غسل دماغ الإسرائيليين بأموال أجنبية
Fri, 12/20/2013
بقلم: اسرائيل هرئيل
قال رئيس المحكمة العليا السابق، مائير شمغار، إن "دعم حكومة اجنبية لجهة سياسية أمر يجب أن يخيف كل انسان يؤمن بالديمقراطية الحقيقية". لكن ليس هذا ما تعتقده النخبة القضائية في فترة ما بعد شمغار. لأن كل من يُكثر الاستعانة بأموال الدول الاجنبية في هذه الفترة ممدوح.
فالمستشار القانوني للحكومة يمنع أي عمل موجه (فهو "غير دستوري")، وتقضي المحكمة العليا بحسب استئنافاته المتوالية، وتؤيده وسائل الاعلام طول الطريق.
تم قبل اسبوعين في فخامة وجلال عظيمين وبتغطية اعلامية محتضنة الاحتفال بذكرى "مرور عقد على مبادرة جنيف". ونشرت أبواق دعاية "المبادرة" أن 63 بالمئة من مواطني اسرائيل يؤيدون "مخططا قريبا من جنيف". في بدء الطريق كانت نسبة تأييد "المبادرة" أدنى.
ومر عقد فأحدثت "المبادرة" تحولا في الرأي العام. فما الذي حدث؟ هل اعترف الفلسطينيون بأن اسرائيل هي وطن الشعب اليهودي؟ وهل تخلوا عن حق العودة؟ وهل كفوا عن "الارهاب"؟ ما الذي أحدث التحول في الرأي العام اذا؟.
ما زالت حكومة سويسرا وجهات اجنبية اخرى تنفق منذ عقد وأكثر على الدعاية لمبادرة جنيف.
وفي اطار هذه الدعاية التي يعيش منها ويكسب اسرائيليون كثيرون، يُحرف الرأي العام الى دعاوى اليسار ومواقف الدول المنفقة. وتُعقد دورات تعليم لآلاف المواطنين والنشطاء السياسيين، وكثير منهم من "شاس". وتروج المبادرة لسلعتها في مدارس ثانوية ومعاهد وجامعات بل في الجيش الاسرائيلي ايضا.
في هذا الاسبوع أجازت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع وضع قانون الجمعيات على طاولة الكنيست. ولم يخطر ببال المبادرين إليه، وهما أييلت شكيد وروبرت إلتوف، أن يشملا فيه أنشطة مبادرة جنيف أو "السلام الآن" وفروعها، ومن الحسن أن كان ذلك. لكن إليكم مثالاً واحداً من أمثلة كثيرة يُبين كيف تُمكن النفقة الاجنبية من السيطرة على الخطاب السياسي والامالة القاسية للتوازنات في الديمقراطية الاسرائيلية. إن المستمتعة الرئيسة بأموال الدول والجمعيات الاجنبية (وكثير منها في واقع الامر أذرع خفية لدول)، هي جهات تدعي الديمقراطية وتعمل تحت تأثير دول اجنبية.
إن التآمر "الليّن" هو الذي يجب أن يخيف من واطأ لسانه قلبه في اهتمامه بمستقبل الديمقراطية. لكن اذا كان المستشار القانوني يعارض قانون فرض الضريبة – لا التوقيف – على التبرعات الاجنبية لجمعيات متطرفة بزعم أن ذلك "غير دستوري" – فمن السهل أن نُخمن مبلغ الضجة التي ستثيرها المؤسسة القضائية والشارع الاعلامي حينما تُسلب جهات مثل "مبادرة جنيف" شرعية التبرعات الاجنبية لأنه يرأسها أناس هم جزء لا ينفصل عن التيار الذي يقرر جدول العمل القضائي والاعلامي في الدولة وتُنفق عليهم نفقة أكثر الدول تأثيرا.
لا حاجة الى قانون خاص ليُزال عن الديمقراطية الاسرائيلية حبل التبرعات الاجنبية الخانق. إن تعبير رئيس الوزراء عن احتجاج ظاهر قوي على الدول التي تطؤنا بوساطة عملائها في اسرائيل بقدم الفخر، مع اعمال دعاية حثيثة وقوية قد توقف جزءا كبيرا من التبرعات.
إن انتفاضة رئيس الوزراء هذه التي ستثير غضب واطئي الديمقراطية هؤلاء الذين سيضر بهم تضاؤل الصناديق الموفورة، قد يفتح ايضا عيون اسرائيليين كثيرين. فسيتبين لهم أنه جرى عليهم غسل دماغ بتبرعات اجنبية وتنفيذ اسرائيلي. آنذاك سترجع مبادرة جنيف في شبه يقين الى حجمها الطبيعي الصغير.
المصدر:
- هآرتس
0 comments: