Tuesday, January 21, 2014

الخلاف «التكتيكي» الأميركي السعودي ينعكس تصعيداً أمنياً في لبنان؟ ابراهيم ناصرالدين

الخلاف «التكتيكي» الأميركي السعودي ينعكس تصعيداً أمنياً في لبنان؟ ابراهيم ناصرالدين  

تبني رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري لنظريات غربية تفصل بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله، في سياق تبرير قبوله تشكيل حكومة «وحدة وطنية»، «مزحة» لم تنطل على احد، تقول اوساط في فريق 8 آذاروتشبه تبريرات سابقة لتنازلات قام بها تلبية لرغبات اقليمية ودولية. هذه التبريرات تشبه ايضا المحاولات الحثيثة من قبل قيادات تيار المستقبل لشرح كلامه الاخير في جنيف، والقول انه مجرد «اعلان نوايا» وليس اكثر. ولكن لماذا كل هذا التخبط والارباك في موقف «التيار الازرق»؟

المشكلة الرئيسية برأي الاوساط، أن «العقل الباطني» للرئيس الحريري لم يستوعب بعد حقيقة المشهد السياسي الذي يملي عليه هذا التحول في هذا التوقيت المتزامن مع انطلاقة المحكمة الدولية والتي كان يعول عليها كثيرا لتكون مادة احراج لحزب الله وليس العكس. وما حصل خلال الساعات القليلة الماضية يشير الى بلوغ التجاذبات الاميركية السعودية ذروتها في محاولات «التاثير» على موقف رئيس تيار المستقبل الذي اضطر الى تصحيح كلام مكتوب كان قد ادلى به في لاهاي كاد يطيح بكامل الاتفاق الذي لم تكتمل فصوله بعد.

ووفقا لتلك الاوساط، كاد الحريري من خلال القاء بيانه بعد جلسة افتتاح المحكمة الدولية ينسف كل الجسور التي عمل عليها في الايام والاسابيع القليلة الماضية، من خلال اتهامه «مواربة»لحزب الله بالمسؤولية عن عملية الاغتيال، رغم ان المحكمة تحاكم المتهمين كأفراد، ومع وصول تلك «الرسالة» السلبية الى الطرف الآخر تلبدت الاجواء، وابلغ من يعنيهم الامر بأن ثمة تنصلاً واضحاً من قبل الحريري لكل ما قيل من «تحت الطاولة» سابقا، وهذا يعني ان الجميع باتوا في حل من هذه التفاهمات.

وفهم لاحقا بحسب الاوساط من خلال الاتصالات التي اجريت داخليا وعلى مستوى اقليمي ودولي بأن الاميركين دخلوا بقوة على خط استيضاح الحريري لكلامه، وعما اذا كان بمثابة اعلان سعودي للعودة عما سبق وتم ابلاغه للاميركيين بأنهم لن يتدخلوا سلبا او ايجابا في مسألة تشكيل الحكومة، وطالبوا بتوضيحات علنية لهذا الموقف. وبعد ساعات من اعادة تفعيل زخم الاتصالات السعودية الاميركية، عادت الرياض وطلبت من الحريري توضيحات للموقف. أصر الفريق الاخر على عدم انتظار اطلالة الحريري الاعلامية المقررة مساء اليوم، وطالبوه بان يصحح الموقف من لاهاي، فتم حينها «ابتكار» صيغة المقابلة مع وكالة رويترز لاطلاق اعلانه الموافقة على المشاركة في حكومة مع حزب الله باعتباره «حزبا سياسيا»، وهذا ما اثار حفيظة حلفائه في بيروت الذين لم يفهموا هذا التبدل الحاد في الموقف بين ليلة وضحاها، خصوصا ان الاتفاق على تظهير الموقف كان مقررا ان يصدر في اطلالته على تلفزيون المستقبل. لكن من راجع الحريري في هذا السياق سمع منه كلاما واضحا حول دور اميركي ضاغط لا يريد تصعيدا على الساحة اللبنانية، ولعل ابرز تجلياته تجسدت في زيارة السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل لرئيس المستقبل والتي لم تكن «رحلة استجمام».

وتلفت تلك الاوساط الى أن ما تخشى منه واشنطن هو ان تؤدي «المناورات» السعودية الى افشال التفاهم على الساحة اللبنانية، خصوصا ان الرياض لا تزال غير مقتنعة بالاثمان المحققة جراء هذا التفاهم حتى اذا ما تم «تدوير الزوايا» في البيان الوزاري، فالسعودية تعرف جيدا ان حزب الله لن ينسحب من سوريا، ومسألة سلاحه غير قابلة للبحث سواء بقيت ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة» او تم حذفها، وما زال السؤال هو عن «الارباح» التي سيتم جنيها مقابل اراحة الحزب داخليا عبر منحه غطاء «شرعيا» لكل «ممارساته»؟ لكن للاميركيين حسابات «واقعية» اخرى مع ايران، ورؤية مستقبلية تقوم على قاعدة تقليل الخسائر على الساحة اللبنانية لان تحقيق الارباح لم يعد واردا في الوقت الراهن. ويبدو ان الرياض قد قبلت هذه المعادلة على «مضض».

هذا الامر ينسحب على كافة الملفات في المنطقة تقول الاوساط فعلى الرغم من النصائح الاميركية بضرورة هضم الواقع «الموضوعي» خصوصا في الازمة السورية، تصر الرياض على المضي قدما في «المواجهة»، ولفتت تلك الاوساط الى ان يد طهران الممدودة للسعودية تضمنت خلال الايام القليلة الماضية» رسائل» غير مباشرة اظهرت حسن النوايا لإقناع الرياض بأنها لا تسعى للعبث في المعادلة السياسية والاجتماعية السعودية، رغم الادلة التي تؤكد بان الوضع الداخلي في السعودية غير مريح. لكن الرياض اصرت على «السلبية» وكانت وما تزال العائق الاساسي امام مشاركة ايران في مؤتمر جنيف2.

وفي هذا الوقت لا تقف طهران مكتوفة اليدين فكانت الرسالة الابلغ في دعم النظام السوري، الزيارة المشتركة للوزير الخارجية محمدجواد ظريف مع نظيره السوري وليد المعلم الى موسكو، وجاء كلام رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني حول دعم حزب الله «والتضحية» لاجله، بعد ساعات من لقاء ظريف مع السيد نصرالله، في السياق نفسه. وفي هذا الوقت قدمت طهران دعما قويا لحكومة نوري المالي في حربه ضد الارهاب، وفي عمان كانت الرسالة الابلغ عندما التقى مرافقون لظريف بشخصية أمنية رفيعة المستوى قدمت خلال هذا اللقاء معلومات إيرانية ذات بعد أمني، ما قد يؤسس الى تطوير العلاقات الامنية بين الجانبين.

هذا على الخط الدولي والاقليمي، أما محليا، فتشير تلك الأوساط الى ان قوى 8آذار تنتظر اجابات واضحة على سلسلة من الاسئلة وفي مقدمتها دور ووظيفة هذه الحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه. وفي هذا السياق فان دخول الجنرال ميشال عون على الخط الجدي للتفاوض اضاف الى المناقشات ابعادا جديدة تتعلق باستحقاقات ما بعد تشكيلة الحكومة المزمع تشكيلها وخصوصا ملف رئاسة الجمهورية وربطا به استحقاق الانتخابات النيابية.

وتشير تلك الاوساط، الى ان مسألة المداورة في الحقائب والحصص الوزارية تبقى مسألة تفصيلية في المسار العام للتفاوض اذا ما اعطيت ضمانة واضحة حول حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده المقرر، لان الامر سيكون اساسيا كونه سيحدد العمر الافتراضي للحكومة وكذلك وظيفتها فاذا كانت مجرد حكومة تقطيع وقت لتمرير الاستحقاق الرئاسي فهذا سيخفف الشروط ويفتح الطريق امام تشكيل ولادة سريعة للحكومة الجديدة. أما اذا كانت النية تشكيل «حكومة وحدة» لادارة الفراغ الرئاسي المفترض، فهنا سستدخل معطيات جديدة على التفاوض ستجعل من عملية الولادة اكثر تعثرا وصعوبة.

وهذه النقطة ستكون شديدة الاهمية في الحوارات التي ستنطلق جديا في الساعات القليلة المقبلة، تقول الاوساط وقد يكون التفاهم اولا على اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده النقطة الجوهرية التي ستحسم الكثير من التوجهات الحكومية، فبالنسبة للجنرال عون الليونة في عملية تشكيل الحكومة ستكون مرتبطة بالاستحقاقات الاخرى، فاذا ما كان هناك تفاهم اقليمي ودولي على الاستقرار في لبنان، فالمفترض ان يشمل هذا الامر الاستحقاق الرئاسي، والمطلوب اجابات واضحة حول هذا الملف لانه يغير الكثير من المعطيات الحكومية، خصوصا مسألة المداورة في الحقائب الوزارية. وثمة خشية جدية لدى التيار الوطني الحر حول مسألتين اساسيتين الاولى ترتبط بحصول الاستحقاق في موعده، و«طبيعة» الرئيس المقبل.

وامام هذه المعطيات، ستكون الايام المقبلة حاسمة لجهة بلورة المشهد الحكومي، لكن التطورات الميدانية توحي بوجود اطراف متضررة من محاولات «ضبط» الايقاع على الساحة اللبنانية، فالصواريخ بقاعا، وعودة التوتر شمالا، تطرح الكثير من الاسئلة حول خلفيات هذا التصعيد، واذا ما صحت الانطباعات القائلة بان ما يحصل هو انعكاس للتباين السعودي الاميركي، فان الوضع الامني سيكون مفتوحا على تطورات «دراماتيكية» ربطا بمؤتمر جنيف 2 الذي لن يحمل اي تسويات جدية بل سيكون وفقا للكثيرين محطة لتصعيد خطير على الساحة السورية.

(الديار)

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: