Friday, February 25, 2022

إذا كانت إسرائيل مصممة على إيقاف التقدّم الإيراني نحو السلاح النووي بأي ثمن فلا مفرّ لها غير إعداد خيار القوة، لا بل استخدامه يوماً ما

إذا كانت إسرائيل مصممة على إيقاف التقدّم الإيراني نحو السلاح النووي بأي ثمن فلا مفرّ لها غير إعداد خيار القوة، لا بل استخدامه يوماً ما

 يديعوت أحرونوت"، 23/2/2022

إذا كانت إسرائيل مصممة على إيقاف التقدّم الإيراني نحو السلاح النووي بأي ثمن فلا مفرّ لها غير إعداد خيار القوة، لا بل استخدامه يوماً ما



يعقوب عميدرور - لواء احتياط والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي
  • حين اكتشفت إسرائيل سنة 1994 أن إيران تقوم بجهد لامتلاك سلاح نووي، قدّر أفضل الخبراء أن الإيرانيين سيمتلكون سلاحاً نووياً في سنة 2005، أو في أقصى الأحوال في سنة 2010. وعندما دخل الإيرانيون إلى سورية كي يبنوا قوتهم العسكرية كان لديهم خطط منظمة، لكنهم نجحوا في تحقيق نحو 25% منها فقط، وربما أقل. وكان ينبغي لمشروع الدقة المشترك مع حزب الله في لبنان أن يُنتج حتى الآن آلاف الصواريخ والقاذفات الصاروخية الدقيقة، لكنهم بعيدون عن هذا العدد مسافة كبيرة.
  • إن كل هذه التأجيلات تحققت بسبب الاستخدام العاقل للقوة. وطبعاً لا يُعتبر استخدام القوة السبب الوحيد الذي أدى إلى عدم حيازة إيران سلاحاً نووياً. فقد نجحت إسرائيل في تجنيد الولايات المتحدة، التي جلبت قوتها الاقتصادية، ودولاً أُخرى كي تضغط على طهران. لكن ينبغي القول إنه من دون استخدام القوة من أنواع مختلفة لكانت إيران اقتربت من السلاح النووي كثيراً.
  • ولا بد من القول إن إنجازات إسرائيل في كل ما هو متعلق بكبح القدرة الإيرانية في سورية وموضوع السلاح الدقيق تحققت بالقوة فقط، ولا أعرف طريقاً آخر لمنع الأمرين. غير أن الأمور تبدو أكثر تعقيداً فيما يرتبط بموضوع منع النووي الإيراني. فالأميركيون يروّجون أسطورة، فحواها أنهم وقّعوا اتفاقاً [مع إيران] في عهد [الرئيس الأميركي السابق] باراك أوباما، لأن إسرائيل هددت بشنّ هجوم. لكن بصفتي كنت أحد المسؤولين في الأيام التي توجّه فيها الأميركيون إلى المفاوضات، وقاموا بإخفاء ذلك عن إسرائيل، من المهم القول إن إسرائيل قالت لهم بوضوح: لديكم كل الوقت الذي تحتاجون إليه، ولن نهاجم ما دام الإيرانيون لم يتجاوزوا خطوطاً معينة بقيت عمداً ضبابية.
  • لقد سارع الأميركيون إلى عقد صفقة سيئة، ليس لأنهم تخوفوا من هجوم إسرائيلي، بل لأنهم لم يرغبوا في الوصول إلى وضع يسألهم فيه العالم، وعلى رأسه إسرائيل، عما يعتزمون القيام به حين يتبيّن أن الإيرانيين غير مستعدين للتنازل عن البرنامج النووي؟ لهذا الغرض غيروا سياستهم من "تفكيك القدرة النووية" إلى "التأجيل والرقابة". لكن بسبب الاتفاق السيئ لم يتأجل كل شيء، ولم تنشأ رقابة واسعة وعميقة بما فيه الكفاية. لقد كان هذا الاتفاق سيئاً وبررته الإدارة الأميركية بذريعة لا أساس لها في الواقع تتمثل في "منع هجوم إسرائيلي". وللأسف هناك مَن يتبنى هذه الذريعة في إسرائيل أيضاً.
  • يجب علينا أن نستوعب الحقيقة المحزنة: إذا كانت إسرائيل راغبة في منع استمرار برنامج إيران لإنتاج سلاح نووي، فلا يبدو أن بإمكانها الاعتماد على جهود سياسية تقوم بها جهة ما. وإذا كانت إسرائيل مصممة على إيقاف التقدّم الإيراني بأي ثمن، فلا مفر لها غير إعداد خيار القوة، لا بل استخدامه يوماً ما.
  • كنت من الأشخاص الذين لم يعجبهم الوصف المتبجح لقائد سلاح الجو المنتهية ولايته لإنجازات هذا السلاح، لكن لا ينبغي أن ننكر الواقع: لولا نشاط سلاح الجو على أساس الاستخبارات المتميزة لكانت إسرائيل في مواجهة عدو إيراني مع صواريخ عديدة، ومع مسيّرات غير قليلة جاهزة للعمل تحت قيادة إيرانية في الأراضي السورية. لولا نشاط سلاح الجو لكانت هناك اليوم قدرات دقيقة أكثر بكثير في يدي حزب الله. وقد تضطر إسرائيل إلى الخروج إلى عملية واسعة لتصفية هذه القدرة، ذلك بأن قصف سلاح الجو لن يكفي، ولن يؤدي أي جهد سياسي واستراتيجيا حكيمة، مهما تكن، إلى النتيجة المرجوة.
  • واضح أيضاً أن ثمة حاجة إلى تفكير عميق مستقبلاً وحاضراً، ولا ينبغي الاكتفاء باستخدام القوة العسكرية. لكن في الوقت نفسه علينا أن ندرك أنه في العالم الآخذ بالتشكل الآن هناك أوضاع لا يمكن فيها إزالة التهديدات لإسرائيل، أو تأجيلها على الأقل، إلاّ بالقوة فقط. وطبعاً يفترض استخدام القوة إعداداً سياسياً مناسباً وإعلاماً جيداً لما بعده، لكن الخطوة الحاسمة هي خطوة القوة. بالنسبة إلى دولة صغيرة كإسرائيل، وفي المنطقة التي توجد فيها، لا مفر من المعادلة التالية: إن قاعدة القدرة الاستراتيجية والفعل السياسي هي القوة العسكرية التي في يديها. وفقط حين تكون هذه حاضرة ونشطة، ومؤثرة ومانعة، فإنها تسمح بخطوات استراتيجية في المجال السياسي. من دون قوة، لن يتحقق شيء.

Friday, April 13, 2018

الصراع العالمي، إلى أين؟

الصراع العالمي، إلى أين؟
"يسرائيل هَيوم"، 12/4/2018

الصراع العالمي، إلى أين؟


Image result for ‫يعقوب عميدرور‬‎
اللواء في الاحتياط يعقوب عميدرور - رئيس سابق لمجلس الأمن القومي
•تأثير سوري. التوتر المتصاعد حول سورية ناجم عن سببين: الأول هو الصدام العسكري بين إيران، التي تبني قوة لها هناك، وبين إسرائيل التي تحاول منع ذلك. والسبب الثاني هو العملية المتوقع أن تنفذها الولايات المتحدة رداً على الاستخدام الوحشي للغاز ضد المدنيين من جانب نظام الأسد. تتخوف روسيا التي تنتشر قواتها في المنطقة من تدهور في أعقاب الحدث الأول، وهي لا تريد أن يتضرر الأسد الواقع تحت رعايتها من الحدث الثاني.
•حرب اقتصاديةة. نشأ هذا التوتر على خلفية قضيتين مختلفتين زادتا مؤخراً الاحتكاك العالمي. فقد قرر الرئيس الأميركي أن المنظومة الاقتصادية التي تم صوغها خلال عشرات السنوات الأخيرة قد أضرت بالمواطنين الأميركيين. وفي رأي ترامب، الولايات المتحدة "أخطأت" في تأييدها لـ"اقتصاد عالمي"، تخفض بموجبه كل دولة رسوم الحماية عند الدخول إليها. على ما يبدو، كانت نتيجة هذا الاقتصاد مخيبة للأمل من وجهة نظر الولايات المتحدة، التي تشتري أكثر مما تبيع. وكانت النتيجة أن عدداً كبيراً من المواطنين الأميركيين خسروا وظائفهم، في ضوء عجز مشاريع في الولايات المتحدة عن منافسة مشاريع شبيهة بها  في الصين مثلاً، حيث يصنعون بأسعار أرخص ولذلك يبيعون منتوجاتهم في الولايات المتحدة وليس العكس. 
•حارب ترامب هذه الظاهرة ورفع الضرائب على الحديد الصلب والألومينيوم اللذين تستوردهما الولايات المتحدة، على أمل رفع أسعار المنتوجات التي تعتمد على هذه المواد، وبهذه الطريقة سيكون في إمكان المشاريع الأميركية منافسة هذه المنتوجات. ردت الدول التي ستعاني جرّاء رفع هذه الضرائب، فأعلنت الصين أنها ستفرض ضرائب على المنتوجات الأميركية التي تصدّر إليها، وبهذه الطريقة سينخفض التصدير الأميركي الذي سيصبح أكثر غلاء، وهلم جراً. في هذا الواقع الناشىء لا يوجد سبيل إلى وقف التدهور نحو "حرب اقتصادية" إلاّ بالاعتماد على الاتفاق الذي كان موجوداً قبل قرار ترامب.
•دائرة النزاع: نشأ توتر دولي إضافي، لأن بريطانيا تشك بأن روسيا اغتالت بالغاز السام الجاسوس الروسي المزدوج، الذي جنده البريطانيون، واعتُقل في وطنه ثم جرى الافراج عنه في إطار تبادل للجواسيس. يزعم البريطانيون أن نوع الغاز الذي تسبب بتسميم الجاسوس موجود فقط في روسيا، وهي الوحيدة التي لديها دافع للتخلص منه. وعلى الرغم من عدم وجود دليل واضح لدى البريطانيين على أن القتلة أرسلهم الحاكم الروسي، فإن لديهم إثباتات ظرفية تستند إلى ما جرى العثور عليه في موقع الجريمة، وأيضاً إلى الاستخبارات. وقد قررت بريطانيا وحلفاؤها الغربيون طرد أكثر من 100 دبلوماسي روسي عقاباً، وكردّ حاد على الهجوم. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مقربين من بوتين، وردت موسكو بإعلان طرد عشرات الدبلوماسيين الغربيين ، وهذا ليس نهاية النزاع.
•المشكلة النووية. في الأشهر المقبلة من المتوقع وقوع حدثين إضافيين سيزيدان التوتر في العالم. الأول هو لقاء ترامب مع حاكم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وإذا أقام الاثنان قناة حوار سينخفض التوتر الدولي بصورة كبيرة، ونأمل بألاّ يحدث العكس لأن كوريا الشمالية عندئذ ستستأنف تجاربها النووية.
•الحدث الثاني أيضاً له علاقة بالنووي الإيراني. إذا أعلن الرئيس الأميركي أمام الكونغرس، كما وعد في الانتخابات، عدم تقيد إيران بالاتفاق الموقع في سنة 2015، ولذا قد يطالب بإلغاء الاتفاق، سيزداد التوتر في المنطقة وفي العالم كله. وبصورة غير مخطط لها يمكن للولايات المتحدة أن تحسن مكانتها في مواجهة كوريا الشمالية وإيران إذا تحركت ضد الأسد بسبب استخدامه السلاح الكيميائي بقوة تتلاءم مع قوة عظمى.

•المصلحة الإسرائيلية. إسرائيل أصغر من أن تؤثر في الحرب التجارية، لكن من الأفضل لاقتصادها وجود عالم من دون قيود. ومهمة أيضاً شبكة العلاقات الخاصة لإسرائيل مع الروس، الذين يتحركون في  منطقة لدينا فيها مصالح أمنية، ولهذا السبب لا تتدخل إسرائيل في صراع الغرب مع الروس. في مقابل ذلك، إسرائيل معنية بالوضع بين إيران والولايات المتحدة، التي على ما يبدو ليست لديها سياسة واضحة تتعلق بالوضع بعد إلغاء الاتفاق، ويمكن أن تجد إسرائيل نفسها معزولة سواء في نضالها من أجل منع تحول إيران إلى دولة نووية أو في محاولتها احتواء إيران في سورية.