Wednesday, June 20, 2018

جوانب تأثّر إيران المحتملة بالعقوبات الأمريكية (الجزء الثاني): العمل بطريقة أكثر ذكاءً، وليس أكثر شقاءً

جوانب تأثّر إيران المحتملة بالعقوبات الأمريكية (الجزء الثاني): العمل بطريقة أكثر ذكاءً، وليس أكثر شقاءً
المرصد السياسي 2984

جوانب تأثّر إيران المحتملة بالعقوبات الأمريكية (الجزء الثاني): العمل بطريقة أكثر ذكاءً، وليس أكثر شقاءً


 
"هذا المرصد السياسي هو الثاني من سلسلة تضم مقالين حول تجديد العقوبات الأمريكية.   الذي يوضح سبب كون القطاع المصرفي أكبر نقطة ضعف في إيران.

لم يتم بعد بشكل كامل توضيح الكثير من التفاصيل الكامنة وراء إعادة تطبيق العقوبات النووية على إيران. ومن المرجح أن تصدر الحكومة الأمريكية توجيهات إضافية في الوقت الذي يتم فيه تحديد المواعيد الرئيسية لبعض العقوبات - وخاصة 6 آب/أغسطس و 4 تشرين الثاني/نوفمبر. وفي غضون ذلك، يمكن لعدد من القرارات السياسية المعلقّة أن يدعم هذه التوجيهات.   
وفي الوقت الذي يدرس فيه المسؤولون [الأمريكيون] هذه القرارات، يجب أن يأخذوا في عين الاعتبار أنه لا يجب إعادة فرض العقوبات بالطريقة نفسها التي كانت تُفرض فيها قبل إبرام الاتفاق النووي. وهذا الخيار يمنح واشنطن مجالاً لاستغلال نقاط الضعف الإيرانية الأساسية بشكل أفضل، والعمل مع شركاء أجانب بهدف تحفيز العمل متعدد الأطراف ومنح الأولوية للجهود الأمريكية في مواجهة ضيق الوقت والموارد. 
العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة
عند استهداف قطاع النفط الإيراني، يجب على صانعي السياسات [الأمريكيين] التركيز بشكل أكبر على العائدات أكثر منها على المبيعات. أي أنه حتى عندما يتخذون خطوات للحدّ من حجم مبيعات النفط الإيرانية، ينبغي أن تكون أولويتهم ضمان تجميد عائدات هذه المبيعات.
ويسمح التشريع ذو الصلة بالإعفاء من بعض العقوبات المالية طالما (1) تواصل الدول الوفاء بمتطلبات خفض المشتريات و (2) توافق الدول على إبقاء العائدات الإيرانية في الدولة المشترية مع فرض قيود على استخدامها [بحيث تركز على عمليات] تمويل التجارة الثنائية. وقد تمّ اعتماد هذه الخطوة التي يُطلق عليها "القيود التجارية الثنائية" والتي تمنع إعادة عائدات النفط الإيراني إلى البلد الأم، بعد مرور عام على "تخفيض الإعفاءات بشكل كبير"، وهي الخطوة التي جنّبت عملاء النفط الإيراني من العقوبات إذا خفضوا مشترياتهم مع مرور الوقت. ويهدف هذان البندان إلى تقليل حجم العائدات النفطية، التي تشكّل مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة، المتاحة لإيران.
وبما أنه سيتمّ تنفيذ كلا الإجراءين في آن واحد، قد يفكر صانعو السياسات [الأمريكيين] بتوفير قدر أكبر من المرونة فيما يتعلق بمتطلبات التخفيض مقابل تقديم التزامات أكثر صرامةً تتمثل بالامتناع عن إعادة العائدات الإيرانية. وقد يعني القيام بذلك أن يتم الاحتفاظ بالأموال في البلاد التي يصدَّر إليها النفط، ولا يمكن استخدامها إلا في ذلك البلد. وقد يدفع ذلك بدول مثل تركيا والهند إلى الامتثال للالتزامات بناءً على الفوائد التي قد تعود على ميزانها التجاري، نظراً إلى الميزة التي قد  يمنحها هذا الترتيب على صادراتها إلى إيران.
بالإضافة إلى ذلك، تتمتع إدارة ترامب بقدر كبير من المرونة في تحديد ما يشكّل "تخفيضاً كبيراً" في واردات النفط من إيران. وعلى الرغم من أن الحكمة التقليدية السائدة تُشير إلى أن هناك حاجة إلى تخفيض بنسبة 20 في المائة للتأهل للحصول على إعفاء من العقوبات، إلّا أن هذا الرقم تقريبي فقط، ويعزى إلى تعليق واحد أدلى به "مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأمريكية" في آذار/مارس 2012 في إطار إحاطة صحفية حول تخفيض اليابان واردات النفط الإيراني. وفي حديث مع مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" في بروكسل الأسبوع الماضي، رفض نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي أندرو بيك ذكر أرقام محددة، قائلاً إن التخفيض المطلوب "يجب أن يكون كبيراً، لكنه من المحتمل أن يختلف من بلد إلى آخر".
وتشرف وزارة الخارجية الأمريكية على الإعفاء الخاص بـ "التخفيض الملحوظ" ويُسمح لها بموجب القانون أخذ عدد من العوامل في الاعتبار عند اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتمّ إعفاء دولة ما، بما في ذلك خفض كمية النفط الذي تشتريه من إيران ونسبته، وفسخ عقود عمليات التسليم المستقبلية للخام الإيراني، و"إجراءات أخرى تثبت التزاماً بتقليص هذه المشتريات إلى حد كبير". ووفقاً لبيانات تعقب الشحنات التي جمعها موقع "بلومبرغ"، انخفضت صادرات النفط الإيرانية بشكل حاد في النصف الأول من حزيران/يونيو، والتي وصفها الموقع بأنها الأكبر لمثل هذه الفترة منذ كانون الأول/ديسمبر 2016.
لا توجد عصاً سحرية
هناك إجراء آخر من المزمع إعادة العمل به خلال تشرين الثاني/نوفمبر وهو فرض عقوبات على توفير خدمات الرسائل المالية المتخصصة إلى "البنك المركزي الإيراني" ومصارف أخرى مُدرجة [على لائحة العقوبات]. ومع ذلك، فإن منع الوصول إلى المزود الرئيسي لهذه الخدمات - وهي "جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك" ("سويفت") - ليس ضرورياً أو حتى كافياً للحدّ من نفاذ إيران إلى النظام المالي العالمي.
وخلال الفترة التي سبقت تطبيق «خطة العمل الشاملة المشتركة»، جمع عدد كبير من المحللين بين إعادة النفاذ الإيراني إلى "سويفت" وإعادة النفاذ الإيراني إلى المصارف الأجنبية. وقد رفضت معظم هذه البنوك ترميم العلاقات مع المصارف الإيرانية رغم تجدد نفاذها إلى "سويفت". وعلى نحو مماثل، توقف العديد من المؤسسات الأجنبية عن التعامل مع المصارف الإيرانية حتى قبل منع هذه الأخيرة من [استعمال شبكة] "سويفت" في عام 2012. وقد تراجع استخدام إيران لنظام "سويفت" بأكثر من 30 في المائة بين عامَي 2006 و 2012 (السنوات الوحيدة التي تُوفر فيها المنظمة مثل هذه البيانات)، وهو انخفاض كبير خلال فترة شهدت نمو الحجم العالمي الإجمالي لمعاملات "سويفت" بنحو 40 في المائة. وشمل هذا التراجع الذي سجلته إيران انخفاضاً بنسبة 22 بالمائة في عام 2008 - وهو العام نفسه الذي مُنعت فيه البلاد من استخدام "معاملات المرور العابر للأموال" (U-turn transactions) المقوّمة بالدولار، أي بعد مرور فترة وجيزة على دعوة الأمم المتحدة إلى "توخي الحذر" في التعامل مع المصارف الإيرانية في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1803.
ومنذ أن أعلنت الولايات المتحدة انسحابها من «خطة العمل الشاملة المشتركة» في أيار/مايو، أفادت عدة مصارف أجنبية كانت قد استأنفت علاقاتها مع إيران بأنها ستخفض حجم أعمالها، من بينها مؤسسات مالية كبرى مثل "كاي بي سي" (KBC)  البلجيكية و"مصرف التجارة والاستثمارات" (BCP) السويسري و"بنك دي زي" (DZ Bank) الألماني، فضلاً عن مصارف أصغر حجماً وأقل تعرضاً للولايات المتحدة (على سبيل المثال، "أوبر بنك" النمساوي). وليس هناك شك في أن النفاذ إلى [شبكة] "سويفت" يجعل من السهل إجراء معاملات عبر الحدود وتبادل العملة الأجنبية، لكن المؤسسات المالية تملك وسائل أخرى لتبادل الرسائل المتعلقة بالمعاملات. وبالتالي، قد يكون للمساعي الرامية إلى تقليص المعاملات مع إيران في الوقت الحالي أثر محدود فقط، كما قد تترتب عليها بعض السلبيات.
أولاً، إن فرض عقوبات على نظام "سويفت" من المرجح أن يثقل كاهل المصارف الأمريكية بقدر [ما يُرهق] المصارف الإيرانية، نظراً لأنها ستجد صعوبةً في استخدام خدمة [هذا النظام] إذا تمت إضافته إلى لائحة العقوبات. كما أن بعض المعاملات المتعلقة بالأدوية والأجهزة الطبية والسلع الزراعية ستبقى مسموحةً حتى بعد إعادة فرض العقوبات النووية. ومن مصلحة الولايات المتحدة السماح لهذه المعاملات، إن لم يكن تسهيلها.
وبدلاً من افتعال نزاع مع أوروبا بشأن "سويفت"، أمام الحكومة الأمريكية سبل أقل إثارةً للجدل لمواجهة السلوك الإيراني غير المشروع. ففي خطاب أدلت به وكيلة وزارة الخزانة الأمريكية سيغال ماندلكر في 5 حزيران/يونيو، أدانت القطاع المصرفي الإيراني، بما فيه "البنك المركزي"، بإشارتها إلى "جهوده المنهجية لتقويض النظام المالي الدولي". وفي هذا السياق، يجب على واشنطن ألا تُحذّر المصارف من أن مزاولة الأعمال مع إيران قد تجعلها شريكةً في نشاط غير شرعي فحسب، بل عليها أن تحث شركائها أيضاً على تطبيق أفضل للعقوبات التي لم تخففها «خطة العمل الشاملة المشتركة». وعلى وجه الخصوص، إن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا يمكن تطبيقها أيضاً على "البنك الإيراني لتنمية الصادرات" - وهي المؤسسة التي استخدمتها طهران، وفقاً لبعض التقارير، لمنح ائتمانات إلى نظام الأسد عبر العديد من المصارف السورية المملوكة للدولة، بما فيها مصرف واحد على الأقل مدرج على لائحة العقوبات الحالية للاتحاد الأوروبي.
ويمكن لهذه الإجراءات وغيرها أن تمكّن "سويفت" من فك ارتباطها بالمصارف الإيرانية التي تتجاهل السلطة الدولية باعتبارها مسألة "ملزمة من الناحية التنظيمية". وعلى وجه الخصوص، لم يتمكن "بنك صادرات إيران" من إعادة الارتباط بنظام "سويفت"، وفقاً لصحيفة "فاينانشال تريبيون" الإيرانية اليومية. فقد تمّ حذف "بنك صادرات إيران" من لوائح عقوبات الاتحاد الأوروبي في تشرين الأول/أكتوبر 2016، على الرغم من كونه أحد المصارف الإيرانية الثلاثة التي كانت لتبقى ضمن هذه اللوائح بعد تطبيق الاتفاق النووي. ومع ذلك، لا تزال العقوبات الثانوية ساريةً على المصرف لأن الولايات المتحدة فرضت عليه عقوبات في إطار صلاحيات مكافحة الإرهاب.
النظر في التهرب
ستبحث إيران من دون شك عن فرص للتهرب في ظل ضغوط العقوبات الجديدة. فلأكثر من 30 عاماً، استحدث النظام والمؤسسات الفردية وسائل متطورة للالتفاف على العقوبات الأمريكية والمتعددة الأطراف المتباينة الشدة، وواصلت على ما يبدو استخدام هذه الشبكات خلال فترة الإعفاء من العقوبات. ومن هذا المنطلق، واجهت الشركات الإيرانية موقفاً لا مفرّ منه. فقد شعرت أنها لا تستطيع الإفلات بشكل كامل من شبكات التهرب طالما أنها غير قادرة على إقامة علاقات مع المصارف العالمية، ومع ذلك، كان هذا السلوك المخادع هو الذي جعل المصارف تحجم عن استئناف العمل معها في المقام الأول.
فعلى سبيل المثال، في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تمّ تجميد حسابات الشركات الإيرانية في الصين ودبي وماليزيا بعد أن تمّ اكتشاف أمر شركات البتروكيماويات التي كانت تزوّر سندات الشحن لتخفي الأصل الإيراني للسلع من أجل تأمين التمويل التجاري. وفي هذا السياق، أوضح مسؤول إيراني في قطاع البتروكيماويات للصحافة المحلية أنه "لا يزال يتحتم علينا تحويل أموالنا عبر وسائل استخدمناها خلال فترة العقوبات". ورداً على ذلك، عززت الصين تطبيق القيود على مصارفها استعداداً للتقييم الذي تجريه "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" ("فاتف") [التي هي هيئة المراقبة المالية الدولية] في منتصف عام 2018.
إلا أنه في هذه المرة، قد تكون الوسائل التقليدية الإيرانية للتهرب أقل ملاءمة. وفي هذا الصدد، يمكن التطرق إلى العمل المشترك بين الهيئات التنظيمية في دولة الإمارات ووزارة الخزانة الأمريكية في الشهر الماضي لوقف عمل شبكة «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني التي كانت تستغل مكاتب الصيرفة في الإمارات لتوفير الدولار الأمريكي لجماعات وكيلة إقليمية. وقد يكون القطاع المالي التركي أقل ملاءمةً أيضاً بعد أن حُكِم على مسؤول مصرفي تركي بارز الشهر الماضي بالسجن لمدة إثنين وثلاثين شهراً في أحد السجون الأمريكية. فوفقاً لوكالات إنفاذ القانون الأمريكية كان المسؤول التنفيذي في "بنك خلق" حقان عطا الله متورطاً في مخطط تهرب إيراني يهدف إلى تبييض "عائدات النفط الإيراني بقيمة مليارات الدولارات، مما أدى في النهاية إلى توافر أموال سرية تستخدمها إيران كما ترغب".
مشاكل على صعيد الموارد
منذ إعلان الحكومة الأمريكية انسحابها من «خطة العمل الشاملة المشتركة»، أطلقت سبع مجموعات من العقوبات الجديدة التي تستهدف النشاط الإيراني غير النووي المحظور. ومن الواضح إذاً أن الإدارة الأمريكية ستواصل التركيز على سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، وجهودها لتطوير الصواريخ وانتشارها، وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، ودعمها للإرهاب، وغير ذلك من السلوكيات المؤذية الأخرى، حتى في ظل قيام الإدارة الأمريكية بإعادة فرض العقوبات النووية.
وقد استغرق إعداد معظم الإجراءات الأخيرة، إن لم نقل جميعها، عدة أشهر. وبناء على ذلك، سيتعين على فريقي العقوبات في وزارتي الخزانة والخارجية الأمريكيتين موازنة جهودهما لتجديد قائمة الإجراءات الإضافية مع صياغة أنظمة جديدة، والإجابة على الأسئلة المتكررة، وتطوير الأساس الجوهري لإعادة إدراج بعض من الـ 200 هيئة التي تمّ إعفاؤها من العقوبات بموجب «خطة العمل الشاملة المشتركة». ومن خلال القيام بذلك، يجدر بهما منح الأولوية للإجراءات التي سيكون لها الأثر الأكبر مع إظهار رغبة في التوصل إلى حل وسط حول تلك التي ستؤثر بشكل هامشي فقط على نفاذ إيران إلى الخدمات المالية وعوائد النفط. ومن شأن هذه المقاربة أن تؤدي إلى زيادة الموارد المحدودة للحكومة الأمريكية إلى أقصى حد ممكن، مع عرضها في الوقت نفسه غصن الزيتون [أي توفيرها الفرصة المنتظرة للتوافق] إلى الشركاء في أوروبا وأماكن أخرى، مما يعزز احتمال تقديمهم المساعدة لواشنطن للفت الانتباه إلى الانتهاكات الإيرانية الفاضحة جداً للمعايير الدولية.

كاثرين باور هي زميلة "بلومنستين كاتس فاميلي" في معهد واشنطن ومسؤولة سابقة في وزارة الخزانة الأمريكية.

Thursday, July 20, 2017

ما يمكن توقعه من التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول مكافحة الإرهاب

ما يمكن توقعه من التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول مكافحة الإرهاب
المرصد السياسي 2834

ما يمكن توقعه من التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول مكافحة 

الإرهاب



متاح أيضاً في English
18 تموز/يوليو 2017
في 19 تموز/يوليو، من المتوقع أن تنشر وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي لمكافحة الإرهاب الذي سيراجع التهديدات الإرهابية في العالم وردود المجتمع الدولي في عام 2016. وإذا كانت التقارير السابقة مرجعاً، فسوف يشمل تقرير هذا العام أقسام عن الحوادث الإرهابية في جميع أنحاء العالم، وكيف استجابت فرادى البلدان لهذه التهديدات، وأقسام مواضيعية حول الملاذات الإرهابية الآمنة، ومكافحة تمويل الإرهاب، ومكافحة التطرف العنيف. وشكّل عام 2016 نقطة تحوّلٍ في مجال مكافحة الإرهاب، وجاء ذلك في أعقاب التصاعد الكبير في أعمال الإرهاب الدولي من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش») في أوروبا على وجه الخصوص. ونتيجة لذلك، هددت جهود التحالف المناهض لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» ما يسمى بـ قدرة تنظيم «داعش» على "البقاء والتوسّع". وكان سجل تنظيم «القاعدة» متفاوتاً في عام 2016، لكنه أظهر أنّ التنظيم لا يزال يشكّل خطراً محدقاً على المدى الطويل. وفي الوقت نفسه، كانت إيران ووكلاؤها - الذين يشار إليهم غالباً باسم شبكة التهديد الإيرانية - ناشطين بشكلٍ خاص طوال عام 2016.
تنظيم «الدولة الإسلامية» الواقع تحت الضغط لا يزال يمثل تهديداً
في عام 2016، بنى التحالف لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» قوة دفعٍ لا يستهان بها في حربه على "نواة" التنظيم في العراق وسوريا. وفي أعقاب وصول «داعش» إلى ذروته في عام 2014، فقد تنظيم «الدولة الإسلامية» أكثر من نصف الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقاً في العراق و 30 في المائة من أراضيه في سوريا. وخلال النصف الثاني من عام 2016، عملت قوات التحالف في العراق على عزل الموصل. وفي سوريا، استعاد المقاتلون المدعومون من الولايات المتحدة مدينة منبج في أواخر الصيف. ومع الجهود التركية لتأمين حدودها، تمّ بذلك قطع نقطة نقلٍ أساسية لوصول السلع والمقاتلين إلى الرقة - العاصمة الحالية لـ تنظيم «الدولة الإسلامية». وقد تدهور الوضع المالي للجماعة الجهادية أيضاً، ويعود ذلك جزئياً إلى الضربات الجوية التي استهدفت مخازن النقد ورؤوس الآبار وقوافل النفط التي بدأت في أواخر عام 2015. ولعلّ التأثير الأكبر على أسس تنظيم «الدولة الإسلامية» قد جاء نتيجة خسارة الأراضي، مما يعني تراجع الموارد المحلية - ومنها البشرية - التي يمكن استغلالها.
وفي حين واجه المقاتلون الأجانب صعوبةً متزايدة في السفر إلى العراق وسوريا، دعاهم المتحدث السابق باسم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني، الذي قتل في آب/أغسطس 2016، إلى شنّ هجماتٍ أينما تواجدوا. وفي الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا، شهد عام 2016 زيادةً في الهجمات الموجهة والمستوحاة من تنظيم «الدولة الإسلامية»، ومنها عملية إطلاق النار الجماعي التي شنها عمر متين في الملهى الليلي "Pulse" في أورلاندو في حزيران/يونيو بعد أن كان قد أعلن الولاء لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتفجيري المطار والميترو في بروكسل في آذار/مارس، وعمليتي الدهس في نيس وبرلين في تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر، والهجوم الموجه من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» على ملهى "رينا" الليلي في اسطنبول في كانون الأول/ديسمبر.
وفي ظل الضغوط في العراق وسوريا، زاد تنظيم «الدولة الإسلامية» أيضاً من نشاطاته في مختلف "المحافظات". فبعد معركة استمرت ستة أشهر، تم طرد مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» من مطالبتهم الإقليمية الأخيرة في سرت، ليبيا، مما بدّد المخاوف من احتمال أن تصبح ليبيا خياراً احتياطياً بعد خروج التنظيم من العراق وسوريا. وفي مصر، أثارت سلسلةٌ من الهجمات خارج شبه جزيرة سيناء، حيث كانت تعمل «ولاية سيناء» التابعة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» في البداية، القلق من توجيه تنظيم «داعش» اهتمامه نحو البر الرئيسي المصري. وكانت أعنف الهجمات هي الاعتداء [الانتحاري] الذي وقع في 11 كانون الأول/ديسمبر واستهدف كنيسة قبطية في القاهرة مما أسفر عن مقتل اكثر من 25 شخصاً. كما زاد تنظيم «الدولة الإسلامية» نشاطه في جنوب شرق آسيا، بادعائه القيام بهجمات في إندونيسيا وماليزيا والفلبين، من بينها التفجير الذي وقع في جاكرتا في كانون الثاني/يناير 2016، والتفجير في بار "موفيدا" بالقرب من كوالالمبور في تموز/يوليو 2016، وقصف سوق في مدينة دافاو في أيلول/سبتمبر 2016.
السجل المختلط لـ تنظيم «القاعدة»
نظراً للتركيز الدولي الكبير على تنظيم «الدولة الإسلامية»، سعى تنظيم «القاعدة» في عام 2016 إلى الحفاظ على أهميته، وبناء قدراته، والاستفادة من الخسائر الإقليمية المتزايدة لـ تنظيم «داعش» في العراق وليبيا وسوريا. وعلى الرغم من النجاحات الواضحة التي شهدها تنظيم «القاعدة» في عام 2016، وخاصة من ناحية الهجمات الإرهابية الإقليمية، إلّا أنه عانى أيضاً من انتكاسات في أماكن مثل سوريا واليمن.
وقد أظهرت فروع تنظيم «القاعدة» في المنطقة بشكلٍ خاص قدرتها المستمرة على شنّ هجمات إرهابية قاتلة. فعلى سبيل المثال، هاجم تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في 15 كانون الثاني/يناير فندق "سبلنديد" في مدينة واغادوغو في بوركينا فاسو وأخذ رهائن وقتل في النهاية ما لا يقل عن ثلاثين شخصاً وجرح نحو ستة وخمسين آخرين. وبعد أشهر قليلة، عمد مقاتلون من تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» إلى قتل تسعة عشر شخصاً وجرح ثلاثة وثلاثين آخرين في عملية إطلاق نار جماعي في منتجع "إيتوال دو سود" السياحي في مدينة غران باسام في ساحل العاج. أما في الصومال، فقد فشلت "حركة الشباب المجاهدين" في محاولة تفجير رحلة طيران شركة "دالو الجوية" رقم 159 بعد أن أقلعت من "مطار آدم عدي الدولي" في مقديشيو في 2 شباط/ فبراير. وذكّرت هذه الحادثة المسؤولين بضرورة الأمن المكثف على الطيران، وهو واقعٌ تعزز في عام 2017 مع إنذارات وزارة الأمن الداخلي حول إمكانات قنابل أشد تطوراً من صنع تنظيمي «القاعدة» و «الدولة الإسلامية» اختراق أمن المطارات. وحتى في الدول الأقل أهمية مثل بنغلاديش، نفذ فرع «القاعدة» المعروف باسم تنظيم «القاعدة في شبه القارة الهندية»عدداً من الاغتيالات ضد ما يسمى بالمرتدين المسلمين والغربيين.
وفي بقاع أخرى من العالم، عانت فروع تنظيم «القاعدة» في سوريا واليمن من خيباتٍ كثيرة - على الرغم من بقائها ذات أهمية وكونها تنظيمات خطرة. ففي الیمن، في نیسان/أبریل 2016، فقد تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» میناء المکلا بعد سیطرته علیه لمدة عام. وفي أواخر تموز/يوليو، اندمج الفرع السوري لـ تنظيم «القاعدة» [الذي كان يُعرف باسم] «جبهة النصرة» مع فصائل جهادية أصغر حجماً لتشكيل «جبهة فتح الشام»، التي ادّعت أنه لم يعد لديها أي علاقات خارجية مع تنظيم «القاعدة». وفي حين اعتبر بعض المحللين أن هذه المزاعم هي تضليلٌ يهدف إلى إخفاء الروابط المستمرة مع تنظيم «القاعدة»، ظهر خلاف آخر بشأن التخفيف المتصور لإيديولوجية تنظيم «القاعدة» ومنهجيته عندما نتج عن عملية الدمج الثانية في كانون الثاني/يناير 2017 تشكيل «هيئة تحرير الشام». وعلى وجه التحديد، أحدثت هذه الخطوة شرخاً بين المسؤول الشرعي السابق لـ «جبهة النصرة» سامي العريدي والشيخ أبو محمد المقدسي، حيث تساءل الأخير عما إذا ما زال بالإمكان اعتبار التنظيم الجديد حقاً جزءاً من الإطار الجهادي العالمي.
وتُبيّن هذه الأمثلة كيف كانت سنة 2016 عاماً اتسم بالتفاوت بالنسبة لـ تنظيم «القاعدة». ومع ذلك، فتحت المصائب المتنامية لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» فرصاً مستقبلية لـ تنظيم «القاعدة» لتغيير الصراعات في أفغانستان ومالي والصومال وسوريا واليمن.
شبكة التهديد الإيرانية فيما بعد «خطة العمل المشتركة الشاملة»
كان 16 كانون الثاني/يناير 2016، يوم تنفيذ «خطة العمل المشتركة الشاملة»، كما يُعرف الاتفاق النووي مع إيران. وعلى الرغم من أن الاتفاق لم يشمل الأنشطة الإرهابية الإيرانية أو غيرها من الأنشطة الإقليمية الخبيثة، أصر المسؤولون الأمريكيون على أنهم سيحمّلون إيران المسؤولية عن مثل هذه الأعمال. وكما تعهد وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري في 21 كانون الثاني/يناير، "إذا ما ثبت لدينا أنهم يمولون العمليات الإرهابية فسيواجهون مشكلة مع الكونغرس الأمريكي، ومع شعوب أخرى كما هو واضح". ومع ذلك، ففي العام الذي مضى منذ توقيع الاتفاقية، لم يتقلص السلوك التهديدي لإيران وعملائها.
وفي شباط/فبراير 2016، عندما أدلى مدير المخابرات الوطنية الأمريكية  في ذلك الحين جيمس كلابر، بشهادته أمام الكونغرس، قال، إن "جمهورية إيران الإسلامية تشكل تهديداً دائماً للمصالح الوطنية الأمريكية بسبب دعمها للجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة في المنطقة ونظام الأسد، فضلاً عن تطويرها قدرات عسكرية متقدمة". وعلى وجه التحديد، أضاف قائلاً: "لا تزال إيران - الدولة الأولى الراعية للإرهاب - تمارس نفوذها في الأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط من خلال «قوة القدس» التابعة لـ «فيلق الحرس الثوري الإسلامي»، وشريكها الإرهابي «حزب الله» اللبناني والجماعات التي تعمل بالوكالة عنها. كما تقدم مساعدات عسكرية واقتصادية لحلفائها في المنطقة. ولا يزال كل من «حزب الله» وإيران يشكلان تهديداً إرهابياً مستمراً لمصالح الولايات المتحدة وشركائها في جميع أنحاء العالم". وبعد شهر، قدّم قائد "القيادة المركزية الأمريكية" ("سينتكوم") الجنرال جوزيف فوتل شهادة مفادها أن ايران أصبحت "أكثر عدوانية مع الأيام منذ الاتفاقية".
أما دول الخليج فقد أدانت عدد من الأفراد زُعم أنهم تابعون لـ «حزب الله». وفي كانون الثاني/يناير 2016، حكمت محكمة كويتية على مواطن كويتي وآخر إيراني بالإعدام بتهمة التجسس لصالح إيران و «حزب الله». وفي حزيران/يونيو، وجدت محكمة في أبوظبي زوجة "مسؤول إماراتي بارز" مذنبة بتهمة التجسس لصالح «حزب الله».
والبحرين هي إحدى الدول الخليجية التي أصبحت فيها إيران ووكلائها أكثر عدوانية. ففي كانون الأول/ديسمبر 2016، وقبل أيام قليلة من هروب عدة أشخاص متهمين بالإرهاب من سجن بحريني، تمكنت مجموعة من الرجال المسلحين برشاشات من نوع "AK-47" من الفرار من قوات الأمن بعد أن نُقلوا إلى البحرين عن طريق القوارب. وتمّ تعقّب السيارة التي هربوا فيها إلى عنوانٍ وجدت فيه السلطات معدات للتفجير وصنع القنابل. بالإضافة إلى ذلك حمل مركباً مسجّلاً تحت العنوان نفسه، جهاز نظام تحديد المواقع الذي أظهر قيامه بالعديد من الرحلات إلى المياه الإيرانية تعود إلى شباط/فبراير 2015.
وفي آذار/مارس 2016، ضبطت السلطات الفرنسية زورق إيراني آخر كان يتجه إلى اليمن، ووجدت على متنه "عدة مئات من البنادق الهجومية من طراز "AK-47" ومدافع رشاشة وأسلحة مضادة للدبابات". وبعد بضعة أيام، أوقفت البحرية الأمريكية شحنة أسلحة إيرانية في طريقها إلى اليمن وصادرت "آلاف الأسلحة وبنادق "AK-47" وقاذفات قنابل صاروخية". وفي ذلك الشهر أدرج «مجلس التعاون الخليجي» «حزب الله» [على لائحة] منظماته الإرهابية بسبب "الأعمال العدائية التي تقوم بها هذه الميليشيا التي تجنّد الشباب (في دول الخليج) للقيام بأعمال إرهابية". وفي غضون أسابيع حذت "الجامعة العربية" و"منظمة التعاون الإسلامي" حذو «مجلس التعاون الخليجي».
وإلى جانب أنشطتها في اليمن، ما زالت إيران ووكلائها يشكلون تهديداً إرهابياً كبيراً في بلدان المشرق العربي. وعلى الرغم من أن إيران و «حماس» قد تجادلتا في بعض الأحيان على رفض الأخيرة دعم نظام الأسد في سوريا، إلا أنهما جددتا علاقاتهما المنهارة في عام 2016. ووفقاً لتقرير صادر عن "دائرة أبحاث الكونغرس" الأمريكية، "يبدو أن إيران سعت إلى إعادة بناء علاقاتها مع «حماس» من خلال توفير تكنولوجيا الصواريخ التي تستخدمها «حماس» لبناء صواريخها، ومساعدتها على إعادة بناء الأنفاق التي دُمرت في الصراع مع إسرائيل [عام 2014]". وفي الوقت نفسه، واصلت «حماس» تخطيط هجمات إرهابية. ففي كانون الأول/ديسمبر 2016، أحبطت "وكالة الأمن الإسرائيلية" أو "الشين بيت" مخططاً لـ «حماس» لتنفيذ سلسلة من عمليات إطلاق النار والتفجيرات الانتحارية التي تستهدف الإسرائيليين. وعلى الرغم من تقاربها مع «حماس»، واصلت إيران رعايتها لحركة "الصابرين"، وهي جماعة مسلحة وكيلة أخرى في غزة. وأفادت بعض التقارير أن "الصابرين"، التي يتزعمها قائد سابق لـ حركة "الجهاد الإسلامي الفلسطيني"، تتلقى 10 ملايين دولار سنوياً من طهران.
ويظل «حزب الله» اللبناني الوكيل الإرهابي الرئيسي لإيران. ففي حزيران/ يونيو 2016، أعلن الأمين العام للحزب حسن نصر الله صراحة أن "«حزب الله» يحصل على أمواله وأسلحته من إيران، وطالما تملك إيران المال، فكذلك «حزب الله» أيضاً". ومنذ التوقيع على «خطة العمل المشتركة الشاملة»، شارك الحزب الذي أدرجته الولايات المتحدة على قائمة منظماتها الإرهابية في العديد من المؤامرات الإجرامية والإرهابية ومؤامرات التجسس.
وفي كانون الثاني/يناير 2016، اعتقلت السلطات الإسرائيلية خمسة فلسطينيين لتخطيطهم هجوم "نظّمه وموّله «حزب الله»". وقال مسؤولون إسرائيليون أن نجل نصر الله،جواد، قام بتجنيد زعيم هذه الخلية في الضفة الغربية. وقام «حزب الله» بتدريب الخلية وتوجيهها لمراقبة الأهداف الإسرائيلية، ومنح مبلغ 5000 دولار لرجالها لتنفيذ تفجيرات انتحارية وغيرها من الهجمات. واستناداً إلى هذه الحالات وغيرها، حذر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى في شباط/فبراير 2016 من أن إيران "تقوم ببناء شبكة إرهابية دولية" تشمل خلايا يمكنها الحصول على أسلحة ومعلومات استخبارية وعناصر للقيام بهجمات في الغرب. وفي الشهر التالي، هرّب «حزب الله» كيس ممتلئ بالمتفجرات إلى شمال إسرائيل لاستخدامه في هجوم إرهابي. واعتباراً من حزيران/يونيو 2017، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين، كانت إيران تعمل أيضاً خلال العام الماضي على "إنشاء مرافق مستقلة لإنتاج الأسلحة الدقيقة في لبنان واليمن".
وعلى الرغم من الخطر متعدد الأوجه الذي يشكله «حزب الله»، واجه هذا الأخير عدة ضرباتٍ كبيرة في عام 2016. ففي شباط/فبراير، أعلنت "إدارة مكافحة المخدرات" الأمريكية عن كشفها شبكة كبيرة للاتجار بالمخدرات وغسل الأموال تابعة لـ«حزب الله» في تحقيقٍ متعدد الدول. وعلى وجه الخصوص، حددت "إدارة مكافحة المخدرات" أنّ "مكوّن الأعمال التجارية" في "منظمة الأمن الخارجي" التابعة لـ «حزب الله» هو المستفيد الأول من هذه الشبكة التي جمعت ونقلت "الملايين من اليورو من عائدات المخدرات". واستُخدمت هذه الأموال بدورها لشراء أسلحة لمقاتلي «حزب الله» في سوريا. وقد جرت اعتقالات في الولايات المتحدة وأوروبا وأمريكا الجنوبية، مما أعاق بشدة عمليات جمع الأموال والمشتريات والعمليات اللوجستية لـ «حزب الله» في العالم. ثم، في أيار/مايو، فقد «حزب الله» أبرز شخصياته العسكرية، مصطفى بدر الدين، الذي قُتل في انفجار وقع في دمشق أثناء عمله كرئيس "منظمة الأمن الخارجي" والقوات التابعة لـ «حزب الله» في سوريا. وبذلك أصبح أكبر مسؤول في «حزب الله» قتل منذ أن لقى "رئيس هيئة الأركان" عماد مغنية حتفه في عام 2008.
وفي أيار/مايو، أدّت الضربة الجوية الأمريكية بطائرة بدون طيار إلى مقتل قائد حركة "طالبان" الأفغانية الملا أختر محمد منصور على بعد حوالى مائتي ميل من الحدود الايرانية الباكستانية. وقد تعقبته السلطات الأمريكية خلال زيارته لأفرادٍ من عائلته في إيران وشنّت ذلك الهجوم أثناء عودته إلى باكستان. وبعد ذلك قال المتحدث باسم حركة "طالبان" ذبيح الله مجاهد أن منصور كان فى احد "رحلاته غير الرسمية" التى قام بها إلى إيران بسبب "التزامات المعركة الجارية".
الخاتمة
إذا عُدنا بالذاكرة إلى عام 2016، نرى أنه سوف يتعين على "التقارير القُطْرية" أخذ عددٍ كبير من العناصر في عين الاعتبار، بدءً من المؤامرات الموجهة والمستوحاة من تنظيم «الدولة الإسلامية» وخطر عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وإلى الصمود الصلب لتنظيم «القاعدة» والتهديدات الإرهابية المستمرة التي تشكلها إيران ووكلائها. وتختلف هذه الشبكات الإرهابية، التي غالباً ما تتعارض بشكلٍ مباشر بين بعضها البعض، من نواحٍ كثيرة. وسوف يركّز التقرير أيضاً على المواضيع التشغيلية العابرة للإيديولوجيا والجغرافيا، مثل: (1) كيفية قيام الجماعات الإرهابية بجمع الأموال ونقلها وتخزينها والوصول إليها، وماهية الإجراءات التي يمكن اتخاذها لمكافحة التمويل الإرهابي؛ (2) أفضل الممارسات لمكافحة الإيديولوجيات المتطرفة العنيفة من مختلف الأنواع، بما فيها الإيديولوجيات الطائفية العنيفة التي أذكت نيران الصراع في الشرق الأوسط في عام 2016 وما زالت تشعله في الوقت الحالي؛ و (3) الحاجة إلى اتخاذ المزيد من الخطوات لمنع الجماعات الإرهابية من الوصول إلى الملاذات الآمنة في المساحات ذات الحوكمة الضعيفة. وفي جميع هذه المجالات، لا يزال يتعين اتخاذ الكثير من الخطوات في المستقبل.

ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطنكاثرين باور هي زميلة "بلومنستين كاتس" في برنامج مكافحة الإرهاب في المعهد. وكلاهما مسؤولان سابقان بوزارة الخزانة الأمريكية. هارون زيلينهو زميل "ريتشارد بورو" في المعهد ومؤسس موقع Jihadology.net.

Thursday, February 23, 2017

لماذا قد يقرر ترامب ونتنياهو إبقاء الاتفاق النووي في النهاية

لماذا قد يقرر ترامب ونتنياهو إبقاء الاتفاق النووي في النهاية
صفحات رأي ومقالات

لماذا قد يقرر ترامب ونتنياهو إبقاء الاتفاق النووي في النهاية

 "ذي هيل"
15 شباط/فبراير 2017
في الزيارة الأولى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من المرجح أن يكون الزعيمان قد اتّفقا على ضرورة تحميل إيران مسؤولية أكبر على سلوكها غير الشرعي ومحاسبتها بشكلٍ أكثر صرامة مما كان عليه الحال في ظل إدارة أوباما. فقد أعلن مؤخراً مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق مايكل فلين، الذي استقال من منصبه هذا الأسبوع، أنّ البيت الأبيض "يوجّه إنذاراً" لإيران بعد تجربتها الرابعة على الأقل للصواريخ البالستية منذ تطبيق الاتفاق النووي في كانون الثاني/يناير من العام المنصرم. وبعد ذلك، فرضت الإدارة الأمريكية مجموعةً جديدة من العقوبات على الشبكات الإيرانية لشراء  الصواريخ وعلى شبكةٍ لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني التي تقدم الدعم لـ «حزب الله» في لبنان. إلّا أنّه بينما كان الزعيمان قد دعا في وقت سابق إلى إعادة التفاوض حول الاتفاق النووي الإيراني، هناك إجماع متزايد في كل من إسرائيل وواشنطن على أنّ إعادة فتح الاتفاق سيسبب المزيد من الضرر أكثر من المنفعةً.
وفي لقائه مع ترامب، ليس هناك شك أنّ نتنياهو قد أعرب عن المخاوف الإسرائيلية من "أحكام الانقضاء" المندرجة في «خطة العمل المشتركة الشاملة»، والتي بموجبها سوف تبدأ القيود المتبقية على التخصيب الإيراني وتصدير الأسلحة بالزوال تدريجياً في وقت مبكر لا يتجاوز عام 2021.
إلّا أنّه من المرجح أن يكون الإثنان قد ركّزا نقاشهما على طرق تساعد على إنفاذ الاتفاق النووي كما هو لكن بصرامةٍ أكبر، مع مواجهة رعاية إيران الشرسة للإرهاب وغير ذلك من السلوك غير المشروعة وغير المرتبطة بالقضايا النووية.
وفي دراسةٍ جديدة نشرها معهد واشنطن عمدنا نحن كتاب هذه السطور إلى النظر في دور العقوبات في تقييد اعتداءات إيران الإقليمية  وعرقلة إرهابها العالمي وشبكات غسل الأموال والمشتريات الخاصة بها. واقترحنا في هذا الصدد مقاربةً متعددة الأوجه تبدأ باسترجاع السيطرة على سردية الاتفاق لفضح مزاعم إيران الكاذبة بأن العالم يعيش حالياً في "عصر ما بعد العقوبات".
وفي الواقع، تبقى العقوبات أداةً صالحة وقوية لمواجهة إيران في انتهاكاتها لحقوق الإنسان ودعمها للإرهاب وتجاربها للصواريخ البالستية. وقد خشيت إدارة أوباما من أنّ استخدام هذه الأدوات في فترة ما بعد الاتفاق مع إيران من شأنه أن يقوّض استمرارية نفوذه، إلّا أنّ الهدف من الاتفاق لم يكن قطّ إعطاء إيران الضوء الأخضر في أعمالها غير النووية الماكرة.
ومن المرجح أن يكون نتنياهو وترامب قد اتفقا تماماً على ضرورة إنفاذ التزامات إيران المنصوص عليها في الاتفاق والدفع نحو فرض عقوباتٍ إضافية على الأعمال غير الشرعية خارج نطاق الاتفاق. وبالطبع، تكون العقوبات المحسنة أكثر فعاليةً إذا تناسبت وترافقت مع إجراءاتٍ دبلوماسية وعسكرية واستخبارية ضمن حملةٍ منسقة ضد نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار.
وبالمثل، تكون العقوبات أكثر فعاليةً عندما يتم تبنيها من قبل تحالف دولي. ويتمثل التحدي الذي يواجه نتنياهو وترامب في كيفية إقناع المجتمع الدولي الأوسع بالتكاتف ضد نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار.
إلّا أنّه ليس لدى الشركاء الأوروبيين على وجه الخصوص مصلحةً في إعادة التفاوض حول الاتفاق أو اتخاذ أي إجراءٍ رداً على أنشطة إيران الإقليمية. وتأمل معظم الدول الأوروبية باستمرار استفادة شركاتها من الروابط المالية والتجارية المتجددة مع إيران، لكن مع الحفاظ على عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على الجناح العسكري الخاص بـ «حزب الله» وعلى الإيرانيين المنخرطين في انتهاكات حقوق الإنسان، بحيث تشمل «الحرس الثوري» الإيراني.
وتماشياً مع واقع هذه القيود المستمرة، من المرجح أن تتفق إسرائيل وواشنطن على ضرورة التشديد على شركائهما الأوروبيين على وجه الخصوص على أنّ تصرفات إيران غير المشروعة هي السبب وراء استمرار العقوبات.
وتسهم إيران في هذا الجهد من خلال انخراطها في خطواتٍ استفزازية مثل تجربة الصواريخ ودعم هجمات الحوثيين على البواخر. وبالفعل، لم تلتزم إيران بتاتاً بوقف النشاط غير النووي الماكر ولم توقفه في الواقع.
وكما قال نائب وزير الخارجية الإيراني وأحد كبير المفاوضين الإيرانيين حول الاتفاق النووي عباس عراقجي، "خلال المفاوضات النووية، أعلنا بوضوح أنّ مسائل الأمن والدفاع والصواريخ البالستية وسياساتنا الإقليمية غير خاضعة للتفاوض وغير مرتبطة بالمحادثات النووية".
وسيكون التركيز على السلوك الإيراني الذي ينتهك القواعد الدولية الوسيلة الأكثر فعاليةً لجذب الدعم المتعدد الأطراف. كما أن إظهار العزم الدولي على محاسبة إيران على نشاطاتها غير النووية الماكرة من الأرجح أن يساهم في استعادة احترام إيران لقيود الاتفاق نفسه.
ولكن على الرغم من امتعاض رئيس الوزراء نتنياهو من الاتفاق النووي مع إيران، من غير المرجح أنه قد اقترح على الرئيس ترامب إفساخه، الأمر الذي ربما قد فاجأ الرئيس الأمريكي. وبدلاً من ذلك، من المتوقع أن يكون نتنياهو قد دعا ترامب إلى إنفاذ الاتفاق إلى أقصى حدّ. وبعد "توجيه إنذارٍ" لإيران، يبدو أنّ البيت الأبيض في عهد ترامب على استعداد للقيام بهذه الخطوة.

ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن. كاثرين باور هي زميلة "بلومنستين كاتس" في برنامج مكافحة الإرهاب في معهد واشنطن. پاتريك كلاوسون هو زميل أقدم في زمالة "مورنينغستار"  ومدير الأبحاث في معهد واشنطن.

ماثيو ليفيت

ماثيو ليفيت هو زميل أقدم ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن.

پاتريك كلاوسون

پاتريك كلاوسون هو مدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.