Tuesday, November 13, 2012

قـراءة سيكولوجية مستقبلية لإستراتيجية أوباما الجديدة
3-3-2011

من المسلم به ان المصالح الاستراتيجية الاميركية محكومة بضوابط مؤسساتية صارمة. لكن ذلك لايعني تجاهل اثر الفرد في المؤسسة. فالرئيس الاميركي الجديد يدخل البيت الابيض ومعه طاقمه الخاص الذي يضم حوالي الالفي شخص. ولاشك بان ظروف الحملة الانتخابية ونوعية قوى الضغط التي دعمت الرئيس يلعبان اكبر الاثر في اختيار هذا الفريق وهذا الامر ينطبق على أوباما كما على الرؤساء السابقين له. لكن ظروف ادارة أوباما مختلفة عن ظروف أية إدارة سابقة بما يبرر توقع تحول هذه الادارة الى مـرحلة تسجيل السوابق التي ستفرضها ظروف المتغيرات العالمية في ظل الازمة الاقتصادية. وهو ما سيحرم الإدارة الجديدة من كسب اي وقت بحجة الفترة الانتقالية كونها إدارة منتخبة في ظل أزمات جاهزة ومتفجرة. والأهم تضخم التوقعات من هذه الإدارة ليس داخلياً فقط بل خارجياً أيضاً. بما يحفز امكانيات اصابة الداخل الاميركي والعالم بالخيبة في حال تعثر خطط الإدارة الجديدة. مما يضعنا في اجواء نفسية خاصة حيث للسيكولوجيا دورها الرئيسي. سواء على صعيد الايحاء التوقعي او الشائعات او توجهات البورصة وتوقعات اسعار الاسهم والفائدة او حتى على صعيد السياسة الخارجية. وبذلك يكون السؤال الاول حول كيفية مواجهة الادارة الجديدة للعواصف القادمة إضافة الى مواجهتها للأزمات الموروثة عن بوش. فمهام إدارة أوباما تمتد الى أعادة تنظيم جديدة لأميركا والعالم. وهو ما يقتضي متابعة الملفات المطروحة على الادارة الجديدة.


طاقم أوباما.


الداخل الاميركي.


العـودة للثوابت الاستراتيجية الأميركية.


عـودة القطبية ونهاية الآحادية الأميركية.


وقف عمليات البحث عن عـدو.


العـودة لسياسة الأحلاف.


إعـادة إنتاج المنظمات الدولية والإقليمية.


تجاوزات الضرورة والجرائم المبتكرة.


الأزمـة العراقية.


الأزمـة الأفغانية.


الحـرب على الإرهاب.


المـواجهة مع إيـران.


المـواجهة مع روسيا.


الأوبـامية الجـديدة.


ومع ما ينطوي عليه الاختصار من فتح الأبواب عريضة امام سوء الفهم فاننا سنلجأ الى الروابط على الانترنت لتعويض هذا الاختصار.


طــاقم أوباما


رغم خصوصية المرحلة فان انتخاب أوباما خضع للظروف والآليات التقليدية للإنتخابات الاميركية بما يضع الرئيس الجديد ضمن خانات التصنيف التقليدية للرؤساء الاميركيين. حيث تبين متابعة الحملة الانتخابية وسلوك أوباما خلالها الى إنتمائه لفئة “المنفعل الإيجابي” يمتاز هذا النمط بأنه مساير ومتعاون أكثر منه صاحب شخصية وحيوية قوية مع مسحة تفاؤل مهيمنة على سلوكه. وهذا النمط يفاوض بشكل جيد، ولكنه يحيط نفسه بأصدقائه القدامى الذين يجلبون له العار. ومن أمثلة هذا النمط هوارد تافت وكلينتون وريغان، ” الذي يقول عنه سيمونتون: “ها نحن نجد ريغان يوقع صفقة أسلحة مهمة وفي الوقت نفسه تنفجر حوله الفضائح في كل مكان”. كما ينتمي الى هذا النمط الرئيس كلينتون.


للإطلاع على تصنيف الرؤساء الاميركيين http://mostakbaliat.com/presidents.html


وبمراجعة منهجية تركيب طاقم أوباما نجد انه سرب فعلاً بعض مساعديه في ادارة حملته الانتخابية وبعض أصدقاء العائلة الى الفريق. وهم سيشكلون الأصدقاء القدامى المحيطين بالرئيس ونقطة ضعفه الشخصية. كما ان الانتخابات دفعت أوباما للتخلي عن بعض صداقاته القديمة وبخاصة منها الصداقات مع عرب ومسلمين. اما عن التركيبة العامة للفريق فقد إعتمدت على مباديء دراسة السلوك والسوابق. حيث وضعت الكفاءات التي تجد صعوبة في عمل الفريق في مناصب استشارية. وحيث تم الاحتفاظ ببعض أعضاء فريق بوش القادرين على التكيف مع منطلقات الادارة الجديدة. فإذا ما نظرنا الى تعقيد الملفات المطروحة على الادارة وصفتها الطارئة أمكننا استبعاد تأثير الاشخاص والعوامل الشخصية في ادارة أوباما. حيث الظروف الطارئة تفرض برمجة الطاقم وفق حسابات بعيدة عن العامل الفردي. وهذه البرمجة سوف تؤثر على مستوى الإنسجام داخل الفريق بما يبرر توقع إقالات وإستقالات وتجميدات وتغييرات سريعة في الطاقم وكذلك في السلوك المعهود لبعض أفراده. ومن هنا ضرورة استبعاد كل التوقعات التي تقوم على اساس معرفة السلوك السابق لأعضاء الادارة.


الــداخل الاميركي.


يقـوم نمط الحياة الاميركي على استبدال محركات الشخصية بقوالب او بانماط سلوكية محددة يمكن للاشخاص اعتمادها وتبنيها بمعزل عن الشخصية الاساسية. مما يحفظ للفرد عالمه الداخلي ويقولب تصرفاته وعلاقته بالآخرين وفق شروط محددة ومقبولة. وبذلك كانت الاقليات الاميركية تخوض كفاحها من اجل توسيع امكانيات انصهارها في البوتقة الاميركية. والسماح لها بإتباع هذه الانماط وتوفير الشروط لذلك. لكن تغييرات عميقة تنامت مع الوقت مدعومة بظروف الآحادية الاميركية بعد نهاية الحرب الباردة. ففي البداية كانت الجماعات الاميركية ساعية للانصهار. لكن بعضها كان يتميز بحس انتماء متطور جعلها تبقى مصرة للحفاظ على خصوصياتها. ومن هذه الجماعات اليهود (يصرون على الانغلاق بوصفهم الشعب المختار) والصينيون (بسبب تطور حسهم القومي). بالاضافة الى الفقراء المنعزلين في احياء الصفيح من لاتينيين وافارقة وغيرهم. الا ان الامور تعقدت بعد نهاية الحرب الباردة بحيث باتت فضائح الاستغلال اليهودي للحكومة الفيديرالية سبباً لانبعاث حركة الميليشيات الاميركية البيضاء (الآرية – النازية الجديدة) وتنفيذها لتفجير مكتب الاف بي آي في اوكلاهوما العام 1995. لكن هذه الحركات الآرية عادت للإصطفاف خلف ادارة بوش بعد حوادث سبتمبر وردود الفعل الاميركية الفاشية عليها. لكن فشل الفاشية الجديدة البوشية أعاد هذه الحركات الى الواجهة خاصة مع تولي أوباما “الملون” منصب الرئاسة. ومهما بلغت سذاجة محاولات اغتيال أوباما فانها تعكس موقف الآريين أوالنازيين الجدد من ادارته وهو موقف يستحق المتابعة. بل هو انطلاقة للإنشطار الأميركي على أسس عنصرية. كما ان فشل سياسات بوش وحروبه قد أيقظ عاملاً إنشطارياً آخر هـو “عقدة فيتنام” إذ أضيفت اليها “عقدة العراق” و”عقدة أفغانستان” بعد هوام تكرار كارثة 11 سبتمبر مما أحدث تغييرات عميقة في بنية المجتمع الاميركي وانماط علاقاته. ثم جاء إنفجار الأزمة المالية ليفقد الموزاييك العرقي الاميركية مادته اللاصقة الاساسية وهي الوفرة المادية. فهذه الوفرة هي المصلحة التي جمعت الأقليات العرقية الاميركية ووحدتها جاعلة من الرخاء المادي أساساً لنمط الحياة الاميركية. وبفقدان هذا الرخاء يفقد المجتمع الاميركي احد أهم عناصره الجمعية. خاصة بعد ان طال هياج بوش العسكري أصول ورموز الجماعات الاتنية والعرقية الاميركية. حيث عادى بوش الإسلام في حروبه المضادة للارهاب. وعادى العرب بحرب “الصدمة والترويع” التي تجاوزت العراق لترويع كل العرب. كما سجل بوش اولى نوبات هياجه ضد الصين في ابريل 2001 بتكثيف الطلعات التجسسية على الصين فكانت حادثة الطائرة الشهيرة. وما لبث ان احتل أفغانستان مهدداً التخوم المباشرة للصين في محاولة خنق جيوبوليتيكية لن تغفرها الصين. أيضاً فان هياج بوش لم يوفر اميركا اللاتينية وهو طال أوروبا عن طريق الإبتزاز الاقتصادي الذي قادها الى حالة إختناق إقتصادي عبر سياسة الدولار الضعيف والنفط الغالي التي اتبعها بوش في السنة الاخيرة من ولايته في محاولة لتأجيل انفجار الإقتصاد الاميركي الى ما بعد نهاية ولايته. وهذه الوقائع غذت الحنين الى الأصول لدى الجماعات الاميركية. وبذلك يتوضح تدريجيا عجز الذات الأميركية عن مكاملة وتركيب مجموعاتها الدينامية. اذ يزداد بروز عوامل الاختلاف بين هذه المجموعات حيث تتبدى اليوم الفوارق بين هذه المجموعات على الاصعدة المختلفة ( العرقية واللغوية والدينية والمذهبية والقومية …الخ). حتى امكن القول ان انفجار اوكلاهوما وقبله حوادث ليتل روك ولوس انجلوس وبعدها حوادث سينسيناتي لم تكن سوى مظاهر لبداية تفكك الذات الأميركية . على طريق تحويلها الى فتات من الأقليات المتنافرة. وهذا الملف الداخلي هو أكثر الملفات التي تواجه ادارة أوباما خطورة وهي تصل لغاية احتمال اغتياله شخصياً.


للإطـلاع على التحليل النفسي للشخصية الاميركية http://mostakbaliat.com/link36.html


العـودة للثوابت الاستراتيجية الأميركية.


وفق إعلاناته المسبقة يمكن التأكيد أن أوباما قرر العودة للثوابت الاستراتيجية الاميركية التي إنقلب عليها بوش. وهي محاولة إعادة تنظيم سياسية تعتمد مبدأ النكوص الى ما قبل الفوضى. وأولى خطوات هذا النكوص تكمن في التخلص من “مبدأ بوش” المعروف ب “الحرب الإستباقية” التي أكدت فشلها الذريع وعدم قابليتها للإعتماد كمبدأ إستراتيجي. ولعل أهم الإنقلابات الاستراتيجية لإدارة بوش هو خروجها التام على مبدأ الإحتواء و إستبداله بمبدأ إستخدام القوة العسكرية بالصورة المباشرة. وهو ما بينته الحرب العراقية المتناقضة تماماً مع السلوك الإستراتيجي العسكري لكل الإدارات السابقة. فقد تخلت هذه الحرب عن معظم الثوابت الاستراتيجية الأميركية في الحروب. ومن هذه الثوابت المتخطاة القيام بإعلان الحرب بدون الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي ورغم معارضة الناتو لها. بما يشكل تخطياً للاستراتيجية الجديدة للناتو إضافة للتخلي عن مبدأ إشراك الأصدقاء وتوريطهم في الحرب. كما تخطت مبدأ عدم خوض حربين متزامنتين (الحرب الأفغانية غير منتهية إضافة الى الأزمة الكورية المهددة والمحرجة) وكذلك مبدأ عدم خوض الحروب مفتوحة النهايات. إضافة لإغتصاب موافقة الكونغرس بصورة مساومة على الأمن القومي. وإستخدام أسلحة محرمة دولياً وأخرى جديدة ( الحرب القذرة غالية الثمن الاستراتيجي). والدخول في الصدام الحضاري الذي طالما تجنبته الإدارات السابقة.


وبما أن عملية النكوص تتم من الأحدث نحو الأقدم فان أوباما يركز على الخروج من حرب العراق بسبب فداحة ثمنها الاستراتيجي ومخالفاتها المذكورة أعلاه. وذلك بحيث يبدو ثمن الحرب الأفغانية ضئيلاً بالمقارنة معها. والإنسحاب من العراق سيتيح لإدارة أوباما إصلاح كل الأخطاء المشار لها أعلاه مع الحفاظ على المصالح الاميركية في العراق والمنطقة. وهو يقتضي عدم ظهور الانسحاب على شكل هزيمة عسكرية مباشرة أو غير مباشرة لأصدقاء واشنطن العراقيين بما قد يؤخر الانسحاب.


بالإنتقال الى انعكاسات النكوص السياسي على السياسة الخارجية الاميركية فانها تعني العودة الاميركية لسياسة الأحلاف. وتالياً العودة لقبول مباديء الشراكة وعدم تجاوز الحلفاء والأصدقاء ومصالحهم كما فعلت ادارة بوش. مع امكانية توظيف الازمة الاقتصادية لتحويل العدو من التهديد العسكري الى التهديد الاقتصادي. وهو ما تطل بشائره مع الاعلان في 23/12/08 عن تأسيس أوبك الغاز بمشاركة روسية لأطراف معادية مثل فنزويلا وايران. حيث جاء تصريح الرئيس بوتين حول نهاية عصر الغاز الرخيص هدية ثمينة ومقصودة للرئيس الاميركي الجديد. / للإطلاع على الإنقلابات الاستراتيجية لادارة بوش: http://www.albasrah.net/maqalat_mukhtara/arabic/1004/nablsi_211004.htm


عـودة القطبية ونهاية الآحادية الأميركية.


نجحت روسيا بوتين بالتسلل الى المشهد السياسي العالمي ببراعة الكي جي بي المعهودة. حيث أكدت المخابرات الروسية بقاءها على قيد الحياة بعد موت الاتحاد السوفياتي. وهي لعبت أدواراً متفاوتة على المسرح السياسي العالمي. حتى جاء الاعلان عن بروز القوة الروسية الصاعدة من جديد بمناسبة حرب جورجيا. ومعها الإعلان عن إستعداد روسيا لخوض حرب نووية للحؤول دون إكتمال مشروع الدرع الصاروخي الاميركي في أوروبا الشرقية. بما يجعل الولايات المتحدة عاجزة عملياً عن دفع الثمن الاستراتيجي لنشر صواريخها في أوروبا. وبالتالي نهاية المشروع الأساسي للرئيس بوش الإبن حيث من المؤكد أن ادارة أوباما ليست في وارد الإستمرار في هذا المشروع وتحمل أعبائه. علماً بان المشروع شكل أحد وجوه الإنفاق الرئيسية لإدارة بوش.


ونهاية الدرع الصاروخي تعني عملياً نهاية حلم إكمال السيطرة العسكرية الاميركية على العالم وهي بالتالي المدخل للعودة الى التعددية القطبية. بل هو بداية الإعلان عن فوز روسيا بموقع “القطب البديل” الذي إحتار الباحثون واختلفوا في تحديده. حيث توالت الترشيحات لهذا الموقع منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. فرشح الاتحاد الاوروبي والصين وروسيا والهتد لتفوز روسيا بالموقع بعد فراغ ملأته حروب بوش التي دعمت الصعود الروسي وحسنت فرص إستعادة القوة الروسية وسط أوهام النهايات الاميركية. حيث تشير العودة الروسية الى سذاجة هذه النهايات من نهاية التاريخ حتى نهاية القوميات وقبلها الايديولوجيات. فالعودة الروسية ترتدي ثوب القومية الارثوذوكسية المذهب. وهي سوف تشجع عودة القوميات وتدعم الإيديولوجيات الدينية في ظل أزمة مصيرية للبراغماتية الاميركية.


هذا وتشكل العودة الى التعددية القطبية العالمية سبباً إضافياً للعودة الاميركية الى سياسة الأحلاف. بل أن ترشيح الصين للإنضمام الى المشهد سيعيد لحلف الناتو مبرراته التي فقدها كحلف دفاعي عقب سقوط الاتحاد السوفياتي. وفي رأينا الشخصي ان الإنفتاح الاميركي لتوسيع نادي الدول الصناعية الكبرى وعقد قمة العشرين في واشنطن في نوفمبر الماضي هو إعلان ناجز عن نهاية الآحادية الاميركية. ويكفي لذلك ان نذكر إصرار واشنطن على إبقاء روسيا خارج هذا النادي لسنوات ومن ثم قبولها كمراقب حتى انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية.


وقف عمليات البحث عن عـدو.


لاحظ صموئيل هنتنغتون في مقالته “تآكل المصالح الاميركية” (1996) أن الولايات المتحدة ومنذ قيامها توجه مصالحها واستراتيجيتها في الاتجاه المضاد لاعدائها. فهي كانت تتوجه عكس القارة القديمة (اوروبا) لغاية الحرب العالمية الثانية عندما تحولت الى معاكسة للنازية ومن ثم لمعاداة الشيوعية. ويتابع هنتنغتون بأنها فقدت وجهة مصالحها بعد نهاية الحرب الباردة لانه لم يعد لديها اعداء توجه نفسها بالنسبة اليهم!. وفسر هنتنغتون قيام اميركيين بتفجير أوكلاهوما على انه بسبب فقدان العدو. إذ طرح السؤال عما اذا كان هذا الانفجار ليحدث لوكان لأميركا عدو ما؟. وبهذا أوضح هنتنغتون الثمن الذي تدفعه الولايات المتحدة بسبب خسارتها للعدو وبالتالي ضريبة وراثتها للعالم الحر. وفي رأينا ان هذه الوراثة كلفت الولايات المتحدة غالياً اذ حملتها وزر القاء قنبلتين ذريتتين على اليابان. ومعهما مشاعر الذنب وتوقع الانتقام ورهاب المحاكمة واحتمالات إنقلاب الادوار. الأمر الذي يجعل المواطن الاميركي غير مقتنع بانه يعيش في وطن نهائي. حيث بدأت التكاليف الباهظة للمحافظة على هذه الوراثة تتبدى مع حروب فيتنام وكوريا ومع تهديدات الحرب الباردة وغيرها من التكاليف التي ولدت عقدة فيتنام الاميركية. ومعها رفض الاميركيين للتضحية باولادهم من اجل مكاسب استراتيجية بعيدة عن الارض الاميركية. وعاد هذا الرفض فتجلى في حرب كوسوفو عندما ادرك كلينتون عجزه عن دفع الثمن الاستراتيجي للانزال البري في كوسوفو فرفضه. والواقع ان حرب كوسوفو أوضحت الفهم الاميركي لوراثة العالم الحر. والذي نلخصه بالمعادلة التالية: “التفوق العسكري الاميركي بتضحية اوروبية لحماية مباديء العالم الحر”. ومن الواضح ان اوروبا لم تكن موافقة على هذه المعادلة. وهي أبرزت رفضها لها عبر رفضها مشاركة بوش في حرب العراق مما إضطر الأميركيين لتقديم التضحيات البشرية تحت إصرار بوش على ممارسة فعلية للقوة. وها هي حروب بوش تعيد تفجير المخاوف الاميركية من الحروب ومعها مخاوف الصراع الخفي عبر تهديدات التجسس الروسي والصيني والاسرائيلي ومعهم تهديدات الارهاب الأميركي الداخلي الذي بات متعدداً بتعدد الجماعات المكونة للموزاييك الاميركي. فبالإضافة للإرهاب الآري هناك تهديد الكاثوليك اللاتين والاصولية الاسلامية اضافة لتهديد السود الذي قد يتصاعد لو أصابهم أوباما بخيبات باتت منتظرة. وكان الرئيس الاميركي نيكسون قد نبه لهذه المخاوف ولاحتمالات الخطر الفعلي فيها اذ كتب في مذكراته: … لو سألني مواطن أميركي عن البلد الذي يمكنه أن يضمن له مستقبلا مستقرا” لاولاده لنصحته باوستراليا!.


واليوم تقدم روسيا لأوباما عدواً جاهزاً ينقذ تآكل المصالح الاميركية بحسب وصف هنتنغتون وبالتالي يقلل من احتمالات الخطر الداخلي. كما سيكون باستطاعة أوباما وضع الحدود لسياسة التهافت على عداوة الاشخاص التي اعتمدها بوش. اذ حول العداوة الاميركية نحو أشخاص فبات مرشحي العداء للدولة الاعظم اشخاص مثل اسامة بن لادن وهيغو تشافيز وصدام حسين وغيرهم. وعليه فان الرئيس أوباما سيوقف البحث عن عدو لاميركا وسيتخلى عن عداوة الاشخاص. وهو ما يفسر انفتاحه على التفاوض مع كل عداوات الاشخاص بمن فيهم طالبان الإرهابية. وإن كانت المصادر تشير الى رغبته في تحقيق نصر ما على هذا الصعيد يساعده على اغلاق ملف عداء الاشخاص. وهو ما يفسر التوقعات الاستخبارية عن عمليات إغتيال قد تنفذه المخابرات الاميركية. سواء في فنزويلا أو كوريا الشمالية أو بوليفيا حيث بدأت المحاولات الاستخبارية قبل تسلم أوباما للحكم. وكأن بوش يسابق أوباما على هذه العمليات. وإن كان كلاهما يفضل الحصول على رأس بن لادن.


العـودة لسياسة الأحلاف.


كان تعديل استراتيجية حلف الناتو بتغييره من حلف دفاعي الى حلف هجومي في 26/4/99 بداية التراجع الاميركي عن العولمة والعودة لسياسة الأحلاف رغم انعدام وجود الحلف المقابل. ويقول التعديل بان من حق الدول الأعضاء ان تشن هجمات في مناطق أخرى من العالم في حال تهديد مصالحها. بما يعادل شيك على بياض لحروب اميركا. وهنا نذكر بأن التعديل حصل أيام كلينتون وكانت كوسوفو هي نموذج الحروب الاميركية. وعندما تحول النموذج من كوسوفو الى العراق اختلفت المعايير فخرجت إدارة بوش على حلف الناتو وشنت حربها دون موافقته. وبمعنى آخر فان حلف الناتو بات بحاجة لتعديلات وضوابط جديدة لإنقاذه من تجاوزات بوش. بما يقتضي عودة أميركية كاملة لسياسة الأحلاف. وهو ما يطرح السؤال عن الموقف الاوروبي من هذه العودة؟. وهو موقف مرتبط بمخالفات ادارة بوش لقواعد تحالف الناتو وللتفاهمات الاوروبية الاميركية في عهد كلينتون. حيث بدأ كلينتون نفسه بمخالفة إتفاقية الغات بدعمه لصناعة الفولاذ الاميركية ملحقاً الضرر بمثيلتها الأوروبية. ثم جاءت مخالفات بوش للإتفاقيات العالمية من اتفاقية كيوتو للمناخ لغاية المحكمة الجنائية الدولية. اما على صعيد حلف الناتو فقد تراجع بوش عن وعد كلينتون لأوروبا بتمرير إنشاء القوة الاوروبية للتدخل السريع ومنعها بقسوة ناعتاً أوروبا بالقارة العجوز. ثم جاءت تصرفات بوش المهينة للزعماء الاوروبيين في فترة الاعداد للحرب العراقية وبخاصة في اجتماع البرتغال. حيث اتخذ قرار الحرب في النهاية من خارج حلف الناتو وبعدم اكتراث اميركي بالحلف وبالشركاء فيه. وختم بوش عهده بسياسة اقتصادية قادت الاتحاد الاوروبي الى الاختناق.


المراجعة الاوروبية للشراكة مع الولايات المتحدة لا تشجع الاوروبيين على قبول العودة للتحالف معها. وهو الموقف الالماني المعلن في أكثر من مناسبة والممكن الإستشفاف من مواقف المانيا من محاولات التصدي للأزمة المالية العالمية. حيث اعلنت بصراحة رغبتها باستخدام قدراتها لانقاذ افتصادها بعيداً عن مشاريع التعاون الاقتصادي المقترحة. وبخاصة مشروع الرئيس الفرنسي ساركوزي لانقاذ الاقتصاد الاوروبي. حيث تتبدى وجهة المصالح الالمانية مخالفة لوجهة المصالح الفرنسية الميالة للدخول في حلف اميركي جديد او متجدد يدعم مصالحها في شمال افريقيا وطموحها للعودة الى واجهة السياسة العالمية ولو عبر تكليفها بمهام محددة. وهي مسائل بعيدة عن الاهتمام الالماني. خاصة وان الحلف المتجدد سيكون على حساب الاتحاد الاوروبي ومصالحه. وفي النهاية فان مصالحات أوباما للأوروبيين لن تنتج تعديلاً وفاقياً ناجحاً لاستراتيجية الناتو كذلك الذي حصل عليه كلينتون في العام 1999.


للإطلاع على إنبعاث سياسة الاحلاف: http://www.mostakbaliat.com/link82.html


إعـادة إنتاج المنظمات الدولية والإقليمية.


بعد سقوط الاتحاد السوفياتي إعتمدت الادارة الاميركية مبدأ إضعاف المؤسسات الدولية والاقليمية لتأمين بسط سيطرتها الآحادية الجديدة. وهو ما إنعكس في إتمام السيطرة الاميركية على الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ومؤسساتهما. لغاية بدء المطالبة الاميركية بتعديل قوانين مجلس الامن بما يتوافق والواقع العالمي الجديد. وإنتقل المبدأ الى المؤسسات الاقليمية حتى حرمت جامعة الدول العربية من مجرد دور وساطة شكلي في مسألة الانسحاب العراقي من الكويت قبيل حرب تحريرها. وجاء الحضور العسكري الاميركي في المنطقة عبر إحتلال العراق ليطرح ضرورة التخلص من هذه المؤسسات ومعها إنهاء اية سيطرة للقوى الاقليمية. حيث تعرضت هذه القوى للتهديدات الاميركية وصولاً للتهديد بتقسيم السعودية الصديقة. وفي الاطار كان استصدار قرارات أممية بالانسحاب السوري من لبنان وفتح الملف النووي الايراني وأيضاً قلمت أظافر السعودية في الخليج عبر اقامة واشنطن لعلاقات ثنائية مباشرة مع دوله. حيث تم تحويل البحرين الى مملكة مقابل قاعدة للأسطول الاميركي الخامس. مع إستضافة قطر قاعدة العيديد الاميركية مقابل حمايتها من السعودية وغيرها من التدخلات الاميركية المباشرة في الخليج على حساب السعودية. ومع تعقد الوضع في العراق تمكنت السعودية من استرداد بعض نفوذها تدريجياً عبر التبني الاميركي لزعامتها لمجموعة الاعتدال العربي كما عبر دعم نفوذها في لبنان والعراق وفلسطين. وفي هذا الوقت تم تدجين الجامعة العربية بعد تحجيم الدور المصري الاقليمي. في حين تصاعدت الضغوط الاميركية والاقليمية ضد المحور السوري الايراني. وهكذا فان قرار الانسحاب الاميركي ،ولنقل التراجع، في العراق يستتبع اعادة الامور الى نصابها ما قبل احتلال العراق. وهو ما يعني عودة المؤساات الاقليمية ولكن وفق معادلة التدجين الجديدة. وكذلك عودة القوى الاقليمية وفق المعادلة نفسها. وهو ما يمكن السعي اليه بعقد صفقات اميركية منفردة مع القوى الاقليمية. وان كان هذا السعي يتعرقل بعدم امكانية فك التحالف السوري الايراني.


وعليه فان اعادة انتاج المؤسسات الاقليمية وإقامة مؤسسات جديدة وفق معادلة مناسبة للمصالح الاميركية ستكون احد اهداف الادارة الاميركية الجديدة. وفي رأينا ان مؤتمر حوار الاديان المنعقد في الامم المتحدة بحضور اسرائيلي ان هو الا محاولة لسبر امكانيات إقامة مؤسسات اقليمية من نمط جديد غير مألوف في المنطقة. ليبقى الاهم العمل لإبقاء كل مشاريع منظمات التعاون الإقليمي تحت السيطرة الأميركية. اما بالنسبة للمؤسسات الدولية فهي سوف تستعيد آلياتها المعتادة بعد العودة الى نظام التعددية القطبية. للإطـلاع على مستقبل الدور الاميركي في الشرق الاوسط http://mostakbaliat.com/damasmea.html


تجاوزات الضرورة والجرائم المبتكرة.


تجاوزات الضرورة تطرح احتمال لجوء المخابرات الاميركية الى الأسلوب الذي إعتمدته في تشيلي في السبيعينيات حين واجهت واشنطن الاختراق الشيوعي لحديقتها الخلفية عبر انتخاب سلفادور الليندي. الذي واجهته المخابرات الاميركية بسلسلة من العمليات القذرة التي أحرجت النظام الاميركي. وبمقارنة الخطر الذي يتعرض له مئات آلاف الجنود الاميركيين في العراق وافغانستان مع الخطر الشيوعي في اميركا اللاتينية نجد ان العمليات المخابراتية القذرة مرشحة بقوة للعودة للإعتماد تحت ذريعة “تجاوزات الضرورة”.


ان القراءة الدقيقة لما يتسرب عن مراكز الدراسات الاميركية يوحي بتنامي احتمالات إعتماد الحرب السرية لتعويض تعليق القوة العسكرية وفق استراتيجية الادارة الجديدة. وبالنظر الى تعاظم احتمالات تعرض المصالح الاميركية في المنطقة ،وبخاصة القوات الاميركية في العراق وأفغانستان، لضربات كبيرة فان الاستعدادت يجب ان تعتمد مبدأ تجاوزات الضرورة مع اللجوء الى الجرائم المبتكرة لمواجهة هذه الأخطار عبر الحرب السرية. حيث يمكن لاسرائيل تقديم خدمات من الدرجة الاولى في هذا المجال.


وبالنظر الى غموض معالم هذه الحرب السرية فاننا نستدل عليها من خلال مراجعة فصل الاغتيالات في الحرب السرية الاميركية خلال السنوات الاخيرة. ويضم الملف محاولات اغتيال والرئيس البوليفي والرئيس الكوري الشمالي في ديسمبر 2008 وقبلها محاولة اغتيال هاشمي رفستجاني في تفجير شيراز والمحاولات المتكررة لإغتيال الرئيس الفنزويلي تشافيز.


لكن هذا النمط من العمليات مورس ايام بوش وتكشف عن فضائح كثيرة منها مؤجل الكشف الى ما بعد خروج بوش من البيت الأبيض. وعليه فان العمليات القذرة القابلة للتنفيذ في عهد أوباما يجب ان تكون اما من نوع الجرائم المبتكرة وإما من نوع الجرائم البدائية. والاكثر خطورة ان ادارة أوباما قادرة على اشعال النزاعات الاهلية في المناطق الحساسة بما يعطيها ورقة اضافية بالمساومة على اشعالها.


الأزمـة العراقية.


شركاء واشنطن في حرب العراق كثر وبعضهم متورط مباشرة مثل بريطانيا والدول المشاركة في الحرب. وبعضهم تورط بصورة غير مباشرة مثل الكويت التي دخلت قوات التحالف عبرها. كما تورط البعض بالواسطة مثل ايران التي قدمت التسهيلات لإحتلال العراق بصفتها مستفيدة من اسقاط نظام صدام والانتقام منه. وايضاً السعودية التي تدخلت عبر العشائر العراقية لإنشاء الصحوات في مواجهة القاعدة العراقية. وأخيراً هنالك المتورطون بمفعول رجعي مثل فرنسا التي دخلت متأخرة في البازار العراقي. وعليه فان واشنطن ليست وحيدة في ورطتها العراقية. فهذه الدول مجبرة بطريقة أو بأخرى على مساعدة واشنطن للخروج من العراق بالصورة المناسبة للمصالح الاميركية.


وبالاضافة لهذه الأوراق الاستخبارية العسكرية تملك ادارة اوباما في العراق أوراقاً جيوبوليتيكية. حيث قيام الدولة الكردية يشكل كارثة بالنسبة لتركيا وايران وسوريا. وهو قد يغري تركيا باجتياح شمال العراق الكردي وتخليص اميركا من أعبائه والتزاماتها فيه. اما قيام دولة الجنوب العراقية الشيعية فهو كارثة لدول الخليج التي تعدم قيام اقاليم متعددة وغير متجانسة في الجنوب لتجنب قيام الدولة الشيعية الواحدة.


كما ان النزاعات الاهلية العراقية باتت جاهزة للتفجير بين الاطراف التالية: المقاومة العراقية الصافية للأميركيين والمقاتلين العرب في العرق والميليشيات المدعومة من ايران وميليشيا الصدر ذات الميل العروبي المعارض لتفريس العراق وأخيراً القوى العشائرية المدعومة من السعودية.


وهكذا إختار اوباما تصفية تركة بوش العراقية أولاً لملكيته الكافي من الأوراق بخصوصها. فهو يملك ورقة الاتفاقية الأمنية وينتظر ورقة قانون النفط والغاز الذي يتيح للشركات الاميركية السيطرة على النفط العراقي. كذلك فهو يعطي للمخابرات فرص دفن التجاوزات وفضائح التعذيب والانتهاكات الانسانية التي ارتكبتها قواتهم في العراق. ليبدأ بعدها مفاوضاته مع ايران بخطوة ارسال وزيرة خارجيته ومع سوريا بزيارته لها تمهيداً لصفقات مقبولة معهما. وبعدها يصبح مؤتمر الجوار العراقي مدعوماً بالخبرة الاميركية مسؤولاً عن ايجاد التفاهمات الاقليمية لحل المسألة العراقية بالتفاهم بين دول الجوار وفروعها العراقية. وهو ما يشبه الى حد بعيد الحلول اللبنانية. على ان تبقى القوات الاميركية ضامنة لوحدة العراق لحين اتمام هذه التفاهمات. ومن غير المتوقع تمامها في مهلة الثلاث سنوات التي تحددها الاتفاقية.


الأزمـة الأفغانية.


بدأت المخابرات الاميركية خطوات نقل تجربة الصحوات العراقية الى افغانستان بتسليح القبائل الأفغانية. وتأتي الخطوة بعد شكوى كرزاي في مقابلة لصحيفة اميركية من لجوء القوات الاميركية الى العصابات المحلية لتنفيذ عملياتها القذرة. وهو ما لم تعد هذه القوات تنكره بعد التاكد من عجزها عن الحسم العسكري في أفغانستان. كما أن التهديد بتقسيم أفغانستان يوازي ورقة التهديد بتقسيم العراق وهي في مقدمة الاوراق التي ستوظفها دبلوماسية أوباما كمدخل للحل الأفغاني. لكن فريق أوباما بتركيبته المدروسة قد لا يصمد امام التجربة الأفغانية. ذلك ان أوباما يسجل عودة لسياسة كلينتون بتجنب استخدام اسلحة ذات ثمن استراتيجي. في حين تتركز خطط وزير الدفاع غيتس على إستخدام ذخائر من اليورانيوم المشبع وحتى قنابل نووية ميدانية في افغانستان. إذ انه من المعلوم ان غيتس يؤيد حتى استخدام القنابل النووية الميدانية لضرب مواقع طالبان والقاعدة. وهو تغير نوعي يجب ان يرافق خطة زيادة القوات ليدعمها. وهنا يتوقع الخبراء نشوب خلافات حادة بين أوباما وغيتس بعد فترة قصيرة من تولي اوباما مهامّه الرئاسية. وهو ما يفتح احتمالات حدوث تغييرات مبكرة في ادارة أوباما. ووفق البراغماتية الاميركية المعهودة فان هذه التغييرات ستتيح للإدارة الأوبامية التراجع عن الكثير من خططها ووعودها المعلنة. وهذا يعني إضطرار أبواما للجوء الى الجنرالات الذين عارضوا الهياج العسكري لبوش. أو ربما الى العسكريين النادمين التائبين من أمثال كولن باول.


بالإنتقال الى صعيد الهوامات المخابراتية ونقول هوامات لأن المخابرات تطرح دائماً الحلول غير المألوفة لمعرفتها أن نصيحتها لاتطلب الا بعد نفاذ الحلول المألوفة. ومن هنا إحتواء الحلول الاستخبارية على جرعة من الخيال واللامألوف الذي يبرر تسميتها بالهوامات. والهوام الأميركي في أفغانستان يقوم على اعادة احياء التحالف مع طالبان ،والقاعدة ضمناً، شرط تحويل مسرحها من المنطقة الاوردية الى القوقاز الروسي. وتتحدث هذه الاوساط الاستخبارية عن سمكة كبيرة تكون ثمناً لهذه الصفقة. وتطرح تحديداً تضحية القاعدة بأيمن الظواهري لإتمام هذه الصفقة.


الحـرب على الإرهاب.


بروز روسيا على المسرح العالمي وتهديداتها التسليحية والعسكرية المباشرة اضافة لمطالبها المحددة ومناطق نفوذها المطلوبة تستتبع أول ما تستتبع الغاء التعريف الاميركي للعديد من المصطلحات وفي مقدمها تعريفات الديمقراطية وكذلك الارهاب. فالارهاب لن يعود كل عمل يضر بالمصالح الاميركية. بل سيتشطر هذا التعريف الى ارهاب يضر بالمصالح الاميركية وارهاب يضر بالمصالح الروسية. والخلاف بين القطبين سيمنع توحيد مفاهيم المصطلحين. وبذلك يميل التعريف الاميركي للارهاب الى انه العنف ضد مباديء الحرية والديمقراطية الاميركية المفهوم. اما التعريف الروسي للإرهاب فهو سيستوحي مفاهيم التحرر والثورة على الاضطهاد.


هذا الانشطار وانقلاب المفاهيم المصاحب له سيحول الحرب الاميركية على الارهاب الى نوع من الكاريكاتور بسبب نشوء مرجعيات محددة ومعروفة داعمة لكل نوع من أنواع الارهاب. وهكذا ستسعى كل جماعة تسمى اليوم بالارهابية للإنضمام الى احد التعريفات المستجدة التي تخرجها من تصنيف الارهاب وتضعها في جبهة مقابلة للعدو المفترض. اما المنظمات الارهابية غير العقائدية فهي ستجد طريقها للشرعنة بالانحياز الى احد الأطراف. وهنا لا بد من التذكير بالتحالف الذي دام على مدى عقود بين المخابرات الاميركية ومنظمة المافيا.


المـواجهة مع إيـران.


سبق القول ان تضخيم الملف النووي الايراني جاء نتيجة الحاجة الاميركية لإحتواء القوى الاقليمية المؤثرة والحد من نفوذها. وهنا لا بد من مراجعة تهمة اسلحة الدمار الشامل المفبركة التي بررت حرب العراق. وعليه فان مقاربة الملف النووي الايراني لا بد لها من ان تأخذ في الاعتبار أنه مجرد واجهة لصراع المصالح الاميركية الايرانية في المنطقة. وان خلفيات الملف بعيدة عن الموضوع النووي. وهو ما تبدى واضحاً لدى ظهور التقرير الاستخباري المؤكد لعدم ملكية ايران للسلاح النووي ولتأخر قدرتها على انتاجه. وبمراجعة ظروف صدور هذا التقرير وانعكاساته ندرك ضآلة الموضوع النووي قياساً الى موضع المصالح. فتعقيد المسالأة الإيرانية يعود لتعقيد العلاقات الاميركية الايرانية مضافاً اليها مستجدات التنافس السعودي الايراني على النفوذ في المنطقة. والطرفان مستعدان لتقاسم هذا النفوذ وفق المعادلة التي سادت أيام شاه ايران. ومن هنا سعي أوباما للحوار مع ايران وفق استراتيجية صفقة متدحرجة تعيد تقاسم النفوذ الايراني السعودي وفق معادلة جديدة. ولعل ملف الشيعة العرب أعقد ملفات هذه المعادلة.


مهما يكن فان اعتماد سياسة الامتناع عن دفع أثمان استراتيجية وعدم استخدام اسلحة استراتيجية المعتمدة من أوباما انما تؤكد نهاية التهديد بضربة عسكرية لايران. سواء مباشرة او عن طريق اسرائيل وغيرها.


المـواجهة مع روسيا.


العودة الى ما قبل ولايتي بوش وهياجه تبين عدم رغبة روسيا في أية مواجهة تعيق طموحاتها المتحولة الى قومية والمقتصرة على اعادة إحياء روسيا القيصرية. وإستيعاب الآثار الجانبية السامة لسقوط الاتحاد السوفياتي وتخطي الفقر الناجم عن سياسات المرحلة الشيوعية. ولعل أخطر ما واجهته الطموحات الروسية خلال النصف الثاني من العام 2008، هو بداية الأزمة المالية واستفحالها، وما حملته من تساؤلات عن قدرة الشعب على الاحتمال. أزمة قد تبدّد الانتصار الروسي في حرب جورجيا، على الأقل لناحية حماية مصالحها، بانتظار عودة فلاديمير بوتين للرئاسة.. وكما قال بوتين في إحدى مقابلاته التلفزيونية: «لقد عدّوا يوماً ما ياسر عرفات إرهابياً، ثم منحوه في النهاية جائزة نوبل للسلام! معنى ذلك أن كل شيء ممكن، وعلينا التحلّي بالصبر».. ويمكن القول إن خلفية الحرب كانت عبارة عن مواجهة أميركية – روسية. فبسيطرة جورجيا، حليفة الولايات المتحدة، على أوسيتيا الجنوبية، تكون واشنطن قد نجحت في الاقتراب أكثر من الفضاء الروسي، الأمر الذي تراه الأخيرة خطاً أحمر.. واعترف بوتين بأن «الاقتصاد الروسي لا يعاني عواقب انهيار النظام المالي العالمي فحسب، بل من الانخفاض الحادّ لأسعار سلع التصدير الأساسية الروسية، مثل النفط والغاز والمعادن والمنتجات الكيميائية». وخلال الشهرين الماضيين، صدّق مجلس الدوما على طرح مدفيديف، تعديل الدستور وتمديد ولاية الرئيس من أربع إلى ست سنوات، خطوة تمهّد لعودة بوتين إلى سدة الرئاسة خلال عام على الأكثر، بحجة أنه الأقدر على التصدي للأزمة الاقتصادية. توجد نكتة قديمة في روسيا، بعنوان «القادة السوفيات على قطار». حين توقف القطار فجأة، أطلق ستالين النار على المحرّك، وظل القطار يمشي. بريجينيف أمر رجاله بإغلاق النوافذ وهز القطار ليثبت أنه لا يزال يتحرك. أما بوتين، فلن يدّعي أن القطار لا يزال يعمل، بل سيكتفي بتقديم المال للركاب، لإسعادهم. في المقابل فان روسيا بوتين لن تُدافع عن أيديولوجية سياسية أو اقتصادية أو فلسفية، بل ستُدافع عن القومية الروسية والأمة الروسية، ووجود روسيا ذاتها. فعندما سقطت أيديولوجية الاتحاد السوفيتي الماركسية لم تسقط الأمم، بل سقطت الأيديولوجيا فقط. وتشير نظرية الإستقراء التاريخي الى احتمال معاودة انبعاث الايديولوجيا بعد جيلين. وهي نظرية وجدت تطبيقها في الفاشية مثلاً. حيث نشهد اليوم انبعاث الفاشية الجديدة. ومهما يكن فان روسيا لا تستند فقط الى طموحات نظرية او معطيات سياسية بل هي تستند أيضاً الى قوة عسكرية وملفات علاقات تاريخية لا يمكن بحال تجاوزها. وهي ستطرح نفسها بقوة خلال السنوات القادمة. وهو حضور سيتدعم العام 2015 باكتمال مسيرة التنمية الصينية واستعداد الصين في حينه للدخول الى مسرح السياسة الدولية في حلف مع روسيا يجد هيكليته غير المتشكلة Amorphe بعد عبر “تحالف شنغهاي” الاقتصادي.


الأوبـامية الجـديدة.


الفشل يتيم ومرحلة بوش كرست فشلها ويتمها مما يضع العالم في كادر معاكس تماماً للكادر الإفتراضي لو نجحت مخططات بوش ومنها تنفيذ تهديد هنري كيسينجر في السبعينيات حول إحتلال منابع النفط. أمام هذا الواقع فإن مسؤولية أوباما تتجاوز التعامل مع الواقع العالمي المستجد الى إصلاح أخطاء إدارة بوش وفي مقدمها جرعات العداء لأميركا التي بررتها تصرفات هذه الإدارة وسلوكها في السياسة الخارجية.


لا بدّ أولاً من التذكير بأن صناعة القرار الخارجي في الولايات المتحدة فعل مؤسّساتي لا فعل شخص واحد هو شخص الرئيس. لجان الكونغرس والأمن القومي، إضافة الى مجلس الأمن القومي ووزارتي الخارجية والدفاع ووكالة المخابرات المركزية، إضافة الى الهياكل ذات الطابع غير الرسمي، كمراكز الدراسات، تلعب دوراً في توجيه السياسة الخارجية عبر مراكز الضغط وجماعات المصالح وأبرزها جماعات المجمّع الصناعي العسكري الأميركي وجماعات اللوبي الإسرائيلي. والديمقراطيون كما الجمهوريين حريصون على تكريس السيطرة الأميركية على العالم، ولكن الخلاف يتركّز على طرق التعامل مع الفرص والمخاطر معاً. وتتركّز هذه الطرق داخل الكونغرس، وداخل مراكز الضغط قبل أن تصل الى السلطة التنفيذية. والملفّات المطروحة بقوّة على الفريق الأوبامي الجديد هي: ملف أفغانستان، ملف العراق، ملف الهند وباكستان، الملف النفطي، ملف كوريا الشمالية، بالاضافة الى الملف الاقتصادي ـ المالي وملفّات التجارة العالمية، والنظام النقدي العالمي، وضبط التسلّح وانتشار السلاح النووي، وقضايا البيئة والمناخ… وما إليها. ومن الواضح حتى الآن، أن الادارة الأميركية الجديدة سوف تنتهج سياسة مغايرة في مقاربة هذه الملفّات، لكنها سوف تلتزم، مثلها مثل الادارات السابقة جميعها، بالخطوط الاستراتيجة العريضة ومنها وضع أمن إسرائيل قبل أي اعتبار آخر. خاصة وان الانسحاب العسكري الاميركي من المنطقة يعيد احياء الدور الوظيفي لإسرئيل كخط دفاع أميركي اول في المنطقة.


على المدى القريب أو المباشر فان جملة إصلاحات شكلية تفرض نفسها على أوباما دون ان تحدد ملامح استراتيجيته المعتمدة. وهذه الخطوات والإصلاحات هي:


1- إغلاق معتقلات التعذيب الأميركية: حيث كشف أوباما عن تغييرات هيكلية في السياسة الخارجية الأميركية عموماً وفي مسار الحرب الأميركية على الارهاب تحديداً. مشيراً لعزمه على اغلاق معتقل غواتنانامو الذي يضمّ 250 سجيناً تسبّب حتى الآن باستياء عالمي كبير من وسائل التعذيب الاميركية. كما جاء الكشف عن الانتهاكات التي يتعرّض لها السجناء في «أبو غريب» مايو 2004 وتسرّب معلومات حول وجود سجون سرّيّة تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في العالم ليزيدا صورة اميركا سواداً. وسيكون إغلاق المعتقل وإخضاع من فيه لمحاكمة عادلة خطوة أوبامية في الاتجاه الصحيح.


2- إغلاق الملفات الفاسدة في السياسة الخارجية: حيث تتّفق وزيرة الخارجية كلينتون مع أوباما على ضرورة سحب القوّات الأميركية، أو معظمها، من العراق، وعلى ضرورة إنهاء هذه الحرب. ورغم اختلاف هيلاري عن أوباما حول طريقة التعامل مع إيران فإن التحاور مع إيران وكوبا وسوريا يشكّل جزءاً أساسياً من استراتيجية الادارة الجديدة، قبل أن تتقرّر الخطوة التالية، أي خطوة ما بعد الحوار، وهنا يبدو التوافق قائماً حول ضرورة منع إيران من امتلاك أسلحة نوويّة تهدّد إسرائيل، والدفاع عن إسرائيل في حال تعرّضها لأي خطر إيراني. وتتّفق هيلاري مع الرئيس الجديد على أن أفغانستان هي الجبهة الأولى للحرب الأميركية على الارهاب، وعلى حشد المزيد من القوّات هناك لهذا الغرض، ومن ضمن مقترحاتها تعيين مبعوث خاص للتحرّك بين كابول وإسلام آباد لمساعدة البلدين في القضاء على التمرّد المسلّح الذي يتمثّل في طالبان و«القاعدة». لكن الذين عملوا مع هيلاري عندما كانت سيّدة البيت الأبيض، وبصفتها سيناتوراً في مجلس الشيوخ، يؤكدون أنها سوف تبحث عن حلول عملية لقضايا السلام في الشرق الأوسط، وبرنامج إيران النووي، ومستقبل العراق السياسي، ومشاكل أخرى سوف تواجهها العام 2009. ويقول إيفان باي السيناتور الديمقراطي عن ولاية إنديانا: أول ما تحتاج الى معرفته عن هيلاري كلينتون هو أنها براغماتية وأنها تبحث دائماً عن الحلّ الناجح. إنها تؤمن بالمساعي الديبلوماسية والحلول متعدّدة الجوانب، لكنها لن تتورّع في استخدام القوّة عندما تكون القوّة الفرصة الوحيدة لحماية أمن الولايات المتحدة القومي.


3- إنهاء عسكرة السياسة الخارجية: حيث تضخمت صلاحيات البنتاغون وتدخله في السياسة الخارجية وصولاً لإنشاء جهاز مخابراته الخاص. وقد وعد أوباما بانهاء عسكرة السياسة الخارجية التي أساءت للولايات المتحدة. عبر اعتمادها الحلّ العسكري بدلاً من القوّة الناعمة في معالجة الأزمات الدولية. والمسألة تختصر في تحويل السياسة الخارجية من طابعها الهجومي الى تفعيل الدور الديبلوماسي الأميركي والمساعدات الاقتصادية وإعادة الاعمار، فضلاً عن عمليات التدريب لأغراض التنمية. إذ رتّب الأسلوب العسكري خسائر فادحة، اقتصادية وأخلاقية معاً على مستوى الداخل الأميركي، كما أوجد كمّاً كبيراً من الكراهية للولايات المتحدة في العالم كلّه. مع الاحتفاظ بقوّة محدودة لمواجهة الأخطار المستقبلية الناتجة من العمليات الارهابية.


وهذه التغييرات معدة لإعلان احتفالي ودعائي يهدف لتحسين صورة اميركا في العالم ولتشجيع إعادة التجمع حول الرئيس الجديد بصفته عقلاً مغايراً لعقل بوش. ولكن ماذا عن استراتيجية اوباما في مواجهة التحديات؟. والإستحقاقات أمامه كثيرة ومتفجرة. فهل يقف أوباما عند حدود التخلي عن استراتيجية الفوضى البناءة الفاشلة في دول القوقاز وفي اوروبا الشرقية حيث عادت الاحزاب الشيوعية للحكم وفي الدول العربية حيث خلفت دولاً فاشلة في العراق ولبنان وفلسطين. وهو ما يعني العودة الى الفوضى التقليدية والتهديد بها كبديل للتهديد بالتدخل العسكري الاميركي. حيث يمكن اعتبار حرب اسرائيل على غزة نموذجاً لفوضى أوباما الجديدة. فهنالك انقسام فلسطيني يصل الى حدود الحرب الأهلية. وفي تكرار لتحالف فريق لبناني مع اسرائيل والاستعانة بها لتحقيق اجتياح لبنان العام 1982 جاءت محاولة اجتياح غزة محاولة لإختبار تكرار تجربة الاجتياح اللبنانية. وهذه الفوضى التقليدية يمكنها تهديد الداخل في قائمة طويلة من الدول العربية وغيرها بدون أي تدخل عسكري اميركي. بل انها تحول هذا التدخل الى انساني على غرار تدخل المارينز في لبنان العام 1981 فهل هذا فعلاً ما يمكن توقعه من بشرى الرئيس الاسود الاول في اميركا؟.


http://www.mostakbaliat.com/?p=7219

د. محمد احمد النابلسي


رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية

ملاحظة تم نشر هذا المقال في 20 ابريل 2009

من المواقع التي تناقلته :

اخبـار العالم: http://www.akhbaralaalam.net/news_detail.php?id=23016


وايضاً:http://saudiwave.com/index.php?option=com_content&view=article&id=850:2009-04-20-12-40-55&catid=78:2008-12-02-09-01-31&Itemid=149


موقع دردشات: http://www.dardashchat.net/vb/showthread.php?t=2969

من الصحافة الاسرائيلية


تحدثت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم عن انعكاسات التصعيد الأمني في جنوب فلسطين المحتلة فقد رأت بعض الصحف أن هناك احتمال شن حملة عسكرية برية على القطاع، بينما وجد البعض الآخر أن المهمة لن تكون سهلة على إسرائيل في الأخص مع توحد الصفوف بين حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى.

وفي هذا السياق هددت مصر بإعادة سفيرها من إسرائيل إذا أقدمت الأخيرة على رد عسكري في قطاع غزة، وقالت الصحف إن الرسالة التهديدية المصرية جاءت على أثر تحذيرات الدوائر الأمنية للفلسطينيين من القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة لوقف الاعتداءات الصاروخية.



معاريف

- مصر تهدد بإعادة سفيرها من إسرائيل إذا أقدمت إسرائيل على رد عسكري في قطاع غزة.

- الرسالة التهديدية المصرية جاءت على أثر تحذيرات الدوائر الأمنية للفلسطينيين من القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة لوقف الاعتداءات الصاروخية.

- أكثر من 130 صاروخا وقذيفة أطلقت باتجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية في النقب الغربي منذ مساء يوم السبت الأخير.

- رئيس الحكومة الحمساوية هنية يقول للوفد المصري الذي يزور غرة إنها بداية النضال المصري من أجل تحرير القدس.

- تقديرات إسرائيلية تشير إلى أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت سوف يعلن حتى نهاية هذا الأسبوع عن تنافسه في الانتخابات العامة.



هآرتس

- الفصائل الفلسطينية في غزة مستعدة للتهدئة.

- وزير الداخلية يشاي طالب باستعادة المصاريف القضائية عن ملف حريق جبل الكرمل لكن بحجم يزيد 16 ضعفا المبلغ المسموح به.

- تسيبي ليفني أبلغت مقربيها أنها لن توافق على إدراجها في المكان الثاني في قائمة يترأسها إيهود أولمرت.

- وزير المالية شتاينيتس يعترف بأنه أخفى معلومات عن زيادة الأموال المخصصة للمستوطنات.



يديعوت أحرونوت

- ملتقى الوزراء التسعة يلتئم اليوم لبحث الرد الإسرائيلي على الهجمات الصاروخية.

- ثمن عملية عسكرية على غزة قد يكون إطلاق الصواريخ على المدن المحيطة بتل أبيب.

- دبابات إسرائيلية من نوع "مركباه" أطلقت قذائف على العناصر التي تقوم بإطلاق القذائف من الجانب السوري.



كتب يعقوب لابين تحليلا في صحيفة جيروزاليم بوست بعنوان "من الاغتيالات إلى الهجمات البرية"، قال فيه إن أي رد من الجيش الإسرائيلي، يجب أن يليه حذر شديد من الهجمات الصاروخية بعيدة المدى على تل أبيب، وقال الكاتب إن أمام الجيش الإسرائيلي مجموعة واسعة من الخيارات، منها تصعيد ردها على استمرار إطلاق الصواريخ الفلسطينية على جنوب إسرائيل، أو اقتصار رد الجيش على الغارات الجوية وإطلاق الصواريخ على الخلايا الموجودة على الأرض.

ويمكن للضربات الجوية أن تستهدف شخصيات في داخل حماس والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية "والمجموعات الإرهابية الأخرى"، وبدلا من الانتظار لإطلاق الصواريخ، يمكن أن نقوم بعمليات الاغتيال التي تستهدف هؤلاء القادة، وهذا ما يضع قادة الفصائل الإرهابية تحت الضغط، ويؤدي إلى استثمار طاقتهم وعدم منحهم الوقت لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وتابع الكاتب انه لسنوات، وضعت قيادة الجيش الإسرائيلي لائحة من مئات الأهداف في غزة، وتشمل هذه الأهداف المباني الرسمية وممتلكات حماس، مثل المكاتب الحكومية ومراكز الأعصاب، ورأى الكاتب أن المرحلة القادمة ستنطوي على هجوم بري محدود في غزة - والجيش الإسرائيلي درب نفسه على هذا السيناريو لسنوات.

وأضاف الكاتب: " في "الرصاص المصبوب 1 " حماس والفصائل لم تكن مترابطة كما الآن، ومن المرجح أن تكون أكثر استعداد للهجوم البري، وسوف يواجه الجيش الإسرائيلي تفجيرات الأنفاق والمباني المفخخة والقناصة ومراكز القيادة تحت الأرض.

ومن شأن أي هجوم في المستقبل أن يضع الجنود في خطر أكبر، ويمكن أن يكون له انعكاسات إقليمية رئيسية - بما في ذلك تعريض معاهدة السلام مع مصر للخطر.
تقرير خاص هل اقتربت ساعة اندلاع حرب مع سوريا وحزب الله؟
9-11-2012

مركز الناطور للدراسات والابحاث

على ضوء مسلسل التصعيد في داخل سوريا وعلى حدودها مع إسرائيل وكذلك ارتفاع في حدة الخطاب الأمني الإسرائيلي ضد حزب الله ثم بالتالي ضد إيران بات ممكنا أن يتحول هذا التصعيد إلى مواجهة بوابتها مواجهة سورية إسرائيلية وامتداداتها مواجهة مع حزب الله وخواتيمها حرب ضد إيران.

واحد ممن يوصفون بأهم الأدمغة الإستراتيجية في إسرائيل الجنرال جيورا إيلاند الذي عمل مستشارا للأمن القومي وكبير الباحثين الإستراتيجيين في معهد أبحاث الأمن القومي يطرح تشخيصا لهذا الوضع.

يقول إيلاند: يكفي أن تسقط عدة قنابل أو صواريخ أو تخترق طائرة سورية أو حوامة الحدود في الجولان حتى تفرط السيطرة من بين يد الجميع.

وأضاف: ظهرت أولى إشارات هذا الخطر عندما اجتازت دبابات سورية المنطقة المعزولة واقتربت طائرات سورية من الحدود الفاصلة وسقطت عدة قنابل هاون على الجانب الإسرائيلي ثم توالت هذه الإشارات ممثلة في إرسال تعزيزات سورية إلى القنيطرة.

حديث الجنرال إيلاند جاء في نطاق محاضرة نظمها مركز أبحاث الأمن القومي يوم الأحد 4 نوفمبر وحضرتها قيادات أمنية وسياسية وطلبة الدراسات العليا المتخصصين في الشؤون العربية والشرق أوسطية.

الندوة نظمت تحت عنوان: “التمرد في سوريا وتداعياته الإقليمية في حالة حدوث تحولات داخلية راديكالية”.

في تقييمه لمدى ما تشكله هذه الإشارات أو الأحداث من خطر الانزلاق إلى مواجهة تتجاوز إطار المواجهة الداخلية في سوريا تطال إسرائيل قال إيلاند: نحن نجد أنفسنا في مواجهة أكثر من شكل من أشكال هذا الخطر:

-انزلاق الصراع إلى هضبة الجولان وبالتالي إلى داخل إسرائيل وعلى الأخص إلى منطقة الجليل المحاذية للبنان.

-انزلاق المواجهات المسلحة إلى الحدود المشتركة بين إسرائيل ولبنان وسوريا في منطقة العرقوب وجبل الشيخ.

-انزلاق المواجهات إلى منطقة جنوب الجولان انطلاقا من منطقة درعا.

-وقوع حوادث غير مسيطر عليها قد تشعل فتيل الحرب مع سوريا وحزب الله.

انتقل الجنرال إيلاند للحديث عن احتمالات فقدان القدرة على السيطرة واحتواء هذه الحوادث البسيطة وعبر عن محددات هذه الاحتمالات:

الأول: يجب عدم استبعاد أن يتغير سلوك القيادة الإسرائيلية بشطريها السياسي والأمني من سلوك يقوم على ضبط النفس وعدم الانسياق وراء تأثير هذه الحوادث إلى سلوك يتسم بفقدان السيطرة وضبط النفس، مثل هذا الاحتمال وبحسب الجنرال إيلاند قائم على عدة اعتبارات:

*ضغوط الحملة الانتخابية في إسرائيل تتولد عن رغبة الأحزاب السياسية في الفوز ومحاولة طرح الملفات الأكثر جاذبية كالخطر الذي تتعرض له إسرائيل في الشمال أو الخطر النووي الإيراني.

المحدد الثاني: التحولات الدولية وعلى الأخص التي ستترتب على نتائج الانتخابات الأمريكية (المحاضرة جرت قبل إجراء الانتخابات الأمريكية)، إيلاند أشار إلى وجود دلائل ومؤشرات على فوز المرشح الجمهوري ميت رومني واعتبر مثل هذا الفوز بأنه سيمثل تحولا دوليا وليس أمريكيا وأن التداعيات الكبيرة والحاسمة ستغمر منطقة الشرق الأوسط.

لكنه تدارك ذلك عندما قال إن فرص فوز رومني يظل مشكوكا في أمرها.

ومن وجهة نظره حتى لو فاز باراك أوباما بولاية ثانية فإن السياسة الخارجية الأمريكية ستشهد تحولا ولن تبقى تلك السياسة محكومة بعامل الثبات وخاصة حيال منطقة الشرق الأوسط.

الموقف الأمريكي في ظل الاحتمالين بفوز المرشح الجمهوري ميت رومني والديمقراطي باراك أوباما الرئيس الحالي سيكون أكثر اقترابا ومواءمة مع الموقف الإسرائيلي حيال الملف السوري والإيراني وحزب الله.

وانتهى في حديثه عن هذه الاحتمالات إلى الاستشهاد بمحللين إستراتيجيين وسياسيين أمريكيين وهم يؤكدون أن الولايات المتحدة ستعود مرة أخرى إلى العمل وبكل الوسائل لتعزيز مكانة الولايات المتحدة كدولة كبرى، وهذا سيستدعي العودة إلى التدخل في كل المشكلات وفي مقدمتها مشكلات منطقة الشرق الأوسط.

المحدد الثالث: أن مستوى التدخل الأمريكي في الأزمة السورية وفي لبنان لمحاصرة حزب الله وإضعاف نفوذه وقوته في داخل لبنان ثم في الانتقال إلى خيارات أخرى عبر العقوبات ضد إيران سيتصاعد إلى مستوى التدخل المباشر، ودون الاعتماد على القوى الحليفة لأمريكا تركيا والسعودية وقطر.

في تقييمه لمختلف الاحتمالات على ضوء قراءته للمعطيات بحكم موقعه السابق والحالي يخلص إيلاند إلى أن الحرب إذا ما اندلعت بين إسرائيل وسوريا أو حزب الله ستمتد إلى المناطق الفلسطينية وإلى العراق والأردن ودول الخليج، ولم يستبعد أيضا امتداد رقعتها إلى دول شرقي إفريقيا.

وخلص إلى القول: الحقيقة الوحيدة الواضحة هي أننا سنشهد في أعقاب هذه الحرب الإقليمية تغييرات جوهرية أهم من ذلك التي شهدناها في بداية القرن الحادي والعشرين بعد هجمات سبتمبر 2001.

المـركز العـربي للدراسات والتـوثيق المعلوماتي - 09/11/2012
التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية



المقدمة:



اعصار "ساندي" غير المسبوق في اتساع رقعة دماره ترك تداعياته ايضا على وتيرة عمل مراكز الفكر والابحاث الاميركية، لا سيما مع الاعلان عن اغلاق الدوائر الرسمية و وسائل المواصلات العامة لمدة يومين في واشنطن ونيويورك وما بينهما.

و قد برزت في التحليلات مساحة مهمة تناولت التأثيرات المرتقبة للاعصار على السباق الانتخابي وهو على عتبة الايام والساعات الاخيرة، مع التذكير بان مساحة المناطق المنكوبة ورقعة الدمار لم تؤثر الا في جزء ضئيل من القاعدة الانتخابية الاميركية.



ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث

سورية:

حذر المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، JINSA، تركيا من تداعيات سياستها السورية على الاكراد داخل حدودها وفرص تقويض الامن والاستقرار نتيجة لسياساتها العدائية لسورية. وقال ان تحدياً طويل الاجل يلوح في الافق لتركيا اذ "خلال جيل زمني واحد ... ستشهد تركيا ولادة مواطنيها القادرين على الخدمة العسكرية وسط بيئة تعتبر اللغة الكردية هي اللغة الام .. مع الاشارة الى فشل محاولات السلطات التركية دمج الاكراد في النسيج الاسلامي الفضفاض للدولة، الى جانب مساهمة الطموحات الوطنية لاكراد سورية في فضح مواطن الضعف في الاستراتيجية التركية مما سينعكس على فعالية ادائها الديبلوماسي" بشكل عام.

مركز الامن الاميركي الجديد Center for a New American Security اعاد تكرار ما وصفه البعض باستراتيجية خماسية لحل الازمة السورية، خدمة للمصالح الاميركية، تستند الى مزيد من التصعيد القتالي واستهداف الرئيس الاسد شخصيا والعمل على اغتياله، وتنتهي بتفتيت سورية وفق اسس طائفية. جدير بالملاحظة ان المركز المذكور تجنب الدخول في التطورات الاخيرة وتراجع الوضع القتالي لقوى المعارضة المسلحة، والتحولات في الجهود الدولية الرامية الى التوصل لحل سياسي للازمة.

مصر:

تحولات الخارطة السياسية والقوى الاجتماعية في مصر كانت محطة اهتمام معهد كارنيغي Carnegie Endowment الذي سعى للتركيز على الفوارق الطبقية في المجتمع المصري بين "نخبة سياسية علمانية وجمهور واسع محافظ ومتدين،" وازدراء النخبة السياسية للخلفية الاجتماعية المتواضعة للرئيس محمد مرسي "عوضا عن اظهار مشاعر التقدير والاعجاب لصعوده من بيئة متواضعة وتحصيله شهادة الدكتوراه من جامعة اميركية .. ومن ثم اعتلائه منصب الرئاسة المصرية."

الجدل المستعر حول كتابة الدستور المصري ايضا حاز على اهتمام معهد كارنيغي منوها الى "ميول السلطة التنفيذية لاعلاء دور الدين في المجتمع .. وتصدر الدولة لمهام الدفاع عن المعتقدات الدينية،" كتوجه ينذر بتفاعلات وصدامات مستقبلية. وحثت اللجنة المشرفة على صياغة الدستور تطوير نظرتها للاشراف الديني على المؤسسات السياسية والتعليمية "وايجاد هيئة جديدة ومستقلة للاشراف على مؤسسة الاوقاف الدينية بدلا من الوزارة الحالية .. والتي قد تنشأ بعيدا عن التدخل الحكومي في ادارتها" اليومية.

ايران:

اسهاما من معهد واشنطن Washington Institute في تأجيج الصراع المسلح مع ايران زعم ان توجهات القيادة الايرانية "وربما تضم المرشد الاعلى" تتمحور حول "نضوج الرغبة لديها لشن هجوم داخل الولايات المتحدة درءا لعمل عسكري اميركي متوقع او متخيل .. التي تجسدت منذ شهر كانون الثاني / يناير 2011 بانه ينبغي عليها استهداف ليس "اسرائيل" فحسب، بل الولايات المتحدة واهداف غربية اخرى."

مركز الدراسات الأميركية والعربية
التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية





المقدمة:



اعصار "ساندي" غير المسبوق في اتساع رقعة دماره ترك تداعياته ايضا على وتيرة عمل مراكز الفكر والابحاث الاميركية، لا سيما مع الاعلان عن اغلاق الدوائر الرسمية و وسائل المواصلات العامة لمدة يومين في واشنطن ونيويورك وما بينهما.

و قد برزت في التحليلات مساحة مهمة تناولت التأثيرات المرتقبة للاعصار على السباق الانتخابي وهو على عتبة الايام والساعات الاخيرة، مع التذكير بان مساحة المناطق المنكوبة ورقعة الدمار لم تؤثر الا في جزء ضئيل من القاعدة الانتخابية الاميركية.



ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث

سورية:

حذر المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، JINSA، تركيا من تداعيات سياستها السورية على الاكراد داخل حدودها وفرص تقويض الامن والاستقرار نتيجة لسياساتها العدائية لسورية. وقال ان تحدياً طويل الاجل يلوح في الافق لتركيا اذ "خلال جيل زمني واحد ... ستشهد تركيا ولادة مواطنيها القادرين على الخدمة العسكرية وسط بيئة تعتبر اللغة الكردية هي اللغة الام .. مع الاشارة الى فشل محاولات السلطات التركية دمج الاكراد في النسيج الاسلامي الفضفاض للدولة، الى جانب مساهمة الطموحات الوطنية لاكراد سورية في فضح مواطن الضعف في الاستراتيجية التركية مما سينعكس على فعالية ادائها الديبلوماسي" بشكل عام.

مركز الامن الاميركي الجديد Center for a New American Security اعاد تكرار ما وصفه البعض باستراتيجية خماسية لحل الازمة السورية، خدمة للمصالح الاميركية، تستند الى مزيد من التصعيد القتالي واستهداف الرئيس الاسد شخصيا والعمل على اغتياله، وتنتهي بتفتيت سورية وفق اسس طائفية. جدير بالملاحظة ان المركز المذكور تجنب الدخول في التطورات الاخيرة وتراجع الوضع القتالي لقوى المعارضة المسلحة، والتحولات في الجهود الدولية الرامية الى التوصل لحل سياسي للازمة.

مصر:

تحولات الخارطة السياسية والقوى الاجتماعية في مصر كانت محطة اهتمام معهد كارنيغي Carnegie Endowment الذي سعى للتركيز على الفوارق الطبقية في المجتمع المصري بين "نخبة سياسية علمانية وجمهور واسع محافظ ومتدين،" وازدراء النخبة السياسية للخلفية الاجتماعية المتواضعة للرئيس محمد مرسي "عوضا عن اظهار مشاعر التقدير والاعجاب لصعوده من بيئة متواضعة وتحصيله شهادة الدكتوراه من جامعة اميركية .. ومن ثم اعتلائه منصب الرئاسة المصرية."

الجدل المستعر حول كتابة الدستور المصري ايضا حاز على اهتمام معهد كارنيغي منوها الى "ميول السلطة التنفيذية لاعلاء دور الدين في المجتمع .. وتصدر الدولة لمهام الدفاع عن المعتقدات الدينية،" كتوجه ينذر بتفاعلات وصدامات مستقبلية. وحثت اللجنة المشرفة على صياغة الدستور تطوير نظرتها للاشراف الديني على المؤسسات السياسية والتعليمية "وايجاد هيئة جديدة ومستقلة للاشراف على مؤسسة الاوقاف الدينية بدلا من الوزارة الحالية .. والتي قد تنشأ بعيدا عن التدخل الحكومي في ادارتها" اليومية.

ايران:

اسهاما من معهد واشنطن Washington Institute في تأجيج الصراع المسلح مع ايران زعم ان توجهات القيادة الايرانية "وربما تضم المرشد الاعلى" تتمحور حول "نضوج الرغبة لديها لشن هجوم داخل الولايات المتحدة درءا لعمل عسكري اميركي متوقع او متخيل .. التي تجسدت منذ شهر كانون الثاني / يناير 2011 بانه ينبغي عليها استهداف ليس "اسرائيل" فحسب، بل الولايات المتحدة واهداف غربية اخرى."

مركز الدراسات الأميركية والعربية
حرب عصابات لتدمير ســوريا
12-11-2012
قال تقرير لمجلة تايم الامريكية تايم: أكراد سوريا يرون الثوار “إسلاميون بلاطجة” يعملون لصالح تركيا مضيفا ان أن حقيقة التحدي في تشكيل معارضة تضم مختلف الأقليات الدينية والعرقية اتضحت في مصادمات الأسبوع الماضي في حلب بين وحدات الجيش السوري الحر وإحدى المليشيات الكردية. فيما كشفت صحيفة نيويورك تايمز” الأميركية في تقرير للكاتب ديفيد سانغر تحت عنوان “تدفق الأسلحة إلى سوريا يعزز الجهاديين”، أن معظم الأسلحة إلى الجماعات المتمردة التي تقاتل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد تصل إلى الجهاديين الإسلاميين المتشددين، وليس إلى جماعات المعارضة العلمانية التي يريد الغرب تمكينها.
قالت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية في تقرير لها: يواجه الجيش السوري صعوبة في محاولة التعامل مع الهجمات المتفرقة التي يشنها على طريقة حرب العصابات ما يقرب من ألف فريق يضم من 8 إلى 10 ثوار مسلحين، حيث إن توجيه الهجمات الجوية ضد مجموعات صغيرة من المقاتلين يفرض مشكلة، لا سيما في المناطق العمرانية”. وأشارت إلى أن “حصول المتمردين السوريين على أعداد متزايدة من الأسلحة المضادة للدبابات وربما عدد قليل من الصواريخ المضادة للطائرات يزيد بالطبع من قوتهم في مواجهة قوات الأسد، ولكن السمة الحقيقية التي تميز الثوار هي قدرتهم على شن هجمات متزامنة في أنحاء متفرقة من البلاد”.
وخلصت الصحيفة الى أنه “من المستبعد أن يتحسن أداء الجيش السوري على نحو يمكنه من هزيمة الثوار إلا إذا قرر الأسد المجازفة بتقسيم قواته إلى وحدات أصغر حجماً في منتصف الحرب. كما أنه من غير المرجح أيضاً أن ينجح الثوار على المدى القريب أو المتوسط في هزيمة النظام من دون الحصول على المزيد من الأسلحة المتطورة أو مساعدة من حلف شمال الأطلسي في شكل هجمات جوية على قوات النظام. ومع ذلك، هناك مخاطرة في إرسال أسلحة متطورة إلى سوريا بوقوعها في أيدي تنظيم القاعدة أو منظمات إرهابية أخرى؛ كما أن التدخل العسكري المعلن يهدد بتصعيد الصراع مع إيران وروسيا _التي تمتلك قاعدة بحرية في سوريا وأعربت مراراً عن قلقها إزاء المسيحيين هناك”. وأشارت إلى أن “المأزق في سوريا يحتاج إلى نهج دبلوماسي مبتكر لا يركز على إسقاط الأسد من السلطة على الفور، وإنما يصر على تحقيق الأمن والسلامة والحرية للشعب السوري”.
في المقابل وضمن مقابلة شاملة مع قناة «روسيا اليوم»، تحدّث الرئيس السوري بشار الأسد عن «حسم» صناديق الاقتراع لبقائه في منصبه من عدمه، وعن شكل النزاع في بلاده، كما تحدث عن رأيه في قطر وتركيا ورئيس وزرائها «الخليفة العثماني». معتبراً أنّ النزاع في بلاده ليس حرباً أهلية بل هو صراع مع «ارهاب» مدعوم خارجياً.
http://www.mostakbaliat.com/?p=28253
التحليل النفسي للرئيس أوباما
12-11-2012

علاقة السياسة الأمريكية بالسيكولوجيا علاقة عضوية حميمة إذ أن المؤسس الفعلي للبراغماتية الفيلسوف وليام جايمس دلف إلى السياسة عبر أول كتبه المعنون “مبادئ السيكولوجيا” وفيه الدعوة لضرورة انحسار طموحات الفلسفة من الكون إلى الإنسان. بما يبرر مكانة السيكولوجيا في السياسة الأمريكية وانتقالها من الصعيد الشخصي إلى دراسة الشخصيات الأممية والجمعية ووضعها في أنماط وقوالب سلوكية والتعامل معها على هذا الأساس. وهو ما يطبقه الأمريكيون في دراساتهم على جمهورهم وعلى رؤسائهم.
ولعل أهم الإشكاليات المثارة حول الموضوع هي تلك التي أثارها عالم النفس، في جامعة كاليفورنيا، كيث سيمونتون مؤلف كتاب “لماذا ينجح الرؤساء”، وفيه يرى إن الكثير من القضايا الأخلاقية المثارة لا تملك الأهمية في موضوع اختيار الرئيس وانتخابه. وبمعنى آخر فإن أداء الرئيس في غرفة النوم لا علاقة له بأخلاقه. ويذكر سيمنتون أن لغالبية الرؤساء الأمريكيين مغامراتهم العاطفية خارج فراش الزوجية، دون أي فارق بين الناجحين وبين غير الفاعلين منهم.
أما عالم الشخصيات روبرت هوغان، فيعارض ذلك إذ يقول إن الشخصية هي مجموعة متكاملة من السمات مثل الذكاء والمرونة ودرجة الحياء والكبت عند الشخص… الخ وهذه السمات هي التي تحدد سلوك الشخص سواء كان رئيس عمال في ورشة، أو كان في البيت الأبيض رئيسا”.
ويدعم هذا الرأي عالم السياسة “جيمس دافيد باربر”. مؤلف كتاب: “الأخلاق الرئاسية – التنبؤ بمستوى الأداء في البيت الأبيض”، إذ يقول: أن من يدرس أحوال الرئاسة في القرن العشرين، سيصل للاستنتاج القائل، بأن لأخلاق الرئيس أهمية وتأثير أكيد في مجريات الأمور. بل أن أخلاق المرشح أصدق إنباء عن شخصيته وأدائه من كل الوعود والاقتراحات الانتخابية التي يطرحها أثناء حملته. ويعطي باربر مثالاً على ذلك “ليندون جونسون”، فيقول بأن قصة جونسون مع حرب فيتنام هي أكثر الأمثلة إثارة للرعب في العصر الحديث. فقد كان يدعي بأنه مرن ومحب للسلام، ولكنه لم يلبث أن تحوّل إلى التصلّب في سياسته العسكرية الفاشلة، وذلك بسبب سلوكه القهري المتصلّب. ويتابع باربر بأن دوايت د.ايزنهاور يمثّل نموذجا” للشخصية السلبية (ينسحب من المواجهة لأسباب أخلاقية تاركاً حل المشاكل للآخرين) ومن هنا فشله في محاربة المكارثية، والمشكلات التي انبثقت في أيامه كانحلال الحياة في المدن ومظاهر الشغب العرقي. وهنا علينا أن نلاحظ تكرار هذه الملامح في عهد ووكر بوش منذ الأشهر الأولى لولايته. حيث الشغب العرقي المندلع في سينسيناتي في 1/4/2001 وحيث التورط في افغانستان وصعوبة الانسحاب منها. إضافة للرغبة القهرية – الوسواسية لدى بوش في احتلال العراق.
هذا ويطرح باربر تصنيف الرؤساء الأمريكيين، وفق خطين قاعديين: 1- خط الفاعل و2- خط المنفعل (أي القدر من الطاقة الشخصية الذي يبذله المرء في عمله في مقابل العاطفة الايجابية- السلبية أو موقفه من نتائج عمله ومدى تقبله لهذه النتائج). وعلى هذا الأساس يحدد باربر أنماطاً أربعة لشخصية الرئيس الأمريكي.

النمط السلوكي السياسي لأوباما
بمراجعة تصنيف باربر نجد أن الرئيس باراك أوباما ينتمي إلى ما يسميه باربر بالنمط المنفعل الايجابي. وعلائمه بحسب باربر هي التالية:
يمتاز هذا النمط بأنه مساير ومتعاون أكثر منه صاحب شخصية وحيوية قوية. مع مسحة تفاؤل مهيمنة على سلوكه. وهذا النمط يفاوض بشكل جيد، ولكنه يحيط نفسه بأصدقائه القدامى الذين يجلبون له العار.
ومن أمثلة هذا النمط هوارد تافت وريغان، “الذي يقول عنه سيمونتون: “ها نحن نجد ريغان يوقع صفقة أسلحة مهمة وفي الوقت نفسه تنفجر حوله الفضائح في كل مكان”. كما ينتمي إلى هذا النمط الرئيس كلينتون الذي كان يحقق انجازات اقتصادية تاريخية في أجواء فضيحة مونيكا.
هذه هي العلائم العامة لشخصية الرئيس الأمريكي الجديد. وبمراجعة منهجية تركيب طاقم أوباما نجد انه سرب فعلاً بعض مساعديه في إدارة حملته الانتخابية وبعض أصدقاء العائلة إلى الفريق. وهم سيشكلون الأصدقاء القدامى المحيطين بالرئيس ونقطة ضعفه الشخصية. كما ان الانتخابات دفعت أوباما للتخلي عن بعض صداقاته القديمة وبخاصة منها الصداقات مع عرب ومسلمين.
اما عن التركيبة العامة للفريق فقد اعتمدت على مبادئ دراسة السلوك والسوابق. حيث وضعت الكفاءات التي تجد صعوبة في عمل الفريق في مناصب استشارية. وحيث تم الاحتفاظ ببعض أعضاء فريق بوش القادرين على التكيف مع منطلقات الإدارة الجديدة. فإذا ما نظرنا إلى تعقيد الملفات المطروحة على الإدارة وصفتها الطارئة أمكننا استبعاد تأثير الأشخاص والعوامل الشخصية في إدارة أوباما. حيث الظروف الطارئة تفرض برمجة الطاقم وفق حسابات بعيدة عن العامل الفردي. وهذه البرمجة سوف تؤثر على مستوى الانسجام داخل الفريق بما يبرر توقع إقالات واستقالات وتجميدات وتغييرات سريعة في الطاقم وكذلك في السلوك المعهود لبعض أفراده. ومن هنا ضرورة استبعاد كل التوقعات التي تقوم على أساس معرفة السلوك السابق لأعضاء الإدارة.
وهذه العلائم بدأت مبكرة في إدارة أوباما حيث اضطر ومنذ البداية للتراجع عن بعض التعيينات بما فيها تعيين مسؤول المخابرات الأمريكية وهو منصب لا يحتمل التردد ويشكل نقطة ضعف حقيقية في الإدارة ويشكك بقدرتها على اتخاذ القرارات مهما كانت مبررات وتأويلات هذا التردد.
لكن التراجع عن التعيينات قبل حصولها أقل وطأة من الإقالات بعد التعيين والتي نؤكد من منطلق سيكولوجية الإدارة الأوبامية انها سوف تحدث عند أول مواجهة جدية يتعرض لها فريق أوباما غير المنسجم.
الكياسة وحسن التخلص ومهارة التفاوض التي يتسم بها المنفعل الايجابي مثل أوباما أجلت مواجهاته لغاية اليوم. فلو عدنا إلى قمة العشرين لوجدنا ألمانيا معارضة شرسة لخطة أوباما للتحفيز الاقتصادي وتلتها أوروبا في هذه المعارضة. وهو ما تجاوزه أوباما كي لا يبدأ ولايته بالإحباط أو بالمواجهة. ثم جاءت قمة الأطلسي التي تجاهلت تعديل إستراتيجية الحلف،مع عدم صلاحية إستراتيجيته الحالية للتطبيق العملي، للبحث في حرب أفغانستان وهنا أيضاً تلكأ الحلفاء الأوروبيين عن المساعدة مكتفين بقوة رمزية غير مقاتلة من خمسة آلاف عنصر. ومرة أخرى غستكان أوباما ولنفس الأسباب. فماذا لو تفجرت هذه الملفات بعد فترة؟. وكيف سيواجهها أوباما بفريقه غير المتجانس؟.
في رأينا الشخصي انه يمكن استقراء سلوك أوباما في هذه الحالات عبر قراءة شخصيته السيكولوجية فهو قرر زيارة تركيا بعد فشل قممه الأوروبية. وفيها صفقة التفاف على إمدادات الغاز الروسي لأوروبا لتحويله إلى الأنابيب التركية. وهي صفقة تحتوي روسيا وأوروبا في آن معاً.
ولو نحن اتخذنا من هذا السلوك مؤشراً على أسلوب أوباما في مواجهة الأزمات لوجدنا انه “الشخصية الصفقة”. فهو عندما يحبط في مجال ما يتحول إلى صفقة في مكان آخر. ويتدعم هذا الرأي بملاحظة القفزات المتتالية لأوباما من الملف الاقتصادي إلى الإيراني ومنهما إلى الروسي فالأوروبي وقس عليه.
الخطير في سلوك أوباما هو أولاً التباين الشاسع بينه وبين سلوك بوش شبيه العقائدي والمتمسك بالاستراتيجيا مقابل سلوك اوبامي لا يبدو هاو للإستراتيجيا ومتحول نحو تكتيك كل حالة على حدة Case by Case بما يعني استعداده لعقد صفقات فرعية بديلة للصفقات الأساسية. وهي نقطة ضعف يكسب كثيرون ان هم أحسنوا استغلالها. فهل يدرك العرب هذا الضعف الاوبامي ليمرروا صفقاتهم في فرصة لم تكن متاحة أيام ووكر بوش؟. وهل هم سيتوجهون نحو الصفقات ذات البعد الاستراتيجي لبلادهم والمنطقة أم يقفون عند حدود صفقات تسمح لهم بالبقاء على كراسي الحكم؟.

في الحالة الأخيرة لا بد من التحذير من أفخاخ الإقالات والاستقالات المتوقعة في إدارة اوباما. حيث لا تنفع الصفقات المعقودة مع فريق الإدارة كما كان يحدث في الصفقات المنعقدة مع ديك تشيني أو مع رامسفيلد أو مع رايس أو حتى مع فيلتمان السفير المعجزة.

تحديات أوباما الشرق أوسطية
يشير تطبيق المعطيات المشار لها أعلاه الى ان مقاربة أوباما للتحديات الشرق أوسطية ستكون مغايرة تماماً لمقاربات بوش. ففي موضوع السلام الشرق أوسطي يضم فريق اوباما طائفة من فريق كلينتون الشاهد على مماطلة نتنياهو لجهود كلينتون في سلام المنطقة. ومن هنا ملامح الخلافات الأمريكية الإسرائيلية المستندة لاستعداد اوباما لممارسة الضغوط على إسرائيل لتجنب الوقوع في التسويف الإسرائيلي الذي قضى على جهود كلينتون قبله.
على صعيد متصل يمكن تحليل اختيار اوباما للقاهرة كمنبر لمخاطبة العالم الإسلامي على انه صفقة غير مكتملة. تتجاوز فيها واشنطن ديكتاتورية النظام ومحاولات توريثه إلى خطوة مطمئنة للعرب المعتدلين مع جرعة دعم سياسي لدور مصر الإقليمي المتراجع. في مقابل استقبال نتنياهو في مصر والتفاهم معه على حدود دنيا قبيل سفره إلى واشنطن. اما عن المآل الأبعد للصفقة فيتمثل بما صرح به ملك الأردن لصحيفة التايمز حول اعتراف 57 دولة مسلمة بإسرائيل لقاء سلام دونه حرب إسرائيلية جديدة. وفي حال نجاح الصفقة فان إيران تصبح النعجة الضالة في العالم الإسلامي بحيث يسهل تطويعها أمريكياً وإسرائيلياً. فتطبيع علاقات العالم الإسلامي مع إسرائيل يعطيها فرص التوسط لإيران لدى المسلمين!؟.

التحـديات تـواجه أوباما
كشفت استطلاعات الرأي بعد مضي ستة أشهر على تولي اوباما لمنصب الرئاسة في بلاده عن تراجع شعبيته إلى أدنى مستوياتها, إذ وصلت مستوى أدنى من المستوى الذي بلغته شعبية سلفه جورج بوش عندما كان في مثل هذه المرحلة من رئاسته. حيث اظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب بالتعاون مع صحيفة يو أس أي توداي أن مستوى رضا الأميركيين عن أوباما تراجع بتسع نقاط منذ يناير/كانون الثاني 2009 ليصل الى 55% فقط وسط ارتفاع البطالة في أميركا وتراجع الثقة في خططه الاقتصادية.
كما أظهرت استطلاعات أخرى للرأي أجرتها أي بي سي نيوز وواشنطن بوست أن شعبية أوباما تراجعت إلى أقل من 60% لأول مرة منذ تسلمه زمام الأمور وهو أول رئيس أسود للولايات المتحدة الأميركية.
ورغم أن أوباما ورث مصاعب اقتصادية هائلة عن سلفه بوش, فإنه يتعرض أيضاً للتحديات التي تواجه كل رئيس اميركي في الفترو الاولى من ولايته. هذه التحديات التي يصنفها عالم السياسة “بروس بوكانان” من جامعة تكساس، ويخلص للتأكيد أن الرؤساء الأميركيين يواجهون أربعة تحديات أساسية تعترض مدة إقامتهم في البيت الأبيض هي:
المجد المفرط : هو التحدي الأول حيث يكثر المادحون والمتزلفون، بحيث تتحول معارضته إلى مفاجأة يستجيب لها البعض بالغضب ( يزداد الغضب مع ازدياد القناعة بأقوال المادحين).
إجهاد القرارت : ان التحدي الثاني، الذي يواجه الرئيس، هو العراقيل والحواجز المؤدية للإحباطات وكيفية تعامل الرئيس معها. فهل هو يعرف متى يحارب ومتى ينسحب؟ وهل هو قادر على تحمّل الفشل وهضمه؟.
التوفيق بين أجنحة ادارته: وهو التحدي الثالث في مواجهة الرئيس. وهو أسلوب الإدارة التي غالبا” ما تواجه الرئيس بمطالب متناقضة، حيث يجب أن يملك الرئيس القدرة على التوفيق بين هذه القدرة المتناقضات. هذا التوفيق الذي فشل فيه جيمي كارتر لتدخّله الزائد لدرجة التورط. كما فشل فيه ريغان بسبب تراجعه وعدم تدخله بالمستوى المطلوب.
الإغراءات الضخمة : وهي التحدي الرابع للرئيس. ويعطي بوكانان على هذا التحدي مثال جونسون الذي رغب في تحقيق برامجه الإجتماعية (مشروع المجتمع الكبير) وبأن ينتصر في فييتنام في آن معا”. لكن الكونغرس لم يكن مستعدا” لتمويل الاثنين معا”. كما أن ريغان كان مستميتا” لتحرير الرهائن الأميركيين ولم يكن مستعدا” لاجراء أية مقايضة مع الزعماء الإيرانيين. وفي كلتا الحالتين فإن فشل الرئيسين في تحقيق إغراء الحصول على هدفين في آن واحد قد دفعهما إلى الكذب.
هذا ولا يهمل بوكانان، الاشارة إلى جملة عوامل تؤثر في أسلوب مواجهة الرئيس لهذه التحديات، فيذكر العوامل التالية:
1 – مجموعات المصالح.
2 – الحزب المسيطر على الكونغرس والمحكمة العليا.
3- الدعم الشعبي .
4 – أجواء التوقع (تذكيها الصحافة)…الخ.
في حالة الرئيس باراك أوباما يلاحظ أن هذه العوامل إتخذت طابع الحدة بسبب قائمة الأزمات الاميركية. بحيث أصبحت موازية للعوامل الرئيسية في أهميتها وفي تأثيرها على قرارات الرئيس.
فاذا ما استعرضنا بعجالة هذه العوامل نجد أن اوباما لا يزال يوظف مجده “الأكثر إفراطاً ” لتحسين صورة اميركا التي شوهها بوش كل التشويه. وهو ينجح لغاية الآن في كسب قلوب الشعوب التي يزورها او يخاطبها. رغم انه لم يقدم لغاية الآن اية معطيات ملموسة لعلاج آثار بوش الكارثية.
كما يبدو اوباما في كامل لياقته لتحمل الاحباطات ولاتخاذ القرارات بل ولتعديل ما يجب تعديله منها وخاصة في الملف الاقتصادي. حيث برر عدم نجاح خطته التحفيزية بالكامل بعرضه لحقيقة ان الاقتصاد كان على وشك الانهيار لولا تقديم الدعم الحكومي للمصارف الاميركية. لينطلق منها لقرار جديد بفتح معركة مع بيوت التصنيفات الإئتمانية وهي معركة قاسية.
اما عن التوفيق بين اجنحة ادارته فان الخلل يبدأ من هنا حيث بدا التعثر واضحاً في مناسبات مختلفة بين اجنحة الادارة. ومنها اعلان نائبه بايدن عن حرية اسرائيل في اتخاذ قرار الحرب على ايران. وما تلاها من تصريحات مضادة تعكس انعدام التنسيق داخل الادارة. اضافة لتلميحات كلينتون في تايلاند بوجود خلافات طفيفة بينها وبين اوباما.
وبالنسبة للإغراءات فيمكن القول بان اوباما يتعرض لاكبر الاغراءات التي تعرض لها رئيس اميركي قبله. فهو مرشح لانقاذ اميركا اقتصادياً وسياسياً وهو اغراء بحجم التأثير الاميركي. ليبقى السؤال هل ينجح أوباما في تحقيق ما هو ملقى على عاتقه من ملفات؟!.
عند هذا السؤال نتوقف تحديداً لنقول بان تراجع شعبية اوباما في الاحصاءات المذكورة اعلاه تعود تحديداً الى هذا السؤال. اذ يحمل الاعلام الاميركي انباء فشل خطط اوباما الاقتصادية. ومعها فشل الحملة على سوات الباكستانية وعملية الخنجر الافغانية.
اما على الصعيد السياسي فقد دخلت الادارة في تجاذبات مع اسرائيل بشأن مبادرة اوباما السلمية المنتظرة ومعها عتب كبير من اصدقاء اميركا العرب من المراهنين على السلام الاميركي. اما في الملف الروسي فقد اعلنت كلينتون ان مشقات وصعاب تنتظرها في زيارتها لموسكو الخريف القادم. وسط مواقف روسية ثابتة وراسخة لغاية جهوزية المواجهة سواء في جورجيا او غيرها.
كما يواجه الرئيس انتقادات بشأن الكيفية التي سيؤمن بها الموارد المالية الضرورية لخطته الرامية إلى إصلاح نظام الرعاية الصحية والتي تبلغ تريليون دولار, فقد عبر نصف من استطلعت آراؤهم في أحد هذه الاستطلاعات عن أنهم يعارضون هذه الخطة.
ومن المعتقد أن غالبية من تخلوا عن تأييدهم لأوباما هم من المصوتين المستقلين أو أعضاء الحزب الديمقراطي المعتدلين, وفي ولايتين يواجه فيهما عضوان من مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي انتخابات العام 2010, دب القلق بالفعل في نفوس الديمقراطيين.

فــريق اوبـامـا الرئاســي
لم يحظى باراك اوباما بالحرية التي تمتع بها سابقيه من الرؤساء الاميركيين في اختيار فريقهم الرئاسي. إذ إعتمدت التركيبة العامة لفريق أوباما على مباديء دراسة السلوك والسوابق. حيث وضعت الكفاءات التي تجد صعوبة في عمل الفريق في مناصب استشارية. وحيث تم الاحتفاظ ببعض أعضاء فريق بوش القادرين على التكيف مع منطلقات الادارة الجديدة. فإذا ما نظرنا الى تعقيد الملفات المطروحة على الادارة وصفتها الطارئة أمكننا استبعاد تأثير الاشخاص والعوامل الشخصية في ادارة أوباما. حيث الظروف الطارئة تفرض برمجة الطاقم وفق حسابات بعيدة عن العامل الفردي. وهذه البرمجة أعاقت ميول اوباما لإحاطة نفسه بالاصدقاء جالبي العار كما أثرت لاحقاً على مستوى الإنسجام داخل الفريق بما برر توقع إقالات وإستقالات وتجميدات وتغييرات سريعة في الطاقم وكذلك في السلوك المعهود لبعض أفراده. ومن هنا ضرورة استبعاد كل التوقعات التي تقوم على اساس المعرفة المسبقة لسلوك أعضاء الادارة.
ومع تراجع التأييد الداخلي لاوباما بالتزامن مع نهاية فترة السماح المعطاة للرئيس الجديد في ربيع العام 2009 توقع المتابعون تراجع نفوذ أوباما بصعود تأثير نائبه جو بايدن ووزيرة خارجيته كلينتون. حيث أبدى الاثنان مواقف عنصرية ضمنية من أوباما في مناسبات عديدة. وعليه توقع المتابعون تحول القرار الاميركي الى ثلاثي الرؤوس مع تراجع قدرة اوباما على التصرف في افغانستان. وهو ما حدث فعلاً ولكن ليس بضغط الثلاثية بقدر ما كان بضغط القادة العسكريين الذين باتوا مشاركين في القرار بسبب التورط العسكري الامريكي الموروث عن حروب بوش. الذي طبق مبدأ قيادة الساسة لمقاليد الامور في زمن الحرب واقتصار دور العسكريين على تنفيذ أوامر الساسة. وذلك انطلاقاً من رؤى كتاب كان شديد التأثير في سلوك بوش خلال الحرب وهو كتاب “القيادة العليا – الجيش ورجال الدولة و الزعامة في زمن الحرب” لمؤلفه أليوت كوهين. لكن زمام هذه القيادة أفلت من ايدي بوش ومساعديه منذ الاعلان غير المسؤول لوزير دفاعه رامسفيلد حول بدايات المقاومة العراقية. التي اعتبرها رامسفيلد ردة فعل عادية لفلول صدام حسين معتبراً انها ستؤول للانطفاء بصورة تلقائية. ثم جاءت محطة تكليف اسرائيل الفاشلة بتغيير المشهدين اللبناني والسوري عبر حرب تموز 2006 التي تعكس رؤية سياسية متعمقة الا انها مفتقدة للخبرة العسكرية كما للبدائل في حال تقصيرها. وهو ما اضطر الولايات المتحدة للتدخل المباشر الذي اضاف الى الأخطاء الامريكية العسكرية في المنطقة خطأً اضافياً يمس سمعة الجيش الامريكي وهيبة القوة الامريكية في الصميم.
هكذا ومع تعاقب أخطاء القيادة السياسية بدأ القادة العسكريون يتولون القرار حتى اذا ما تسلم اوباما الرئاسة كانت الولايات المتحدة قد تحولت الى حكم الضباط العسكريين الكبار.
هذه السيطرة التي تبدت منذ الاسابيع الاولى لدخول اوباما الى البيت الابيض حيث اجبره العسكريون على تمديد مهلة الانسحاب من العراق التي وعد بها خلال الحملة الرئاسية. وهي سجلت اولى تراجعات اوباما عن برنامجه الانتخابي فاتحة السبيل امام تراجعات اخرى على مختلف الاصعدة حولت اوباما الى شخصية مختلفة عن تلك التي اختارها الناخبون خائبي الامل بهذا الرئيس.

أعضاء من الدائرة الضيقة لأوباما سيغادرون البيت الأبيض بينهم إيمانويل
5 مستشارين مقربين يستطيعون الدخول إلى المكتب البيضاوي من دون إشعار مسبق وحضور أي اجتماع رام إيمانويل (أ.ب)واشنطن: آن كورنبلات وسكوت ويلسون*
خلال عاميه اللذين قضاهما في البيت الأبيض، اعتمد الرئيس باراك أوباما على دائرة ضيقة من المستشارين الذين اعتبرهم المجلس الأكثر ثقة لديه بشأن السياسات والسياسة.
أوباما يصفه أعضاء فريقه بالقلق حيال الغرباء والتردد في توسيع دائرته الداخلية الضيقة، كما وصفه أحد مستشاريه صراحة بالقول: «إنه لا يحب الناس الجدد». وسواء أحبهم أم لا، فسوف يحاط بهم، حيث يتوقع إجراء تغيير جديد في الفريق المعاون له ليحرم أوباما من اثنين من مساعديه وسيحدث فيض من التغيرات في الجناح الغربي. حيث يتوقع أن تتعرض الدائرة الضيقة للرئيس، كبير موظفي البيت الأبيض رام إيمانويل وكبيري مستشاريه ديفيد أكسلرود، وفاليري غاريت، والسكرتير الصحافي روبرت غيبس، ونائب الرئيس جو بايدن، إلى التفكك. ويتوقع على نطاق واسع أن يترشح رام إيمانويل لمنصب عمدة شيكاغو بينما أكسلرود سيغادر في الربيع للإعداد لحملة أوباما الرئاسية لانتخابات عام 2012.
وسيخسر أوباما أيضا، عددا من كبار مستشاريه، حيث أعلن كبير المستشارين الاقتصاديين لورانس سومرز، عن عودته إلى جامعة هارفارد، حيث يعمل أستاذا، وكذلك نائب كبير موظفي البيت الأبيض جيم ميسينا، الذي يتوقع أن يلحق بأكسلرود في شيكاغو، مستشار الأمن القومي غيمس جونز، الذي قيل إنه يرغب في الاستقالة نهاية العام الحالي.
وكان بعض المساعدين والحلفاء السابقين للرئيس قد عبروا عن أملهم في أن يستفيد أوباما من رحيل هؤلاء المستشارين، الأمر الذي يعد أمرا شائعا خلال العامين الأولين في أي فترة رئاسية والاستعانة بمساعدين جدد يتمكنون من تغيير فريق الرئيس الحالي.
ويقول واضع استراتيجيات ديمقراطي، عمل لفترة طويلة مع البيت الأبيض في عدد من القضايا: «لقد كانوا مخطئين في سياستهم بشأن الوظائف والإنفاق والعجز في الموازنة والدين. فلم يتمكنوا من تحقيق تقدم في أي منها، ولعل السبب في ذلك هو انعزاليتهم. وإلا كيف تفسر كيف فقدت هذه الجماعة الشعبية الجارفة التي تمتعت بها في البداية؟» وطلب الاستراتيجي عدم ذكر اسمه حتى يتمكن من الحديث بحرية حول الرئيس والفريق المعاون له.
هذه نظرة معتادة بين خبراء السياسة الديمقراطيين، الذين يشاركون نفس أهداف البيت الأبيض، لكن إحباطهم تضاعف نتيجة لهذا الفريق الذي يتعذر الوصول إليهم ويقفون عقبة في طريقهم. لكن يبدو أن الرئيس أوباما لا ينوي البحث خارج أسوار البيت الأبيض عن مستشارين جدد. ففي لعبة تخمين واشنطن الشائعة وغير الجديرة بالثقة في أغلب الأحيان، غالبا ما تكون الأسماء المذكورة مألوفة بالفعل للرئيس. حيث يتوقع أن يتولى توم دونيلون، نائب مستشار الأمن القومي، أيا من منصبي رام إيمانويل أو جونز. وقد تقارب أوباما ودونيلون خلال حملته الرئاسية عام 2008 عندما تولى مسؤولية إعداد المرشح للمناقشات. ويتوقع أن تكون بيتي روز، إحدى المرشحات لخلافة إيمانويل، وتعمل روز كبيرة لموظفي أوباما في مجلس الشيوخ، ويأتي بين المرشحين الآخرين بوب بايور، مستشار البيت الأبيض الذي كان محامي الرئيس الشخصي قبل الانضمام إلى الإدارة العام الماضي. وأيضا قيل سكيليرو، الذي يدير مكتب ارتباط أوباما مع الكونغرس، وزعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ السيناتور توم داستشيل الحليف المقرب من أوباما.
وتعكس التعيينات الوشيكة في البيت الأبيض رغبة الرئيس في إحاطة نفسه بأشخاص يعرفهم جيدا. فإليزابيث وارين، التي عينت مؤخرا كمستشارة الحكومة الأولى في حماية المستهلك، وصفها أوباما بأنها «صديقة عزيزة»، وكذلك أوستن غولسبي، الذي تولى رئاسة مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس، والذي كان ضمن الحلقة الخاصة بالرئيس أكثر من سلفه كريستينا رومر.
ويرفض مسؤولو البيت الأبيض الانطباع بأنهم منعزلون خارج البيت الأبيض. وقالوا إنهم يقدمون للرئيس مجموعة متنوعة من الآراء من الأشخاص ومن داخل الإدارة ومن خارجها وأوضحوا أن الدائرة الداخلية للرئيس لا تقف عقبة في طريق تلك الآراء على الدوام، فإيمانويل وبايدن على سبيل المثال، كانا في الجانب الخاسر من المناقشات بشأن كيفية التعامل مع إصلاح الرعاية الصحية (رفض إيمانويل تبني الخطة في بداية الفترة الرئاسية الأولى لأوباما)، والحرب في أفغانستان (كلاهما كان ضد إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان).
وقال غيبس: «أعتقد أن هذه الدائرة التي يتحدث إليها الرئيس بصورة يومية جدية». لكن في لحظات التفكير يميل الرئيس في بداية ونهاية اليوم إلى الحديث إلى مستشاريه الخمسة للتشاور بشأن الأفكار ومراجعة البيانات. وعندما كان الرئيس يحاول اتخاذ القرار بشأن إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال، بعد المقال المثير للحرج الذي نشر في مجلة «رولنغ ستون»، أجرى الكثير من المكالمات الهاتفية مع مسؤولين خارج الإدارة. وعندما استقر على رأيه، كانت الدائرة الصغيرة، في هذه الحالة كانت غيبس وإيمانويل وأكسلرود وبايدن وكبير موظفي ورئيس أركان مجلس الأمن القومي دينيس ماكدونوغ، أول من يعلم بالقرار. وعلم جنرالات البنتاغون الخبر في اليوم التالي.
وقال واضع الاستراتيجيات الديمقراطي بيتر فين، الذي أدار والده دان فين مكتبة كنيدي بعد العمل في إدارة كنيدي: «هذه هي الطريقة التي عمل بها كنيدي، فقد كان لديه دائرته الضيقة الخاصة التي ضمت كين أودونيل ولاري أو براين وتيد سورنسين ورالف دونغان ولي وايت، التي عملت معه لفترة طويلة عن قرب والتي وثق في أحكامها وآرائها.
ويمكن للمستشارين الخمسة المقربين من الرئيس أوباما، وحدهم من بين مسؤولي الإدارة، الدخول إلى المكتب البيضاوي من دون إشعار مسبق وحضور أي اجتماع والسماح لأنفسهم بقضاء المزيد من الوقت مع الرئيس والقدرة الكبيرة على حمله على تغيير رأيه. وأحيانا ما يقوم بأدوار متعددة وغير محددة، مع تخطي حدود وظائفهم وتجاوزها إلى مناطق سلطة خبير آخر.
وعلى الرغم من وقوع بعض التوترات بين أفراد المجموعة، فإنهم عملوا سويا بصورة أو بأخرى قبل سنوات، فقد عملت جاربت وأكسلرود وغيبس مع أوباما قبل حملته الرئاسية بوقت طويل. فيما يعرفه إيمانويل منذ أن كان في شيكاغو وبايدن منذ أن كان في مجلس الشيوخ.
أحد الطقوس الرئاسية توضح علاقته الخاصة بمساعدة، ففي كل مساء وقبل توجه أوباما إلى الطابق العلوي حيث يقيم، يسلمه أحد مساعديه ملفا مليئا بالتقارير والمذكرات والإحصاءات حول سير العمل في جميع أنحاء الإدارة. في اليوم التالي يسلم أوباما الملف وقد كتبت على حواشيه مطالب الرئيس بالمزيد من المعلومات أو الاجتماعات إلى التصرف في محتوياته. إلى جانب الرئيس يحصل كل من بايدن وأكسلرود وغيبس وجاريت وإيمانويل نسخا من الملف التي يتلقاها الرئيس والتي يسلمها.

يرجى هنا ملاحظة تاريخ نشر كل من البحوث والمقالات التالية

أوباما يواجه العنصرية مبكراً
د. محمد احمد النابلسي
1 نوفمبـر 2009
البعض يذكر شرط كولن باول لتولي وزارة الخارجية أيام بوش الابن والشرط هو ألا يتدخل نائب الرئيس ديك تشيني في شؤون وزارته. وكلنا يعرف ان تشيني تدخل في كل شيء. كما لم يعد خافياً الصراع بين تشيني وكونداليزا رايس خلال السنوات الأخيرة من حكم بوش.
والعنصرية في أميركا لا تمارس فقط على السود بل تمتد إلى كل ما لا ينتمي إلى العرق الآري. مثال ذلك انه وفي بداية علائم انهيار سياسات بوش أقيل رئيس وكالة الاستخبارات جورج تينيت. ويمها كتب معلق مجلة النيوزويك الأميركية ان تينيت ذهب كبش فداء بسبب أصوله اليونانية. ولو كان تينيت آرياً لما ذهب ضحية لأخطاء الآخرين.
وفي عودة للعنصرية الممارسة ضد أوباما نجد انها انطلقت مع بداية حملته الانتخابية ووصلت اثنتان منهما إلى الرغبة الفعلية باغتياله وان بأدوات ساذجة. وبطبيعة الحال فان اليمين العنصري الأميركي اصطف لمواجهة اوباما خلال الانتخابات التي أوصلته إلى البيت الأبيض. وخلال الحملة ظهرت على الانترنت وثيقة ولادة كينية باسم اوباما. والمولود خارج أميركا لا يحق له ان يحكمها.
الأسبوع الماضي عاد اليمين المتطرف لإثارة الموضوع مشككاً بهوية الرئيس في حملة تبطن السعي لاقالة اوباما الكيني.
وتفاعلت القضية حتى وصلت الى الكونغرس حيث صوت مجلس النواب الأمريكي الخميس 30/7/09 لصالح مشروع قرار غير ملزم يثبت فيه أن هاواي هي مسقط رأس الرئيس باراك أوباما، وذلك بعد شيوع موجة تشكيك بجنسيته الأمريكية وبأهليته ليكون رئيسا للبلاد. وصوت مجلس النواب بغالبية 378 صوتا لصالح مشروع القرار، الذي قدمه النائب نيل أبيركرومبي من هاواي، لتثبيت مسقط رأس الرئيس، فيما امتنع أكثر من 50 نائبا عن التصويت.
ويأتي قرار مجلس النواب الأمريكي غير الملزم لمواجهة موجة المشككين بأن يكون أوباما مواطنا أمريكيا مؤهلاً لقيادة البلاد، بعد ظهور نسخ من شهادة ميلاد له صادرة من كينيا.
ويشير امتناع 50 نائبا أمريكيا عن التصويت على مشروع القرار، رغم أنه غير ملزم، إلى أن عملية التشكيك في ولادة أوباما على أرض أمريكية تجد من يصدقها ويروج لها حتى في الكونجرس، وخاصة من غلاة اليمين الأمريكي الذين هالهم أن يصبح رجلا أسود رئيسا للولايات المتحدة.
وفحصت منظمة “فاكت تشيك” غير الحزبية التابعة لمركز السياسة العامة بجامعة بنسيلفانيا، شهادة الميلاد الاصلية في مسعى لانهاء الجدل حول هذه المسألة بلا رجعة، وقالت “خلصنا الى ان الشهادة تتوافق مع كل المعايير لاثبات المواطنة الأميركية وخلصنا الى ان أوباما ولد في الولايات المتحدة”.
وأشارت منظمة “فاكت تشيك” إلى أن والدة أوباما الأمريكية ووالده الكيني نشرا في صحيفة محلية بهونولولو نبأ مولد ابنهما في عدد 13 أغسطس عام 1961.
لكن تحليل هذه التهمة يبين انها من نوع الانتقام والتشهير بالتذكير وذلك بسبب سذاجتها المرتبطة بالتطرف العنصري لمطلقيها. فالقضية تثير الغبار لكن التحقق منها لا يستوجب الكثير من الجهد. عداك عن ان الحزب الديمقراطي لا يمكنه ارتكاب هفوة مماثلة وتقصير بحجم عدم دراسة ملف مرشحه الرءاسي بالدقة اللازمة.
في المقابل يتعرض اوباما الى عنصرية سياسية منظمة تتمثل في مشاركة رئيسين له في الحكم. اذ ان نائبه جو بايدن ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون باشرا حملتهما الانتخابية منذ تسلم اوباما لمهامه. وبدأ الإثنان الاستعداد لمهامهما الرئاسية يوم تسلمهما لمنصبيهما.
فالعنصرية تبدو واضحة في سلوك كل من بايدن وكلينتون وفي تقصدهما اظهار اختلافاتهما مع توجهات رئيسهما اوباما. فصحيح ان تشيني كان مهيمناً تماماً على افكار بوش وقراراته لكنه لم يتقصد إحراجه كما يفعل الثنائي بايدن – كلينتون مع اوباما. وهذه مجرد بدايات.
من هذه المواقف نذكر إعلان بايدن ان قرار مهاجمة “إسرائيل” للمنشآت النووية الإيرانية تخصها هي، انطلاقا من انها “دولة ذات سيادة”، وتأكيده على أن واشنطن لن تقف في طريق “إسرائيل” في حال قررت ذلك. في الوقت الذي يجهد فيه اوباما لفتح قنوات الحوار مع ايران ويطلق سراح دبلوماسييها في العراق لتشجيعها على متابعة اشارة استعدادها للمساعدة في افغانستان كخطوة أولى. واضطر اوباما للجوء الى الخارجية لتصحيح تصريح بايدن ومن ثم وبعد ايام أعلن رسمياً بانه غير موافق على توجيه ضربة إسرائيلية لإيران.
أما السيدة كلينتون فقد صرحت بوجود خلافات بينها وبين اوباما في تايلاند وان وصفتها بالبسيطة. ثم عادت لتتحدث عن تأمين تغطية أمنية للخليج العربي. بما فسره الإسرائيليون، ومعهم الأوروبيون، سكوتاً عن النووي الإيراني. وفسره الروس على انه مقايضة مع روسيا على نشر الصواريخ في الخليج بدل اوروبا الشرقية.
وفي عودة لزيارة بايدن الاخيرة لجورجيا واوكرانيا يقول محللون ان بايدن استطاع ان يهدم كل ماحققته زيارة اوباما لموسكو.
ان من يعرف ظروف تشكيل فريق اوباما والتنازلات التي قدمها خلال التشكيل يدرك ان عدم ظهور شرخ في العلاقات بين الرئيس والثنائي هو كون اوباما لا يزال في فترة السماح التي تجعل منه رجل الساعة والوحيد القادر على اتخذا قرار دون رغبة احد في معارضته علناً سواء من داخل فريقه أو حزبه أو من معارضيه في الحزب الجمهوري. وعليه فان اوباما يتجاهل هذه المواقف في سعيه لتحقيق أشياء ملموسة تساعده على مواجهة ما بعد فترة السماح. والا انقلبت الامور لغير مصلحته بحيث انه قد يدفع بادارة اوباما الى التخلي عن اهدافها الخارجية في سبيل اعادة ترتيب البيت الداخلي. وعندها سنلمس ان الرئيس اوباما هو واحد من ثلاثة رؤساء يحكمون أميركا

بين فوضى بوش وفوضى أوباما..
بقلم: د. محمد احمد النابلسي
الأحد, 25 يناير 2009
وعدنا الرئيس الاميركي المنتخب أوباما بجملة خطوات اعتذارية غير قابلة للصرف حتى في المصارف الاميركية المفلسة. بدون الاضطرار لتقديم أية تعويضات او محاكمة المسؤولين عن إرهاب فعلي وجرائم حرب حقيقية. فهو يعدنا بتغييرات من نوع حسن النية منها اغلاق معتقل غوانتانامو ومعتقلات التعذيب الاميركية . كما يعدنا بالإقلاع عن سياسة أفضلية الخيارات العسكرية ومعها حسن نوايا الحوار. حيث سيدخل أوباما في حوارات غير مؤكدة وغير محددة مع ايران وسوريا ودول أخرى.
مجمل هذه التغييرات معدة لإعلان احتفالي ودعائي يهدف لتحسين صورة اميركا في العالم ولتشجيع إعادة التجمع حول الرئيس الجديد بصفته عقلاً مغايراً لعقل بوش.
ولكن ماذا عن استراتيجية اوباما في مواجهة التحديات؟. والإستحقاقات أمامه كثيرة ومتفجرة. فهل يقف أوباما عند حدود التخلي عن استراتيجية الفوضى البناءة الفاشلة في دول القوقاز وفي اوروبا الشرقية حيث عادت الاحزاب الشيوعية للحكم وفي الدول العربية حيث خلفت دولاً فاشلة في العراق ولبنان وفلسطين. وهو ما يعني العودة الى الفوضى التقليدية والتهديد بها كبديل للتهديد بالتدخل العسكري الاميركي. حيث يمكن اعتبار حرب اسرائيل على غزة نموذجاً لفوضى أوباما الجديدة. فهنالك انقسام فلسطيني يصل الى حدود الحرب الأهلية. في تكرار للمشهد اللبناني لجهة تحالف فريق لبناني مع اسرائيل والاستعانة بها لتحقيق اجتياح لبنان العام 1982 جاءت محاولة اجتياح غزة محاولة لإختبار تكرار تجربة الاجتياح اللبنانية. وهذه الفوضى التقليدية يمكنها تهديد الداخل في قائمة طويلة من الدول العربية وغير العربية بدون أي تدخل عسكري اميركي. بل انها تحول هذا التدخل الى تدخل انساني تطلبه الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية على غرار تدخل المارينز في لبنان العام 1981 فهل هذا فعلاً ما يمكن توقعه من بشرى الرئيس الاسود الاول في اميركا المطروح كصحوة ضمير اميركية؟.
ولنستعرض معاً بعض التقارير الموضوعة على طاولة أوباما وأولها تقرير يتوقع تغيير ملك سعودي مرة كل عام. حيث يضم التقارير ملفات صحية لولاة العهد السعودي. وهي تشير الى ان وصولهم بالتراتبية المعهودة ستتيح لكل منهم ان يحكم لأقل من سنة واحدة. ومعلوم ان صحة ولي العهد الحالي متدهورة بما لا يضمن بقاءه حياً لتسلم الحكم. وهو يعني ان الدولة المتصدرة وصاحبة الميل للهيمنة على القرار العربي هي دولة غير مستقرة وغير قادرة على مواجهة الاستحقاقات الصعبة للمرحلة. وذلك على حساب الدول العربية الأخرى وبعضها يملك مقومات تجنيب المنطقة لحالة عدم الاستقرار واخراجها من حروبها الكلامية والثأرية والإستعراضية المميتة.
اما التقرير الثاني على مائدة الرئيس فهو يتعلق بفعالية القيادات العربية الصديقة لاميركا سواء منها الحليفة تقليدياً أو المصنعة وفق وصفة لحوم الهمبرغر التي تحتوي على غير اللحم. ويشير التقرير لانعدام فعالية قائمة من هذه القيادات لغاية تفضيل عدم الاستمرار في دعمها ولا نقول التخلص منها احتراماً منا لبراءة وعود أوباما الرسولية برأي بعضهم.
وبالانتقال الى الوقائع الميدانية نجد ان ادارة بوش فخخت كل ملفات السياسة الخارجية قبل رحيلها من غزة حتى جورجيا مروراً بالبلقان. ولنا ان نستشف من غياب اوباما عن السمع وصمته على جرائم الحرب في غزة ومن ثم تغاضيه عن الاتفاقية الامنية بين رايس وليفني ان اوباما لا يمانع اللجوء الى الحلول المفروضة بالقوة على العرب والدول العربية. خاصة في ظل ضعف هذه الدول وعدم استقرار معظمها. وهو ما أكدته الحرب على غزة التي بينت ان نسبة 80% من المواطنين العرب يعيشون في ظل حكومات لا تعبر عنهم وعن عواطفهم وضمائرهم وعقلهم الجمعي الذي أدمته غـزة. وان كانت حكومة لبنان قد إلتفت على ذلك مستندة لتجربة حرب تموز حمالة الأوجه ما بين الشاي والإستدانة على المعونات. وهي خبرة نعتقد ان الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته يحتاجها. وربما احتاج لزيارة قريبة الى لبنان لتلقي الدروس في التعامل مع مرحلة مابعد الدمار والدماء.
نهاية فان بوش كان يهددنا بتغيير خارطة الوطن العربي وتقسيم دوله بدءاً من السعودية نفسها لمن يذكر تهديداته. أما أوباما فهو يعدنا بترك دولنا لحالة عدم الاستقرار المتأصل في بعضها كما يترك لنا حرية التعامل مع فوضى وحشية وغير بناءة كتلك التي قادها بوش عبر مصنعه الخاص بقيادات تليق بغباء سياساته. وإنشغال أوباما بالاقتصاد والعلاقات مع روسيا والصين قد يجعله يمدد لنا فوضى هذه القيادات لفترة قادمة. وبذلك يضعنا المنقذ أوباما امام الفوضى غير المنظمة تحت حكم أغبياء بوش. فإستعدوا لمعركة النزاع على سرقة أموال اعادة اعمار غزة… للمزيد راجع الهيئة اللبنانية العليا للإغاثة…

عثرات أوباما وأخطاء بوش
د. محمد احمد النابلسي
15 مارس 2009
احتفل الرئيس الأميركي باراك أوباما مؤخراً بمرور 50 يوماً على تسلمه سدة الحكم في البيت الأبيض كأول رئيسٍ أسود في تاريخ الولايات المتحدة، وهو الحدث الذي أثار العالم من محيطه إلى محيطه وهز مشاعر الكثير من مواطنيه. إلا أن العثرات الأولى لأوباما جاءته من حيث لا يحتسب. فلم تأت العثرات من الملفات الكبرى المطروحة التي بقيت فيحال مراوحة بل جاءته من السودان وكوريا والصين.
عثرات أوباما تذكر بعثرات بدايات بوش وهو تشابه يبعث على التشاؤم. فحادثة السفينة الصينية الاسبوع الماضي تشبه حادثة الطائرة الأميركية التي احتجزتها الصين بعد الفترة نفسها من حكم بوش. وموقف كوريا الشمالية من المناورات يستغل الوضع الأميركي الحرج بما يذكر بالموقف الياباني إثر حادثة سفينة الصيد مطلع عهد بوش. اما مذكرة اعتقال البشير فتأتي امتحاناً لاستمرارية سطوة السياسة الأميركية على المؤسسات الدولية. بما يذكر بتراجع بوش فور انتخابه عن تعهداته لهذه المؤسسات مع بقائها تحت السيطرة.
الى هذه العثرات تضاف أخطاء تكتيكية لعل أهمها اعتماد أوباما قرار مواصلة قصف المدنيين في أفغانستان وباكستان استناداً إلى معلومات استخبارية زائفة باعتراف أميركي. وهو ما يضاعف فضيحة كتاب “إرث من الرماد” للكاتب الأميركي المتخصص في شؤون المخابرات تيم وينر. والكتاب يؤكد ضحالة وكالة الاستخبارات الأميركية ولجوءها لتغيير النتائج لإصلاح أخطائها. ليخلص الكاتب إلى ان أوباما يرث مخابرات من رماد. وهو ما يعني ان أوباما سيكرر أخطاء بوش ان هو وثق بمعلومات مخابراته.
ومع رحيل بوش يتفنن كثيرون بمبادئ الحكمة الرجعية في تفنيد أخطاء بوش بمن في ذلك كتاب اللوبي الصهيوني. وكان الحضور العربي ضرورياً في هذا المجال كوننا الأمة الأكثر تضرراً من سياسات بوش وذلك على اختلاف انواعنا وقطعاننا السياسية. وكالعادة فان الحضور العربي لم يكن مؤسساتياً ومخططاً بل جاء كالعادة فردياً حيث تصدى المؤرخ الكبير رشيد الخالدي، وهو بالمناسبة أستاذ الراحل أدوارد سعيد، للموضوع في كتابه الجديد “بعث الإمبراطورية” حيث يسرد الخالدي قائمة الأسئلة المطروحة حول فشل بوش ليخلص الى كونها موازية للحقيقة وليست في صلبها. ومن هذه الأسئلة يكرر الخالدي التالية منها: لماذا تدهورت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط الى هذا الحد؟ هل السبب هو عدم كفاءة الإدارة السابقة أو فشلها في تأمين الدعم والشرعية الدوليين الكافيين قبل التوجه الى الحرب؟ أم بسبب فشلها في وضع الخطط لحقبة ما بعد الحرب في إطار ما يعرف ببناء الأمة؟ أم لأنها لم توفر ما يكفي من القوات العسكرية لضمان الأمن؟ أم أن السبب يكمن في أن هذا المشروع كان محكوماً عليه أصلاً بالفشل من البداية بسبب المضاعفات الحتمية لخطة سيئة التحضير؟.
الخالدي من جهته يرفض كل الفرضيات الكامنة وراء هذه الاسئلة ليشير الى ان المسألة الحاسمة هي ما إذا كانت الولايات المتحدة بقيامها بغزو واحتلال وفرض نظام جديد على العراق تحذو حذو القوى الاستعمارية القديمة. لا بل أسوأ: هي ربما تفعل ذلك في منطقة لا تزال ذاكرتها الحية تختزن صور النضالات الطويلة لطرد تلك القوى الاستعمارية المكروهة. فحتى الجيل العربي الجديد لا يزال واعياً بقوة لما تمت خسارته للاحتلال الأجنبي قبل سنوات طويلة.
المفكر الخالدي لا يقدم بهذا مجرد وجهة نظر وانما يصور واقعاً أمسى واضحاً جلياً بالنسبة للغرب وبخاصة بالنسبة للأميركيين ولأوباما نفسه. لكن اعتماد هذه الرؤية يقتضي نظرة ايجابية نسبياً الى القومية العربية وهي نظرة تخلى عنها كثير من العرب عداك عن كونها خطراً على رئيس الداعم الرئيسي للدولة العدوة لهذه القومية. لذلك نقدر تجاهل أوباما لهذه الرؤية. وعليه نعود الى تعداد ثغرات مشروع بوش في المنطقة عموماً وعدوانيته للعرب والمسلمين خصوصاً. وأهم هذه الثغرات التالية:
1- الاعتماد على نصائح إسرائيلية لكون إسرائيل على تماس مع المنطقة. وللموضوعية يتم اللجوء إلى اللوبي اللبناني الصهيوني بشخوص وليد فارس وجو بعيني وأمثالهم ممن يكنون مشاعر كراهية حاقدة ضد العرب والمسلمين. وليس أدل على ذلك من قول بوش الأب بعد حديث عن العرب مع احد أعضاء هذا اللوبي المدعو فؤاد عجمي. حيث خرج بوش صائحاً هذا الرجل أكثر كرهاً للعرب من الإسرائيليين!؟.
2 – الاعتقاد الخاطئ بعالمية القيم الأميركية خاصة في الشرق المسلم صاحب التراث والنصوص. مما يجعله عصياً على الديمقراطية الأميركية التي يمر نشرها بشن حروب تصل ضحاياها إلى مئات الآلاف لتبقى الديمقراطية الموعودة من نصيب الناجين من هذه الحروب. حيث من الطبيعي ان يتحول الناجون من الكارثة إلى مقاتلين أو إلى مشاعر الذنب أو إلى متشبهين بالمعتدي. والأنواع الثلاثة لا علاقة لها بالقيم الأميركية وديمقراطيتها. وها هو العراق يبرهن ذلك عملياً.
3- تجاهل الخصوصيات الحضارية: حيث توجد مسافة خفية بين الحرية وبين الكرامة. وحيث شعوب المنطقة تفضل الكرامة على الحرية لو كانت خياراً. وذلك بدليل المقاومة العراقية الشرسة في وجه الاحتلال. فالنظام الشمولي يقمع حريات معاديه السياسيين لكنه يحتفظ للشعوب بكرامتها. وهو عكس ما يفعله المحتل إذ ينتهك كرامة الشعوب ويحاول تعويضها بقناع من الحرية الزائفة. فهل دفع الشعب العراقي مئات آلاف القتلى وأضعاف هذا العدد من المعوقين والجرحى كي يحصل على نعمة الانتخابات؟. وهل تم تهديم البنى التحتية العراقية في البلد من أجل دعم الشركات الأميركية المفلسة؟. وهل تم نشر الفوضى في العراق لغاية خطر اندلاع صراع أهلي فيه من أجل دولة لا تشبه الدول وتتعثر إذا انسحب الأميركيون!؟.
4- تهديد التوازنات الإقليمية من خلال الإصرار الأميركي على إلغاء المؤسسات الإقليمية وإصابة القوى الأساسية بالشلل وتشجيع الصغار على تجاوز حدود فعاليتهم الإقليمية. وذلك وصولاً إلى نشر الفوضى الإستراتيجية بغية إعادة تركيب المنطقة وفق التصورات الأميركية. وهنا يطرح السؤال حول مستقبل المنطقة وشعوبها بعد ثبوت انعدام صلاحية التصورات الأميركية وعدم قابليتها للحياة في هذه المنطقة من العالم؟.
5 – تجاهل التناقضانت الإقليمية: يحاول الأميركيون تطبيق مشروعهم في منطقة عابقة بالتراث وبالتالي بتاريخ من الأحقاد البينية. بحيث يصبح من الحماقة التفكير في جمع هذه الأحقاد التاريخية في تصور موحد. فالتاريخ لم ينتهي وهو لم يأتي بالمصادفة. إذ تتوزع دول وشعوب المنطقة وفق نسيج حضاري يضم ملامح التاريخ المشترك لكنه يحتوي أيضاً على تاريخ الخلافات بين المكونات الحضارية للمنطقة.
6- أن أميركا انتصرت في حرب باردة طالت الجوانب الثقافية والإيديولوجية والاقتصادية دون أن تكون عسكرية بحال من الأحوال. ولو قبل الإتحاد السوفياتي التحول إلى فاشية شبيهة لكانت لديه قوة عسكرية كافية للاستمرار وإن كانت غير كافية للنصر. وعليه فقد كان من الخطورة بمكان أن تبدأ الحروب العسكرية الأميركية بعد الانتصار الفكري النظري الخالص.
7- تناقض المنطلقات السياسية الأميركية الراهنة مع جملة ثوابت إستراتيجية أميركية سابقة. حتى يمكن القول بوجود انقلاب على هذه الثوابت يقوم به صقور إدارة بوش. ولعل في مقدمة هذه الثوابت الرفض الأميركي لخوض الحروب مفتوحة النهايات. فلا حرب أفغانستان انتهت ولا الحرب العراقية تنبئ بنهاية قريبة. وقرارات أوباما لا تزال نظرية في الحالتين.
8- أن العسكريتاريا والفاشية التي اعتمدها بوش تحتاج إلى مساندة شعوب مستعدة للتضحية بأبنائها ورخائها. وهي تضحيات يستحيل طلبها من الشعب الأميركي مهما بلغت درجة تخويفه من الإرهاب ومن الإسلام أو من غيرهما. خاصة وإن سوابق القوة الأميركية لا تدعم بحال هذه الفاشية. فقد فشلت هذه القوة في كوريا وفيتنام وغيرهما. وهي حملت وزر قنبلتين نوويتين في اليابان بثمن تحريك المارد الصيني. كما أن معارضة الأمركة المتحولة إلى الفاشية هي معارضة عالمية. بدليل اضطرار بوش لخوض حرب العراق بدون موافقة مجلس الأمن الدولي وحتى حلف الأطلسي. كما بدليل تخلي دول التحالف عن المعركة في أفغانستان.
9 – تحول الفكر السياسي الأميركي من الليبرالية والواقعية المطلقة إلى مبدأ الكرامة الصوفية. ومحور الصوفية البوشية الاعتقاد بحتمية النصر الأميركي مهما كانت الظروف. ومن مظاهر هذه الصوفية طروحات النهايات: التاريخ والإيديولوجيا والأنثروبولوجيا وغيرها من النهايات. وهذه الصوفية السياسية كانت محرك الحرب على العراق. وهي حرب احتاجت إلى التفاؤل الصوفي المتطرف لخوضها.
وبعد مراجعة هذه الأخطاء البوشية لا بد من التوقف عند واقع إن المراجعة التاريخية لمحاولات تغيير الجغرافيا غير مشجعة. فالعديد من حروب القرن العشرين انطلقت من ظلم معاهدة فرساي. بما في ذلك الحرب العالمية الثانية والحروب العربية الإسرائيلية… الخ. وعليه فان إصلاح كوارث بوش يجب ان يمر بوقف كل مشاريع تغيير خريطة المنطقة المطروحة من قبل المحافظين الجدد وعدم العبث بجغرافيتها.

التشكيك بقدرات أوبـاما
نبي يحمي دستور الآباء الاوائل
انتقدت الكاتبة الأميركية كاثلين باركر الأساليب الخطابية الناعمة التي يتبعها الرئيس الأميركي باراك أوباما في محاولاته مواجهة الأزمات التي قالت إنها برزت في فترة رئاسته بشكل غزير.
وأوضحت الكاتبة في مقال نشرته لها صحيفة واشنطن بوست الأميركية الجمـعة 2/7 أنها لا تقصد أن تنعت رئيس بلادها الحالي بكونه أقرب إلى النعومة الأنثوية في تصرفاته إزاء مواجهة الأزمات، ولكنه يبدو وكأنه يعاني نقصا في الهرمونات الذكورية عندما يتعلق الأمر بخطاباته بشكل عام.
وبينما قالت باركر إن النساء كن يُنتقدن لتجرؤهن على الكتابة أو الحديث أمام الملأ ويلمن على تصرفهن بشكل “أقرب إلى الرجولة” أو “أبعد عن الأنوثة” إلى وقت ليس بالبعيد، أشارت الكاتبة إلى دراسة وصفتها بالمدهشة تناولت تصرفات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي خلصت إلى أن السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة تتصرف وكأنها محام أو بشكل أوضح وكأنها “رجل”.
وفي حين أشارت الكاتبة إلى أن بيل كلينتون أيضا كان يوصف بكونه “أول رئيس أسود”، حيث كان يستخدم الكثير من المفردات والعبارات التي يستخدمها السود، قالت إن القبول بذلك الوصف المتعلق ببيل والتسليم بكون هيلاري تتصرف كالرجال قد يسمح للمرء بالقول إن أوباما يتصرف بنعومة أقرب إلى “الأنوثة”.
كما انتقدت باركر الرئيس أوباما إزاء المفردات التي قالت إنه استخدمها أثناء محاولته مواجهة أزمة التسرب النفطي في خليج المكسيك، وأضافت أنه يمكن جمعها لتشكل كتابا، وقالت إنه لا أحد كان يتوقع من أوباما أن يرتدي بزة ضد البلل ويغوص إلى أعماق البحر ليغلق مكان التسرب، لكنه كان يملك السلطة التي تمكنه من التدخل المباشر ولم يفعل.
وأضافت أن أوباما أوكل أمور التسرب لشركة بي بي وأنه كان يقدم النكات للصحفيين أثناء تناول العشاء في البيت الأبيض بدلا من تواجده في سواحل ولاية لويزيانا المتضررة بالتسرب النفطي في الوقت المناسب.
ومضت باركر إلى أن عدم اتخاذ أوباما قرارا حاسما وفوريا إزاء التسرب النفطي ربما يعبر عن نقص في مهارات القيادة، وأضافت أن رئيس بلادها لم يظهر ليخاطب الأمة الأميركية إلا بعد مضي 56 يوما على الكارثة، وأن خطابه احتوى 13 تركيبا لغويا في صيغة المبني للمجهول.

الدكتور محمد أحمد النابلسي

رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية
http://www.mostakbaliat.com/?p=28288
العبارة الوحيدة المفيدة
13-11-2012

علّق الأمين العام لـ«المستقبل» أحمد الحريري على أحداث صيدا بالقول إن «المعركة مع هؤلاء الناس، مع المحور السوري _ الإيراني، تنتهي في سوريا وليس في لبنان، والمعركة تنتهي في سوريا لأن حزب الله لن يتواضع إلا عندما تنتهي الأمور في سوريا».
قد تكون هذه هي العبارة الوحيدة المفيدة في كل ما قاله ويقوله فريق 14 آذار بقضّه وقضيضه منذ 15 آذار 2011، تاريخ اندلاع الأزمة السورية. ببساطة يقول أحمد الحريري الموقف الفعلي لمرجعياته على أنواعها، الذي يقال في المجالس المغلقة ولا يقال في العلن، وجوهره: ليس عندنا من خيار سوى انتظار سقوط بشار الأسد في سوريا حتى نضمن إسقاط حزب الله في بيروت.
المشكلة هنا ليست في أصل الرهان، بل في إقرار الحريري باسم العقل الجمعي لفريقه بأنه عاجز عن القيام بشيء لمواجهة ما يراه «أزمة حزب الله»، وهو يعكس حقيقة من النوع الذي يكشف العجز عن القيام بعمل ذاتي، ويدل مرة جديدة على المنطق الاتكالي لهذا الفريق، الذي لم يجد تحصيل أي شيء من دون الاتكال على الخارج. ومع ذلك فقد ظل يخسر ويهدر رصيده، ويظل متمسكاً بالخارج الذي يراه المخلص المنقذ. وموقف الحريري هذا يفسر الموقف المعلن بمقاطعة الحكم والحكومة والحوار، ورفض المشاركة في أي شيء قبل سقوط الأسد في سوريا.
رهان هذا الفريق ليس مرتبطاً بزمن، لأنه ليس بيد هذا الفريق ما يفعله سوى الانتظار. وهذا ما قاله صراحة الحريري في معرض نصح الشيخ أحمد الأسير وأنصاره. ذلك أن الخلاف بين الجانبين لا يتعلق بأصل الموقف من حزب الله أو سلاحه، بل في طريقة العمل في مواجهته. وقد تفاقم الأمر بين الجانبين بسبب أن الأسير يرى أن بمقدوره أو بمقدور الفريق المؤيد لموقفه القيام بهذه المهمة بمعزل عمّا سوف تنتهي إليه الأمور في سوريا. والأسير هنا يقول الكلام الذي لا يحبه آل الحريري وبقية قوى 14 آذار، من أنهم غير مؤهلين للقيادة، وأنهم يفضّلون الاتكال على الخارج بدل الاتكال على الشارع في لبنان لتحقيق هذا الهدف. ومع أن الأسير يعرف هذه الحقيقة، ويعرف أن خصومه الذين يعملون فعلياً ضده ليل نهار هم فريقا «المستقبل» و«الجماعة الإسلامية»، إلا أنه يفضل إطلاق النار على حزب الله!
وإذا كان فريق 14 آذار متوافق مع الأسير وأنصاره على هدف إسقاط النظام في سوريا، فإن التوافق انسحب على ما يبدو على مسألة أخرى تتعلق بمحاولة خلق وقائع على الارض في لبنان، من النوع الذي يفكر فيه الأسير في صيدا مثلاً. هو قرر من طرف واحد أن كل ظهور لفريق حزب الله على شكل علم أو لافتة أو صوت أو صورة، هو ظهور استفزازي، وبالتالي وجب عليه مواجهته. وهو استفاد هنا كثيراً من المناخات التي رافقت تحركه خلال الأشهر الماضية. لكنه يعتقد، بحسب ما هو ظاهر، أن الأمور تتيح له التقدم أكثر إلى الأمام، فقرر معركة جديدة كانت شرارتها أول من أمس في صيدا. ولكن الأسير هنا لا يريد انتظار سقوط الأسد، لأنه بات مقتنعاً بأن حزب الله شريك مع الأسد، وبالتالي وجبت مقاتلته كما وجبت مقاتلة الأسد، وهنا بيت القصيد.
مرجعيات تيار «المستقبل» في الخارج يختلفون على تقييم دور الساحة اللبنانية. الغرب يعتقد أن أي انفجار سوف يتيح لحزب الله السيطرة على البلاد، وخلق وقائع يستفيد منها بشار الأسد في حربه ضد خصومه في سوريا، بينما يرى العرب من الجزيرة أن تفجير ساحة لبنان سوف يحول قسماً كبيراً من هذا البلد إلى قاعدة عملانية نصيرة للمعارضة المسلحة في سوريا. وبين الرغبتين، ثمة وهن غير مسبوق في جسم أدوات الدولة اللبنانية، ما يجعل الرغبة تتعارض مع الإمكانيات. لكن، هل يقبل المستقبل بالهدوء؟
أعوذ بالله. هم يريدون على الأقل إبقاء الشارع في حالة استنفار وجهوزية. وقرر هؤلاء ترجمة الحسابات على نحو أنهم يريدون برقاً ورعداً من دون مطر. هم يعتقدون أن التوتير والاحتقان يمكن أن يخلقا جهوزية تكون مناسبة لمواكبة سقوط الأسد. هذا الكلام عمره عشرون شهراً. وربما نحيي الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الأزمة السورية، ومسلسل التوتير مستمر. لكن المشكلة برزت أمام هذا الفريق من جانب آخرين غير حزب الله، إذ إن الشيخ الأسير مثلاً، لا يريد التقيّد بهذه الحسابات. وهو لا يقبل بأن يديره هؤلاء، وهم الذين يقول عنهم إنهم ليسوا أهلاً القيادة. ولذلك يفسر هو إقبال جمهور من تيار المستقبل عليه بأنه تعبير عن شكوى من قيادة «المستقبل» أولاً، وقبول بما يعلنه ثانياً. ولذلك، يجد الأسير نفسه في موقع الشريك في القرار وليس التنفيذ.
إلا أن المعطى الأهم يتجلى في قرار الطرف الآخر عدم قبوله أن يشكل ثنائي رقصة الموت، هو طرف ليس مستعداً لهذا النوع من الألعاب. وليست هذه أولويته. لكن المحزن أن أحداث التعمير يمكن أن تتكرر، وقد يسقط ضحايا أبرياء أو حتى من الأطراف المتنازعة. لكن المواجهة التي يريدها البعض دونها أشياء كثيرة. ومتى تقرر خوضها من قبل الجميع، فهي بالتأكيد لن تأخذ الشكل المفترض في أذهان كثيرين. وفي هذه الحالة نكون قد دخلنا المجهول.
ابراهيم الأمين
http://www.mostakbaliat.com/?p=28321
فضائح تكشف المستورات اللبنانية
22-9-2012
بقيت “فضيحة” سجن رومية المتمثلة بفرار السجناء “على عينك يا تاجر” في صدارة الاهتمامات والمتابعات اللبنانية، رغم تعرّضها لمنافسة شديدة من طائرة “أيوب” التي بقيت، رغم مرور أيام عديدة على تبني “حزب الله” لها، محور المواقف لها، ولا سيما من “خصوم” الحزب الذين رفضوا ما اعتبروه “مغامرة غير محسوبة”. لكنّ “الدولة” انهمكت بـ”لفلفة” ما اصطلح على تسميته بـ”فضيحة” سجن رومية بعد فرار ثلاثة من السجناء الاسلاميين من داخله، دون أن يتمكن أحد من تحديد “توقيت دقيق” لساعة الفرار حتى الساعة، وهو المصطلح الذي وافق عليه وزير الداخلية مروان شربل نفسه، الذي ذهب لحدّ اعتبار أنّ “الفضيحة الحقيقية” هي بالأجهزة الأمنية، متحدثا بشكل صريح لا يقبل التأويل عن “تواطؤ” عناصر أمنية أدى إلى ما أدى إليه.
وجاء تصريح الرئيس ميقاتي بخصوص الطائرة اكثر رزانة واتزاناً اذ طغى عليه كلام “رجل الدولة العائد من قطر”. حيث اكد ميقاتي ان مثل هذه القرارات يجب ان يكون بيد السلطات اللبنانية!. وهي السلطات التي يتجنب ميقاتي ممارستها او حتى الاطلاع عليها. وبات لقب “رجل الدولة” موضوع نزاع بين ميقاتي وفؤاد السنيورة.
وبانتظار اكتمال الصورة، وفيما عادت “المعارك الكلامية” إلى الواجهة، برزت الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى دولة قطر حيث حصل على “التزام أدبي” بدعم لبنان، في وقت اعتبر المراقبون الزيارة بأنها “تمهيد” لرفع “الحظر” الذي كان مفروضا على زيارة لبنان.
بعد التصريحات المنغولية لقيادات 14 آذار في تعليقها على طائرة ايوب لحزب الله جاء تصريح كتلة المستقبل النيابية اكثر قماءة اذ وصف الطائرة بالايرانية وهو تصنيف يلامس البلاهة كونه يقسم طائرات الجيوش العربية الى امريكية وفرنسية وبريطانية وروسية. وهي بلاهة ادمنها المستقبل بعد ان نفذت منه ادوات الشحن المذهبي وانتزعتها منه الجماعات السلفية النابتة على ضفاف الشحن الحريري اللامحدود.
وجاء اغتيال العميد وسام الحسن ومن ثم تشييعه الاحد 21/10 ليكرس هذا الانتزاع حيث تصدرت القوى السلفية المشهد سواء على صعيد الاحداث الامنية والهجمات على مراكز سياسية كما تصدرت الاعلام السلفية في مسيرة التشييع ومعها اعلام الثورة السورية الانتدابية.
وفي إصرار منها على استعادة عرش الدماء في 2005 جهدت قوى 14 آذار لتحويل الاغتيال الى فتنة مكررة سيناريو توجيه الاتهامات الى خصومها السياسيين وفي طليعتهم الرئيس نجيب ميقاتي الذي لا يتقن غير المسايرة وتجنب المواجهات بالاعتدال… لكنه عرش يريد شخوص 14 آذار استعادته ولو بثمن نشوب فتنة اهلية جديدة في لبنان… وفي السياق كان هجوم جمع من المتظاهرين على السراي الحكومي بعد حفلة تحريض ماجنة…
http://www.mostakbaliat.com/?p=27438