Saturday, January 18, 2014

تيار المستقبل وظواهر التفكك

تيار المستقبل وظواهر التفكك

 لم يعُد جواب تيار المستقبل في شأن أي موضوع داخلي موحداً. ما يُنشر على لسان وأقلام وشخصيات معروفة بجدّيتها في تناول الشأن اللبناني وحتى الإقليمي والدولي، يطرَح أكثر من سؤال حول رؤية «المستقبليين»، وسبب خلافاتهم. فور إعلان رئيس مجلس النواب نبيه برّي مبادرته الأخيرة، انقسم التيار بين معارضين للمبادرة ومؤيدين لها، وإن بشروط. تعدّدت الآراء، واختلفت التصريحات، من دون أن تخرج الكتلة بموقف رسمي منها. هنا لا بد من استنتاج بعض الأمور المهمة. أولها أن الطباخين في تيار المستقبل باتوا كُثراً، وأن أجنحته لم تعد كلّها مرتبطة بالرأس الأساسي الذي يُمثله سعد الحريري.

الإنشطارات التي يعاني منها المستقبل ليست مجرد تعدد شخصيات بل هي شيزوفرانيا حقيقية وهي مرض تفككي يطال التفكك كافة عناصره واركانه. بما يستدعي العودة الى التوليفة النفعية التي تركب منها تيار المستقبل في بداياته.

لا نريد العودة الى عقدة رفيق الحريري حيال المثقفين ولا الى جهوده وانفاقاته المالية لاجتذابهم ولا الى تناوله وجبات الطعام معهم في مطعم لامب هاوس الروشة وغيره. اذ علينا الاكتفاء بالتذكير بان الرأي العام اللبناني ،والسني خصوصاً، كان ينظر للعاملين مع الحريري حتى اغتياله على انهم موظفون ساعون لرزق اطفالهم وعائلاتهم.

بعد الاغتيال تغيرت الامور وعبر تدخلات السفير سيء الذكر فيلتمان في تركيب هيكلية التيار واختيار قياداته ومرشحيه بات للتيار اجنحة بقيت مضبوطة ما بقيت اكثرية فيلتمان عقب مسرحية انتخابات 2005 وخرجت عن السيطرة بعد انتخابات 2009 حتى قاربت الانفجار مع هروب سعد الحريري خائفاً من الاغتيال!؟. ومخلياً الساحة لتناحر التيارات داخل تياره.

مراجعة بسيطة للتفكك المستقبلي تبرز لنا الاتجاهات الرئيسية التالية في المستقبل:

الاتجاه الامريكي: يتزعمه فؤاد السنيورة دون منازع لجودة ونوعية علاقاته مع الرجل الابيض ويليه صحافي يدعى نهاد المشنوق وقائمة من قيادات الصف الثاني والثالث الحاصلة على الجنسية الامريكية بـ “عرق الجبين” وقبل بروز الحريرية سياسياً بعد انحصارها في الاقتصاد.

الإتجاه العائلي: وتتزعمه النائبة بهية الحريري ساعية لتوريث ابنها احمد بعد تثبيته اميناً عاماً لتيار المستقبل (مفارقة لا يمكن التوقف عن الضحك حيالها) ويتحلق حولها مترددونبين اتجاهات اخرى وبخاصة رعاع الاتجاه الامريكي ممن يجدون في دعم بهية وممالقتها دعماً لحظوظ استمراريتهم.

الإتجاه اليساري المنحرف: لا يمكن تجاهل الشخصيات اليسارية التي عانت الامرين من سقوط الشيوعية وبحثت لدى الحريرية عن “لقمة عيش”. وبين هؤلاء اسماء كبيرة كان اجدر بها ان تتحمل نيران جهنم على ان تبيع تاريخها بهذه السفاهة وفي سوق نخاسة سياسي هي الادرى بمدى جهالته. وفي الاسماء محمد كشلي ويساريون “شلح” آخرون ممن تصدوا للتنظير ولتسويق فكر سعد الحريري. نقول فكر لان الالفاظ لا تسعفنا لتوصيف ما يفعله هذا السعد.

الإتجــاه المناطقي: وقوامه زعامات الاحياء الشعبية في المناطق السنية الفقيرة مثل طريق الجديدة وطرابلس وعرسال وعكار وغيرها… وهي زعامات لها تاريخ نضالي وطني وقومي لكنها وجدت التبرير الاخلاقي لرفد التيار وفق معادلة ان “اغتيال الحريري مقدمة لاغتيال الطائفة”. وهذه الزعامات قبلت المعادلة بالتواطوء لانها صاحبة خبرة في التقلبات السياسية اللبنانية من ثورة 1958 والحرب الاهلية وحركة ابو عمار والدخول السوري الى لبنان. وهذا الاتجاه هو الاكثر تقلباً والاقل ولاء في المستقبل بسبب خبراته المشار اليها اعلاه. وهو انشطر وانقلب وتفتت بمجرد ادعاء الافلاس الحريري ووقف المعونات بحجته.

إتجاه الطـارئين: هم الهوامش الاجتماعية في المجتمع السني حيث لكل مجتمع هوامشه المنبوذة. وهؤلاء رأوا في اغتيال الحريري فرصة للقائهم الهوامش العليا (الثرية) للطائفة وسط سيرورة استخباراتية مدروسة للقضاء على الزعامات السنية التقليدية التي ترعب هذه الهوامش بسبب ملكيتها لسجلاتهم الاخلاقية التي نبذهم المجتمع على اساسها. فيما استصدر المستقبل لهؤلاء شهادات حسن سلوك بل اعطاهم الصدارة في الطائفة. وهو الخطأ المميت للمستقبل ولمن هم وراءه. اما عن موقف الطارئين من انشطارات المستقبل فيتلخص باستمرار السطو على ما تطال ايديهم تمهيداً للهجرة فور عودة القيم السنية الى اصالتها. بما يستتبع حسابات عسيرة لمن لا يسرع بالهروب منهم.

هو تنصيف يلخص ايديولوجيات التيار الذي يدعي زعامة السنة رغم معرفته ان الضغوط الامريكية المؤدية لاجبار حزب الله على التحالف الرباعي المشؤوم في انتخابات 2005 هي صانعة هذه الزعامة العابرة. فلا الاغتيال ولا المحكمة الدولية ولا المال السياسي كانوا قادرين بتحويل هذه الفئات الضالة الى زعامات.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: