Sat, 05/31/2014 -
بقلم: نير حسون
ما زال يُسمع كلام على تقسيم القدس منذ وُحدت، لكن مجموعة من مهندسي العمارة المقدسيين تجرأوا على اثبات وتجسيد ما يرفض كثيرون البحث فيه وهو التقسيم الفعلي للمدينة بين الاسرائيليين والفلسطينيين
أُثيرت منذ كان يوم توحيد القدس قبل 47 سنة تقريبا أفكار تتعلق بكيفية تقسيمها من جديد. وقد رسمت خطوط تقسيم في مؤتمرات السلام في كامب ديفيد وطابا والغرفة البيضوية عند الرئيس كلينتون وفي غرفة عمل رئيسي الوزراء اهود باراك واهود اولمرت. لكن اقتصرت الافكار في الاكثر على رسم خط التقسيم وعلى اقتراحات مختلفة – عجيبة احيانا – لتقاسم السيادة في الاماكن المقدسة وفي الحوض التاريخي.
وحاول قليلون إن كانوا حاولوا أصلا، فهم هل يمكن أن تُقسم القدس حقا من جديد؟ واذا حدث ذلك فكيف يبدو الحد؟ فهل يُقام سور في قلب المدينة؟ وأين ستكون المعابر ومن يستطيع المرور فيها؟ وكيف ستكون حال نظم الشوارع والنقل العام؟ وتحاول الاجابة عن هذه الاسئلة منذ عشر سنوات مجموعة مهندسي عمارة برئاسة يهودا غرينفيلد – غيلات وكيرن لي بار – سيناي. يعرف متخذو القرارات في جميع الاطراف الخطط التي يُكشف عنها هنا لأول مرة في الصحف العبرية، معرفة جيدة. ففي احدى الجلسات التي شارك فيها رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس، عرض الاول مخطط غرينفيلد – غيلات وبار سيناي لمحطة الحدود المستقبلية بين حيي الشيخ جراح وبيت يسرائيل. وقد توجه رئيس فريق التفاوض الامريكي مارتن اينديك قبل نصف سنة وحصل على الخطط. وعلى أثر ذلك توجه غرينفيلد – غيلات الى وزير الخزينة العامة يئير لبيد، ورئيس المعارضة اسحق (بوغي) هرتسوغ وعرض عليهما المواد. «اعتقدت أن ليس من المنطقي أن تكون هذه المعلومات عند الامريكيين ولا تكون عند الاسرائيليين»، يقول. وتعرف الوزيرة تسيبي لفني ايضا، المسؤولة عن التفاوض الذي انهار الآن، تعرف الخطط وكذلك الساسة من اليمين ايضا الذين طلبوا ألا يُكشف عن أسمائهم.
لا تكتفي الخطط بخط حدودي بل تواجه كل الاسئلة والصعاب والعوائق في مدينة مقسمة. وتقترح الوثائق حلولا (غير نهائية احيانا) لمشكلات الأمن والسياحة والأداء الاقتصادي للمدينتين والنقل العام والمعابر وقابلية خط الحدود للرؤية وغير ذلك. وتتناول الخطط حتى النباتات عند جدار الفصل وموضع آلات تصوير الحراسة. وليس الهدف بالضرورة أن تكون تلك خطة عمل لتقسيم القدس بل أن تثبت لمتخذي القرارات وللجمهور الاسرائيلي قبل الجميع أن ذلك ممكن. فهو معقد وباهظ الكلفة وغير لذيذ لكنه ممكن.
«من الواضح أنه لن توجد تسوية سياسية دون تقسيم القدس»، يقول المحامي داني زايدمان، وهو خبير بشؤون المدينة كان يصاحب مشروع مهندسي العمارة منذ سنين. «لكن رئيس المجلس البلدي بركات جاء الى متخذي القرارات وقال لهم إن ذلك غير ممكن. فهم لا يستطيعون مواجهة ذلك؛ فجأة حينما أصبحت توجد مجسمات وأصبحت تنجح في رؤية كيف سيبدو ذلك في الواقع، ولذلك تأثير غير عادي. «لا أعرف سابقة مدينة تُقسم في اطار اتفاق سياسي»، يضيف زايدمان، «فالمدن تقسم في الحرب في الاكثر. والتسوية كما أراها تقوم على حقيقتين: الحقيقة السياسية والحقيقة المدنية. وما يفعلونه هو الفحص العميق عن الآلية – كيف تنشيء مدينتين قابلتين للبقاء مع أقل إضرار بالمدينة». ومقدمة هذا المشروع العمراني الضخم هي بحث نهائي أعده غرينفيلد – غيلات، وبار سيناي وآية شبيرا في السنة الخامسة من دراسة هندسة العمارة في التخنيون في 2003. وبعد ذلك بسنة قتلت شبيرا في كارثة التسونامي حينما كانت تقضي عطلة في تايلاند. وانشأ بعد ذلك غرينفيلد – غيلات وبار سيناي مكتبهما لهندسة العمارة «سايا» على اسمها («ستوديو آية»).
تناول بحثهم النهائي التخطيط لمحطة نقل عام في منطقة باب الخليل في وضع مدينة مقسمة. وكانت القوة المحركة هي بناء جدار الفصل، «في ذلك الوقت بالضبط بدأ بناء الجدار، وهو أكبر مشروع بنية تحتية بني في الشرق الاوسط دون أن يعتقد أحد أنه كذلك»، تبين بار – سيناي. «وكانت لذلك معان جغرافية – سياسية بعيدة المدى ولم يرد على ذلك أحد في مجموعة مهندسي العمارة. ويبدو لنا أنه يوجد هنا مكان للتفكير في الصورة التي يستطيع مهندسو العمارة أن يكونوا فيها جزءً من صوغ السياسة. وكيف لا يُترك هذا المشروع لرجال الامن فقط الذين لا يفهمون في التخطيط».
كان المبدأ الموجه في البحث النهائي الذي سيصاحبهما ايضا فيما يلي إحداث وضع تصبح فيه الحدود الطبيعية في المدينة حدودا بين الدولتين، وبذلك لا يشعر مستعمل المواصلات مثلا بأنه يجتاز الحدود بل يمر ببساطة بين محطات مختلفة للمواصلات. «والفكرة هي أن يُنزع عن الحدود معناها وأن تُجعل شيئا نعرفه في حياتنا اليومية»، يقول غرينفيلد – غيلات. «على سبيل المثال حينما تجعل الحدود في شارع رئيس تحوله الى قطعة أثاث مدنية وتخفف المعنى الثقيل للحد».
كان أحد زوار المعرض النهائي مهندس بلدية القدس آنذاك ومخالف القانون المُدان اليوم أوري شتريت. ويتذكر غرينفيلد – غيلات وبار – سيناي انتقاده الذي كان قاتلا ومُذلا على أنه نوع من صدمة شعورية. «ليست هذه هندسة عمارة بل هي سياسة»، قال للطلاب الشباب موبخا إياهم. وبعد أن أنهوا اللقب الجامعي وبتشجيع من يوسي بيلين تم توسيع المشروع ليشمل المساحة البلدية كلها باعتباره جزءً من خطط أعدها ناس مبادرة جنيف. وتم المشروع بدعم من صندوق التعاون الاقتصادي (إي.سي.اف) ومعهد دانيال ابراهام لتقديم السلام قدما في الشرق الاوسط، وشارك فيه مهندستا العمارة حن فركش، وليئان عيدان – سغئاه ومهندس العمارة كوبي روتنبرغ.
أصدروا حتى 2007 أكثر الخطط وطوروها منذ ذلك الحين. وكانت النتيجة النهائية مجموعة من عشر كراسات ثخينة ومئات الرسومات والمجسمات التي تتناول قضايا مختلفة من تقسيم المدينة. والرسالة الرئيسة التي تظهرها الكراسات وكلام غرينفيلد – غيلات وبار – سيناي هي أن الحديث بلا شك عن مشروع ضخم يحتاج الى موارد كثيرة ويوجب تغييرات بعيدة المدى في المدينة. لكن في الخلاصة يُقال إنه برغم 47 سنة احتلال واستيطان وبرغم جهود لا نهاية لها لمحو الخط الاخضر في القدس ما زال الخط نافذا قائما ويمكن تقسيم المدينة بحسبه تقريبا. هذا الى أن الحياة اليومية للمقدسي العادي لن تتضرر كما يقولان. «لن تشعر الاكثرية المطلقة من سكان القدس بتغيير في حياتهم اليومية»، يقدر غرينفيلد، «فأكثر الحدود ستمر في مناطق مفتوحة وسيمر 5 بالمئة فقط منها في مساحة بلدية وفي مكان واحد فقط – في أبو طور – في طول 500 متر سيكون شارع أحد جانبيه جدار كما كانت الحال في برلين».
إن غرينفيلد هو إبن عضو الكنيست السابقة من حزب ميرتس، تسفياه غرينفيلد. وهو يعتمر قبعة دينية ويؤكد مرة بعد اخرى أن عمله مشروع صهيوني خالص. «من المؤكد أن يقول عدد من القراء إنني يساري هاذٍ ويقضون على الامر، لكن ذلك هرب من الحقيقة فأنا صهيوني وابن عائلة من الصهيونية المتدينة، وأنا نفسي أحفظ الفرائض وأهتم بمستقبل هذه المدينة ومستقبل أبنائنا. وليست عندي أية مشكلة في محادثة خطط اخرى تضمن المصلحة الصهيونية في القدس – لكن لا يمكن الاستمرار على قول إنه لا يجوز الحديث عن القدس. ومنذ خسر بيرس بزعم أن «بيرس سيقسم القدس»، يخشى الناس الحديث عن ذلك ونحن نخسر لذلك، فأنا أقول تعالوا نتحدث عن القدس».
في تاريخ الحوار في تقسيم القدس يوجد نموذجان لتقسيم المدينة. الاول نموذج المدينة المفتوحة ويكون في القدس بحسبه نظام خاص لمدينة واحدة ذات سلطة بلدية واحدة لكنها تكون في الوقت نفسه عاصمة دولتين. والنموذج الثاني هو نموذج تقسيم صارم واضح للمدينة مع حدود ومعابر حدودية في قلبها. وفي النموذج الثاني ستصبح القدس مدينتين منفصلتين تؤديان عملهما كل واحدة على حدة مع علاقات متبادلة. وعلى حسب ما يقوله المحامي زايدمن، يميل الطرف الاسرائيلي في التفاوض الى حدود صارمة في حين يميل الفلسطينيون الى مدينة مفتوحة. «إن الخوف المركزي عند الجهات الامنية في اسرائيل هو من ظاهرة «نفق الريح» – أي أنك اذا أبقيت القدس مفتوحة وسائر الحدود كلها مغلقة فستصب كل المشكلات في القدس».
لكن نموذج المدينة المفتوحة يثير صعابا كثيرة تضاف الى المشكلات الامنية، لأن معنى المدينة المفتوحة هو أنه ينبغي حصرها بحدود تحيط بها، أي أن الشخص الذي يسكن في القدس ويعمل في تل ابيب سيضطر الى أن يمر مرتين كل يوم من معبر حدودي ويعرض جوازا أو بطاقة اخرى. «لا توجد طريقة اخرى لتستطيع مدينة فيها مليون ساكن تقريبا أن تؤدي عملها مع مثل هذا التصور الامني»، يزعم غرينفيلد. والنموذج الذي يقترحه غرينفيلد وبار – سيناي تأليفي، فمن جهة تقسم المدينة الى مدينتين. ومن الجهة الاخرى تكون منطقة البلدة القديمة وربما مناطق مجاورة ايضا ذات مكانة مميزة لا توجد لأي طرف سيادة كاملة عليها. والمبدأ الموجه في رسم الخط هو نفس المبدأ الذي أقره الرئيس كلينتون قبل 14 سنة ويقضي بأن تبقى جميع الاحياء اليهودية التي بنيت وراء الخط الاخضر في جانب الحد الاسرائيلي وكذلك ايضا مستوطنتا معاليه أدوميم وجفعات زئيف.
حينما يُنقل خط الحدود من الخرائط في غرف المباحثات الى الارض – الى الشارع المقدسي المكتظ – تبدأ المشكلات. يؤمن غرينفيلد وبار – سيناي بأنه يمكن أن يُمد أكثر الخط على طول حدود بلدية موجودة أصلا في داخل مدينة حديثة. وكل ما يحتاج اليه كما يقولان الربط بين تلك الحدود وتقويتها. «نحن نجرب الحدود في حياتنا كلها»، تقول بار – سيناي. «فحينما تُمرر بطاقة لدخول القطار الارضي مثلا فانك اذا تخيلت ذلك على هذا النحو فليس معقدا جدا. وحينما تدخل الى الفاتيكان في روما يجري تفتيشك كأنك في مطار. فنحن نريد أن تكون البلدة القديمة مثل الفاتيكان. وليس ذلك مقرونا بتغييرات بعيدة المدى. ينبغي السير مع المدينة لا بعكسها وأن يتم فعل ذلك على صورة يستطيع الناس التعايش معها».
الشارع رقم 1 مثلا
إن أفضل مثال على استعمال حدود بلدية «طبيعية» لتقسيم المدينة هو الشارع رقم 1 المعروف ايضا باسم طريق حاييم بارليف. فالشارع الذي يخرج من باب الخليل الى مفترق التلة الفرنسية يمر في مسار الخط الاخضر. وليس ذلك مفاجئا من جهة تخطيطية لأن الشريط الذي أقيم الشارع عليه كان ارضا مشاعا بين المدينتين بين سنة 1948 وسنة 1967. ولذلك لا توجد فيه مبان وكان ملائما لشق الشارع. والحديث عن شارع سريع متعدد المسالك، في مركزه سكة القطار الخفيف وجزيرة حركة طويلة. والشارع أصلا يشبه حاجزا من جانب الى جانب بالنسبة للمارة. وعلى حسب الخطة سيقسم الشارع طولا. فأما نصفه الشرقي فسيخدم المدينة الفلسطينية وأما الغربي وفيه سكة القطار فسيخدم المدينة الاسرائيلية.
تشتمل الخطط على تفصيل الحديث عن العائق الذي سيقام في مركز الشارع: فهو قناة وجدار وحديقة ووسائل انذار وستبدو للسائر في هذا الشارع مثل جزيرة حركة مجسمة لا مثل جدار حدود مهدد. وستوجد على طول الشارع رقم1 محطتان حدوديتان احداهما في مفترق التلة الفرنسية والثانية في الشيخ جراح (وهي محطة حظيت باسم «القنصلية الامريكية» باسم الفندق الشهير الذي يقع هناك). وهناك مبدأ آخر يحرصان عليه وهو قدرة الخطة على التغير. فمهندسا العمارة يقترحان اقامة المنشآت الحدودية الجديدة بحيث يمكن نقضها حينما يحين الوقت اذا حان – كما نقضوا بالضبط المعابر الحدودية بين الدول الاوروبية. وحينما يصل الحد الى منطقة باب الخليل يمر في داخل محطة نقل عام كبيرة يمكن دخولها من طرفي المدينة. وستصبح الحدود بين الدولتين كما عرضت في المشروع النهائي هنا معبرا بين أرصفة المواصلات العامة. فاذا كنت راغبا في السفر الى تل ابيب فستقف في الرصيف الغربي واذا كنت متجها الى رام الله فستنتقل الى الشرقي.
وبخلاف تصورهما الذي يرى أنه لا يمكن أن يستعمل في القدس نظام مدينة مفتوحة خاص، كما قلنا آنفا، يؤمنان فيما يتعلق بالبلدة القديمة بأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتمكين من استمرار أداء عملها. فهما يريان أن كل محاولة لتقسيم البلدة القديمة في مركزها ستفضي الى خرابها. «تعرف البلدة القديمة تأدية عملها بصورة ممتازة»، يقول غرينفيلد. «لا توجد أية طريقة لتقسيمها مع إبقائها مؤدية لعملها. ويمكن التفكير فيها مثل متحف كبير أو محطة سفر».
سينشأ في داخل البلدة القديمة وفي الاماكن المقدسة نظام خاص مع تقاسم سيادة خلاق على نحو ما. وعلى حسب الخطة ستصبح ابواب البلدة القديمة ممرات دخول وخروج للجمهور. «إن الفكرة هي ابعاد كل موضوع التفتيش والابتعاد عن الاسوار كي لا يُمس بها»، يقول غرينفيلد مفسرا. وقد حصر مهندسو العمارة من سايا عمارتهم في الاساس في اعداد خطط للمرور من باب الخليل. وهم يفضلون من جهة ايديولوجية أن يخطط مهندسو عمارة فلسطينيون خطط الابواب في القسم الشرقي من السور.
ومهما يكن الامر فانهما يقترحان بديلين لمحطة التفتيش في باب الخليل – الاول هو انشاء المحطة في طرف جادة حوانيت ماميلا (جادة أكيروف) حيث توجد اليوم حانوت المجوهرات هـ. شتيرن. وفي البديل الثاني يقام المعبر في فضاء كبير تحت الارض نشأ بسبب حفريات أثرية بين الجادة والباب. وفي هذه الحال تكون نقطة التفتيش ايضا متحفا أثريا لزوار البلدة القديمة.
وصل لا فصل في هذا الوقت
حينما يُتجه الى تخطيط الحدود جنوبي البلدة القديمة تنجم واحدة من أقسى المشكلات لمخططي الفصل وهي حي أبو طور. وهذا الحي الفخم هو طراز مميز لحي مختلط تمر فيه الحدود بين البيوت. وتنحصر المشكلة في المنطقة بين شارعين – أبو طور الفلسطيني وعين روغيل الاسرائيلي في أكثره. ولن يوجد مفر هنا سوى انشاء سور في قلب منطقة سكنية. لكن يثير غرينفيلد وبار – سيناي هنا ايضا عددا من الحلول لتليين الحدود كأن تمر الحدود مثلا في مسار يستغل الفروق في الارتفاع وأسطح البيوت القائمة للامتناع بقدر المستطاع عن انشاء أسوار جديدة، ويقترحان مع ذلك انشاء ما يشبه متنزه خط التماس على طول جانبي الحدود، بحيث يعطي الحدود صورة مكان جذب سياحي شيئا ما.
تمر الحدود في بعض الحي في حديقة عامة وقرب مبنى مركز جماهيري. ويقترحان هنا جعل الحديقة والمركز الجماهيري مشتركين للطرفين، مع أبواب دخول وخروج مزدوجة. «نخطط في الحقيقة للوصل لا للفصل»، يقول غرينفيلد. «لا أعلم هل يكون اتفاق أم لا لكن اذا كان فهذا هو المكان الذي ستمر الحدود منه، فلا يوجد مكان آخر، ولهذا يجب النظر الى ذلك بجدية، وأكثر مما أدعو الى انشاء اتفاق وتقسيم المدينة أدعو الى تناول هذا السيناريو بجدية».
يرفض غرينفيلد – غيلات الى الآن أن يتأثر بتوسيع الاحياء اليهودية، الذي يُهيج عددا من المنظمات اليسارية والادارة الامريكية من آن لآخر. فمهندس العمارة الذي يقسم المدينة لا يرى في زيادة عشرات الوحدات السكنية في غيلو أو بسغات زئيف شيئا مهما؛ إن المشكلات الكبيرة تنشئها على الخصوص المستوطنات الصغيرة بين السكان الفلسطينيين مثل مشروع انشاء مدرسة دينية جديدة كبيرة في الشيخ جراح. إن هذه المدرسة ويا لمبلغ السخرية، خُطط لها في نفس المكان الذي خُطط فيه للمعبر الحدودي الذي عرضه اولمرت على عباس.
كما قلنا من قبل يعرف غير قليل من الاشخاص في القدس ورام الله وواشنطن خطط سايا معرفة جيدة. وهما يجيبان عن سؤال ألا يخشون أن يفضي الاطلاع على تعقيد المشروع الى أثر عكسي – أثر صد ويأس من القدرة على تنفيذ التقسيم – يجيبان بـ لا. «في اوروبا ايضا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لم يتخيل الناس أن تصير اوروبا الى ما صارت عليه اليوم»، تقول بار – سيناي، «يوجد بُعد زمني ونُبين نحن فقط أن القدرة موجودة. فاذا كان البشر قد استطاعوا ايصال انسان الى القمر فهم يستطيعون فعل هذا ايضا. إن مهمتنا هي أن نظهر أن كل تسوية ممكنة من جهة العمارة وأنها شيء يمكن تأميله لا الخوف منه فقط. وحينما تترجم الصعاب السياسية الى مشكلات فنية يتبين لك أن الصراع قابل للحل».
«إن الوضع القائم أكثر يأسا بما لا يقبل المقارنة»، يقول زايدمان. «نحن نعيش في مدينة افتراضية. فهي مدينة اسرائيلية لكن 40 بالمئة من سكانها ليس لهم حق في الانتخاب. وهي مدينة مقسمة أخذت تتعفن وتنهار على نفسها. يقولون إنه توجد مشكلة صعبة لكن اليكم الحل. وهو ليس مثاليا لأنه سيبقى جرح، لكن يمكن السير بالبكيني أيضا». «أفكر في ذلك كل يوم»، يضيف غرينفيلد – غيلات. «يصيبني اليأس ظهرا وأشرب كأسا في المساء وأعود الى ذلك. لأنه ما البديل؟ لا يوجد انطلاق سريع رومانسي الى غرق مع الفلسطينيين، لا توجد نهاية كهذه، وهذه هي الحقيقة القاسية. هذا هو الامكان الصهيوني الوحيد اذا أردت أن أضمن مستقبل أولادي في الدولة اليهودية. فجد لي من فضلك حلا آخر».
هآرتس
0 comments: