Wednesday, August 21, 2019

تمثيل المرأة في الحقل السياسي الإسرائيلي

تمثيل المرأة في الحقل السياسي الإسرائيلي

تمثيل المرأة في الحقل السياسي الإسرائيلي


متاح أيضاً في English
19 آب/أغسطس 2019
تُعتبر وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة أيليت شاكيد مصدر خلاف وانقسام، ولكنها تشكّل قوة لا يستهان بها. فمنذ عام 2012، أي عندما انضمت إلى حزب "الوطن اليهودي" الديني اليميني باعتبارها أول عضو علماني، نصّبت شاكيد نفسها نصيرةً لقضايا المحافظين وبنت شهرتها على الصلابة والتشدّد وفعاليتها كمشرعة. وفي الواقع، لم تُعيّن شاكيد في خلال فترة توليها منصب وزيرة العدل المئات من القضاة المحافظين بمن فيهم ستة قضاة بالمحكمة العليا فحسب، بل لعبت أيضًا دورًا رئيسيًا في الترويج لقانون "الدولة القومية" المثير للجدل في إسرائيل. ونتيجة لذلك، يتوقّع البعض في السنوات الأخيرة بأنها قد تصبح في نهاية المطاف الامرأة الثانية التي تشغل منصب رئيس الوزراء في إسرائيل.
ومع ذلك، إن قدرة شاكيد على الترويج لبرنامجها الإيديولوجي لم تحقق لها شعبية واسعة، حتى في معسكر اليمين. وعلى سبيل المثال، عندما سُئل الحاخام النافذ شلومو أفنير في الشهر الماضي عمّا إذا كان ملائمًا أن تتزعّم شاكيد "اليمين المتحد"، وهو كتلة تشكلت مؤخرًا من الأحزاب المحافظة، أعرب عن تحفظات شديدة بشأن وزيرة العدل السابقة. وأصرّ أفنير بشكل خاص على أن "دوّامة السياسة المعقدة ليست للنساء".
على الرغم من شعبية أفنير الواسعة لدى شريحة كبيرة من السكان الذين تعتبرهم شاكيد قاعدة شعبية لها، سيكون من الخطأ النظر إلى تعليق أفنير على أنه يعكس رأي هذه الشريحة. ففي النهاية، وبعد مفاوضات وجيزة، تمكّنت شاكيد من ترأس "اليمين المتحد". ومع ذلك، فإن تعليق أفنير هو تعبير علني عن التمييز الذي لا تزال المرأة تواجهه في الحقل السياسي الإسرائيلي. وعلى الرغم من تزايد عدد النساء في المشهد السياسي الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى، إلا أنّ المرأة لا تزال غير ممثلة تمثيلاً كافيًا في حكومة إسرائيل وغالبًا ما يقتصر دورها على المناصب المنخفضة الرتبة.
التمثيل النسائي في الكنيست
لم تتحقق المساواة بين الجنسين بعد في المجتمع الإسرائيلي بشكل عام. فإنّ متوسّط الأجر الذي تتقاضاه النساء في إسرائيل يقل بنسبة 35 في المائة عن دخل زملائهن الذكور ولا يزال تمثيلهن ناقصًا في الأدوار القيادية في مختلف القطاعات وفي الحكومة المحلية. وفي ما يتعلق بنسبة المشرعات في الكنيست، أي البرلمان الإسرائيلي، فإن إسرائيل تبقى متخلفة عن البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي يبلغ فيها متوسط عدد أعضاء المجلس التشريعي من الإناث 28.8 في المائة فقط اعتبارًا من عام 2017. وعلاوة على ذلك، في حين أنّ إسرائيل كانت الدولة الثالثة تاريخيًا التي تنتخب ديمقراطيًا امرأة على رأس للدولة مع انتخاب غولدا مائير في عام 1969، فإن المقارنة بين معدلات تمثيل البرلمانيات في 193 دولة في عام 2019 تدرج إسرائيل في المرتبة 54 على المستوى العالمي.
ومن المفارقات أن هذه الأرقام تعكس بالفعل تحسنًا ملحوظًا في خلال العقود القليلة الماضية. وعلى الرغم من أنه بين عامي 1961 و1999، لم يزد أبدًا عدد أعضاء الكنيست الإناث عن اثني عشر عضوًا، أو عن 10 في المائة من أعضاء الكنيست الفاعلين، ارتفع تمثيلهن بين عامي 1999 و2015 من 14 إلى 29 امرأة عضوًا في الكنيست. واستمرت انتخابات عام 2015 في هذا الاتجاه التصاعدي، فاحتلت الإناث في النهاية 36 مقعدًا من أصل 120 في الكنيست (أي 30 في المائة من أعضاء الكنيست الفاعلين) بعد تقاعد عدد كبير من أعضاء الكنيست الذكور في خلال جلسة الكنيست العشرين، ما سمح لإسرائيل بتجاوز معدّل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشكل مؤقت.
ومع ذلك، في حين زاد عدد الأعضاء الإناث في الكنيست على نحو مطرد مع كل من الانتخابات التشريعية الأربعة التي جرت بين عامي 2006 و2015، إلاّ أنّ هذا الاتجاه التصاعدي انعكس في عام 2019، عندما انتُخبت 29 امرأة فقط كأعضاء في الكنيست. وهكذا، انخفض فعلاً عدد الأعضاء الإناث الفاعلات في الكنيست، لأول مرة منذ أكثر من عقد. وبما أن فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تشكيل ائتلاف قد أدى إلى إجراء انتخابات بعد مرور خمسة أشهر فقط على الانتخابات السابقة، من المحتمل إعادة ظهور اتجاه تصاعدي. ومع ذلك، حتى لو تجدّد تزايد عدد الأعضاء الإناث في الكنيست في أعقاب الانتخابات المقبلة، فمن غير المرجح أن يكون لذلك أي تأثير في نسبة النساء اللواتي يشغلن مناصب قيادية في الكنيست، والتي بقيت منخفضة على مرّ التاريخ.
التمثيل النسائي في لجان الكنيست
تضم لجان الكنيست اثنتي عشرة لجنة دائمة ولجانًا مؤقتة عدّة وتعمل جنبًا إلى جنب مع الهيئة العامة للكنيست، وهي الهيئة المركزية للكنيست، التي كان جميع رؤسائها السبعة عشر من الذكور، باستثناء رئيس واحد. وتشمل مسؤوليات اللجان، التي تُعد أساسية لعمل الكنيست ولتمكين عمله، مراقبة معظم العملية التشريعية والإشراف على عمل الحكومة الإسرائيلية.
ويتقرر تعيين أعضاء الكنيست في اللجان عن طريق المفاوضات بين الأحزاب المختلفة وذلك وفقًا لحجمها. وبغض النظر عن هويات الأطراف الحاضرة على طاولة المفاوضات ومواقفها، إلاّ أنّ المحادثات غالبًا ما تؤدي إلى نقص في تمثيل المرأة في اللجان التي تُعتبر ذات أهمية كبرى أو إلى انعدام تمثيلها. وعندما حان موعد حلّ الكنيست العشرين، لم تضم اللجنة المالية المرموقة سوى امرأة واحدة من بين خمسة عشر عضوًا.
وبينما ترتفع ببطء حصة الإناث الأعضاء في الكنيست اللواتي يشغلن مناصب في اللجان مع زيادة أعدادهن بشكل عام، إلا أنه من النادر نسبيًا أن تصبح المرأة رئيسة لجنة. فعلى مرّ تاريخ الكنيست، لم تترأس سوى ثلاث نساء أعضاء كحد أقصى في آنٍ واحد اللجان الدائمة، ومن ضمنها اللجنة المعنية بوضع المرأة والمساواة بين الجنسين التي تترأسها المرأة تقليديًا، إذ جرت العادة أن تترأس النساء لجنة واحدة أو لا تترأس أي لجان.
النساء في الحكومة الإسرائيلية
تتجلى الفجوة بين الرجل والمرأة بصورة أوضح في السلطة التنفيذية الإسرائيلية: بينما بلغ في عام 2017 متوسط نسبة النساء اللواتي شغلن مناصب وزارية (بما في ذلك نواب الوزراء) 27.9 في المائة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بلغت في ذلك العام نسبة الوزراء ونواب الوزراء الإسرائيليين الإناث 19٪ فقط - ما جعل إسرائيل في المرتبة 28 من بين 35 دولة عضوًا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وفي المرتبة 100 من بين 188 دولة في تصنيف عالمي أعدّه الاتحاد البرلماني الدولي.
في الحقيقة، كان استبعاد النساء عن الأدوار الوزارية في إسرائيل شديدًا. فبين عامي 1949 و1995 على سبيل المثال، شغلت خمس نساء فقط مناصب وزارية في الحكومة الإسرائيلية. وفي حين تولت 13 امرأة إضافية هذه الأدوار حتى تاريخه، لا تزال نسبة الوزيرات في الحكومة الإسرائيلية 7.3 في المائة فقط.
وبالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية الرابعة والثلاثين سجّلت رقمًا قياسيًا إذ ضمّت خمس وزيرات إلى حين مغادرة الوزيرة السابقة صوفا لاندفير في عام 2018، فإن معظم النساء في المناصب الوزارية مسؤولات عن وزارات ثانوية ووزارات حديثة العهد مثل وزارة حماية البيئة. وعلاوة على ذلك، على الرغم من تولي تسيبي ليفني منصب وزيرة الشؤون الخارجية، لم تُعيَّن أي امرأة على الإطلاق في رئاسة الوزارات الثلاث الأعلى شأنًا، أي الدفاع والمالية والداخلية. وغالبًا ما تغيب النساء أيضًا عن مجلس الوزراء الأمني، وهو أبرز منتدى للوزراء في إسرائيل، إذ يتعامل مع التهديدات الأمنية والشؤون الخارجية ويمتلك تأثيرًا كبيرًا في سياسات الحكومة.
النساء في الأحزاب السياسية
يشكّل وضع المرأة في الأحزاب السياسية أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في استمرار التفاوت بين الجنسيْن في المؤسسات الحكومية. فحتى هذا التاريخ، لا يزال الكنيست الثامن عشر (2009-2013)، الذي شمل ثلاثة أحزاب تترأسها نساء (حوالى ثلث أحزاب الكنيست في ذلك الوقت)، الكنيست الذي يضم أكبر عدد من رؤساء الأحزاب النساء. أمّا من بين أحد عشر حزبًا مشاركًا في انتخابات أيلول/ سبتمبر القادمة، فإن "اليمين المتحد" هو الحزب الوحيد الذي تقوده امرأة - شاكيد. وإذا فاز حزب شاكيد بأصوات كافية لدخول الكنيست الثاني والعشرين كما تتنبأ استطلاعات الرأي، فستكون هي المرأة الخامسة عشرة في تاريخ إسرائيل التي تقود حزبًا تجاوز العتبة الانتخابية. ومع ذلك، قادت أربع نساء فقط في تاريخ إسرائيل أحزابًا فازت بعشرة مقاعد أو أكثر.
وعلاوة على ذلك، إن قوائم المرشحين التابعة لأبرز حزبيْن مشاركيْن في الانتخابات المقبلة – حزب الليكود، الذي فاز في الانتخابات التمهيدية وحزب "أزرق أبيض" الذي لم يفز، لا تشمل المرأة في المراكز الخمسة الأولى. وقُبيل حل الكنيست الحادي والعشرين، فيما احتلت النساء مركزين من بين المراكز العشرة الأولى في قوائم المرشحين لكل حزب، أدّى اندماج حزب الليكود في أيار/ مايو مع حزب أصغر حجمًا إلى أن تكون وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغيف المرأة الوحيدة بين المرشحين العشرة الأوائل في قائمة أكبر الأحزاب. ومع ذلك، حتى ريغيف غابت عن الحملة الانتخابية لحزب الليكود، على الرغم من مكانتها البارزة. وفي الوقت عينه، عقدت المرشحات في حزب "أزرق أبيض" مؤخرًا اجتماعًا للمناقشة وللتعبير عن شعورهن بالإحباط بسبب انخفاض مكانتهن في قائمة المرشحين، ولكن في النهاية لم يكن بمقدورهن فعل أي شيء لتغيير الوضع.
على مر السنين، اختار بعض الأحزاب السياسية الإسرائيلية معالجة مشكلة التمثيل عن طريق تخصيص مقاعد في قوائم المرشحين لشرائح معينة من السكان، بمن فيهم النساء. ولكن على الرغم من أن هذه الممارسة كانت فعالة إلى حد ما في زيادة عدد الممثلين من الإناث، إلا أنها شكّلت عائقًا في بعض الأحيان: ففي بعض الحالات، تقلّص عدد النساء اللواتي حققن نجاحًا باهرًا في الانتخابات التمهيدية في قوائم أحزابهن، وأدّى ذلك بصورة غير مباشرة، عمليًا، إلى عدم تجاوز عدد المرشحات في القائمة عدد المقاعد المخصصة لهن.
بالطبع، في حين أن سجل معظم الأحزاب بعيد عن المثالية في ما يتعلق بالتمييز القائم على الجنس والتحيز ضد المرأة، تبرز تحديات خاصة في ما يتعلق بتمثيل المرأة في الأحزاب "الحريدية" (الأرثوذكس المتطرفين). وحتى اليوم، لم تُنتخب سوى امرأة حريدية واحدة كعضو في الكنيست، ورغم أن بعض النساء الحريديات يعملن على زيادة تمثيلهن في السياسة الوطنية، إلاّ أنّ حزب "شاس" الذي يمثّل اليهود السفارديم وحزب "يهودات هتوراه" (التوراة اليهودية الموحدة) الذي يمثّل اليهود الأشكناز - اللذين فاز كل منهما في الانتخابات السابقة بثمانية مقاعد في الكنيست - يرفضان بشدة قبول النساء في صفوفهن. في الواقع، وفي أعقاب الحكم الصادر مؤخرًا عن المحكمة العليا والذي أرغم حزب "يهودات هتوراه" بالسماح بتمثيل المرأة في الحزب، أفاد أحد أعضاء الحزب أنه "حتى القلة القليلة من النساء اللواتي يناقشن موضوع غياب تمثيل المرأة في الحزب يُدركن أن هذه [الحالة] لن تتغير في العقود القليلة المقبلة."
التحديات المرتقبة
في حين يشكّل الوصول إلى مرحلة تعكس فيها نسبة تمثيل المرأة في الحكومة حصة المرأة العامة في المجتمع هدفًا قيمًا بحد ذاته، إلا أن الفوائد الإضافية التي ينطوي عليها التمثيل النسائي الكبير في مناصب السلطة موثقة توثيقًا جيدًا: من المحتمل بشكل خاص أن تعزّز البرلمانيات أكثر من نظرائهن الذكوربمصالح المرأة وأنّ يركّزن على التعليم، والصحة، والرعاية، ومكافحة التمييز على أساس الجنس، والحدّ من الفقر، ومكافحة العنف المنزلي. وعلاوة على ذلك، تشير بعض الأبحاث إلى أن الأداء الاقتصادي للدول يميل إلى التحسن عندما تكون المرأة في مركز القيادة.
يبدو أن أغلبية الإسرائيليين يدركون بشكل بديهي محاسن أو، على الأقل، إنصاف التكافؤ الجنساني. على سبيل المثال، ووفقًا لاستطلاع للرأي أجراه مؤخرًا "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، يرى 52 في المائة من الإسرائيليين اليهود أنه من المهم أنّ تتضمّن قائمة المرشحين الخاصة بالحزب الذي يدعمونه مرشحات إناث في أماكن من شأنها أن تمنحهن فرصة واقعية للدخول إلى الكنيست. وعلاوة على ذلك، توصّلت دراسة مختلفة نشرها "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" إلى أن 67 في المائة من الإسرائيليين اليهود (و38 في المائة من الإسرائيليين العرب) يريدون أن يعتمد تمويل الأحزاب السياسية على التمثيل الصحيح للنساء ضمن قوائم مرشحيها.
ولكن في حين أن نسبة كبيرة من الشعب قد ترحب بوجود المرأة داخل الكنيست، لا تزال النساء المنخرطات في العمل السياسي يواجهن طريقًا طويلًا. والحقيقة أن النساء اللواتي يحاولن النهوض بحياتهن المهنية كموظفات منتخبات غالبًا ما يجدن أنفسهن في موقف ضعف أمام الرجال في بداية حياتهن المهنية. ويكسب الرجال معدّل أجر أعلى منهن وثمة احتمال أكبر بأن يكون لديهم شبكات مهنية واسعة، ولا يتعرضون مثل النساء لضغوط اجتماعية من أجل إعطاء الأولوية لأدوارهم كمقدمي الرعاية للأسرة.
فضلاً عن ذلك، وفي مجتمع ينشغل على نطاق واسع بالمسائل الأمنية، فإنّ النقص الكبير في تمثيل النساء المجندات في المهام القتالية العسكرية واستبعادهن عن الكثير من وحدات النخبة التابعة للجيش الإسرائيلي له تداعيات خطيرة على النساء اللواتي يشاركن في العمل السياسي. وبالتالي فإنّ السياسيات يجدن أنفسهن في كثير من الأحيان خلف جنرالات الجيش الإسرائيلي السابقين الذين يحاولون الانخراط في السياسة. هذا ويمكن تهميشهن من قبل الرجال الذين - بدون أي خلفية عسكرية مبهرة – يستطيعون بشكل أسهل تقديم أنفسهم كخبراء أمنيين نظرًا للصور النمطية المنوطة بالجنسين.
واستشرافًا للمستقبل، ستزداد في غالب الظن هذه الضغوط مع النمو المتوقع في دعم أحزاب الحريديم. وفي حين قد تؤدي على الأرجح الزيادة المتوقعة في نسبة الأرثوذكس المتطرفين في صفوف سكان إسرائيل في خلال العقود القليلة القادمة إلى تخصيص مزيد من المقاعد للأحزاب الحريدية، فإن تشرذم السياسة الإسرائيلية يجعل من الصعب جدًا (وإن لم يكن من المستحيل) تشكيل حكومة من دونهم. وبناءً على ذلك، فإن حزبيْ "شاس" و"يهودات هتوراه" له تأثير كبير إلى حد ما على القرارات السياسية، ولكن ليس لهما أي دافع قوي للرضوخ للضغوط والسماح للمرأة بالانضمام إلى قوائمها.
وعلاوة على ذلك، ولعل هذا هو الأهم، إنّ قوة أحزاب "الحريديم" قد تسمح لها أيضًا بمقاومة المبادرات التشريعية التي تهدف إلى زيادة تمثيل النساء. وبالفعل، اعترض كل من "شاس" و"يهودات هتوراه" على الكثير من مشاريع القوانين التي تسعى إلى معاقبة الأحزاب أو مكافأتها على أساس عدد النساء في قوائمها وإجبار الأحزاب على قبول عدد محدود من المرشحات. وبالتالي، يعود لكل حزب قرار تحديد ما إذا كان سيخصص أماكن للنساء أم لا، وكذلك محاولة زيادة عدد النساء داخل قائمته. ومن واجب السياسيات القويات أيضًا ضمان محاولة إزاحة الحواجز التي تحول دون تحقيق طموحاتهن.
بعد انخفاض عدد النساء اللواتي انتُخبنَ لشغل المناصب العامة في أعقاب انتخابات نيسان/ أبريل الماضي، يمكن رفع هذا العدد مجددًا في "الانتخابات المعادة" المقرر إجراؤها في 17 أيلول/ سبتمبر. وفي سياق السياسة الإسرائيلية، فإن الأحزاب الفردية هي التي تمتلك النصيب الأوفر من القدرات لزيادة تمثيل المرأة في الكنيست وزيادة إمكانية وصولها إلى المناصب العليا. وبالتالي، يجب على السياسيات النافذات مثل شاكيد ممارسة الضغوط على الأحزاب السياسية الفردية لتخصيص مقاعد للنساء وضمان عدم تهميش الأعضاء الإناث من قبل أقرانهن الذكور، في حين ينبغي أن تستمر الأحزاب السياسية التي تريد الإصلاح في العمل على تحقيق التكافؤ الجنساني ضمن قوائمها، وذلك كمثال للإصلاحات الإسرائيلية المستقبلية بشكل عام.

Thursday, January 17, 2019

انسحاب الولايات المتحدة من سوريا: متابعة ردود الفعل الإسرائيلية والإيرانية في وسائل الإعلام

انسحاب الولايات المتحدة من سوريا: متابعة ردود الفعل الإسرائيلية والإيرانية في وسائل الإعلام

انسحاب الولايات المتحدة من سوريا: متابعة ردود الفعل الإسرائيلية والإيرانية في وسائل الإعلام


متاح أيضاً في English
10 كانون الثاني/يناير 2019
تمامًا مثلما أشعل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية نقاشًا محتدمًا في وسائل الإعلام الأمريكية، انشغلت وسائل الإعلام التابعة للجهات الفاعلة الإقليمية المشاركة في الحرب السورية بإنتاج مجموعة متنوعة من السيناريوهات للخطوات التالية للبلاد. ومن خلال إجراء مسحٍ لردود وسائل الإعلام في إيران وإسرائيل – وهما البلدان اللذان اشتبكا بشكلٍ غير مباشر داخل سوريا - تعكس التقارير وجهات النظر الرسمية، وفي بعض الحالات الشعبية، حول كيفية صياغة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة للسياسة الإقليمية.
وفي الأسابيع التي تلت قرار الرئيس ترامب، أعربت الصحف الإيرانية عن شكوكها في الأمر، مع الالتزام بنقاط الحوار التقليدية. وفي البداية، ركزت وسائل الإعلام على ردود الفعل الأجنبية. وبحسب أحد كبار المسؤولين في دمشق، أشارت قناة "برس تي في" (Press TV)، وهي قناة باللغتين الإنكليزية والفرنسية تتوجّه إلى جمهورٍ دولي، إلى أن الانسحاب الأمريكي يأتي نتيجة "صمود" نظام الأسد، كما أعلنت أنه لن يكون لدى الولايات المتحدة وشركائها "ورقة مساومة" في المحادثات حول مستقبل سوريا.  
وأفادت "وكالة تسنيم الدولية للأنباء" (Tasnim News) التابعة لـ"حرس الثورة الإسلامية" إلى أن انسحاب أمريكا يظهر عدم قدرتها على "ممارسة السلطة" في سوريا أو العراق – وهو خطاب استفزازي غالبًا ما يلقيه مسؤولون في "حرس الثورة الإسلامية". علاوةً على ذلك، أشارت عدة وسائل إعلام إلى أن انسحاب واشنطن لن يؤثر على المعادلة في سوريا. ومن بين وسائل الإعلام هذه، نشرت "وكالة أنباء فارس" (Fars News) على موقعها الفارسي مقالًا بقلم محلل الشؤون الدولية يشير فيه إلى أن المسار المستقبلي في سوريا لن يتغير. كما نشرت "وكالة‌ الجمهورية الإسلامية للأنباء" (إرنا)، وهي وكالة الأنباء الرسمية للجمهورية الإسلامية، تصريحات رئيس أركان قوات إيران المسلحة على موقعها باللغة الإنكليزية، وقال فيها إن التغيير في السياسة الأمريكية ليس ملحوظًا بسبب العدد الكبير للقوات الأمريكية المتواجدة في أماكن أخرى في المنطقة. وبشكلٍ عام، لا تزال الشكوك تكتنف إعلان الإدارة الأمريكية، كما يتّضح من مقال افتتاحي نشرته قناة "برس تي في" بعنوان "هل ستنسحب القوات الأمريكية من سوريا؟ هلّلوا".
بيد أن وكالة أنباء "فرارو" (Fararu)، وهي وسيلة إعلامية تابعة لـ"حرس الثورة الإسلامية"، نشرت مقالًا يتتبّع الاعتبارات الأمريكية التي أدت إلى هذا القرار، ما يشير إلى أن التحليل في طهران مستمر. ويؤكد كاتب المقال أن إعلان الرئيس ترامب الانتصار على تنظيم "الدولة الإسلامية" لم يكن على الأرجح عاملًا أساسيًا في القرار – فلا تزال هذه الجماعة الإرهابية تسيطر على مواقع في شرق الفرات، وبالتالي لم يتم القضاء عليها بالكامل. ولكن بحسب وجهة نظر الكاتب، تريد الإدارة الأمريكية تجنب الوقوع في مشاكل مع تركيا وهي حليفة "حلف الناتو" في سوريا. وفي ما يتعلق بالهدف المعلن للإدارة الذي يقضي بتقليص نفوذ إيران في المنطقة، يخلص المقال إلى أن إدارة ترامب حوّلت تركيزها إلى الضغط على إيران داخليًا أو أنها غير مهتمة بما يكفي بمنع تحصّن إيران في سوريا.
أما في إسرائيل، فكان من المتوقع أنت تكون ردود الفعل سلبية بشكلٍ واضح، فقد ردت وسائل الإعلام في الغالب على الإعلان بتشاؤمٍ ملحوظٍ، وجاءت العناوين على غرار "خبر سيء لإسرائيل: ترامب لبوتين وإيران يقدّم هديةً في سوريا". وقامت المنشورات في جميع الأطياف السياسية والدينية، من صحيفة "هآرتس" (Haaretz) ذات التوجهات اليسارية وصولًا إلى صحيفة "إسرائيل هايوم" (Israel Hayom) التابعة لشيلدون أديلسون، بالتحذير من أن الانسحاب يمكن أن يعرّض مصلحة إسرائيل للخطر، ما يجعل من القرار انتصارًا لإيران. ممتعضًا من التأثير السلبي لقرار ترامب على قدرة "جيش الدفاع الإسرائيلي" على المناورة في سوريا، أعرب موقع "والا" (Walla) الإلكتروني الموالي للحكومة عن قلقه من أن الانسحاب الأمريكي سيسهّل على إيران نقل الأسلحة إلى "حزب الله"، في حين أنه بحسب صحيفة "معاريف" (Maariv) الإلكترونية الوسطية، لم يعد من الممكن اعتبار واشنطن حليفًا موثوقًا.
وفي تغطية هذا الإعلان، ركّزت الكثير من وكالات الأنباء الإسرائيلية أيضًا على تأثير القرار على الأكراد في سوريا. فكتب في صحيفة "إسرائيل هايوم" الدكتور عيران ليرمان، وهو نائب رئيس "معهد القدس للدراسات الاستراتيجية"، أن انسحاب الولايات المتحدة سيؤدي إلى "انهيار" القوات الكردية المحلية. وفي مقالة ليرمان الافتتاحية بعنوان "قد يتضح أن التخلي عن سوريا هو خطأ فادح"، أدان إدانةً قاطعةً استعداد الولايات المتحدة لـ"هجر" حلفائها الأكراد، وقال إن قرار ترامب يطرح "إشكاليةً كبيرةً لأي شخص قد يضطر في المستقبل أن يختار ما إذا كان سيساعد الولايات المتحدة والغرب في مواجهات دامية". وعلى نحوٍ مماثل، كتبت إليزابيث تسركوف مقالًا في صحيفة "هآرتس" بعنوان: “’ الناس خائفون جدًا‘: سيتم ترك الأكراد في شمال سوريا بين نيران الأسد ونيران أردوغان" ناقشت فيه باستفاضة المخاوف التي أثارها إعلان ترامب بين أكراد سوريا. وتعتبر صحيفتا "إسرائيل هايوم" و"هآرتس" الوسيلتين الوحيدتين اللتين نظرتا في معنى إعلان ترامب بالنسبة إلى أكراد سوريا. وفي الواقع، في مقابلةٍ مع "هيئة البث الإسرائيلية العامة"، تناول وزير النقل يسرائيل كاتس مخاوف الأكراد في سوريا، مشيرًا إلى أنه على الرغم من احتمال تعرض الأكراد للأذى بسبب قرار ترامب، "لحسن الحظ أن إسرائيل ليست الأكراد".
ومع ذلك، وفي ظل موجةٍ من التغطية السلبية، أشار البعض في وسائل الإعلام إلى أن تأثير قرار ترامب على إسرائيل سيكون ضئيلًا أو حتى إيجابيًا. وبعد يوم من الإعلان، نشر موقع "ماكو" (Mako) المشهور، الذي تملكه "مجموعة كيشيت الإعلامية" (Keshet Media Group) مقالًا بعنوان: "الولايات المتحدة تغادر سوريا لكنها لا تتخلى عن إسرائيل". وصف كاتب المقال شاي ليفي انتقاد وسائل الإعلام لإعلان ترامب بالمنافق، وأضاف إن قرار الانسحاب من سوريا ينسجم مع مصلحة واشنطن. ووفقًا لليفي، فإن صانعي القرار الأمريكيين والإسرائيليين "يدركون خير الإدراك أن المصالح الإيرانية والروسية لا تتلاقى". كما يزعم ليفي أن موسكو تريد أن تتراجع حدة القتال في سوريا، وبالتالي ستقوم بلا شك بمنع إيران من التصرف بعدوانية تجاه إسرائيل. 
علاوةً على ذلك، يشير الباحث المثير للجدل مردخاي كيدار في مقالٍ في مجلة "ميدا" (Mida) الإلكترونية إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا "ليس بمأساةٍ"، ويمكن أن يعود بالفائدة على إسرائيل، مؤكدًا أنه نتيجةً لقرار ترامب ستكون الولايات المتحدة أكثر استعدادًا لبيع الأسلحة لإسرائيل وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول أنشطة إيران في سوريا معها. وعلى نحوٍ مماثل، يعتقد نيتسان فوكس، وهو مدوِّن في صحيفة "ذا ماركر" (The Marker) التابعة لـصحيفة "هآرتس"، أن حالة عدم اليقين التي ستتبع الانسحاب يمكن أن تكون لصالح إسرائيل من خلال دق إسفين بين تركيا وسوريا وإيران.
وربما من غير المفاجئ أن تقوم بعض وسائل الإعلام الدينية، بما في ذلك "عروتس شيفع" (Arutz Sheva) و"كيكار هاشابات" (Kikar HaShabat) بتغطية تغريدة يوم عيد الميلاد المفاجئة للصحافي جايك توركس، وهو يهودي أرثوذكسي يعمل كمراسل في البيت الأبيض لمجلة "آمي" (Ami) اليهودية التي يقع مقرها في الولايات المتحدة. وكتب في تغريدته أن "قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا" جاء [بمعظمه] بطلبٍ من إسرائيل". وفي حين أن إدارة ترامب لم تعلّق على ادّعاء توركس، أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأيام الأخيرة أن "التزامات واشنطن تجاه إسرائيل لم تتغير"، وهو تصريح نُشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية على نطاقٍ واسع.
ومع عدم وضوح الجدول الزمني للانسحاب الآن ومع زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون إلى المنطقة حاليا، من المرجح أن ترسم هذه الزيارات معالم التحليل المستقبلي لإعلان ترامب الأولي. وفي حين أن ردود أفعال وسائل الإعلام في الدولتين تتوافق نسبيًا مع موقف بلادهما في ما يتعلق بالتدخل الأمريكي في المنطقة، فإن الإجراءات المستقبلية لتلك الدول في ضوء ديناميكية متحركة في سوريا لا تزال أقل وضوحًا.