Monday, January 5, 2015

أوباما يرفع الحظر عن كوبا وعينه على ايران..

أوباما يرفع الحظر عن كوبا وعينه على ايران..

لا يمكن لنا ان نستمر خمسين عاما اخرى باتباع سياسة اثبتت فشلها خلال الخمسين عام الماضية، هذا الكلام للرئيس الامريكي باراك اوباما قاله في خطابه الموجه الى الشعب الامريكي بمناسبة قراره رفع الحصار والعقوبات الامريكية على كوبا منذ نصف قرن من الزمن. لقد احتاج اوباما ستة اعوام من ولايتيه الرئاسيتين لاقناع المعترضين على رفع الحصار عن كوبا ان عليهم عدم الاستمرار في تعنتهم هذا.
في كلام الرئيس الامريكي دلالات لا تخفى على احد ، والخلاف الامريكي مع كوبا في كل بنوده ليس سوى نسخة مصغرة عن الصراع الامريكي مع ايران، لقد اعترف اوباما في خطابه الشهير في جامعة القاهرة عام 2008 باخطاء السياسة الامريكية في العالم الاسلامي ، ومن هذه الاخطاء  التي اشار اليها اوباما تلميحا الموقف الامريكي من ايران.
واول ما يخطر ببال الساسة الغربيين والعرب حلفاء امريكا الخليجيين تحديدا عندما يشهدون كيف يرفع اوباما الحظر عن كوبا ان هذا يمثل الانطلاق لما يحضره اوباما كي يكون ارثه السياسي الكبير وهو إعادة العلاقات مع ايران خلال الفترة المقبلة.
والاستعدادات في العواصم الاوروبية لعودة العلاقات الامريكية الايرانية تجد ملامحها الواضحة اكثر في العاصمة الفرنسية باريس التي بدأت بتغيير موقفها المتعنت في مفاوصات الملف النووي الايراني، كما انها دخلت مع ايران في تواصل مباشر لاول مرة حول الملف الرئاسي اللبناني العالق منذ ثمانية أشهر، وهذا التواصل الفرنسي مع ايران حول لبنان يعتبر خرقا لسياسة باريس القديمة في مراعاة السعودية ودول الخليج في كل ما يتعلق بالنفوذ الايراني في لبنان.
في هذا الموضوع تحديدا تشير معلومات في باريس الى لقاء منفرد جمع اعضاء الوفد الايراني مع الوفد الفرنسي على هامش جولة المفاوضات النووية الاخيرة التي عقدت في جنيف، ويبدو ان باريس بدأت تتحضر للإتفاق المرتقب بين ايران والولايات المتحدة خلال الاشهر القادمة، وقد بدأت فرنسا نقاشات بعيدة عن الإعلام مع ايران لبدء عودة شركة (بيجو سيتروان) الفرنسية المصنعة للسيارات الى ايران بعد غياب عدة سنوات وهذه العودة تاتي بعد رفع امريكا اعتراضها على عودة شركات السيارات الاوربية الى ايران.
في قرار اوباما بإعادة العلاقات مع كوبا نقاط عديدة تنطبق كلها على ايران، وهذا ايضاً يشير الى ان الرئيس الامريكي يحضر ضربته الدبلوماسية الكبرى بعودة العلاقات الامريكية الايرانية، ويمكن تعداد هذه النقط كما يلي:
1 – قال اوباما ان امريكا اتبعت  سياسة مع كوبا لعدة عقود  عفا عنها الزمن ولم تنجح في تقدم المصالح الامريكية ، ( اذا وضعنا ايران مكان كوبا يمكن ان نرى اوباما يقول نفس الشيء).
2 – قال اوباما انه يريد ان يخلق فرصة للشعبين الامريكي والكوبي، وفي ما يخض ايران يردد اوباما منذ بداية حكمه انه يريد علاقات شاملة مع ها البلد.
3 -  لقد كان للعقوبات مفاعيل قليلة وبقي النظام الشيوعي في كوبا منذ خمسين عاما وهذا الامر ينطبق على النظام الاسلامي في ايران الباقي منذ  العام 1978 والذي يزداد قوة ويتمدد نفوذه .
وفي  الحسابات الامريكية مع كوبا ان هذا البلد بدأ عملية انفتاح اقتصادي مع الصين ودول اوروبية وهذا الامر ينطبق ايضا بحجم اكبر مع ايران، التي ترى امريكا ان سياستها في استقلالية القرار السياسي سوف تستمر رغم الاعتراض الامريكي.
في السياق هناك عدة دول حليفة للولايات المتحدة الامريكية في الشرق الاوسط بينها "اسرائيل" والسعودية تعترض بشدة على سياسة اوباما مع ايران، وبعض هذه الدول وتحديدا السعودية تعتبر ان هذا سوف يفقدها دورها المركزي في استراتيجة المنطقة، عندما يحين موعد التوافق الايراني الامريكي ، غير ان العجز الامريكي عن خوض حرب كبرى في المنطقة وعدم الرغبة الشعبية الامريكية بحرب اخرى بعد حرب العراق، والحاجة الامريكية الى توافق مع ايران في ملفها النووي وفي ملفات اخرى عالقة لترتيب اوضاع منطقة الشرق الاوسط بعد الخراب الكبير الذي خرج عن السيطرة الامريكية وان كانت اليد الامريكية ساهمت في  حصوله، فضلا عن عودة النفوذ الروسي ، تجعل مقاربة اوباما الكوبية اشارة انطلاق ليس الا للإختراق الدبلوماسي الكبير الذي يتم التحضير له من نافذة المباحثات النووية التي مدد لها مرة اخرى، وكما استعمل اوباما صلاحياته الرئاسية لتسريع التحول الجديد مع كوبا  يمكن له ان يفعل نفس الشيء مع ايران، هو كمن يجرب الماء بتحريكه قليلا، والمغزى الكبير في مفردات نص اعلان اوباما حول كوبا.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: