تحالف إيران سوريا وحزب الله يربك الاسرائيليين
بقلم: عاموس هرئيل
زيارتان في غضون اسبوع الى الحدود الاسرائيلية اللبنانية تعكسان واقعا يختلف عن الماضي. فالتخوف من اندلاع مواجهة عسكرية فورية مع حزب الله آخذ في التبدد. يُخيل أن ميزان الردع المتبادل بين اسرائيل وحزب الله يتثبت ويكبح جماح الطرفين، فما بالك أن ايران الشيعية غارقة حتى الرقبة في الحرب الاهلية السورية. ومن الجهة الاخرى، فان القتال الممتد في سوريا يفاقم عدم الاستقرار في لبنان، يقلص مدى سيطرة حزب الله على ما يجري في الدولة ويُدخل الى الساحة لاعبين جدد.
في الاسبوع الماضي تبلورت في جهاز الامن التوصية للتوقف عن انتاج كمامات الغاز، على خلفية التقدير بأنه قبل تهديد السلاح الكيميائي من سوريا. ولكن الجيش الاسرائيلي يواصل التدرب على احتمال الحرب ضد حزب الله، بصفته خصما يطرح التحدي الأشد في المنطقة ومنه يحدق أساس الخطر على الجبهة الداخلية الاسرائيلية.
‘والى جانب ذلك، يُخيل أن المسألة التي شغلت على مدى السنين بال شعبة الاستخبارات وقيادة المنطقة الشمالية آخذة في الاتضاح. فقد تساءلوا في اسرائيل كيف سيرد الشركاء الآخرون للحلف الراديكالي الشيعي، ايران وسوريا، على مواجهة مع حزب الله. أما الفرضية الحديثة فلا تبعث على التشجيع: فتوثق الحلف بسبب المساعدة التي تمنحها ايران وحزب الله لنظام الاسد يعمق التزام الطاغية السوري باصدقائه. ايران، النظام السوري وحزب الله، هم’ الآن بقدر كبير جزء من جبهة مشتركة، ستعمل عند الحاجة ضد اسرائيل ايضا.
في المستقبل، سيؤثر الالتزام ايضا على رد سوريا في حالة صدام بين اسرائيل وحزب الله، أو هجوم اسرائيلي على مواقع النووي في ايران. يبدو أنه في هذه السيناريوهات سيجد الشركاء الآخرون في الحلف صعوبة في الجلوس على الخطوط. مساهمة سورية لحزب الله في الحرب يمكنها أن تجد’ تعبيرها باشعال حوادث اطلاق نار، على نار منخفضة نسبيا، على طول الحدود في هضبة الجولان بشكل يجتذب نحوه قوات الجيش الاسرائيلي بدل من ارسالهم الى لبنان، بل وباطلاق صواريخ دقيقة على قواعد سلاح الجو في شمالي البلاد.
‘وتصف مصادر استخبارية اسرائيلية ‘مستوى عاليا من الحميمية’ بين الشركاء في الحلف، حيث تتضح مكانة طهران المتصدرة. فهي التي سحبت من حزب الله الصلاحيات المستقلة لفتح النار على اسرائيل بعد الحرب في 2006؛ كما أنها هي التي أمرت التنظيم اللبناني في الدخل في العام الماضي بشكل نشط في الحرب في سوريا، الامر الذي ساعد على وقف الانجراف الذي أوشك بانهيار النظام.
ويتغير حزب الله بما يتناسب مع ذلك. حتى 2006 اختصت المنظمة بتفعيل صواريخ ضد الجبهة الاسرائيلية الداخلية، بالانتشار الدفاعي في قرى جنوب لبنان وباغلاق مسارات الوصول المحتملة للجيش الاسرائيلي. وبفضل الحرب في سوريا، رفع حزب الله مستوى قدرته على تنفيذ هجمات مركزة بمبادرته. وفي المعركة الهامة على بلدة القصير، في حزيران من هذا العام، استخدم رجال حزب الله دبابات سورية، استعانوا بطائرات صغيرة غير مأهولة واستخدموا الاستخبارات على مستوى عال نسبيا. وبالأساس راكموا تجربة هامة في حرب المدن في ظل استخدام منسق للوحدات على مستوى السرية فما فوق. والى جانب ذلك، لم تتخل المنظمة عن انتشارها في جنوب لبنان، أمام اسرائيل، وهي مبنية بشكل يمكنها أن تطلق عددا كبيرا من الصواريخ على اسرائيل دون أن تُخلف علائم استخبارية كثيرة قبل الضرب.
‘وكقاعدة، في اسرائيل يصفون تغييرا تدريجيا في فكر ايران’ والمحور الراديكالي بالنسبة للحرب في المستقبل. فاذا كان في الماضي ساد هناك التفكير بانه من الافضل للعرب ادارة حرب استنزاف تنهك الجبهة الاسرائيلية الداخلية، فانه يترسخ الان نهج آخر.
فكون الايرانيين وحزب الله يفترضون بان القصف الاسرائيل سيلحق ضررا هائلا ومتواصلا، فانهم سيفضلون توجيه ضربة شديدة ومركزة في الايام الاولى، انطلاقا من الامل في أن تتدخل الاسرة الدولية وتكبح جماح اسرائيل فور ذلك. وعليه، فانه اذا ما وعندما تندلع المواجهة على الجيش ان يستعد لاطلاق الاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية على الجبهة الداخلية منذ اليومين الثلاثة ايام الاولى. ومثل هذا الواقع سيستوجب اتخاذ سريع للقرارات في القيادة السياسية، بتغيير واضح مقارنة بالعام 2006.
ولا تزال هذه السيناريوهات تبدو في هذه المرحلة كمشاهد رعب بعيدة نسبيا، فحزب الله يعمل اليوم في ظل جملة اضطرارات داخلية، وعلى رأسها الانتقاد المتعاظم في لبنان على دوره في الحرب في سوريا. ويولد الانتقاد تحديا من جانب حكومة لبنان وجيشها بل ومن جانب منظمات سنية متطرفة. سكان الضاحية، الشيعية في بيروت، تعرضوا لاول مرة ايضا لنار الصواريخ والسيارات المفخخة من جانب ميليشيات سنية.
‘وتبقى الحدود مع اسرائيل، كما اسلفنا، هادئة وذلك ايضا بفضل اللقاء الفصلي بين ممثلي الجيش الاسرائيلي، قوة الامم المتحدة والجيش اللبناني في معبر الحدود في الناقورة.
وفي منتصف تشرين الاول كاد يقع اشتعال بعد أن قطف مزارعون لبنانيون الزيتون في الجيوب الواقعة في السيادة الاسرائيلية ولكنها توجد شمالي اسياج الحدود. ومن الطرفين تجمعت قوات الجيش الاسرائيلي والجيش اللبناني.
ونجح قادة كبار هرعوا الى المكان في تبريد الاجواء وفرقوا الجنود الذين وجهوا سلاحهم على بعضهم البعض. ‘كان يكفي غبي واحد يطلق رصاصة اولى كي لا يعود ممكنا على مدى ساعتين وقف النار دون أن يكون احد يريد على الاطلاق اي مواجهة’، يقول ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي لـ ‘هآرتس′.
‘ومع ذلك، ومع أنه على ما يبدو ليس لاسرائيل او لحزب الله مصلحة في الحرب، فالمخاطر لا تزال على حالها، ولا سيما لان عدد العناصر العاملة اعلى مما كانت في الماضي. فاطلاق الكاتيوشا على الجليل الغربي من قبل منظمة سنية متطرفة في آب الماضي يوفر مثالا جيدا على ذلك.
اسرائيل ردا على ذلك، اكتفت بقصف قيادة قديمة تعود الى منظمة احمد جبريل الفلسطينية في النعيمة. وانتهت الحادثة هذه المرة وعاد الهدوء الى الحدود. صحيح ليس لاربعين سنة، ولكن ايضا سبع سنوات هي معطى مثير للانطباع، ولا سيما اذا أخذنا بالحسبان الانجازات المحدودة لحرب لبنان الثانية نفسها.
ولكن سبب الهدوء، خلافا لزعم مؤيدي رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت، ليس عظمته في ادارة الحكم، التي تتضح فقط في نظرة الى الوراء. الهدوء يعتمد اساسا على الرد المتبادل: مثلما تردع قوة التدمير الهائلة للجيش الاسرائيلي حزب الله، هكذا تخشى اسرائيل عشرات الاف صواريخ المنظمة. وفي ظل غياب مصلحة مباشرة في المواجهة، يمكن للجيش ان يواصل اعداد نفسه، لحين الحاجة. اما الان، واذ أقرت الحكومة علاوة ميزانية موضع خلاف للجيش الاسرائيلي، يمكن الامل في أن يذهب المال الى الاهداف الصحيحة والا يمسك بالجيش مرة اخرى كغير مؤهل ومدرب، مثلما في 2006.
المصدر:
هآرتس
0 comments: