حصرياً لـCNN بالعربية.. ما لا تعرفه الحكومة الكويتية عن "الحياة السرية للبدون"
مجموعة من النساء البدون تشاركن بندوة نظمتها إحدى الجماعات الحقوقية بالكويت
الكويت (CNN)- فرضت "سياسة التضييق" التي بدأت الحكومة الكويتية في انتهاجها ضد عديمي الجنسية، أو من يُطلق عليهم "البدون"، منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، حتى وقت قريب، على أبناء هذه الفئة اتباع أساليب جديدة للتحايل والالتفاف على ما تتضمنه تلك السياسة من إجراءات وممارسات، اعتبروا أنها تجحف بحقوقهم.
وبحسب ما علمت CNN بالعربية من ناشطين حقوقيين كويتيين، ومن خلال مقابلات مع عدد من أبناء فئة "البدون"، فإن "وثيقة التضييق" على من تسميهم الحكومة الكويتية "المقيمون بصورة غير قانونية"، قد صدرت في عام 1986، إلا أنه تم العمل بها على نطاق واسع، في أعقاب "الغزو" العراقي للكويت، عام 1992.
وكان المغزى من الوثيقة، التي صدرت بشكل سري، وعن لجنة حكومية سرية، أن هناك عدد كبير من عديمي الجنسية يعيشون في الكويت، على الدولة أن تتخلص منهم، من خلال الضغط والتضييق عليهم، بحرمانهم من الضمان الصحي، والتعليم، وعدم إصدار شهادات الميلاد أو الوفاة، بل وحتى وثائق الزواج لهم.
وذكرت الناشطة الحقوقية الكويتية، رنا العبدالرزاق، عضو "مجموعة 29"، التي تستند في اسمها إلى المادة 29 من الدستور الكويتي، أنه "بعد الغزو، وجدت الحكومة ذريعة لها لتنفيذ سياسة التضييق على البدون على نطاق واسع، مع توظيف واستغلال اتهامات بحقهم، بأنهم قاموا بالتعاون ومساعدة الجيش العراقي."
ولفتت الناشطة الكويتية، في تصريحات لـCNN بالعربية، إلى أن الأجهزة الحكومية، قبل الغزو، كانت تعتبر في تقديراتها الرسمية، أن نسبة تتراوح بين 50 و60 في المائة من البدون هم من أصول سعودية، ولكن الحال تبدل بعد الغزو، حيث صارت التقديرات تقول إن نسبة 50 إلى 60 في المائة منهم من أصول عراقية.
وكنتيجة لـ"سياسة التضييق"، لم يكن بإمكان أبناء البدون الحصول على حقهم في التعليم، حتى أصبح هناك جيل كامل من غير المتعلمين، بدءاً من عام 1986 حتى عام 2003، عندما تداركت الحكومة المشكلة، وقامت بإنشاء "صندوق التعليم"، الذي يساهم في تكاليف تعليم البدون في المدارس الخاصة، دون السماح لهم بالالتحاق بالمدارس الحكومية.
إلا أن "الأمر الأسوأ"، بحسب عدد من أبناء البدون، طلبوا من CNN بالعربية عدم ذكر أسمائهم حرصاً على سلامتهم، تمثل في حرمانهم من شهادات الميلاد ووثائق الزواج، الأمر الذي دفعهم إلى اللجوء لما وصفوها بـ"أساليب قانونية" للتحايل على ذلك "الواقع المرير"، الذي فرضته الحكومة على حياتهم.
فعلى سبيل المثال، عندما كان شاب وفتاة من البدون يرغبان في الزواج، كانا يقومان بعقد القران وإتمام الزواج "شرعاً" أمام أحد شيوخ المساجد، بحضور أسرتيهما، إلا أنهما لم يكن بإمكانهما الحصول على وثيقة رسمية تفيد بزواجهما، وفي حالة الإنجاب لم يكن باستطاعتهما أيضاً الحصول على شهادة ميلاد لطفلهما.
وللالتفاف على ذلك، كان أحد الزوجين أو كلاهما يقوم برفع دعوى "زنا" ضد الآخر، أمام المحكمة، التي كانت في العادة تصدر أحكامها بتزويجهما، وبالتالي يحصلان على وثيقة رسمية تثبت زواجهما ، أما بالنسبة للأطفال، فكانا يسلكان نفس الطريق، عن طريق رفع دعوى "إثبات نسب"، للحصول على حكم قضائي بنسبه إليهما.
أما في حالة إذا ما أقدم أحد أبناء البدون على الزواج من فتاة كويتية، فإن حياتهما الزوجية ستظل على الدوام "مهددة"، حيث أن القوانين المعمول بها في الدولة النفطية الخليجية، تمنع أبنائهما من الحصول على الجنسية الكويتية، إلا في حالة إذا ما وقع الطلاق بينهما، بل ويجب أن يكون الطلاق "بائناً لا رجعة فيه."
وبالفعل، كما أكد ناشطون كويتيون لـCNN بالعربية، كانت بعض الأسر الكويتية تشجع بناتها المتزوجات من أزواج من البدون، على الطلاق من زوجها لـ"ضمان مستقبل أبنائها"، فيما كانت أخريات تتفق مع أزواجهن على أن يتم الطلاق بينهما "بشكل صوري"، على أن يعودا لمواصلة حياتهما معاً "بصورة غير قانونية."
وفي حالة إذا ما حدث العكس، أي زواج شاب كويتي بفتاة من البدون، فإن الأمر لا يخلو من "تهديد خطير" يهدد مستقبل أسرة الفتاة بأكملها، حيث يتوجب على الفتاة أن تقدم وثيقة تحمل جنسيتها لإتمام مراسم الزواج، ونظراً لأنها من "عديمي الجنسية"، كان عليها أن تختار لنفسها أي "جنسية"، تضعها في وثيقة الزواج.
إلا أنه في حالة إذا ما اختارت الفتاة لنفسها جنسية غير كويتية، سرعان ما تقوم الحكومة بإدراج أسرتها بأكملها تحت هذه الجنسية، الأمر الذي يفقدها أحد شروط الحصول على الجنسية الكويتية، في الوقت الذي لا يوجد فيه لدى الأسرة أي وثيقة تفيد بحملها تلك الجنسية الأخرى.
وعن هذه "الأساليب" التي كان يلجأ إليها أبناء البدون للالتفاف على ما فرضته عليهم "سياسة التضييق"، اعتبرت العبدالرزاق أن "تلك السياسة خلقت واقعاً مريراً تمتهن فيه كرامة البدون، كما خلقت أساليب غريبة ودخيلة على المجتمع الكويتي، أساليب للتحايل والتلاعب.. مازال المجتمع الكويتي يدفع ثمنها حتى الآن."
إلا أن الناشطة الكويتية أكدت أن هذا الواقع قد تغير عام 2011، عندما قررت الحكومة الاستجابة لمطالب البدون، الذي بدأوا في النزول إلى الشوارع، في احتجاجات غير مسبوقة في الكويت، حيث تم منحهم 11 ميزة، من بينها الحق في الحصول على شهادات ووثائق ثبوتية رسمية.
ووفق "الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية" في الكويت، وهو جهاز حكومي يتبع رئاسة مجلس الوزراء، فإن القرار الذي يحمل رقم 409 لسنة 2011، يتضمن "تقديم المزايا والخدمات والتسهيلات في المجالات الإنسانية والاجتماعية والمدنية."
ويشمل القرار، الذي اطلعت CNN بالعربية على نسخة منه، 11 ميزة، هي: العلاج، التعليم، إصدار شهادات الميلاد، إصدار التوثيقات الخاصة بالوصايا والإرث، إصدار وثائق الزواج، إصدار شهادات الطلاق، إصدار شهادات الوفاة، إصدار رخص قيادة السيارات، العمل، منح البطاقة التموينية، رعاية ذوي الإعاقة.
0 comments: