اتساع الفجوات بين تل أبيب وواشنطن
Sat, 01/11/2014 -
بقلم: ايلي بردنشتاين
‘الفجوات بين اسرائيل والفلسطينيين بالنسبة للمسائل الجوهرية معروفة، ولكن في الاسابيع الاخيرة انكشفت الفجوات العميقة بين اسرائيل والامريكيين من جهة، والفجوات بين الفلسطينيين والامريكيين من جهة اخرى.
ما هو واضح هو ان اتفاق الاطار لن يكون. ولا التوقيع ايضا، ويحتمل ألا يعلن عن ورقة الموقف الامريكي التي يعمل كيري عليها كون الفجوات بينالقدس ورام الله وبين واشنطن عميقة واحتمال الوصول الى توافق متدن جدا. وبالتوازي، يعمل الامريكيون كي تكون تحفظات كل طرف على الصياغات عمومية بحيث لا تُسحب الارضية غير المستقرة للمحادثات.
‘الاحساس في القدس صعب، وقد وجد تعبيره في التوتر بين الشخصيتين المركزيتين، في الطرف الاسرائيلي وفي الطرف الامريكي، اللتين تعملان في المفاوضات: مبعوث نتنياهو، المحامي اسحق مولخو، والمبعوث الامريكي مارتن اينديك. في القدس′ لا يفهمون لماذا اختار كيري أن يعين بالذات اينديك والتوتر يواصل التعاظم. في القدس يشعرون بأن كيري يستخدم الاتحاد الاوروبي كمسدس موضوع على الطاولة في المعركة الاولى كي يلمح لنتنياهو بأنه اذا لم يلين، فسيتلقى مقاطعات مختلفة من حضارة العالم القديم.’
يضغط كيري على نتنياهو لقبول ترتيبات الامن ولا سيما في غور الاردن مع أن ثلاثة وزراء على الأقل في المجلس الوزاري السياسي الامني يعلون، شتاينيتس وأردان لا يقبلون هذه الترتيبات على المستوى العملي. وقال شتاينيتس لصوت الجيش أمس ان هذا اقتراح غير عملي، ولكن من غير المستبعد ان تكون الاعتراضات تعبر عن اليأس من أن يكون رئيس الوزراء قبل بلا خيار النهج الامريكي، وتعبر بقدر أقل عن المعارضة العملية.
كما أن كيري يضغط على نتنياهو لقبول صيغة تعترف بالقدس كعاصمة الدولتين وصيغة مخففة في مسألة اللاجئين تتيح تحقيقا محدودا لحق العودة. كما أن الصيغة التي ستظهر في الورقة الامريكية بالنسبة لخطوط 1967 هي سبب وجيه للجدال. فوزير الخارجية الامريكي إن كان يريد أن يعرض صيغة يكون واضحا منها ماذا سيتبقى في يد اسرائيل وماذا لا يتبقى. فمثلا، قبول خطوط 1967 مع تبادل الاراضي، بما في ذلك الكتل الاستيطانية. لا يمكن التقليل من أهمية هذه الصيغة وذلك لأن نتنياهو سيتنازل بعدها ظاهرا عن المستوطنات التي خارج الكتل وعمليا لن يتمكن من البناء فيها. ويحقق كيري بهذه الطريقة هدوءا حقيقيا في الساحة المتفجرة المتعلقة بالبناء في المستوطنات.
وافق نتنياهو في حزيران 2011 على الاقتراح الامريكي الذي رفع الى الرباعية في محاولة لتثبيت خطوط توجيه للمفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. والسابقة الكبرى للاقتراح كانت ان رئيس الوزراء وافق على صيغة تقضي بأن تقوم المفاوضات على أساس حدود 1967 مع تبادل للاراضي، مع مراعاة التغييرات الديمغرافية على الارض. وعلى ذات الوزن تقرر أن يعترف الفلسطينيون باسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي. أما الامين العام للامم المتحدة، وزير الخارجية الروسي ووزيرة الخارجية الاوروبية فقد رفضوا باسم الفلسطينيين المسودة الامريكية.
كيري، الخبير في المسودة إياها، يسعى الى أن يقرر تواصلا مختلفا في ورقة عمله. الأعمدة الأساسية الثلاثة في الورقة هي: الحدود، الامن والقدس. وفي الغلاف فقط، وشريطة أن تتحقق توافقات حول هذه العناصر، يكون في اثناء التوقيع على التسوية الدائمة اعتراف متبادل بالدولتين القوميتين. ويشرح كيري لنتنياهو بأنه سينجح في اقناع الرئيس الفلسطيني أبو مازن بالاعتراف بدولة يهودية، ولكنه يريد مرونته في مسائل اخرى. أما نتنياهو فيصعب عليه تلبية طلبه.
من جهة اخرى كيري والاوروبيون مقتنعون بأن أبو مازن يضع العراقيل.’ وينبغي اقناعه. وينبغي تعزيزه، وكيري الذي يصطدم بالرفض الفلسطيني تقريبا في كل خطوة، يعدل مواقفه، غير مرة، في طالح اسرائيل. وأبو مازن يتركه يفهم بأن مزيدا من البادرات الطيبة ستساعده في أن يقول معا ويمدد المفاوضات.
يعرف نتنياهو بأن تفويض كيري محدود بسبب مستوى التزام البيت الابيض. وخلافا لاسلافه لم ترافقه كتائب من وزارة الخارجية ومؤخرا فقط شكل فريقا خاصا يساعده في جهوده. غير أنه في خلاف بارز مع مادلين اولبرايت، التي تولت المنصب تحت الرئيس بيل كلينتون، فان الرئيس اوباما لا يبذل جهودا بل ينظر من الجانب ويظهر بين الحين والآخر.
ومن المتوقع لكيري أن يعود الاسبوع القادم الى اسرائيل بعد أن يحاول ربط الجامعة العربية بجهوده. وفي هذه الاثناء يواصلون في اسرائيل التحذير من التواصل الاقليمي للجهاد الذي يترسخ على حدود اسرائيل. هذا هو الدليل، يقول من يقول، بأن حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني لن يؤدي الى استقرار المنطقة. وتضيف هذه المحافل: اذا ما رفض أبو مازن بدوره، فستكون هذه الفرصة الاخيرة، وحل النزاع مع الفلسطينيين سيتأجل لسنوات عديدة.
والى ذلك، ادعى عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، تيسير خالد، أمس في مؤتمر صحفي عقده في رام الله بأن كيري هدد بأنه اذا فشلت المحادثات الحالية فستتوقف المساعدات المالية للسلطة. واتهم خالد الولايات المتحدة بالابتزاز السياسي للضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات. وحتى لو لم تكن تصريحات خالد تمثل الموقف الرسمي للسلطة، فانها تكشف الاعتراضات الداخلية في م.ت.ف على الاتفاق مع اسرائيل والمبادرة الامريكية.
معاريف
0 comments: