Tuesday, December 10, 2013

البناء على "خطة العمل المشتركة": نحو اتفاق نووي مستدام مع إيران

البناء على "خطة العمل المشتركة": نحو اتفاق نووي مستدام مع إيران

 6 كانون الأول/ديسمبر 2013
يلتقي دبلوماسيون من إيران و مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» يومي 9 و 10 كانون الأول/ديسمبر في فيينا لمناقشة تطبيق اتفاق الخطوة الأولى النووي الذي تم التوصل إليه في جنيف في 24 تشرين الثاني/نوفمبر. وسيكون التحدي الماثل أمام مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» (أي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة وألمانيا) هو البناء على نقاط القوة التي تضمنتها "خطة العمل المشتركة" مع معالجة عيوبها وثغراتها المحتملة، الأمر الذي يمهد الطريق لاتفاق مرحلي آخر أو حل شامل.
ينصب التركيز الرئيسي لـ "خطة العمل المشتركة" على زيادة مدة التحذير من قبل المجتمع الدولي بشأن احتمالية تجاوز إيران للعتبة النووية، مما يعمل على إطالة الإطار الزمني لتجاوز النظام للعتبة النووية ويعوق تقدمه النووي. وهذه جميعها أهداف جوهرية، لكن يتعين على المفاوضات اللاحقة أن تعالج عدداً من العناصر التي تناولتها "خطة العمل المشتركة" بشكل غامض أو سطحي.
روايات متنازعة
في حين أن صفحة معلومات البيت الأبيض بشأن "تفهمات الخطوة الأولى" مع طهران تذكر "إقرار" النظام بأنه يجب عليه حل "المسائل المرتبطة بالأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجه النووي"، بما في ذلك "الأنشطة في بارشين"، إلا أن النص الفعلي للاتفاق لا يصل إلى ذلك الحد. وتتطلب "خطة العمل المشتركة" إنشاء "لجنة مشتركة" تتألف من مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» وإيران تعمل مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» "من أجل تيسير حل القضايا الماضية والحالية المثيرة للقلق" - في إشارة واضحة إلى الأبعاد العسكرية المحتملة.
إن توضيح هذه القضية يمثل أهمية جوهرية لأن قادة إيران يؤمنون أن الأبعاد الأخلاقية والنفسية لفن الحكم والاستراتيجية تفوق الأبعاد التقنية والمادية، كما أظهروا مراراً وتكراراً على مدى الثلاثين عاماً الماضية. ونظراً للإعتقاد بأن هذا التصور يمثل الحقيقة، فإن طهران تعتزم التركيز على إدارة صورتها العامة، حيث تستثمر جهوداً كبيرة لفرض روايتها من أجل كسب الدعم في الداخل وإيجاد بيئة أكثر مواتاة في الخارج لتحقيق أهداف سياستها الخارجية. وعلى مدار العقد الماضي، أصبحت القضية النووية ركيزة هذه الرواية.
لقد كان هدف طهران الأكثر أهمية في التفاوض مع مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» هو الفوز بحرب الروايات. ومن وجهة نظر النظام، فهذا يعني التأكيد على أن إيران لديها حق أصيل في تخصيب اليورانيوم؛ وأنها لم تسع لتطوير أسلحة نووية ولن تفعل في المستقبل؛ وأن المزاعم بشأن برنامج الأسلحة النووية هي جزء من مؤامرة أمريكية صهيونية لتشويه الجمهورية الإسلامية بشكل غير عادل وإضعافها وعزلها وعرقلة التطور العلمي في العالم الإسلامي؛ وهذا يتطلب فحصاً ينتهك حرمة الدولة وفرض قيود على برنامجها النووي بما يعكس معايير مزدوجة تمييزية. ولم تفعل واشنطن سوى القليل حتى الآن لمواجهة هذه الرواية علانية.
إن إجبار طهران على الاعتراف بأنها كانت تمتلك برنامجاً للأسلحة النووية سوف يغير ديناميات التفاوض بشكل جذري من خلال إضعاف هذه الرواية التي تمت صياغتها بعناية، وإثبات أن المخاوف الدولية مبررة. وعلى وجه الخصوص، فإن ذلك الاعتراف من شأنه أن يعزز قضية مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» لاتخاذ تدابير مراقبة خاصة وفرض قيود مطولة في حين يجعل من الصعب جداً بالنسبة طهران الادعاء بأن تلك التدابير تمييزية. كما أن ذلك يمكن أن يمنع طهران من ترك طاولة المفاوضات، حيث إن العديد من الإيرانيين سينحون باللائمة على قادتهم لفشلهم في تخفيف العقوبات. وفي الواقع ربما يكون هذا هو السبب الرئيسي في رفض طهران قبول جميع مساعي التحقيق في الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج حتى الآن. وإذا استمرت في ذلك، يجب على واشنطن أن تجلب الموضوع إلى اهتمام الشعب الإيراني وتخاطبه مباشرة.
وفي المقابل، فإن الإخفاق في التعامل بكفاءة مع الانتهاكات الماضية المحتملة لمعاهدة "حظر الانتشار النووي" قد يشجع إيران على انتهاك الاتفاقات المستقبلية. ولهذا السبب، فإن إبرام اتفاق مستدام يتطلب وضع حل لهذه المخاوف.
عدم وجود نص بشأن الانتهاء التلقائي لفترة التوصل لاتفاق
تتوقع "الخطة المشتركة" حلاً شاملاً يسمح "ببرنامج تخصيب تُحدد معالمه بشكل مشترك ... بما يتفق مع الاحتياجات العملية ... لفترة يتم الاتفاق عليها". إن الإقرار بأن إيران سيكون بوسعها التخصيب على أراضيها استناداً إلى "احتياجاتها العملية" هو تنازل كبير، حيث يفتح الباب أمام تخصيب على نطاق صناعي إذا تصرف النظام في أي وقت بناءً على خططه طويلة الأجل لبناء محطات طاقة نووية إضافية.
وعلاوة على ذلك، فإن الخطة تشمل شرط سريان لترتيبات مراقبة وقيود خاصة سوف يفترض أن تمتد لتشمل الاتفاقات المستقبلية، إلى جانب نص يدعو إلى تعاون نووي مدني (على سبيل المثال، توفير مفاعلات البحوث بالماء الخفيف ومحطات الطاقة لإيران). وتفيد التقارير بأن طهران لا تريد أن تستمر المراقبة والقيود لأكثر من ثلاث إلى خمس سنوات. بيد أن تلك التدابير ينبغي ألا تنتهي تلقائياً في تاريخ محدد - إذ يجب رفعها استناداً إلى أداء إيران، وبموافقة بالإجماع من قبل دول مجموعة «دول الخمسة زائد واحد». كما ينبغي ربط القرار بحدوث تغييرات كبيرة في سلوكيات إيران في الخارج، لا سيما دعمها للجماعات المتطرفة والإرهابية التي تستخدم العنف. ورغم أنه من المناسب طرح احتمالية معاملة إيران في يوم من الأيام كدولة طبيعية عضو في "معاهدة حظر الانتشار النووي" مؤهلة للحصول على المساعدات النووية بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، إلا أنه لا ينبغي منحها هذه المكانة إلا إذا توقفت طهران عن دعم الإرهاب والسعي لتدمير الدول الأخرى. وحتى ذلك الحين، فإن السياسة الدولية التوجيهية الرئيسية ينبغي أن تقوم على التراجع عن العقوبات في مقابل تراجع إيران عن بنيتها التحتية النووية.
السعي لإدامة الاتفاق
استثمرت واشنطن الكثير من الجهود في التوصل إلى اتفاق مع طهران، إلا أنه لا يبدو أنها فكرت كثيراً في ضمان احترام قادة إيران للاتفاق. فبعد الجلوس على طاولة المفاوضات بضغط من العقوبات، هل سيواصل الإيرانيون احترام أي اتفاق مستقبلي بمجرد تخفيف الضغط؟ إن هذا أمر رئيسي غير معروف، ورغم أن الحوافز الإيجابية ينبغي أن تكون جزءً من أي جهد لاستمرار أي اتفاق، يرجح أن يدوم الاتفاق إذا كانت العواقب السلبية لانتهاكه واضحة. وعلى وجه الخصوص، ينبغي على واشنطن أن تقنع طهران بأنها لو تراجعت عن التزاماتها أو حاولت انتهاك "معاهدة حظر الانتشار النووي"، فيمكن أن تحدث ثلاثة أمور: (1) سوف يتم فضح أمرها، (2) سيعاد فرض عقوبات صارمة عليها، (3) سوف تخاطر بإثارة رد عسكري. ولهذا السبب فإن ترتيبات المراقبة طويلة الأجل ضرورية. ونظراً لأنه قد يتعذر إعادة فرض عقوبات صارمة بشكل فعال بمجرد رفعها، فإن التهديد الموثوق باستخدام القوة سيكون أكثر أهمية من أي وقت مضى.
بيد أن التهديدات المباشرة والعلنية ليست الطريق الأمثل للتأثير على طهران، حيث إنها ستجعل النظام يسعى جاهداً لتجنب فقدان ماء الوجه - وعلى أي حال، لا تميل إدارة أوباما إلى السير في هذا الطريق. والطريق الأمثل لتغيير حسابات طهران هو من خلال تحركات ماهرة وتهديدات ضمنية تستغل مخاوفها، ومن بينها تدابير تظهر استعداد أمريكا لمواجهة عسكرية وقدرتها على إعاقة أنشطة عملاء إيران ووكلائها في الخارج، واستعدادها للحد من نفوذ إيران في المنطقة. أمام واشنطن الكثير من العمل في هذا الصدد. إن تصريحات الإدارة التي تبرز مخاطر العمل العسكري وتتهم المنتقدين بإزكاء "نار الحرب" تبعث برسالة خاطئة إلى طهران. ورغم الجهود الأمريكية المستمرة لتحسين علاقتها مع إيران، فإن التهديد بعمل عسكري في حالة عدم الالتزام هو عنصر رئيسي في أية محاولة لإيجاد اتفاق يصمد أمام اختبار الوقت، ويردع إيران من انتهاك "اتفاقية حظر الانتشار النووي"، ويعيد طمأنة الحلفاء القلقين الذين اهتزت ثقتهم في الولايات المتحدة جراء الأفعال الأمريكية الأخيرة.
فكرة أخيرة
إن الاتفاق الذي يصمد أمام اختبار الزمن يجب أن يأخذ في الاعتبار الاحتمالات التي قد تظهر بعد عقود من الآن. ويجب أن يتجنب أوجه الغموض كتلك الكامنة في "معاهدة حظر الانتشار النووي" من عام 1968 التي سمحت لطهران بالادعاء في "حقها في التخصيب". كما يجب أن يتجنب التفكير القائم على الأهواء الذي جعل من تفاوضوا على "الإطار المتفق عليه" عام 1994 مع كوريا الشمالية يهملون تطبيقه - الأمر الذي أدى في النهاية إلى انهيار الاتفاق - لأنهم افترضوا أن النظام لن يستمر لأكثر من ذلك كثيراً.

مايكل آيزنشتات هو مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: