Sunday, December 15, 2013

فلنجعل الأمن سبب تفجير المفاوضات

فلنجعل الأمن سبب تفجير المفاوضات


بقلم: غيورا آيلاند
تعلمنا عدة دروس في الجانب الاسرائيلي خلال العشرين سنة من التفاوض الاسرائيلي - الفلسطيني برعاية أميركية.
يتعلق أحدها بتأكيد الشأن الامني. فقد تعلمت اسرائيل أن الدعاوى المتعلقة بجذور الصراع أو التي تؤكد جوانب تاريخية ودينية لا تقنع الأميركيين. وفي مقابل ذلك فان التقديرات الامنية لها مكانة مميزة. وتقوم هذه المكانة على تصريحات أميركية تشمل الادارات كلها تتعلق بالالتزام بأمن اسرائيل، بالإضافة الى أن الأميركيين، خلافا للاوروبيين، يلتزمون ايضا مبدأ أن أمن اسرائيل يجب أن يعتمد على قدرتها على الدفاع عن نفسها بقواها الذاتية.
إن هذا الأساس المشترك بين الدولتين مهم، لكنه غير كافٍ لأن الفرق بين موقف اسرائيل وموقف الولايات المتحدة من الترتيبات الامنية المطلوبة كبير.
أولا ترى اسرائيل أن الأخطار الامنية الكامنة في الانسحاب من مناطق "يهودا" و"السامرة" لا يأتي من الفلسطينيين خاصة بل من أعداء آخرين.
فقد تكون خطوط 1967 خطوطا قابلة لأن يُدافع عنها أمام تهديد فلسطيني، لكن لا كل التهديدات، لأن الحدود مع فلسطين ستكون على مسافة 16 كم من البحر في حين يوجد شرقيها الى مسافة 5 آلاف كم أعداء أو أعداء محتملون.
ولهذا لا تستطيع اسرائيل مثلا أن توافق على سيادة فلسطينية كاملة على الجو.
وليست حرية عمل سلاح الجو الاسرائيلي في سماء الضفة الغربية حيوية في مواجهة سلاح الجو الفلسطيني (الذي لن يكون موجودا) بل لمواجهة اسلحة جوية اخرى.
ويتناول شأن آخر الحدود مع الأردن. إن اسرائيل تُصر على سيطرة كاملة على طول نهر الاردن، ويبدو أن الأميركيين قبلوا هذا الطلب.
وليس الجدل في الطول بل في العمق. فاسرائيل ترى أنه لكي تكون السيطرة على طول الاردن فعالة فثمة حاجة الى شريط عمقه نحو من 5 كم يشمل سيطرة على محور الغور (الشارع 90) عن جانبيه.
ويدور الحديث عن مساحة تبلغ نحو 400 كم مربع هي 7 بالمئة من مساحة الضفة الغربية. ومن الواضح للأميركيين أن هذا الطلب لن يقبله الفلسطينيون، ولهذا يحاولون اقتراح حلول تكنولوجية تعوض عن عدم وجود العمق. والمشكلة هي أن الارض كانت وما زالت أهم عنصر جغرافي استراتيجي، ولا يمكن دائما التعويض عن عدم وجودها. ومع عدم وجود عمق فلن تكون فاعلية القوة الاسرائيلية محدودة فقط بل سيكون الوجود العسكري في شريط ضيق منقطع شركا خطيرا.
ويتعلق شأن ثالث بمبلغ الثقة المختلفة من اسرائيل والولايات المتحدة بقدرة الدولة الفلسطينية المستقبلية وارادتها الوفاء باتفاق السلام.
يزعم وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن الانسحابين الاسرائيليين من لبنان وغزة عززا قوّيا الصواريخ لأنهما كانا من طرف واحد ومن غير اتفاق.
ويرى أن الاتفاق مع الفلسطينيين سيضمن أمن اسرائيل كما حدث مع مصر والاردن. لكن اسرائيل لا تثق هذه الثقة بارادة الفلسطينيين وقدرتهم، ولهذا فان مقدار استعدادها للمخاطرة الأمنية قليل جدا.
من الواضح لاسرائيل أنه يُفضل أن تُظهر مواقف متشددة من الشأن الامني وأقل تشدداً من الشؤون الاخرى.
ويتفهم الفلسطينيون ذلك بقدر ما، ولهذا أبدوا في الماضي مرونة نسبية في كل ما يتعلق بالترتيبات الامنية بازاء عدم إظهار أية مرونة في شؤون اخرى.
اذا كان وصف كيري صحيحا بأنه يوجد تقدم في الشأن الامني، واذا أمكن التوصل مع الأميركيين الى تفاهم كامل على هذا الشأن وأبدى الفلسطينيون ايضا مرونة نسبية، فربما تُمهد الطريق لاتفاق دائم. لكن سيصعب على اسرائيل من جهة ثانية أن تضع في المستقبل مطالب عالية في الشؤون الاخرى غير الامنية، وهي شؤون استعداد الأميركيين للاصغاء في شأنها أقل، وميلهم الى قبول مطالب الفلسطينيين قوي نسبيا.
اذا تبين لرئيس الوزراء (كما تبين لوزير الخارجية) أنه لا امكانية للتوصل الى اتفاق فيُفضل أن تكون الازمة بسبب الشأن الامني الذي لنا فيه ميزة واضحة.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: