات المتحدة من ايران أن تنفذ هذه الخطوات هي صفر. ويفهم رئيس الوزراء هذا جيدا، فهو يعلم أنه سيبقى وحده آخر الامر في مواجهة ايران مع المطالب التي لا بديل عنها، التي عرضها.
وهذا أعاق رئيس وزراء اسرائيل والتزم التزاما يُشك في أنه يستطيع الوفاء به. فقد كان يستطيع أن يكتفي بأقوال عامة مثل: ‘سيتم اختبار ايران بالافعال لا بالكلام’، لكنه اختار التفصيل. إن الخطوات الاربع التي يجب على ايران أن تخطوها كما قال هي وقف تخصيب اليورانيوم، وإخراج اليورانيوم الذي تم تخصيبه من داخل ايران، ونقض البنى التحتية التي تُمكّن من تعجيل التطوير الذري ومنها المنشأة تحت الارض في قُم وآلات الطرد المركزي المتقدمة في نتناز، ووقف الاعمال في مفاعل الماء الثقيل في أراك الذي يفترض أن ينتج البلوتونيوم. إن هذه الخطوات فقط ‘ستضع حدا لبرنامج ايران لتطوير السلاح الذري وتقضي على قدرتها على الانطلاق الى الأمام’.
يصعب أن نفهم لماذا شمل رئيس الوزراء هذه الشروط الاربعة في خطبته إلا اذا كان ينوي حقا أن يقود اسرائيل الى قرار الهجوم. لأنه سيتبين في الاشهر القريبة بعد أن يبدأ التفاوض بين الولايات المتحدة وايران أن الايرانيين لا ينوون البتة الوفاء بشروط نتنياهو ولا نية البتة لفرض ذلك عليهم. وآنذاك سيُمتحن صدق نتنياهو وسيكون فشله مضمونا.
يجب الانتباه الى أن نتنياهو لم يذكر البتة في خطبته الخيار العسكري الامريكي، أي أنه يدرك كما يبدو أن احتمالات تحقيقه أصبحت معدومة. ولهذا أكد قائلا: ‘ينبغي ألا يوجد عدم فهم. إن اسرائيل لن تسمح بأن يكون لايران سلاح ذري وستفعل ذلك حتى لو اضطرت الى الوقوف وحدها’.
وحينما يهدد رئيس الوزراء بأن اسرائيل وحدها ستخرج للهجوم على ايران فهذا تهديد فارغ. فليس لاسرائيل خيار عسكري حقيقي. ونتنياهو يسمع هذا مرة بعد اخرى من جميع الجهات المختصة التي يفترض أن تنفذه. إن هجوما اسرائيليا يمكن في الحقيقة أن يُسبب ضررا ما بعدد من المنشآت الذرية في ايران لكنه في أحسن الحالات سيعيق برنامج تطوير القنبلة الذرية وقتا قصيرا. ومن الواضح ايضا أن ننتنياهو لن يأمر بهجوم ما بقي يجري التفاوض مع الايرانيين. وقد يستمر ذلك مدة طويلة يضعف فيها صدق التهديد العسكري الاسرائيلي أكثر.
تم التعبير عن العنصر المأساوي في خطبة نتنياهو في الامم المتحدة حينما صاح بصوت جهوري ‘أمسكوني’، وحينما تبين أن لا أحد في الحقيقة مهتم ‘بالامساك به’، وأصبح تهديده بقصف ايران يُرى مثل نزوة زعيم هستيري يحاول أن يوقف بالقوة العسكرية مسارا تاريخيا ايجابيا. وأصبح نتنياهو يُرى مثل جاهد قد ‘يُفسد أفضل احتمال لتجديد العلاقات بين الولايات المتحدة وايران’، كما ورد في المقالة الافتتاحية في صحيفة ‘نيويورك تايمز′.
لا يعني كل ذلك أن نتنياهو ليس على حق في تقديره أن ايران لا تنوي بجدية أن تتخلى عن الخيار الذري، لكن يجب عليه حتى لو كان على حق أن يفهم الحاجة ‘الى تغيير النهج’ وأن يبدأ التفكير بجدية كيف يحيا مع ايران الذرية.
المصدر:
هآرتس
0 comments: