Wednesday, June 13, 2012


[غانتس: القادة السياسيون والعسكريون الذين يعرفون جميع الحقائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني قلائل جداً]

"معاريف"، 6/6/2012

قال رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال بني غانتس إن إسرائيل تشهد في الآونة الأخيرة ثرثرة كثيرة لا لزوم لها بشأن الموضوع الإيراني، وأكد أن أشخاصاً قلائل جداً من قادة المؤسستين السياسية والعسكرية - الأمنية يعرفون جميع الحقائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وعلى ما يبدو فإن أقوال غانتس هذه، التي أدلى بها لدى اشتراكه أمس (الثلاثاء) في اجتماع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، جاءت رداً على التصريحات التي يطلقها في الفترة القليلة الفائتة عدد من كبار المسؤولين السابقين في المؤسسة الأمنية، وفي مقدمهم رئيس جهاز الموساد السابق مئير داغان، ورئيس جهاز الأمن العام [شاباك] السابق يوفال ديسكين.
وأضاف رئيس هيئة الأركان العامة أن إيران ما زالت تسعى لامتلاك أسلحة نووية، لكنها لم تتخذ حتى الآن قراراً حاسماً بإنتاج هذه الأسلحة، وذلك لاعتبارات استراتيجية خاصة بها، ويمكن القول إن هذه الاعتبارات تتعلق بالضغوط السياسية التي تتعرض لها، وبالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وبحملات التخريب التي تلحق أضراراً بمنشآتها النووية، كما أنها تتعلق بالتهديدات بشن هجوم عسكري عليها.
وقال غانتس إنه من أجل شن هجوم عسكري على إيران يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يكون في أقصى جهوزيته، وقد أصبح الآن في أقصى جهوزيته.
وتطرق غانتس إلى آخر تطورات الأوضاع في سورية، فقال إن أكثر ما يقلق إسرائيل في الوقت الحالي هو نقل وسائل قتالية متطورة من سورية إلى حزب الله في لبنان، وأكد أن هذا الحزب وإيران صعّدا تدخلهما في سورية مؤخراً، وأن حالة عدم الاستقرار في هضبة الجولان آخذة في التفاقم.
ولفت غانتس إلى أن سورية ستواجه مزيداً من عدم الاستقرار في حال سقوط نظام بشار الأسد، وفي حال بقاء هذا النظام سيكون ضعيفاً وستواجه سورية أيضاً حالة عدم استقرار.
وقال إن حزب الله قلق للغاية من احتمال سقوط نظام الأسد، وإن الجيش الإسرائيلي يقوم باستعدادات خاصة في منطقة الحدود مع لبنان، منها الانتقال من مرحلة "الجدار الطيب" إلى مرحلة "الجدار العالي".
كما تحدث غانتس عن الانتخابات الرئاسية المصرية فأكد أن اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر مهم للغاية ويجب بذل أقصى الجهود من أجل الحفاظ عليه.         

[باراك: إسرائيل تملك قدرة على شن هجمات سيبرانية]

"هآرتس"، 7/6/2012

اعترف وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك لأول مرة بأن إسرائيل تملك قدرة على شن هجمات سيبرانية، وتعمل على تطوير هجمات من هذا النوع، لكنها تبذل في الوقت الحالي جهوداً أكبر في مجال صد هجمات كهذه.
وجاء اعتراف باراك هذا في سياق كلمة ألقاها أمس (الأربعاء) في "مؤتمر السايبر الدولي" الذي عقد في جامعة تل أبيب، وقال فيها أيضاً: "إن هدفنا الآن هو التركيز على مجال الدفاع نظراً إلى كونه الأصعب والأهم لتجنب الأضرار، فضلاً عن كونه أكثر فائدة مما يمكن أن نجنيـه من خلال مجال الهجوم، ومع ذلك فإن المجالين [الدفاع والهجوم] متوفران لدينا."
وعلى ما يبدو فإن إعلان باراك "توفر المجالين" يأتي في إثر قيام الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي قبل عدة أيام بنشر تقرير عن نشاط الجيش في مجال الهجمات الإلكترونية، ورد فيه أن قسم التوجيه والإرشاد العسكري في شعبة العمليات عرّف لأول مرة النشاط الإلكتروني الافتراضي في الجيش مشيراً إلى أنه يتركز على أمور شتى، مثل جمع معلومات استخباراتية، والدفاع، والقيام بنشاطات عسكرية سرية.
وأضاف باراك: "إننا نتخذ الاستعدادات اللازمة كي نكون في صدارة جبهة الحرب السيبرانية في العالم، سواء فيما يتعلق بالأجهزة المدنية، أو بالأجهزة الأمنية، ذلك بأن هذه الجبهة يمكن أن تطور قدرات قتالية غير مسبوقة تفوق القدرات التي طورها العدو في المجال الصاروخي، وأن تتيح لهاكر واحد مثلاً إمكان أن يتسبب بإلحاق أضرار هائلة بمنظومات اقتصادية أو قومية".
ولفت وزير الدفاع إلى أن "العالم الحر يخضع إلى تهديد [سيبراني] من جانب منظمات إرهابية، ودول مارقة، ومنظمات إجرامية، لكن حتى الآن لم يتم تطوير أدوات تضمن رداً متكاملاً على هذا التهديد، لا على المستوى القومي ولا من خلال التعاون العالمي."
تجدر الإشارة إلى أن إيران اتهمت إسرائيل مؤخراً بالوقوف وراء استهداف أجهزة حواسيبها بواسطة فيروس إلكتروني أطلق عليه اسم "فليم" (Flame)، وقد وصفه خبراء في مجال الحماية الإلكترونية بأنه متطور وشديد التعقيد للغاية، ورجحوا أن يكون فقط في إمكان دولة لديها خبرة كبيرة أن تطوره.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (7/6/2012) أن إسرائيل والولايات المتحدة اتفقتا على زيادة التعاون بينهما في مجال الحرب السيبرانية، وأشارت إلى أن هذا الاتفاق تم التوصل إليه في ختام اللقاء الذي عقده كل من نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني أيالون، ورئيس "هيئة محاربة الإرهاب" في ديوان رئيس الحكومة إيتان بن دافيد، أول أمس (الثلاثاء)، مع السفير دان بنجامين، منسق شؤون الحرب على "الإرهاب" في الإدارة الأميركية، الذي يقوم بزيارة رسمية لإسرائيل.


أليكس فيشمـان- محلل عسكري"يديعوت أحرونوت"، 8/6/2012
[تقديرات إسرائيلية: نظام الأسد سيحافظ على بقائه فترة طويلة]

·         قبل عدة أسابيع قام رئيس مجلس الأمن القومي اللواء احتياط يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بزيارة لموسكو حاول خلالها أن يقنع المسؤولين الروس بوقف تأييدهم لنظام بشار الأسد في سورية. غير أن كبار المسؤولين في روسيا أكدوا أنهم لا يفكرون بوقف هذا التأييد في الوقت الحالي.
·         في الوقت نفسه تبين أن المسؤولين الروس يمكن أن يوقفوا هذا التأييد في المستقبل بشرط أن يحل محل الأسد زعيم يحافظ على المصالح الروسية في منطقة الشرق الأوسط مثلما يحافظ الأسد عليها. وقد سمع رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال بني غانتس، الذي قام مؤخراً بزيارة رسمية للصين، رأياً شبيهاً من كبار المسؤولين الصينيين.
·         على صعيد آخر تؤكد التقديرات القائمة لدى مركز الأبحاث السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، والذي يعمل كمركز استخباراتي، أن مكانة نظام الأسد في سورية الآن بقيت على ما كانت عليه قبل نصف عام، وذلك على الرغم من جميع أعمال القتل التي ارتكبها منذ ذلك الوقت. كما تؤكد أنه لم تظهر حتى الآن أي إشارات توحي باحتمال انهيار هذا النظام قريباً.
·         ولا بد من القول إن جميع الأحاديث في إسرائيل والدول الغربية وغيرها بشأن عدم شرعية نظام الأسد تظل من دون قيمة حقيقية ما دام هذا النظام يحظى بشرعية في نظر كل من الروس والصينيين والإيرانيين واللبنانيين، وما دام يحظى أيضاً بشرعية لدى أجزاء كبيرة من المجتمع السوري.
·         وفي ظل أوضاع كهذه من المتوقع أن يحافظ نظام الأسد على بقائه فترة طويلة على الرغم من كل التصريحات التي تهدد بإسقاطه في أرجاء العالم.




"هآرتس"، 8/6/2012-[ بمناسبة مرور 30 عاماً على حرب لبنان:إسرائيل لم تقلع عن إدمانها على الحرب]
  • في مطلع حزيران/يونيو من كل عام تحيي إسرائيل ذكرى حربين كبيرتين، هما: حرب الأيام الستة [1967]، وحرب لبنان الأولى، التي يصادف هذا الأسبوع ذكرى مرور 30 عاماً عليها.
  • وكما هو معلوم فإن أحد أبرز الأهداف لحرب لبنان الأولى كان، استناداً إلى كلام رئيس الحكومة آنذاك مناحم بيغن، معالجة صدمة حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973]، فحتى التاريخ الذي اختير للبدء بحرب لبنان الأولى، كان نفس التاريخ الذي بدأت فيه حرب الأيام الستة، وذلك في مسعى واعٍ أو غير واع لربط هذه الحرب بذكرى الانتصار الكبير "القوي والسريع والأنيق"، والذي لا يزال، منذ ذلك التاريخ، يسحر إسرائيل وقادتها ويجعلهم يتلهفون إلى تكراره من جديد.
  • يجب التذكير هنا بأن هذا الانتصار الكاسح لم يتكرر في أي عملية عسكرية أو حرب وقعت من بعده. وتشكل الأفلام التي صُورت، والأحاديث التي سُجلت في حرب لبنان الأولى، والتي جرى الكشف عنها الآن، أكبر دليل على حماقة هذه الحرب الكبرى التي استمرت 18 عاماً وأدت إلى وقوع حرب أخرى هي حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، التي أصبحنا في إثرها في وضع سياسي وعسكري واستراتيجي أسوأ بكثير مما كنا عليه قبل نشوبها، وذلك مع وجود تنظيم موال لإيران في لبنان لديه صواريخ تغطي كل أنحاء إسرائيل.
  • ويكفي أن نتذكر الإخفاقات والتعقيدات البعيدة المدى لحرب لبنان الأولى، والأضرار التي تسببت بها الحروب التي وقعت في أعقابها كي نتوقف عن الإعجاب بالعمليات العسكرية "السريعة" والباهرة التي يمكنها أن تحل كل مشكلاتنا بضربة واحدة.
  • إن إسرائيل بحاجة إلى كل القوة العسكرية التي يمكن أن تراكمها، إلاّ إن استخدام هذه القوة يجب أن يكون حكيماً وحذراً وأن يبقى بمثابة الحل الأخير. لقد أثبتت التجربة أن إسرائيل اكتوت بالنيران في كل مرة تسرعت فيها في خوض الحرب. بيد أن الجمود السياسي السائد، وإظهار استعدادنا لخوض الحرب اليوم، بالإضافة إلى الحماسة الكبيرة لـ "الهجوم على إيران"، كل هذه الأمور تثبت أننا لم نقلع بعد عن إدماننا القديم والبشع.








صالح النعامي
يرصد الإسرائيليون عدداً من المظاهر التي تعكس تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى رأسها عجزها عن الحفاظ على الأنظمة العربية التي كانت تدور في فلكها، والتي كانت تسهم في تحقيق المصالح الأمريكية والإسرائيلية، لا سيما نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.
فقد كان هذا النظام يمثل رأس الحربة في المنظومة الإقليمية المتحالفة مع الولايات المتحدة، وكان يؤدي عدداً من الأدوار الوظيفية، على رأسها التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة.
ومما زاد الأمور تعقيداً بالنسبة إلى الإسرائيليين اضطرار الإدارة الأمريكية لإجراء حوارات رسمية مع ممثلي الحركات الإسلامية التي صعدت الى الحكم، أو التي في طريقها الى الحكم في الدول التي احتضنت الثورات العربية؛ حيث إن الأمريكيين رأوا في الحوار مع الإسلاميين محاولة لتقليص الأضرار الناجمة عن سقوط أو إضعاف الأنظمة المتحالفة معهم.
وعلى الرغم من أن «إسرائيل» الرسمية عبّرت بشكل واضح وصريح عن انزعاجها من هذه الحوارات، على اعتبار أن إضفاء شرعية دولية على ممارسة الإسلاميين الحكم يمثل تحولاً خطيراً في البيئة الاستراتيجية لـ«إسرائيل»، إلا أن الأمريكيين أوضحوا أنه ليس في حكم الوارد لديهم التراجع عن هذا التوجه.
ويرى الإسرائيليون أن الضربة التي تلقاها قادة العسكر في تركيا الموالون للغرب على يد حكومة طيب رجب أردوغان، دون أن تتمكن واشنطن من التدخل للدفاع عنهم، هو مظهر آخر من مظاهر الضعف الأمريكي.
والمفارقة التي تغيظ الإسرائيليين تتمثل في أن مكانة أردوغان تحديداً تعاظمت إلى حدّ كبير في أعقاب تفجر الثورات العربية، حتى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما صرّح مؤخراً بأن أردوغان هو من زعماء العالم القلائل الذين يحرص على الاتصال بهم في فترات متقاربة جداً.
ويعتبر الإسرائيليون أن نجاح حزب الله وحلفائه في تشكيل حكومة في لبنان، وتوصل حركتي فتح وحماس لاتفاق لإنهاء حالة الانقسام رغم الاعتراض الأمريكي، مؤشران إضافيان على تراجع الدور الأمريكي.
صحيح أن اتفاقات المصالحة الفلسطينية لم تجد طريقها الى التطبيق، إلا أن مجرد جرأة رئيس السلطة محمود عباس على التوصل لها يدل –في نظر الإسرائيليين- على تراجع واضح في تأثير الولايات المتحدة.
العامل الاقتصادي
يعي الإسرائيليون أن الأسباب التي تقف وراء مظاهر الضعف الأمريكي مرتبطة بتحولات ذاتية؛ حيث لم يكن بوسع الإدارة الأمريكية الحيلولة دون تفجر ثورات التحول الديموقراطي في العالم العربي، وهو ما أفضى تبعاً لذلك إلى تعاظم مكانة تركيا، وأصاب أبو مازن بالحرج ودفعه نحو التوقيع على المصالحة، حتى وإن أضمر عدم إنجازها.
لكن الإسرائيليين يَعُون أيضاً أنه لا يمكن تجاهل العامل الاقتصادي كمحدد لفهم تراجع الدور الأمريكي في المنطقة؛ فبسبب الأزمة التي تعصف بالاقتصاد العالمي، فإن الإدارة الأمريكية الحالية باتت حساسة جداً لأي تطور ترى أنه قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي.
ونظراً لأن الأمريكيين باتوا متوجسين من قدرة الصين على زيادة تأثيرها في منطقة جنوب شرق آسيا، ومحاولتها إملاء سياقات محددة في المنطقة تهدد المصالح الاقتصادية الأمريكية، فإن الرئيس أوباما قد استنتج أن مصالح أمريكا الحيوية باتت مهددة بالخطر في هذه المنطقة، وهذا ما دفعه إلى نقل مركز الاهتمام من الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيا.
والذي يدل على هذا التوجه بشكل واضح، هو قرار أوباما نقل جزء كبير من القوات الأمريكية المتمركزة في أوروبا إلى جنوب شرق آسيا.
انعكاسات التراجع على «إسرائيل»
مَثَّل التحالف مع قوة عالمية كبيرة دوماً إحدى ركائز نظرية الأمن الإسرائيلية؛ حيث تم التعامل مع العلاقة مع الولايات المتحدة كذخر استراتيجي من الطراز الأول. ويسود اعتقاد في دوائر التقدير الاستراتيجي في «إسرائيل» أن تراجع مكانة الولايات المتحدة ودورها سيؤدي إلى:
أولاً: المس بقوة الردع الإسرائيلية؛ حيث إن «إسرائيل» لا تعتمد في ردع أعدائها على قوتها العسكرية فقط، بل أيضاً على عوائد العلاقة مع الولايات المتحدة. فنظراً إلى إدراك الأطراف الخارجية طابع العلاقة الخاصة بين «إسرائيل» والولايات المتحدة، فإنها ستجري ألف حساب قبل اتخاذها قراراً بمهاجمة «إسرائيل»، على اعتبار أن هذا قد يؤدي إلى تدخل أمريكي يضمن خروج «إسرائيل» منتصرة من هذه المعركة.
ثانياً: أدى تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنطقة إلى غرق «إسرائيل» في عزلة إقليمية؛ حيث إن بعض دول الإقليم كانت تحرص على تحسين علاقاتها مع «إسرائيل»، على اعتبار أن هذه هي الوسيلة الأنجع للوصول إلى واشنطن.
ومع تراجع مكانة واشنطن ودورها لم يعد هناك ما يغري هذه الدولة بمواصلة هذا النهج. وهناك خشية جدية في «إسرائيل» من أن تضطر الدول العربية التي لم تشهد ثورات، والتي ارتبطت بعلاقات خاصة مع «إسرائيل»، لإعادة تقييم علاقاتها معها بعد أن لمست تأثير تراجع الدور الأمريكي.
ثالثاً: زيادة الأعباء الاستراتيجية على كاهل «إسرائيل»، وتقلص هامش المناورة أمامها، فلقد تمكنت من شن حروب وحملات عسكرية ضد أطراف عربية؛ بسبب حرص دول عربية على توفير الظروف الإقليمية المناسبة لذلك، من منطلق الحرص على استرضاء الولايات المتحدة.
وخير مثال على ذلك الحرب على لبنان 2006، والحرب على غزة عام  2008؛ ما يعني أن تراجع مكانة الولايات المتحدة سيؤثر سلباً على البيئة الاستراتيجية لـ«إسرائيل»، ويقلص قدرتها على العمل ضد أعدائها.
ومما يثقل كاهل «إسرائيل» انضمام الرأي العام كعامل مؤثر على دوائر صنع القرار في العالم العربي في أعقاب الثورات العربية؛ حيث إن «إسرائيل» باتت ترى أن عليها قبل الشروع في عمل عسكري ما، أن تأخذ بعين الاعتبار ردة فعل الرأي العام العربي.
رابعاً: نسفت تأثيرات تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنطقة صحة الافتراض الذي حاولت «إسرائيل» وحلفاؤها في الغرب تسويقه، بأنها تمثل ذخراً استراتيجياً للغرب وتحديداً للولايات المتحدة؛ إذ تبين بشكل لا يقبل التأويل أن العكس هو الصحيح، بدليل أن «إسرائيل» هي الطرف الأكثر تضرّراً من تراجع مكانة الولايات المتحدة.
وهذا ما يشير إليه بشكل واضح كل من الباحث الإسرائيلي في الشؤون الاستراتيجية عومر جنندلر، وكبير المعلقين العسكريين في صحيفة «يديعوت أحرنوت» رون بن يشاي.
الأمان، بيروت، 8/6/2012






حرب لبنان: تحول سياسي في الجيش الاسرائيلي
أودي لابِل
ان حرب لبنان الاولى هي التي أنتجت جملة الطرز والنماذج التي ما تزال تؤثر الى اليوم في صوغ سياسة اسرائيل الامنية. فقد صيغ بها مثلا نموذج الأم الثكلى الذي انشأته رعيا هرنك أم جوني الراحل وشاركها من أصبحوا يُسمون "عائلة البوفور". وليعلم كل وزير دفاع ورئيس وزراء ان أمهات ضحايا حربه سيتظاهرن في ميدان صهيون على سياسته ويعددن قتلى المعارك تحت نافذة بيته وينظرن اليه – لا الى العدو المحدد الذي قتل أبناءهن – على أنه مسؤول عن فقدانهم. وتكف المعركة عن ان تكون شرعية حينما تتطلب ضحايا.
وصيغ آنذاك ايضا نموذج الرافض السياسي لا ذاك الذي يعمل بصورة شخصية وضميرية واحدا في مواجهة مؤسسة مهدِّدة، بل الذي يعمل من قبل منظمة ممولة مثل "يوجد حد"، اختارت التهديد برفض الخدمة المنظم وسيلة لصوغ السياسة. ان من كانوا في الأقلية في الميدان البرلماني لكن تم تمثيلهم تمثيلا واسعا في الميدان العسكري (كانوا في الأساس من أبناء الكيبوتسات والثانويات الممتازة) وجدوا آنذاك طريقة لفرض تصورهم العام على السلوك العسكري قسرا مع التهديد برفض الخدمة الجماعي. وكل ذلك مع عطف والدي الجنود ("والدون ضد الصمت")، وضباط كبار وصاغة ثقافة جعلوا هؤلاء الرافضين للخدمة مشاهير متآمرين. وعلم كل قائد لواء جيد آنذاك انه لن يبارك أوامره رئيس الاركان ووزير الدفاع فقط بل اشعياء ليفوفيتش وعاموس عوز – لأن حرب لبنان الاولى بينت أنهم ذوو تأثير في الاستعداد لتنفيذ الاوامر العسكرية بين الجنود بقدر لا يقل عن القادة ذوي الملابس العسكرية.
وصيغ آنذاك التعلق بوسائل الاعلام ان تصوغ التأثر العام بالحرب، وهكذا برغم ان حرب لبنان الاولى أحرزت حسما من دولة ديمقراطية على منظمة ارهابية (م.ت.ف) طُردت من قواعدها في بيروت – كما اضطر نصر الله الى مغادرة الضاحية في حرب لبنان الثانية أو حماس الى مغادرة غزة في أعقاب عملية الرصاص المصبوب، برغم الانجاز صنفت وسائل الاعلام الحرب على أنها فساد وروح عسكرية قاهرة وكارثة، لا على أنها عملية أزالت تهديد صواريخ الكاتيوشا عن سكان الشمال.
ومن ناحية اجتماعية – صيغت آنذاك العلاقات المعقدة بين أبناء اليسار والكيبوتسات والجيش الاسرائيلي التي ستفضي بعد ذلك الى ازمة باعث على القتال وترك للحلبة العسكرية، والى نهضة عسكرية بعد ذلك بين الجماعة الصهيونية المتدينة؛ ومن ناحية استراتيجية – بدأت تصاغ آنذاك "نظرية القتال بعد الحداثية"، التي تشتهي حربا معقمة وتحلم بالحسم بالقوة الجوية – كتلك التي تُبعد الجندي عن حومة الوغى، والتي ترى السعي الى الصدام وجها لوجه أو الحسم البري أمرا محظورا في كل حال. وهذه سوابق أصبحت جزءا من النظرية القتالية. وأضيفت عوامل قاهرة اخرى ازدادت شدة على مر السنين وأضرت بقدرة الجيش، وأصبح ثم جيش لم يعد فيه قيادة عسكرية وتحريك للقوات فقط بل ادارة سياسية وانشاء تحالفات؛ الجيش الذي أصبح ميدان الالعاب السياسية للمجتمع المدني لأن الجميع يعملون فيه: منظمات حقوق الانسان وجمعيات تطوير النساء ومنظمات الرفض

واتحادات الآباء؛ الجيش الذي هو مثال التوازن بين المجموعات، لكن نشك في ان يعرف كيف يحسم الحروب.
اسرائيل اليوم 7/6/2012
وكالة سما الإخبارية، 7/6/2012



لأول مرة..الاردن يدخل الى اهداف الجيش الاسرائيلي "وفرقة الفولاذ" تتدرب على عبور النهر
حتى تستكمل اسرائيل حملة ترويج استعداد جيشها لمواجهة مختلف السيناريوهات على جميع الجبهات، ادخلت نهر الاردن والتدريب على عبوره الى الاهداف التي يضعها الجيش في خطة تدريباته العسكرية. واختارت فرقتي "الفولاذ" و"ياعيل" للتدريب على عبور النهر في حال وقوع طارئ، يكون فيه الطرف الاخر في طريقه من الجهة المقابلة لضفة النهر لتنفيذ عملية او عند وقوع مواجهات بين الطرفين،وهذه المرة الاولى التي يقوم فيها الجيش بالتدريب على محاكاة سيناريو مواجهات مع الاردن - الجبهة التي يعتبرها الاسرائيلية الاكثر هدوءا واطمئناناً - واستخدام مختلف المعدات الحربية وبينها صواريخ مضادة للدبابات،التدريبات في نهر الاردن تجري في ساعات الليل ايضا وقد اعد الجيش كمية من الجسور لاستخدامها عند عبور النهر، بعضها بطول عشرات الامتار كما تم التدريب على قوارب مطاطية وحبال وعبور مدرعة من طراز D-9 ،وللترويج لقدرة الجيش على مواجهة اخطر السيناريوهات المتوقعة من هذه الجبهة شملت التدريبات المنظومة الصاروخية المضادة للدبابات "سترة الرياح"،واعتبر الجيش التدريب على عبور النهر تدريبات نادرة. وبحسب الضابط نوعام تيفون "لايوجد عدو في منطقة الشمال يمكنه وقف الجيش وحتى القدرة على مواجهته". واضاف مدعيا:" لاشك ان التدريبات صعبة ولكن الحاجة تتطلب الاستعداد لمختلف سيناريو المواجهات المقبلة".

وزير الخارجية الاسرائيلية: الصيف سيكون ساخنا جدا

معاريف
قال وزير الخارجية الاسرائيلي، ورئيس حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، وذلك خلال جلسة خاصة امام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، إنه "ينتظرنا صيف ساخن جدًا، ليس فقط في الشرق الأوسط. وهناك إنعكاسات علينا من أفغانستان وباكستان وحتى اليونان ومنطقة اليورو.
وطلب ليبرمان من اللجنة تأييد طلبه في زيادة ميزانية وزارة الخارجية. وقال "رأينا على سبيل المثال في موضوع القوافل التي كانت في معظم الأحيان فشلا سياسيا أكثر تأثيرًا من أي فشل آخر". وأضاف "لذلك فإن ميزانية إضافية لوزارة الخارجية أكثر أهمية من ميزانية لطائرة أف 16 أو أف 18".


استقالات في هيئة تطوير دبابة الميركافا وناقلة الجند المدرعة “نمير”


حدث هذا قبل عدة أيام وبقي سرّا حتى هذا الأسبوع: أعضاء اللجنة العامة المستشارة في مسألة متابعة مشروع دبابة المركافا وناقلة الجند المدرّعة المركافا (نمار)، التقوا مدير عام وزارة الدفاع اللواء (الاحتياط) أودي شني، وأبلغوه بنيتهم توقيف عملهم.
كانت اللجنة عُيّنت قبل نحو سنة، ويترأسها اللواء (الاحتياط) عمنوئيل ساكل. وأعضاء اللجنة هم يوسي بكر وايرز ملتسر، القانوني، العقيد جلعاد سار، والخبيرة الاقتصادية، ليورا مريدور. أخبرت اللجنة أن في نيتها تجميد جلساتها لأنها لا تمتلك صلاحية اتخاذ القرارات. بعد مرور نحو أسبوعين، الاستقالة بقيت غامضة. وليس واضحا تماما إن كانت ستلتئم اللجنة مرة أخرى.
الأمر الذي ما زال غامضا هو وضع مشروع المركافا بأكمله. يتألّف المشروع من عنصرين أساسيين- صنع دبابة المركافا، الذي ينفّذ كله في إسرائيل، وصنع ناقلة الجند المدرعة المركافا، الذي ينُفّذ جزء منه في الولايات المتحدة (من قبل جنرال دينميكس) والجزء الآخر في إسرائيل (خاصة دمج الدبابة).
يدخل ضمن مشروع دبابة المركافا ما يزيد عن 200 شركة إسرائيلية. وفي ناقلة الجند المدرّعة نحو 15 شركة.
على خلفية عمليات التقليص في الميزانية الأمنية، بعد موجة الاحتجاجات العام الفائت، هناك نقص في ميزانية المشروع، ما يؤدي إلى انخفاض في الطلبيات وإعفاء جزء من الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي لها دخالة في تصنيع مركّبات الدبابة. لذلك، تلك الاستقالات لا تحظى بانتباه الإعلام.
الأمر الذي ما زال مغلقا بشكل نهائي هو هوية المنظومة التي ستستخدم لحماية فعالة لناقلات الجند المدرعة المركافا. وحسب ما كُشف في هذا العمود سابقا، أصدر مدير عام وزارة الدفاع قبل عدة أشهر توجيها بأن المنظومة التي ستركّب على ناقلات الجند المدرعة سوف تتطوّر وتُصنّع بتعاقد أساسي من قبل رفائيل (منظومة "معطف الريح" التي تفعّل في الدبابات بشكل عملاني)، من قبل ألتا (الرادار) والصناعة العسكرية (الإعتراضي) - بتعاقد فرعي. الصناعة العسكرية طعنت بالقرار وحتى أنها توجّهت إلى مراقب الدولة، الذي نشر تقريرا لاذعا حول تصرّف وزارة الدفاع في الموضوع.
في الوقت الحالي، يمكن أن نكشف هنا أنّ اللواء (الاحتياط) أودي شني ألغى قراره السابق. تدار بين وزارة الدفاع ورفائيل مفاوضات متقدّمة حول إنتاج قسم مهم من منظومات حماية نمار الموجودة وتلك التي ستُصدر خط إنتاج في السنتين إلى ثلاث سنوات المقبلة. سيبقى تطوير منظومة الحماية من الجيل التالي مفتوحا للمنافسة، لكن بصورة عامة، الصناعة العسكرية خسرت.
لكن، هناك نقطة مهمة حيال مشروع النمار، الذي لم يحظَ بفائدة مالية من المؤسسة الأمنية: بعد أن لقّب قائد ذراع البر السابق، الجنرال (الاحتياط) يفتاح رون تال النمار في هذا الموقع "حافلة كلفتها خمس ملايين دولار"، كشف اللواء شني موقفه حيال المشروع في تقرير صحفي في "يديعوت أحرونوت" في الذكرى مرور 30 سنة  على حرب لبنان الأولى. قال شني "من تجربتي في تلك الحرب، ليس هناك حاجة إلى  ناقلة جند مدرعة ثقيلة. جنود سلاح المشاة يسيرون مشيا على الأقدام". وقد ادّعت وزارة الدفاع بعد ذلك أن كلام شني "تطرّق إلى مخطط قتال جبلي"..



نتنياهو ورئيس الاركان يزوران وحدة جمع المعلومات 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية

يديعوت أحرونوت ـ يوسي يهوشع
زيارة سرية: قام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الأسبوع الماضي بزيارة الى وحدة الجمع السرية التابعة للجيش الإسرائيلي 8200.
وقد رافق نتنياهو في الزيارة قائد الوحدة العميد "ن" ورئيس شعبة الإستخبارات اللواء أفيف كوخافي، حيث عرضوا أمامه النشاطات الأخيرة التي قامت بها الوحدة في الساحات المختلفة وخطط العمل المستقبلية.
في الوحدة 8200 تعمل وحدة السايبر التابعة للجيش الإسرائيلي لعمليات الهجوم، وإدعوا في وسائل الإعلام الدولية أن إسرائيل تقف وراء هجمات كهذه على إيران التي تعرقل البرنامج النووي. في الآونة الأخيرة إعترفت إيران بأن فايروس "اللهب" هاجم فعلاً منظومات الحوسبة التي لديها. لم يُعرف حقيقة من هن المسؤول عن الفايروس، الذي عرف بأنه "الأكثر تطورًا حتى الآن" لكن بحسب تقديرات خبراء فإن دولة فقط قادرة على الوقوف وراء عمل كهذا. وأفيد أيضًا أن رئيس هيئة الأركان بني غانتس قام أيضًا بزيارة الوحدة 8200 قبل عدة أيام.
بالأمس حضر غانتس مناورة للواء الناحل التي شارك فيها كل جنود اللواء بمناسبة مرور 30 عامًا على حرب سلامة الجليل وعلى إقامة اللواء".

لواء “جفعاتي” חטיבת גולני (لواء المشاة84) يتدرب على اجتياح لبنان

هآرتس ـ غيلي كوهين
تلقى جنود الجيش الإسرائيلي مجددًا أمرَا بالدخول الى لبنان بعد ثلاثين سنة من حرب لبنان الأولى وست سنوات تقريبًا بعد حرب لبنان الثانية. في ساعات الفجر إنتظموا في صف طويل، مستعدون لمسير طويل أثناء الليل، بين الحقول الزراعية، النباتات المتشابكة وأصوات الغربان والضفادع. التصميم في تدريب كتيبة الإستطلاع التابعة للواء جفعاتي، الذي أجري في قاعدة “ألياكيم”، يذكر بشكل كبير بما فيه الكفاية بمناظر بلاد الأرز. هكذا نهر داليا، المتاخم لمناطق النيران، يستخدم للتدرب على عبور مصادر المياه، حيث يستخدم حبل مثبّت عند طرف النهر للإمساك أثناء نقل كل مقاتلي الكتيبة من ضفة الى أخرى. الجعبة التي حاول بعد الجنود الأذكياء ربطها حول أقدامهم إتضح أنها فشلت، والمسير الطويل في ساعات الليل بإتجاه القرية اللبنانية بين حقول الأشواك هم سيجتازوه وهم مبللون جزئيًا.
التدريب هذا العام حدد كتدريب "هادف"، مشابه لنموذج القتال في لبنان في يوم الأمر: تقدم القوة والهجوم، سويًا مع قتال تحت الأرض في الأنفاق التي ستكشف تباعًا عن مداخل القرية. ويقول إيتي عدر، جندي في الكتيبة، عمره 21 من هرتسيليا. أن " هذه دمغة ما حصل في لبنان". العدو، بحسب التقرير، الذي تلقاه قادة السرايا في التدريب، ينتظر في إحدى القرى المحاكاة في قاعدة ألياكيم، التي ترمز الى معقل لمقاتلي حزب الله. هناك مجموعة ضد الدروع، قناصين وأكثر من ذلك: مستودعات قذائف صاروخية جاهزة للإطلاق باتجاه الأراضي الإسرائيلية. بعد ثلاثون سنة، الدخول الى منطقة الحدود مع لبنان بما في ذلك مواجهة 60000 صاروخ، آلاف منها من المفترض أن تشكل تهديدًا محتملاً على غوش دان. ويوضح قائد سرية المضاد للدروع في الكتيبة، النقيب أليشاي غوئتا أنه "في اللحظة التي يبدأ فيها شيئ في الشمال ـ فإن هذه ستكون حرب.
كان هذا الأسبوع الثامن من التدريبات التي تجري في أشهر الصيف لجنود لواء جفعاتي، المشاهد والمناظر اللبنانية يعرفها اليوم المقاتلين فقط من خلال الأفلام التي تصف بطولات الحرب. فقط عدد قليل من القادة يذكر التواجد في المناطق اللبنانية. قادة الكتائب كانوا قادة فصائل، وحتى مستوى القادة الصغار ـ المقاتلون وقادة الفصائل اليوم ـ لم يقاتلوا أثناء خدمتهم في لبنان أو حتى في غزة. للمقاتلين الشباب سنوات القتال للواء جفعاتي المتجددة في القطاع الأمني في لبنان، نسيت تقريبًا. اللواء معروف عندهم بشكل أساسي مع قطاع غزة، الذي تواجد فيه بعد الإنسحاب من لبنان.
تدريب بري بدلا من الهجوم الجوي
منذ أن قاتل لواء جفعاتي في لبنان طور حزب الله بشكل جوهي قدراته في إطلاق الصواريخ. ويوضحون في قيادة المنطقة الشمالية أن سنوات التهدئة على الحدود لا تعتبر نقطة نهائية حيال المنظمة، ويقولون في الجيش أنه إلى أن يتحقق إنجازًا هامًا بالنسبة لها، تبني المنظمة قوتها على مستوى غير مسبوق من ناحية حرب العصابات وقدراتها الباليستية. السؤال الذي يطرحه الجيش في المواجهة المقبلة على الجبهة الشمالية هو هل يستطيع القتال في  حزب الله، حيث يقف أمامه جسد كبير وضخم، الذي يتدرب بواسطة دبابات وآليات ثقيلة. العقيد غاي هليفي، قائد قاعدة التدريبات التابعة للمنطقة الشمالية في ألياكيم تطرق الى هذا الإحتمال حقيقة كنقطة جيدة في الحرب المستقبلية. وأوضح هليفي أنه " حيث أن حزب الله هو نصف جيش هناك أفضلية للجيش الإسرائيلي، لأنه يعرف كيفية القتال أمام جيش آخر. قصة حرب العصابات، التي تحاكي حربًا مثل الفييتنام، هي بالقعل ستكون في المعركة، لكن هذا ليس كل شيئ، سنقاتل أيضًا في مناطق قروية، مناطق معقدة، وفي بيئة مدنية.
يتضح للمستوى القيادة الرفيع الذي تبدو له جولة القتال القادمة مغايرة، ستكون قصيرة جدًا، وستشمل على تكتيك بري واسع يبدأ بشكل مبكر، وأضاف العقيد هليفي أنه" يجب إدراك بأن كوندوليسيا هذه أو غيرها ستقيدنا، هذا واضح، يتحدثون في الجيش اليوم عن تأثير الوقت: ليس قتالاً لنصف سنة من الزحف (وبدون التقدم في عمق المنطقة)، إنما وقف إطلاق النار على إسرائيل وليس على الحدود الشمالية". وحدد قائد المنطقة الشمالية اللواء يئير غولان الإعتماد على عمل جوي كعامل مقارنة. وقال غولان في مؤتمر بمناسبة ذكرى مرور ثلاثين سنة على حرب سلامة الجليل في مركز بيغن ـ السادات أنه " عندما لا نقاتل على الأرض حينها سيسقط عدد أقل من الجنود، لكن أنا أوصي بعدم التمسك بهذا السحر، عندما لا يصاب الجنود فإن الذي سيصاب هم العائلات في الجبهة الخلفية".
أيضًا المهمة التي حُددت للمقاتلين في التدريب واضحة: تحقيق سيطرة على مشارف المناطق التي تطلق منها الصواريخ على إسرائيل. وأضاف قائد السرية غوئتا أن " لم يتحدث أحد في مخططات السيطرة على منطقة، ولا أحد يبحث عن فترة مستمرة في لبنان. علينا أن نكون مستعدين للقاء القادم، حينها الأفضلية يجب أن تكون واضحة في أيدينا. في حرب لبنان الثانية كان لدى الجنود شعور بأن هذا ما سيحصل، لكن بعد ذلك بدت الأمور مغايرة".


وزير الدفاع يؤكد ان اجهزة الامن بصدد رفع قدرات اسرائيل في مجال الحرب المعلوماتية ووضعها في صدارة المعركة الدولية
صوت اسرائيل-11:35 ,06.06.12 
اكد وزير الدفاع ايهود براك ان اجهزة الامن بصدد رفع قدرات اسرائيل في مجال الحرب المعلوماتية ووضعها في صدارة المعركة الدولية . وقال ان العالم الحر يواجه تهديدات في هذا المجال من قِبل منظمات ارهابية واخرى اجرامية. واشار الوزير براك الى انه لم يتم بعد تطوير الوسائل الضرورية للتعامل مع هذه التهديدات المعلوماتية. ويفيد مراسلنا للشؤون العسكرية ان اقوال براك هذه وردت في سياق المؤتمر الدولي حول الحرب الالكترونية، والمنعقد في جامعة تل ابيب حاليا.
·       يديعوت احرونوت : باراك لا يثق بقدرات رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية
06/06/2012
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية صباح ، الأربعاء، النقاب عن وجه آخر من الخلافات داخل القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، وأخطرها، وهو اعتقاد وزير الحرب إيهود باراك أن رئيس الاستخبارات العسكرية "أمان"، الجنرال أفيف كوخافي، غير كفؤ من وجهة نظر باراك لمنصبه، وأنه لا يفقه شيئا في الاستخبارات العسكرية.وقالت الصحيفة عن هذا الأمر تبين لها من حصولها على بعض مضامين شهادات باراك أمام مراقب الدولة في قضية "وثيقة هرباز" التي وضعها بوعز هرباز الذي عمل في مكتب باراك، وقام بصياغة الوثيقة في مسعى لتشويه سمعة رئيس الأركان السابق الجنرال غابي أشكنازي، والترويج لخلافته في المنصب من قبل الجنرال آفي غالانت عبر سد الطريق أمام رئيس الأركان الحالي بيني غانتس.وقالت الصحيفة إن أخطر ما تكشفه الخلافات والدسائس الدائرة في قيادة الجيش ووزارة الأمن الإسرائيلية، هو عدم ثقة باراك بقدرات رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، كوخافي. وتنقل الصحيفة عن باراك قوله: "إن كوخافي هو شاب مؤهل جدا لكنه بكل بساطة لا يعرف جيدا الحياة الاستخباراتية".إلى ذلك تكشف الصحيفة أنه خلافا لمحاولات باراك الادعاء بعدم وجود معرفة شخصية مع بوعاز هرباز، فإن الأخير أكد لمراقب الدولة أن العلاقات بينه وبين باراك كانت أقوى بكثير مما صورها باراك وكشفها عند انفضاح قضية الوثيقة المزورة التي كتبها هرباز لتشويه سمعة أشكنازي، مما مكن براك حينئذ، 2010، من عدم تمديد فترة رئاسته لأركان الجيش بسنة إضافية.وقال هرباز في شهادته، إن "باراك ليس غريبا عني، فقد خدمت ابنته معي في نفس الوحدة في الجيش، وسبق أن زرته مرارا في بيته حتى عندما كان لا يزال يسكن في كوخاف يئير، وعندما كان رئيسا للحكومة".
لواء الناحل ينهي تدريبا واسعا على الحرب المتدحرجة
موقع الجيش:وصل تدريب لواء الناحال هذا الأسبوع الى نهايته, والذي كان بمثابة تدريباً معقداً ومميزاً لمنطقة غور الأردن في الأسابيع التي سبقت التدريب اللوائي, والذي كان بمناسبة مرور 30 عاماً على تأسيس اللواء, وبدء التدريب يوم السبت الماضي في منطقة غور الأردن وحاكى نماذج عديدة من الحرب المتدحرجة، إضافة إلى التدريب على الاندماج والتنسيق بين لواء النحال "مشاة " وسلاح الجو وقوات المدرعات ،وقال موقع الجيش كانت هناك "أسابيع حرب" والتي شاركت فيها جميع كتائب الناحال حيث شارك في هذا التدريب أيضاً رئيس هيئة الأركان العامة, الجنرال بني غانتس, وقائد لواء الناحال, العقيد يهودا فوكس،كما شمل هذا التدريب اللوائي المميز على نماذج مهنية, تدريبات ليلية لإطلاق النار, تدريبات رطبة, دبابات مدفعية وتعاون مع سلاح الجو، العقيد فوكس أشار الى أنه " منذ فترة طويلة لم يكن هناك تدريب بهذا الحجم, الطول, الكثافة, وبالمتطلبات العقلية"،" التحدي الذي أراه كقائد للواء, هو ان اللواء سيكون مستعداً وذو مرونة ميدانية- لا يمكن المعرفة أين سنعمل, متى وبأية قوة. لذلك, فمن المهم أن نقوم بتطوير قدرات ميدانية بالمستوى الأعلى من أجل توفير الرد الميداني لكل حادثة ستتطلب تدخلنا ولي فقط للحوادث المحددة", أضاف العقيد فوكس،ووفقاً لأقواله, " لا يوجد أدنى شك أن القيام بتدريب لوائي بدور من قام بالخدمة في هذا اللواء لمدة 20 عاماً وبمناسبة مرور 30 عاماً على تأسيس اللواء, هذا إغلاق ذو أهمية للدائرة. تم تأسيس هذا اللواء خلال حرب لبنان الأولى, عندما قالوا أن هناك حاجة للواء مشاة آخر"،كما أشار العقيد فوكس أن " اللواء قام بانهاء نشاطات ميدانية في قطاع غزة, وجراء ذلك حصل اللواء على الكثير من المديح. فقد خرج اللواء قوياً جداً من الخدمة في القطاع الجنوبي. التدريبات التي نقوم بها في هضبة الجولان, ليست مكثفة بصورة أقل, وبعد ذلك سنتجه لمنطقة يهودا والسامرة".
·       نشر كتيبة ثانية من "لواء هناحل" علي حدود مصر‏
נذكرت صحيفة ( ايزرئيل ديفنس ) بان الجيش ينوي نشر الكتيبة الثانية من قوات لواء هناحل على الحدود المصرية "الاسرائيلية" بهدف مواجهة اي عمليات تنطلق من سيناء ولمواجهة موجة المهاجرين الأفارقة، وقد أفادت تقارير إسرائيلية سابقة بان الجيش يستعد لتجنيد الشبان المتدينين بهدف الوصول لتشكيل 3 كتائب جديدة ضمن لواء ( هناحل) حيث سيتم ضم الكتائب الجديدة للوحدات القتالية وذلك كجزء من التسوية البديلة لقانون "تال"، وقد قال رئيس قسم التخطيط والإدارة العميد غادي اغمون بان الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى آلاف الجنود ليخدموا في صفوف الجيش، وحسب أقواله فإن بإمكان الشبان المتدينين تقليص الفجوة ان دخلوا لصفوف الجيش وأدوا الخدمة العسكرية، وقال العميد اغمون خلال جلسة للجنة المساواة لتحمل العبء في الجيش برئاسة عضو الكنيست يوخنان بلسنر من حزب كاديما: "الآن لدينا قائمة لتجنيد 7500 جندي للعام الحالي 2012 من صفوف الشبان المتدينين التي تصل أعمارهم لـ 18 عاما، ففي العام تجند للجيش من بين الشبان المتدينين فقط 1282 شاب متدين فبإمكان الشبان المتدينين ان يكونوا جنود ممتازين.

Thursday, June 7, 2012


غيورا أيلاند- لواء احتياط والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية ومجلس الأمن القومي

"يديعوت أحرونوت"، 5/6/2012

[حرب لبنان الأولى غيرت طبيعة كل الحروب التي خاضتها إسرائيل بعدها]



·        تصادف هذا الأسبوع ذكرى مرور 30 عاماً على حرب لبنان الأولى [التي بدأت في حزيران / يونيو 1982]. وكانت هذه الحرب أول حرب محدودة النطاق وغير شاملة، وأول حرب تخوضها إسرائيل ضد منظمة (منظمة التحرير الفلسطينية) لا ضد دولة. ويمكن القول إن هذين الأمرين تسببا بتغيير طبيعة كل الحروب التي خاضتها إسرائيل بعد تلك الحرب، والتي تعتبر مختلفة تماماً عن "الحروب العادية" بين الدول والجيوش النظامية.

·        لعل أول درس يجب استخلاصه من حرب لبنان الأولى، وربما يعتبر الدرس الأهم، هو ضرورة الإقرار بأنه في حرب من هذا النوع ثمة فجوة كبيرة بين قدرات الجيش الإسرائيلي وبين النتائج المتوقعة منه، وخصوصاً من جانب القادة السياسيين ووسائل الإعلام والجمهور العريض. وبطبيعة الحال هناك أربع نتائج متوقعة من الجيش هي: أولاً، تحقيق انتصار مطلق؛ ثانياً، تحقيق انتصار سريع؛ ثالثاً، تحقيق انتصار من دون دفع ثمن باهظ في الأرواح؛ رابعاً، الامتناع من إلحاق أضرار بالمدنيين الأبرياء. غير أن الجيش لا يمكنه بأي حال من الأحوال تحقيق هذه النتائج المتوقعة منه. ولا بد من القول إن المؤسسة السياسية والقيادة العليا للجيش هما اللتان تتحملان المسؤولية الأساسية عن وجود هذه الفجوة بين القدرات الحقيقية للجيش وبين النتائج المتوقعة منه.

·        الدرس الثاني الذي يجب استخلاصه يتعلق بطول مثل هذا النوع من الحرب. فعندما بدأت حرب لبنان الأولى قيل إنها ستستمر يومين على الأكثر، وبعد ذلك قيل إنها ستستمر ثلاثة أيام، ثم قيل إنها ستستمر ستة أيام، ولم يكن أحد يدرك أنها كانت في بدايتها وأنها ستستمر 18 عاماً [حتى الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من جنوب لبنان في أيار/ مايو 2000].

·        إن السؤال الذي يجب طرحه هو: هل استخلصنا الدروس اللازمة من هذه الحرب؟ أعتقد أننا استخلصنا ما يجب أن نستخلصه، على الأقل بصورة جزئية. ففي أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية [التي اندلعت في أيلول/ سبتمبر 2000] حرص الجيش الإسرائيلي على عدم التعهد بالوصول إلى نتائج لا يمكن تحقيقها، وذلك على الرغم من رفع شعار "دعوا الجيش ينتصر" في ذلك الوقت. كما حرص الجيش على أن يلائم بين النتائج المتوقعة من عملية "الرصاص المسبوك" التي جرى شنها على قطاع غزة في شتاء 2009 وبين القدرات الحقيقية التي يملكها. لكن يبدو أننا نسينا استخلاص الدروس اللازمة من حرب لبنان الأولى في أثناء حرب لبنان الثانية في صيف 2006.

·        لا ينبغي أن يكون فحوى الاستنتاج المطلوب من هذا الكلام هو أن تفعيل القوة العسكرية أصبح غير مجد، وإنما أنه يجب تخطيط الحروب الحالية بصورة مغايرة عن تخطيط الحروب العادية لسبب بسيط هو تغير طبيعة هذه الحروب كلياً.             



غابي سيبوني - باحث في مركز دراسات الأمن القومي-"يسرائيل هَيوم"، 5/6/2012

[دروس من حرب لبنان الأولى:الحاجة إلى إجماع وطني قبل استخدام القوة]

·        بعد تخطيط وتحضيرات متقنة، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية سلامة الجليل [1982]، التي كان هدفها المعلن تخليص الجليل من نيران صواريخ الكاتيوشا، وذلك عبر إبعاد المخربين الفلسطينيين عن حدودنا الشمالية. إلاّ إنه كان لهذه العملية هدف سياسي بعيد المدى لم يُكشف عنه، وهو رغبة إسرائيل في تغيير النظام السياسي في لبنان، الأمر الذي يسمح لها بتحويل هذا البلد إلى دولة حليفة لها على حدودها الشمالية. وما زلنا نذكر النتائج التي آلت إليها الأمور، فقد أوجدت متاهة التحالفات، والعلاقات بين الطوائف والمجموعات المختلفة في لبنان، واقعاً معقداً لا يمكن أن تتحمله إسرائيل، التي اكتفت بالحزام الأمني، الذي شكل "فقاعة تحالف" بدلاً من دولة حليفة، والذي وجدت نفسها مضطرة إلى الانسحاب منه سنة 2000.

·        أظهرت دروس هذه الحرب صحة النظرية الاستراتيجية التي وضعها بن- غوريون، والقائلة إن دولة إسرائيل غير قادرة على تغيير الواقع السياسي بالوسائل العسكرية. وكما قال بن- غوريون سنة 1955 لقادة الجيش الإسرائيلي: "ليست لدينا القدرة على إيجاد حل نهائي للنزاع بيننا وبين العرب ما دام العرب يرفضون الحل... كما أننا لا نستطيع وقف هذا النزاع."

·        ويبدو أن هذ الفهم لم يكن موجوداً لدى متخذي القرارات عندما وضعوا أهداف العملية. فجرى اتخاذ القرارات من دون وضع خطة خروج محكمة، وفي ظل غياب الإجماع الوطني على أهداف العملية، وهذا ما جعل الجيش الإسرائيلي يجد نفسه غارقاً في "الوحل اللبناني" لأعوام.

·        لقد شكلت عملية سلامة الجليل نقطة تحول في تطور فهمنا للخطر الذي يتهدد دولة إسرائيل، إذ أظهر نشوء حزب الله ونظريتة بشأن المقاومة، كذلك أظهرت الانتفاضة الأولى [انتفاضة سنة 1987]، التغير الجذري الذي طرأ على نظرة العدو، الذي أدرك أن الجبهة الخلفية في إسرائيل هي نقطة الضعف، وبنى على هذا الأساس نظرته الاستراتيجية – العملانية التي تركزت على استخدام القوة ضد الجبهة الخلفية المدنية في إسرائيل. من هنا يمكن القول إن الأهداف السياسية لاستخدام القوة في عملية الجليل تجعلنا ندرك أنه في ظل الواقع الجيو - استراتيجي لدولة إسرائيل يجب أن تنبثق الأهداف السياسية للعمل العسكري من النظرة الأساسية لبن- غوريون.

·        إن المطلوب من دولة إسرائيل إنشاء ردع يسمح لها بالهدوء الأمني، ويمكن أن تستغله من أجل تحصين أمنها وتطوير الاقتصاد والتعليم واستيعاب الهجرة والسعي نحو تسويات سياسية. وفي حال انهيار هذا الردع، لا خيار أمامها سوى استخدام القوة من أجل تجديده لأعوام طويلة أُخرى. وحينئذ سيُطلب من الجيش الإسرائيلي تحقيق هدفين أساسيين، هما: أولاً، توجيه ضربة قاسية إلى العدو لايستطيع أن ينساها لأعوام طويلة، وتفرض عليه عمليات إعادة بناء باهظة الثمن؛ ثانياً، تقصير مدة جولة المواجهة، وتقليص الضرر الذي سيلحق بوتيرة الحياة.

·        ويبقى أن الدرس الأساسي لهذه الحرب هو المتعلق بالحاجة إلى بناء إجماع وطني واسع قبل خوض المعركة، فكم بالأحرى بالنسبة إلى معركة مثل سلامة الجليل جرى التخطيط لها طويلاً.

·        ومثلما حدث في الماضي، كذلك يحدث اليوم، فإسرائيل بحاجة إلى بلورة شرعية داخلية واسعة من أجل مواجهة التحديات الأمنية المعقدة. ومن شروط التوصل إلى هذا الإجماع الوطني الواسع هو الاقتناع بأن القضاء على الخطر بالوسائل العسكرية هو الحل الأخير.




بعد كشف مجلة دير شبيغل الألمانية أول من أمس جزءاً من الصفقة العسكرية السرية بين ألمانيا و"إسرائيل" لبناء تسع غواصات قادرة على إطلاق صواريخ تحمل رؤوساً نووية، انتقد الحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني المعارض السرية التي تغلّف الصفقة، وطالب المستشارة أنجيلا ميركل بتقديم إيضاحات عنها. كما انتقد التراخي الكبير في موقف الحكومة إزاء سياسة الاستيطان، والامتناع عن ممارسة الضغوط على تل أبيب لاستئناف التعاون مع السلطة الفلسطينية لتنفيذ حل الدولتين، وتعزيز حرية الحركة للفلسطينيين في الأراضي العربية المحتلة وقطاع غزة. وفي حديث مع موقع شبيغل أونلاين، قال الناطق باسم الحزب الاشتراكي للشؤون الخارجية رولف موتسينيخ إن التبرير الذي كان يعطى حتى الآن هو أن الغواصات المسلمة لـ"إسرائيل" من نوع "دولفين" تحمل أنظمة ردع تقليدية. وأضاف أن حزبه يريد الآن من حكومة ميركل أن تزوده معلومات تؤكد أو تنفي صحة المعلومات التي تشير إلى أن الغواصات مصممة بشكل يسمح بتجهيزها بمنصات لإطلاق صواريخ تحمل رؤوساً نووية.

واتهم رئيس الكتلة النيابية لحزب الخضر المعارض يورغن تريتين في حديث مع جريدة دي فيلت حكومة المستشارة الألمانية "بتجاهل الشروط الموضوعة أصلاً" لبيع الأسلحة إلى الخارج، وقال إن تسليم الغواصة الثالثة أخيراً كان مشروطاً بتعديل سياسة الاستيطان، والسماح ببناء معمل للصرف الصحي في غزة، ودفع الأموال المستحقة إلى السلطة الفلسطينية، "إلا أن إسرائيل لم تنفذ سوى الشرط الأخير". وأضاف أن صفقة الغواصات مثلٌ على كيفية ممارسة الضغوط في مجالات أخرى، مضيفاً أن ميركل "فوتت حتى الآن للأسف فرصة دفع الحكومة الإسرائيلية إلى تغيير مواقفها من خلال تعاون مشروط معها".

ونقل الناطق باسم الحكومة عن ميركل قولها رداً على سؤال للصحافيين أول من أمس إن الحكومة "لا تشارك في التكهنات الحاصلة على تجهيز الغواصات بأنظمة إطلاق صواريخ بعد تسليمها". لكن وسائل الإعلام الألمانية نقلت كلاماً لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قال فيه إن "بإمكان الألمان أن يفخروا بأنهم ضمنوا وجود دولة إسرائيل للسنوات المقبلة".

وذكرت المجلة الألمانية أن الدولة العبرية طرحت أخيراً أمام الجانب الألماني رغبتها في بناء ثلاث غواصات جديدة، مشيرة إلى أن ميركل راعت "إسرائيل" كثيراً، إذ قبلت بأن تدفع حكومتها ثلث الكلفة المقدرة للغواصة السادسة، أي 135 مليون يورو، على أن تدفع تل أبيب الـ 270 مليون يورو حتى عام 2015.

الحياة، لندن، 5/6/2012




فهمي هويدي

ثمة خطاب عالي الصوت يملأ فضاء مصر الآن مشغول بتكريس كراهية الإخوان أكثر من انشغاله بالاصطفاف دفاعا عن محبة الوطن.

 (1)

لدينا مشكلة كبرى في تكييف المشهد أربكت كثيرين وضللتهم، إذ لدينا في انتخابات الإعادة رمزان أحدهما يمثل جماعة الإخوان والثاني يمثل نظام مبارك. وإذا كان هناك مشترك بين الاثنين فهو أنهما لا يمثلان أفضل ما تمنيناه. لكن الخطأ الكبير الذي يؤدي إلى الالتباس والتضليل يكمن في طمس الفروق بينهما ومن ثم وضعهما معا على قدم المساواة.

وقد قلت من قبل إن الأول ينبغي أن تفكر جيدا قبل أن ترفضه، في حين أن الثاني نرفضه دون أن نفكر. كما أن الأول يعدنا بمستقبل غامض أما الثاني فيستعيد ماضيا كئيبا. والأول يقف منحازا إلى الثورة (23 شخصا من الإخوان قتلوا أثناء الثورة) والثاني كان شريكا في محاولة إجهاض الثورة. في هذا السياق تلقيت رسالة من الشيخ جمال قطب مسؤول الإفتاء السابق بالأزهر قارن فيها بين الرجلين، قائلا إن خيارنا صار بين تعاطي دواء لم تستطع الشركة المنتجة الترويج له أو إقناع الناس بفاعليته وجدواه، وبين دواء مسرطن يفتك بكل من يتعاطاه ولا أمل في نجاة من يبتلعه.

هذه الفروق لم يتغاضَ عنها البعض فحسب، وإنما وجدنا من عمد إلى قلبها رأسا على عقب فقرأنا لمن قال إن الفرق بين الرجلين كالفرق بين الكوليرا والتيفود، إذ كلاهما قاتل. وذهب آخرون في التدليس إلى حد القول بأن "الفريق" أحمد شفيق يمثل الدولة المدنية. أما الدكتور محمد مرسي فيمثل الدولة الدينية، الفاشية عند البعض.

(2)

لأن حسني مبارك أمات السياسة في مصر فإن التنافس والتجاذب بين الجماعات والتيارات المختلفة ظل يدور في ساحة الإعلام بالدرجة الأولى. وهي الساحة التي يهيمن عليها تاريخيا خصوم الإخوان من علمانيين وليبراليين وماركسيين، يضاف إليهم عناصر وأذرع أجهزة الإدارة والأمن، وهؤلاء ظلوا طوال العقود الماضية يروجون لفكرة "الفزاعة" التي غدت عنوانا ثابتا للعلاقة بين السلطة والإخوان منذ نحو ستين عاما.

حين دخل إلى المرحلة الأخيرة من سباق التنافس على الرئاسة مرشح الإخوان فإن كل تلك المنابر تحولت إلى منصات لإطلاق ما لا حصر له من زخات النقد والتجريح والترويع التي استهدفت اغتيال الجماعة وتخويف المجتمع من مشروعها. وكان أخف ما قيل في حقهم ما ذكره أحد الكتاب المحترمين في مقال نشر يوم الجمعة 1/6 من أن الإخوان "يريدون أن يطردوا البهجة من حياتنا. يريدون حياة قوامها الجنس وأكل اللحمة والفتة. (لذلك) فإن المستقبل في حكم الإخوان أسود من قرن الخروب". وإذا كان ذلك هو الكلام المخفف الذي صدر عن كاتب محترم فلك أن تتصور ما يمكن أن يصدر عن غير المحترمين.

لست أدعى أن الإخوان فوق النقد، وكنت أحد الذين مارسوا ذلك النقد في حينه. وليس عندي أي دفاع عن أخطائهم الجسيمة التي وقعوا فيها خلال الأشهر الأخيرة، والتي أدت إلى خسرانهم خمسة ملايين صوت في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة. لكني فقط أسجل تحفظي على ثلاثة أمور، أولها استخدام النقد سبيلا إلى التجريح والاغتيال والإقصاء، واللجوء إلى أساليب غير شريفة في ذلك. الأمر الثاني تعميم ذلك النقد على مجمل الحالة الإسلامية والتطاول من خلاله على مقاصد الإسلام وقيمه. أما الأمر الثالث فهو الغلوّ في النقد إلى الحد الذي يعبر عن الاستعداد لاستمرار حكم العسكر أو لتسليم البلد إلى نظام مبارك مرة أخرى، مقابل إسقاط مرشح الإخوان، كما جاء في عنوان نشرته إحدى الصحف يقول: "نار العسكر ولا جنة الإخوان". تجسد ذلك أيضا في قول أحدهم إنه يقبل بأي طرف غير الإخوان، ويقبل بأي مرجعية إلا مرجعية الإسلام.

حتى لا يلتبس الأمر على أحد فإنني أقرر أنه منذ بدأت الحملة الانتخابية لم أكن مشغولا كثيرا بمن سينجح في الانتخابات، لكنني لم أكف عن الدعوة إلى إسقاط كل من كانت له صلة بمبارك ونظامه. إذ اعتبرت أن إنقاذ الثورة واستمرارها هو مسؤولية الجماعة الوطنية المصرية بكل فصائلها، وأن أي اختراق من جانب رموز عصر مبارك لأي موقع متقدم في مدارج السلطة العليا يمثل تهديدا مباشرا للثورة.

لذلك لا أستطيع أن أخفي دهشتي إزاء موقف قطاع عريض من العلمانيين والليبراليين الذين انساقوا وراء مشاعرهم المخاصمة للإخوان، إلى الحد الذي جعلهم يقفون تلقائيا في صف الفريق شفيق. وبالتالي فإنهم شغلوا أنفسهم بتصفية حساباتهم مع الإخوان وبإسقاط الدكتور مرسي، ولم يكترثوا بإنقاذ الوطن من براثن نظام مبارك. الأمر الذي يسوغ لي أن أقول إن كراهيتهم للإخوان تلبستهم حتى أعمتهم عن محبة الوطن والغيرة عليه.

(3)

منذ تبين أن الإعادة في انتخابات الرئاسة بين مرشح الإخوان ومرشح نظام مبارك، انطلقت ماكينة الإعلام والدعاية التي أعادت إنتاج خطاب الفزاعة، بصورة أكثر شراسة وكثافة. إذ فوجئنا بتدفق سيل من الكتابات خوف الناس من أن الإخوان سيسارعون إلى إعلان الخلافة، وسيفرضون الحجاب على كل الإناث، وسيحرمون السياحة وسيغلقون البنوك الربوية وسيمنعون السينما والمسرح وسيحاربون مختلف صور التفكير والإبداع. سيختتنون الفتيات وسيفرضون الجزية على الأقباط.. إلى آخر العناوين التي تبشر باستنساخ طالبان في أفغانستان وتخوف من مليشيات يعدها الإخوان ويدربونها على السلاح لمقاومة الجيش المصري.

ليس ذلك فحسب، وإنما استهدفت حملة التشويه والتخويف مجلس الشعب أيضا لمجرد أن الإسلاميين حازوا الأغلبية فيه، الأمر الذي استفز قاضيا مخضرما هو المستشار محمود الخضيري الذي يرأس اللجنة التشريعية بالمجلس، ودفعه إلى كتابة مقالة نشرتها "المصري اليوم" في 27/5، قال فيها إنه لم ير في حياته هجوما على مجلس شعب مصر مثلما رأى في المجلس الحالي. وفهمنا من المقالة أن الرجل فقد أعصابه حين سأله أحد الصحفيين عن مشروع قانون يبيح مضاجعة الموتى (وهي شائعة مدسوسة وكاذبة)، في حين لم يهتم الصحفي بحزمة التشريعات المهمة التي تبنتها اللجنة التشريعية، وفي مقدمتها ما تعلق بمنع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وتثبيت العمالة المؤقتة الذي يفيد عشرات الآلاف من العمال، وتقرير الحد الأدنى والأقصى للأجور.. إلخ.

ما يثير الانتباه في هذه الحملات التي تصب كلها في مجرى التيئيس والترويع والتخويف من انقضاض الإخوان على الدولة هو أنها تفترض أن الخمسة والثمانين مليون مصري تحولوا إلى قطيع من الماشية لا حول لهم ولا قوة، وأن الملايين الجسورة التي انتفضت لإسقاط مبارك ونظامه، سوف تسلب إرادتها وتركن إلى الاستسلام والخنوع في ظل الحكم الذي يتصدره الإخوان. وإذ أفهم أسباب تراجع الثقة في الإخوان فإنني لا أفهم ولا أجد مبررا لفقدان الثقة في وعي الجماهير المصرية، وفي قدرة الجماعة الوطنية على وقف أي تغول أو انحراف من جانب الإخوان أو غيرهم.

إن محاسبة الإخوان ومطالبتهم بتصحيح أخطائهم وطمأنة الناس واجب في كل وقت. ولكن تأكيد القطيعة مع النظام السابق هو واجب الوقت. والمعركة الأولى مرحلية بوسعنا أن نكسبها، أما المعركة الثانية فإستراتيجية ولا ينبغي أن نتراخى أو نهمل في التصدي لها. ذلك أننا نستطيع أن نسحب الثقة من الإخوان في ظل الثورة، لكننا لن نستطيع أن نكسب المعركة الثانية إلا بثورة جديدة.

(4)

ثمة جانب مسكوت عنه في المشهد الذي نحن بصدده، يتعلق ببرنامج الفريق أحمد شفيق على الصعيدين الداخلي والخارجي. وقد أخذ الرجل راحته في الحديث عن سياسته الداخلية أمام غرفة التجارة الأميركية المصرية، في حين حدثتنا تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن سياسته الخارجية، التي سكت عنها وتجاهلها.

في 24/5 نشرت صحيفة نيويورك تايمز خلاصة لكلامه أمام غرفة التجارة، عرضه مراسلها في القاهرة دافيد كيرك باتريك. ولم يفت المحرر أن ينوه في البداية إلى أن الفريق شفيق ذكر لسامعيه أنه ليس آسفا لأنه اعتبر حسني مبارك مثله الأعلى، وأنه خاض الانتخابات الرئاسية مراهنا على أمرين، أولهما الخوف من الإخوان، وثانيهما الوعد بوقف التسيب الأمني.

أضاف صاحبنا أن المرشح الرئاسي أعلن أمام سامعيه أنه سوف يستخدم القوة المفرطة ولن يتردد في اللجوء إلى تطبيق عقوبة الإعدام لإعادة الأمن إلى البلاد خلال شهر، ووسط تصفيق النخبة التي رحبت بكلامه سخر الفريق من البرلمان الذي تم انتخابه بعد الثورة، وقال إن الإسلاميين فيه لديهم مليشيات مسلحة مستعدة لخوض الحرب الأهلية، ولبننة الوضع في مصر.

في حديثه عن علاقة المجلس العسكري بالسياسة نقل المحرر الأميركي عنه قوله إنه يؤيد قيام الجيش بدور الحامي للشرعية الدستورية في مصر، كما أنه يؤيد استمرار الإمبراطورية الاقتصادية للجيش، معتبرا أن استمرارها يعد "ضرورة إستراتيجية". وذكر اعتقاده أن الفريق شفيق يؤيد أيضا فرض الأحكام العرفية في حالة الطوارئ، دون حاجة للرجوع إلى البرلمان، وفيما يخص اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات السابق، قال صاحبنا إنه إذا أمكن الاستفادة من خبراته في أي موقع، فينبغي ألا نتردد في ذلك. وهي المقولة التي قال الصحفي الأميركي إنها استقبلت بعاصفة من التصفيق.

أما في الشق المتعلق بالسياسة الخارجية المسكوت عنها بدورها، فإن حفاوة الإسرائيليين به كافية في إلقاء الضوء على موقفه، حتى إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من وزرائه أن يكتموا فرحتهم، حتى لا تنكشف حقيقة الرجل أمام الرأي العام المصري ويؤثر ذلك على التصويت لصالحه. وهو ما ذكرته الإذاعة العبرية صراحة مساء يوم 29/5. أما الذين تكلموا من المسؤولين الإسرائيليين فقد قال أحدهم إن أحمد شفيق سيكون ذخرا لإسرائيل أهم من مبارك، لأنه إذا انتخب فسيكون قد جاء بطريقة ديمقراطية، وقال آخر إنه إذا تحقق ذلك فسيعود ضخ الغاز إلى إسرائيل. وستعود العلاقة بين القاهرة وتل أبيب إلى "الصفاء" الذي كانت عليه قبل الثورة.

ما يدهشني في الأمر أنه في حين يلوح شبح مبارك ونظامه في الأفق بقوة، أجد بعض السياسيين والمثقفين في مصر يتحدثون عن مقاطعة الانتخابات الرئاسية بدعوى أنهم غير مقتنعين بالمرشحين الاثنين. وهو موقف غريب لأنه يقدم هدية مجانية إلى مرشح مبارك، باعتبار أنهم بذلك يضعفون مركز منافسه. إنني إذ أفهم سبب تحفظهم على الإخوان أو كراهية بعضهم لهم، فإنني لا أتصور أن يكون ذلك سببا كافيا لإفساح الطريق لفوز مرشح مبارك برئاسة مصر.

الجزيرة، الدوحة، 5/6/2012




سونر چاغاپتاي و تايلر إيفانز

صادف يوم الخميس الذكرى السنوية الثانية لحادث أسطول الحرية الذي وقع عام 2010 وأدى إلى أزمة في أعالي البحار تدهورت على إثرها العلاقات التركية الإسرائيلية بشكل سريع.

وفي أعقاب الحادث، استدعت تركيا سفيرها وطالبت باعتذار من إسرائيل إلى جانب دفع تعويضات للنشطاء التسعة القتلى. بل ذهبت أنقرة إلى حد الإعلان عن أن سفنها الحربية سترافق البعثات المستقبلية إلى غزة.

وقد تعثرت محاولات رأب الصدع بشأن قضية الاعتذار الإسرائيلي. ومع عدم استعداد تركيا قبول أي شيء يكون أقل من الاعتذار الكامل، وعدم استعداد إسرائيل حالياً لتلبية هذا الطلب، يبدو أن الطرفين يواجهان مأزقاً حقيقياً.

بيد أنه تحت السطح لا تعد الأمور قاتمة تماماً فيما يتعلق بالعلاقات التركية الإسرائيلية. والشيء الجدير بالملاحظة أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشهد حالة من الازدهار.

فقد انطلقت العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل في أواخر التسعينيات من القرن الماضي كجزء من حالة تلاقي استراتيجي متنامي. وقد تعززت التبادلات التجارية وتعمقت بفضل سلسلة من الاتفاقات الثنائية التي فتحت الأسواق التركية والإسرائيلية على بعضها البعض. وتشمل الاتفاقيات الجديرة بالملاحظة إبرام اتفاقية التجارة الحرة (1996) واتفاقية منع الازدواج الضريبي (1997)، واتفاقية الاستثمار الثنائي (1998). وقد بشّرت هذه الاتفاقيات بعصر من تحسن العلاقات السياسية والاقتصادية. فقد شهدت التجارة قفزة من 449 مليون دولار في عام 1996 لتتجاوز 2.1 مليار دولار في عام 2002. وقد استمرت هذه الوتيرة الاستثنائية مع زيادة التجارة الثنائية بمتوسط 14.6% سنوياً، خلال الفترة من 2002 إلى 2008.

والمفاجئ أن الأزمة الدبلوماسية لم تُترجم إلى أزمة اقتصادية. فلتأخذ على سبيل المثال المقاطعة التي أعلنت عنها سلاسل المتاجر الإسرائيلية العديدة في أعقاب حادث أسطول الحرية. فرغم التأكيدات من جانب متاجر التجزئة هذه، ظلت الصادرات التركية من منتجات الخضروات ثابتة منذ عام 2007، كما تضاعفت صادرات الأغذية المجهزة والمشروبات والتبغ بين 2007 و2011. وخلال الفترة من 2010 إلى 2011، شهدت التجارة زيادة بنسبة 30.7%، متجاوزة بشكل كبير النمو الحاصل أثناء أوج تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية.

ورغم ذلك فإن العلاقات في مجال الدفاع قد تضررت بشدة. ففي أعقاب حادث أسطول الحرية، جمدت تركيا ما لا يقل عن اثني عشر مشروعاً دفاعياً مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاق بقيمة 5 مليار دولار [لشراء] دبابات ومبيعات قيمتها 800 مليون دولار لطائرات دوريات وطائرة رادار للإنذار المبكِر.

ورغم هذه الاضطرابات يبدو أن العلاقات الاقتصادية ستتعمق بشكل أكبر على المدى الطويل.

فأولاً وقبل كل شيء، لا تزال كافة الاتفاقيات التجارية والاستثمارية آنفة الذكر سارية المفعول بقوة. وثانياً، لا يبدو أن أياً من الطرفين متحمس لإعاقة اتجاه التجارة الثنائية المزدهرة. ففي أعقاب حادث أسطول الحرية، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن نيته قطع كافة العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك العلاقات التجارية. لكن أنقرة قامت سريعاً بتصحيح ذلك البيان، وأضافت بأنه لن يتم خفض العلاقات التجارية. وعلى نحو مماثل، عندما أعلن بيت استثماري إسرائيلي عن خططه للخروج باستثماراته من تركيا، حث رئيس "غرفة التجارة الإسرائيلية" الشركات على الإحجام عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تضر بالعلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل.

إن التردد المتبادل تجاه قطع العلاقات التجارية أمر مفهوم، لا سيما في ضوء المناخ الاقتصادي العالمي. ففي النهاية، يدين كلا البلدين بالكثير من نموهما خلال السنوات الأخيرة إلى ازدهار الصادرات التي بيعت حصة كبيرة منها في الأسواق الأوروبية. وهذا يعني أن كلا البلدين معرض للتأثر بتراجع التعافي الاقتصادي الأوروبي. ومن شأن تعزيز العلاقات التجارية الثنائية أن يعوض بعضاً من ذلك التراجع، لا سيما على الجانب الإسرائيلي، حيث شكلت تركيا سادس أكبر سوق للصادرات الإسرائيلية في عام 2011، ويمكن أن ترتقي مع استمرار ضعف الأسواق التقليدية الإسرائيلية.

كما تمثل إسرائيل أهمية بالنسبة لتركيا. فمن حيث الأحجام، فإن السوق الإسرائيلية صغيرة، لكنها تمثل فرصاً هائلة للمنتجين الأتراك للارتقاء في سلسلة القيمة. ففي آذار/مارس، صنّفت "رابطة الصناعة والأعمال التركية" إسرائيل باعتبارها شريكاً استثمارياً محل أولوية، حيث أكدت على مميزات الربط بين الأرض والعمالة التركية مع الاقتصاد الإسرائيلي المبتكر. ويمكن العثور على مثال كاشف لهذه الاحتمالات في مدينة بورصة، حيث تقوم شركات التصنيع التركية بتجميع السيارات الكهربائية كجزء من مشروع مشترك مع شركة "بيتر پليس" الإسرائيلية. وبفضل هذا المشروع تُنتِج تركيا حالياً سيارتها الكهربائية الأولى باستخدام التقنية التي لم يكن من السهل على الأتراك تطويرها بمفردهم.

وهناك أيضاً زاوية سياسية يمكن أن تبشر بخير فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية. ففي الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل شرقاً أوسطياً أكثر تقلباً، يرى بعض الإسرائيليين أنه من الأفضل لهم إعادة بناء العلاقات مع تركيا حتى وإن كان ذلك لا يعني العودة إلى سنوات شهر العسل من فترة التسعينيات. وفي غضون ذلك، تواجه تركيا انتفاضة شعبية في سوريا حيث هناك احتمالات بأن تنتقل عبر حدودها. وإلى جانب العلاقات المتردية مع العراق، ناهيك عن المنافسة الإقليمية ضد إيران، يشير هذا إلى أن إسرائيل ربما لا تكون الهدف الأكثر أهمية.

يبدو أن هناك احتمالات لبداية جديدة بين تركيا وإسرائيل. وحتى إذا استمر تباعد البلدين حول بعض القضايا السياسية الرئيسية، إلا أن كليهما يبدو مستعداً بشكل سري لليوم الذي يستطيعان فيه رأب العلاقات مرة أخرى. وكما هو الحال دائماً، فإن العلاقات السياسية تتبع المال.

Washington Institute for Near East Policy، 31/5/2012