هآرتس"، 27/11/2020
كارولينا لندسمان - محللة سياسية
"أنا أريد منصور عباس وكل القائمة الإسلامية في الحزب"، قال رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة في الأمس لإذاعة الجيش الإسرائيلي. "نتنياهو نجح في تقسيم الجميع، الآن وصل دور القائمة المشتركة." عودة على حق: بنيامين نتنياهو بطل في فرّق تسُد. يبدو أن هناك أشياء قليلة تعطيه متعة أكبر من دق إسفين بين أفراد، وجماعات، ومنظمات، وأحزاب وحتى بين شعوب ودول.
لكن يمكن القول إن نتنياهو وُهب قدرة مساوية على توحيد الجميع ضده. مَن غيره كان يمكن أن يتسبب في توحيد ثلاثة رؤساء أركان، ومجموعة يائير لبيد، وأفيغدور ليبرمان، و"الروس"، والأعضاء من ميرتس، وكل ألوان الطيف السياسي العربي؟ ماذا يكون معسكر "فقط ليس بيبي" إذا لم يكن القائمة المشتركة لخصومه؟
من الصعب التفكير في انقسام في المجتمع لم يغرز نتنياهو أظافره الحادة فيه. لكن في الوقت عينه يجب علينا أن نعترف بأنه ليس هو من اخترع الخلافات في الرأي، لا في معسكر "فقط ليس بيبي"، الذي تمتع بتفكيكه، ولا في القائمة المشتركة التي يحوم حولها في هذه الأيام مثل الذئب الذي يبحث عن فريسة.
يتخوف عودة من تفكك القائمة المشتركة، ومن خسارة القوة السياسية الكبيرة (15 عضو كنيست) التي راكمها ممثلو الجمهور العربي عندما توحدوا على الرغم من الخلافات الأيديولوجية بينهم. لكن هذه الخلافات في الرأي كانت قبل نتنياهو وستبقى من بعده. وينطبق هذا أيضاً على "اليسار": الارتباك العميق بين أعضائه هو الذي سمح لنتنياهو بتفكيكه إلى أطراف.
يجب عدم الاستخفاف بالارتباك في اليسار، أو الاعتقاد أن في الإمكان إخفاء هذا الارتباك وراء مرشح كبير وأشخاص آخرين. إنه ارتباك حقيقي يشغل حكومات في أنحاء العالم. لكن في إسرائيل له علاقه بالمسألة اليهودية - العربية. البديل من نتنياهو تفكك بسبب عدم قدرة جزء من الذين كوّنوه على تأليف حكومة تعتمد على أصوات العرب. من السهل توجيه السهام إلى أورلي أباكسيس، ويوعاز هندل، وتسفي هاوزر الذين رفعوا لواء المعارضة، لكن للنزاهة يجب الاعتراف بأن هذه المعارضة لها وجود في حزب "أزرق أبيض"، وفي حزب يوجد مستقبل، وفي حزب العمل، وبالتأكيد في حزب إسرائيل بيتنا. أيضاً النقاشات التي تجري في ميرتس في هذه الأيام هي بشأن كيفية المضي قدماً في مسألة التعاون اليهودي - العربي.
أيضاً الجدل الداخلي العربي في إسرائيل هو في نهاية الأمر بشأن التعاون مع اليهود. صحيح أن القائمة المشتركة أوصت بغانتس رئيساً للحكومة، لكن الآن يقول عباس منصور فعلياً إن في قضايا الدين والدولة مثلاً هناك شيء مشترك بينه وبين اليمين أكثر مما بينه وبين اليسار. وإذا كان يريد هامشاً من المناورة السياسية في مسألة المثليين - هل كونه عربياً يفرض عليه أن يكون في معسكر اليسار الليبرالي على الرغم من كونه متديناً ومحافظاً؟
من جهة، يمكن القول أنه فقط في عالم تبنّى قيماً ليبرالية، عباس منصور، بوصفه أقلية، يستطيع أن يراكم قوة سياسية تسمح له بأن يتخبط بين معسكرين، لذلك، هو فعلياً يقطع الغصن الذي يجلس عليه. ومن جهة أُخرى التجسيد النهائي لقوة منصور السياسية مرتبط بحريته في اختيار أي معسكر يريد الانتماء إليه، وتمثيل قيم ناخبيه. هذه مسألة مهمة، ليس فقط للأقلية العربية، بل لكل مجموعة حظيت بقوة سياسية: هل اليهود، والنساء، والمثليون لديهم القدرة على أن يكونوا غير ليبراليين؟ هل هذا هو فعلاً الانتصار الحقيقي لليبرالية؟ حتى الحصول على جواب على المسألة، اقترح مشاهدة مقابلة عباس منصور يوم الثلاثاء على القناة 20 مع أريئيل سيغل. يبدو أن هذه بداية صداقة رائعة.