المأزق التاريخي للسلفية
ادريس هاني
ليس في وسع السلفية إلاّ أن تنتج العنف أو الانحطاط، فهي حركة تحت العقل..حركة غريزية وليست حصيلة فكر..وما بين أيديها تلفيق تاريخي لتبرير شرعية وجودها..أستدل بالسلفية على التأكيد على وجود حنين يصل حدّ الوعي الشّقي ينتاب الأموسابان إلى الماضي..هنا العودة إلى الماضي ليست ميلا تاريخيا بل هو مرض..فالسلفي لا يحبّ الماضي ولكنه يجد في الماضي إمكانية التحريف..هو يعيش اللحظة بعنوان الماضي لتحريف اشتراطات الزمن..هو يكره الماضي لأنّ السلفي أكثر إنسان يكره التحقيق التاريخي..هو يهرب واقعه في تاريخ متخيل ليهيمن على اللحظة بتأويل يفسد التاريخ والجغرافيا معا..لا أفاجأ في كل هذه المفارقات التي يحصيها عليهم خصومهم لأنّهم كائنات غير زمنية..والرجوع إلى الماضي حيلة سيكلوجية لفئة تكفر بالزمن واستحقاقاته..وللسلفية دبيب في روع كلّ كائن لم يحسم مع عدد من الأسئلة منها: أي معنى، وما العمل؟ من يخشى المعنى ومن التبست عليه دروب الحقائق سقط في الأسهل: ما كان عليه السلف...لكن أي سلف يوجد في مخيخ السلفي؟ إنّه الغنم..وأبا جهل يرعى الحكمة..ومعاوية يرسي معالم الدين..السلفية مرض عضال..أقصد الأرتذكسية السلفية وفق المنهاج الذي اختطته هذه الطائفة وبموجبه كفرت الناس وقاتلت المدنيين ونشرت الظلام..اليوم تواجه السلفية مصيرا غامضا..ولذا هي تسعى اليوم للتلوّي والتلون في أشكال تعبيرية مختلفة..في فترة من الفترات هربوا نحو البرمجة اللغوية العصبية وظنوا انها الشكل الفارق للعقلانية، وكل ذلك ليخفوا الهشاشة..ثم سلكوا أساليب في الدعوة في شكل سلفي يرقص بالوولكمان يلبس سروال قصير مع تسريحة شعر بينما اللحية على طريقة جورج مايكل: (سلفي بخاطر تيتيز)..وكل هذا ليحتالوا على العالم..يرتكز السلفي على مجموعة من العناوين تغري البسطاء، التركيز على الحنين للماضي النقي الصافي، لكنهم اليوم موصولون بالقذارة النفطية..هم ليسوا سلفية بل رجعية..رجوع إلى تاريخ ليس تاريخنا..هو تاريخ أعيد صياغته ليستجيب لبارانويا الهروب من الواقع واشتراطات الزمن والتسلط على التاريخ على أساس موقف لا تاريخي..هو ولغ في المازوت وليس في الدين..
نتساءل مرة أخرى: ماذا يعني أن تكون سلفيا في زمن يهرول إلى الأشكال الأكثر تعقيدا للحاضر والمستقبل؟ ألا يشعر هؤلاء بأنهم أحناط تتحرك على ركح كوميديا الزمن؟ أليسوا يخدعوننا حين يقدمون لنا أقراصا تنويمية تصلك بماضي اليقين الوحيد الذي ينطوي عليه هو أنّه ماضي صراعي، تناقضي، هشّ..بينما هم لا ينسون نصيبهم من الحاضر والمستبقل، في رأس كل منهم يسكن هارون الرشيد..يقتلون العالم من أجل حور عين تحمل ملامح المومس العمياء..خربوا الدين والدنيا مثل الكانيبال، بينما سرعان ما يلتهمون إلههم كالحلوى عند المساء..تمرض النفوس والأبدان وكذلك الثقافة والمجتمع..فالسلفية مرض سوسيو_ديني..مرض معدي وأحيانا قاتل..
ادريس هاني:5/10/2017
المأزق التاريخي للسلفية
Tags:
إدريس هاني ..كاتب ومحلل
0 comments: