[غانتس: القادة السياسيون والعسكريون الذين
يعرفون جميع الحقائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني قلائل جداً]
"معاريف"،
6/6/2012
قال رئيس هيئة الأركان العامة
الجنرال بني غانتس إن إسرائيل تشهد في الآونة الأخيرة ثرثرة كثيرة لا لزوم لها
بشأن الموضوع الإيراني، وأكد أن أشخاصاً قلائل جداً من قادة المؤسستين السياسية
والعسكرية - الأمنية يعرفون جميع الحقائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وعلى ما يبدو فإن أقوال غانتس
هذه، التي أدلى بها لدى اشتراكه أمس (الثلاثاء) في اجتماع لجنة الخارجية والأمن في
الكنيست، جاءت رداً على التصريحات التي يطلقها في الفترة القليلة الفائتة عدد من
كبار المسؤولين السابقين في المؤسسة الأمنية، وفي مقدمهم رئيس جهاز الموساد السابق
مئير داغان، ورئيس جهاز الأمن العام [شاباك] السابق يوفال ديسكين.
وأضاف رئيس هيئة الأركان
العامة أن إيران ما زالت تسعى لامتلاك أسلحة نووية، لكنها لم تتخذ حتى الآن قراراً
حاسماً بإنتاج هذه الأسلحة، وذلك لاعتبارات استراتيجية خاصة بها، ويمكن القول إن
هذه الاعتبارات تتعلق بالضغوط السياسية التي تتعرض لها، وبالعقوبات الاقتصادية
المفروضة عليها، وبحملات التخريب التي تلحق أضراراً بمنشآتها النووية، كما أنها
تتعلق بالتهديدات بشن هجوم عسكري عليها.
وقال غانتس إنه من أجل شن هجوم
عسكري على إيران يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يكون في أقصى جهوزيته، وقد أصبح
الآن في أقصى جهوزيته.
وتطرق غانتس إلى آخر تطورات
الأوضاع في سورية، فقال إن أكثر ما يقلق إسرائيل في الوقت الحالي هو نقل وسائل
قتالية متطورة من سورية إلى حزب الله في لبنان، وأكد أن هذا الحزب وإيران صعّدا
تدخلهما في سورية مؤخراً، وأن حالة عدم الاستقرار في هضبة الجولان آخذة في
التفاقم.
ولفت غانتس إلى أن سورية
ستواجه مزيداً من عدم الاستقرار في حال سقوط نظام بشار الأسد، وفي حال بقاء هذا
النظام سيكون ضعيفاً وستواجه سورية أيضاً حالة عدم استقرار.
وقال إن حزب الله قلق للغاية
من احتمال سقوط نظام الأسد، وإن الجيش الإسرائيلي يقوم باستعدادات خاصة في منطقة
الحدود مع لبنان، منها الانتقال من مرحلة "الجدار الطيب" إلى مرحلة
"الجدار العالي".
كما
تحدث غانتس عن الانتخابات الرئاسية المصرية فأكد أن اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر
مهم للغاية ويجب بذل أقصى الجهود من أجل الحفاظ عليه.
[باراك: إسرائيل تملك
قدرة على شن هجمات سيبرانية]
"هآرتس"،
7/6/2012
اعترف وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك لأول مرة بأن
إسرائيل تملك قدرة على شن هجمات سيبرانية، وتعمل على تطوير هجمات من هذا النوع،
لكنها تبذل في الوقت الحالي جهوداً أكبر في مجال صد هجمات كهذه.
وجاء اعتراف باراك هذا في سياق كلمة ألقاها أمس (الأربعاء)
في "مؤتمر السايبر الدولي" الذي عقد في جامعة تل أبيب، وقال فيها أيضاً:
"إن هدفنا الآن هو التركيز على مجال الدفاع نظراً إلى كونه الأصعب والأهم
لتجنب الأضرار، فضلاً عن كونه أكثر فائدة مما يمكن أن نجنيـه من خلال مجال الهجوم،
ومع ذلك فإن المجالين [الدفاع والهجوم] متوفران لدينا."
وعلى ما يبدو فإن إعلان باراك "توفر المجالين"
يأتي في إثر قيام الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي قبل عدة أيام بنشر تقرير عن
نشاط الجيش في مجال الهجمات الإلكترونية، ورد فيه أن قسم التوجيه والإرشاد العسكري
في شعبة العمليات عرّف لأول مرة النشاط الإلكتروني الافتراضي في الجيش مشيراً إلى
أنه يتركز على أمور شتى، مثل جمع معلومات استخباراتية، والدفاع، والقيام بنشاطات
عسكرية سرية.
وأضاف باراك: "إننا نتخذ الاستعدادات اللازمة كي نكون
في صدارة جبهة الحرب السيبرانية في العالم، سواء فيما يتعلق بالأجهزة المدنية، أو
بالأجهزة الأمنية، ذلك بأن هذه الجبهة يمكن أن تطور قدرات قتالية غير مسبوقة تفوق
القدرات التي طورها العدو في المجال الصاروخي، وأن تتيح لهاكر واحد مثلاً إمكان أن
يتسبب بإلحاق أضرار هائلة بمنظومات اقتصادية أو قومية".
ولفت وزير الدفاع إلى أن "العالم الحر يخضع إلى تهديد
[سيبراني] من جانب منظمات إرهابية، ودول مارقة، ومنظمات إجرامية، لكن حتى الآن لم
يتم تطوير أدوات تضمن رداً متكاملاً على هذا التهديد، لا على المستوى القومي ولا
من خلال التعاون العالمي."
تجدر الإشارة إلى أن إيران اتهمت إسرائيل مؤخراً بالوقوف
وراء استهداف أجهزة حواسيبها بواسطة فيروس إلكتروني أطلق عليه اسم
"فليم" (Flame)، وقد وصفه خبراء في مجال الحماية الإلكترونية بأنه متطور وشديد
التعقيد للغاية، ورجحوا أن يكون فقط في إمكان دولة لديها خبرة كبيرة أن تطوره.
وذكرت صحيفة "يديعوت
أحرونوت" (7/6/2012) أن إسرائيل والولايات المتحدة اتفقتا على زيادة التعاون
بينهما في مجال الحرب السيبرانية، وأشارت إلى أن هذا الاتفاق تم التوصل إليه في
ختام اللقاء الذي عقده كل من نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني أيالون، ورئيس
"هيئة محاربة الإرهاب" في ديوان رئيس الحكومة إيتان بن دافيد، أول أمس (الثلاثاء)،
مع السفير دان بنجامين، منسق شؤون الحرب على "الإرهاب" في الإدارة
الأميركية، الذي يقوم بزيارة رسمية لإسرائيل.
أليكس فيشمـان- محلل عسكري"يديعوت
أحرونوت"، 8/6/2012
[تقديرات إسرائيلية: نظام
الأسد سيحافظ على بقائه فترة طويلة]
·
قبل
عدة أسابيع قام رئيس مجلس الأمن القومي اللواء احتياط يعقوب عميدرور، مستشار الأمن
القومي لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بزيارة لموسكو حاول خلالها أن يقنع
المسؤولين الروس بوقف تأييدهم لنظام بشار الأسد في سورية. غير أن كبار المسؤولين
في روسيا أكدوا أنهم لا يفكرون بوقف هذا التأييد في الوقت الحالي.
·
في الوقت نفسه تبين
أن المسؤولين الروس يمكن أن يوقفوا هذا التأييد في المستقبل بشرط أن يحل محل الأسد
زعيم يحافظ على المصالح الروسية في منطقة الشرق الأوسط مثلما يحافظ الأسد عليها.
وقد سمع رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال بني غانتس، الذي قام مؤخراً بزيارة
رسمية للصين، رأياً شبيهاً من كبار المسؤولين الصينيين.
·
على صعيد آخر تؤكد
التقديرات القائمة لدى مركز الأبحاث السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية،
والذي يعمل كمركز استخباراتي، أن مكانة نظام الأسد في سورية الآن بقيت على ما كانت
عليه قبل نصف عام، وذلك على الرغم من جميع أعمال القتل التي ارتكبها منذ ذلك
الوقت. كما تؤكد أنه لم تظهر حتى الآن أي إشارات توحي باحتمال انهيار هذا النظام
قريباً.
·
ولا بد من القول إن
جميع الأحاديث في إسرائيل والدول الغربية وغيرها بشأن عدم شرعية نظام الأسد تظل من
دون قيمة حقيقية ما دام هذا النظام يحظى بشرعية في نظر كل من الروس والصينيين
والإيرانيين واللبنانيين، وما دام يحظى أيضاً بشرعية لدى
أجزاء كبيرة من المجتمع السوري.
·
وفي ظل أوضاع كهذه
من المتوقع أن يحافظ نظام الأسد على بقائه فترة طويلة على الرغم من كل التصريحات
التي تهدد بإسقاطه في أرجاء العالم.
"هآرتس"،
8/6/2012-[ بمناسبة مرور
30 عاماً على حرب لبنان:إسرائيل لم تقلع عن إدمانها على الحرب]
- في مطلع حزيران/يونيو من كل عام تحيي إسرائيل ذكرى حربين كبيرتين، هما: حرب الأيام الستة [1967]، وحرب لبنان الأولى، التي يصادف هذا الأسبوع ذكرى مرور 30 عاماً عليها.
- وكما هو معلوم فإن أحد أبرز الأهداف لحرب لبنان الأولى كان، استناداً إلى كلام رئيس الحكومة آنذاك مناحم بيغن، معالجة صدمة حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973]، فحتى التاريخ الذي اختير للبدء بحرب لبنان الأولى، كان نفس التاريخ الذي بدأت فيه حرب الأيام الستة، وذلك في مسعى واعٍ أو غير واع لربط هذه الحرب بذكرى الانتصار الكبير "القوي والسريع والأنيق"، والذي لا يزال، منذ ذلك التاريخ، يسحر إسرائيل وقادتها ويجعلهم يتلهفون إلى تكراره من جديد.
- يجب التذكير هنا بأن هذا الانتصار الكاسح لم يتكرر في أي عملية عسكرية أو حرب وقعت من بعده. وتشكل الأفلام التي صُورت، والأحاديث التي سُجلت في حرب لبنان الأولى، والتي جرى الكشف عنها الآن، أكبر دليل على حماقة هذه الحرب الكبرى التي استمرت 18 عاماً وأدت إلى وقوع حرب أخرى هي حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، التي أصبحنا في إثرها في وضع سياسي وعسكري واستراتيجي أسوأ بكثير مما كنا عليه قبل نشوبها، وذلك مع وجود تنظيم موال لإيران في لبنان لديه صواريخ تغطي كل أنحاء إسرائيل.
- ويكفي أن نتذكر الإخفاقات والتعقيدات البعيدة المدى لحرب لبنان الأولى، والأضرار التي تسببت بها الحروب التي وقعت في أعقابها كي نتوقف عن الإعجاب بالعمليات العسكرية "السريعة" والباهرة التي يمكنها أن تحل كل مشكلاتنا بضربة واحدة.
- إن إسرائيل بحاجة إلى كل القوة العسكرية التي يمكن أن تراكمها، إلاّ إن استخدام هذه القوة يجب أن يكون حكيماً وحذراً وأن يبقى بمثابة الحل الأخير. لقد أثبتت التجربة أن إسرائيل اكتوت بالنيران في كل مرة تسرعت فيها في خوض الحرب. بيد أن الجمود السياسي السائد، وإظهار استعدادنا لخوض الحرب اليوم، بالإضافة إلى الحماسة الكبيرة لـ "الهجوم على إيران"، كل هذه الأمور تثبت أننا لم نقلع بعد عن إدماننا القديم والبشع.
صالح النعامي
يرصد الإسرائيليون عدداً من المظاهر التي تعكس
تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى رأسها عجزها عن الحفاظ على الأنظمة
العربية التي كانت تدور في فلكها، والتي كانت تسهم في تحقيق المصالح الأمريكية
والإسرائيلية، لا سيما نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.
فقد كان هذا النظام يمثل رأس الحربة في المنظومة
الإقليمية المتحالفة مع الولايات المتحدة، وكان يؤدي عدداً من الأدوار الوظيفية، على
رأسها التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة.
ومما زاد الأمور تعقيداً بالنسبة إلى الإسرائيليين
اضطرار الإدارة الأمريكية لإجراء حوارات رسمية مع ممثلي الحركات الإسلامية التي
صعدت الى الحكم، أو التي في طريقها الى الحكم في الدول التي احتضنت الثورات
العربية؛ حيث إن الأمريكيين رأوا في الحوار مع الإسلاميين محاولة لتقليص الأضرار
الناجمة عن سقوط أو إضعاف الأنظمة المتحالفة معهم.
وعلى الرغم من أن «إسرائيل» الرسمية عبّرت بشكل
واضح وصريح عن انزعاجها من هذه الحوارات، على اعتبار أن إضفاء شرعية دولية على
ممارسة الإسلاميين الحكم يمثل تحولاً خطيراً في البيئة الاستراتيجية لـ«إسرائيل»،
إلا أن الأمريكيين أوضحوا أنه ليس في حكم الوارد لديهم التراجع عن هذا التوجه.
ويرى الإسرائيليون أن الضربة التي تلقاها قادة
العسكر في تركيا الموالون للغرب على يد حكومة طيب رجب أردوغان، دون أن تتمكن واشنطن
من التدخل للدفاع عنهم، هو مظهر آخر من مظاهر الضعف الأمريكي.
والمفارقة التي تغيظ الإسرائيليين تتمثل في أن
مكانة أردوغان تحديداً تعاظمت إلى حدّ كبير في أعقاب تفجر الثورات العربية، حتى أن
الرئيس الأمريكي باراك أوباما صرّح مؤخراً بأن أردوغان هو من زعماء العالم القلائل
الذين يحرص على الاتصال بهم في فترات متقاربة جداً.
ويعتبر الإسرائيليون أن نجاح حزب الله وحلفائه في
تشكيل حكومة في لبنان، وتوصل حركتي فتح وحماس لاتفاق لإنهاء حالة الانقسام رغم
الاعتراض الأمريكي، مؤشران إضافيان على تراجع الدور الأمريكي.
صحيح أن اتفاقات المصالحة الفلسطينية لم تجد
طريقها الى التطبيق، إلا أن مجرد جرأة رئيس السلطة محمود عباس على التوصل لها يدل
–في نظر الإسرائيليين- على تراجع واضح في تأثير الولايات المتحدة.
العامل الاقتصادي
يعي الإسرائيليون أن الأسباب التي تقف وراء مظاهر
الضعف الأمريكي مرتبطة بتحولات ذاتية؛ حيث لم يكن بوسع الإدارة الأمريكية الحيلولة
دون تفجر ثورات التحول الديموقراطي في العالم العربي، وهو ما أفضى تبعاً لذلك إلى
تعاظم مكانة تركيا، وأصاب أبو مازن بالحرج ودفعه نحو التوقيع على المصالحة، حتى
وإن أضمر عدم إنجازها.
لكن الإسرائيليين يَعُون أيضاً أنه لا يمكن تجاهل
العامل الاقتصادي كمحدد لفهم تراجع الدور الأمريكي في المنطقة؛ فبسبب الأزمة التي
تعصف بالاقتصاد العالمي، فإن الإدارة الأمريكية الحالية باتت حساسة جداً لأي تطور
ترى أنه قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي.
ونظراً لأن الأمريكيين باتوا متوجسين من قدرة
الصين على زيادة تأثيرها في منطقة جنوب شرق آسيا، ومحاولتها إملاء سياقات محددة في
المنطقة تهدد المصالح الاقتصادية الأمريكية، فإن الرئيس أوباما قد استنتج أن مصالح
أمريكا الحيوية باتت مهددة بالخطر في هذه المنطقة، وهذا ما دفعه إلى نقل مركز
الاهتمام من الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيا.
والذي يدل على هذا التوجه بشكل واضح، هو قرار
أوباما نقل جزء كبير من القوات الأمريكية المتمركزة في أوروبا إلى جنوب شرق آسيا.
انعكاسات التراجع على «إسرائيل»
مَثَّل التحالف مع قوة عالمية كبيرة دوماً إحدى ركائز
نظرية الأمن الإسرائيلية؛ حيث تم التعامل مع العلاقة مع الولايات المتحدة كذخر
استراتيجي من الطراز الأول. ويسود اعتقاد في دوائر التقدير الاستراتيجي في
«إسرائيل» أن تراجع مكانة الولايات المتحدة ودورها سيؤدي إلى:
أولاً: المس بقوة الردع الإسرائيلية؛ حيث إن
«إسرائيل» لا تعتمد في ردع أعدائها على قوتها العسكرية فقط، بل أيضاً على عوائد
العلاقة مع الولايات المتحدة. فنظراً إلى إدراك الأطراف الخارجية طابع العلاقة
الخاصة بين «إسرائيل» والولايات المتحدة، فإنها ستجري ألف حساب قبل اتخاذها قراراً
بمهاجمة «إسرائيل»، على اعتبار أن هذا قد يؤدي إلى تدخل أمريكي يضمن خروج
«إسرائيل» منتصرة من هذه المعركة.
ثانياً: أدى تراجع مكانة الولايات المتحدة في
المنطقة إلى غرق «إسرائيل» في عزلة إقليمية؛ حيث إن بعض دول الإقليم كانت تحرص على
تحسين علاقاتها مع «إسرائيل»، على اعتبار أن هذه هي الوسيلة الأنجع للوصول إلى
واشنطن.
ومع تراجع مكانة واشنطن ودورها لم يعد هناك ما
يغري هذه الدولة بمواصلة هذا النهج. وهناك خشية جدية في «إسرائيل» من أن تضطر
الدول العربية التي لم تشهد ثورات، والتي ارتبطت بعلاقات خاصة مع «إسرائيل»،
لإعادة تقييم علاقاتها معها بعد أن لمست تأثير تراجع الدور الأمريكي.
ثالثاً: زيادة الأعباء الاستراتيجية على كاهل
«إسرائيل»، وتقلص هامش المناورة أمامها، فلقد تمكنت من شن حروب وحملات عسكرية ضد
أطراف عربية؛ بسبب حرص دول عربية على توفير الظروف الإقليمية المناسبة لذلك، من
منطلق الحرص على استرضاء الولايات المتحدة.
وخير مثال على ذلك الحرب على لبنان 2006، والحرب
على غزة عام 2008؛ ما يعني أن تراجع مكانة
الولايات المتحدة سيؤثر سلباً على البيئة الاستراتيجية لـ«إسرائيل»، ويقلص قدرتها
على العمل ضد أعدائها.
ومما يثقل كاهل «إسرائيل» انضمام الرأي العام
كعامل مؤثر على دوائر صنع القرار في العالم العربي في أعقاب الثورات العربية؛ حيث
إن «إسرائيل» باتت ترى أن عليها قبل الشروع في عمل عسكري ما، أن تأخذ بعين
الاعتبار ردة فعل الرأي العام العربي.
رابعاً: نسفت تأثيرات تراجع مكانة الولايات
المتحدة في المنطقة صحة الافتراض الذي حاولت «إسرائيل» وحلفاؤها في الغرب تسويقه،
بأنها تمثل ذخراً استراتيجياً للغرب وتحديداً للولايات المتحدة؛ إذ تبين بشكل لا
يقبل التأويل أن العكس هو الصحيح، بدليل أن «إسرائيل» هي الطرف الأكثر تضرّراً من
تراجع مكانة الولايات المتحدة.
وهذا ما يشير إليه بشكل واضح كل من الباحث
الإسرائيلي في الشؤون الاستراتيجية عومر جنندلر، وكبير المعلقين العسكريين في
صحيفة «يديعوت أحرنوت» رون بن يشاي.
الأمان، بيروت، 8/6/2012
أودي لابِل
ان حرب لبنان الاولى هي
التي أنتجت جملة الطرز والنماذج التي ما تزال تؤثر الى اليوم في صوغ سياسة اسرائيل
الامنية. فقد صيغ بها مثلا نموذج الأم الثكلى الذي انشأته رعيا هرنك أم جوني
الراحل وشاركها من أصبحوا يُسمون "عائلة البوفور". وليعلم كل وزير دفاع
ورئيس وزراء ان أمهات ضحايا حربه سيتظاهرن في ميدان صهيون على سياسته ويعددن قتلى
المعارك تحت نافذة بيته وينظرن اليه – لا الى العدو المحدد الذي قتل أبناءهن – على
أنه مسؤول عن فقدانهم. وتكف المعركة عن ان تكون شرعية حينما تتطلب ضحايا.
وصيغ آنذاك ايضا نموذج
الرافض السياسي لا ذاك الذي يعمل بصورة شخصية وضميرية واحدا في مواجهة مؤسسة
مهدِّدة، بل الذي يعمل من قبل منظمة ممولة مثل "يوجد حد"، اختارت
التهديد برفض الخدمة المنظم وسيلة لصوغ السياسة. ان من كانوا في الأقلية في
الميدان البرلماني لكن تم تمثيلهم تمثيلا واسعا في الميدان العسكري (كانوا في
الأساس من أبناء الكيبوتسات والثانويات الممتازة) وجدوا آنذاك طريقة لفرض تصورهم
العام على السلوك العسكري قسرا مع التهديد برفض الخدمة الجماعي. وكل ذلك مع عطف
والدي الجنود ("والدون ضد الصمت")، وضباط كبار وصاغة ثقافة جعلوا هؤلاء
الرافضين للخدمة مشاهير متآمرين. وعلم كل قائد لواء جيد آنذاك انه لن يبارك أوامره
رئيس الاركان ووزير الدفاع فقط بل اشعياء ليفوفيتش وعاموس عوز – لأن حرب لبنان
الاولى بينت أنهم ذوو تأثير في الاستعداد لتنفيذ الاوامر العسكرية بين الجنود بقدر
لا يقل عن القادة ذوي الملابس العسكرية.
وصيغ آنذاك التعلق بوسائل
الاعلام ان تصوغ التأثر العام بالحرب، وهكذا برغم ان حرب لبنان الاولى أحرزت حسما
من دولة ديمقراطية على منظمة ارهابية (م.ت.ف) طُردت من قواعدها في بيروت – كما
اضطر نصر الله الى مغادرة الضاحية في حرب لبنان الثانية أو حماس الى مغادرة غزة في
أعقاب عملية الرصاص المصبوب، برغم الانجاز صنفت وسائل الاعلام الحرب على أنها فساد
وروح عسكرية قاهرة وكارثة، لا على أنها عملية أزالت تهديد صواريخ الكاتيوشا عن
سكان الشمال.
ومن ناحية اجتماعية –
صيغت آنذاك العلاقات المعقدة بين أبناء اليسار والكيبوتسات والجيش الاسرائيلي التي
ستفضي بعد ذلك الى ازمة باعث على القتال وترك للحلبة العسكرية، والى نهضة عسكرية
بعد ذلك بين الجماعة الصهيونية المتدينة؛ ومن ناحية استراتيجية – بدأت تصاغ آنذاك
"نظرية القتال بعد الحداثية"، التي تشتهي حربا معقمة وتحلم بالحسم
بالقوة الجوية – كتلك التي تُبعد الجندي عن حومة الوغى، والتي ترى السعي الى
الصدام وجها لوجه أو الحسم البري أمرا محظورا في كل حال. وهذه سوابق أصبحت جزءا من
النظرية القتالية. وأضيفت عوامل قاهرة اخرى ازدادت شدة على مر السنين وأضرت بقدرة
الجيش، وأصبح ثم جيش لم يعد فيه قيادة عسكرية وتحريك للقوات فقط بل ادارة سياسية
وانشاء تحالفات؛ الجيش الذي أصبح ميدان الالعاب السياسية للمجتمع المدني لأن
الجميع يعملون فيه: منظمات حقوق الانسان وجمعيات تطوير النساء ومنظمات الرفض
واتحادات الآباء؛ الجيش الذي هو مثال التوازن بين المجموعات، لكن نشك في ان يعرف كيف يحسم الحروب.
واتحادات الآباء؛ الجيش الذي هو مثال التوازن بين المجموعات، لكن نشك في ان يعرف كيف يحسم الحروب.
اسرائيل اليوم 7/6/2012
وكالة سما الإخبارية،
7/6/2012