الحرب الاهلية في سوريا تطرق ابواب لبنان
Thu, 01/23/2014
عاموس هرئيل
‘أعلنت جبهة النصرة، وهي منظمة سنية متطرفة تعمل في الأساس في جنوب سوريا وتستمد الالهام من القاعدة، أعلنت مؤخرا فتح مكاتب في مدينة طرابلس في شمال لبنان. وما زال مبلغ صدق الاعلان، الذي نشر بواسطة حساب تويتر متصل بالمنظمة، غير واضح ولم ينشر الى الآن أي تقرير صحفي عن ‘مكاتب المنظمة في طرابلس′. لكن الاستنتاج من الاعلان ومن سلسلة أحداث اخرى في الدولة في الاشهر الاخيرة واضح وهو أن الحرب الاهلية السورية وصلت الى لبنان ومعها ايضا منظمات الجهاد العالمي التي هي من بنات القاعدة الفكرية.
إن العملية الانتحارية في يوم الثلاثاء في الحي الشيعي من بيروت، الضاحية، كانت الثانية من نوعها في الضاحية منذ بداية الشهر. في المرة السابقة قُتل فتى كان يقود سيارة مفخخة حينما كان على مبعدة نحو من 100 متر عن واحد من مقار القيادات المركزية لحزب الله. واعتقدت اجهزة الامن اللبنانية في البدء أنها كانت عملية انتحارية لكنها خلصت بعد ذلك الى استنتاج أن السائق ربما خدعه مُرسلوه الذين استعملوا المواد المتفجرة في السياسة من بعيد دون علمه. وتحملت منظمة تسمى جبهة النصرة اللبنانية يبدو أنها فرع من النصرة السورية، المسؤولية عن العملية يوم الثلاثاء.
إن المنظمات السنية المتطرفة مسؤولة ايضا عن تفجير مشابه حدث هذا الشهر في مدينة هرمل الشيعية في البقاع اللبناني، وعن اطلاق قذائف صاروخية على الضاحية، وعن عملية في سفارة ايران في بيروت في تشرين الثاني الماضي. وفي خلال ذلك قُتل مسؤول حزب الله الكبير حسن اللقيس في عملية اغتيال في بيروت، يوجد لبنانيون ينسبونها الى العصابات المسلحة السنية ويتهم آخرون اسرائيل بها. وبرغم أن حزب الله يبدو الآن يتلقى الضرب في هذه المعركة أكثر مما يهاجم (وهو في الحقيقة يهاجَم بنفس الطرق التي فرض بها الارهاب على لبنان مدة ثلاثة عقود)، فان المنظمة لا تقعد مشلولة. فقبل أقل من شهر قُتل في بيروت محمد شطح، وهو وزير سابق من قادة المعسكر المعادي لسوريا، في عملية منسوبة الى حزب الله. ورُفعت في جنازته رايات سوداء لمنظمات الجهاد السنية على نحو فاجأ كثيرين من المشاهدين وهذه شهادة اخرى على التطرف الذي أخذ يكتسح الدولة.
تحاول الحكومة الانتقالية اللبنانية وقواتها الامنية أن تُداور بين معسكرات الصقور ولا يكون ذلك بالتلطف المطلوب دائما. في مطلع هذا الشهر مات في السجن اللبناني ماجد ماجد وهو قائد منظمة سنية متطرفة اسمها ‘كتائب عبد الله عزام’ كانت مسؤولة عن عدة هجمات على بلدات شيعية وعن اطلاق صواريخ كاتيوشا على اسرائيل. وقد اعتقل ماجد الذي كان يعاني من مرض الكلى، بعد حصار طويل. وتبين أن الاستخبارات اللبنانية تبين لها أن ماجد اعتاد أن يُعالج في مستشفى في صيدا وهو الوحيد في جنوب الدولة الذي يمنح علاج تنقية الكلى الذي كان يلائم وضعه، باسم مختلق.
وأقام رجال الاستخبارات حاجزا لاعتقاله لكن حراس ماجد الذين كانوا في السيارة أمامه لاحظوهم فرموا بقنبلة يدوية ونجحوا بأن يُهربوه من ذلك المكان. وانتظرت الاستخبارات اللبنانية في صبر الى أن يحاول ماجد التسلل الى المستشفى للعلاج التالي، وفي هذه المرة اعتقلوه. ومات ماجد في السجن لا بسبب التعذيب كما يبدو بل بسبب عدم وجود العناية الطبية.
إن النشاط السني القوي قد أحدث توترا جديدا بين لبنان واسرائيل بسبب حالتي اطلاق صواريخ كاتيوشا (في آب وكانون الاول من العام الماضي) ومقتل الجندي شلومي كوهين في موقع الجيش الاسرائيلي في رأس الناقورة في 15 كانون الاول. وقد سلم قاتل كوهين، وهو جندي في الجيش اللبناني من الطائفة السنية، سلم نفسه في الغد الى السلطات، وهو معتقل وسيحاكم في محكمة عسكرية بحسب الوعود اللبنانية للامم المتحدة ولاسرائيل ايضا. وفي اسرائيل يُقدرون أنه تأثر ايديولوجيا بالمنظمات السنية المتطرفة برغم أنه لم يكن عضوا رسميا لأية منظمة.
وتبين بعد ذلك أن اتصالات مكثفة بين اسرائيل ولبنان في ليلة الحادثة منعت تصعيدا شديدا على الحدود. فقد نقلت الامم المتحدة تقارير جارية من الطرف اللبناني بعد ساعة من اطلاق النار وأسهم ذلك في تهدئة النفوس. واجتمعت اللجنة المشتركة بين الاطراف الثلاثة من غد الحادثة وأبلغ جيش لبنان عن أمر اعتقال مطلق النار والتحقيق معه. وفي التحقيق زعم مطلق النار أنه خشي أن يكون كوهين يعرضه للخطر (وهذه رواية لا تؤكدها الحقائق)، لكنه اعترف في الوقت نفسه بأنه أطلق النار على سيارة جندي من الجيش الاسرائيلي حينما كانت تسير في الجانب الاسرائيلي من الحدود.
واقتنعت اسرائيل سريعا بأن مطلق النار عمل من تلقاء نفسه وبأن لبنان سيعمل على اعادة الهدوء الى المنطقة، لكن اسرائيل احتجت مؤخرا للبنان والامم المتحدة على اقوال قالها ضابط رفيع المستوى في جيش لبنان، في خطبة في مرج عيون وعد فيها بأن الجيش سيستمر في حماية السيادة اللبنانية وهو قول فُسر بأنه معاضدة للجندي الذي أطلق النار في رأس الناقورة. ويتوقع أن تجتمع اللجنة الثلاثية بعد اسبوع للقاء آخر.
وما زال يوجد في الجو خطر آخر هو نشوب نزاع بين اسرائيل وحزب الله بسبب الازمة التي دُفعت اليها المنظمة في داخل لبنان. لا يعتقد قادة جهاز الامن في اسرائيل أن هذا الخطر فوري، فهم يرون أن حزب الله قلق جدا من الحرب الاهلية في سوريا وهو يخشى جدا ردا عسكريا شديدا من اسرائيل يمنعه من أن يقامر بعمل عسكري على اسرائيل. لكن اسرائيل يجب عليها أن تأخذ في الحساب أن الزعزعة العظيمة في سوريا وفي لبنان قد تؤثر آخر الامر تأثيرا شديدا جدا فيما يجري في حدودها الشمالية ايضا.
هآرتس
0 comments: